Souriatna 164

Page 1

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫‪1‬‬


‫�إدلب �شبه خالية من �شبابها‬ ‫وموجة غ�ضب لفرز االحتياطيني على اجلبهات‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫إدلب ‪ -‬فؤاد األحمر‬ ‫بدأت الش��رطة العس��كرية ف��ي إدلب حملة‬ ‫واس��عة لمالحق��ة المطلوبي��ن للتعبئ��ة‬ ‫االحتياطية في الجيش وحسب مصدر خاص‬ ‫بسوريتنا من داخل شعبة تجنيد إدلب "هناك‬ ‫‪ 2880‬ش��ابا مطلوبا للتعبئة االحتياطية في‬ ‫محافظة إدلب‪ ،‬وأوضح المصدر أن استدعاء‬ ‫هؤالء الش��بان لم يكن بش��كل عش��وائي‪،‬‬ ‫وإنم��ا حس��ب اختصاصاتهم أثن��اء خدمتهم‬ ‫اإللزامي��ة وأن أغل��ب اللذين طلبوا للس��حب‬ ‫االحتياط��ي كان��ت اختصاصاته��م مدفعية‬ ‫ومدرعات وإش��ارة وتراوحت مواليدهم بين‬ ‫عامي ‪ 1980‬وعام ‪.1991‬‬

‫اعتقال موظفني مطلوبني لالحتياط‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪2‬‬

‫كثف��ت الش��رطة العس��كرية ف��ي إدل��ب‬ ‫م��ن دورياته��ا للقب��ض عل��ى المطلوبي��ن‬ ‫للس��حب االحتياطي في تاريخ ‪ 18‬تش��رين‬ ‫األول‪ ،‬داخ��ل المدين��ة وعل��ى مداخلها لكي‬ ‫تمن��ع المطلوبين من الهرب إل��ى المناطق‬ ‫المحررة‪.‬‬ ‫ولوح��ظ في ه��ذه الحملة غياب ع��دد كبير‬ ‫م��ن الموظفي��ن ع��ن وظائفه��م وخاص��ة‬ ‫بعد أن اعتقلت الش��رطة العس��كرية س��تة‬ ‫موظفي��ن م��ن البري��د واثنين من ش��ركة‬ ‫الكهرباء ومثلهم من البلدية‪ ،‬ويذكر أهالي‬ ‫الموظفي��ن أن ش��عبة التجني��د كان��ت ق��د‬ ‫س��لمت أبنائهم تبليغ��ات لاللتحاق بالتعبئة‬ ‫االحتياطي��ة قب��ل يوم م��ن اعتقالهم وكان‬ ‫م��ن بي��ن الموظفي��ن المطلوبي��ن للخدمة‬ ‫االحتياطية "يوس��ف المر"‪ 30 ،‬س��نة‪ ،‬الذي‬ ‫ق��ال "س��لمني ش��رطي التبلي��غ لاللتح��اق‬ ‫بالس��حب االحتياط��ي خالل م��دة ال تتجاوز‬ ‫أرب��ع وعش��رين س��اعة فحزم��ت أغراضي‬ ‫وأوراق��ي الثبوتي��ة وجواز س��فري وخرجت‬ ‫م��ن المدينة في نف��س اليوم مس��تغ ً‬ ‫ال أن‬ ‫الشرطة العس��كرية لن تقوم بنشر أسمي‬ ‫عل��ى الحواجز قبل أن تنه��ي مهلة االلتحاق‬ ‫بالس��حب‪ ،‬فس��افرت إلى تركيا وبدأت أبحث‬ ‫عن عمل لكي أعيل أسرتي"‪.‬‬ ‫ويكش��ف مصدرنا من داخل شعبة التجنيد‬ ‫أن��ه حت��ى ي��وم الس��بت الفائت ل��م يلتحق‬ ‫بالسحب االحتياطي سوى ستة شبان‪ ،‬أربعة‬ ‫من شعبة تجنيد إدلب وواحد من شعبة جسر‬ ‫الشغور‪ ،‬وواحد من شعبة أريحا‪ ،‬بينما ألقت‬ ‫الش��رطة العسكرية القبض على ما يقارب‬ ‫‪ 300‬ش��اب كانت أسماؤهم قد ذكرت ضمن‬ ‫قوائم المطلوبين للسحب االحتياطي‪.‬‬ ‫يق��وم بع��ض ضب��اط إدارة التجني��د العام‬ ‫والتعبئة الش��مالية باستغالل تخوف الشبان‬ ‫من أن تكون أسماؤهم ضمن قوائم السحب‬ ‫االحتياط��ي فيأخ��ذون منه��م الم��ال مقابل‬ ‫البحث عن أسمائهم ضمن قوائم المطلوبين‬ ‫وإبالغهم بالنتيجة‪ ،‬ويقول "شامل" وهو من‬ ‫أبناء إدل��ب "منذ أن س��معت بوصول قوائم‬ ‫تحمل أس��ماء مطلوبين للسحب االحتياطي‬ ‫إلى ش��عبة التجني��د ‪ ،‬لم أخرج م��ن المنزل‬

