Souriatna 168

Page 1

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫حلب املحررة ّ‬ ‫توثق �أحوالها ال�شخ�صية بدائرة �سجل مدين بديلة‬ ‫حلب – عمر عرب‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫لم يجد القاطنون في المناطق الخارجة عن س��يطرة النظام في حلب‬ ‫س��بي ً‬ ‫ال إلى تس��يير أمورهم القانونية وش��ؤون األحوال الشخصية إال‬ ‫في إنشاء دائرة للس��جل المدني‪ ،‬تمارس عمل دوائر النفوس التابعة‬ ‫للنظام المتوقفة عن العمل منذ أكثر من عامين في مناطق س��يطرة‬ ‫المعارضة بحلب‪.‬‬ ‫الدائ��رة التي افتتحت في ‪ 22‬من حزي��ران ‪ 2013‬تعمل بكوادر مؤهلة‬ ‫بينه��م حقوقي��ون‪ ،‬وخريج��ي المعاه��د وبع��ض الط�لاب الجامعيين‬ ‫المنقطعي��ن عن الدراس��ة‪ ،‬وقال رئيس الش��عبة الثانية ف��ي الدائرة‬ ‫المحامي محمود الجاس��م لـ س��وريتنا ‪" :‬إن الدائرة تصدر بيانات القيد‬ ‫الفردي��ة والعائلية وبيان��ات الوالدة والوفاة‪ ،‬كما تص��در بيانات الزواج‬ ‫والطالق والبطاقات العائلية"‪ ،‬ويضيف‪ :‬نتعاون في عملنا مع المحاكم‬ ‫والهيئ��ة الش��رعية‪ ،‬وال يوج��د لدينا في الوق��ت الحالي قاع��دة بيانات‬ ‫إلكترونية أو ورقية نعتمد عليها‪.‬‬ ‫وأكد الجاس��م أن جميع "الجهات الثورية" تعترف بالوثائق الصادرة عن‬ ‫السجل المدني‪ ،‬سواء كانت هيئات إغاثية‪ ،‬أو فصائل عسكرية‪ ،‬إضافة‬ ‫إل��ى الجهات المدني��ة كالمجال��س المحلية لألحياء ومجلس��ي المدينة‬ ‫والمحافظة‪ ،‬ولفت الجاسم إلى نقص المعدات التي تسهّل العمل في‬ ‫الدائرة‪ ،‬كالحواسيب والطابعات ومولدات الكهرباء وشبكة األنترنت‪.‬‬ ‫ب��دوره‪ ،‬قال أحد مراجعي الدائرة لـ س��وريتنا‪" :‬يلزمن��ا بعض األوراق‬ ‫الثبوتي��ة للحصول على اإلغاثة‪ ،‬وال نس��تطيع الحص��ول عليها إال من‬ ‫دائرة الس��جل المدني‪ ،‬وبإم��كان أي مراجع هنا أن يلمس فرق معاملة‬ ‫الموظفين للمواطنين‪ ،‬عن مثيلتها لدى مؤسسات النظام‪.‬‬ ‫وم��ن جهته��ا قص��دت أم عب��د اهلل الدائرة الس��تصدار أوراق تس��هّل‬ ‫حصولها على الحليب لطفلها‪ ،‬وقالت لـ س��وريتنا‪" :‬جئت للحصول على‬ ‫بي��ان والدة‪ ،‬وبيان عائل��ي‪ ،‬وهي األوراق المطلوبة ف��ي مراكز توزيع‬ ‫حليب األطفال لدى إحدى مؤسسات اإلغاثة‪".‬‬ ‫وتعتب��ر تجرب��ة دائ��رة الس��جل المدن��ي بحلب ف��ي مناطق س��يطرة‬ ‫المعارضة األولى من نوعها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام‪،‬‬ ‫ف��ي وقت بات في��ه الحصول على الوثائق الش��خصية من مؤسس��ات‬ ‫النظام أمراً شبه مستحيل بالنسبة للقاطنين في تلك المناطق‪.‬‬

‫عدسة عمر عرب‬

‫في األثناء قالت مواقع إلكترونية س��ورية إن تنظيم دولة اإلسالم في‬ ‫العراق و الش��ام أقدم على مصادرة كل الس��جالت المدنية في مدينة‬ ‫الباب بريف حلب‪ ،‬و ألقاها في مكب للنفايات بعد س��جاالت مع األهالي‬ ‫و الهيئ��ة الش��رعية و أعضاء المجل��س المدني قبل أن يع��ود لجمعها‬ ‫واالحتفاظ بها في مكان قال إنه آمن‪.‬‬

‫�إعدام البزال يقتل ع�شرة �سوريني ويجرح ت�سعة يف لبنان‬ ‫لقي عش��رة الجئين سوريين في‬ ‫لبن��ان على األق��ل مصرعهم إثر‬ ‫هجوم ش��نه مس��لحون لبنانيون‬ ‫مجهول��ي الهوي��ة فج��ر الس��بت‬ ‫على مخيماتهم بعد س��اعات من‬ ‫إع�لان جبه��ة النص��رة إعدامه��ا‬ ‫للجن��دي اللبناني المخطوف علي‬ ‫البزال‪ ،‬فيما س��جل اختطاف أكثر‬ ‫م��ن أربعين س��وريا ف��ي مناطق‬ ‫متفرقة من البالد‪.‬‬ ‫ونقل��ت مجموع��ة «مراس��ل‬ ‫س��وري» اإلخبارية أن مس��حلين‬ ‫قاموا بإطالق الن��ار في مخيمات‬ ‫رأس بعلبك وقتلوا الطفل محمد‬ ‫حاميش ‪ 7‬سنوات‪ ،‬والطفلة هدي‬ ‫حمود ‪ 11‬سنة والشاب عمار ريحاوي ‪ 26‬سنة‪.‬‬ ‫وقال��ت المجموع��ة في خب��ر له��ا إن ملثمين‬ ‫ألقوا قنبل��ة يدوية على مخيمات الس��وريين‬ ‫ف��ي بعلبك مما أدى إلى مقتل كل من س��عاد‬ ‫شعراوي ‪ 34‬سنة مع طفلتها روان الحمصي‪٫‬‬ ‫كما س��قط الش��اب مهن��د الخالدي ‪ 21‬س��نة‪،‬‬ ‫وأصيب تسعة بجروح‪.‬‬ ‫إل��ى ذلك قض��ى يام��ن البكري ‪ 23‬س��نة مع‬

‫الطفل عمر الخالدي ‪ 13‬س��نة بعد تعرضهما‬ ‫للطع��ن من قب��ل ملثمي��ن مجهولي��ن‪ ،‬فيما‬ ‫س��جل اختط��اف أربعة س��وريين م��ن عائلة‬ ‫واحدة «بحبوح» في رأس بعلبك‪.‬‬ ‫كذل��ك قض��ت ايمان الهاش��مي ‪ 20‬س��نة مع‬ ‫أخيها محمد الهاش��مي وجرح خمسة في ذات‬ ‫المخيم بعد اطالق نار من قبل مجهولين‪.‬‬ ‫ف��ي المقاب��ل ل��م تؤك��د أي مصادر رس��مية‬ ‫س��ورية أو لبناني��ة أنب��اء مماثل��ة‪ ،‬فيما قالت‬

‫مص��ادر لبناني��ة وعق��ب إع��دام‬ ‫الجندي الب��زال أن أهال��ي بلدته‬ ‫البزالي��ة قطعوا الطرق وفتش��وا‬ ‫الس��يارات‪ ،‬وتحدث��ت وكال��ة‬ ‫الصحافة الفرنس��ية عن تعرض‬ ‫مواطنين س��نة للخطف‪ ،‬وس��ارع‬ ‫الجي��ش اللبنان��ي لالنتش��ار‬ ‫بالمنطقة‪.‬‬ ‫بدورها ذكرت ش��بكة الجزيرة أن‬ ‫بيانًا نش��ر على اإلنترنت ونس��ب‬ ‫إل��ى أهال��ي الب��زال طالب��وا فيه‬ ‫بإعدام من سموهم «اإلرهابيين‬ ‫الذي��ن يقطن��ون ف��ي س��جن‬ ‫رومي��ة»‪ ،‬كم��ا طالب��وا باعتق��ال‬ ‫بع��ض الش��خصيات الس��ورية‪،‬‬ ‫واعتبروا أن السوريين في عرسال إرهابيين‪،‬‬ ‫وأن��ه ل��ن يس��مح ألي جه��ة محلي��ة أو دولية‬ ‫بالوصول إلى عرسال لمساعدتهم‪.‬‬ ‫يذك��ر إن االعت��داء على الالجئين الس��وريين‬ ‫في لبنان يس��تمر منذ عدة أش��هر س��واء في‬ ‫المخيم��ات أو الم��دن اللبناني��ة‪ ،‬فيم��ا يته��م‬ ‫ناش��طون وسياس��يون جهات مقربة أو تابعة‬ ‫لحزب اهلل بالتورط في هذه الممارسات‪.‬‬


‫االئتالف يتوافق على دعم ت�شكيلة احلكومة‬ ‫الثانية‪ ،‬وطعمة يجتمع بها قبل نيلها الثقة‬

‫الطالب ال�سوري يف م�صر ينال‬ ‫معاملة الطالب امل�صري من جديد‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫عام على غياب رزان زيتونة ورفاقها‪،‬‬ ‫ونا�شطون يطلقون حملة "من �أجل دوما"‬

‫لوح��ات غرافيت��ي تحم��ل ص��ور النش��طاء‬ ‫وتطالب بحريتهم‪.‬‬ ‫وكان��ت الكتائ��ب المقاتلة ف��ي مدينة دوما‬ ‫بش��قيها‪ ،‬الجيش الحر والكتائب اإلسالمية‬ ‫أعلن��ت مراراً أنه��ا أجرت تحقيق��ات مكثفة‬ ‫للبحث عن المختطفي��ن ولكن دون جدوى‪،‬‬ ‫بينما ط��ال جيش اإلس�لام التاب��ع للجبهة‬ ‫اإلسالمية وهو الفصيل األكبر في الغوطة‬ ‫الش��رقية‪ ،‬اتهامات باختطاف النشطاء لكن‬ ‫األخي��ر نف��ى التهم��ة عنه وتعه��د بمتابعة‬ ‫البحث عن المختطفين‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫أعاد عدد من النشطاء الثوريين والحقوقين‬ ‫اط�لاق حمل��ة «‪ »Douma4#‬للمطالب��ة‬ ‫والتذكي��ر بالناش��طين المحتطفي��ن ف��ي‬ ‫مدينة دوما منذ حوالي عام‪.‬‬ ‫وكان الناش��طون رزان زيتون��ة وس��ميرة‬ ‫خليل ووائل حمادة وناظم حمادي اختطفوا‬ ‫في الليلة التاس��عة من ش��هر كانون األول‬ ‫‪ ،2014‬في مدينة دوما بالغوطة الش��رقية‬ ‫المحررة ولم يعرف مصيرهم حتى اليوم‪.‬‬ ‫وتطال��ب الحمل��ة بالضغ��ط عل��ى الكتائب‬ ‫المس��لحة الت��ي تس��يطر عل��ى الغوط��ة‬ ‫الش��رقية م��ن أج��ل الكش��ف ع��ن مصير‬ ‫المختطفي��ن واط�لاق س��راحهم ف��وراً‪،‬‬ ‫وس��تعمد الحمل��ة إل��ى جم��ع تواقي��ع م��ن‬ ‫مؤسس��ات وأشخاص ينش��طون في مجال‬ ‫حق��وق االنس��ان في جمي��ع أنح��اء العالم‪،‬‬ ‫إضاف��ة إل��ى تنظي��م وقف��ات واعتصامات‬ ‫تضامن�� ًا م��ع المختطفي��ن‪ ،‬وحملة لرس��م‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫توصلت كت��ل االئتالف الوطن��ي لقوى الثورة‬ ‫والمعارض��ة الس��ورية إلى اتف��اق على دعم‬ ‫حكوم��ة أحم��د طعم��ة الجدي��دة‪ ،‬وذل��ك في‬ ‫أعقاب خالف��ات وتهديدات باالس��تقالة دفعت‬ ‫بهادي البحرة رئيس االئتالف إلى إصدار قرار‬ ‫ألغ��ى بموجبه نتائج التصويت على تش��كيلة‬ ‫حكومة طعمة الثانية وسط مقاطعة خمسين‬ ‫عضو من االئتالف لالنتخابات‪.‬‬ ‫وكش��ف مصدر مطلع لس��وريتنا "إن االتفاق‬ ‫عل��ى دعم حكومة طعمة قد ت��م بالفعل‪ ،‬إال‬ ‫أن ذلك لم يتم إعالنه رسمياً"‪.‬‬ ‫وأضاف المصدر "أن طعمة يس��عى في الوقت‬ ‫الحال��ي إلى ترطي��ب األجواء م��ع الكتل التي‬ ‫امتنع��ت عن التصوي��ت له‪ ،‬وذل��ك من خالل‬ ‫ترش��يح وزراء ع��ن الحقائ��ب الش��اغرة بم��ا‬ ‫يرضي تل��ك الكتل‪ ،‬وفي هذا الس��ياق نصت‬ ‫بن��ود اتفاق االئت�لاف على اس��تكمال طعمة‬ ‫حكومت��ه بترش��يح نائ��ب ل��ه ووزراء المالية‬

‫والطاقة والعدل والثقافة"‪.‬‬ ‫االتفاق دعا أيضًا إلى تشكيل لجنتين‪ ،‬األولى‬ ‫فني��ة مس��تقلة ومهمته��ا صياغ��ة األنظم��ة‬ ‫والقواني��ن الت��ي تح��دد عالق��ة االئتالف من‬ ‫جه��ة‪ ،‬والحكومة الس��ورية المؤقت��ة‪ ،‬ووحدة‬ ‫تنس��يق الدع��م‪ ،‬والقي��ادة العس��كرية العليا‬ ‫م��ن جهة أخرى‪ ،‬في حين تهتم اللجنة الثانية‬ ‫المؤلف��ة م��ن س��بعة أعض��اء ممثلي��ن لكتل‬ ‫االئت�لاف بإع��ادة هيكلة المجلس العس��كري‬ ‫األعلى والنظر في عضوية أعضائه خالل ‪30‬‬ ‫يوم‪ ،‬على أن تكون قرارات تلك اللجنة ملزمة‬ ‫لالئتالف‪.‬‬ ‫يش��ار إل��ى أن رئي��س الحكوم��ة الس��ورية‬ ‫المؤقت��ة أحمد طعمة اجتمع ب��وزراء حكومتة‬ ‫الجديدة يوم الخمي��س الفائت اجتماع تعارف‬ ‫غي��ب عن��ه وزراء المالي��ة والثقاف��ة والطاقة‬ ‫والع��دل غير المنتخبين بع��د‪ ،‬وذلك قبل نيل‬ ‫تلك الحكومة الثقة رسميًا من االئتالف‪.‬‬

‫قرر المجلس األعلى للجامعات في مصر‬ ‫معامل��ة الطال��ب الجامعي الس��وري في‬ ‫مصر بمث��ل معاملة الطالب المصري من‬ ‫حيث س��داد الرس��وم والمصروفات للعام‬ ‫الدراس��ي ‪ 2015 - 2014‬وذلك بعد أكثر‬ ‫من ع��ام على إلغ��اء القرار نفس��ه الذي‬ ‫أصدره الرئيس السابق محمد مرسي‪.‬‬ ‫ونش��ر رئي��س االئت�لاف الوطن��ي لقوى‬ ‫الثورة والمعارضة السورية هادي البحرة‬ ‫عب��ر صفحت��ه عل��ى فيس��بوك ص��ورة‬ ‫ع��ن الق��رار الذي تضمن ف��ي بنده األول‬ ‫الموافق��ة على تحويل الط�لاب العائدين‬ ‫م��ن س��وريا والذي��ن كان��وا مقيدين في‬ ‫الجامعات الس��ورية إلى الكليات المناظرة‬ ‫بالجامعات الحكومية المصرية‪.‬‬ ‫واش��ترط البن��د الثاني أن يك��ون الطالب‬ ‫ناجح�� ًا ومنقو ً‬ ‫ال لفرقة أعل��ى من الفرقة‬ ‫اإلع��دادي أو الفرقة األولى بالكليات التي‬ ‫ليس بها فرقة إعدادي في الكلية المحول‬ ‫منها‪.‬‬ ‫وأوضح البند الثالث من القرار أن الطالب‬ ‫السوري المحول إلى الكلية المناظرة في‬ ‫الع��ام الدراس��ي ‪ 2015 - 2014‬يعام��ل‬ ‫بنفس معاملة الطالب المصري من حيث‬ ‫الرس��وم والمصروف��ات الدراس��ية وذلك‬ ‫لط�لاب المرحلة الجامعي��ة األولى فقط‪،‬‬ ‫دون التعليم المفتوح والدراسات العليا‪.‬‬ ‫في حين أك��د البند الرابع على اس��تمرار‬ ‫معامل��ة الطال��ب الس��وري الملتح��ق‬ ‫بالجامع��ات الحكومي��ة المصري��ة ف��ي‬ ‫األعوام الدراسية ‪ 2014 - 2013‬و ‪2014‬‬ ‫ ‪ 2015‬بنق��س معاملة الطالب المصري‬‫حت��ى تخرج��ه‪ ،‬وذل��ك لط�لاب المرحل��ة‬ ‫الجامعية األولى فقط‪.‬‬ ‫كما نش��ر البحرة عبر صفحت��ه الحقاً أنه‬ ‫قد تم��ت الموافق��ة على منح في��ز زيارة‬ ‫عبر الس��فارات المصرية للسوريين ممن‬ ‫لهم أس��رة مقيمة ف��ي مصر (باس��تثناء‬ ‫إقام��ة اللج��وء)‪ ،‬وبعد التأكد م��ن بياناته‬ ‫ومعلومات��ه يمن��ح الفي��زا‪ .‬وذك��ر البحرة‬ ‫أن المس��اعي مس��تمرة إليج��اد حل��ول‬ ‫بخصوص من يحمل إقامة اللجوء‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫عبقري البيانو ال�سوري "تامبي" تكر ّمه تركيا بجن�سيتها‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫قررت الحكومة التركية منح الس��وري‬ ‫تامب��ي أس��عد جام��وق أس��عد (‪16‬‬ ‫عام ًا) الجنس��ية التركية بعد اكتش��اف‬ ‫موهبت��ه الفري��دة ف��ي الع��زف عل��ى‬ ‫البيان��و‪ ،‬ليتمكن م��ن تمثيل تركيا في‬ ‫مس��ابقة ‪Crescendo International‬‬ ‫‪ Competitions‬ف��ي الواليات المتحدة‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫تامبي الذي لجأ برفقة أهله إلى مدينة‬ ‫بورصة التركية قادمًا من دمش��ق‪ ،‬بدأ‬ ‫بتلقي دروس العزف على آلتي البيانو‬ ‫واألروغ ف��ي تل��ك المدينة‪ ،‬وأثب��ت جدارته‬ ‫وموهبت��ه التي مكنته خالل ع��ام واحد من‬ ‫الوص��ول إلى مس��توى طالب تدرب��وا ألكثر‬ ‫من عشرة أعوام‪.‬‬ ‫وس��عياً لتحقيق هدف تامب��ي في الحصول‬ ‫على درجة عالمية وعلى حق االنضمام إلى‬ ‫المعهد األميركي‪ ،‬شرعت مدرّسته بالبحث‬ ‫عن مسابقات ومهرجانات موسيقية عالمية‬ ‫لعازفي البيانو‪ ،‬فاشترك بمسابقة ‪Planeta‬‬

‫‪ Talantov‬في موس��كو حي��ث حصل تامبي‬ ‫على العالم��ة التامة‪ ،‬وف��از بالجائزة األولى‬ ‫م��ن مس��توى ‪ ،Grand Prix‬متفوق��ا عل��ى‬ ‫منافس��يه الذين يعزف��ون على آل��ة البيانو‬ ‫منذ عش��ر إلى خمسة عش��ر عاماً‪ ،‬ووصفته‬ ‫البروفس��ورة من لجن��ة التحكيم في جامعة‬ ‫موسكو بالعبقري الموسيقي‪.‬‬ ‫وحس��ب موقع "ترك ب��رس" تق��دّم تامبي‬ ‫بعد اش��تراكه في مس��ابقة موسكو بطلب‬ ‫لالش��تراك ف��ي مس��ابقة ‪Crescendo‬‬

‫‪ International Competitions‬ف��ي‬ ‫الوالي��ات المتح��دة األمريكي��ة بتاريخ‬ ‫‪ 1‬تش��رين الثان��ي ‪ ،2014‬وم��ن ث��م‬ ‫في بلغاريا وإيطالي��ا‪ ،‬لكنه يحتاج إلى‬ ‫الدع��م الم��ادي لالش��تراك ف��ي ه��ذه‬ ‫المسابقة وغيرها‪.‬‬ ‫لذل��ك تقدّم رئي��س أكاديمية الفنون‬ ‫الجميل��ة أكاديميك��س "رس��تم افجة"‬ ‫والمدرّس��ة "إلين��ا يودينا تش��يكيش"‬ ‫بطلب للدع��م من نائب رئيس الوزراء‬ ‫بولن��ت أرنت��ش بع��د لقائ��ه‪ ،‬وأوضحا‬ ‫ل��ه أنهم��ا يس��عيان لمس��اعدة ه��ذا الفتى‬ ‫الموه��وب ليك��ون فنان��ا عالمي��ا‪ ،‬ولتحقيق‬ ‫ذل��ك علي��ه أن يتلق��ى تعليم��ا ف��ي المعهد‬ ‫الموس��يقي في نيويورك وعليه أن يشترك‬ ‫بمسابقات عالمية خالل عامين‪ ،‬وهذا يحتاج‬ ‫إلى دع��م بمبلغ ‪ 50‬أل��ف دوالر‪ ،‬كما طالبوا‬ ‫بمنحه الجنس��ية التركية لتس��هيل س��فره‪،‬‬ ‫وذك��روا أنهم يريدون أن يمثل تامبي تركيا‬ ‫في المسابقات العالمية‪.‬‬

‫احل�سكة تعاين العط�ش‪ ،‬و�أكرب م�شاريع تغذية املحافظة باملياه متوقف‬

‫الحسكة ‪ -‬عدنان أبو كنان‬

‫تعان��ي مدينة الحس��كة‪ ،‬من ش��ح ف��ي مياه‬ ‫الشرب‪ ،‬اذ تعتمد بش��كل رئيسي على المياه‬ ‫المخزنة في بحيرة الس��د الجنوبي والغربي‪،‬‬ ‫ال��ذي كان يعتم��د بش��كل كبير عل��ى جريان‬ ‫نه��ر الخابور‪ ،‬ومي��اه األمطار الت��ي ترفع من‬ ‫منسوبه خالل فصل الشتاء‪.‬‬ ‫وف��ي اآلون��ة االخي��رة دخل��ت ع��دة آب��ار حيز‬ ‫الخدمة‪ ،‬ت��م تجهيزها في ري��ف مدينة راس‬ ‫العي��ن على س��رير نهر الخاب��ور‪ ،‬والتي يقدر‬ ‫عدده��ا ب��ـ ‪ 30‬بئ��ر‪ ،‬لتغذي��ة المدين��ة بمياه‬ ‫الش��رب‪ ،‬إال أن المع��ارك الدائ��رة في منطقة‬ ‫رأس العي��ن بي��ن تنظيم "الدولة اإلس�لامية‬ ‫و"وح��دات الحماية الش��عبية ‪ ،"YPG‬زادت في‬ ‫تأزي��م الحال��ة‪ ،‬حيث عاش��ت المحافظ��ة أيام‬ ‫طويلة من انقطاع المياه‪ ،‬نتيجة الضرر الكبير‬ ‫الذي لحق بمحطات الضخ‪ ،‬إضافة عن السرقة‬ ‫واالنقطاع الدائم في التيار الكهربائي‪.‬‬ ‫ويته��م عدي��د من الناش��طين في الحس��كة‪،‬‬ ‫النظ��ام باالتف��اق م��ع ال��ـ"‪ "PYD‬م��ن خالل‬ ‫تس��ليمهم مص��ادر المي��اه ف��ي الحس��كة‪،‬‬ ‫والتحكم فيها ويس��تدلون على ذلك بتسليم‬ ‫النظ��ام مؤسس��ة المياه في مدينة الحس��كة‬ ‫الت��ي الزال النظام يديرها‪ ،‬إلى عناصر تابعة‬ ‫ل��ـ"‪ "PYD‬باإلضاف��ة إلى تس��ليم اآلبار التي‬ ‫تغ��ذي المحافظ��ة بمياه الش��رب ف��ي مدينة‬ ‫راس العي��ن ش��مال س��وريا‪ ،‬ومحط��ات مياه‬ ‫شرب مدينة القامشلي‪.‬‬ ‫يق��ول أبو حمي��د من أهالي مدينة الحس��كة‬ ‫" نعي��ش معاناة يومية لتأمين مياه الش��رب‪،‬‬ ‫منذ ثالث س��نوات وفي بعض األحيان تنقطع‬ ‫المياه عنا ألكثر من أسبوع"‪.‬‬ ‫ويضيف " نس��ينا ش��يء اس��مه "حنفية" فلم‬ ‫نعد نس��تخدمها‪ ،‬خوفاً من هدر المياه‪ ،‬ولجأنا‬ ‫إلى تخزين المياه في براميل تختلف س��عتها‬ ‫بحسب حاجة كل عائلة وعدد أفرادها"‬ ‫ويش��ير أب��و حميد "ت��زداد المعان��اة أكثر في‬ ‫فصل الصيف‪ ،‬ففي كثير من األحيان نضطر‬ ‫إلى الس��هر ط��وال الليل لنتمكن م��ن تعبئة‬

