صحيفة القدس العربي , الثلاثاء 29.10.2013

Page 18

‫‪18‬‬

‫‪AL-QUDS AL-ARABI‬‬

‫السنة اخلامسة والعشرون ـ العدد ‪ 7576‬الثالثاء ‪ 29‬تشرين االول (اكتوبر) ‪ 2013‬ـ ‪ 24‬ذو احلجة ‪1434‬هـ‬

‫مدارات‬

‫د‪ .‬مثنى عبدالله٭‬ ‫■ بدون وعي وقف وزير العدل العراقي ليعلن على املأل اجناز وامتام‬ ‫املس��ودتني النهائيتني ملش��روعي قانون االحوال الشخصية اجلعفري‪،‬‬ ‫وقانون القضاء الش��رعي اجلعفري‪ ،‬اعتمادا على فقه الشيعة االمامية‬ ‫االثن��ي عش��رية‪ ،‬بعد عام ونصف الع��ام من العمل املتواص��ل كما قال‪،‬‬ ‫وقد مت احالة املس��ودتني الى مجلس ش��ورى الدولة‪ ،‬الذي تولدت لديه‬ ‫القناعة بصالحي��ة احالتهما الى االمانة العامة جملل��س الوزراء‪ ،‬متهيدا‬ ‫ملناقش��تهما من قبل اجمللس واقرارهما‪ .‬وال نع��رف كيف خطف الوزير‬ ‫صالحي��ات مجلس��ي ال��وزراء والنواب في تش��ريع واعداد مس��ودات‬ ‫القوانني‪ ،‬وهو جهة تنفيذية ال تش��ريعية‪ ،‬الن اجمللس�ين املذكورين هما‬ ‫م��ن ميتلكان هذا احلق في كتابة مس��ودات القوان�ين‪ ،‬وال عالقة لوزارة‬ ‫الع��دل بذل��ك‪ .‬ف��وزارات الع��دل ف��ي كل دول العالم تقتص��ر واجباتها‬ ‫التنفيذية على االش��راف على الس��جون واملعتقالت ودوائر التس��جيل‬ ‫العق��اري ورعاية القاصرين واحملاكم ودوائر الكتاب العدول‪ ،‬لكن يبدو‬ ‫ان االس��تثنائية الكارثية التي ه��ي روح وعقل «الدميقراطي��ة العراقية»‬ ‫اعطت احلق للجميع في القيام بتشريع القوانني وكتابة مسوداتها‪.‬‬ ‫أل��م تك��ن للميليش��يات قوانينه��ا اخلاص��ة ومحاكمه��ا الش��رعية‬ ‫وس��جونها التي ال يعلم بها الكثير من جهابذة الس��لطة‪ ،‬الذين يظهرون‬ ‫علينا يوميا في الفضائيات ي��رددون تعابير من القاموس الدميقراطي‪،‬‬

‫■ لع�ل أقرب ترجم�ة عربية ملفه�وم «السيكوس�وماتيكس» هي علم‬ ‫العوام�ل النفس�ية اجلس�دية‪ ،‬ومب�ا أنن�ي أق�وم بتدريس�ه‪ ،‬وق�د قمت‬ ‫ً‬ ‫حتديدا بإلقاء محاضرة عامة حوله في جامعة تكساس‬ ‫األسبوع املاضي‬ ‫‪ A&M‬قطر هنا بالدوحة (االثنني ‪ 21‬تشرين األول\أكتوبر) بدعوة من‬ ‫ً‬ ‫كثيرا من احلضور االوروبي‬ ‫«دائرة الفنون املتح�ررة»‪ ،‬وقد الحظت أن‬ ‫ً‬ ‫خاصة‪ ،‬متعطش ملعرفة ماهية ه�ذا التخصص‪ ،‬بدليل كثافة‬ ‫واألمريك�ي‬ ‫احلضور وحجم طرح األس�ئلة‪ .‬وهو باملناس�بة أوسع وأعمق من الطب‬ ‫النفس�ي الذي يُ عنى باملشاعر اإلنسانية إيجابية أو سلبية فقط‪ ،‬أما هذا‬ ‫العلم فهو يُ عنى بتأثير املش�اعر على اجلوانب اجلس�دية والعقلية‪ ،‬كما‬ ‫س�يتضح‪ .‬فعلى س�بيل املثال الش�خص الذي يتناول غ�ذاء صحيا فإن‬ ‫ً‬ ‫حاقدا أو به مرارة‪ ،‬أو أنه‬ ‫هذا الغذاء ال يفيد اجلس�م‪ ،‬إذا كان الش�خص‬ ‫مي�ارس رياض�ة اجلري ً‬ ‫مثال وال ي�رد التحية إذا حياه أحد وال يبتس�م‪،‬‬ ‫فالرياضة ال تكون ناجعة وهكذا‪.‬‬ ‫إن كان الشخص‬ ‫لو تالحظون أن املصافحة باليد تستطيع أن تخبرك ْ‬ ‫ال�ذي يصافحك يودك أو ال‪ ،‬وحتى أحيان�ا ميكن أن تخبرك بدرجة الود‬ ‫أو عدم�ه‪ .‬ف�ي بعض األقط�ار العربية مثل الس�ودان وس�ورية وبلدان‬ ‫اخللي�ج‪ ،‬الناس يحيون بعضهم بعبارة «ش�لونك أو ش�لون صحتك؟»‬ ‫وه�ي حتي�ة علمي�ة ف�ي املطل�ق وف�ي صل�ب (عل�م العوام�ل النفس�ية‬ ‫اجلسدس�ة)‪ ،‬ألن لون أعضاء املرء اخلارجية كالوجه والشفتني واجللد‬ ‫والعينين وغيرها‪ ،‬حتدده�ا صحة أعضائه الداخلي�ة كالكبد والكليتني‬

