أوكسجين العدد ( 70 ) السنة الثانية - الأحد 11\08\2013

Page 7

‫تحقيق‬

‫أن يقــول أن أرواح الشــهداء أو الضحايــا رقيبــة علينــا‪ ،‬فجــاء بكلمــة‬ ‫األضاحــي والتــي هــي خاصــة باألغنــام التــي تذبــح يف عيــد معلــوم‪،‬‬ ‫ـت بصائـ ٍـم رمضــان‬ ‫وهــي التــي أشــار إليهــا األخطــل بقولــه‪" :‬ولسـ ُ‬ ‫يوم ـاً ولســت بــآكل لحــم األضاحــي"‪.‬‬ ‫وهــا هــو الشــاعر اللبنــاين فيكتــور أســعد يــدرس النشــيد أيضــاً‬ ‫مــن ناحيــة الــوزن واللحــن يف نفــس املجلــة ســابقة الذكــر فيقــول‪:‬‬ ‫"إن مالحظــات أيب مــايض ليســت كل مــا يعيــب النشــيد‪ ،‬لرياجــع‬ ‫القــارىء معــي اللحــن‪ ،‬فيجــد أنــه مضطــر أن يلفــظ ســام ( ســلم‬ ‫) وكــرام (كــرم) كأن ال ألــف هنــاك‪ ،‬وهــذا خطــأ مــن الناظــم‬ ‫وعــدم تق ّيــد باللحــن يف اختيــار الــوزن"‪ .‬إن اللحــن هــو وزن جديــد‬ ‫للشــعر يجــب التقيّــد بــه دون اإلســاءة إىل األلفــاظ ‪ ،‬وإال عـ ّد الشــعر‬ ‫مكســورا ً بالنســبة إليه‪.‬هنالــك أيضـاً تركيــب ضعيــف يف املقطــع األول‬ ‫إذ يجــب أن يقــال‪ :‬أبــت أن تــذل النفــوس "الكرميــة" وليــس الكـرام‬ ‫ألنهــا جمــع غــر عاقــل‪ .‬ولــو قــال الشــاعر نفــوس الك ـرام‪ ،‬كــا هــو‬ ‫الصــواب لكــر البيــت فــكان عليــه أن يجــد تركيبــا آخــر كأن يقــول‪:‬‬ ‫أبــت كل ضيــم نفــوس الك ـرام ‪.‬‬ ‫ويضيــف يف مــا يقدمــه عــى أنــه إنصافــا للناظــم يف املقطــع‬ ‫الثالــث (فخفــق الفــؤاد) تعبــر مطلــق كقــول‪ :‬انطــاق النفــس أي‬ ‫كل نفــس أو تحريــر املواطــن أي كل مواطــن‪ .‬أمــا البيــت الثــاين مــن‬ ‫املقطــع الثالــث‪ ،‬فهــو تســاؤل الــذي ال ّ‬ ‫شــك عنــده وليــس ســؤاالً‬ ‫اســتفهامياً‪ ،‬فالناظــم يريــد أن يقــول‪ :‬األمــاين تــرف والقلــوب تخفــق‬ ‫للعلــم‪ ،‬وهــل يف ذلــك غــرو وفيــه مــن كل عــن ســواد ومــن دم كل‬ ‫شــهيد مــداد! وأرى أن هــذا البيــت هــو أفضــل أبيــات النشــيد معنــى‬ ‫ومبنــى‪ .‬يطــول النقــد والــكالم ويبقــى الحكــم للقــارىء‪ ،‬لكــن الثــورة‬ ‫الســورية املجيــدة ضــد الطاغيــة األســد رفعــت عل ـاً جديدا ً_قدمي ـاً‪،‬‬ ‫ومــا عــادت تعــرف بعلــم نظــام االحتــال األســدي‪ ،‬بــل هــو مــن‬ ‫أســقط رشعيــة علمــه‪ .‬واكتســبت ثورتنــا هويتهــا مــن حــب الحريــة‬ ‫التــي يتــوق لهــا الســوريون منــذ مــا يزيــد عــن أربعــن عامـاً‪ ،‬وصــار‬ ‫لزامـاً عليهــا اســتكامالً ملســرتها يف رصاعهــا الحقوقــي أن تجــد نشــيدا ً‬ ‫مناســباً لعلمهــا الجديــد‪ ،‬والبــد أن يكــون معــرا ً عنهــا كثــورة معتــدا ً‬ ‫مفتخـرا ً بهــا‪ ،‬ومك ّرســا لهــا ومحرضـاً عليهــا يف كل زمــان وأوان متجيــدا ً‬ ‫للحريــة وللنضــال مــن أجلهــا يف عرصنــا الثــوري هــذا ويف العصــور‬ ‫القادمــة‪ .‬نشــي ٌد يقــوم مقــام الديــن لألجيــال القادمــة هاديــا للثــورة‬ ‫ض ـ ّد أي ظــامل مفســد جبــار‪ .‬ناطق ـاً بســان حالهــا بفصاحــة عميقــة‪،‬‬ ‫لســانٌ ســهل عميــق التعبــر‪ ،‬ينطــوي عــى الوطنيــة واألصالــة يف‬ ‫العدد (‪ )70‬السنة الثانية ‪ -‬األحد ‪2013\08\11‬‬