‫المياه في الخزانات‪ ،‬وفي حال غفلنا عن ذلك‬ ‫فهذا يعني االنتظار ألسبوع إضافي بال مياه"‪.‬‬ ‫أدى ه��ذا االنقط��اع ش��به الدائ��م للمياه في‬ ‫الحس��كة إلى ظاهرة ش��راء المياه عن طريق‬ ‫أصحاب الصهاريج‪ ،‬والتي انتش��رت وانتعشت‬ ‫في ظل م��ا تعانيه المدينة من أزمة في مياه‬ ‫الشرب‪.‬‬ ‫يقول أبو ليث ‪ 46‬عام ًا " في وقت من األوقات‬ ‫كنت اش��تري ‪ 5‬براميل من مياه الشرب بمبلغ‬ ‫"‪ "1500‬لي��رة كل يوم‪ ،‬اذ وصلت مدة انقطاع‬ ‫المي��اه عن الحي الذي اس��كنه إل��ى أكثر من‬ ‫ش��هر‪ ،‬واس��تمرت ه��ذه الحالة ط��وال فصل‬ ‫الصيف‪ ،‬كلما تجدد االنقطاع"‪.‬‬ ‫ويش��ير أبو لي��ث إلى تراجع طفي��ف في أزمة‬ ‫المياه في األش��هر القليلة حيث استقر موعد‬ ‫الضخ وبش��كل ش��به منتظم عند ال��ـ ‪ 4‬أيام‬ ‫لكل ح��ي‪ ،‬نقوم بترش��يد صرفن��ا للمياه بما‬ ‫يتناسب مع هذا الموعد‪.‬‬ ‫وكان النظ��ام ش��رع ف��ي ش��هر آذار من عام‬ ‫‪ ،2011‬بإقامة مشروع جر مياه نهر دجلة في‬ ‫قرية عي��ن ديوار التابعة لمدينة المالكية في‬ ‫أقصى الش��مال الش��رقي من س��وريا‪ ،‬والذي‬

‫كان يهدف إلى تأمين مياه الش��رب لمحافظة‬ ‫الحسكة‪ ،‬في إطار تنمية المحافظة حيث كان‬ ‫م��ن المقرر اس��تجرار حصة س��وريا من مياه‬ ‫النه��ر‪ ،‬عبر قناة تص��ل الى مدينة الحس��كة‬ ‫بطول يصل إلى ‪ 140‬كم‪.‬‬ ‫يق��ول أبو أن��س وه��و موظف في الش��ركة‬ ‫المنف��ذة للمش��روع "نفذنا المرحل��ة االولى‪،‬‬ ‫حي��ث ت��م إنجاز الصح��ن عند النه��ر ومرحلة‬ ‫المفيض الذي يغذي القناة بالمياه من النهر‪،‬‬ ‫وكان��ت كلفة المرحلة االول��ى على محدودية‬ ‫حجمه��ا أكث��ر م��ن ‪ 150‬مليون لي��رة‪ ،‬وكانت‬ ‫الكلفة التقديرية للمش��روع ه��ي ‪ 190‬مليار‬ ‫ليرة‪ ،‬مقدمة من الحكومة الكويتية آنذاك"‪.‬‬ ‫ويضي��ف "توقف العمل بع��د احتدام المعارك‬ ‫بي��ن الجيش الحر ووحدات الحماية الش��عبية‬ ‫‪."2012‬‬ ‫وكان��ت مص��ادر خاصة لس��وريتنا أك��دت أن‬ ‫"ح��زب االتح��اد الديمقراط��ي ‪ "PYD‬وبع��د‬ ‫س��يطرته على منطق��ة المالكي��ة‪ ،‬اتفق مع‬ ‫ش��ركة "ستروي ترانس غاز" الروسية للعمل‬ ‫على اس��تكمال المش��روع المتوقف منذ سنة‬ ‫‪ ،2012‬وقدرت الكلفة بـ ‪ 190‬مليون يورو‪.‬‬


‫القام�شلي‪ ،‬فئة ال�شباب تختفي و�أحياء تخلو من �سكانها‬ ‫القامشلي ‪ -‬ميديا أبو زيد‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫أحد أسواق مدينة القامشلي | الحسكة اآلن‬

‫احلولة‪ :‬البنزين يولد الغاز لال�ستخدام املنزيل‬ ‫أفاد نش��طاء محلي��ون في مدينة الحول��ة المحررة‬ ‫بري��ف حمص‪ ،‬أنه تم ابتكار طريقة جديدة لتوليد‬ ‫الح��رارة الالزم��ة للطب��خ او التدفئة‪ ،‬بع��د انقطاع‬ ‫مادة الغاز بشكل تام عن المدينة‪.‬‬ ‫ويعتم��د االبتكار الجديد على مادة البنزين وضغط‬ ‫الهواء حيث يتم تعبئة اسطوانات الغاز الصغيرة أو‬ ‫"الغاز السفري" بليتر واحد من البنزين يضاف إليه‬ ‫كمية محددة من الهواء‪ ،‬يتم ضخها في مستوعبة‬ ‫الغاز عن طريق مضخات هوائية تعرف محليًا باس��م" الكانباراصور" لتحصل بالنهاية على‬ ‫غاز قابل لالشتعال يكفي لالستعمال وسطي يستمر لخمسة عشر يومًا‬ ‫ويقول "ميس��رة الحيالوي" ناش��ط من مدينة الحولة أن هذا االبتكار الذي يكلف ‪1‬ليتر من‬ ‫البنزين س��يؤمن احتياجات المدينة من من مادة الغاز لفترة جيدة زمنيًا‪ ،‬وبتكاليف بسيطة‬ ‫بالمقارن��ة مع تكاليف جرة الغاز العادية التي قد يصل س��عرها لعش��رة آالف ليرة س��ورية‬ ‫بينما يكلف االبتكار الجديد اقل من خمسمئة ليرة‪.‬‬ ‫يذكر أن هذه االبتكارات لم تخضع لدراس��ات هندس��ية دقيقة من ناحية السالمة واالمان‪،‬‬ ‫وم��ن الممكن ان تش��كل خطورة عل��ى حياة المس��تخدمين المجبرين عل��ى التعامل معها‬ ‫كحلول وحيدة الستمرار الحياة‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫كانت سائدة‪ ،‬ولكن الهجرة تقف بكل األحوال‬ ‫في وج��ه هذا الرق��يّ واكتمال ه��ذه النظرة‬ ‫التحوليَّ��ة الجدي��دة‪ ،‬لك��ن لألس��ف موج��ات‬ ‫الهج��رة المتزاي��دة تؤخِّر س��رعة نم��و هذه‬ ‫النظرة وتطوّرها"‪.‬‬ ‫تقول الس��يَّدة إلهام فاضل‪ ،‬وه��ي أمّ ألربعة‬ ‫أوالد ش��باب‪" :‬كل أبنائ��ي هج��روا القامش��لي‬ ‫بس��بب صعوب��ة العي��ش واألوض��اع األمني��ة‬ ‫أن أغلبهم مطلوبون ألداء خدمة‬ ‫الس��ائدة‪ ،‬ثم ّ‬ ‫التجني��د اإلجب��اريّ‪ ،‬هاج��روا لك��ي يحصل��وا‬ ‫ّ‬ ‫ال��ذل‪ ،‬أنا أعرف تمام‬ ‫عل��ى لقمة عيش تقيهم‬ ‫أن الح��ل ال يك��ون بهج��رة الش��باب‬ ‫المعرف��ة َّ‬ ‫ُ‬ ‫واألسَ��ر‪ ،‬ولكن أعرف تمام المعرفة كذلك أنَّه‬ ‫ال ّ‬ ‫ح��ل آخر س��وى الخدمات الت��ي يتوجَّب على‬ ‫الس��لطات الحاكمة هنا أن تقوم بتأمينها‪ ،‬على‬ ‫ّ‬ ‫األقل‪ ،‬كي يكون بمقدورنا الصمود أمامَ غالء‬ ‫األس��عار والحصار الممارس على المنطقة من‬ ‫قبل جه��ات متعددة‪ ،‬ليس��ت المش��كلة باألمن‬ ‫واألمان ولكن المش��كلة تكم��ن في ضيق ذات‬ ‫الي��د وصعوبة العيش في هكذا ظروف"‪ ،‬وعند‬

‫الس��ؤال هل س��تهاجرينَ أنتِ أيضًا؟ تغرورق‬ ‫عيناها بالدموع‪" :‬أنا س��أهاجر غير أنني أنتظر‬ ‫أحد األبناء كي يرسل في طلبي تطبيقاً لقانون‬ ‫لمّ شمل ُ‬ ‫األسَر الذي بدأت أوروبا بتطبيقه"‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫تش��كل عبئ��ًا كبيراً على‬ ‫الهج��رة باتت اليوم‬ ‫أهال��ي مدين��ة القامش��لي‪ ،‬من ناحي��ة إفراغ‬ ‫المنطقة م��ن الطاقات الش��ابَّة ومن الموارد‬ ‫البش��ريَّة التي م��ن الممكن االس��تفادة منها‬ ‫في مجاالت عدَّة تس��اهم في رفع المس��توى‬ ‫الثقافي واالجتماعي والسياسي واالقتصادي‬ ‫ف��ي المدينة‪ ،‬لك��ن والحال هذه م��ن تدهور‬ ‫ف��ي االقتصاد وتده��ور في اتخَّ��اذ القرارات‬ ‫من قِبَل س��لطات األمر الواقع‪ ،‬فقد تس��تمر‬ ‫سياس��ة إبقاء المنطقة على ذات الدرجة من‬ ‫التهمي��ش‪ ،‬مما س��يزيد من موج��ات الهجرة‪،‬‬ ‫م��ع م��ا يكتنف ه��ذا األمر من أخطار س��تؤ ّثر‬ ‫ف��ي النهاية على البني��ة المجتمعيَّة في هذه‬ ‫المنطق��ة الغنيَّة بم��وارد صناعيَّة وزراعيَّة‬ ‫وبش��ريَّة يمكن تدريبها ألجل سوريا جديدة‬ ‫متطوِّرة على كافة األصعدة‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫وأنت تمشي في شوارع القامشلي ستكتشف‬ ‫أن المدين��ة تخل��و م��ن أهلها‪ ،‬أن��اسٌ غادروا‬ ‫عجل منذ س��نواتٍ ثالث‪ ،‬أي منذ‬ ‫المكان على ٍ‬ ‫بداي��ات اندالع الث��ورة في س��وريا والفوضى‬ ‫األمنيَّ��ة الت��ي تتس��يَّد الحال��ة‪ ،‬ه��ذا الفراغ‬ ‫الحاص��ل يعود إلى موجات الهج��رة المتزايدة‬ ‫التي باتت تتعرَّض لها كافة مناطق الحسكة‬ ‫وعل��ى األخ��ص مدين��ة القامش��لي‪ ،‬عوائ��ل‬ ‫وأُس��ر بالكامل هاجرت من مناطقها وبيوتها‬ ‫مجبر ًة بسبب األوضاع األمنية وتدهور الحالة‬ ‫ِّ‬ ‫تش��كل عبئ��اً على‬ ‫االقتصاديَّ��ة الت��ي باتت‬ ‫أبناء ه��ذه المدينة‪ ،‬فصعوبة العيش وس��وء‬ ‫األوضاع األمنيَّة بات��ت تدفع بالناس هنا إلى‬ ‫وأقل جهداً وفقراً‬ ‫الهجرة والحلم بحياة رغيدة ّ‬ ‫وحلم��ًا باس��تقرار اجتماع��ي وف��رص مميزة‬ ‫للتعليم‪.‬‬ ‫منذ سنوات عديدة تمتد إلى فترة التسعينيات‬ ‫أو حت��ى قبله��ا بعديد م��ن الس��نوات ظهرت‬ ‫موج��ات الهج��رة ف��ي أغل��ب م��دن محافظة‬ ‫الحس��كة وكان��ت ح��االت فرديَّ��ة تخ��صّ‬ ‫الن��اس المحكومي��ن أو المُطاردي��ن من قبل‬ ‫السلطات الس��وريَّة وحاالت األهالي األجانب‬ ‫الذي��ن حُرم��وا م��ن التعلي��م وم��ن فرصهم‬ ‫ف��ي التوظي��ف بحكم ع��دم حصوله��م على‬ ‫الجنس��ية الس��وريَّة التي تخوِّله��م االلتحاق‬ ‫بالعمل المؤسس��اتي أو التحاقهم بالجامعات‬ ‫واستكمال دراستهم االعتياديَّة‪.‬‬ ‫"إن موجات‬ ‫يق��ول المحامي خير اهلل محم��د‪ّ :‬‬ ‫الهج��رة في القامش��لي وكل مناط��ق ومدن‬ ‫محافظة الحس��كة ليس��ت وليدة الي��وم وإنما‬ ‫لها تاريخ قدي��م جداً وطبعاً كانت الس��لطات‬ ‫الس��وريَّة تتواطأ م��ع مهربيّ البش��ر بهدف‬ ‫إخالء المنطقة الكرديّة من س��كانها وإضفاء‬ ‫طاب��ع بعثي عليها‪ ،‬واآلن وبع��د اندالع الثورة‬ ‫في س��وريا وتزايد وتيرة العنف الممارس من‬ ‫قبل سلطات النظام السوري في كل المناطق‬ ‫الس��ورية‪ ،‬الس��يما الممارس��ات المتميَّ��زة‬ ‫باله��دوء والقس��اوة ف��ي اس��تخدام الحص��ار‬ ‫الممنه��ج م��ن ناحي��ة االنقط��اع المتواص��ل‬ ‫للتي��ار الكهربائي وانهيار االتصاالت بش��كل‬ ‫كل��يّ تقريبًا‪ ،‬وخاص��ة في مدن القامش��لي‬ ‫وانهيار الليرة الس��وريَّة أمام الدوالر وفقدان‬ ‫الكثي��ر من الش��باب لفرص العم��ل وانقطاع‬ ‫التواص��ل بين مناطق الحس��كة وبين أماكن‬ ‫تمرك��ز الجامع��ات الس��وريَّة‪ ،‬مم��ا دفع إلى‬ ‫تزايد موجات الهجرة من قبل الشباب وفقدان‬ ‫العوائل بالكامل لمصدر رزقها مما دفعها إلى‬ ‫الهجرة خارج البالد‪.‬‬ ‫وعن اآلثار الس��لبيَّة للهجرة تتحدث المرشدة‬ ‫االجتماعيَّة منى الوافي وتذكر أهمّ تأثيرات‬ ‫الهج��رة عل��ى المجتم��ع وباألخ��صّ عل��ى‬ ‫الوض��ع االجتماع��ي ف��ي مدينة القامش��لي‪:‬‬ ‫"إن الهجرة تس��اهم بش��كل فعَّ��ال في تأخر‬ ‫ّ‬ ‫رقيّ المجتم��ع‪ ،‬وطبع ًا عل��ى الخصوص في‬ ‫األوق��ات الراهن��ة من عمر الثورة الس��وريَّة‪،‬‬ ‫نح��ن نعيش كمجتمع في حال��ة تغيير كليَّة‪،‬‬ ‫س��وا ًء من ناحية الحريَّات أو األفكار الجديدة‬ ‫الواف��دة إلين��ا من خالل اإلع�لام البديل الذي‬ ‫ظه��ر مع بداي��ة الثورة‪ ،‬وحاول جاه��داً تغيير‬ ‫نظرة اإلنس��ان إلى الحي��اة القديمة التي كان‬ ‫يعيش��ها المجتمع في ّ‬ ‫ظل قوانين القمع التي‬

‫‪5‬‬


‫الأمل يحمل �أطفال جنوب دم�شق �إىل املدار�س‬ ‫اندساسية ‪. .‬‬ ‫دندنات وتقارير ‪. .‬‬ ‫أخبار‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫يحاص��ر النظ��ام في جنوب دمش��ق منذ أكثر‬ ‫من عام‪ ،‬قرابة الخمسة والثالثين ألف إنسان‪،‬‬ ‫يعيشون في ظل أزمة إنسانية سيئة‪ ،‬بينهم‬ ‫آالف الط�لاب الذين مازال الكثير منهم يداوم‬ ‫على الذهاب إلى المدرس��ة أم ً‬ ‫ال في أن ينتهي‬ ‫الحصار ويكمل حيات��ه‪ ،‬في ظل عدم اكتراث‬ ‫المنظمات الدولية واإلنسانية‪.‬‬ ‫قالت أم محمد‪ ،‬من جنوب دمشق‪ ،‬لـ"سوريتنا"‬ ‫"كان يج��ب أن يتق��دم ابن��ي إل��ى االمتحانات‬ ‫الثانوي��ة العام الماضي‪ ،‬لكن بس��بب الحصار‬ ‫ومن��ع الق��وات النظامية خ��روج المدنيين من‬ ‫المناطق المحاصرة‪ ،‬لم تتح له فرصة التقدم‬ ‫لالمتحان��ات ولن تك��ون متاحة له ه��ذا العام‬ ‫أيضًا"‪ ،‬وتضيف لق��د كان من المتفوقين في‬ ‫ش��هادة التعليم األساس��ي‪ ،‬ما ذنب أبناء هذه‬ ‫المناط��ق ليحرم��وا م��ن التعلي��م‪ ،‬وناش��دت‬ ‫"المنظم��ات الدولي��ة الحقوقي��ة واإلنس��انية‬ ‫بالتدخ��ل لحماي��ة ح��ق اإلنس��ان بالتعل��م‬ ‫والحياة"‪ ،‬قائلة من "يري��د الحفاظ على البلد‬ ‫ال يقض��ي على مس��تقبل أبنائه��ا‪ ،‬ألنهم لن‬ ‫يعودوا عبيداً"‪.‬‬ ‫م��ن جانبه‪ ،‬ق��ال عدنان‪ ،‬من جنوب دمش��ق‪،‬‬ ‫كان يج��ب أن يكون طالب في الثالث الثانوي‪،‬‬ ‫"ط��وال العامي��ن الس��ابقين داوم��ت عل��ى‬ ‫الذه��اب إلى المدرس��ة‪ ،‬وس��أدرس بجد هذا‬ ‫العام للتق��دم إلى امتح��ان الثانوية‪ ،‬فأنا في‬ ‫كل صالة أدعو ربي أن يفك الحصار ويس��مح‬ ‫لي أن أقدم االمتحانات‪ ،‬وأس��جل في الجامعة‬ ‫وأكم��ل دراس��تي‪ ،‬ألن بل��دي بحاج��ة إلين��ا‬ ‫متعلمين"‪.‬‬ ‫وأض��اف بصوت يملؤه التفاؤل‪" ،‬يس��تطيع أن‬ ‫يحرمنا النظ��ام من الكهرباء والماء والطعام‪،‬‬ ‫ويهدم منازلنا ومدارسنا‪ ،‬لكن لن يستطيع أن‬ ‫يهزمنا‪ ،‬فهذه البلد بلدنا"‪.‬‬ ‫وق��ال الناش��ط اإلعالم��ي رامي الس��يد‪ ،‬من‬ ‫جن��وب دمش��ق‪ ،‬لـ"س��وريتنا" "ف��ي أحي��اء‬ ‫اليرموك والحجر األسود نحو ‪ 2800‬طالب في‬ ‫المرحلتين األساسية والثانوية‪ ،‬موزعين على‬ ‫س��ت مدارس"‪ ،‬مبينا أنها "هذه المدارس هي‬ ‫عب��ارة عن مبادرة من ناش��طين ومدرس��ين‬ ‫حوصروا في جنوب دمشق"‪.‬‬

‫دمشق ‪ -‬أنليل فارس‬

‫إحدى مدارس القدم جنوب دمشق‬

‫وبين أن "المناهج المعتمدة في تلك المدارس‬ ‫هي ذاتها في مناطق النظام‪ ،‬إال أنه حذف منها‬ ‫كل ما يتعلق بحزب البعث العربي االشتراكي‬ ‫وحافظ وبشار األسد"‪ ،‬مضيفاً إلى أن "الدوام‬ ‫في ه��ذه المدارس غير منتظم جراء القصف‬ ‫واالش��تباكات التي تدور بي��ن الفصائل داخل‬ ‫المخيم أو مع القوات النظامية"‪.‬‬ ‫وق��ال إن "الم��دارس عبارة عن مب��ادرات من‬ ‫منظم��ات المجتم��ع المدن��ي‪ ،‬وي��درس فيها‬ ‫ناش��طون‪ ،‬ومدرس��ون كان��وا ف��ي م��دارس‬ ‫النظ��ام‪ ،‬لكن حوصروا داخل المخيم وفصلوا‬ ‫من عمله��م‪ ،‬فمازالوا يدرس��ون على أمل أن‬ ‫يحصلوا عل��ى رواتبهم‪ ،‬في حين ترك بعض‬ ‫المدرس��ين مهنته��م‪ ،‬وبحثوا ع��ن عمل أخر‬ ‫ليؤمنوا م��ا يقوت عائالتهم ف��ي ظل تدهور‬ ‫الوضع اإلنساني"‪.‬‬ ‫وأوضح أن "الطالب يدرس��ون اليوم لكن دون‬ ‫أفق لهذه الدراس��ة‪ ،‬ألنه��م ال يحصلون على‬ ‫ش��هادة تؤهلهم لمتابعة تعليمهم الجامعي‪،‬‬ ‫فالنظام يسمح للطالب الفلسطينيين بتقديم‬ ‫امتحانات الش��هادة األساس��ية والثانوية‪ ،‬عبر‬ ‫منظم��ة األون��روا‪ ،‬إلى أنه ال يس��مح للطالب‬ ‫السوريين بالخروج لتقديم االمتحانات"‪.‬‬ ‫ولف��ت إلى أن "الحكوم��ة المؤقتة نظمت عبر‬ ‫المجال��س المحلي��ة العام الماض��ي امتحانات‬

‫لش��هادة التعلي��م األساس��ي‪ ،‬ومنحت الطالب‬ ‫وثائ��ق معتمدة من قبلها‪ ،‬قال��ت أنها معتمدة‬ ‫في تركيا"‪ ،‬مضيف ًا "لكن األهالي يتس��اءلون‬ ‫ماذا سيوصل أبنائهم إلى تركيا‪ ،‬وما سيكون‬ ‫مستقبلهم في سوريا"‪.‬‬ ‫ويحاص��ر النظ��ام العديد م��ن المناطق التي‬ ‫تس��يطر عليها فصائل المعارضة المس��لحة‪،‬‬ ‫وال يسمح فيها للمدنيين بالدخول أو الخروج‪،‬‬ ‫كم��ا يقط��ع عنهم كام��ل الخدم��ات‪ ،‬إلى أنه‬ ‫س��مح العام الدراس��ي الفائت لع��دد من أبناء‬ ‫الغوط��ة الش��رقية بالخ��روج والتق��دم إل��ى‬ ‫امتحان الشهادتين األساسية والثانوية‪ ،‬ليتم‬ ‫إعادتهم إلى الغوط��ة المحاصرة عقب انتهاء‬ ‫فترة االمتحانات‪ ،‬وذلك برعاية أممية"‪.‬‬ ‫وكان وزي��ر التربي��ة والتعليم ف��ي الحكومة‬ ‫السورية المؤقتة‪ ،‬المشكلة من قبل االئتالف‬ ‫الوطن��ي مح��ي الدي��ن بنانه‪ ،‬ق��ال في وقت‬ ‫سابق‪ ،‬إن "خمسة ماليين طالب سوري بحاجة‬ ‫للتعليم"‪ ،‬في حين كانت منظمة اليونيس��يف‬ ‫أعلن��ت عن أن ثالثة ماليي��ن ونصف المليون‬ ‫طالب سوري يفتقدون التعليم تماما‪ ،‬دون أن‬ ‫يكون لدى الجهتين أي حلول لمس��تقبل أبناء‬ ‫س��وريا‪ ،‬الذين من المفت��رض أن يكونوا بناة‬ ‫الغد‪.‬‬

‫نحو اجلهل‪ ،‬التعليم يف القام�شلي حتكمه الفو�ضى‬ ‫القامشلي ‪ -‬جوان تتر‬ ‫"م��ا يح��دث اآلن سيتس��بَّب ف��ي كارثة لن‬ ‫تؤذي إلاَّ الجيل القادم" يقول محمد البش��ير‬ ‫الموجه الترب��وي واصفاً العملي��ة التعليمية‬ ‫في القامشلي "قبل اندالع الثورة كان هناك‬ ‫مرجع أساس��ي يتدخل في طرائق التدريس‬ ‫ولكن الفوضى تسود اآلن والسبب الرئيسي‬ ‫لها هو تعدَّد المناهج‪ ،‬فعلى امتداد س��وريا‬ ‫يوجد أكثر من منهج دراس��ي‪ ،‬وهذا ما أدّى‬ ‫بطبيعة الحال إلى تغيير األنظمة التعليمية‬ ‫جذريَّ��اً‪ ،‬والح��ال ه��ذه توج��د ف��ي مناطق‬ ‫محافظة الحس��كة التي تقوم اإلدارة الذاتية‬ ‫الديمقراطي��ة الكردي��ة بتس��يير ش��ؤونها‬ ‫وتغيي��ر المناهج من قبل هيئ��ات مختصَّة‬