‫حسام الدجني٭‬ ‫■ بعد أن أعلنت إس�رائيل عن اكتش�افها لنفق ميتد‬ ‫طول�ه ‪ 2.5‬كيلومت�ر‪ ،‬يص�ل م�ن خانيونس إل�ى العني‬ ‫الثالث�ة داخل فلس�طني احملتل�ة‪ ،‬خرج الس�يد جيفري‬ ‫فيلتم�ان نائ�ب األمين العام للأمم املتحدة للش�ؤون‬ ‫السياس�ية‪ ،‬بتصريح صحافي ش�ديد الغرابة‪ ،‬يكشف‬ ‫سياس�ة ازدواجية املعايير التي تنتهجها األمم املتحدة‬ ‫ف�ي القضاي�ا املتعلق�ة بالص�راع العربي اإلس�رائيلي‪،‬‬ ‫حي�ث حت�دث فيلتم�ان خلال اجتم�اع مجل�س األمن‬ ‫حول التسوية الش�رق أوسطية ً‬ ‫قائال‪ :‬إن حفر األنفاق‬ ‫ً‬ ‫ح�دا للمواجهة‬ ‫يتناق�ض مع اتف�اق الهدنة الذي وضع‬ ‫بني حماس وإسرائيل العام املاضي‪.‬‬ ‫وأض�اف فيلتم�ان «ندي�ن بناء مث�ل ه�ذه األنفاق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خرقا التفاقيات وق�ف إطالق النار التي مت‬ ‫الت�ي تعتبر‬ ‫التوص�ل إليها في تش�رين الثاني‪ /‬نوفمب�ر عام ‪،2012‬‬ ‫إذ تستخدم إلنش�اء النفق مئات األطنان من اإلسمنت‬ ‫الض�روري لألغراض الس�لمية في غزة‪ ،‬م�ا يثير كذلك‬ ‫قلقا عميقا»‪.‬‬ ‫اتف�اق التهدئة ال�ذي يتحدث عنه الس�يد فيلتمان‪،‬‬ ‫وال�ذي مت برعاي�ة مصري�ة ومببارك�ة أمريكي�ة تنص‬ ‫(الفقرة ج) فيه على ما يلي‪ :‬فتح املعابر وتسهيل حركة‬ ‫األش�خاص والبضائع وع�دم تقييد حركة الس�كان أو‬ ‫اس�تهدافهم في املناط�ق احلدودية‪ ،‬ويت�م التعامل مع‬ ‫إج�راءات تنفيذ ذلك بعد ‪ 24‬س�اعة م�ن دخول االتفاق‬ ‫حيز التنفيذ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ونذك�ر األمم املتحدة بأن إس�رائيل ل�م تلتزم بذلك‪،‬‬ ‫وأن عشرات الفلسطينيني سقطوا ما بني قتيل وجريح‬ ‫بع�د اس�تهدافهم من قبل ق�وات االحتلال‪ ،‬وان املعابر‬ ‫مع اجلانب اإلس�رائيلي ش�به مغلقة وال تدخل منها كل‬ ‫االحتياجات اإلنس�انية للشعب الفلس�طيني احملاصر‬ ‫في قط�اع غزة‪ ،‬كم�ا جاء في اتف�اق التهدئ�ة‪ ،‬وكان قد‬ ‫أعلن أن إسرائيل ستلتزم بالسماح للصيادين بدخول‬ ‫ً‬ ‫وأيض�ا إس�رائيل ل�م تلتزم بذل�ك‪ ،‬حيث‬ ‫س�تة أمي�ال‪،‬‬ ‫يتع�رض الصي�ادون الفلس�طينيون كل ليل�ة إلطالق‬ ‫ن�ار ومطاردة من قبل البحرية اإلس�رائيلية‪ ،‬ورغم كل‬ ‫ما س�بق وما رافقه من ش�هادات أممية ح�ول األوضاع‬ ‫اإلنس�انية بقط�اع غزة‪ ،‬الت�ي كان من أهمه�ا ما حتدث‬ ‫به منس�ق األمم املتحدة للش�ؤون اإلنس�انية‪ ،‬جيمس‬ ‫راولي‪ ،‬في نيس�ان‪/‬ابريل املنصرف حول قلقه الشديد‬ ‫حيال تأثير اإلج�راءات املقيدة التي أعلنتها إس�رائيل‬ ‫مؤخرا على السكان الفلسطينيني في قطاع غزة‪.‬‬ ‫وح�ذر راولي من عواقب اس�تمرار ه�ذه املعوقات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مشيرا‬ ‫مبا قد يس�بب تأثيرا خطيرا على سكان القطاع‪،‬‬ ‫إل�ى أن هذه التدابير تؤدي إلى اس�تنزاف اخملزون من‬ ‫الل�وازم األساس�ية‪ ،‬وتقويض س�بل العي�ش وحقوق‬ ‫العديد من العائالت في غزة‪.‬‬ ‫رغ�م تلك التصريح�ات واملواقف م�ن داخل املنظمة‬ ‫ً‬ ‫س�اكنا للضغط على‬ ‫الدولي�ة نفس�ها إال أنها ال حت�رك‬ ‫إس�رائيل لوق�ف انتهاكاته�ا بح�ق البش�ر والش�جر‬ ‫واحلج�ر ف�ي غ�زة‪ ،‬عل�ى الرغ�م م�ن الت�زام الفصائل‬ ‫الفلس�طينية بوق�ف إطلاق القذائ�ف احمللي�ة عل�ى‬ ‫االحتالل الصهيوني‪.‬‬ ‫وم�ن هن�ا فإنن�ا ندع�و األمم املتح�دة ال�ى أال ت�رى‬ ‫األش�ياء بعين واح�دة‪ ،‬وان تتعام�ل م�ع القضي�ة‬ ‫الفلس�طينية ضم�ن منطلقاتها ومبادئها الس�امية وان‬ ‫ً‬ ‫ف�ورا على إنق�اذ قطاع غ�زة من كارثة إنس�انية‬ ‫تعم�ل‬ ‫متمثل�ة بوق�ف محط�ة تولي�د الطاق�ة عن العم�ل‪ ،‬وما‬ ‫يترتب على ذلك من مخاطر بيئية وصحية وإنس�انية‪،‬‬ ‫وأن تضغ�ط عل�ى إس�رائيل لاللتزام باتف�اق التهدئة‪،‬‬ ‫ورف�ع احلص�ار الكام�ل عل�ى قط�اع غ�زة‪ ،‬وحينه�ا‬ ‫س�يلتزم الفلس�طينيون بهذا االتفاق‪ ،‬ولكن إس�رائيل‬ ‫ه�ي من ترف�ض كل قرارات الش�رعية الدولية اخلاصة‬ ‫بفلس�طني‪ ،‬وتضرب بع�رض احلائط القان�ون الدولي‬ ‫اإلنس�اني‪ ،‬لذا ينبغي على األمم املتحدة وعلى الس�يد‬ ‫فيلتم�ان إدانته�ا‪ ،‬ومعاقبته�ا‪ ،‬وحتم�ل مس�ؤولياتها‬ ‫جتاه الالجئني الفلسطينيني القاطنني بغزة‪ ،‬حتى يثق‬ ‫اجلميع بتلك املؤسس�ة األممية‪ ،‬ولكن في حال اس�تمر‬ ‫نه�ج ازدواجية املعايي�ر‪ ،‬فإن ذلك من ش�أنه املزيد من‬ ‫فق�دان الثقة بها‪ ،‬وهذا س�يضعف تأثيرها في الش�ارع‬ ‫العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫٭ كاتب فلسطيني‬

‫لي��س لهم س��وى الفاظها‪ ،‬اما معانيه��ا فهم اجهل الناس به��ا؟ أما كان‬ ‫االحرى بوزير العدل اوال ان يعكف على دراسة القوانني التي يطبقها في‬ ‫الس��جون واملعتقالت‪ ،‬ويقدم مقترحات من شأنها احلفاظ على حقوق‬ ‫الس��جناء واملعتقلني؟ أليس االجدر به قبل كل ش��يء ان يسعى الصدار‬ ‫تعليم��ات صارم��ة للقضاء على آفة الرش��اوى املستش��رية ف��ي دوائر‬ ‫وزرات��ه‪ ،‬التي جعل��ت الكثير من االبري��اء متهمني والكثي��ر من اجملرمني‬ ‫ُطلق��اء؟ أال يعلم الوزير ان الكثي��ر من االبرياء الزالوا منذ س��نني عديدة‬ ‫حبيس��ي الزنزانات‪ ،‬ال ُيقدم��ون الى احملاكم وال ُيطلق س��راحهم‪ ،‬فقط‬ ‫كي يس��تمر ابتزاز ذويهم باالف الدوالرات‪ ،‬ثم يجري تلبيسهم تهمة ما‪،‬‬ ‫ويعرضونه��م على التلفاز معلنني عن القاء القبض على من فجر س��وقا‬ ‫او مؤسس��ة ما‪ ،‬ف��ي محاولة لصنع نصر زائف لق��ادة يثبتون يوما بعد‬ ‫يوم فش��لهم؟ وملاذا يصر الوزير على االس��تمرار بتطبيق عقوبة االعدام‬ ‫على املئات من البشر‪ ،‬ضاربا عرض احلائط كل اعتراضات الرأي العام‬ ‫العاملي واحمللي‪ ،‬الذي يس��تنكر هذه العقوبة‪ ،‬ليس كرها بانزال العقاب‬ ‫باجملرمني‪ ،‬ولكن لعدم توفر النزاهة والشفافية‪ ،‬وابسط معايير العدالة‬ ‫اثناء التحقيق‪ ،‬وال يحاول تطوير املؤسسات التحقيقية التابعة لوزارته‬ ‫مبا يضمن محاكمة عادلة للجميع‪ ،‬كل ينال فيها حقه واستحقاقه؟‬ ‫ان قان��ون االح��وال الش��خصية املعم��ول ب��ه حاليا كان قد اس��تند‬