‫خوف ًا من أن يكون اس��مي بي��ن المطلوبين‬ ‫واعتقل من قبل الش��رطة العس��كرية‪ ،‬إلى‬ ‫أن تعرف أبي على أحد ضباط شعبة التجنيد‬ ‫واتفق معه أن يبحث عن اس��مي في قوائم‬ ‫المطلوبي��ن مقاب��ل أن يأخ��ذ ‪ 50‬أل��ف ليرة‬ ‫وبع��د يومين اتصل بنا وأخبرنا أنني لس��ت‬ ‫مطلوب��ا كونهم ال يحتاجون اختصاصي في‬ ‫هذه الفترة‪ ،‬ولكن من الممكن في األش��هر‬ ‫القادمة أن يقوموا بسحبي"‪.‬‬

‫عادوا �إىل �أمهاتهم جثثا‬ ‫بعد يومني من �سحبهم‬ ‫وج��د الش��بان الذي��ن س��حبوا إل��ى التعبئة‬ ‫االحتياطية أنفس��هم حاملين الس�لاح على‬ ‫جبه��ات القت��ال الت��ي كان��ت مش��تعلة في‬ ‫تل��ك الفترة على أط��راف المدينة بمواجهة‬ ‫مقاتلي��ن مخضرمين عس��كري ًا م��ن جبهة‬ ‫النص��رة وبع��ض الفصائ��ل اإلس�لامية‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫يق��ول "محم��د" الذي تمكن من االنش��قاق‬ ‫بع��د أس��بوع من س��حبه "قبض عل��ي أحد‬ ‫حواج��ز األم��ن ف��ي المدينة وقضي��ت ليلة‬ ‫في فرع الش��رطة العسكرية ثم حولت إلى‬ ‫معسكر المس��طومة مع ثالثين شابا قبض‬ ‫عليهم في النفس اليوم إللحاقهم بالتعبئة‬ ‫االحتياطي��ة‪ ،‬قابلنا عميداً وأعطانا محاضرة‬ ‫طويل��ة ع��ن واجبن��ا ف��ي خدم��ة الوط��ن‬ ‫ومكافح��ة اإلره��اب وق��ام بعده��ا بفرزن��ا‬ ‫على الجبه��ات وفي اليوم التال��ي كل واحد‬ ‫منا رش��اش (روس��ية) ووضعونا في سيارة‬ ‫(زي��ل) وتوجهوا بنا إل��ى الحواجز الموجودة‬ ‫على أط��راف المدينة‪ ،‬الت��ي كانت تتعرض‬ ‫لهجوم ش��رس من قبل جبه��ة النصرة في‬ ‫ذلك اليوم"‪.‬‬ ‫أبدى الكثير من أهالي الش��بان المطلوبين‬ ‫للس��حب االحتياط��ي اس��تياءهم وغضبهم‬ ‫الش��ديد م��ن االس��تراتيجية الت��ي يتبعه��ا‬ ‫ضباط الجيش في المدينة مع المس��حوبين‬

‫للتعبئ��ة االحتياطي��ة‪ ،‬وخاصة بع��د أن عاد‬ ‫ثالثة ش��بان جثث ًا إلى أهاليه��م بعد يومين‬ ‫من س��حبهم‪ ،‬مم��ا دفع الكثير م��ن األهالي‬ ‫بح��ث أبنائه��م على االنش��قاق ك��ي ينجوا‬ ‫بحياته��م‪ ،‬وكان من بينهم "محمد ك" الذي‬ ‫يكشف لنا عن سبب انشقاقه قائ ً‬ ‫ال‪" :‬مضى‬ ‫عل��ى تس��ريحي من الجيش تس��ع س��نوات‬ ‫نس��يت فيها م��ا كنت ق��د تعلمه‪ ،‬م��ع إنني‬ ‫طوال خدمتي ف��ي الجيش لم أجرب الرمي‬ ‫بأي س�لاح‪ ،‬فوجدت نفسي فجأة في الصف‬ ‫األول على جبهة مشتعلة باألسلحة الثقيلة‬ ‫والقذائ��ف‪ ،‬وبيدي س�لاح ال أع��رف طريقة‬ ‫اس��تعماله وال كيف أحمي نفسي به وطوال‬ ‫الوق��ت أرى رفاقي يتس��اقطون الواحد تلو‬ ‫اآلخر لضعف خبرتهم العسكرية‪ ،‬وفي ذلك‬ ‫الوقت بدأت بالتفكير بالهروب وبعد أس��بوع‬ ‫طلبت م��ن الضابط إذن مغادرة ‪ 24‬س��اعة‬ ‫إل��ى داخل المدين��ة‪ ،‬وعندم��ا وصلت أخذت‬ ‫هوية أخي الصغير وس��افرت بها إلى مدينة‬ ‫معرة مصرين المحررة"‪.‬‬