‫بهذا األمر"‪.‬‬ ‫ذل��ك ح��ال كل الم��دن ف��ي المحافظ��ات‬ ‫الس��وريَّة‪ ،‬وعل��ى األخ��صّ ف��ي مدين��ة‬ ‫القامشلي‪ ،‬حيث شهدت هذه المدينة حاالت‬ ‫يمك��ن وصفه��ا بالفش��ل التعليمي بس��بب‬ ‫أن‬ ‫اضطراب حال��ة التعليم‪ ،‬فم��ن المعروف ّ‬ ‫مدينة القامشلي واقعة تحت سيطرة اإلدارة‬ ‫الذاتي��ة الديمقراطيَّة كمرحلة في االعتماد‬ ‫عل��ى ال��ذات إلدارة ه��ذه المناط��ق‪ ،‬لكن ال‬ ‫أن النظام الس��وري‬ ‫يخف��ى على أحد أيض�� ًا ّ‬ ‫ال ي��زال يطبّق قوانينه ولو بالقدر اليس��ير‬ ‫منه��ا!! ويخبرنا الس��يّد حس��ن معّ��و وهو‬ ‫معلم مدرس��ة‪" :‬منذ بداية العام الدراس��ي‬


‫حلب ‪ -‬فؤاد األحمر‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫مدخل جامعة حلب‬

‫رئي�س اجلامعة عزل قبل ن�شر التحقيق‬

‫وكان��ت أول الحقائ��ق التي انجلت لس��وريتنا‬ ‫ع��ن طريق أح��د موظف��ي رئاس��ة الجامعة‪،‬‬ ‫الذي صرح لنا مفض ً‬ ‫ال عن اإلفصاح عن أسمه‬ ‫" تغي��ب رئيس الجامعة عن اجتماع الرئاس��ة‬ ‫األسبوعي والذي كان يوم الثالثاء ‪ 25‬تشرين‬ ‫الثان��ي أي قبل نش��ر "قناة الخب��ر" لتحقيقها‬ ‫بيومين وأخبرني سكرتير رئيس الجامعة بأن‬ ‫وزي��ر التعليم العالي ق��د أبلغ رئيس الجامعة‬ ‫بمكالمة هاتفية في صب��اح ذات اليوم بإنهاء‬ ‫تكليفه كرئيس للجامعة ومن بعد هذا اليوم‬ ‫ل��م يحضر الدكتور محم��ود إلى مكتبه وكلف‬ ‫مباشرة نائبه بتسيير أمور الرئاسة"‪.‬‬ ‫كما يوضح لنا الموظف ذاته السبب الحقيقي‬ ‫إلقال��ة رئي��س الجامع��ة "ش��هد آخ��ر اجتماع‬ ‫لرئي��س الجامعة مع عمداء الكليات مش��ادات‬ ‫كالمي��ة بي��ن رئي��س الجامعة وعمي��د كلية‬ ‫االقتص��اد وأحد أعض��اء مكتب اتح��اد الطلبة‬ ‫كما توع��د عميد االقتصاد في نهاية االجتماع‬ ‫بإقال��ة رئي��س الجامع��ة خالل أي��ام‪ ،‬وتمكن‬ ‫م��ن ذل��ك بعد أس��بوع من االجتماع مس��تغال‬ ‫المع��ارف والعالق��ات التي يملكه��ا مع ضباط‬ ‫األمن والمس��ؤولين‪ ،‬ولك��ن اإلعالن عن قرار‬ ‫العزل تأخر‪.‬‬

‫كان المهن��دس أحم��د اب��ن رئي��س الجامعة‬ ‫ضحي��ة لعداوات وال��ده حيث تبين لس��وريتنا‬ ‫أن كل االتهام��ات الت��ي وجهه��ا الصحفي في‬ ‫مادته عاري��ة عن الصحة‪ ،‬حيث اتهم صحفي‬ ‫تلفزيون "الخبر" المهندس أحمد بأنه أستغل‬ ‫منص��ب وال��ده ليحص��ل عل��ى ش��هادة ف��ي‬ ‫الماجس��تير من كلية الهندسة المدنية بزمن‬ ‫قياسي واتهمه بأنه سجل على الرسالة ودافع‬ ‫عنها وحصل عليها في يوم واحد‪.‬‬ ‫لكن ما علمته س��وريتنا م��ن زمالء أحمد في‬ ‫قس��م اإلدارة ب��أن "أحم��د هو أق��دم الطالب‬ ‫في القس��م وهو خريج دفع��ة عام ‪2010‬وقد‬ ‫أنهى مرحلة المواد منذ سنتين وقدم للدكتور‬ ‫المش��رف عليه ثالث "س��يمينارات" ودافع عن‬ ‫رس��الته مرتين في الفترة التي لم يكن فيها‬ ‫والده رئيس��ا للجامعة‪ .‬ويضيف زميل أحمد "‬ ‫ل��م يدخل أحمد إل��ى الجامع��ة بموجب مقعد‬ ‫والده بل بموجب مجموعه العام في الش��هادة‬ ‫الثانوي��ة‪ ،‬وكان م��ن المتفوقي��ن ف��ي الكلية‬ ‫طيلة سنوات الدراسة وفي مرحلة الماجستير‬ ‫واستحق الشهادة التي نالها"‪.‬‬ ‫ولم يكتف الصحفي بتلفيق التهمة الس��ابقة‬ ‫بل وصف ترقية المهندس أحمد في وظيفته‬ ‫باألمر المعجزة‪ ،‬وبأنه قفز على حواجز الزمن‪،‬‬ ‫فأس��تغل الصحفي عدم دراية الناس بأن أمر‬ ‫الترقية هو شيء روتني يحدث تلقائيا بمجرد‬ ‫أن ين��ال الموظف ش��هادة أعلى من الش��هادة‬ ‫الت��ي كان يحملها وأن أي مهندس يحق له أن‬ ‫يوظف بعد تخرجه بدون أي وساطة‪.‬‬

‫�سور املدينة اجلامعية‬

‫اس��تغل الصحف��ي قضي��ة بناء س��ور المدينة‬ ‫الجامعي��ة الذي كلف الجامع��ة ‪ 80‬مليونًا لكي‬ ‫يهاج��م به��ا رئي��س الجامعة ف��ي مادته حيث‬ ‫وصفه بأنه المس��ئول الوحيد ع��ن هذا القرار‬ ‫وأنه عقد الكثير من الصفقات المشبوهة مبرئا‬ ‫جمي��ع أعض��اء المكتب الهندس��ي ف��ي جامعة‬ ‫حل��ب‪ ،‬وتكش��ف لن��ا المهندس��ة فاطمة وهي‬ ‫موظفة ف��ي المكتب الهندس��ي ف��ي الجامعة‬ ‫ع��ن المس��ؤول ع��ن قرار بن��اء س��ور المدينة‬ ‫الجامعي��ة "إن قرارا بناء الس��ور جاء بقرار من‬ ‫المكت��ب الهندس��ي وكان قد ط��رح القرار في‬ ‫اجتماع رئاسة الجامعة وو وضع رئيس المكتب‬ ‫تكلف��ة أولية لبناء الس��ور ال تتجاوز ‪ 11‬مليونًا‬ ‫األمر ال��ذي جعل رئيس الجامع��ة يوافق على‬ ‫ه��ذا القرار‪ ،‬وبعد أن ص��در بدأ أعضاء المكتب‬ ‫الهندس��ي والمتعهدي��ن يقيم��ون الصفق��ات‬ ‫السرية وبدأت تكلفة السور ترتفع شيئا فشيئًا‬ ‫إلى أن وصلت إلى ‪ 80‬مليون"‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫صحفي ش��جاع يظهر في جامعة حلب‪ ،‬ينتقد‬ ‫رئيس الجامعة وابنه بمقال س��اخر نشر على‬ ‫"قن��اة الخب��ر" الموالي��ة وأحدثت ه��ذه المادة‬ ‫اإلعالمية ضجة في الوس��ط الجامعي‪ ،‬ونالت‬ ‫متابعة كبيرة في الش��ارع الحلبي‪ ،‬فألول مرة‬ ‫يتجرأ صحفي على مهاجمة مسؤول في حلب‬ ‫بهذه اللهجة الس��اخرة‪ ،‬حيث وصف الصحفي‬ ‫ابن رئيس الجامعة باس��م "كراندايزر" متهمًا‬ ‫إياه بنيل ش��هادة في الماجس��تير خالل فترة‬ ‫قصيرة جداً لم تتجاوز اليوم الواحد مس��تغ ً‬ ‫ال‬ ‫منص��ب وال��ده‪ ،‬كما اته��م الصحف��ي رئيس‬ ‫الجامعة بإقامة صفقات مشبوهة كان آخرها‬ ‫أنش��اء س��ور المدين��ة الجامعي��ة ال��ذي كلف‬ ‫الجامعة ‪ 80‬مليون‪ ،‬واستمر الترويج اإلعالمي‬ ‫لهذه المادة اإلعالمية وللخبر الذي تحمله من‬ ‫خ�لال صفح��ات "الفيس الب��وك" ليصدر بعد‬ ‫يومين من نش��ر التحقيق مرس��وم جمهوري‬ ‫موقع من بش��ار األس��د يقضي بعزل رئيس‬ ‫جامعة حلب‪.‬‬ ‫ومازالت الصورة ضبابة وغامضة لدى الكثير‬ ‫من الس��وريين وخاصة الطالب واألساتذة في‬ ‫جامع��ة حلب ما دفع (س��وريتنا) للتحري حول‬ ‫أس��باب هذه اإلقال��ة ومدى صح��ة االتهامات‬ ‫التي وجهها صحفي "الخبر" لرئيس الجامعة‪.‬‬

‫ابن رئي�س اجلامعة "كب�ش الفدا"‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫الجديد هناك حاالت من التخبّط فيما يخص‬ ‫التعليم في مناطق محافظة الحسكة وعلى‬ ‫األخص ف��ي مدينة القامش��لي‪ ،‬حيث ارتأت‬ ‫هيئ��ة اإلدارة الذاتيَّة الكرديَّ��ة وقبل بداية‬ ‫الع��ام الدراس��ي إدراج منه��اج تعلي��م اللغة‬ ‫الكرديَّ��ة إلى جانب اللغ��ة العربيَّة ‪ -‬التي ال‬ ‫تعتبر ً‬ ‫لغة وافدة ف��ي كل األحوال ‪ -‬بعد منع‬ ‫هذه اللغة طوال الس��نوات الماضية من قبل‬ ‫الس��لطات الس��وريَّة‪ ،‬وما حصل أننا فوجئنا‬ ‫بعد طباع��ة الكت��ب والوقوف عل��ى طريقة‬ ‫ب��أن مديرية‬ ‫التدري��س وأس��لوبية المنهاج ّ‬ ‫التربي��ة ف��ي الحس��كة قامت بإص��دار كتاب‬ ‫رسمي موجَّه من قبل وزارة التربية يقضي‬ ‫بمنع تعليم اللغة الكردية كمنهاج دراس��ي‪،‬‬ ‫وفي هذه الحالة شهدت المدارس تخبُّطاً زاد‬ ‫من فرص التس��رّب الدراسي وانعدام الثقة‬ ‫بالتعليم"‪.‬‬ ‫وعن أهميَّة إدراج مواد دراسية جديدة يقول‬ ‫"إن عملية‬ ‫المرشد االجتماعيّ فواز ابراهيم‪ّ :‬‬ ‫إدراج مواد جديدة في المنهاج الدراس��ي بات‬ ‫أمراً ضرورياً‪ ،‬وخاصّة في ّ‬ ‫ظل المناهج التي‬ ‫كان��ت مقرَّرة من قِبَل الحكومة الس��وريَّة‬ ‫وخاصّة مواد دراس��ية مثل التربية القومية‬ ‫ومواد أخرى لم تكن س��وى إمال ًء من النظام‬ ‫السوري وأجهزته األمنيَّة"‪.‬‬ ‫وق��د بدأت اإلدارة الذاتيَّ��ة الديمقراطية من‬ ‫خ�لال هيئاته��ا المختصَّة بالتعلي��م بتوفير‬ ‫ المناه��ج الالزم��ة والمفي��دة للتالميذ في‬‫الم��دارس ولك��ن هنال��ك صعوب��ات جمَّ��ة‬ ‫تعترض سبيل هذه الهيئات المختصَّة ومنها‬ ‫على س��بيل المث��ال هجرة أغل��ب المعلمين‬ ‫خ��ارج البالد‪ ،‬وأيض ًا معان��اة المعلمين الذين‬ ‫ُفصلوا من مدارس��هم بسبب تهمة التظاهر‬ ‫وه��ذا اإلجراء َّ‬ ‫أثر تأثيراً كبي��راً على التالميذ‬ ‫وانخف��اض ال��كادر التدريس��ي ف��ي البالد‪،‬‬ ‫وعل��ى األخصّ الكادر ال��ذي يقوم بتدريس‬ ‫اللغة الكرديَّة المقرَّرة حديثاً‪.‬‬ ‫لك��نّ المش��كلة ال تكم��ن ف��ي إدراج م��واد‬ ‫جدي��دة أو حذف م��واد قديم��ة أو تطويرها‪،‬‬ ‫المش��كلة تكمن لدى التالميذ الذين يعانون‬ ‫من ه��ذه األزمة التي تجت��اح قطاع التعليم‪،‬‬ ‫يقول التلمي��ذ علي أبو زيد وه��و تلميذ في‬ ‫الص��ف الس��ادس االبتدائ��ي‪" :‬قديم�� ًا كن��ت‬ ‫أعش��ق المدرس��ة وأع��دّ األيَّام ك��ي ألتحق‬ ‫بال��دوام‪ ،‬لكن اآلن وبعد الفوضى التي أراها‬ ‫فإن‬ ‫في المدرس��ة وع��دم انتظ��ام المناهج َّ‬ ‫ذلك يس��بِّب ضيقاً بالنسبة إليّ‪ ،‬ثم إنني ال‬ ‫أرى أصدقائ��ي القدام��ى ألن الجميع هاجروا‬ ‫وهذا ما يسبِّب لي تراجعاً في الدراسة"‪.‬‬ ‫إن مشكلة التعليم في مدينة القامشلي باتت‬ ‫أم��راً خطيراً م��ن ناحية الفوض��ى الحاصلة‪،‬‬ ‫تُعدّ وأخرى تُ��زال ّ‬ ‫وكل ذلك ضمن‬ ‫مناه��ج‬ ‫ْ‬ ‫ظروف قاسية تمرّ فيها القامشلي سوا ًء من‬ ‫ناحية المعيش��ة أو من ناحية الوضع األمني‬ ‫الس��يء‪ ،‬ال��ذي يتس��بِّب ف��ي إضف��اء طابع‬ ‫الجه��ل الذي س��يؤدَّي في النهاي��ة إلى خلل‬ ‫أكيد في تعليم األجيال الجديدة التي تعيش‬ ‫ِّ‬ ‫سيؤثر على نمط‬ ‫زمن الحرب وهذا بالتأكيد‬ ‫التعليم السائد مستقب ً‬ ‫ال‪ ،‬ومن هذا المنطلق‬ ‫فعل��ى الس��لطات التي وضعت عل��ى عاتقها‬ ‫مهمّ��ة إدراج وإلغاء م��واد دراس��يَّة معيَّنة‬ ‫أن تكون على دراي��ة تامَّة بمخاطر التالعب‬ ‫بالمناهج والمش��اكل التي يمكن أن تتسبَّب‬ ‫بها الفوضى الحاصلة في مجال التعليم‪.‬‬

‫جامعة حلب‪ ،‬هذا حق ًا هو "كراندايزر"‬

‫‪7‬‬


‫مدينة الباب بحلب‪ ،‬مدر�سون وطالب �ضحايا الدولتني‬ ‫ريف حلب الشرقي ‪ -‬جالل زين الدين‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫م��ا زالت العملية التربوية تواصل انحدارها‬ ‫ف��ي مدينة الباب وكل ريف حلب الش��رقي‪،‬‬ ‫وربما اقتربت من ح��د االنهيار فبعد قصف‬ ‫قس��م من الم��دارس‪ ،‬وتحول آخ��ر لمقرات‬ ‫عسكرية‪ ،‬وآخر لمالجئ إيواء للنازحين جاء‬ ‫قرار تنظيم الدولة بإغالق المدارس نهائي ًا‪.‬‬

‫تدمري مزدوج‬ ‫ويعلق األس��تاذ محمود ع م��ن مدينة الباب‬ ‫على ق��رار التنظي��م إغالق الم��دارس في‬ ‫ري��ف حل��ب بأن��ه "س��يؤدي لتدمي��ر أجيال‬ ‫كاملة‪ ،‬فالعملية التربوية كانت عرجاء قبل‬ ‫إغالق المدارس فما بالك بعد إغالقها"‪.‬‬ ‫واكتف��ى المس��ؤولون عن دي��وان التعليم‬ ‫التاب��ع لتنظيم الدولة بح��ث أهالي الطالب‬ ‫أن إغ�لاق‬ ‫عل��ى الصب��ر‪ ،‬والتأكي��د عل��ى ّ‬ ‫الم��دارس الحكومي��ة والخاص��ة وانتظ��ار‬ ‫مدارس التنظيم خير من تعلم "الكفر"‪.‬‬ ‫ولم يستطع األهالي فعل شيء أمام خطوة‬ ‫التنظي��م‪ ،‬فهو ال يس��مح بمجرد مناقش��ة‬ ‫قراراته‪ ،‬فقد أوضح األستاذ محمود "رفض‬ ‫المش��رفين على التعليم في تنظيم الدولة‬ ‫أيّ ح��وار ورفض��وا رجاءه��م باس��تمرار‬ ‫العملي��ة التربوي��ة ريثم��ا تجه��ز مناه��ج‬ ‫التنظيم أو مدارسه"‪.‬‬ ‫أدت الخط��وة لحرم��ان اآلالف م��ن التعليم‪،‬‬ ‫وعب��رت المربية أم محمد م��ن مدينة الباب‬ ‫ع��ن رفضه��ا ورف��ض الكثيري��ن إرس��ال‬ ‫أوالدهم إلى مدارس التنظيم ألنها حس��ب‬ ‫رأيه��ا "س��تغرس في عق��ول األبن��اء فكراً‬ ‫متشدداً يجعل منهم مقاتلين ال علماء"‪.‬‬

‫حلول بديلة غري كافية‬ ‫ابتكرت بعض الحل��ول لاللتفاف على قرار‬ ‫التنظيم وال سيما أنه منع المدارس الخاصة‬ ‫والمعاه��د‪ ،‬تمثل��ت بتعليم الصغ��ار مبادئ‬ ‫القراءة والكتابة في البيت عبر شراء الكتب‬ ‫م��ن الس��وق الس��وداء‪ ،‬واللج��وء للدروس‬ ‫الخصوصي��ة للط�لاب األكب��ر س��ناً ولكنها‬ ‫تبقى خطوة محدودة ال تتجاوز ‪ 5%‬من عدد‬ ‫الطالب ألن معظم األهالي ال يس��تطيعون‬ ‫تأمين المال للدروس الخصوصية السرية‪.‬‬ ‫وتعاون قس��م م��ن المعلمين فيم��ا بينهم‬ ‫على تش��كيل خاليا تعليمية يدرسون فيها‬ ‫أوالدهم وأوالد المقربين منهم عبر عملية‬ ‫تبادلية‪ ،‬فيجتمع م��درس رياضيات ليدرس‬ ‫أوالد مدرس اللغ��ة العربية‪ ،‬ومدرس اللغة‬ ‫العربي��ة ي��درس أوالد م��درس الرياضيات‬ ‫وهك��ذا م��ع بقي��ة الم��واد‪ ،‬ولكنه��ا تبق��ى‬ ‫خط��وات آني��ة وتعرض المعلمي��ن للخطر‪،‬‬ ‫فهي تمثل تحدي ًا للتنظيم‪.‬‬ ‫ولك��ن الع��بء األكبر س��يكون على طالب‬ ‫الشهادتين‪ ،‬يقول المدرس أحمد من مدينة‬ ‫منبج "الكارثة في عقلية التنظيم والذي قد‬ ‫يمنع الطالب من السفر إلى مناطق النظام‬ ‫لتقدي��م امتحانات الش��هادتين األساس��ية‬ ‫والثانوية سيما وقد ضايقهم في امتحانات‬ ‫السنة الماضية"‪.‬‬

‫كيف جاء قرار الإيقاف؟‬

‫لم يكن قرار إغالق الم��دارس مفاجئاً فقد‬ ‫أوضح األس��تاذ عبداهلل م��درس لغة عربية‬ ‫أن التنظي��م طل��ب م��ن‬ ‫م��ن ري��ف منب��ج ّ‬

‫المدرس��ين تهذيب المناهج‪ ،‬واستبعاد كل‬ ‫ما يس��يء للدي��ن‪ ،‬ويمجد األس��د ونظامه‪،‬‬ ‫أو يش��ير لالش��تراكية والقومية والعلمانية‬ ‫وحب الوط��ن في إطاره الوطن��ي‪ ،‬ثم ألزم‬ ‫المعلمي��ن الخضوع لدورات ش��رعيّة‪ ،‬ومع‬ ‫بدء العام الدراس��ي من��ع التنظيم تدريس‬ ‫كل الم��واد مس��تثنياً اللغتي��ن العربي��ة‬ ‫أن يصدر قراره‬ ‫واألجنبية والرياضيات قبل ْ‬ ‫األخير بإغالق المدارس‪.‬‬

‫معاناة املعلمني‬ ‫ول��م تقتصر آثار تده��ور العملية التربوية‬ ‫على الط�لاب بل تجاوزتها إل��ى المعلمين‪،‬‬ ‫فق��د تعرض المعلم��ون لالعتقال من قبل‬ ‫النظام والتنظيم‪ ،‬وهم يمثلون الش��ريحة‬ ‫األكبر التي قطع النظام رواتبهم‪ ،‬ويخشى‬ ‫أن تؤدي خط��وة التنظيم إلى قيام‬ ‫البقي��ة ْ‬ ‫النظام بقط��ع رواتبهم التي لم تعد تكفي‬ ‫لس��د الرمق‪ ،‬هذا الرات��ب الذي يمر صاحبه‬ ‫برحل��ة طويل��ة م��ن الع��ذاب والمخاط��ر‬ ‫للحصول عليه‪.‬‬ ‫يقول األس��تاذ ف ع من جرابلس‪" :‬الطريق‬ ‫إلى حلب يستغرق ثماني ساعات‪ ،‬ونتعرض‬ ‫إلهان��ات لفظية من حواج��ز التنظيم الذي‬ ‫يحتقرن��ا ألنن��ا نتقاضى رواتبن��ا من نظام‬ ‫كاف��ر‪ ،‬ومن حواجز النظام ألنهم يعتبروننا‬ ‫حاضن��ة لإلرهابيي��ن‪ ،‬واعتق��ل كثي��ر من‬ ‫الزمالء أثناء قبض الراتب‪ .‬وقد دفعت هذه‬ ‫األم��ور وغيرها كثيراً من المعلمين للهجرة‬ ‫إلى تركيا"‪.‬‬


‫ثقافة "حرام يا �شيخ"‬ ‫وتخبط تعليمي يُقلق "رعايا اخلليفة"‬

‫داع�ش متنع تدري�س القر�آن الكرمي‬

‫ثم ع��اد مندوبو "داع��ش" مجدداً لمن��ع تدريس‬ ‫الق��رآن الكريم في م��دارس المنطقة‪ ،‬خوفًا من‬ ‫جدير بحمله‪ ،‬وفق تعبير‬ ‫أن يدرس��ه شخص غير‬ ‫ٍ‬ ‫أح��د قي��ادات التنظيم وال��ذي ذهب في تش��دده‬ ‫أبعد م��ن ذلك حين دعا إلى من��ع تدريس المواد‬ ‫األساس��ية كاللغ��ة العربي��ة والرياضي��ات بحجة‬ ‫أنها تنتمي إل��ى "ماال يمكث في األرض" وواصل‬ ‫حديثه على المأل بأن "الطفل حين يذبح يجب أن‬ ‫تكون "زمرة دمه اإلس�لام" دون أن يوضح سبب‬ ‫ذكر الذبح هنا‪.‬‬