‫املش��رع العراقي في وضعه الى مذاهب اسالمية متعددة‪ ،‬ومنها املذهب‬ ‫ّ‬ ‫اجلعف��ري‪ ،‬وق��د وضع��ت كافة بن��وده التي تنظ��م العالقات االس��رية‬ ‫واالح��وال الش��خصية وفق اح��كام القض��اء والفقه االس�لامي‪ ،‬وهو‬ ‫قانون سليم متاما‪ ،‬الن تشريعاته لم تستند الى مدرسة مذهبية محددة‪.‬‬ ‫وعندم��ا اصدر مجلس احلكم االنتقالي بعد االحت�لال القرار املرقم ‪137‬‬ ‫القاضي بالغائه والعمل بالقض��اء املذهبي‪ ،‬اعترضت الكثير من النخب‬ ‫والفعالي��ات االجتماعية على قرار الغائه‪ ،‬ثم صار الى الغاء قرار مجلس‬ ‫احلك��م بعد فترة قصيرة من ص��دوره‪ ،‬مما يؤكد حيازت��ه على املقبولية‬ ‫م��ن اجلميع كونه ُيلبي كل احلقوق‪ ،‬بينما س��يؤدي ص��دور قانون اخر‬ ‫لالح��وال الش��خصية يخص فئ��ة مذهبية مح��ددة‪ ،‬الى خل��ق تعارض‬ ‫صارخ ف��ي العديد من قضايا االحوال الش��خصية‪ ،‬وفوضى عارمة في‬ ‫قضاي��ا الزيجات اخملتلطة التي يزخر بها اجملتم��ع العراقي‪ ،‬كما يتطلب‬ ‫ايجاد محاكم جديدة وقضاة مختصني للحكم حسب املذهب اجلعفري‪،‬‬ ‫وس��ن تش��ريعات وقوانني تتماش��ى مع القانون اجلديد وتفسر بنوده‬ ‫واحكام��ه‪ .‬فاذا كان القانون الذي بش��ر به وزير الع��دل ليس بديال عن‬ ‫قانون االحوال الش��خصية املعمول ب��ه االن‪ ،‬كما قال في حديثه‪ ،‬فعالم‬ ‫البح��ث في اجلزئي��ات وترك الس��قف العام الذي يق��ف اجلميع حتته؟‬ ‫مل��اذا نترك الش��ريعة االس�لامية باطارها اجلام��ع ونذهب ال��ى ايجاد‬

‫٭ باحث سياسي عراقي‬

‫«السيكوسوماتيكس» هل هو مجرد طب تكميلي أم انه طب بديل؟‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬علي الهيل٭‬

‫األمم املتحدة وسياسة‬ ‫ازدواجية املعايير‬

‫في العراق‪ ..‬البحث عن الذات في قوانني طائفية‬

‫مناف��ذ وابواب اخ��رى‪ ،‬كي يطرقها الن��اس للبحث في تس��يير امورهم‬ ‫الش��خصية‪ ،‬فيرون باعينهم انهم مختلفون وليسوا متساوين؟ هل هي‬ ‫حالة صحية تلك التي يس��عى الوزير او املسؤول اليها‪ ،‬عندما يخلق في‬ ‫البلد الواحد واجملتمع الواحد العديد من املؤسسات واحملاكم املتشابهة‬ ‫ف��ي االختصاصات واخملتلفة في تن��اول القضايا املعروضة عليها؟ هل‬ ‫صحيح ايجاد محاكم احوال مدنية سنية وشيعية ومسيحية وصابئية‬ ‫وشبكية وايزيدية؟ أم ان ما يجري هو مجرد استغالل للغرائز والعواطف‬ ‫الطائفية‪ ،‬ومحاولة دغدغته��ا للعبور من فوق الكوارث االجتماعية التي‬ ‫حتصدنا يوميا‪ ،‬اليهامنا بان املس��ؤولني يحرصون على حتقيق واجناز‬ ‫حتى تفاصيلنا الطائفية كي يتم التحشيد االنتخابي الطائفي؟‬ ‫ان العراق يعيش طائفية سياسية مقيتة منذ العام ‪ 2003‬وحتى اليوم‪،‬‬ ‫وقد ألق��ت بظاللها عل��ى التوزيع الس��كاني في البلد حت��ى بات اطالق‬ ‫الصف��ات الطائفية على ه��ذه احملافظة او تلك امرا مألوف��ا‪ ،‬وانتقل هذا‬ ‫الوصف الى احياء العاصمة بغداد بشكل متعارف عليه‪ ،‬وكل من يقول‬ ‫بغي��ر ذلك واهم‪ ،‬فلماذا يس��عى البعض لتش��ريع قوانني تؤس��س لهذه‬ ‫النزعة الطائفية وتعطيها غطاء شرعيا؟ اجلواب على هذا السؤال هو ان‬ ‫الفش��ل في ادارة الدولة جعل البعض يذهب للبحث عن ذاته في قوانني‬ ‫واجراءات طائفية‪ُ ،‬يقنع بها نفسه والطائفيني من حوله بانه رجل دولة‬ ‫وسياسة بعد ان توهموا ان الطائفة بديل عن الدولة‪ ،‬وجميعهم ابعد عن‬ ‫هذا الوصف مباليني السنوات الضوئية‪.‬‬

‫والدم والقلب وغيرها‪.‬‬ ‫وثمة مثال آخر‪ ،‬إذا كان هناك ش�خص ف�ي مقهى ً‬ ‫مثال‪ ،‬وطلب فنجان‬ ‫قه�وة بأدب جم م�ن املضيفة (وه�ي اللفظ�ة املهذبة وليس�ت النادلة أو‬ ‫اجلرس�ونة) ومغلف بابتسامة عفوية‪ ،‬فإن املضيفة ستحضر له القهوة‬ ‫ذاته�ا الت�ي حتضرها لغيره (ممن ليس�وا في مس�تواه الراقي) غير أنه‬ ‫يتن�اول م�ع القه�وة مش�اعر املضيفة الت�ي متر في ملس�ة يده�ا لفنجان‬ ‫القهوة ومن منظور علم العوامل النفسية اجلسدية‪ ،‬يكون تأثير القهوة‬ ‫أو أي ش�يء آخر إيجابيا عقليا وجسديا ونفسيا‪ ،‬أكثر من تأثير القهوة‬ ‫نفسها لدى شخص آخر‪.‬‬ ‫حس�ب اعت�راف األطب�اء اجلس�ديني أوالفيزيولوجيين ف�إن‬ ‫زه�اء ‪ ٪85-80‬م�ن أم�راض اجلس�د البش�ري نفس�ية جس�دية‬ ‫‪ psychosomatically, related‬غير أننا نحن املعنيني بالبحث فيه‬ ‫وتدريسه نقول‪ ،‬إن العوامل اجلس�دية النفسية‪ ،‬ميكن أن تكون أحيانا‬ ‫عوامل أساس�ية لإلصاب�ة باملرض اجلس�دي‪ ،‬وميكن أن تك�ون ثانوية‬ ‫ً‬ ‫طبع�ا ليس م�ن الواقع أن نقل�ل من أهمي�ة العوامل‬ ‫والعك�س صحي�ح‪.‬‬ ‫اجلسدية كعادات األكل غير الصحية وقلة ممارسة التمارين الرياضية‪،‬‬ ‫بَ ْي�دَ أن العوام�ل اجلس�دية النفس�ية كاحلق�د واحلس�د وامل�رارة وفقد‬ ‫ً‬ ‫فمثال‬ ‫األعص�اب‪ ،‬هي طاقات مدمرة م�ن غير صخب في أغل�ب األحوال‪.‬‬ ‫األمراض الناجتة عن تدهور الدماغ‪ ،‬مثل الزهامير والباركنسون ليست‬ ‫أس�بابها فيزيولوجية فحسب‪ ،‬وإمنا جس�دية نفسية‪ ،‬مثل الضغوطات‬

