أوكسجين العدد ( 70 ) السنة الثانية - الأحد 11\08\2013

Page 4

‫رأي‬

‫بانتظار األذان‬

‫أوكسجين | نيرمين عبدالرؤوف‬

‫عندما ال تصدح المآذن بصوت "اهلل‬ ‫أكبر" تقرع النواقيس‪...‬‬ ‫هــذا مــا حــدث يف بلــدة "ديريــك" يف‬ ‫الحســكة‪ ،‬التــي قرعــت أجــراس الكنائــس‬ ‫إيذان ـاً بــأذان املغــرب واإلفطــار بعــد انقطــاع‬ ‫التيــار الكهربــايئ هنــاك‪.‬‬ ‫تلــك هــي ســوريتنا‪ ...‬التــي لطاملــا امتزجــت‬ ‫أصــوات أجــراس كنائســها مــع تكبــرات‬ ‫املســاجد‪ ،‬يف رســالة ســام للعــامل ويف وجــه كل‬ ‫مــن يحــاول أن يلعــب عــى وتــر الطائفــة أو‬ ‫الديــن‪.‬‬ ‫وهــا هــي اليــوم تتعــاىل عــى الجنــون الطائفي‬ ‫األعمــى الــذي يحــاول الجميــع ج ّرهــا إليــه‪،‬‬ ‫عــن طريــق بعــض الجامعــات املتطرفــة التــي‬ ‫تتســلل مــن خــارج الحــدود براياتهــا الرباقــة‬ ‫وشــعاراتها العنرصيــة‪ ،‬باإلضافــة إىل مامرســات‬ ‫قمعيــة مخجلــة والثــورة بريئــة مــن كل ذلــك‪.‬‬ ‫الثــورة الســورية كانــت مــروع حريــة‬ ‫وكرامــة لــكل الســوريني بكافــة أطيافهــم‬ ‫وانتامءاتهــم‪ ،‬مل تخــرج إلقامــة دولــة إســامية‬ ‫وال ملحاربــة الصليبيــن أو إبــادة العلويــن كــا‬ ‫ي ّدعــي البعــض‪ ،‬ولــو أن بعضهــم ر ّوج لذلــك‬ ‫ولعبــت بعــض القنــوات الفضائيــة دورهــا يف‬ ‫إشــعال الفتنــة والتحريــض الطائفــي‪.‬‬

‫كــم شــعرنا بــاألىس ونحــن نــرى االحتفــاالت املســيحي باســل شــحادة‪ ،‬وغريهــم ممــن‬ ‫املذهبيــة التــي رافقــت ســقوط القصــر‪ ،‬وكــم شــارك يف إغاثــة املترضريــن ومعالجــة الجرحــى‬ ‫نشــعر بالخــزي والعــار حــن نــرى الفــرح واملصابــن‪ ،‬وكذلــك آبــاء بعــض الكنائــس الذين‬ ‫أقامــوا مشــايف ميدانيــة يف أقبيــة كنائســهم‬ ‫"بدعــس" إنســان فقــط بتهمــة علــوي‪!!...‬‬ ‫لتكــون مــاذا ً آمنــاً للمرشديــن والجائعــن‪.‬‬ ‫ـص عــى دمــاء‬ ‫ففــي كلتــا الحالتــن هــو رقـ ٌ‬ ‫الســوريني الذيــن مــا زالــوا يواجهــون آلــة ويف الوقــت الــذي يقــف العديــد مــن أهــل‬ ‫القتــل مــن أجــل حلمهــم بدولــة الحريــة الســنة إىل جانــب النظــام تعتقــل الناشــطة‬ ‫العلويــة "كفــاح عــي ديــب" للمــرة الثانيــة‪،‬‬ ‫واملواطنــة‪.‬‬ ‫وتتخــذ الفنانــة العلويــة "لويــز عبــد الكريــم"‬ ‫الثــورة الســورية يتيمــة مــن أي دعــم موقفــاً مرشفــاً مغايــرا ً لكثــر مــن زمالئهــا‬ ‫خارجــي‪ ،‬يف حــن تتلقــى الحــرب األهليــة الفنانــن‪.‬‬ ‫كل الدعــم باملقاتلــن والســاح‪ .‬والســوريون‬ ‫األحــرار الذيــن ينتظــرون والدة وطنهــم هــم ســوريا أ ٌم ملاليني الوجوه‪ ،‬الســني‪ ..‬الشــيعي‪...‬‬ ‫اليــوم خائفــون وهــم يــرون أن ثورتهــم تــرق اإلســاعييل‪ ...‬املســيحي‪ ...‬العلــوي‪ ...‬الــدرزي‪...‬‬ ‫منهــم أمــام أعينهــم تحــت مسـ ّميات مختلفــة والرشكــي‪ ..‬هــم مختلفــون ولكــن وحدهــا‬ ‫ولكــن بهــدف واحــد هــو متزيــق النســيج ســوريتهم تجمعهــم‪ .‬والطاغيــة يقــف أمــام‬ ‫هــذا االنفجــار الشــعبي الــذي ليــس لــه‬ ‫الســوري املتعايــش منــذ قــرون‪.‬‬ ‫مثيــل‪ ،‬يــرب ويعربــد ويدمــر‪ ...‬هــذا يُذبــح‬ ‫الطائفيــة وصفــة لالحتضــار الطويــل‪ ،‬بالقــرآن‪ ...‬وآخــر يُذبــح باإلنجيــل‪ ...‬والذنــب‬ ‫وشــق الصــف يضــع الثــورة أمــام هاويــة واحــد هــو الحريــة‪ ...‬ويبقــى املســلم مــع‬ ‫ّ‬ ‫الحــرب األهليــة‪ ،‬ويحــ ّول الحــارض إىل مــايض املســيحي إىل جانــب العلــوي يف انتظــار‬ ‫األمــل الــذي يبــ ّدد هــذه العتمــة ويجمــع‬ ‫واملســتقبل إىل مجهــول‪.‬‬ ‫كل الســوريني الطيبــن تحــت ســقف الوطــن‬ ‫انتفاضــة الشــعب التــي خرجــت مــن ليهتفــوا معــاً‪:‬‬ ‫املســاجد مــع صــوت "اللــه أكــر" يجــب أن‬ ‫"واحد واحد واحد‪...‬‬ ‫تذكــر وقفــة مســيحيني إىل جانبهــا أمثــال األب‬ ‫الشعب السوري واحد"‪...‬‬ ‫باولــو‪ ،‬فــارس الحلــو‪ ،‬مــي ســكاف‪ ،‬والســلفي‬

‫العدد (‪ )70‬السنة الثانية ‪ -‬األحد ‪2013\08\11‬‬

‫‪4‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.