‫املدار�س قبل وبعد الأ�سود‬

‫وقب��ل البدء ف��ي الجه��ود غير المثم��رة من قبل‬ ‫"داع��ش" لتنظيم العملي��ة التربوية فإن التعليم‬ ‫في المنطقة الش��رقية قبل قدومها كان يقسم‬ ‫إل��ى قس��مين‪ ،‬األول يتمث��ل في الم��دارس التي‬ ‫تشرف عليها "وزارة التربية التابعة لنظام األسد"‬ ‫حي��ث أبقت المعارضة المس��لحة عل��ى االرتباط‬ ‫بين المناطق التي تس��يطر عليه��ا وبين النظام‬ ‫"تعليمي��اً" لعدم توف��ر االمكانيات الت��ي تؤهلها‬ ‫لتأمي��ن احتياج��ات المدارس وروات��ب المعلمين‪،‬‬ ‫وأبقى النظام عل��ى هذا االرتباط ألثره المعنوي‬ ‫على السوريين على كال الجبهتين‪ ،‬فظل يمارس‬ ‫من خالله سلطته على المعلمين ويجبرهم على‬ ‫زي��ارة المناط��ق التي تقع تحت س��يطرته وقتما‬ ‫يش��اء‪ ،‬أما القس��م الثاني فيتمث��ل في المدارس‬ ‫األهلي��ة الت��ي تم إنش��اؤها بدعم م��ن جمعيات‬ ‫محلية أو منظمات دولية‪.‬‬ ‫القسم األول من المدارس أجهزت عليها "داعش"‬ ‫م��ن خالل عزمه��ا على قطع االرتب��اط التعليمي‬ ‫بالنظام والس��يطرة على مق��ار التوجيه التربوي‬ ‫في العدي��د من المناطق كان آخره��ا بتاريخ ‪26‬‬ ‫‪ 2014 / 10 /‬حي��ن عم��ل على تحوي��ل التوجيه‬ ‫الترب��وي في مدينة الميادي��ن (‪ 45‬كم عن مركز‬ ‫المحافظ��ة) إلى مق��ر من مقرات��ه‪ ،‬وكذلك مقر‬ ‫التوجي��ه التربوي في البوكم��ال‪ ،‬والذي اقتحمته‬ ‫بتاريخ ‪ ،1014 / 11 / 7‬فك االرتباط هذا س��يولد‬ ‫أزم��ة ترتب��ط بتعيين المعلمين ال��وكالء والذين‬ ‫يش��كلون غالبية الك��وادر التعليمي��ة في الريف‪،‬‬

‫باإلضافة إلى مش��اكل في الشهادتين االعدادية‬ ‫والثانوية والدخول إلى الجامعة‪.‬‬ ‫أم��ا القس��م الثان��ي والمتمث��ل ف��ي الم��دارس‬ ‫التابع��ة للمنظم��ات األهلية فق��د تضافرت عدة‬ ‫عوام��ل إلنهاكه��ا واالجه��از عليه��ا‪ ،‬كان أوله��ا‬ ‫حج��ب المنظمات الداعم��ة التمويل عن المناطق‬ ‫الت��ي تق��ع تحت س��يطرة "داعش" بم��ا في ذلك‬ ‫المنظمات العاملة في المج��ال التعليمي‪ ،‬وكأنها‬ ‫تش��د على يدها وتساعدها على إغراق المنطقة‬ ‫بالمزيد من الس��واد‪ ،‬وفي ح��ال توفر هذا الدعم‬ ‫فإن��ه يجلب معه قدر كبير من الضغط النفس��ي‬ ‫ً‬ ‫حج��ة تطيح برقاب المس��ؤولين‬ ‫ألنه قد يش��كل‬ ‫جيل‬ ‫إلفس��اد‬ ‫المس��لمين‬ ‫غير‬ ‫مع‬ ‫بحج��ة التعامل‬ ‫ٍ‬ ‫من صغارهم‪.‬‬

‫"حرام يا �شيخ‪ ..‬وامر�أة ملفوفة بالأ�سود"‬

‫وتقول س��مر‪ ،‬س��يدة من دير الزور‪ ،‬وهي تمسح‬ ‫عل��ى رأس طفلها الذي تن��وي الهرب به من بين‬ ‫براثن "داعش" ال يوجد في رأس "الداعش��ي" إال‬ ‫أم��ران امرأة ملفوفة باألس��ود‪ ،‬وع��دد ال يحصى‬ ‫م��ن العب��ارات التي تل��ي الزمة "حرام يا ش��يخ"‬ ‫وه��ذه العقلية ال يمكن أن تقود إال إلى مزيد من‬ ‫العتم��ة‪ ،‬وهذا األمر يعتبر االختبار األول لألهالي‬ ‫فيم��ا يتعل��ق باحتمالهم لفكرة تحك��م "داعش"‬ ‫بمس��تقبلهم‪ ،‬هن��اك قل��ق واضح ل��دى األهالي‬ ‫يزداد مع ازدياد عدد األيام التي يقضيها أبناؤهم‬ ‫بدون دراسة‪ ،‬وتجلى ذلك في أول مظاهرة يقوم‬ ‫به��ا أطف��ال صغار في دي��ر الزور في الس��ادس‬ ‫من الش��هر الجاري‪ ،‬ض��د تنظيم الدول��ة لكنهم‬ ‫لم يس��جلوا اعتراضهم على الج��دران كما فعل‬ ‫أطفال درعا‪ ،‬بل سجلوه بأصواتهم الندية"‪.‬‬ ‫وم��ع عجز "داعش" ع��ن إدارة العملي��ة التربوية‬ ‫وطباعة مناهج تتوافق معه��ا‪ ،‬يتم االجهاز على‬ ‫القس��م األول م��ن الم��دارس بحج��ة الع��داء مع‬ ‫النصيرية والثاني بحجة الخوف من تس��رب بذور‬ ‫اإللحاد مع دعم الممولين‪ ،‬وال تجد "داعش" حرجًا‬ ‫في ترك مئ��ات اآلالف من الطلبة خارج المدارس‬ ‫(والعام الدراسي على وشك أن ينتصف) مهيؤون‬ ‫أكثر لالنضواء تحت رايتها‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كل ذل��ك اعتبر مؤش��راً خطيراً ح��ول النية التي‬ ‫تبيتها "داع��ش" إلدارة المنطق��ة تعليميًا‪ ،‬إال أن‬ ‫األم��ر لم يتوقف هنا‪ ،‬فقد ع��ادت لتصدر قرارات‬ ‫أكثر تش��دداً حيث طاف رجاالته��ا على المدارس‬ ‫الموج��ودة في المنطق��ة وأبلغوه��م أن الفصل‬ ‫بي��ن الذكور واإلناث يبدأ من عمر ‪ 6‬س��نوات وما‬ ‫فوق‪ ،‬وتم الطلب من كل مدير مدرس��ة التوقيع‬ ‫عل��ى مجموع��ة من الش��روط‪ ،‬يمك��ن تصنيفها‬ ‫في فئة "المضح��ك المبكي" وفق تعبير محمد‬ ‫الذي أكد أن من بين الش��روط ‪" ،‬أن أي مدرس��ة‬ ‫للذك��ور ال يج��وز أن تدخ��ل إليها أنث��ى تحت أي‬ ‫س��بب من األس��باب بحيث يكون كل المتواجدين‬ ‫في المدرسة من الجنس نفسه‪ ،‬وال يجوز لمدير‬ ‫المدرسة أن يرتبط بأي صلة مع معلمات مدرسة‬ ‫االناث التي تتبع لسلطته ‪ ،‬كما ال يجوز ألي معلم‬ ‫"ذكر" أن يمر بجانب جدار مدرس��ة اإلناث‪ ،‬ويمنع‬ ‫كذلك على المعلمات "المكلالت بالس��واد أساسًا"‬ ‫أن يرفع��ن الغطاء عن وجوههن أم��ام الطالبات‬ ‫في الصف"‪.‬‬

‫إحدى مدارس دير الزور قبل سيطرة «تنظيم الدولة»‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫يتذكر س��اخراً تلك اللحظة الت��ي أجبر فيها على‬ ‫توقي��ع التعهد بعدم إلقاء التحي��ة أو التحدث إلى‬ ‫أي معلمة تعمل في المدرس��ة التي كان يديرها‪،‬‬ ‫يحكم قبضته على قصاصات ورق صغيرة‪ ،‬قبل‬ ‫قطع يرمي بها في فضاء دير الزور‬ ‫أن يحولها إلى ٍ‬ ‫المدين��ة التي ضاق ذرعاً بها‪ ،‬يفكر بالس��فر إلى‬ ‫تركيا هرباً برأسه المثقل بالتناقضات والمآسي‪،‬‬ ‫س��عيد بأن��ه ما ي��زال يحتفظ به‪" ،‬محم��د" الذي‬ ‫قضى الس��نوات األخي��رة في التعلي��م واإلغاثة‪،‬‬ ‫لم يكن يخش��ى نظام األس��د حين عمل باس��مه‬ ‫الصري��ح‪ ،‬يضغ��ط بإبهام��ه على أح��د صدغيه‬ ‫صعوداً ونزو ًال‪ ،‬يطلب منّا عدم ذكر اس��مه خوفًا‬ ‫من "داعش"‪.‬‬ ‫كان يملك االس��تعداد للتسليم بأي يشيء يطلب‬ ‫منه للحفاظ على مس��تقبل المدرس��ة التي كان‬ ‫يديره��ا و‪-‬ربم��ا‪ -‬الحف��اظ عل��ى رأس��ه متص ً‬ ‫ال‬ ‫بجسده ألطول فترة ممكنة‪ ،‬حاله حال الكثير من‬ ‫العاملي��ن في قط��اع التعليم ف��ي المناطق التي‬ ‫تسيطر عليها "داعش"‪ ،‬يتحدث محمد عن التخبط‬ ‫التعليم��ي ال��ذي تعان��ي من��ه "الدول��ة" في دير‬ ‫الزور وانعكاس��ه على آالف م��ن األطفال كان من‬ ‫المفت��رض أن يكونوا في مدارس��هم اآلن‪" ،‬نحن‬ ‫نتحسر اليوم على المدارس التي أنشئت في ظل‬ ‫الحرب الدائرة في س��وريا على بس��اطتها‪ ،‬ألن ما‬ ‫حدث خالل األس��ابيع الماضية ف��ي المناطق التي‬ ‫تس��يطر عليها الدولة عص��ي على الوصف‪ ،‬بدأت‬ ‫األزمة حين أصدر التنظيم ‪-‬من خالل ما أس��ماه‬ ‫ديوان التعليم‪ -‬مجموعة من القرارات منها إلغاء‬ ‫العديد من الم��واد كالتربية الوطنية واالجتماعية‬ ‫والتاري��خ والفنون التش��كيلية والرياض��ة‪ ،‬وجاء‬ ‫ف��ي البي��ان أن م��واداً أخ��رى س��تضاف تعويضًا‬ ‫ع��ن هذه المواد م��ع التدخل في كل م��ن العلوم‬ ‫والفيزي��اء والرياضيات بطريقة هزلية تتناس��ب‬ ‫م��ع إيديولوجيات "داعش"‪ ،‬يتح��ول معها المعلم‬ ‫إل��ى مج��رد أضحوكة‪ ،‬ينط��ق بما ال يفق��ه‪ ،‬هذا‬ ‫باإلضافة إلى ش��روط أخرى تتعلق بالفصل بين‬ ‫الذك��ور واالن��اث ف��وق س��ن العاش��رة‪ ،‬وضرورة‬ ‫االلتحاق بدورات شرعية بالنسبة للمعلمين"‪.‬‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫ليلى العبد اهلل‬

‫‪9‬‬


‫الطريق �إىل ال�سويد بال�صوت وال�صورة‬

‫�سوري يوثق الرحلة غري ال�شرعية بهاتفه النقال‬ ‫تحقيقات ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫عامر محمد‬ ‫يلتق��ط محم��ود أنفاس��ه وه��و يص��ور‬ ‫لحظ��ات وصوله األولى إل��ى اليونان ‪ -‬التي‬ ‫ال ي��زال عالقاً فيه��ا حتى الي��وم ‪ -‬الفيديو‬ ‫المس��مى "س��وريون أول وصوله��م إل��ى‬ ‫جزي��رة يوناني��ة" الذي تظنه مج��رد دعابة‬ ‫ف��ي البداي��ة‪ ،‬يضح��ك فيه الش��اب ويقول‬ ‫إنه ف��ي أرض ال يعلم فيه��ا إال اهلل‪ ،‬يجول‬ ‫ف��ي الكامي��را عل��ى األرض الفارغ��ة التي‬ ‫"ال بش��ر فيها" لكن الطري��ق طويل فعليه‬ ‫تجاوز جبلي��ن‪ ،‬صوته وتعابير وجهه توحي‬ ‫بحماس��ة كبيرة تعتريه في تلك اللحظات‪،‬‬ ‫قبل أن يخت��م المقطع "‪ ٣٧‬ثاني��ة" متمني ًا‬ ‫للمتابعي��ن أن يصبحوا على وطن‪ ،‬ويطفئ‬ ‫الكاميرا ويتابع التسلل غير الشرعي‪.‬‬ ‫كغيره من آالف الش��بان الس��وريين يحاول‬ ‫محم��ود بيط��ار "‪ 22‬عام��اً" الوص��ول إل��ى‬ ‫الس��ويد ليكون الج��ئ هناك‪ ،‬بعد س��نوات‬ ‫ثالث من الترحال ف��ي تركيا ومصر وليبيا‪،‬‬ ‫حالماً بالكامب والراتب الشهري والمستقبل‬ ‫األفض��ل‪ ،‬لك��ن محمود ال يكتف��ي بالرحلة‬ ‫الشاقة وحسب‪ ،‬بل يحاول أن ينقل ألقرانه‬ ‫تفاصي��ل تجربت��ه الخاصة والقاس��ية كما‬ ‫يصفه��ا‪ ،‬عب��ر مقاطع فيدي��و يواظب على‬ ‫نش��رها على مواقع التواص��ل االجتماعي‪،‬‬ ‫المقاط��ع الت��ي تلق��ى متابعة كبي��رة كان‬ ‫الهدف منها بالنسبة لبيطار أن تكون وثيقة‬ ‫شخصية يعود إليها في يوم من األيام ليرى‬ ‫كيف كانت رحلت��ه‪ ،‬لكنها تحولت اليوم إلى‬ ‫دليل مصور يروي بعض تفاصيل الطريق‬ ‫غير الشرعي نحو أرض األحالم السويد‪.‬‬ ‫نام بيط��ار في ش��وارع تركي��ا حين وصل‬ ‫إليه��ا‪ ،‬ول��م يع��د ق��ادراً عل��ى الع��ودة إلى‬ ‫س��وريا يقول لس��وريتنا "تجول��ت في كل‬ ‫تركيا وعملت بمختلف المهن‪ ،‬عملت أحيان ًا‬ ‫لثمانية عشرة س��اعة في اليوم‪ ،‬ثم قررت‬ ‫التوج��ه إلى أورب��ا بعد أن انته��ت صالحية‬ ‫جواز س��فري" حين بدأ بيطار بنشر مقاطع‬ ‫الفيدي��و الت��ي يصورها لنفس��ه كان يريد‬ ‫أن يتكل��م فقط حين لم يجد من يس��معه‬ ‫"كنت قريباً م��ن االنفجار‪ ،‬لم أجد من أبوح‬ ‫له بكل ما اش��عر به‪ ،‬فبدأت أصور كل حدث‬ ‫أعيشه‪ ،‬وأروي يومياتي بطريقة بالفيديو"‬ ‫فوج��ئ بيط��ار من االقب��ال عل��ى متابعته‬ ‫"كانت تلك الفترة سوداء تمام ًا‪ ،‬فقد غادرت‬ ‫سوريا بعمر الثامنة عش��رة وكنت مسؤو ً‬ ‫ال‬ ‫ع��ن عائلتي ومعي ً‬ ‫ال لها‪ ،‬كان كل من حولي‬ ‫ف��ي تركيا يتحدث عن الهجرة أو اللجوء إلى‬ ‫أوربا‪ ،‬فاتخذت قراري وسلكت طريق البحر‪،‬‬ ‫صورت كل الرحلة‪ ،‬كي��ف نمت في الغابات‬ ‫وما كان طعامي‪ ،‬وماذا كنت ارتدي"‪.‬‬ ‫ال تمتاز مقاطع الفيديو التي ينشرها بيطار‬ ‫ب��أي تقنيات عالي��ة وهي قصي��رة جداً في‬ ‫الغال��ب‪ ،‬فه��و يصور عبر هاتف��ه المحمول‬

‫وبمس��اعدة بعض أصدقائه تلك الحكايات‪،‬‬ ‫يواجه الكاميرا ليقول بعض النكات أحياناً‪،‬‬ ‫وقد يقدم بعض النصح لحديثي االغتراب‪،‬‬ ‫وقد يعلق على تصرفات بعض المش��اهير‬ ‫العرب‪ ،‬أو يروي لنا حلمه المتكرر "الوصول‬ ‫إلى الس��ويد" منتقداً تج��ار عمليات تهريب‬ ‫البش��ر الذين جمعوا ماليين الدوالرات غير‬ ‫مكترثي��ن بأبس��ط قواعد الس�لامة خالل‬ ‫الرحل��ة‪ ،‬فيما يتابعه أكثر من ‪ 100‬ألف من‬ ‫رواد ش��بكات التواصل االجتماعي عبر عدة‬ ‫حس��ابات يديرها بنفس��ه‪ ،‬ويتلقى عبرها‬ ‫عشرات الرس��ائل من سوريين داخل البالد‬ ‫وخارجها يس��ألونه ع��ن الطري��ق والرحلة‬ ‫وتفاصيلها‪.‬‬ ‫ال يفك��ر بيط��ار بالع��ودة إلى س��وريا ألنها‬ ‫"راح��ت" وق��د رف��ض ع��روض تلفزيونية‬ ‫انهال��ت عليه س��ابق ًا ليق��دم انتاجه بطرق‬ ‫احترافية أكثر‪ ،‬س��بب الرف��ض هو أن هذه‬ ‫المؤسس��ات ال تش��بهه "ال أفض��ل الحديث‬ ‫بط��رق طائفي��ة أو تحريضي��ة‪ ،‬أن��ا أحاول‬

‫فقط زرع بس��مة ف��ي ظل كل ما نعيش��ه‬ ‫ونعانيه كس��وريين‪ ،‬أنا أق��وم بنقل الواقع‬ ‫فقط هذا هو مجالي الحقيقي"‪.‬‬ ‫وه��و ال يعتبر أنه نج��م الي��وم لكنه يؤكد‬ ‫أن��ه ال يتلقى نق��داً حاداً م��ن متابعيه على‬ ‫عكس آخرين يمارس��ون ذات النشاط على‬ ‫الش��بكة‪ ،‬وهدف��ه األساس��ي ه��و "إيصال‬ ‫رس��الة لكل من يود الوصول إلى الس��ويد‪،‬‬ ‫أخبره��م بأفضل الطرق وأقدم لهم بعض‬ ‫التوجيهات"‪.‬‬ ‫س��ألت محم��ود م��ا س��تفعل حي��ن تص��ل‬ ‫إلى الس��ويد؟ ق��ال إنه يري��د أن يصل إلى‬ ‫"الكامب" ويش��تري كاميرا صغيرة ويسجل‬ ‫عبرها ما سيعيش��ه هناك‪ ،‬ه��ذا كل حلمه‬ ‫اليوم‪ ،‬وبالنس��بة لس��وريا التي غادرها في‬ ‫"ليلة ال قمر فيها" فإن العودة إليها س��تكون‬ ‫بذات الوص��ف والحالة‪ ،‬وينصحكم بمتابعة‬ ‫واحد م��ن فيديوهاته اس��مه "الغربة" وهو‬ ‫فيديو يصفه بالحزين‪ ،‬لكنه يحبه‪.‬‬


‫بال مو�سيقى �أو والئم‪� ،‬أعرا�س دير الزور االحتفال ال�صامت‬ ‫دير الزور ‪ -‬عادل العايد‬

‫تحقيقات ‪. .‬‬

‫من��ع تنظي��م الدول��ة اإلس�لامية على ريف‬ ‫دي��ر الزور‪ ،‬إقامة األع��راس التي كانت تتم‬ ‫ف��ي المنطقة بش��كل مختلط بين النس��اء‬ ‫والرج��ال‪ ،‬مما أدى إلى فق��دان كثيرين من‬ ‫العاملين في مهن تعتمد على تلك األعراس‬ ‫لم��ورد رزقه��م الوحي��د‪ ،‬وفق��دان وجه من‬ ‫أوجه التعاون المشترك بين األهالي‪.‬‬

‫ال فرح مع حزن من حولك‬

‫مع س��يطرة تنظيم الدولة اإلس�لامية على‬ ‫ريف دير الزور‪ ،‬ق��ام بمنع حفالت األعراس‬ ‫التي كانت تق��ام في المنطقة بدعوى عدم‬ ‫جواز اختالط الجنس��ين‪ ،‬ويؤكد شهود عيان‬ ‫م��ن ري��ف دي��ر ال��زور‪ ،‬أن أف��راد التنظيم‬ ‫يقوم��ون بمهاجمة أي ع��رس مختلط يقام‬ ‫ف��ي المنطقة‪ ،‬فق��د هاجم عناص��ره إحدى‬ ‫ه��ذه الحفالت في ريف دير ال��زور الغربي‪،‬‬ ‫واس��تخدم العناص��ر المهاجم��ون الهراوات‬ ‫بقسوة إلخافة الناس وتفريقهم‪.‬‬ ‫يق��ول حم��د المحمود م��ن ريف دي��ر الزور‬

‫"إن الن��اس متخوف��ون من اإلج��راءات التي‬ ‫يمك��ن أن يتخذه��ا التنظي��م بحقه��م‪ ،‬في‬ ‫ح��ال تنظيمهم لحفلة لع��رس‪ ،‬لذلك يعمل‬ ‫أصحاب الع��رس إلى اختصار هذا االحتفال‪،‬‬ ‫وإحاطت��ه بنوع من الس��رية‪ ،‬أما الناس هنا‬ ‫فلم تعد تذهب إل��ى األعراس‪ ،‬اإلقبال كان‬ ‫أفض��ل قبل س��يطرة التنظي��م‪ ،‬وخصوص ًا‬ ‫م��ن ش��ريحة الش��باب‪ ،‬فالوض��ع األمن��ي‬ ‫واالقتص��ادي كان جي��داً مقارن��ة بالوض��ع‬ ‫اآلن"‪.‬‬

‫املت�ضررون كرث‬ ‫بمنع حف�لات األعراس تض��ررت عدة مهن‬ ‫كان��ت تعتم��د عليه��ا ف��ي عمله��ا‪ ،‬أو على‬ ‫تجهي��ز العروس‪ ،‬كمحالت تصوير األعراس‬ ‫ومصففات الش��عر وأصحاب محالت ألبس��ة‬ ‫وتجهيزات العروس‪ ،‬حيث منعت هي األخرى‬ ‫لمخالفتها الشريعة اإلسالمية حسب ما برر‬ ‫التنظيم ذلك‪.‬‬ ‫يق��ول عم��ر عل��ي صاح��ب مح��ل تصوي��ر‬ ‫لألع��راس "كان��ت مهن��ة جي��دة ل��ي‪ ،‬كنت‬ ‫ش��غوفاً بالتصوي��ر منذ الصغر‪ ،‬ل��ذا عملت‬ ‫على تعلم ه��ذه المهنة والعمل فيها‪ ،‬وهي‬ ‫تعطي م��ردوداً جيداً‪ ،‬وحتى بعد الثورة كان‬ ‫العم��ل ال ب��أس به‪ ،‬لك��ن مع من��ع التنظيم‬

‫له��ذه المهنة‪ ،‬تده��ورت أوضاع��ي المادية‬ ‫والتي كانت تش��كل مورد رزقي الوحيد‪ ،‬وال‬ ‫أستطيع حالياً الذهاب لتصوير حفل ما‪ ،‬ألنه‬ ‫بمجرد اكتش��افهم لمع��دات التصوير معي‬ ‫على أحد حواجزهم سوف يعتقلوني"‪.‬‬ ‫وع��ن توقف العم��ل في العديد م��ن المهن‬ ‫األخ��رى‪ ،‬يق��ول س��امر ‪ 28‬عام�� ًا م��ن ريف‬ ‫دي��ر الزور "توقفت مح�لات تجهيز العروس‬ ‫عن العم��ل بش��كل كامل‪ ،‬بع��ض مزينات‬ ‫ومصفف��ات الش��عر اعتقل��ن‪ ،‬وأقيمت لهن‬ ‫دورات اس��تتابة أو ما تسمى دورات شرعية‪،‬‬ ‫أما ع��ن المطربين فهم مهددي��ن من قبل‬ ‫التنظي��م بالقتل‪ ،‬إن ألق��ي القبض عليهم‬ ‫وهم يحيون حفالت األع��راس‪ ،‬باعتبار أنه‬ ‫يقوم بعمل منافي للشرع"‪.‬‬ ‫بينم��ا يرى خالد وهو ناش��ط م��ن ريف دير‬ ‫ال��زور‪" ،‬أن األع��راس كان��ت تعبير عن روح‬ ‫التع��اون والتضام��ن لدى أبناء العش��يرة أو‬ ‫القري��ة الواح��دة‪ ،‬حيث يجتمع أه��ل القرية‬ ‫ويقدم��ون المس��اعدات المالي��ة والعيني��ة‬ ‫للعريس��ين وأهلهم��ا‪ ،‬ومنع ه��ذه األعراس‬ ‫بالطريق��ة التي كانت تت��م بها من قبل هو‬ ‫إضع��اف للبني��ة االجتماعي��ة ف��ي المنطقة‬ ‫وقد يدف��ع األهالي نحو مزيد م��ن التقوقع‬ ‫واالنعزال"‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫ال�شرع مينع‬