‫د‪ .‬حسن عبد ربه املصري٭‬ ‫■ عل��ى امت��داد أكث��ر م��ن مئة ي��وم من��ذ أن تش��كلت حكوم��ة مصر‬ ‫االنتقالية‪ ،‬شهدت البالد مجموعة من االحداث املتتالية التي برهنت‪ ،‬مبا‬ ‫ال يدع مجاال للش��ك‪ ،‬على أنها اضعف من أن تتخ��ذ ً‬ ‫قرارا لدعم توجهات‬ ‫شعبها احلياتية‪ ،‬وإن اتخذته بعد إحلاح ونقد فبيد مرتعشة ومترددة‪.‬‬ ‫لن نتحدث عن ملفات قررت تيارات اجملتمع على اختالف أطيافها‪ ،‬أن‬ ‫تؤجل التفكير والبت فيها إلى ما بعد انقضاء املرحلة الراهنة‪ ،‬كترس��يخ‬ ‫الدميقراطية وتوسيع قاعدة عمل منظمات اجملتمع املدني وتعزيز حقوق‬ ‫االنسان‪ ..‬الخ‪ ،‬بل سنشير إلى ما تعيشه الساحة هذه اللحظات الفاصلة‬ ‫م��ن إرهاص��ات حتتاج إلى فع��ل إيجابي عاج��ل وحاس��م وذي مردود‬ ‫جماهيري فوري‪.‬‬ ‫تزام��ن قرار تأجيل إقرار قانون التظاهر‪ ،‬م��ع حادث إطالق النار على‬ ‫احملتفل�ين بع��رس في كنيس��ة الس��يدة العذراء بح��ي ال��وراق‪ ..‬وظللت‬ ‫الواقعتان مش��اهد مس��ؤولة تنفي بش��دة وجود اتص��االت من أي نوع‬ ‫مع الق��وى التي ترفض االعت��راف باألمر الواقع الذي جن��م عن ثورة ‪30‬‬ ‫حزيران‪/‬يوني��و املاض��ي‪ .‬بينما وضح للكاف��ة أنها ال متل��ك القدرة على‬ ‫تس��يير ش��بكة قطارات الس��كك احلديدية بص��ورة كامل��ة‪ ،‬لعجزها عن‬ ‫توفي��ر األمن واألمان ملئ��ات االالف من ركابه��ا في عموم الب�لاد‪ ،‬الذين‬ ‫تضرروا نتيجة وقفها كلية منذ منتصف شهر اب‪/‬أغسطس املاضي‪.‬‬ ‫اجلامع��ات واملعاهد اخملتلفة تعاني م��ن تصرفات قلة متهورة تفرض‬ ‫على اإلدارة والغالبية من الدارسني منطقا معوجا يعطل الدراسة ويشيع‬ ‫الفوضى‪ ،‬العديد من الشوارع وامليادين الزالت تتعرض للقطع والتشويه‬ ‫لس��اعات طوال‪ ،‬مما جعل الرافضني لهذه املمارس��ات من قوى الشعب‬ ‫صاحب املصلحة احلقيقية في عودة احلي��اة إلى طبيعها يزدادون ً‬ ‫عددا‬ ‫كل يوم‪ ..‬ومن ثم يتضاعف اع��داد الغالبية من املطالبني بضرورة اتخاذ‬ ‫خطوات عملية إلعادة االس��تقرار إلى جنب��ات اجملتمع املصري بخطوات‬ ‫متسارعة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫س��لبا‬ ‫لغة احلوار بني األطراف السياس��ية املؤثرة في حركة اجملتمع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وإيجابا‪ ،‬كبواب��ة حتمية تفضي لوقف هذه املهازل التي ال تبش��ر بخير‪،‬‬ ‫متجمدة حتت درج��ة الصفر‪ ،‬ألن احلكومة لم تفك��ر بعد في وضع خطة‬ ‫فورية لوقف سياسات االبتزاز ومعارك التدمير وفوضى االحتجاجات‪،‬‬ ‫لك��ي تتفرغ للنظر ف��ي كيفية حل الهموم التي ت��كاد توقف حركة احلياة‬ ‫عل��ي امتداد الوط��ن‪ ،‬والتي يقع حت��ت طائلتها معظم فئات الش��عب في‬ ‫احلضر والريف منذ حوالي العامني ونصف العام‪.‬‬ ‫لغة احلوار غير ُمرحب بها من جانب جماعة اإلخوان التي هزمت ش��ر‬ ‫هزمية على يد القوي الش��عبية مبختلف أطيافه��ا‪ ،‬ولذلك توالي بإصرار‬

‫العائلية والوظيفية واالقتصادية والسياس�ية واملش�اعر السلبية التي‬ ‫ذكرناها للتو‪ ،‬والتعلق بذكريات سيئة من املاضي وغيرها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مؤخرا توصلوا إل�ى عقار كيميائي‬ ‫صحي�ح أن األطب�اء البريطانيني‬ ‫يوقف تدهور الدماغ‪ ،‬إال أن املطلوب بالتزامن هو عقار كيميائي جسدي‬ ‫نفس�ي كالتخل�ص م�ن العوام�ل الت�ي تس�بب الضغوط�ات واملش�اعر‬ ‫السلبية املدمرة ‪.‬‬ ‫اإلنسان يُ دار من الدماغ‪ ،‬وباقي أعضائه الداخلية واخلارجية مجرد‬ ‫أدوات توصيل أو س�عاة بريد‪ ،‬ولذلك فإن أركان علم العوامل اجلسدية‬ ‫النفسية ثالثة‪ :‬عقل سليم ‪ +‬مشاعر سليمة = جسد سليم‪.‬‬ ‫م�ن منظور علم العوامل النفس�ية اجلس�دية أن األعراض ألي مرض‬ ‫كالس�رطان ً‬ ‫مثلا ال تتضح للمص�اب به إال بعد التش�خيص‪ ،‬وعليه فإن‬ ‫هذا العلم يؤكد على حقيقة فطرية بشرية‪ ،‬وهي أن اخلوف من السرطان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خطرأ من اإلصابة ً‬ ‫ً‬ ‫فمثال ما يقدر بـ‪ ٪75‬من‬ ‫فعال بالس�رطان‪.‬‬ ‫مثال أش�د‬ ‫القرود في افريقيا مصابة باإليدز وألنها ال تعرف فاألعراض غير ظاهرة‬ ‫عليه�ا وجندها تقفز من ش�جرة إلى ش�جرة ومتارس مناش�طها بحرية‬ ‫مطلق�ة‪ .‬ولذلك أدعو دائما إلى أن يكون املرء إيجابيا في تفكيره وكالمه‬ ‫ومشاعره‬ ‫ألن اإلنس�ان بش�كل رئي�س مصم�م لك�ي يف�رز طاقتين‪ :‬إيجابي�ة‬ ‫بن�اءة‪ ،‬وس�لبية مدمرة‪ .‬ومبا أنه ال بد من ذلك فعل�ى املرء أن يفرز طاقة‬ ‫إيجابية باس�تمرار ويتذكر ً‬ ‫أم�را مهما‪ ،‬أال وهو أن ال�ذي لديه الكثير من‬

‫ً‬ ‫أيض�ا‪ ،‬ورمبا كما‬ ‫امل�ال س�يموت‪ ،‬والذي ليس لدي�ه إال القليل س�يموت‬ ‫ً‬ ‫مبك�را غالبا ما يكونون من‬ ‫تثبت كثير من الدراس�ات أن الذين ميوتون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حين�ا من الدهر‪.‬‬ ‫غالبا ما يعيش�ون‬ ‫كثي�را م�ن املعدمني‬ ‫املوس�رين‪ ،‬وأن‬ ‫وس�بب اإلتيان بهذا املث�ال هو أن الكثيرين نتيجة ضعف بش�ري ميكن‬ ‫تفهمه يحس�دون األثرياء‪ ،‬مما ينتج عنه املشاعر السلبية كاحلقد‪ ،‬التي‬ ‫يتطور بعضها إلى أفعال عنيفة‪.‬‬ ‫إذن ميكن تعريف مفهوم الشخص السليم أو الصحي (نفسيا جسديا)‬ ‫أنه الذي يوازن بني العوامل النفسية اجلسدية التي ميكن تلخيصها في‬ ‫اإليجابية‪ ،‬والعوام�ل الفيزيولوجية املتمثلة في ع�ادات األكل واحلياة‬ ‫الس�ليمة‪ .‬اإلنس�ان بطبعه يولد بتطبيقات هذا العلم م�ن غير أن يدري‬ ‫في الغالب‪ .‬فاجلنني في رحم أمه يتلقى العوامل الفيزيولوجية اخلاصة‬ ‫كالتغذي�ة الت�ي يحصل عليها عن طري�ق أمه‪ ،‬واألهم أنه يكتس�ب وهو‬ ‫ف�ي داخل الرحم ُ‬ ‫بدءا من الش�هر الثالث على األرجح العوامل النفس�ية‬ ‫اجلس�دية إيجابية كانت أو س�لبية (التنش�ئة الداخلي�ة)‪ .‬ونأخذ ً‬ ‫مثاال‬ ‫آخر األطفال فهم إلى س�ن معينة يبتس�مون للجميع ويلوحون للجميع‬ ‫ً‬ ‫كثيرا من‬ ‫ويتجاوب�ون معهم‪ ،‬غي�ر أن اجملتمع في ما بعد يغيره�م فنجد‬ ‫الناس يكتسبون من مجتمعهم االجتاهات النابعة من مشاعر سلبية في‬ ‫التعامل مع اآلخرين كالعنصرية‪.‬‬ ‫٭ أستاذ جامعي وكاتب قطري‬