‫‪� 600‬ألف تكلفة الهروب من ال�سحب‬ ‫"جميل" يروي لنا قصة هروبه من المدينة‪:‬‬ ‫"بع��د أن تأك��دت أن اس��مي موج��ود ضمن‬ ‫قوائم المطلوبين للسحب االحتياطي تركت‬ ‫بيت��ي وزوجتي وأوالدي‪ ،‬واختب��أت عند أحد‬ ‫أصدقائ��ي‪ ،‬دلني أحد أقربائن��ا على ضابط‬ ‫في الشرطة العسكرية برتبة مقدم واسمه‬ ‫"رش��اد" والذي طلب من أبي مبلغ ‪ 600‬ألف‬ ‫مقابل إزالة اس��مي من عل��ى الحواجز لمدة‬ ‫أس��بوع كي أتمكن خالله م��ن الهرب‪ ،‬وفي‬ ‫اليوم التالي أرس��لنا ل��ه المبلغ وبعد يومين‬ ‫خرجت م��ن المدينة متجها إلى أحدى القرى‬ ‫المحررة"‪.‬‬ ‫المتجول اليوم في مدينة إدلب سيرى نساء‬ ‫وش��يوخاً وأطف��ا ً‬ ‫ال‪ ،‬قلة هم الش��بان الذين‬ ‫بق��وا أمام خياري��ن‪ ،‬إما االلتح��اق بصفوف‬ ‫القوات النظامي��ة‪ ،‬أو الهرب من المدنية‪ ،‬أو‬ ‫االختباء عن كل عين‪.‬‬


‫مدر�سة احلياة يف القابون تعلن تعليق الدوام فيها حتى �إ�شعار �آخر‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫أعلنت إدارة مدرس��ة الحياة ف��ي القابون يوم‬ ‫الس��بت تعلي��ق ال��دوام الدراس��ي فيها حتى‬ ‫إش��عار آخر‪ ،‬وذلك بعد يومين من استش��هاد‬ ‫ثالثة عشر طف ً‬ ‫ال وجرح عشرات أخرين نتيجة‬ ‫قصفها من قوات النظام‪.‬‬ ‫وكان��ت منظم��ة األم��م المتح��دة للطفول��ة‬ ‫(يونيس��يف) أدانت قصف المدرس��ة‪ ،‬بلس��ان‬ ‫المتحدث��ة باس��م المنظمة في س��وريا هناء‬ ‫سنجر‪.‬‬ ‫وقالت سنجر ‪" :‬إن الهجوم يُعد تذكيرا مروع ًا‬ ‫بالثم��ن الباهظ ال��ذي يدفعه أطفال س��وريا‬ ‫ف��ي الصراع الوحش��ي الذي دخ��ل اآلن عامه‬ ‫الراب��ع‪ ،".‬وأضاف��ت أن هج��وم القاب��ون ه��و‬ ‫األح��دث في سلس��لة من الهجمات الوحش��ية‬ ‫على المدارس والمعلمين والطالب‪.‬‬ ‫وق��د رص��دت األمم المتح��دة‪ ،‬خالل األش��هر‬ ‫التسعة األولى من العام الحالي‪ ،‬وقوع خمس‬ ‫وثالثي��ن مج��زرة أودت بحي��اة أكث��ر من مئة‬ ‫طف��ل وخ ّلفت إصاب��ة نحو ثالثمئ��ة آخرين‪،‬‬