‫طباخ األعراس في الجزيرة السورية‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫تعتب��ر األع��راس الت��ي تق��ام بالطريق��ة‬ ‫الش��عبية ف��ي ري��ف دير ال��زور‪ ،‬م��ن أبرز‬ ‫االحتفاالت ألهال��ي المنطق��ة‪ ،‬وكانوا قبل‬ ‫الثورة يولون اهتمام ًا بالغ ًا بها وبحضورها‪،‬‬ ‫أما بعد الثورة ولعدة أسباب‪ ،‬تراجع االهتمام‬ ‫بها وأصبح الزواج يتم بشكل مختصر جداً‪.‬‬ ‫ويؤك��د ذلك أحمد ن��ور من أبن��اء ريف دير‬ ‫ال��زور‪" :‬األع��راس قبل الث��ورة كانت تتميز‬ ‫بأج��واء احتفالية أكثر م��ن اآلن‪ ،‬حيث كانت‬ ‫تق��ام فيه��ا الوالئم أله��ل القري��ة والقرى‬ ‫المجاورة‪ ،‬وتعتبر وسيلة إلبراز القوة والمال‬ ‫بالنس��بة ألهل العريس‪ ،‬أما اآلن فإنها تتم‬ ‫بش��كل مختصر جداً حيث ال تقام والئم وال‬ ‫ع��رس بم��ا يتبعه م��ن حفلة أو ما يس��مى‬ ‫محلي ًا (الدبكة)"‪.‬‬ ‫وعن األسباب التي تدفع األهالي لعدم الفرح‬ ‫بالطريقة المعهودة من قبل‪ ،‬تقول ساجدة‬ ‫‪ 45‬وه��ي أم زوج��ت ابنه��ا البك��ر منذ فترة‬ ‫وجي��زة "الوقت حالياً غير مناس��ب للفرح‪ ،‬ال‬ ‫يمكن لك أن تف��رح وجيرانك يتألمون على‬ ‫من فقدوهم خالل القصف وخالل المعارك‪،‬‬ ‫أو أقارب��ك الذي��ن تحت��رق قلوبه��م عل��ى‬ ‫أبنائهم المعتقلين لدى النظام"‪.‬‬ ‫ويض��اف إل��ى ذل��ك األوض��اع االقتصادي��ة‬ ‫المتردي��ة‪ ،‬حي��ث يش��ير ياس��ين ‪ 28‬عام��اً‪،‬‬ ‫"أن الغ�لاء المتزاي��د وندرة الم��وارد‪ ،‬تلقي‬ ‫بظاللها عل��ى األهالي الذي��ن يعزفون عن‬ ‫إقامة أع��راس كبي��رة‪ ،‬فتكالي��ف األعراس‬ ‫وفق النم��ط القديم‪ ،‬ال��ذي يتضمن والئم‬ ‫للحض��ور واألق��ارب أصبح��ت مكلف��ة جداً‪،‬‬ ‫فتكلف��ة الوليم��ة لوحدها أصبح��ت تتجاوز‬ ‫‪ 400‬أل��ف لي��رة س��ورية‪ ،‬لذل��ك يقتص��ر‬ ‫الحضور على العائلة فقط"‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫�أزمة املثقف و�إخفاق الثقافة‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫في األي��ام القليلة الماضية رح��ل عن عالمنا‬ ‫العرب��ي أربع��ة م��ن الكب��ار‪ ،‬الس��يدة صباح‬ ‫وس��عيد عقل ونهاوند ورضوى عاشور‪ُ ،‬كتب‬ ‫عنهم الكثير‪ ،‬وكان مقرراً أن يحل سعيد عقل‬ ‫ضيفاً عل��ى زاوية وجوه من وطني وهو الذي‬ ‫أب��دع "قرأت مج��دك وزهرة المدائ��ن"‪ ،‬إال أن‬ ‫غرب��ان الثقافة التي حام��ت على جثة الراحل‬ ‫هي م��ا اس��تفزني لكتاب��ة ملفن��ا اليوم في‬ ‫ٍ‬ ‫ونعي للمش��هد والمثقف‬ ‫تحيةٍ لس��عيد عقل‬ ‫العربيين‪.‬‬ ‫قبل انطالق مراس��م دف��ن ش��اعرنا الكبير‪،‬‬ ‫وبعد دقائق من إعالن وفاته‪ ،‬بدأ طاحون الشر‬ ‫بال��دوران عل��ى مواقع التواص��ل االجتماعي‪،‬‬ ‫وج��رى اس��تحضارٌ س��اذج للق��اء عق��ل م��ع‬ ‫التلفزيون االس��رائيلي مطالع الثمانينات من‬ ‫الق��رن الماض��ي‪ ،‬وكأن االقتت��ال الذي وصل‬ ‫حت��ى داخ��ل المذه��ب الواحد بي��ن حزب اهلل‬ ‫وأم��ل وبين أجنحة الق��وات اللبنانية ووحدات‬ ‫من بقايا الجيش النظامي ميشال عون‪ ،‬حتى‬ ‫استنفذت الس��احة اللبنانية أدوارها االقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬كان من صنيعة س��عيد عقل‪ ،‬وكأن‬ ‫اللبنانيين لم يدفنوا الحرب والثأر على مائدة‬ ‫الطائ��ف‪ ،‬وكأن أط��راف القت��ال ف��ي الح��رب‬ ‫األهلي��ة م��ن جمي��ع الفئ��ات كان��وا مالئكة‪،‬‬ ‫ووحده الشيطان هو الشاعر الذي حكى‪.‬‬ ‫وإن كنا ال نؤي��د موقف عقل في حينه إال أننا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عربية س��ورية‪ ،‬ولن ننس��ى‬ ‫قامة‬ ‫ال ننس��ى‬ ‫مواق��ف عق��ل قب��ل الح��رب األهلي��ة وبع��د‬ ‫الطائف وخالل حرب تموز وغيرها‪ ،‬إال أن قرن ًا‬ ‫كام ً‬ ‫ال من الزمن قضاه مبدعٌ في هذا الشرق‬ ‫لم تشفع له أمام نعيق الغربان‪.‬‬ ‫ملفنا اليوم وإن حمل في طياته عناوين أزمة‬ ‫ٌ‬ ‫تحية‬ ‫المثقف وأزمة الثقافة إال أنه في النهاية‬ ‫لم��ن أخرج جني الس��حر م��ن القمقم بيمينه‬ ‫وحمل س��ر س��ليمان ف��ي قلبه ك��ي يروض‬ ‫الجني وال يخرجه عن عقاله‪.‬‬

‫أزمة ثقافية‬ ‫عن � ٍ‬ ‫الثقافة الحقيقية هي التي تنطلق في رؤيتها‬ ‫للحياة من مبادئ راسخة وقيم عظيمة تحترم‬ ‫حرية اإلنس��ان وكرامته‪ ،‬بينم��ا االيديولوجيا‬ ‫تنطل��ق من رؤية باطنها سياس��ي وظاهرها‬ ‫مغل��ف بالثقاف��ة المزورة أو الدين المس��يس‬ ‫والمزي��ف‪ ،‬وكلم��ا تس��يس الدي��ن أو الثقافة‬ ‫كلم��ا تحول��ت القي��م إل��ى قيود يس��تخدمها‬ ‫الج�لادون لتكبيل حرية اإلنس��ان مما يجعلها‬ ‫منافية لمبادئ الفك��ر القيمي المنتج للثقافة‬ ‫االيجابية الخالقة‪.‬‬ ‫"س��وف يكون ش��عب هذه البالد محظوظ ًا إن‬ ‫لم يحمل له المس��تقبل أيام ًا أكثر س��وءاً من‬ ‫األي��ام التي أمضاها كاره�� ًا في ظل االنتداب‬ ‫الفرنسي" بهذه الجملة ختم ستيفن لونغريج‬ ‫كتاب��ه "تاريخ س��وريا ولبنان تح��ت االنتداب‬ ‫الفرنسي" الصادر عام ‪.1957‬‬ ‫لس��وء الحظ مرت أيام أس��وء بكثير من أيام‬ ‫االس��تعمار الفرنس��ي‪ ،‬وتتال��ت النكبات لعل‬ ‫أوله��ا الفش��ل في بن��اء دولة وطني��ة وغياب‬ ‫االندماج والثقة الوطنية التي تش��كل طبيعة‬ ‫النظام السياس��ي وهي��كل أولوياته‪ ،‬أما على‬

‫معرفة ال جهل فيها ال تبدو ‪ ..‬جهل ال معرفة فيه ال يبدو | الفنان‪ :‬منير الشعراني‬

‫الصعيد الثقافي فلنا أن نذكر ما قاله هش��ام‬ ‫جعي��ط في كتابه "أزمة الثقافة اإلس�لامية"‪:‬‬ ‫"ف��ي الجمل��ة‪ ،‬حالة العال��م العرب��ي متردية‬ ‫جداً ف��ي مجال االرتق��اء باإلنس��ان ومواكبة‬ ‫عص��ره‪ .‬ولع��ل أيديولوجي��ا التنمي��ة تدخ��ل‬ ‫أيض��ا في المس��ببات‪ ،‬لق��د قتلون��ا بإنجازات‬ ‫النس��يج والبناء والجلد والحديد والبالستيك‪،‬‬ ‫فنق��ول‪ :‬طيب‪ ،‬هذا جيد وحص��ل تقدم‪ ،‬لكن‬ ‫ال تقلقون��ا بهذا األمر‪ ،‬فأنتم ما زلتم بعيدين‬ ‫عن مستوى العالم الحديث في هذا المجال"‪.‬‬ ‫ويتس��اءل فهمي جدعان ف��ي كتابه "الطريق‬ ‫إل��ى المس��تقبل" عن الس��ر ال��ذي يجعل من‬ ‫الزم��ن العربي ش��اهداً على إخف��اق األحالم‬ ‫ببن��اء نهضة عربي��ة مرتقبة‪ ،‬وعن س��ر هذا‬ ‫التراج��ع الكبير عن األه��داف الجوهرية التي‬ ‫نصبها رواد النهضة غاية لهم ولمن بعدهم‪.‬‬ ‫وف��ي كتاب��ه "سياس��ات اإلس�لام المعاص��ر"‬ ‫يقول رضوان السيد‪" :‬خطرت لي قبل سنوات‬ ‫خاطرة نش��رتها في إحدى الصح��ف‪ ،‬مؤداها‬ ‫أنن��ا مختلف��ون ع��ن العالم كله م��ن حيث أن‬ ‫الثقافة والسياس��ة في مجالنا العربي تس��ير‬ ‫ف��ي اتجاه معاك��س لطبائع األم��ور واألفكار‪.‬‬ ‫ففي المجال الثقافي‪ ،‬محمد عبده أقل ثقافة‬ ‫وانفتاحا م��ن جمال الدين األفغاني أس��تاذه‪،‬‬ ‫ومحمد رش��يد رض��ا أقل انفتاحا من أس��تاذه‬ ‫محمد عبده‪ ،‬وحس��ن البنا أقل ثقافة وانفتاحا‬ ‫من رائده رشيد رضا‪ ،‬وسيد قطب أقل انفتاحا‬ ‫من رائده حس��ن البنا‪ ،‬وعمر عبد الرحمن أقل‬ ‫ثقافة وانفتاحا من سيد قطب"‪.‬‬ ‫إخف��اق الثقاف��ة العربية إخفاق قيمي س��ببه‬ ‫غي��اب الحري��ة‪ ،‬ذل��ك المقدس ال��ذي لم ينل‬ ‫الع��رب ش��رف االنتماء إليه‪ ،‬وقب��ل أن يكونوا‬ ‫أح��رارا ل��ن تك��ون لهم حض��ارة وستس��تمر‬ ‫إخفاقاته��م وأزماتهم وهزائمهم ولن تتجاوز‬ ‫خطواتهم الحضارية نقطة الصفر وسيظلون‬ ‫تابعي��ن لآلخ��ر وقابعين تحت هيمنته س��واء‬ ‫أراد به��م خيراً أم ش��راً‪ .‬لكن اللوم ليس على‬ ‫ذل��ك اآلخر الذي من حق��ه أن يعتز بحضارته‬ ‫وثقافت��ه ويحافظ على مصالح��ه وإنما اللوم‬ ‫عل��ى العقل العربي الذي لم يس��تطع التحرر‬ ‫من خرافته وقيوده وجهله البدائي المؤسس‪.‬‬ ‫واألزمة التي يمر بها مثقفونا العرب ليس في‬ ‫األفق بش��ائر حل لها طالما ما زال في وطننا‬

‫العرب��ي أنظمة قادرة على تحجيم وإلغاء دور‬ ‫الثقافي‪ ،‬وطالما هناك أحزاب وقيادات أحزاب‬ ‫رغ��م برامجه��ا التقدمي��ة والش��عارات الت��ي‬ ‫تطلقها‪ ،‬تمارس نفس دور األنظمة في إلغاء‬ ‫دور الثقافي وجعله تابعًا لها‪..‬‬ ‫المثق��ف العربي بحاجة إلى مش��اريع ثقافية‬ ‫لينه��ض من أزمت��ه‪ ،‬لينتج إبداع��ات جديدة‪،‬‬ ‫واأله��م م��ن كل ذل��ك إيج��اد فس��حة م��ن‬ ‫الديمقراطي��ة والحري��ة لينتق��د م��ن أج��ل‬ ‫التقوي��م واإلصالح وإال فإنن��ا ذاهبون جميعًا‬ ‫إلى عصر انحطاط جديد‪.‬‬

‫عن املثقف العربي‬ ‫بعيداً عن متاهات التعريف والتحديد النمطي‪،‬‬ ‫يمك��ن الق��ول إن المثقف ه��و كل من يعتقد‬ ‫نفس��ه أو يعتق��ده اآلخرون مثقف�� ًا‪ ،‬ويرى أن‬ ‫ل��ه دوراً أو يعتق��د اآلخرون أن ل��ه هذا الدور‪،‬‬ ‫وبالتال��ي يمك��ن نق��ده وتقويم��ه على مدى‬ ‫إنج��ازه ل��دوره ومهمته المنبثقي��ن من كونه‬ ‫مثقف��اً باعتقاده ه��و في المق��ام األول‪ ،‬وإذا‬ ‫م��ا نظرنا عملي�� ًا إلى طبيعة ه��ذه المهمة أو‬ ‫الدور‪ ،‬فس��نجد أنها تنحص��ر في انتاج الوعي‬ ‫بغض النظر عن االختالف في طبيعته‪ ،‬ومن‬ ‫ثم تأسيس سلوك يتماش��ى مع ذلك الوعي‪،‬‬ ‫فكل مثقف يحدد لنفس��ه دوراً في انتاج وعي‬ ‫معين‪ ،‬س��واء أكان ذلك المثقف أديبًا أم فنانًا‬ ‫أم صحافياً أم غير ذلك‪.‬‬ ‫والوع��ي بصف��ة عام��ة‪ ،‬ه��و الوس��يط بين‬ ‫اإلنس��ان واألشياء‪ ،‬وبين االنس��ان واالنسان‪،‬‬ ‫فالوع��ي ه��و التمث��ل الذهن��ي لألش��ياء‬ ‫والموج��ودات‪ ،‬وعل��ى ذل��ك ف��إن الوع��ي وما‬ ‫يش��كله‪ ،‬عب��ارة ع��ن وس��يط معرف��ي يقف‬ ‫بين اإلنس��ان والمحيط الذي يعيشه‪ ،‬بل هو‬ ‫الراب��ط بين االنس��ان وهذا المحي��ط‪ ،‬أي أنه‬ ‫يش��كل في التحليل األخير المورد الرئيس��ي‬ ‫لس��لوك االنس��ان وردود أفعاله واس��تجاباته‬ ‫لذلك المحيط‪ ،‬أما كيف يتشكل الذهن وكيف‬ ‫يتحدد العق��ل وكيف يتكون الوع��ي بالتالي‪،‬‬ ‫سواء على مس��توى األفراد أو الجماعات‪ ،‬فإن‬ ‫تلك المس��ألة تتعدد فيه��ا اآلراء واالتجاهات‪،‬‬ ‫ويكفي القول هنا أن المثقف هو أحد مصادر‬ ‫تكون الذهن وتش��كل العقل ومن ثم نش��وء‬