‫حكومة مصر أضعف من أن تؤسس خلارطة طريق مستقبلية‬

‫رف��ض جميع م��ا عرض عليه��ا حتى اآلن م��ن مبادرات‪ ،‬على املس��تويني‬ ‫الداخلي واخلارجي‪ ،‬وترفع ش��عار عودة الشرعية وعودة دستور ‪2012‬‬ ‫ومجلس الشورى‪ ،‬وتروج الى أن الغالبية الشعبية تقف إلى جانبها‪.‬‬ ‫وعلى قدر ما ميثله ذلك من معوقات ال حصر لها على مس��توى التقدم‬ ‫في مسيرة تنفيذ خارطة الطريق‪ ،‬على قدر ما يحتم الواجب الوطني على‬ ‫احلكومة ان تبذل قص��ارى جهدها لكي جتتذب عددا من عقالء كوادرها‬ ‫وحكم��اء اجملتمع املدني للجلوس معها حول طاولة حوار‪ ،‬تقود جملموعة‬ ‫من القرارات واجبة التنفيذ بشكل فوري‪.‬‬ ‫كل الدالئل تشير إلى أن ما بقي في الساحة من قيادات تنتمي جلماعة‬ ‫ً‬ ‫رسميا‬ ‫االخوان‪ ،‬يتحصنون وراء سقف من املطالب صعب االستجابة له‬ ‫ً‬ ‫ومجتمعي��ا‪ ..‬ويحتم��ون مبجموع��ة من الش��باب الذي يب��ادر وفق مبدأ‬ ‫السمع والطاعة‪ ،‬لتنفيذ ما يفرض عليه من تعليمات ال صلة لها بالواقع‪..‬‬ ‫ويوال��ون التصعيد في ض��وء ما َيرد اليه��م من تعليم��ات يتوافق عليها‬ ‫التنظيم الدولي‪ ،‬ألنهم رافضون للتس��ليم مبا جرى ورافضون لالنصهار‬ ‫ً‬ ‫ووزنا‪ ..‬وغير مستعدين‬ ‫في اجملتمع وفق مشيئة الغالبية من ابنائه عدد ًا‬ ‫ملا تفرضه االشتراطات السلمية حلركة الثورة والثوار‪.‬‬ ‫على الرغ��م من ذلك نقول ان س��كوت احلكومة على ه��ذه التصرفات‬ ‫ً‬ ‫مجتمعي��ا يعني لدى املواطن العادي أنه��ا خاضعة لالبتزاز‪..‬‬ ‫املرفوضة‬ ‫وأنها قابلة لالنهزام امام أس��اليب الضغط الت��ي تقوم بها مجموعات ال‬ ‫تقدر املس��ؤولية‪ ..‬وليس في مقدورها أن تتخذ من القرارت الضرورية ما‬ ‫ُيعيد األمن واالستقرار للمجتمع‪ ،‬الذي كان يتوقع منها أن تنقله من حالة‬ ‫الفوضى إلى بداية طريق القضاء على اسبابها التي لم يتخلص منها منذ‬ ‫كانون الثاني‪/‬يناير ‪.2011‬‬ ‫خضوع حكومة مصر االنتقالية لالبت��زاز‪ ،‬يجعل الغالبية العظمى من‬ ‫املواطن�ين ضحايا مل��ا يتعرض له مجتمعهم من أض��رار بلغت حد تعطيل‬ ‫مجري حياته��م وضيقت عليهم خن��اق يومهم وطمس��ت معالم غدهم‪..‬‬ ‫وحولتهم إلى أس��رى مغلوبني على أمرهم بعد أن س��رقت منهم مكاسب‬ ‫الث��ورة التي قاموا بها‪ ،‬وس��ودت أم��ام أعينهم معالم الفت��رة التي كانوا‬ ‫يتوقعون ان تنير لهم معالم خارطة الطريق التي ارتضوها ألنفسهم‪.‬‬ ‫مل��اذا تنتظر احلكومة املصري��ة من يقدم لها مش��روعا ملبادرات حتدد‬ ‫معالم خارطة الطريق؟ لقد أصبح زمام القيادة بني يديها‪ ..‬فهل تشك في‬ ‫ذل��ك؟ أم ليس لديها الق��درة على القيام به؟ املب��ادرة التي كانت تنتظرها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومجتمعيا‪..‬‬ ‫وأمنيا‬ ‫سياسيا‬ ‫األغلبية تدور كافة بنودها حول هيبة الدولة‬ ‫مبادرة تُ لزم كافة األطراف بالتكاتف معا من أجل مصلحة البالد والعباد‪،‬‬ ‫وهي – أي احلكومة – أول من يعمل على حتقيق بنودها‪ .‬مبادرة ال متيل‬

‫مع الهوى‪ ،‬وال تقتص من اجملهول وال تُ همش إال من شاء أن يقصي نفسه‬ ‫بنفسه‪ ..‬مبادرة توظف طاقات اجملتمع للدفاع عن مصالح أبنائه وحماية‬ ‫ثورتهم والتعاون لوضع خطواتها على الطريق الصحيح‪.‬‬ ‫ه��ذه املب��ادرة كانت الق��وى الوطني��ة احلريصة على غده��ا تتوقع أن‬ ‫تطرحه��ا احلكومة االنتقالية على الش��ارع منذ منتصف اب‪/‬أغس��طس‬ ‫املاضي‪ ،‬لكن التردد واخلش��ية من ردود أفعال املناوئني للثورة املعتدين‬ ‫على قوي الشعب الداعمة لها‪ ،‬أوقع احلكومة في فخ احللقة املفرغة التي‬ ‫أصبح اجملتمع يدور فيها بسبب موجات العنف وإغالق الطرق وامليادين‬ ‫وتعطيل الدراسة‪.‬‬ ‫وماذا كانت النتيجة؟‬ ‫لألس��ف‪ ،‬أك��دت هذه احلال��ة من الس��لبية مب��رور األي��ام أن حكومة‬ ‫الدكتور حازم الببالوي غير قادرة على القيام بالفعل اإليجابي‪ً ،‬‬ ‫فبدال من‬ ‫أن تعمل إلعالء كلمة الش��عب‪ ،‬فتحت اجملال عل��ى مصراعيه للمتالعبني‬ ‫ً‬ ‫فس��ادا بكافة مناحي احلي��اة‪ ..‬فاختلطت األمور‪ ،‬ولم‬ ‫مبصيره أن يعثوا‬ ‫ً‬ ‫قادرا على التفريق بني احلق في التظاهر‪ ،‬ومساوئ‬ ‫يعد املواطن العادي‬ ‫تعطيل الدراس��ة أمام ابنائه‪ ،‬ولم يعد في وس��عه أن ميي��ز بني من يعمل‬ ‫لغ��ده‪ ،‬ومن يب��ذل كل طاقته لوأد حلم مس��يرة الثورة‪ ،‬ول��م يعد يثق في‬ ‫إط��ار الوحدة الوطنية‪ ،‬فكل ما يح��دث امامه يحرمه من االرتكان الى هذا‬ ‫احلائط الذي مينع عنه الوقوع في غيابة جب النزعات الطائفية‪.‬‬ ‫ه��ل ال زال ف��ي الوقت متس��ع أمام حكوم��ة مصر االنتقالي��ة أن تقوم‬ ‫مبسؤولياتها الوطنية؟‬ ‫نعم‪ ،‬وعليها أن توقف سياس��ات الش��جب واالس��تنكار واملواس��اة‪،‬‬ ‫وأن تبدأ ً‬ ‫فورا في وضع نهاي��ة إلخفاقاتها املتتالية‪ ..‬عليها ان تعمل بكل‬ ‫طاقتها كفريق واحد لوضع ح��د للتظاهرات في العاصمة واحملافظات‪..‬‬ ‫ووقف طوفان وقف الدراس��ة في املعاهد والكليات‪ ..‬وأن تبدأ من غد في‬ ‫وضع خطة قصيرة األجل تفتح لها آفاق توظيف طاقات اجملتمع املعطلة‬ ‫لتحقيق مطالب الثورة التي بدأت في يناير ‪ 2011‬ولم تتحقق بعد‪..‬‬ ‫وان لم تعمل ً‬ ‫فورا على صيانة سالمة اجملتمع حيال كل ما تتعرض له‬ ‫م��ن تفتيت وتفريط باتخاذ قرارات تتناس��ب وخطورة األزمات الطاحنة‬ ‫التي تس��تنزف طاق��ات الغالبية العظمى من أبناء ه��ذا الوطن‪ ،‬فلن ترى‬ ‫خارط��ة الطريق النور‪ ،‬ألن س��كونها وس��لبيتها س��يمنحان الفرصة تلو‬ ‫الفرصة لإلرهاب والفوضى ان تتفشى وتتمدد إلى دورة احلياة املصرية‬ ‫ذاتها‪..‬‬ ‫٭ إستشاري اعالمي مقيم في بريطانيا‬