‫تأديــة املعــاين والحكمــة والفخــار الحقيقــي مبــا هــو حقيقــي الريــب‬ ‫فيــه كالثــورة والحريــة وحــب الوطــن‪ .‬وهنــا نتســاءل مــا الــذي‬ ‫قــد يكــون النشــيد البديــل؟ مــا ال شــك فيــه أننــا جميع ـاً الثــوار‬ ‫ومؤيــدي الثــورة نفضّ ــل أن يقــوم شــعراء وموســيقيو الثــورة بإيجــاد‬ ‫النشــيد املناســب‪ .‬وإن مل يتمكــن شــعراؤنا املعــارصون مــن تأليفــه‬ ‫بســبب التغــر املتجــدد املســتمر يف ذائقــة النــاس الفنيــة؛ فبإمكاننــا‬ ‫العــودة إىل كالســيكيات األدب العــريب الوطنــي‪ ،‬فلنجــدنّ فيهــا روائــع‬ ‫ونفائــس مازالــت صالحــة لزماننــا الحــايل‪ ،‬كقصيــدة "يف ســبيل املجــد‬ ‫واألوطــان" للشــاعر عمــر أبــو ريشــة التــي تقــول‪:‬‬ ‫بيـد‬ ‫المجد‬ ‫سبيل‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫واألوطان َنحيا و َن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيـد‬ ‫ك ّلـنا ذو ِه ّمةٍ‬ ‫اء ج ّبا ٌر َع ْ‬ ‫ّ‬ ‫شـم َ‬ ‫َ‬ ‫الس ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحديد‬ ‫أطواق‬ ‫ادة األحرا ُر‬ ‫ال‬ ‫تطيق َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫بالعبيد‬ ‫واإلرهاق أولى‬ ‫إن عيش الذل‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫الزمن‬ ‫ـهاب‬ ‫ال َن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫المحن‬ ‫سقانا‬ ‫إن َ‬ ‫ْ‬ ‫الوطن‬ ‫بيل‬ ‫في َ‬ ‫س ِ‬ ‫وإذا أردنــا لحن ـاً مناســباً لهــذا النشــيد فثمــة لحــن غــر معــروف‬ ‫للملحــن أحمــد األوبــري‪ ،‬لكنــه موجــود يف التدوينــات املوســيقية‪،‬‬ ‫إذ أن اللحــن الحــايل لهــذا النشــيد هــو مــن ألحــان األخويــن فليفــل‬ ‫أيضــاً وهــو لحــن بســيط وســاذج مــن الناحيــة املوســيقية بالــكاد‬ ‫يحــرك فيــك مشــاعرا ً وطنيــة‪ ،‬عــى عكــس لحــن األوبــري املجهــول‬ ‫لــدى كل الســوريني‪ ،‬فهــو لحــن عميــق الغــور بســيط الجمــل يســكن‬ ‫القلــب دون اســتئذان ويف ّجــر يف الســامع طاقــات ثوريــة تلهــب‬ ‫املطــاوع االنفعاليــة وتحثّهــا عــى الثــورة الدامئــة والتحــرر املســتمر‪،‬‬ ‫بحيــث ميكــن (ألهميتــه) اعتبــاره طــرح فنــي جديــد يف ميــدان‬ ‫الذائقــة الســورية الوطنيــة‪.‬‬ ‫املوضــوع يحتــاج إىل الكثــر مــن العمــل والبحــث‪ ،‬قــد تجــد الفكــرة‬ ‫معارضــن لهــا ومهتمــن‪ ،‬وهنــا البــد مــن الحــوار والتعــاون للبحــث‬ ‫عــن النشــيد األفضــل كخطــوة أوىل‪ ،‬وليكــن بيــت ابــن أيب األصبــع‬ ‫ـب للقريــض نظ ـاً‬ ‫قاعــدة نصــب عينــي الشــاعر والنشــيد‪" :‬وانتخـ ْ‬ ‫ـف عــن املعنــى‬ ‫رقيقـاً كنســيم الريــاض يف األســحار‪ ...‬فــإذا اللفــظ شـ ّ‬ ‫فأبــداه مثــل ضــوء النهــار"‪.‬‬ ‫نحــن بانتظــار والدة ســوريا دولــة الحريــة واملواطنــة‪ ،‬ومعهــا نريــد‬ ‫نشــيدا ً وطنيـاً مؤث ّـرا ً يحمــل معنــى لســوريا الجديــدة لكل الســوريني‪.‬‬

‫‪7‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.