‫حتية �إىل �سعيد عقل‬ ‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫ولد س��عيد عقل عام ‪ 1912‬ف��ي مدينة زحلة‬ ‫ش��اعراً مارداً لقب بالش��اعر الصغير ألنه كان‬ ‫ش��اعراً من��ذ طفولت��ه‪ ،‬هو ش��اعر الدهش��ة‬ ‫والجم��ال وكثاف��ة الكلم��ة‪ ،‬وهو م��ن قال في‬ ‫مقدمة "المجدلية"‪" :‬أرى أن الالوعي هو رأس‬ ‫حاالت الش��عر‪ .‬ورأس حاالت النثر الوعي‪ .‬قبل‬ ‫إبداعي الش��عر‪ ،‬بل في ذروة إبداعي‪ ،‬ال أكون‬ ‫واعياً في ذاتي وال واحداً من األشياء الواضحة‪.‬‬ ‫أن ال أث��ر فكريّاً ذا قيمة‪ ،‬رياضياً كان‬ ‫والثابت ّ‬ ‫أم سياس��يًا‪ ،‬موس��يقيًا أم ش��عرياً‪ ،‬تحقق في‬ ‫الضوء"‪.‬‬ ‫ه��و الش��اعر ذهب��ي الف��م الذي ق��ال "حلمت‬ ‫وكان الضح��ى لم يف��ق‪ ..‬بأن وس��ادك زندي‬ ‫القلق‪ ،‬وفوق محياي‪ ،‬شعرك نهر‪ ..‬من الذهب‬ ‫المندري المندفق‪ ..‬أهي م��رة‪ ،‬ومراراً أضيع‪..‬‬ ‫كما وردة في العبير العبق‪ ..‬هويناك‪ ،‬يا حلم‪..‬‬ ‫هذا المس��اء‪ ،‬ستقسو‪ ،‬وبعد غد سترق‪ ..‬أنا مرّ أسبوع عمر ولمّا‪ ..‬أمرّ بدارتها أسترق إلى‬ ‫حس��نها‪ ..‬قلتني بلبل األيك‪ ..‬ش��رده عندليب نزق‪ ،‬تجيء الفراش��ات محلوليات‪ ..‬إلى حيف‬ ‫شباكي المنغلق"‪.‬‬ ‫سعيد عقل كاهن في معبد الشعر‪ ،‬انقطع عن دراسته الثانوية على إثر رحيل والده‪ ،‬وفي‬ ‫مطالع الش��باب عقد صداقاتٍ مع قدموس وفخر الدين واألمير بش��ير وارتحل في سفينةٍ‬ ‫يقوده��ا بحار ٌة فينيقيون‪ ،‬ليعود ويرس��م لوح��اتٍ عن لبنان المجد والفتن��ة وهو من قال‪:‬‬ ‫"هن��ا تح��ت كل ترابه‪ ..‬مفاتن مجد‪ ..‬هنا اهلل ش��رع باب��ه‪ ..‬وضمك ضمة وج��د‪ ..‬هنا جبل‬ ‫ال األس��اطير أش��هى‪ ..‬وال الشمس أبهى‪ ..‬أحايين يغري س��هوله‪ ..‬بفل وورد‪ ..‬أحايين يلعب‬ ‫يغري البطولة‪ ..‬برمية نرد"‪.‬‬ ‫ثالث شعراء في جسدٍ واحد شاعر القومية السورية وشاعر الهوية العربية وشاعر اللبنانية‬ ‫المسيحية وربما طغت األخيرة عندما انتصر الخوف الكامن في داخله كفردٍ من أفراد أقلية‬ ‫تجرعت عبر التاريخ‪ ،‬كل أصناف االضطهاد على يد الوالة العثمانيين وغير العثمانيين‪.‬‬ ‫مارس الصِّحافة والتعليم‪ .‬لكنّه استقر في بيروت في مطلع الثالثينَّيات َ‬ ‫وكتَبَ في جرائد‬ ‫"البرق والمعرض ولسان الحال والجريدة"‪ ،‬وفي َّ‬ ‫مجلة "الصَّيّاد"‪ .‬ودرّس في مدرسة اآلداب‬ ‫العليا‪ ،‬وفي مدرس��ة اآلداب التابعة لألكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة‪ ،‬وفي دار المعلمين‪،‬‬ ‫والجامع��ة اللبنانيّ��ة‪ .‬كم��ا درّس تاريخ الفك��ر ُّ‬ ‫اللبناني في جامعة ال��رُّوح ُ‬ ‫القدُس وتعمق‬ ‫الهوتيَّة في معه��د ال ّ‬ ‫ً‬ ‫الهوت في مار‬ ‫في دراس��ة الاله��وت واألدب العالم��ي وألقى دروس��ًا‬ ‫انطونيوس األش��رفية‪ ،‬كما درس تاريخ اإلس�لام ْ‬ ‫وفِقهَهُ‪ ،‬وأحب في االسالم أن اهلل ليس‬ ‫رَبَّ جماعة دون سواها وانّما هو ربُّ العالمين‪ ،‬وهو من غنت له فيروز كاهنة المعبد أيضًا‪:‬‬ ‫غني��ت مك��ة أهله��ا الصي��دا والعي��د يم�لأ أضلع��ي عي��دا‬ ‫فرح��وا ف�لأأل تحت كل س��ما بي��ت على بي��ت اله��دى زيدا‬ ‫وع�لا اس��م رب العالمي��ن ع�لا بنيان��ه كالش��هب ممدودا‬ ‫ي��ا ق��ارئ الق��رآن ص��ل ل��ه أهل��ي هن��اك وطي��ب البي��دا‬ ‫م��ن راك��ع وي��داه آنس��تا أن لي��س يبق��ى الب��اب موصودا‬ ‫أن��ا أينم��ا صل��ى األن��ام رأت عين��ي الس��ماء تفتح��ت جودا‬ ‫ل��و رمل��ة هتف��ت بمبدعه��ا ش��جوا لكن��ت لش��جوها عودا‬ ‫نادى س��عيد عق��ل بتخصيص ربع الموازنة الس��نوية لإلبداع الفن��ي والمعرفي الذي خلق‬ ‫لبن��ان وخلق��ه‪ ،‬وبعد أن أص��در "لبنان إن حكى" وفي ع��ام ‪ 1962‬جائزة ش��عريّة من ماله‬ ‫الخاص َقدْرُها ألفُ ليرة لبنانية تمنح ألفضل صاحب أثر يزيد لبنان والعالم حُبّاً وجما ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫سعيد عقل شاعر العنفوان الذي قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫المُزن‬ ‫شُ��غِفتُ أنا بالعُن ُف��وانِ‪ ،‬خَبَرتُ��هُ صُنوفا‪ ،‬وآخان��ي كما الغَيْم��ة‬ ‫ولكنَّن��ي للعُن ُف��وانِ ِبمِر َق��م تمايَل��تُ‪ُ ،‬قل��تَ َّ‬ ‫الطي��رُ م��ال ب��هِ الغُصنُ‬ ‫ٍ‬ ‫سَ��تَرجعُ رُجْعي السَّيفِ طيَّبَهُ السَّنُّ‬ ‫س��تَكبُرُ إن تُهزَم ألنَّك في َغدٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫هَدْن‬ ‫��غ المنُىَ كفى أن مشَ��ينا ال الت��واء‪ ،‬وال‬ ‫وم��ا هَ��مَّ أن مُتنا ول��م نَب ُل ِ‬ ‫غداً في خُطانا يَجْبَهُ الصَّعبَ ْ‬ ‫بَنُون هُمُ األسيافُ‪ ،‬مِقبَضُها نَحْنُ‪.‬‬ ‫نَفسَهُ‬ ‫َ‬ ‫جنح عقل وهو من قارع ش��عراء الجاهلية بفصاحة ش��عره إلى أبجديةٍ لبنانية اس��تخدمت‬ ‫الح��رف الالتين��ي‪ ،‬باإلضافة إلى بضع��ة أحرف مصمم��ة حديثا وبعض الح��روف الالتينية‬ ‫المعلمة لتتناسب مع علم األصوات اللبناني احتوت ‪ 36‬حرفًا‪.‬‬ ‫قبل أيام رحل س��عيد عق��ل وهو من قال‪ :‬الحيا ُة العزمُ‪ ،‬حتى إذا أن��ا انتهيتُ تَوَ ّلى َ‬ ‫القبرُ‬ ‫عزمي من بَعدي‪ ،‬ونحن اليوم ال ننعي من جسَّ��د الش��اعر في أبهى ما يكون الشعر التقى‬ ‫ِّ‬ ‫المعلمَ والمصلحَ‪ ،‬واألديبُ الخطيبَ الذي‬ ‫والفنَّان‬ ‫فيه الش��اعرُ الفيلس��وفَ والالهوتيّ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫صفحة طويت من تاريخنا المعاصر ننعي‬ ‫تنتظره المنابر‪ ،‬في مواسم البالغة‪ ،‬وإنما ننعي‬ ‫زمن عقل زمن الحلم بالنهضة والجمال ننعي زماننا وزمانه‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫وعي معين وسلوك محدد لدى الجماعة‪.‬‬ ‫ومع بعض االستثناءات يبقى المثقف العربي‬ ‫مؤدلج��ًا أكثر من غي��ره‪ ،‬وقطعيًا في مقوالته‬ ‫أكثر من غيره‪ ،‬وأس��ير الوعي السائد ومنقاداً‬ ‫ف��ي مجال إنتاج الوعي أكث��ر من غيره‪ ،‬ولعل‬ ‫ما ذكرناه آنفًا عن موقف بعض المثقفين من‬ ‫مثال على ذلك‪.‬‬ ‫رحيل سعيد عقل أكبر ٍ‬ ‫فلو نظرنا إلى خطاب المثقف العربي ومواقفه‬ ‫من القضاي��ا العامة الكبرى‪ ،‬لتبي��ن لدينا أننا‬ ‫نفتقر حتى اليوم للمثقف الموضوعي البعيد‬ ‫ع��ن اإليديولوجية‪ ،‬هذا الكالم وبحس��ب عبد‬ ‫اإلل��ه بلقزيز في كتابه "إش��كالية المرجع في‬ ‫الفكر العرب��ي المعاصر" الصفحة التاس��عة‪،‬‬ ‫وإن كان يصدق على المجموع‪ ،‬فهو ال يصدق‬ ‫منطقي��ًا وعلميًا على أف��راده وإلى هذا فهو ال‬ ‫يهتم باالستثناء بل يهتم بالقاعدة‪.‬‬ ‫والمثق��ف العربي أياً كان��ت خلفياته يدور في‬ ‫حلق��ةٍ مفرغة‪ ،‬مفادها أن��ك إذا أردت تطبيق‬ ‫الش��عار الذي تن��ادي به‪ ،‬يجب علي��ك أن تغير‬ ‫المجتم��ع جذري��ًا‪ ،‬ولكي تغي��ر المجتمع جذري ًا‬ ‫عليك تعميم الش��عارات التي تن��ادي بها أو ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫ولع��ل م��ا وصل إلي��ه الخطاب االس�لامي في‬ ‫دليل‬ ‫مص��ر بع��د وصوله إلى الس��لطة‪ ،‬خي��ر ٍ‬ ‫على تل��ك الدائرة التي تحيط بالوعي العربي‬ ‫وتخنقه‪ ،‬فبحس��ب الخط��اب المذكور البد من‬ ‫الس��لطة أو ً‬ ‫ال لتحقي��ق المجتم��ع اإلس�لامي‪،‬‬ ‫والب��د م��ن المجتم��ع اإلس�لامي أو ً‬ ‫ال لتحقيق‬ ‫السلطة‪ ،‬هنا وجدت هذه اإليديولوجيا نفسها‬ ‫م��أزق‪ ،‬لي��س أمامه��ا إال أن تنكفئ على‬ ‫ف��ي‬ ‫ٍ‬ ‫جملة وتفصي ً‬ ‫ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫ذاتها وتحاول اعتزال المجتمع‬ ‫وتك��ون الغيت��و الخاص به��ا أو أنه��ا تلجأ إلى‬ ‫إعالن الحرب على المجتمع ذاته‪.‬‬ ‫وليس��ت االيديولوجي��ا االس�لامية وحدها من‬ ‫ترس��م الدائ��رة‪ ،‬ف��كل خط��اب إيديولوج��ي‬ ‫يعاني المأزق نفسه بش��كل أو بآخر‪ ،‬فعندما‬ ‫تحدث خروتش��وف ف��ي أوائل الس��تينات عن‬ ‫الش��يوعية‪ ،‬كان يقول إن الشيوعية ال يمكن‬ ‫أن تنتصر إال بانتصار فضائل الشيوعية التي‬ ‫ال يمك��ن تحقيقه��ا‪ ،‬وف��ق النظ��رة اللينينية‪،‬‬ ‫إال ع��ن طري��ق ث��ورة النخب��ة م��ن الثوريين‬ ‫المحترفين والوصول إلى الس��لطة‪ ،‬والش��يء‬ ‫نفس��ه نجده عند المتح��دث االيديولوجي عن‬ ‫الديمقراطية بصفتها نظاماً شام ً‬ ‫ال‪ ،‬فال نجاح‬ ‫ً‬ ‫للديمقراطي��ة بوصفه��ا نظام��اً سياس��يا إال‬ ‫بانتش��ار القيم الديمقراطية االجتماعية‪ ،‬وال‬ ‫يمك��ن أن تنتش��ر تلك القي��م إال بقيام نظام‬ ‫سياس��ي ديمقراطي‪ ،‬كما يقول دعاة الخطاب‬ ‫القوم��ي البحت إن��ه ال نجاح للوح��دة العربية‬ ‫الش��املة إال بانتش��ار اإليم��ان المطل��ق بهذه‬ ‫الوحدة وفكره��ا القومي‪ ،‬غير أن هذا اإليمان‬ ‫ال يمكن أن ينتش��ر انتش��اراً س��احق ًا إال بقيام‬ ‫الوح��دة نفس��ها‪ ،‬وإن لم يكن فبقي��ام إقليم‬ ‫يك��ون مركزاً للدع��وة والتبش��ير‪ ،‬أي القبض‬ ‫على السلطة بهذا الشكل أو ذاك‪.‬‬ ‫ج��ل المثقفي��ن الع��رب يملك��ون مش��روع ًا‬ ‫متكام ً‬ ‫ال حول الدول��ة والمجتمع‪ ،‬ينطبق على‬ ‫خصوصي��ات الف��رد وص��و ً‬ ‫ال ألدبي��ات الحكم‪،‬‬ ‫عل��ى اعتباره يمث��ل الحقيقة وال حق س��واه‪،‬‬ ‫وف��ي ضوض��اء االيديولوجي��ا يت��م إغف��ال‬ ‫القضايا البسيطة واألساسية في الوقت عينه‬ ‫والتي تعتم��د عليها الحياة الكريمة المعاش��ة‬ ‫للفرد المحس��وس‪ ،‬ال ذلك الكائن المجرد في‬ ‫أمة مجردة‪ ،‬ويتم إغف��ال القضايا االجتماعية‬ ‫الحقيقي��ة والملح��ة‪ ،‬لمصلح��ة قضاي��ا األمة‬ ‫والقضايا الوجودية‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫�أمري الكمان‪� :‬سامي ال�شوا ‪1965 – 1889‬‬ ‫وجوه من وطني ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫ياسر مرزوق‬ ‫ولد س��امي الش��وا عام ‪ 1889‬العام‬ ‫الذي شهد مولد عبقريات كثيرة في‬ ‫عال��م األدب والفن‪ ،‬عب��اس محمود‬ ‫العقاد وطه حسين واألديب ابراهيم‬ ‫المازن��ي وعب��د الرحم��ن الرافع��ي‬ ‫ونجي��ب الريحان��ي وأمي��ر الكم��ان‬ ‫سامى الش��وا‪ ،‬وتختلف المصادر في‬ ‫تحدي��د مكان الوالدة إذ يذكر صاحب‬ ‫األعالم ميالده في حي الهزازة بحلب‬ ‫والذي يعرف اليوم بـ»حوش الشوا»‪،‬‬ ‫بينما يقول أحمد العالونة في كتابه‬ ‫«األع�لام» الصفح��ة ‪ 57‬أن والدت��ه‬ ‫كانت في القاهرة ع��ام ‪ ،1889‬وقد‬ ‫حس��م الش��وا الخالف حي��ن قال في‬ ‫الفص��ل األول م��ن مذكرات��ه‪« :‬منذ‬ ‫ع��ام ‪ 1867‬مكث وال��دي عامين في‬ ‫مص��ر قام بعدها برحل��ة فنية طاف‬ ‫بها مص��ر والش��ام واس��طنبول ثم‬ ‫حل��ب لزيارة والده الياس الش��وا عاد‬ ‫بعده��ا إل��ى مص��ر ليس��تقرّ فيها‪،‬‬ ‫فاتخذ له مس��كن ًا في باب الش��عرية‬ ‫ف��وق صيدلي��ة «جامات��ي» حي��ث‬ ‫قضى س��ت س��نوات وهن��اك ولدتُ‬ ‫أنا وش��قيقتي جميلة»‪ .‬ويضيف في‬ ‫مكانٍ آخر «وعندما ّ‬ ‫حطت رحال أبي‬ ‫ف��ي حلب ليس��تقرّ فيه��ا‪ ،‬كنت في‬ ‫السابعة من عمري»‪.‬‬ ‫ينتمي الش��وا إلى أس��رة فنية عريقة في‬ ‫حلب‪ .‬تل��ك المدينة التي احتف��ت بالفنون‬ ‫تاريخي�� ًا‪ ،‬ولكم ذك��ر التاريخ قصر س��يف‬ ‫الدول��ة الحمدان��ي‪ ،‬ال��ذي كان منت��دى‬ ‫كب��ار الكت��اب والش��عراء‪ ،‬وملتق��ى نوابغ‬ ‫الموسيقيين والمطربين‪.‬‬ ‫ول��م يقص��ر الحلبي��ون اهتمامه��م عل��ى‬ ‫إنعاش اللغة واألدب فقط‪ ،‬ولكنهم اهتموا‬ ‫بالموس��يقا والط��رب‪ .‬فكان��ت تش��اد في‬ ‫صاالت بيوت األسر الوجيهة أمكنة مرتفعة‬ ‫تجلس فيه��ا جوقات المطربين وتنبس��ط‬ ‫أمامه��ا فس��حات تس��توعب الراقص��ات‬ ‫والراقصين‪.‬‬ ‫كان ج��ده األكبر ع��ازف كم��ان وعمل في‬ ‫تخ��ت عبده الحمولي وكان ج��ده ألبيه من‬ ‫أمه��ر عازفي القان��ون وكان والده انطوان‬ ‫الش��وا من أمه��ر عازفي الكم��ان وهو أول‬ ‫م��ن أدخل آلة الكمان إلى التخت الش��رقي‬ ‫وجعلها رئيس��ية فيه فقد كانت آلة الربابة‬ ‫ه��ي التي تقوم ب��دور الكم��ان قبل ذلك‪،‬‬ ‫وكان حبي��ب بن جرجي زرقا زوج ش��قيقة‬ ‫أنط��وان الش��وّا‪ ،‬يعمل مع��ه ضارب ًا على‬ ‫الرق أيضاً‪.‬‬ ‫يق��ول الش��وا ف��ي مذكرات��ه‪« :‬كان جدّي‬ ‫الكبي��ر يوس��ف ع��ازف كم��ان يق��ود تخت ًا‬ ‫مكوّناً من ابنه الياس عازف ًا على القانون‪،‬‬ ‫وابنه أنطون على الكمان وابنه عبود على‬ ‫الع��ود وابنه حبيب على الطبلة والنقرزان‪،‬‬ ‫واش��تهرت ه��ذه الفرق��ة باس��م «نوب��ة‬ ‫الش��وّا»‪ .‬لم تكن هذه الفرق��ة من الهواة‬ ‫ب��ل م��ن العازفي��ن البارعين‪ ،‬ولي��س ّ‬ ‫أدل‬

‫على ذلك م��ن أنهم أحيوا احتفاالت النصر‬ ‫التي أقامها القائد المصري إبراهيم باش��ا‬ ‫بعد احتالله لمدينة حلب»‪.‬‬ ‫وُلد الش��وا فنان�� ًا مبدع�� ًا وعازف�� ًا ماهراً‪،‬‬ ‫مث��ل والده‪ ،‬وجده‪ ،‬وم��ن قبلهما والد جده‪،‬‬ ‫فنبوغ��ه ف��ي الع��زف عل��ى آل��ة الكم��ان‪،‬‬ ‫ظه��ر ذات فج��ر‪ ،‬عندم��ا اس��تيقظ عل��ى‬ ‫ص��وت األذان ولم يش��عر بنفس��ه إال وهو‬ ‫ينس��حب من س��ريره‪ ،‬متوجه�� ًا إلى غرفة‬ ‫ن��وم والده‪ ،‬ليمس��ك بكمان��ه‪ ،‬وليعود إلى‬ ‫غرفته مسرعاً‪ ،‬قبل أن ينتهي المؤذّن من‬ ‫مهمته‪ ،‬وليخرج من اآللة نغمات منس��جمة‬ ‫مع نغمات األذان‪ ،‬ولتكون أولى معزوفاته‪:‬‬ ‫«أذان الفجر»‪.‬‬ ‫في عم��ر الثانية عش��رة اش��ترك في أول‬ ‫حفل��ة أم��ام الجمه��ور‪ ،‬ث��م ش��ق طريقه‬ ‫الفن��ي بنج��اح كبي��ر‪ ،‬مبدع�� ًا ف��ي حف��ظ‬ ‫األدوار لكبار الفنانين أمثال عبده الحمولي‬ ‫ومحم��د عثمان وابراهي��م القباني وعازف ًا‬ ‫له��ا على آل��ة الكمان مع باق��ي أفراد تخت‬ ‫محمد العق��اد الكبير‪ ،‬حيث صاحب بالعزف‬ ‫غن��اء كبار المطربات والمطربين مثل عبد‬ ‫الحي حلم��ي حتى عه��د أم كلثوم ومحمد‬ ‫عبد الوهاب‪.‬‬ ‫نال الش��وا من المدي��ح مالم ينله ش��اعرٌ‬ ‫عرب��ي م��ن حاف��ظ إبراهي��م ومع��روف‬ ‫الرصافي وجمي��ل صدقي الزهاوي وخليل‬ ‫مطران‪ ،‬وإيليا أبو ماضي‪ ،‬وش��اعر األطالل‬ ‫الدكتور إبراهيم ناجي وغيرهم كثير‪ ،‬كما‬ ‫كان أمير الش��عراء أحمد ش��وقي من أش��د‬ ‫المعجبي��ن بالش��وا العازف‪ ،‬وق��د عبر عن‬ ‫إعجابه بقصيدةٍ طويلةٍ عصماء حيّاه بها‪:‬‬

‫يا واح��دَ الفنّ في أشجى معازفه‬ ‫ال��ع��دل ق��د آنا‬ ‫ه��ذا أوان ال��ث��ن��اء‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وتر‬ ‫تلك اللعيبة م��نْ ع��ود وم��ن ٍ‬ ‫ل��وال بنانُكَ لم تجعل لها شانا‬ ‫ط��ي��ر ه����اجَ آه��ل��ه‬ ‫ك��أن��ه��ا ع���ش‬ ‫ٍ‬ ‫م��ن ك��ل ناحية ينسابُ أشجانا‬ ‫ضممتها وت��واص��ت راح��ت��اكَ بها‬ ‫ض��مّ ال��ول��ي��دةِ إشفاقاً وإحساناً‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1910‬دع��ي لزي��ارة‬ ‫األس��تانة‪ ،‬وعزف ف��ي حضرة األمير‬ ‫يوسف عز الدين ولي عهد السلطان‪،‬‬ ‫وهن��اك أعج��ب به الجمي��ع‪ ،‬وخاصة‬ ‫كب��ار الموس��يقيين األت��راك‪ ،‬وذلك‬ ‫من ناحية نهايات القفالت المصرية‬ ‫الخالبة التي يطلق عليها أهل الفن‬ ‫القفل��ة الحراق��ة‪ ،‬وما يطل��ق عليها‬ ‫أهل الشام البرمة‪.‬‬ ‫ع��ام ‪1928‬عزف الش��وا أم��ام ملك‬ ‫وملكة إيطاليا على كمانٍ قديم كان‬ ‫ج��ده عزف عليه أمام ابراهيم باش��ا‬ ‫نج��ل زوجة محمد عل��ي لدى دخوله‬ ‫حلب‪ ،‬ه��ذا الكم��ان على وت��ر واحد‬ ‫فقط وده��ش الملكان وف��د كافأته‬ ‫الملكة بهديةٍ من الماس‪.‬‬ ‫اس��تقر الش��وا ف��ي القاهرة طيل��ة حياته‬ ‫تقريباً وأس��س مع الراحل منصور عوض‬ ‫معه��داً لتدريس الموس��يقا‪ ،‬كما ألف كتاب ًا‬ ‫لقواع��د الموس��يقى بعن��وان «القواع��د‬ ‫الفنية في الموسيقى الشرقية والغربية»‬ ‫طبع عام ‪.1946‬‬ ‫زار كثي��راً م��ن الدول الش��رقية والغربية‪،‬‬ ‫وعزف هناك أمام ملوك ورؤس��اء وشعوب‬ ‫إيطاليا وبلجيكا وبلغاريا ورومانيا والعراق‬ ‫واألردن وتونس والمغرب وإيران وس��وريا‬ ‫ولبنان‪ .‬وزار البرازيل واألرجنتين وش��يلي‬ ‫ليعزف أما الجالية السورية اللبنانية هناك‪.‬‬ ‫ولع��ل أش��هر أعماله ص��وت األذان الديني‬ ‫على الكمان مع زقزقة العصافير وهى من‬ ‫األعم��ال النادرة‪ ،‬كم��ا كان أول من صاحب‬ ‫الغن��اء الديني على آل��ة الكمان وباألخص‬ ‫الغناء الصوفي مع الشيخ علي محمود‪.‬‬ ‫رحل الشوا في الثالث والعشرين من شهر‬ ‫كانون األول عام ‪.1965‬‬ ‫ق��ال فيه االخطل الصغير بش��ارة الخوري‬ ‫بتاريخ ‪ 28‬تشرين الثاني عام ‪:1942‬‬ ‫أج�����راح تســــــيل أم أرواح‬ ‫ع���ل���ى أن��م��ي��ل��ك ذب�����ن ح��ن��ي��ن��ا‬ ‫أم ش��آب��ي��ب م���ن ج�����داول شتى‬ ‫ي��ت��ف��ج��رن ض���اح���ك���اً وح��زي��ن��ا‬ ‫وت���ر ي��أخ��ذ ال��ع��ي��ون فيجمدن‬ ‫ع��ل��ي��ه ك���أن خ��ل��ق��ن ســــكونا‬ ‫ف��ت��رف��ق إذا ض��رب��ت ف��م��ا تضرب‬ ‫إال م���ك���ام���ن ال����ح����س ف��ي��ن��ا‬


‫دمشق – حمزة السيد‬

‫الفقري يف التلفزيون‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫جل��س غازي عان��ا مبتعداً بضع��ة أمتار عن‬ ‫الكتل��ة الحجري��ة الخاص��ة ب��ه ف��ي ملتقى‬ ‫المحب��ة الثان��ي ف��ي الالذقي��ة ‪ ،2002‬إل��ى‬ ‫ج��واره جل��س مجي��د جم��ول يناقش��ه في‬ ‫أي الخط��وط المرس��ومة عل��ى الكتلة هي‬ ‫األجم��ل‪ ،‬ينه��ض جمول بنزق يرس��م خط ًا‬ ‫بالطبشور األخضر ويعود إلى جلسته بجوار‬ ‫عان��ا‪ ،‬فيما هذا األخير يوافقه على ما يقول‬ ‫جمول‪ ،‬لكن الكرب يسكن وجهه‪ ،‬فقد تركه‬ ‫حجاراً جديداً اليوم‪ ،‬ولم يبقى من الوقت في‬ ‫أيام الملتق��ى ما يكفي إلنه��اء العمل‪ ،‬كان‬ ‫عانا يقاب��ل الحجر للمرة األول��ى‪ ،‬ويظن أن‬ ‫الحجّار س��يقص الكتلة كأنه يقشر تفاحة‪،‬‬ ‫ال يع��رف اس��تخدام األدوات إال اإلزميل الذي‬ ‫ال عم��ل لها هن��ا‪ ،‬نامت الكتل��ة كجبل علي‬ ‫ص��دره فش��وهها مختصراً‪ ،‬ومتكاس� ً‬ ‫لا عن‬ ‫الوص��ول إلى الخط األول ال��ذي حدده بعيداً‬ ‫عن النهايات‪.‬‬ ‫يُحمّل المصور ومثله النحات عمله س��مات‬ ‫ملتصقة بش��خصه‪ ،‬سمات الشكل الخارجي‬ ‫تحدي��داً ينقله��ا الفن��ان إلى علم��ه دون أن‬ ‫يكون واعياً تمام ًا لما يرتكبه‪ ،‬وهذا االرتكاب‬ ‫بذات��ه ق��د يك��ون نعم��ة للبع��ض ووقع��ة‬ ‫للبع��ض اآلخر‪ ،‬هنا تتحكم جيناتنا وش��كلنا‬ ‫العام بما تنتجه الريش��ة واألزاميل‪ ،‬ال نعني‬ ‫هن��ا أن المصور مث ً‬ ‫ال ينقل وجهه حين ينوي‬ ‫أن يرسم وجه ًا‪ ،‬بل هو يقع في شرك نسبه‬ ‫الخاص��ة فينس��خها تلقائي��اً‪ ،‬نس��بة العي��ن‬ ‫للعي��ن‪ ،‬األذن للش��فاه‪ ،‬موس��يقى الجس��د‪،‬‬ ‫ليونت��ه أو قس��وته‪ ،‬وحت��ى اآلن ال نعلم إن‬ ‫كان "المعل��م الكبي��ر"‬ ‫دافنش��ي ق��د وق��ع في‬ ‫الش��رك عامداً أم بحكم‬ ‫ذاك��رة ُّ‬ ‫جل م��ا فيها هو‬ ‫جسده هو كما هو حالنا‬ ‫جميع�� ًا‪ ،‬فم��ن ال يظ��ن‬ ‫من��ا أن جس��ده كام��ل‬ ‫التكوين صحيح النسب؟‬ ‫نس��ب الجوكندا ويوحنا‬ ‫واللطيف��ات والمس��يح‪،‬‬ ‫كلها تتطابق مع نس��ب‬ ‫وج��ه "ليون��ار" كما كان‬ ‫ينادي��ه مل��ك فرنس��ا‬ ‫الت��ي نف��ى نفس��ها‬ ‫إليها‪ ،‬هن��ا يختلط علم‬ ‫النف��س بالتش��كيل وال‬ ‫يتف��وق أي أح��د منهما‪،‬‬ ‫م��ا عُدَّ اكتش��افاً علمي ًا‬ ‫يع��زز نظري��ة عبقرية‬ ‫دافنشي‪ ،‬كان أص ً‬ ‫ال في‬ ‫كل ممارس لش��يء من‬ ‫تشكيل‪.‬‬ ‫م��ا س��بق‪ ،‬ه��و مث��ال‬ ‫حَسَ��ن لم��ا يمك��ن أن‬

‫يكون حكم��اً مطلق ًا ونقطة ضعف يقع فيها‬ ‫كل من حمل قلم وريش��ة‪ ،‬في حالة النحات‬ ‫السوري عانا‪ ،‬تبدو الكتلة القصيرة الممتلئة‬ ‫قليلة التضاريس‪ ،‬الصامتة ال موسيقى لها‪،‬‬ ‫ظً‬ ‫ال لعانا ونَسخ ًا رديئاً عن رجل متردد قلق‬ ‫وغي��ر راض وكثير الش��كوى‪ ،‬قصير القامة‬ ‫والزراعين‪ ،‬كرب التقاس��يم‪ ،‬إذا صادفته من‬ ‫خلف تظنه بعمر الخامسة عشرة‪ ،‬عمله في‬ ‫‪ ،2002‬ورغ��م تدخ��ل جمول‪ ،‬بق��ي ثقي ً‬ ‫ال ال‬ ‫ش��كل له‪ ،‬وكان وال يزال من النادر أن تقيم‬ ‫أي مؤسس��ة رس��مية ف��ي س��وريا معرض�� ًا‬ ‫تحت أي عنوان‪ ،‬ال يش��ارك فيه عانا بواحدة‬ ‫م��ن كتله التي ال تش��به بعضه��ا وال تنتمي‬ ‫لمراحل فنية واضحة الهوية‪.‬‬ ‫في جمي��ع الملتقيات التي ش��ارك فيها عانا‬ ‫كان يخت��ار ندّاً له كي يش��تكي من��ه علناً‪،‬‬ ‫في المحب��ة ‪ 2002‬كان الن��دّ هو مصطفى‬ ‫علي "قصير مثلي ودميم كما أنا‪ ،‬لكن تحبه‬ ‫النس��اء ولدي��ه الم��ال" جملة لم يك��ن عانا‬ ‫يخفيه��ا حتى عندم��ا يكون عل��ي قريب ًا من‬ ‫مجلس��ه‪" ،‬الغيرة" كما كان يس��ميها جعلته‬ ‫يصادق طليق��ة علي التي كان��ت تقيم في‬ ‫الملتقى كي تراقب زوجها السابق الذي كان‬ ‫ق��د زفّ حديث ًا لعش��رينية جميل��ة‪ ،‬عانا مع‬ ‫الطليقة كان��ا يكثران من الثرثرة حول علي‬ ‫في الحافلة التي تنقل النحاتين من الفندق‬ ‫حتى المدينة الرياضية حيث يقام الملتقى‪،‬‬ ‫لتنتهي مع الصوت العالي الذي تصدره آالت‬ ‫القص‪.‬‬ ‫كانا عانا حتى ذلك التاريخ يسكن في غرفة‬ ‫واحدة باآلجار في أطراف دمش��ق مع زوجته‬ ‫وابنته‪ ،‬فيما كان علي يشتري منازل دمشق‬