‫االنتقال إلى عالم الالقطبية‬

‫رشا لؤي اجلندي٭‬ ‫الراهن بحقبة انتق�ال العالم من نظام دولي‬ ‫■ ال يذكر املش�هد السياس�ي ّ‬ ‫ثنائ�ي القط�ب إلى نظام تس�تفرد في�ه الواليات املتح�دة األمريكي�ة بالقوة‬ ‫املطلق�ة بلا من�ازع‪ ،‬إال أننا مع ذلك نعي�ش نفس الضجيج ال�ذي رافق ‪ ‬تغيّ ر‬ ‫موازين القوى من حولنا‪ ،‬وحمل معه اعتبارات جديدة‪ ،‬ال تشبه أربعني ً‬ ‫عاما‬ ‫تفاعلت فيها احلروب واأليديولوجيا في الصراع بني املعس�كرين االشتراكي‬ ‫ً‬ ‫انحس�ارا في قدرتها‬ ‫والرأس�مالي‪ ،‬اليوم تش�هد الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫عل�ى الهيمن�ة‪ ،‬إال ّأن ظهور عناصر جديدة إلى الس�طح أدى لنش�وء هيكلية‬ ‫يعد فيها امتالك أهم التكنولوجيا وأقوى األسلحة وأكثرها ً‬ ‫فتكا‬ ‫مستجدة‪ ،‬لم ُ‬ ‫في العالم هو احملدّ د الحتكار القوة‪ ،‬وقد أثبت الرئيس بوش االبن هذا املفهوم‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا‬ ‫بنفس�ه‪ ،‬في حربين أدتا لتكلفة هائلة بالنس�بة للواليات املتح�دة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودبلوماس�يا‪ ،‬لقد اس�تطاعت اجلمهورية اإلسلامية اإليرانية أن‬ ‫ومعنوي�ا‬ ‫تخرب مشروع جورج بوش بإعادة بناء وجه دول الشرق األوسط من دول‬ ‫ّ‬ ‫ديكتاتوري�ة إل�ى دميقراطيات تستنس�خ الرؤية األمريكي�ة بضربة واحدة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اعتمادا على جيوش�ها النظامية وال أنظمتها الصاروخية‬ ‫ل�م تقم إيران بذلك‬ ‫ً‬ ‫اعتمادا على فهمها وخبرتها الطويلة في املنطقة‪،‬‬ ‫املباش�رة‪ ،‬وإمنا قامت بذلك‬ ‫ً‬ ‫إضافة الس�تثمارها مليليشيات محليّ ة غير نظامية‪ ،‬لم ُتهزم الواليات املتحدة‬ ‫ً‬ ‫يعد‬ ‫عس�كريا باملعنى الدقي�ق للكلمة‪ ،‬لكن الفهم املطلق للقطبي�ة الواحدة لم ُ‬ ‫كم�ا كان في الس�ابق‪ ،‬ولم َت ُعد واش�نطن مح�ور صناعة السياس�ات‪ ،‬كما لم‬ ‫مطلقا‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ونفرت سياسة اجلمهوريني اجلافة‬ ‫يَ ُعد االعتماد على اس�تراتيجيتها‬ ‫حلف�اء الواليات املتحدة وش�ركاءها األوروبيني‪ ،‬من�ذ مت إطالق جملة بوش‬ ‫الشهيرة «من ليس معنا فهو ضدنا»‪ .‬اليوم وقد تفاقمت تداعيات هذا التبدل‬ ‫العمي�ق ف�ي العالقات الدولي�ة ما بع�د ‪ 11‬ايلول‪/‬س�بتمبر‪ ،2001‬يبدو وكأن‬ ‫الواليات املتحدة نفسها لم َت ُعد تؤمن بجدوى دورها في العالم‪ ،‬وال ميكن فهم‬ ‫األم�ر بناء على مفردات التركيز على الوضع الداخلي‪ ،‬أو األزمة االقتصادية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫انفصاال‬ ‫على الرغم من أهميتها البالغة‪ ،‬حيث لم تش�هد أمريكا منذ استقاللها‬ ‫ع�ن التأثير في اجملريات السياس�ية الدولية‪ ،‬وقد مت افت�راض مركزيتها في‬ ‫ً‬ ‫اعتمادا‬ ‫صناعة القرار واملبادرة بش�كل كثيف‪ ،‬أدى لتأس�يس مفاهيم دولية‬ ‫على الدور األمريكي وقدرته على فرض التوازن الدولي‪ .‬‬ ‫يؤس�س املش�هد السياس�ي اليوم لعهد جديد يبدو أنه لي�س عاملا متعدد‬ ‫األقط�اب وإمن�ا هو عال�م الالقطبية‪ ،‬فف�ي عالم متع�دد األقطاب‪ ،‬م�ن املمكن‬ ‫ّ‬ ‫لتجنب املآالت الس�لبية‬ ‫تكون رؤى متقاربة إلى حدٍّ ما‬ ‫للدول العظمى فيه أن ّ‬ ‫الناجم�ة ع�ن النزاع�ات بينه�ا‪ّ ،‬‬ ‫لكن أف�ول القوة العظم�ى ترافق م�ع ارتفاع‬

‫ع�دد اجملاهيل ف�ي املعادلة الدولية‪ ،‬ما ادى لتج�اوز دور الدول كقوى مؤثرة‬ ‫تعد‬ ‫وغي�اب الي�د التي ُتمس�ك بخيوط الالعبين وأهدافهم‪ ،‬كما ّأن الق�وة لم ُ‬ ‫محص�ورة بالدول العظمى التقليدي�ة‪ ،‬إال ّأن الالعبين اإلقليميني وإن كانوا‬ ‫خارجني عن منظومة الدول املتقدمة التي حتاول فرض أجنداتها ومصاحلها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أيضا تس�تطيع حتدّ ي القوى الدولية التقليدية ولعب دور جوهري في‬ ‫باتت‬ ‫توجيه الساحة السياسية على هواها‪ ،‬كما تلعب املنظمات الالحكومية‪ ‬دوراً‬ ‫ً‬ ‫محوري�ا ف�ي قدرتها عل�ى التوجي�ه والتأثي�ر في ال�رأي الع�ام وتعامله مع‬ ‫تلمس أجندتها الفعلية‬ ‫املنطق واملفاهيم السياس�ية‪ ،‬التي يعتبر من ّ‬ ‫الصعب ّ‬ ‫أو اجله�ة الت�ي تق�وم بدعمها‪ .‬من جهة أخ�رى ترتفع أهمية دور امليليش�يات‬ ‫املس�لحة أمام اجليوش النظامية‪ ،‬ب�ل إنها تتحداها في الكثي�ر من األحيان‪،‬‬ ‫فمواجه�ات الدول لم َت ُعد مواجهات للجيوش‪ ،‬وإمنا باتت مواجهة باس�لحة‬ ‫ً‬ ‫الرد‪ ،‬كما أنها تخلق‬ ‫وأدوات المتناظرة ُتحدث‬ ‫ارتباكا أكبر في اس�تراتيجية ّ‬ ‫كائنات ش�اذة ال ميكن التحكم بها بعد انتهاء دورها‪ .‬على سبيل املثال دعمت‬ ‫الوالي�ات املتحدة طالبان في أفغانس�تان ملواجهة االمتداد الش�يوعي‪ ،‬ومن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خاصا ب�ه يتناقض حلدّ بعيد‬ ‫مش�روعا‬ ‫ث�م خرج التنظيم من يدها ليؤس�س‬ ‫مع املش�روع األمريكي‪ .‬كما تس�ببت حدّ ة االس�تقطاب الديني في ذلك الوقت‬ ‫يعد لهم مكان في العال�م اجلديد الذي ال‬ ‫بانتش�ار كبير للجهاديني الذي�ن لم ُ‬ ‫ش�يئا‪ ،‬وال يفهمون مل�اذا بات ً‬ ‫ً‬ ‫آمنا فقط ألفول جنم الش�يوعية‪،‬‬ ‫يعرف�ون عنه‬ ‫بالتال�ي انتقل�ت مش�كلة دول الش�رق األوس�ط‪ ،‬وبش�كل خ�اص ال�دول‬ ‫العربي�ة م�ن اس�تراتيجية دول حليفة للوالي�ات املتحدة حت�اول التخلص‬ ‫من األيديولوجيا الش�يوعية وخطر هيمنة االحتاد الس�وفييتي‪ ،‬إلى البحث‬ ‫وحت�ى اآلن عن اس�تراتيجية متكنها م�ن التعامل مع مش�كلة الفكر اجلهادي‬ ‫واحل�د م�ن انتش�اره‪ ،‬أو عل�ى األقل رفع الق�درة عل�ى إدارته‪ ،‬بحي�ث يبقى‬ ‫ّ‬ ‫أداة تأثير فال يخرج عن الس�يطرة‪ ،‬إال ّأن األف�كار القومية واأليديولوجيات‬ ‫احلديث�ة تختل�ف ع�ن األيديولوجيا املس�تقاة من الدي�ن‪ ،‬فاألول�ى تتبناها‬ ‫ال�دول‪ ،‬بينما األخي�رة يتبناها األش�خاص ومن الصعب تبديله�ا الرتباطها‬ ‫بالالملموس واألبد‪ ،‬وخطورة النقاش فيها من حيث ّأن أي نقاش هو ُكفر‪.‬‬ ‫ّان افت�راض انحس�ار الواليات املتح�دة كقوة وحيدة ف�ي العالم ال يعني‬ ‫تعد أقوى دول�ة في العال�م‪ ،‬إال ّأن التوصيف‬ ‫ب�أي حال م�ن األحوال أنها ل�م ُ‬ ‫الدقي�ق له�ذا الق�ول هو تراج�ع قدرته�ا على فرض اس�تراتيجيتها‪ ،‬بس�بب‬ ‫مفاعي�ل اخ�رى بات�ت تس�تطيع التأثير وف�رض حلوله�ا البديل�ة‪ ،‬وتواجه‬ ‫احلص�ة األكبر من نتائ�ج هذه اللحظ�ة التاريخية‪،‬‬ ‫منطقة الش�رق األوس�ط‬ ‫ّ‬