‫من شهداء القصف األسبوع الماضي‬

‫وقالت س��نجر إن األرقام الفعلية أكبر بكثير‪،‬‬ ‫وإن هناك ما يشير إلى أن الهجمات في بعض‬ ‫المناطق كانت متعمدة‪.‬‬ ‫ودعت س��نجر جميع أطراف الن��زاع إلى تحمل‬ ‫مسؤولياتها تجاه األطفال وحمايتهم وحماية‬

‫الم��دارس والبن��ى التحتية المدنية‪ ،‬وش��ددت‬ ‫ممثلة اليونيس��يف في س��وريا على أن تكون‬ ‫الم��دارس مناط��ق آمن��ة وم�لاذا لألطف��ال‬ ‫يس��تطيعون التعل��م فيه��ا دون خش��ية م��ن‬ ‫الموت أو اإلصابة‪.‬‬

‫الحسكة ‪ -‬عدنان أبو كنان‬

‫القيلة النخاعية السحائية‪:‬‬ ‫هي ش��ق مفتوح في العمود الفقري‪ ،‬يحصل‬ ‫عندما ال تك��ون عملية اغالق العمود الفقري‬ ‫والنخاع الشوكي سليمة‪.‬‬ ‫تب��رز األغش��ية المحيطة بالنخاع الش��وكي‬ ‫(‪ )spinal cord‬لخ��ارج الفق��رة المفتوحة‪،‬‬ ‫وتخ��رج بع��ض األج��زاء العصبي��ة المغلفة‬ ‫باألغش��ية من النخاع الش��وكي إلى الخارج‪،‬‬ ‫من الجهة الخلفية‪.‬‬ ‫ انع��دام الدم��اغ ‪:Anencephaly‬‬‫"الالدماغي��ة أو انعدام الدم��اغ"‪ :‬هي إحدى‬ ‫التش��وهات الت��ي تصي��ب القن��اة العصبية‬ ‫(الم��خ على وجه خاص) وفي��ه تغيب معظم‬ ‫فصوص المخ‪ ،‬وعظم��ة الجمجمة األمامية‪،‬‬ ‫وفروة الرأس‪ ،‬وتحدث مثل هذه التش��وهات‬ ‫بين اليوم الثالث والعش��رين إلى الس��ادس‬ ‫والعشرين من بداية الحمل‪ ،‬ويولد األطفال‬ ‫في هذه الحالة م��ع غياب الجزء األمامي من‬ ‫المخ‪ ،‬وباق��ي أجزاء المخ الموج��ودة نجدها‬ ‫مكشوفة وغير مغطاة بالعظام أو الجلد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫كش��فت مصادر طبية في مشفى الحسكة‬ ‫الوطن��ي ارتفاع�� ًا غير مس��بوق ف��ي عدد‬ ‫الموالي��د واألجن��ة المش��وهة ف��ي مناطق‬ ‫عديدة من ريف الحسكة‪.‬‬ ‫وأعل��ن الطبيب "محمد‪ .‬ن" ف��ي حديث إلى‬ ‫"سوريتنا" أن مستش��فى الحسكة الوطني‬ ‫استقبل في غضون األشهر الثالثة الماضية‬ ‫أكثر م��ن ‪ 15‬حال��ة والدة ألجنة مش��وهة‪،‬‬ ‫غالبي��ة هذه الحاالت كان��ت والدة أجنة دون‬ ‫دماغ والتي توصف طبياً بالطفل الضفدع"‪.‬‬ ‫وتوقع الطبيب أن تص��ل مئات الحاالت إلى‬ ‫المشفى خالل األشهر المقبلة‪ ،‬وأرجع هذه‬ ‫الزيادة الخطيرة في عدد األجنة المش��وهة‬ ‫واألمراض التي تعاني منها النساء والرجال‬ ‫على حد س��واء "لم��ا تش��هده مناطق ريف‬ ‫الحس��كة م��ن ظروف غي��ر صحي��ة وبيئية‬ ‫ملوثة"‪.‬‬ ‫وكان نش��طاء ف��ي محافظ��ة الحس��كة قد‬ ‫ح��ذروا في وقت س��ابق‪ ،‬من تزاي��د التلوث‬ ‫الناتج عن إلقاء النظام لقنابل فوس��فورية‬ ‫عل��ى مناطق ف��ي ريف الحس��كة الجنوبي‬ ‫والش��رقي‪ ،‬إضافة الزدياد عملي��ات تكرير‬ ‫النفط بطرق بدائية دون أي ضوابط بيئية‬ ‫أو صحية‪.‬‬ ‫الطبية "مها" عاينت كثيراً من حاالت تشوه‬ ‫األجنة في مش��افي الحس��كة خالل األشهر‬ ‫الس��تة الماضي��ة "إن ح��االت التش��وه التي‬ ‫ش��هدتها المش��افي ال تقتص��ر عل��ى حالة‬ ‫"الطف��ل الضفدع" إنما هن��اك حاالت أخرى‬ ‫كعدم التحام األنس��جة م��ع الفقرات بحيث‬ ‫يكون النخاع الش��وكي مكشوف تماما أو ما‬ ‫يع��رف طبي��ًا بالقيلة الس��حائية‪ ،‬باإلضافة‬