‫القديمة‪ ،‬الجائزة النقدية التي كانت تعطيها‬ ‫وزارة الثقافة للمش��اركين في الملتقى تبلغ‬ ‫‪ ،75000‬وه��و مبل��غ كان يش��كل للنحاتين‬ ‫الصغ��ار فرص��ة تأت��ي مرة كل ع��ام‪ ،‬وكان‬ ‫بعضه��م يصرفه��ا عل��ى تأمين س��كن في‬ ‫دمش��ق‪ ،‬هكذا فعل عيس��ى ديب الذي بنى‬ ‫بيت�� ًا من مع��دن وبقايا مصانع ف��ي الطبالة‬ ‫بدمشق‪ ،‬فهدمته البلدية قبل أن يبلغ عمره‬ ‫الشهر‪.‬‬ ‫منذ عام ‪ 2008‬تمكن عانا من تقديم برنامج‬ ‫تلفزيون��ي يعنى بش��ؤون الفن التش��كيلي‬ ‫ف��ي البالد‪ ،‬بالنس��بة ل��ه كانت تل��ك نقطة‬ ‫قوة س��تعزز من احتمال دعوته للمش��اركة‬ ‫ف��ي فعالي��ات فني��ة بحك��م لعب��ة المصالح‬ ‫التي كانت تحكم الوس��ط الفني الس��وري‪،‬‬ ‫البرنام��ج ال��ذي كان يعده عان��ا ظهر هزي ً‬ ‫ال‬ ‫كما هو معظم ما يقدمه التلفزيون الرسمي‬ ‫ح��ول الفن في البالد‪ ،‬يق��دم البرنامج حتى‬ ‫الي��وم عب��ر الفضائية الس��ورية‪ .‬ولن تذكر‬ ‫عم� ً‬ ‫لا واح��داً لعانا مهم��ا اجته��دت‪ ،‬بالرغم‬ ‫من أن الس��نوات األخيرة المنصرمة‪ ،‬شهدت‬ ‫تغيراً كبي��راً في منتوج عان��ا‪ ،‬فبدأت الكتلة‬ ‫تتخلص من ش��حومها‪ ،‬وظه��ر تكوين واحد‬ ‫كرره عانا لعشرات المرات حتى اآلن‪.‬‬ ‫عضو ف��ي نقابة الفنانيين التش��كيلين كما‬ ‫كانت تسمى آنذاك‪ ،‬وناقد فني‪ ،‬يُعرف عانا‬ ‫عن نفس��ه‪ ،‬أو يوقع مقاالته في تش��رين أو‬ ‫الثورة أو الحياة التش��كيلية الدورية الوحيدة‬ ‫ف��ي س��وريا التي تعن��ى بالفن التش��كيلي‪،‬‬ ‫مق��االت بمقدم��ات طالما كتبت ول��م تقرأ‪،‬‬ ‫ومواضي��ع مترجمة عش��رات المرات‪ ،‬لتطور‬ ‫الف��ن ف��ي منتص��ف الق��رن‬ ‫العش��رين‪ ،‬فيم��ا كان ينش��ر‬ ‫أحياناً عن معارض تش��هدها‬ ‫العاصم��ة‪ ،‬وككل ح��ال النقد‬ ‫ف��ي س��وريا‪ ،‬مق��االت تصف‬ ‫اللوح��ات بجم��ل متش��ابكة‬ ‫شديدة التعقيد ال تفسر الماء‬ ‫إال بالماء‪ ،‬لكنه��ا كانت تذكرة‬ ‫جدي��دة لعانا ك��ي يتقرب من‬ ‫فناني السلطة والمال‪ ،‬ونجح‪،‬‬ ‫فيكت��ب ع��ن مع��ارض ف��ي‬ ‫المراكز الثقافية التي هجرتها‬ ‫اللوحات منذ ‪ ،2003‬أو يغطي‬ ‫ملتقى لم يدعى له‪.‬‬ ‫أس��س عان��ا حوال��ي ‪2010‬‬ ‫مرس��م ًا خاص�� ًا ف��ي دمش��ق‪،‬‬ ‫بعد أن كان مرس��مه هو ذاته‬ ‫الغرف��ة ف��ي الطبال��ة‪ ،‬ودع��ا‬ ‫للمرس��م طالباً ك��ي يدربهم‬ ‫فذهب األس��وأ‪ ،‬اليوم يس��تمر‬ ‫ف��ي ممارس��ة النح��ت ف��ي‬ ‫دمشق مع فرص أكبر إذ هجر‬ ‫منافس��وه العاصم��ة وبق��ي‬ ‫وحيداً في الميدان‪.‬‬

‫دندنات إندساسية ‪. .‬‬

‫نبالء‪� ،‬صامدون‪ ،‬هاربون‪ ،‬وانتهازيون‬ ‫فنانو �سوريا الت�شكيليون "‪"12‬‬

‫‪15‬‬


‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫ح ّنا بطاطو‪ :‬فالحو �سوريا‬ ‫أبناء وجهائهم الريفيني الأقل �ش�أًن ًا و�سيا�ساتهم‬ ‫� ُ‬ ‫ياسر مرزوق‬ ‫قل��ة م��ن الن��اس س��معت بحن��ا بطاط��و‬ ‫األكاديم��ي الف��ذ والباح��ث المقدس��ي‪،‬‬ ‫والم��ؤرخ االجتماعي الذي توفي غريب ًا في‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬بعد أن قضى‬ ‫ّ‬ ‫ج��ل حيات��ه بالتأري��خ والبح��ث االجتماعي‬ ‫السياسي لعددٍ من بلدان الشرق األوسط‪،‬‬ ‫وبخاصةٍ التركيب��ة االجتماعية والحركات‬ ‫الثورية في تلك البلدان‪.‬‬ ‫وإذا ج��از لن��ا الق��ول فحن��ا بطاط��و مؤرخ‬ ‫عراق��ي‪ ،‬قض��ى وقت��اً طوي ً‬ ‫ال ف��ي العراق‬ ‫يدرس أرشيف الش��رطة العراقيّة لتجميع‬ ‫معلومات عن الشيوعيّين وعن البعث وعن‬ ‫غيرهم م��ن التنظيمات‪ ،‬والع��ودة للجذور‬ ‫التاريخية واالجتماعية والسياس��ية للفئات‬ ‫المشكلة للس��لطة الحاكمة‪ ،‬مع االنشغال‬ ‫بالجوانب العقدية والمذهبية لها‪.‬‬ ‫ب��ذات النه��ج البحث��ي ال��ذي امت��از به في‬ ‫أبحاث��ه ع��ن الع��راق يأت��ي كتابن��ا اليوم‬ ‫مس��اهمه تحليلي��ة مركزي��ة لطبيع��ة‬ ‫الس��لطة السياس��ية القائمة في س��ورية‪،‬‬ ‫وق��راءة ش��املة لطبيعة النظام الس��وري‬ ‫وتركيبت��ه وسياس��اته‪ ،‬من جوان��ب وزوايا‬ ‫غير مس��بوقة في الدراس��ات التي تناولت‬ ‫تاريخ س��ورية الحديث أو نظام األسد علي‬ ‫وجه الخصوص‪.‬‬ ‫أت��ى الكت��اب باللغ��ة اإلنكليزي��ة‪ ،‬وص��درت‬ ‫نسخته العربية عن «المركز العربي لألبحاث‬ ‫ودراسة السياس��ات» بتوقيع المترجمين عبد‬ ‫اهلل الفاض��ل ورائ��د النقش��بندي‪ ،‬ومراجعة‬ ‫ثائر ديب‪.‬‬ ‫وكان بطاطو قد حصل عام ‪ 1992‬على إجازة‬ ‫تفرّغ علمي من جامعة «جورج تاون» للقيام‬ ‫بدراس��ة عن الفالحين في س��ورية ودورهم‬ ‫في السياس��ة‪ ،‬وبالفعل أتت الدراس��ة منهج ًا‬ ‫لفه��م عمي��ق لس��لطة األس��د وقدرتها على‬ ‫البق��اء في الحكم خالل ه��ذه المدة الطويلة‬ ‫ج��داً من تاريخ س��ورية ونجاحها من دون أي‬ ‫مقاوم��ة تذكر ف��ي توريث الدولة الس��ورية‬ ‫إلى وري��ث عائلتها ممث ً‬ ‫ال في بش��ار األس��د‪،‬‬ ‫كما فس��رت وعلى نحو غير مباش��ر األصول‬ ‫االجتماعي��ة للث��ورة الس��ورية والت��ي ه��ي‬ ‫نفسها الطبقات االجتماعية التي ادعى حزب‬ ‫البعث الدفاع عنها وتصدى للحديث باسمها‪.‬‬ ‫انتقل بطاطو من المصادر والوثائق المكتوبة‬ ‫إلى الش��هادات الحية لألش��خاص الذين كان‬ ‫لهم ش��أن ف��ي الح��وادث الت��ي يتناوله��ا‪ ،‬أو‬ ‫الذي��ن كانوا ش��هودا عليه��ا‪ ،‬أو متأثرين بها‪،‬‬ ‫كلقائ��ه فالحي��ن عاديين ليجمع ش��هاداتهم‬ ‫في المس��ائل التي يتناوله��ا‪ ،‬التاريخية منها‬ ‫أو الحديث��ة الت��ي تؤثر فيهم تأثيرا مباش��را‪.‬‬ ‫ثم يعمد إلى مقاطع��ة المعلومات والروايات‬ ‫المختلف��ة ع��ن الح��وادث لتكوي��ن ص��ورة‬ ‫متكامل��ة معقدة ع��ن واقع هو ذات��ه معقد‪.‬‬ ‫ويذه��ب أحيان ًا إلى مقابلة األش��خاص الذين‬ ‫يرد ذكرهم في مصادر معينة ليطرح عليهم‬ ‫اآلراء المختلفة ويقف على رأيهم فيها‪.‬‬

‫ف��ي القس��م األول وتح��ت عن��وان «ظ��روف‬ ‫الفالحي��ن االجتماعي��ة واالقتصادية»‪ ،‬يقدم‬ ‫بطاط��و تحلي ً‬ ‫ال واضح ًا للش��روط االجتماعية‬ ‫واالقتصادية للفالحين في سوريا‪ ،‬بحيث لم‬ ‫يقم بعرضهم ككتل��ة اجتماعية واقتصادية‬ ‫صماء شأن الكتاب اليس��اريين في تعاطيهم‬ ‫م��ع طبق��ة الفالحي��ن ممي��زاً بينه��م م��ن‬ ‫حي��ث االنتم��اء الدين��ي وملكيته��م لألرض‬ ‫وارتباطه��م التاريخ��ي به��ا‪ ،‬وعالقاته��م مع‬ ‫المجتم��ع المدين��ي تاريخي��اً وغي��ر ذلك من‬ ‫التمايزات التي كان لها شأن في تشكيل وعي‬ ‫الفالحين وسياستهم الحقاً‪.‬‬ ‫القس��م الثان��ي «أنم��اط الوع��ي والتنظي��م‬ ‫والس��لوك السياس��ي الفالحي قب��ل البعث»‪:‬‬ ‫دراس��ة معمقة لوع��ي الفالحين السياس��ي‬ ‫وتنظيمه��م وانتمائه��م قب��ل اغتصاب حزب‬ ‫البع��ث للس��لطة باس��مهم ع��ام ‪،1963‬‬ ‫يس��تعرض فيه��ا التجمع��ات أو التنظيم��ات‬ ‫المحلية لفالحي س��وريا والتي كان لها ش��أن‬ ‫في مواجهة العثمانيين واالنتداب الفرنس��ي‬ ‫ً‬ ‫صوفية‬ ‫الحق�� ًا‪ ،‬وبالرغم من ك��ون زعاماتها‬ ‫أو مذهبي��ة في تلك الفترة إال أنها س��اهمت‬ ‫ف��ي بلورة وعيهم الحقاً‪ ،‬كما يعرض لتجربة‬ ‫الح��زب العرب��ي االش��تراكي بزعام��ة أكرم‬ ‫الحوران��ي بوصف��ه أول ح��زب فالحي حديث‬ ‫ّ‬ ‫منظم‪ ،‬وتجربة الشيوعيين والبعثيين‪.‬‬ ‫«البعثيّ��ة في جوانبها الريفي��ة والفالحية»‪،‬‬ ‫كان عنوان القس��م الثالث من الكتاب تحلي ً‬ ‫ال‬ ‫للجوان��ب الريفي��ة والفالحي��ة ف��ي عقي��دة‬ ‫ح��زب البع��ث وسياس��اته‪ ،‬فح��زب البعث لم‬ ‫يكن مغري��اً للبرجوازيين أو ألبن��اء العائالت‬ ‫السياس��ية القديم��ة‪ ،‬فكان��ت الخلفي��ات‬ ‫الريفية ه��ي العنوان األبرز لك��وادره األولى‬

‫والذي��ن تزعموا الح��زب الحق�� ًا‪ ،‬كما يميز‬ ‫بي��ن ث�لاث مراح��ل طبع��ت تاري��خ حزب‬ ‫البع��ث ف��ي س��وريا‪ ،‬المرحل��ة األولى من‬ ‫البداي��ات حتى تس�� ّلم البعث الس��لطة في‬ ‫ع��ام ‪ ،1963‬وتمت��د بع��ض خصائصه��ا‬ ‫حت��ى ع��ام ‪ ،1966‬والمرحل��ة الثانية التي‬ ‫كان الصراع المس��تمر بين تي��ارات البعث‬ ‫عنوانه��ا األبرز والتي امتدت من حركة ‪23‬‬ ‫ش��باط عام ‪ 1966‬واس��تيالء حافظ األسد‬ ‫على الس��لطة في ‪ 16‬تش��رين الثاني عام‬ ‫‪ ،1970‬أما المرحلة الثالثة فتبدأ باس��تيالء‬ ‫حافظ األسد على السلطة‪ .‬ويبيّن بطاطو‬ ‫االختالف��ات العميق��ة بين ه��ذه المراحل‪،‬‬ ‫ليس��تنتج أن بع��ث حاف��ظ األس��د يختلف‬ ‫تماماً عن بعث المرحلتين األولى والثانية‪،‬‬ ‫وهو اختالف يصل إلى حد التناقض أحياناً‪.‬‬ ‫«حاف��ظ األس��د أول حاك��م لس��ورية من‬ ‫أص��ول فالحي��ة»‪ ،‬اس��تحوذ ه��ذا القس��م‬ ‫على الج��زء األكبر من الكت��اب‪ ،‬يحلل فيه‬ ‫بطاطو طبيعة نظام البعث األس��د المتميز‬ ‫بطبيعت��ه وبنيته عن غيره م��ن األنظمة‪،‬‬ ‫مهما حمل من عناصر التشابه معها‪ ،‬وكان‬ ‫ذوو األص��ول الريفية ركيزته العس��كرية‬ ‫والسياس��ية‪ ،‬كم��ا يق��رأ البني��ة الطائفية‬ ‫والعش��ائرية والمناطقي��ة‪ ،‬ومس��تويات‬ ‫السلطة‪ ،‬في السياسة العامة للنظام‪.‬‬ ‫محيط�� ًا بجمي��ع جوان��ب العالق��ات الجدلي��ة‬ ‫بين مناحي الحي��اة االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والثقافي��ة والسياس��ية ف��ي حقبة م��ا‪ ،‬لكي‬ ‫نتمك��ن م��ن فه��م حرك��ة التاريخ ف��ي تلك‬ ‫الحقبة‪ ،‬وفهم الممس��كين بروافع الس��لطة‬ ‫الحاس��مة في سوريا منذ عام ‪ ،1963‬والذين‬ ‫تع��ود جذورهم إل��ى المجتم��ع الريفي الذي‬ ‫تش��كل إلى ح��د بعید‪ ،‬تح��ت تأثي��ر تجربته‬ ‫التاريخية‪.‬‬

‫حنا بطاطو‬

‫باح��ث وأكاديم��ي ب��ارز‪ ،‬فلس��طيني األصل‬ ‫أميرك��ي الجنس��ية‪ ،‬عُ ِنيَ بالتأري��خ والبحث‬ ‫االجتماعي السياسي لعددٍ من بلدان الشرق‬ ‫األوس��ط‪ ،‬وبخاص��ةٍ لتركيب��ة االجتماعي��ة‬ ‫والحركات الثورية في تلك البلدان‪.‬‬ ‫وُلد في القدس في عام ‪ ،1926‬وعاش فيها‬ ‫حت��ى ع��ام ‪ 1948‬حي��ن هاجر إل��ى الواليات‬ ‫المتحدة‪ ،‬وهناك درس في مدرس��ة «إدموند‬ ‫ويل��ش» في جامعة «جورج تاون»‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ 1960‬حص��ل عل��ى الدكت��وراه ف��ي العلوم‬ ‫السياس��ية م��ن جامع��ة «هارف��رد»‪ ،‬وكانت‬ ‫أطروحته بعنوان «الشيخ والفالح في العراق‬ ‫‪.»1958 - 1917‬‬ ‫بعد ذلك انتقل إلى بيروت وعمل أس��تاذا في‬ ‫الجامعة األميركية بين عامي ‪ 1962‬و‪.1982‬‬ ‫ث��م عاد إلى الوالي��ات المتح��دة‪ ،‬ودرّس في‬ ‫جامع��ة «ج��ورج ت��اون» حت��ى ع��ام ‪1994‬؛‬ ‫وتوفي في الواليات المتحدة سنة ‪.2000‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫الإعاقة من الرعاية �إىل املواطنة‬ ‫تعريف الإعاقة‬

‫�أنواع الإعاقات‪:‬‬

‫‪ .‬بينم��ا تجم��ع أغل��ب دس��اتير العال��م على‬ ‫المس��اواة التامة بين المواطنين على اعتبار‬ ‫أنهم متس��اوون ف��ي الحق��وق والواجبات ال‬ ‫تميي��ز بينه��م بس��بب الدي��ن أو العقيدة أو‬ ‫الجنس أو األصل أو اللون أو اللغة أو اإلعاقة‬ ‫أو الموقع الجغرافي أو المستوى االجتماعي‬ ‫أو االنتماء السياس��ي أو ألي س��بب أخر‪ .‬كما‬ ‫تنص أيض�� ًا على أن التميي��ز والحض على‬ ‫الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون إال أنه‬ ‫وف��ي التطبيق العملي تق��ف اإلعاقة حاجزاً‬ ‫تمن��ع صاحبها م��ن التمت��ع بمواطنته بوجه‬ ‫عام والمشاركة السياسية بوجه خاص‪.‬‬ ‫وعلي��ه فإن م��ن واجب الدول��ة الحفاظ على‬ ‫حق��وق المعوقي��ن ف��ي لمواطن��ة‪ ،‬وذل��ك‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪ - 1‬اإلعاقة الحركي��ة‪ :‬وهي اإلعاقة الناتجة‬ ‫عن خل��ل وظيفي في األعصاب أو العضالت‬ ‫أو العظ��ام والمفاص��ل والت��ي ت��ؤدي إل��ى‬ ‫فقدان القدرة الحركية للجسم نتيجة البتر‪،‬‬ ‫وإصابات العم��ود الفقري‪ ،‬ضمور العضالت‪،‬‬ ‫ارتخاء العضالت وموته��ا‪ ،‬الروماتيزم‪ ،‬حيث‬ ‫بلغ��ت نس��بة اإلعاقة في البط��ن والحوض‬ ‫‪ 8% .11‬ونس��بة اإلعاق��ة ف��ي األط��راف‬ ‫الس��فلية نحو ‪ 5% .35‬وفي األطراف العلوية‬ ‫نحو ‪.7% .19‬‬ ‫‪ - 2‬اإلعاق��ة الحس��ية‪ :‬هي اإلعاق��ة الناتجة‬ ‫ع��ن إصاب��ة األعص��اب الرأس��ية لألعض��اء‬ ‫الحس��ية‪ ،‬العين‪ ،‬األذن‪ ،‬اللس��ان وينتج عنها‬ ‫إعاقة حسية بصرية أو سمعية أو نطقية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اإلعاق��ة الذهني��ة‪ :‬هي اإلعاق��ة الناتجة‬ ‫عن خلل في الوظائف العليا للدماغ كالتركيز‬ ‫والعد والذاكرة واالتصال مع اآلخرين وينتج‬ ‫عنها إعاقات تعليمية أو صعوبة تعلم أو خلل‬ ‫في التصرفات والسلوك العام للشخص‪.‬‬ ‫‪ - 4‬اإلعاقة العقلية‪ :‬هي اإلعاقة الناتجة عن‬ ‫أمراض نفس��ية أو أمراض وراثية أو ش��لل‬ ‫دماغ��ي نتيجة لنقص األكس��جين أو نتيجة‬ ‫ألم��راض جينية أو كل ما يعي��ق العقل عن‬ ‫القيام بوظائفه المعروفة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬اإلعاق��ة المزدوجة‪ :‬وهي وجود إعاقتين‬ ‫للشخص الواحد‪.‬‬ ‫‪ - 6‬اإلعاق��ة المركب��ة‪ :‬وه��ي عب��ارة ع��ن‬ ‫مجموع��ة م��ن اإلعاق��ات المختلف��ة ل��دى‬ ‫الشخص الواحد‪.‬‬ ‫والمعاق هو من انخفضت إمكانيات حصوله‬ ‫على عمل مناسب بدرجة كبيرة أو احتفاظه‬

‫الإعاقة واملواطنة‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫تع��رّف منظم��ة الصح��ة العالمي��ة اإلعاقة‬ ‫باعتبارها‪« :‬مصطلح ًا يغطي العجز‪ ،‬والقيود‬ ‫على النش��اط‪ ،‬ومقيدات المشاركة‪ .‬والعجز‬ ‫هو مش��كلة في وظيفة الجس��م أو هيكله‪،‬‬ ‫والح��د م��ن النش��اط ه��و الصعوب��ة الت��ي‬ ‫يواجهها الفرد في تنفيذ مهمة أو عمل‪ ،‬في‬ ‫حين أن تقييد المشاركة هي المشكلة التي‬ ‫يعاني منها الفرد في المشاركة في مواقف‬ ‫الحي��اة‪ ،‬وبالتال��ي فاإلعاق��ة ه��ي ظاه��رة‬ ‫معق��دة‪ ،‬تعكس التفاعل بين مالمح جس��م‬ ‫الش��خص ومالمح المجتمع ال��ذي يعيش أو‬ ‫تعيش فيه»‪.‬‬ ‫كم��ا تعرّف بأنها حالة تحد م��ن قدرة الفرد‬ ‫عل��ى القي��ام بوظيف��ة واح��دة أو أكث��ر من‬ ‫الوظائ��ف الت��ي تعتبر أساس��ية ف��ي الحياة‬ ‫اليومية كالعناية بالذات أو ممارس��ة العالقة‬ ‫االجتماعي��ة والنش��اطات االقتصادية وذلك‬ ‫ضمن الح��دود التي تعتب��ر طبيعية‪ .‬أو هي‬ ‫عدم تمكن المرء من الحصول على االكتفاء‬ ‫الذاتي وجعله في حاجة مستمرة إلى معونة‬ ‫اآلخري��ن‪ ،‬والى تربية خاصة تس��اعده على‬ ‫التغلب على إعاقته‪.‬‬

‫ب��ه نتيج��ة لقص��ور بدن��ي أو عقل��ي‪ ،‬كما‬ ‫يعرَّف أيضاً بأنه الشخص الذي يختلف عن‬ ‫المس��توى الش��ائع في المجتمع في صفة أو‬ ‫قدرة شخصية س��واء كانت ظاهرة كالشلل‬ ‫وبت��ر األط��راف وكف البص��ر أو غير ظاهرة‬ ‫مث��ل التخل��ف العقل��ي والصم��م واإلعاقات‬ ‫الس��لوكية والعاطفي��ة بحي��ث يس��توجب‬ ‫تعدي ً‬ ‫ال في المتطلب��ات التعليمية والتربوية‬ ‫والحياتية بش��كل يتفق مع قدرات وإمكانات‬ ‫الشخص المعاق مهما كانت محدودة ليكون‬ ‫باإلمكان تنمية تلك القدرات إلى أقصى حد‬ ‫ممكن‪.‬‬ ‫واإلعاق��ة أو االحتياجات الخاصة قد تش��كل‬ ‫دافع��اً أكب��ر لإلب��داع والتميز ع��ن المحيط‪،‬‬ ‫كم��ا وصف «ليون��ارد كيرج��ل» معركته مع‬ ‫ش��لل األطفال في كتاب��ه «الطيران وحيداً»‬ ‫كان لزام��اً‬ ‫عل��ىَ أن أتعل��م أن أك��ون بطل‬ ‫ّ‬ ‫نفس��ي‪ ،‬المثل الخاص بي الذي أريد اتباعه‬ ‫– وباألحرى أريد أن أقول أنه كان لزام ًا على‬ ‫أن أتعلم أن أعيش في عالم ليس به أبطال‬ ‫ٍ‬ ‫أو مثل يُحتذى‪.‬‬