‫‪Volume 25 - Issue 7576 Tuesday 29 October 2013‬‬

‫حاد سيؤدي إلعادة ترتيب املنطقة وإعادة صياغة عقدها‬ ‫متر بانعطاف ّ‬ ‫فهي ّ‬ ‫االجتماع�ي والسياس�ي‪ .‬وفي حالة الغي�اب الراهن�ة للقوة املهيمن�ة تتهدَّ د‬ ‫املنطقة بانكش�افها عل�ى الصراعات اإلقليمية‪ ،‬بحيث ال تس�تقر أي سياس�ة‬ ‫ألي م�ن األجن�دات املتنازع�ة‪ ،‬فإيران ل�ن ُتعيد س�ورية للع�رب‪ ،‬ولن تترك‬ ‫االس�تثمار الطويل الذي وضعته في نظام األس�د أو حزب الله اللبناني‪ .‬كما‬ ‫ّأن اململكة العربية الس�عودية لن تترك العراق للهيمنة اإليرانية‪ ،‬وستستمر‬ ‫بتقويض أي محاولة إلرس�اء دعائمها فيه كدولة تابعة‪ .‬كما لن تس�مح دول‬ ‫ً‬ ‫أيضا إليران بتحريف املشهد البحريني ملصلحتها ومحاولة‬ ‫مجلس التعاون‬ ‫استخدامه كنقطة ضعف في قلب اخلليج العربي‪.‬‬ ‫الي�وم يراه�ن اجلمي�ع ب�كل م�ا لديه�م وال يوج�د اي س�قف أو ح�دّ أعلى‬ ‫للمراهنة في غي�اب مراقب اللعبة‪ ،‬وتغاضي كامي�رات املراقبة عن أي عملية‬ ‫ّ‬ ‫غش أو تدليس قد يقوم بها أحد األطراف لتغيير موازين القوى ملصلحته‪ .‬‬ ‫ال نس�تطيع القول ّان الرئيس باراك أوباما هو وحده املسؤول عن تراجع‬ ‫الدور األمريكي‪ ،‬فال بدّ من االعتراف ّان هذا التراجع هو حتميّ ة تاريخية ال بدّ‬ ‫منها‪ ،‬فاالمبراطوريات تزدهر وتهمني ثم تتراجع بعد أن تس�تنفد نفسها أمام‬ ‫ق�وى صاعدة جدي�دة‪ّ ،‬‬ ‫لكن القوة األمريكية قد تراجعت بأس�رع مما تصوره‬ ‫م�ر حوالى العش�رين‬ ‫كثي�رون‪ ،‬فمن�ذ نهاي�ة احلرب الب�اردة وحت�ى اليوم ّ‬ ‫ً‬ ‫عام�ا فقط‪ ،‬وه�و فترة ضئيلة مقارنة مبا متتلكه الوالي�ات املتحدة األمريكية‬ ‫م�ن مقومات القوة العظمى‪ ،‬كم�ا أنها أفلتت ّ‬ ‫كل خيوط اللعب�ة دفعة واحدة‪،‬‬ ‫فلو كانت حتاول اختراع اس�تراتيجية ّ‬ ‫تخلصها م�ن أعبائها في املنطقة فهي‬ ‫تغامر باس�تقرار بقعة واسعة من العالم قد تؤول للصوملة‪ ،‬أما لو كان هدف‬ ‫ّ‬ ‫التخلي املطلق عن الش�رق وتركه للتآكل‬ ‫السياس�ة األوباموية اجلديدة هو‬ ‫حتت الهيمنة اإليرانية‪ ،‬مقابل تخليها عن برنامجها النووي فهو حساب آخر‬ ‫يعود للعرب وحدهم قرار مواجهته وحتدّ يه‪.‬‬ ‫بالنتيجة ال ميكن للعرب أن يتركوا أراضيهم لتصفية احلسابات أو لتفريغ‬ ‫مير بها العال�م‪ ،‬فقد تركت لنا‬ ‫كل اجلوان�ب الس�لبية عند كل حلظ�ة تاريخية ّ‬ ‫احلرب الب�اردة ديكتاتوريات مغلقة‪ ،‬أدت لتدمي�ر دول كاملة نتيجة آلثارها‬ ‫التخريبي�ة عل�ى بنية اجملتمع والن�اس واألفكار‪ ،‬كما حمل لن�ا عالم القطبية‬ ‫الواح�دة حرب العراق وصع�ود الهيمنة اإليرانية على س�ورية ولبنان‪ ،‬فما‬ ‫الذي سيحمله لنا يا ترى عالم الالقطبية؟‬