‫ع��ن طريق إزال��ة التمييز ال��ذي يعاني منه‬ ‫األش��خاص ذوي االعاقة من جان��ب الدولة‪،‬‬ ‫كما عليها أن تسهّل التقاضي ضد أي قانون‬ ‫أو قرار إداري يقوم بالتمييز ضدهم‪.‬‬ ‫إال أن مج��رد وجود هيئ��ات أو قوانين تنظم‬ ‫حي��اة المعوقي��ن ال يكف��ي لتمكينه��م م��ن‬ ‫حقوقه��م وقد تنب��ه المش��رع المصري في‬ ‫الدس��تور المص��ري الحال��ي له��ذه الحاج��ة‬ ‫إذ نص��ت الم��ادة ‪ 72‬عل��ى ما يل��ي‪« :‬تلتزم‬ ‫الدول��ة بضم��ان حق��وق االش��خاص ذوي‬ ‫اإلعاق��ة صحي��اً واقتصادي�� ًا واجتماعي�� ًا‬ ‫وثقافي ًا وترفيهي ًا ورياضياً ودمجهم تعليمي ًا‬ ‫بالمس��اواة مع غيرهم م��ن المواطنين‪ ،‬مع‬ ‫توفي��ر فرص العمل لهم‪ ،‬كما تلتزم بتهيئة‬ ‫المرافق العام��ة والبيئة المحيطة بهم وفقا‬ ‫لالتفاقيات الدولية المصدّق عليها‪ ،‬وتكفل‬ ‫له��م ممارس��ة الحق��وق السياس��ية وفق��ا‬ ‫للقانون»‪.‬‬ ‫بينما كانت المادة القديمة قد نصت على أن‬ ‫الدولة تلت��زم «برعاي��ة ذوي االعاقة صحي ًا‬ ‫وتعليمي ًا واقتصادي�� ًا واجتماعياً‪ ،‬وتوفر لهم‬ ‫فرص العمل‪ ،‬وترتقي بالثقافة االجتماعية‬ ‫نحوهم وتهيئ المرافق العامة بما يناس��ب‬ ‫احتياجاتهم»‪.‬‬ ‫ف��ي الم��ادة الس��ابقة انتق��ال م��ن منط��ق‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة بعد‬ ‫الرعاي��ة إل��ى منط��ق التمكين‬ ‫معان��اة المعاقي��ن المس��تمرة ف��ي الدورات‬ ‫التش��ريعية الس��ابقة للدس��تور‪ ،‬مم��ا كان‬ ‫يمنعهم من المش��اركة السياس��ية أو يؤدي‬ ‫إل��ى اس��تغالل أصواته��م االنتخابي��ة خالف ًا‬ ‫ً‬ ‫نتيج��ة لع��دم تهيئ��ة اللج��ان‬ ‫إلرادته��م‪،‬‬ ‫االنتخابي��ة الس��تقبالهم‪ ،‬بل ووج��ود لجان‬ ‫في الطواب��ق العلوية مع عدم وجود ممرات‬ ‫للكراس��ي المتحركة‪ ،‬فقام بع��ض القضاة‬ ‫بتخصيص موظ��ف لالنتقال للدور األرضي‬ ‫لتس��ليم ورق��ة التصوي��ت للش��خص ذوي‬ ‫االعاق��ة وإع��ادة تس��ليمها للقاض��ي‪ ،‬مم��ا‬ ‫أدى إل��ى التش��كيك في نزاه��ة العملية ألن‬ ‫الشخص المعوّق ال يضع الورقة بنفسه في‬ ‫الصندوق المخصص‪ .‬كما عانى األش��خاص‬ ‫ذوو االعاقة البصرية من عدم تهيئة اللجان‬ ‫وعدم تواف��ر أوراق تصويت مخصصة لهم‪.‬‬ ‫وكل هذه االنتهاكات وغيرها ش��كلت موانع‬ ‫أم��ام األش��خاص م��ن ذوي االعاق��ة لإلدالء‬ ‫بأصواته��م مم��ا يع��د تميي��زاً وتفرقة بين‬ ‫المواطنين الذين لهم حق االنتخاب‪.‬‬ ‫كم��ا اقت��رب المش��رع التونس��ي م��ن فكرة‬ ‫ً‬ ‫ناضج��ة أس��و ًة‬ ‫التمكي��ن إال أنه��ا ل��م ت��أت‬ ‫بالمشرع المصري حيث نصت المادة ‪ 47‬من‬ ‫الدس��تور على‪« :‬أن الدولة تحمي االشخاص‬ ‫ذوي االعاق��ة م��ن كل تمييز‪ ،‬ل��كل مواطن‬ ‫ذي إعاق��ة الحق في االنتفاع حس��ب طبيعة‬ ‫اعاقته بكل التدابير التي تضمن له االندماج‬ ‫الكامل في المجتمع وعلى الدولة اتخاذ جميع‬ ‫التدابي��ر الضرورية لتحقيق ذلك»‪ ،‬بينما لم‬ ‫يلحظ المشرع الس��وري موضوع اإلعاقة إال‬ ‫من باب الرعاية الصحية‪.‬‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫‪17‬‬


‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪18‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬ ‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫‪1992 / 2 / 5‬‬ ‫العاصف��ة ف��ي الخ��ارج مس��تمرة‪ .‬الثل��ج لم‬ ‫يزل ين��دف‪ ،‬الرياح تع��وي ودرج��ات الحرارة‬ ‫في هبوط‪ ،‬والكهرب��اء منطفئة أكثر الوقت‪،‬‬ ‫والتدفئ��ة المركزية متوقفة بس��بب انطفاء‬ ‫التيار‪.‬‬ ‫قال الطبيب إس��ماعيل أن اإلبر التي يعطيها‬ ‫لزهير سكرية تطرح البغل؟! ساعة نوم‪ .‬هو‬ ‫ال ين��ام إال قلي� ً‬ ‫لا وينهض‪ .‬الحال��ة العصبية‬ ‫التي تعرض لها زهي��ر البارحة عنيفة وربما‬ ‫في حالة مشابهة يتعرض لالنتحار‪.‬‬ ‫م��ن األخب��ار ع��ن الحال��ة الجوي��ة علمنا أن‬ ‫طري��ق حم��ص ‪ -‬دمش��ق س��الك بصعوب��ة‬ ‫بس��بب تس��اقط المطر بع��د الثل��ج‪ ،‬وأحيان ًا‬ ‫يتس��اقط المط��ر والثل��ج مع��اً‪ .‬المط��ر في‬ ‫المنطقة الوس��طى أكثر من الثل��ج واألخبار‬ ‫تقول عن المطر الغزي��ر في محافظة درعا‪،‬‬ ‫وغزارة الثلج ف��ي محافظة جبل العرب‪ ،‬وأنه‬ ‫ارتفع إلى ثالثة أمتار في مدينة السويداء‪.‬‬ ‫حدثنا أبو صالح قال‪ :‬كانت ش��توية ‪49 - 48‬‬ ‫قاس��ية في الرق��ة وريفها أثلجت واس��تمرت‬ ‫ثل��ث الش��هر‪ .‬أذك��ر أن الغ��زال ج��اء الق��رى‬ ‫ومنها الهيش��ة‪ ،‬وكان يراف��ق الغنم والماعز‬ ‫في مبيتها‪ ،‬وال نتع��رض له وأذكر أن الدجاج‬ ‫عندما كان يبيض كانت البيضة فور تعرضها‬ ‫للبرد تح��دث في قش��رتها الخارجية خطوط‬ ‫مش��عوره‪ ،‬كما أذك��ر أن قريب ًا لن��ا ذهب لي ً‬ ‫ال‬ ‫إلى أرضه ليردم « العدّان « عنها وخاض في‬ ‫الجليد حتى فقد اإلحس��اس برجليه‪ ،‬وعندما‬ ‫عاد للبيت ووضع رجليه في الماء الساخن لم‬ ‫يعثر على أظافر قدميه‪.‬‬ ‫مراس��ل ‪ /‬مون��ت كارل��و ‪ /‬في لبن��ان أفاد أن‬ ‫الثل��وج تغط��ي كل البل��د‪ ،‬وأن المواص�لات‬ ‫متوقف��ة‪ ،‬ومدن الس��احل تتع��رض للهطول‬ ‫المط��ري‪ ،‬فبي��روت س��جلت حت��ى اآلن ‪750‬‬ ‫م��م مقابل ‪200‬مم في الع��ام الماضي‪ ،‬وأن‬ ‫بحي��رة القرعون بدأت بالفيض��ان هي ونهر‬ ‫الليطاني‪ ،‬ومئ��ات القرى والبلدات في الجبال‬ ‫مقطوعة عن بعضها‪ ،‬وارتفع الثلج إلى ستة‬ ‫أمتار‪.‬‬

‫‪1992 / 2 / 6‬‬

‫وزع��ت اإلدارة جناح ًا كام ً‬ ‫ال لحزب العمل على‬ ‫األجنح��ة األخرى ومعهم بع��ض عناصر من‬ ‫المكت��ب السياس��ي‪ .‬التقدي��ر أن األوامر من‬ ‫الخارج‪ ،‬واإلدارة هنا منفذة‪.‬‬ ‫التقدي��رات العام��ة له��ذا التص��رف م��ع حزب‬ ‫العم��ل أن األوام��ر م��ن قي��ادة المخاب��رات‬ ‫العسكرية مباشرة‪ .‬فقد أذاعت بعض وكاالت‬ ‫األنب��اء خبراً مف��اده إلقاء القب��ض على لجنة‬ ‫حق��وق اإلنس��ان في س��ورية‪ ،‬وه��ذه اللجنة‬ ‫س��رية‪ ،‬وربما لها عالق��ة أو لبعض عناصرها‬ ‫عالقة ما بحزب العمل‪ ،‬والجميع من خالل هذه‬ ‫اللجنة ي��زودون بعض الوكاالت ولجنة حقوق‬

‫اإلنس��ان في الخارج بمعلومات حول السجون‬ ‫السورية‪ ،‬وحول عدد المعتقلين‪ ،‬وحول نسبة‬ ‫اإلفراجات‪ ،‬وحول أساليب التعذيب وممارسات‬ ‫النظام المضادة لحقوق اإلنس��ان‪ .‬ويُظن أن‬ ‫إلقاء القبض على أعضاء لجنة حقوق االنسان‬ ‫تبع��ه التعذي��ب أثن��اء التحقي��ق واألس��اليب‬ ‫الوحشية‪ ،‬فيكون هناك اعترافات حول عالقة‬ ‫المعتقلي��ن بح��زب العم��ل‪ُ .‬‬ ‫فأعطي��ت األوامر‬ ‫للس��جن لتفتي��ت عناصر الح��زب وتوزيعهم‪،‬‬ ‫وهو ن��وع من العقاب‪ ،‬إن ه��ذا الحزب ال يزال‬ ‫نش��يطاً في الخارج ومتحركًا ويفضح النظام‬ ‫وي��وزع المنش��ورات‪ ،‬ول��ه قنوات��ه إليص��ال‬ ‫المعلومات إلى الخارج‪.‬‬ ‫تزداد الحالة العصبية تفاقماً لزهير سكرية‪،‬‬ ‫كما يزداد توتره‪.‬‬ ‫العاصفة مس��تمرة‪ ،‬والثلج مستمر وكل ليلة‬ ‫تم��ر أبرد م��ن س��ابقتها‪ ،‬إذ ال يمك��ن تصور‬ ‫شدة البرد‪ .‬قالت األرصاد الجوية السورية‪ :‬إن‬ ‫المنخفض مس��تمر‪ ،‬وأن الثلوج مستمرة في‬ ‫المناطق الجبلية‪ ،‬واألمطار الغزيرة مستمرة‬ ‫بالمناطق الداخلية وأن الط��رق بالمرتفعات‬ ‫غير سالكة‪ ،‬وأن السهول سالكة بسبب عمل‬ ‫الجرافات المتواصل‪.‬‬

‫‪1992 / 2 / 7‬‬ ‫ليلة عاصف��ة ومثلجة أخ��رى‪ ،‬التدفئة مطفأة‬ ‫والكهرب��اء مقطوعة‪ ،‬ودرج��ات الحرارة تصل‬ ‫إلى الخامس��ة تح��ت الصفر إن ل��م تكن أكثر‬ ‫م��ن ذلك‪ .‬صارت الس��اعة الواح��دة ظهراً‪ ،‬وال‬ ‫تزال العاصفة مس��تمرة‪ ،‬وجاء الرقيب وأغلق‬ ‫األب��واب وقال ه��ذا إج��راء مؤق��ت‪ .‬وتقديرنا‬ ‫ه��و توزيع الجناح الثاني لح��زب العمل‪ ،‬وبدل‬ ‫أن ترد مخصصاتنا بش��كل منتظم أثناء هذه‬ ‫العاصفة‪ ،‬فإن كل ش��يء انقطع سوى الخبز‪،‬‬ ‫فال لحمة وال شاي‪ ،‬ويأتي المربى سيئًا ورديئًا‬

‫فنرفض اس��تالمه‪ ،‬ويحمل��ون لبنة للمهجع ال‬ ‫تكف��ي لش��خصين‪ .‬وهكذا مع س��وء الطقس‬ ‫وشدة البرد ازدادت األمور تعاسة‪ .‬قلنا للزميل‬ ‫أحم��د حم��وي‪ ،‬ال��ذي اس��تلم ش��اويش ع��ام‬ ‫الجناح أن يطلب المس��اعد‪ ،‬ويشرح له الوضع‬ ‫أو يطل��ب منه لق��اء مدير الس��جن‪ .‬ومع هذه‬ ‫الحالة ازدادت حالة زهير س��كرية س��وءاً‪ ،‬ولم‬ ‫تعد تنفع اإلبر المهدئة‪ ،‬فهو في حالة هيجان‬ ‫مستمرة‪ .‬البارحة كان نائماً في المهجع الثالث‬ ‫كي يش��رف على حالته الدكتور ناجي‪ ،‬إال أنه‬ ‫لم ين��م ولم ي��دع أح��داً ينام واس��تمر يدبك‬ ‫ويض��رب الباب ويع��وي إلى الس��اعات األولى‬ ‫من الصباح‪ .‬الس��اعة قاربت الرابعة واألبواب‬ ‫ال تزال مغلقة‪.‬‬ ‫أقرأ كتاب حمروش بأجزائه الخمسة عن ثورة‬ ‫يولي��و والضباط األح��رار والت��ي تحولت فيما‬ ‫بع��د إلى نصف ثورة‪ ،‬والتناقضات الكبرى في‬ ‫الوط��ن العربي عام��ة‪ ،‬ومصر خاص��ة‪ .‬وأقرأ‬ ‫ف��ي مجلة ص��وت الطليع��ة العدد ‪ 29‬الس��نة‬ ‫السادس��ة وفيها ملف كامل عن حادثة الحرم‬ ‫وجهيمان العثيب��ي ووضع العائلة الس��عودية‬ ‫وحكمها الفاس��د وه��و تحقيق يق��ع في ‪200‬‬ ‫صفحة يتس��م بروح الوطنية والمسؤولية‪ ،‬إن‬ ‫كتاب حمروش س��جل حاف��ل لصعود وهبوط‬ ‫العس��كريين‪ ،‬الس��اعة السادس��ة وقد اشتعل‬ ‫التيار الكهربائي‪.‬‬ ‫ع��دت أق��رأ ف��ي المل��ف ع��ن فس��اد العائلة‬ ‫الس��عودية‪ ،‬وأرى أن الح��كام الع��رب ق��د‬ ‫أفسدهم النفط واالستهالك واالنفتاح‪.‬‬ ‫الب��رد الق��ارص ق��د أحن��ى ظهورن��ا‪ ،‬وندبُّ‬ ‫حول الطعام‪ ،‬نعود إل��ى االلتفاف باألغطية‪،‬‬ ‫إنن��ا نس��ينا من ش��دة الب��رد إخالء الس��بيل‬ ‫والزي��ارات‪ .‬نبح��ث ع��ن الدفء وال نف��وز به‪.‬‬ ‫حالة من الصقيع نتعرض لها‪ .‬مضى أس��بوع‬ ‫على العاصفة‪.‬‬


‫عدسة سوريتنا ‪. .‬‬ ‫للمرا�سالت والتوا�صل مع هيئة التحرير ‪so uria tna @ gm ail. c om‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬

‫قال طفل صغير هناك‪ :‬سأصمت ولن أنطق بحرف حتى يصغي الكبار إلى صغارهم‪ .‬فإن فعلوا تجدهم قد أدركوا معنى التناغم والوفاق ورموا‬ ‫بخالفاتهم في عرض البحر‪.‬‬ ‫ريف حلب ‪ | 2014 -‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫‪19‬‬


‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 7 | )168‬كانون األول ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪20‬‬

‫عمل للفنانة دياال برصلي‬

‫دم�شق حني متوت عا�صمة‬ ‫ٌ‬ ‫مدينة تلملمُ قبورها المنتشرة في‬ ‫دمشق‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫رمق‬ ‫أي‬ ‫يدري‬ ‫أحد‬ ‫ال‬ ‫ميْتة‬ ‫مدينة‬ ‫الشوارع‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أخي��ر هذا الذي تلفظه‪ ،‬كيف يعيش الناس‬ ‫ٍ‬ ‫فيها وكي��ف يموتون؟ كي��ف يأكلون وكيف‬ ‫يشربون؟ في خضمّ األزمة اإلنسانية التي‬ ‫تم��ر به��ا مدينته��م ال زال البعض يضحك‬ ‫عليه��م أن األم��ور تس��ير نح��و "اإلصالح"‬ ‫والحلول الس��عيدة‪ ..‬وحدهم أهل دمش��ق‬ ‫يعرفون متى تنتهي مأساتهم‪ ،‬لعلها تكون‬ ‫آخر لحظةٍ يش��عرون فيها بأي شي ٍء يشير‬ ‫إلى الحياة‪.‬‬ ‫بع��د صعودي إل��ى حافلة خ��ط المهاجرين‬ ‫وقف��تُ طوي ً‬ ‫ صناع��ة وحيث ْ‬‫ال بين كومةٍ‬ ‫كبي��رةٍ م��ن الن��اس المنتظري��ن حاف�لات‬ ‫ه��ذا الخ��ط المش��هور صع��دَتْ إل��ى ذات‬ ‫ُ‬ ‫ضعيفة الجس��د تحتاج إلى‬ ‫الحافل��ة ام��رأ ٌة‬ ‫من يس��اعدها في رفع قدمها لتتمكنَ من‬ ‫الصع��ود‪ ،‬وجلسَ��تْ إلى جانب��ي تتنفسُ‬ ‫الصعداء‪ ،‬في المحط��ة التي تليها صعدَتْ‬ ‫امرأ ٌة أخرى وجلس��تْ بموازاتها‪ ،‬نظرتا إلى‬ ‫بعضهما نظر َة حسرةٍ وحزن‪ ،‬هما تعرفان‬ ‫بعضهما البعض‪ ،‬فقالت األولى لمجاورتها‪:‬‬ ‫"كيف حال العائلة؟"‪ ،‬أجابت‪ :‬ابنتاي االثنتان‬ ‫عادتا أمس أرملتين"‪ ،‬قال��ت األولى "ابنتي‬ ‫نزحَتْ من بيتها مع زوجها الذي اضطر لبتر‬ ‫ٌ‬ ‫رصاص��ة فيها‪ ،‬كان‬ ‫قدمه بع��د أن أصابتْه‬ ‫ٌ‬ ‫متجهة‬ ‫يبي��ع الخب��ز بينهم فقط! وأن��ا اآلن‬ ‫إلى القنيطرة ألراهم بعد أن خرجوا‪ ،‬لعلها‬ ‫تك��ون آخرَ مرةٍ أراه��م فيها في البلد فقد‬ ‫ت��رددوا قبل الخروج من بيته��م حيث قالوا‬ ‫إن أه��ل قريته��م كله��م عب��أوا أنفس��هم‬ ‫ف��ي باص��اتٍ متجهةٍ إل��ى تركي��ا ورحلوا!‬ ‫حتى أولئك الذين س��افروا هل هم يا ترى‬

‫مرتاحون نفسياً؟ ال واهلل ال أحدَ مرتاحٌ"‪.‬‬ ‫وال��دٌ ش��ابٌ م��ع زوجت��ه وطفل��ه ال��ذي ال‬ ‫ُ‬ ‫يحمل أكياس�� ًا‬ ‫يتج��اوز عمره أربع س��نوات‪،‬‬ ‫كبيرة وثقيل��ة‪ ،‬عليها رم��زُ منظمة الغذاء‬ ‫العالمي��ة‪ ،‬فيه��ا م��ن الس��كر واألرز وم��ا‬ ‫ش��ابهها من المعونات‪ ،‬وضعه��ا إلى جانبه‬ ‫بكل اعتنا ٍء كمن يحمل أكياس�� ًا من الس��لع‬ ‫المرصع��ة بالذه��ب خائف ًا من س��رقتها! أو‬ ‫تحفٍ كريس��تالية ثمينةٍ يخافُ أن تتكسر!‬ ‫حت��ى أن طفل��ه أخ��ذ يلعب بأح��د األكياس‬ ‫فق��ام بتوبيخ��ه خائف�� ًا أن يتم��زق الكيس‬ ‫وتذهب كل النعمة التي يحويها‪!..‬‬ ‫الطريق تتهاف��تُ الناس إلى‬ ‫ف��ي منتصف‬ ‫ِ‬ ‫الحافل��ة الت��ي تم��ر كل ربع س��اعةٍ ربما‪،‬‬ ‫ربم��ا أحده��م كان منتظ��راً إياه��ا ألكث��ر‬ ‫من نص��ف س��اعة! يصعدون إل��ى الحافلة‬ ‫بالعش��رات واقفي��ن وجالس��ين وحاني��ي‬ ‫ُ‬ ‫بتعب ش��ديدٍ‬ ‫الحافلة‬ ‫ظهورهم‪ ،‬وتمش��ي‬ ‫ٍ‬ ‫يُشعركَ للحظةٍ أنها سترمي كل من ُ‬ ‫يمأل‬ ‫جوفها غي��ر آبهةٍ باألرواح‪ ،‬لتش��اهدَ على‬ ‫الطري��ق مش��اهدَ لم تك��نْ لتراها‬ ‫ط��ول‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بضعة بطانياتٍ‬ ‫به��ذه الكثرة قبل األزم��ة!‬ ‫مكوّر ٌة فوق بعضها وبجانبها حذا ٌء مهترئ‪،‬‬ ‫تدققُ النظر فيها قلي ً‬ ‫ال لتس��توعبَ أن أحد‬ ‫المش��ردين يتدثر بهذه الكومةِ ألن ش��تاء‬ ‫دمش��ق ق��ادمٌ بب��ردٍ ال يقاوم‪ ،‬نائم�� ًا بين‬ ‫أدخنة عوادم الس��يارات والحاف�لات‪ ،‬وبين‬ ‫أب��واق الباص��ات المزعج��ة وص��راخ بائعي‬ ‫الخض��راوات وعناصر الحواجز‪ ،‬تحت جس��ر‬ ‫ً‬ ‫بقع��ة من الرصيف ال يطرده‬ ‫الزاهرة وجدَ‬ ‫منها أحد‪ّ ،‬‬ ‫لعل هذا المشردَ كان يسكنُ بيت ًا‬ ‫كبيراً في الغوطة الش��رقية أو في الميدان‬ ‫أو المليح��ة أو المخيم! لعل��ه نزحَ منه ولم‬

‫دمشق ‪ -‬نوال معصوم‬

‫يج��د مكان ًا يذهب إليه س��وى ه��ذه البقعة‬ ‫المتسخة والمليئة بالضوضاء! تنظرُ حوله‬ ‫فتج��دُ األطفال الذين ال تتج��اوز أعمارهم‬ ‫عشر سنواتٍ أو أكثر بقليل يبيعون ربطات‬ ‫الخبز أو قوارير المياه‪ ،‬أولئك األطفال الذين‬ ‫يس��تحقون مقاعده��م في الم��دارس كما‬ ‫يفعل الكثيرون م��ن أبناء جيلهم! كل هذه‬ ‫المش��اهد تراها في الش��وارع الدمش��قية‬ ‫الت��ي يمش��ي فيه��ا ‪ -‬ذاتها ‪ -‬الدمش��قيون‬ ‫بس��ياراتهم الفارهة غي��ر مهتمين بأحوال‬ ‫الفقراء المنتشرون في المدينة‪!..‬‬ ‫ويصل الباص إلى آخر موقفٍ له والذي هو‬ ‫أيض��اً موقفٌ جدي��دٌ ليعود ب��ه الناس في‬ ‫خط الع��ودة‪ ،‬حيث تتجمعُ س��يارات األجرة‬ ‫هناك لتلتقط الركاب اليائسين من انتظار‬ ‫ٌ‬ ‫متداول في دمش��ق‬ ‫الحاف�لات‪ ،‬فكم��ا ه��و‬ ‫تقس��مُ األج��رة على ال��ركاب إذا اس��تقلوا‬ ‫س��يارة أجرةٍ مع��اً‪ ،‬يصيح الس��ائقون على‬ ‫س��ياراتهم أن تكلف��ة الراك��ب الواحد مائة‬ ‫وخمس��ون لي��رة‪ ،‬فتس��مع الناس م��ن هنا‬ ‫وهناك يتناقش��ون حول غ�لاء هذه األجرة‪،‬‬ ‫وأن بعضهم يفضّل االنتظار نصف ساعةٍ‬ ‫بعدُ عل��ى أن يدفع مبلغ ًا كهذا‪ ،‬ليقوم أحدُ‬ ‫الس��ائقين "التجاريّ العقل" بالصياح بندا ٍء‬ ‫جدي��د‪" :‬الراكب مائ��ة ليرة الي��وم تنزيالت‬ ‫تنزيالت مائ��ة ليرة فقط"‪ ،‬ك��م هو مؤلمٌ‬ ‫ومضح��كٌ في ذات الوقت أن الناس ال زالوا‬ ‫يس��تخدمون حس الفكاهة لح��ل أمورهم‬ ‫اليومي��ة! حيث صعد الكثيرُ مع الس��ائقين‬ ‫الذين نادوا بهذا النداء‪.‬‬ ‫كيف يحتمل أهل دمشق العيش فيها؟ وإلى‬ ‫ٌ‬ ‫أسئلة‬ ‫متى سيواظبون على صبرهم؟ هي‬ ‫ال يعرفُ جوابها ُ‬ ‫أهل دمشقُ ذاتُهم‪..‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.