‫‪AL-Quds AL-Arabi‬‬

‫٭ باحثة مشاركة في مركز الشرق للبحوث‪ -‬دبي‪ ‬‬

‫األسد ‪ -‬عباس‪..‬‬ ‫صفقة تصفية الوجود‬ ‫الفلسطيني في سورية‬ ‫هشام منور٭‬ ‫■ ال داعي أن يصدع أي زعيم فلس��طيني‬ ‫أو منظم��ة محس��وبة عل��ى كام��ل الش��عب‬ ‫الفلس��طيني ومتثل��ه ف��ي احملاف��ل كاف��ة‪،‬‬ ‫كمنظمة التحرير‪ ،‬رأس��ه أو يزعج من مقيله‬ ‫بخص��وص فلس��طينيي س��ورية‪ ،‬فال��كل‬ ‫يتخلى عن هؤالء البائس�ين‪ ،‬بع��د أن كانوا‬ ‫محط حس��د وغبطة من قب��ل بقية إخوانهم‬ ‫الالجئ�ين الفلس��طينيني‪ ،‬بس��بب م��ا كان‬ ‫ً‬ ‫ممنوحا لهم من الشعب السوري (ال نظامه)‬ ‫من حقوق تس��اويه باملضيف‪ ،‬بل وتفضله‬ ‫في بعض احلاالت‪.‬‬ ‫املفوض العام لوكالة (األونروا)‪ ،‬فيليبي‬ ‫غراندي‪ ،‬كشف عن وضع مأساوي يعيشه‬ ‫الالجئ��ون الفلس��طينيون ف��ي س��ورية‪،‬‬ ‫فنصفه��م ن��زح م��ن اخمليمات في س��ورية‪،‬‬ ‫بعدم��ا باتت «س��احة قت��ال» ب�ين القوات‬ ‫احلكومي��ة واملعارض��ة‪ .‬األون��روا أرس��لت‬ ‫ع��دد ًا م��ن موظفيه��ا الذي��ن بات��وا خب��راء‬ ‫ط��وارئ نتيجة احلروب املتك��ررة في قطاع‬ ‫غ��زة‪ ،‬لتدري��ب موظف��ي الوكال��ة الدولي��ة‬ ‫ف��ي س��ورية‪ ،‬ألن هؤالء ل��م يس��بق لهم أن‬ ‫عاش��وا في ظروف معارك كالتي تش��هدها‬ ‫ً‬ ‫حاليا‪.‬‬ ‫مخيماتهم‬ ‫غران��دي أوض��ح أن الفلس��طينيني ف��ي‬ ‫سورية عاش��وا في اس��تقرار لوقت طويل‪.‬‬ ‫فقد كان��وا موضع ترحيب من��ذ ‪ .1949‬وقد‬ ‫عمل��ت األونروا هن��اك بطريقة جي��دة‪ ،‬غير‬ ‫ً‬ ‫ش��يئا ل��م يحصل ف��ي البداي��ة خمليمات‬ ‫أن‬ ‫الفلس��طينيني الت��ي تتوزع عل��ى ‪ 12‬موقعا‪ً.‬‬ ‫ولك��ن‪ ،‬م��ع نهاي��ة ع��ام ‪ 2012‬ب��دأ الصراع‬ ‫يش��مل هذه املواقع أكثر فأكث��ر‪ ،‬واآلن ‪ 7‬أو‬ ‫‪ 8‬مواق��ع (م��ن بني اخمليم��ات ال��ـ‪ )12‬باتت‬ ‫ساحة قتال‪ :‬املعارضة في وسطها والقوات‬ ‫احلكومية من حوله��ا‪ .‬معظم الناس هـــناك‬ ‫يحاولون الفرار‪ .‬ومبا أن األنروا ال تستطيع‬ ‫الوص��ول إلى ه��ذه املواقع بس��بب القتال‪،‬‬ ‫فإن��ه ال يعرف حتدي��د ًا عدد الفلس��طينيني‬ ‫الذي��ن غ��ادروا املن��ازل بالضب��ط‪ ،‬ولكنهم‬ ‫يق��درون بنص��ف الس��كان‪ .‬ف��إذا كان عدد‬ ‫الفلسطينيني املسجلني في سورية ‪ 540‬ألف‬ ‫ش��خص‪ ،‬فهذا يعني أن نصفهم ‪ً 270 -‬‬ ‫ألفا‬ ‫ نزح من مكانه‪ .‬وم��ن بني هؤالء قرابة ‪70‬‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫كلي��ا ليصبحوا الجئني‬ ‫ألفا غادروا س��ورية‬ ‫للم��رة الثاني��ة‪ ،‬بعدم��ا كانوا يعيش��ون في‬ ‫سورية كالجئني‪ .‬معظم هؤالء ‪ -‬حوالي ‪50‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫س��هال‬ ‫ألفا ‪ -‬ذهب إلى لبنان وهو بلد ليس‬ ‫ً‬ ‫أصال على الفلسطينيني‪.‬‬ ‫وم��ع تفاق��م األوض��اع اإلنس��انية‬ ‫للفلس��طينيني الهاربني من س��ورية‪ ،‬كشف‬ ‫موق��ع «ديبكا» االس��تخباري اإلس��رائيلي‪،‬‬ ‫أن رئي��س الس��لطة محم��ود عب��اس وق��ع‬ ‫اتفاقا س��ريا للتعاون مع الرئيس الس��وري‬ ‫بشار األس��د‪ ،‬يقضي مبنع الفلسطينيني من‬ ‫التدخل في ش��ؤون س��ورية واملشاركة في‬ ‫احل��رب إلى جانب املعارضة املس��لحة التي‬ ‫تقات��ل ض��د اجلي��ش الس��وري‪ .‬اخملابرات‬ ‫اإلسرائيلية رصدت االتفاق الذي مت توقيعه‬ ‫الش��هر املاضي‪ ،‬وجاء فيه أن الفلسطينيني‬ ‫املوجودين في س��ورية س��يلقون أسلحتهم‬ ‫ول��ن يتدخلوا ف��ي الص��راع الدائ��ر حاليا‪،‬‬ ‫ولن ينح��ازوا إل��ى املعارضة ض��د اجليش‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫ومت االتفاق بوس��اطة أردنية‪ ،‬حيث وقع‬ ‫الرئي��س األس��د عل��ى مذك��رة التفاه��م في‬ ‫‪ 22‬تش��رين االول‪/‬أكتوب��ر املاضي‪ ،‬ونقلت‬ ‫مس��اء إلى األردن ليرس��لها‬ ‫في نفس اليوم‬ ‫ً‬ ‫رئيس الوزراء األردني عبد الله النس��ور مع‬ ‫مبعوث ش��خصي إلى رام الل��ه ليوقع عليها‬ ‫الرئيس الفلسطيني محمود عباس‪.‬‬ ‫وجاء االتفاق وفقا للجهود الدبلوماسية‬ ‫التي بذلتها روسيا طوال الفترة املاضية من‬ ‫أجل تهيئ��ة األوضاع لنج��اح مؤمتر جنيف‬ ‫‪ ،2‬الذي سيعقد ‪ 23‬تش��رين الثاني‪/‬نوفمبر‬ ‫القادم لبحث األزمة السورية‪ ،‬وبذلك يصبح‬ ‫عب��اس أول رئي��س عرب��ي يوقع مث��ل هذا‬ ‫االتفاق ويس��اند بش��ار الس��د ف��ي احلرب‬ ‫الدائ��رة من��ذ ما يزي��د على عام�ين ونصف‬ ‫العام‪.‬‬ ‫االتفاق املسرب من قبل املوقع اإلسرائيلي‬ ‫قد يكون للضغط عل��ى عباس وتقدمي مزيد‬ ‫م��ن التن��ازالت ف��ي مل��ف التف��اوض‪ ،‬لكن‬ ‫تركيبة الس��لطة ومعها املسؤولون عن ملف‬ ‫الالجئ�ين في منظمة التحرير الفلس��طينية‪،‬‬ ‫الذي��ن ال ه��م لهم س��وى اس��تغالل معاناة‬ ‫فلسطينيي سورية والتكسب من ورائها‪ ،‬لم‬ ‫يعنهم على س��بيل املثال أن تطلق السلطات‬ ‫الس��ورية أربعة معتقالت فلس��طينيات من‬ ‫بني عش��رات املعتق�لات اللوات��ي مت إطالق‬ ‫س��راحن أخير ًا‪ ،‬ضمن صفقة إطالق سراح‬ ‫لبناني��ي إع��زاز‪ ،‬إذ نش��ر املرك��ز اإلعالمي‬ ‫الس��وري‪ ،‬وه��و تنس��يقية إعالمي��ة تابعة‬ ‫للمعارض��ة الس��ورية‪ ،‬أس��ماء ‪ 48‬معتقلة‪،‬‬ ‫بينه��م ‪ 44‬س��ورية و‪ 4‬فلس��طينيات أف��رج‬ ‫عنه��م النظ��ام الس��وري ف��ي إط��ار صفقة‬ ‫اإلفراج عن اللبنانيني التس��عة‪ ،‬الذين كانوا‬ ‫مختطفني في اعزاز السورية مقابل اإلفراج‬ ‫عن طيارين تركيني خطفا باملقابل في لبنان‪،‬‬ ‫بل إن الس��لطة لم تعد تكلف نفسها مؤخر ًا‬ ‫إال بزي��ارة دمش��ق والتوس��ط ب�ين النظام‬ ‫الس��وري ومعارضي��ه م��ن ال��دول العربية‬ ‫بحكم عالقتها اجليدة مع النظام الس��وري‪،‬‬ ‫رغم م��ا يرتكب في ح��ق الفلس��طينيني من‬ ‫جرائم وأه��وال‪ ...‬ولنا بعد ذلك أن نس��أل‪:‬‬ ‫من فوض الس��لطة في رام الله أن تس��اوم‬ ‫عل��ى حلوم فلس��طينيي س��ورية ف��ي مزاد‬ ‫النخاسة السياسي؟‬ ‫٭ كاتب وباحث فلسطيني‬

‫م‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫مت‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬

‫م‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫جن‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ا‬

‫ع‬ ‫مت‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ب‬

‫ا‬

‫و‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬

‫م‬ ‫و‬

‫ل‬ ‫ح‬ ‫ا‬

‫م‬

‫ت‬

‫ش‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫ا‬

‫و‬

‫م‬

‫م‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ب‬

‫س‬ ‫م‬

‫ق‬ ‫س‬

‫ف‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫‪0‬‬

‫ا‬ ‫ا‬ ‫إ‬

‫ا‬

‫ل‬

‫م‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ف‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.