‫إلى حاالت تشوهيه أخرى كأن يولد الطفل‬ ‫بال فتحة شرجية"‪.‬‬ ‫وتضي��ف " كما أن هناك تش��وهات تصيب‬ ‫األطفال عقب الوالدة مباشرة‪ ،‬بحيث يصاب‬ ‫الجهاز التنفس��ي لدى الطف��ل المولود‪ ،‬ما‬ ‫يؤدي إل��ى الوف��اة مباش��رة‪ ،‬نتيجة نقص‬ ‫األوكس��جين‪ ،‬ويرجح أن تك��ون تلوث بيئة‬ ‫األم الحامل سبب ًا لذلك"‪.‬‬ ‫م��ن جه��ة أخ��رى أف��اد مص��در طب��ي في‬ ‫مدين��ة القامش��لي لس��وريتنا " أن غالبي��ة‬ ‫حاالت لتش��وه الت��ي تصل مش��افي مدينة‬ ‫القامش��لي‪ ،‬ه��ي من مناط��ق تركز تكرير‬ ‫النف��ط الخام ف��ي ري��ف المدين��ة كبلدات‬ ‫رميالن والجوادية والقحطانية"‪.‬‬ ‫وأوضح المص��در" أن النوات��ج التي يخلفها‬ ‫تكري��ر النف��ط بط��رق بدائي��ة‪ ،‬كاألدخنة‬ ‫البيضاء التي ترافق عملية فرز المش��تقات‬ ‫النفطية‪ ،‬ومادة الفس��فور المترسبة عقب‬ ‫عمليات الحرق‪ ،‬تعد سبب ًا رئيسيًا في تشوه‬ ‫الوالدات الحديثة"‪.‬‬ ‫وأكد المصدر" أن ظروف الحرب قضت على‬ ‫إمكانية تأمين الرعاية الصحية المطلوبة‪،‬‬ ‫وخاص��ة ف��ي األري��اف النائي��ة‪ ،‬إذ تخض��ع‬ ‫غالبي��ة قرى ري��ف القامش��لي‪ ،‬لس��يطرة‬ ‫فصائل مسلحة تتعدد انتماءاتها ووالءاتها‪،‬‬ ‫م��ا عق��د مس��ألة ايص��ال األدوي��ة وإيجاد‬ ‫مراك��ز صحي��ة تتكف��ل بتقدي��م األدوي��ة‬ ‫واالستشارات الطبية الالزمة"‪.‬‬ ‫انعدام الخدمات الطبية األساس��ية وفقدان‬ ‫مواد التدفئ��ة وغياب الش��رط الصحي في‬ ‫غالبية مناطق الحسكة‪ ،‬أدى الرتفاع حاالت‬ ‫التشوهات الخلقية‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫والدة ع�شرات الأجنة امل�شوهة يف احل�سكة‬

‫‪3‬‬


‫النظام يجرب �أبناء ال�ساحل على اخلدمة يف جي�شه‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫أعلن ف��رع مكتب األمن الوطني في الس��احل‬ ‫ب��دء قبول��ه "عناص��ر متعاقدي��ن" م��ن أبناء‬ ‫الساحل الس��وري لصالح جيش النظام براتب‬ ‫يصل إلى ثمانين ألف ليرة سورية شهريًا‪.‬‬ ‫وورد ف��ي اإلع�لان ال��ذي أُلصق عل��ى جدران‬ ‫طرط��وس والالذقي��ة وعل��ى أب��واب محاله��ا‬ ‫أن المتعاق��د يج��ب أن يك��ون بعم��ر مقب��ول‬ ‫دون أن يذك��ر اإلعالن عم��راً معيّنًا‪ ،‬كما لفت‬ ‫إل��ى إمكانية تس��وية أوض��اع المتخلفين عن‬ ‫االحتي��اط والفاري��ن م��ن الخدم��ة اإللزامي��ة‬ ‫والمنشقين والمدعوين لالحتياط‪.‬‬ ‫وذُيّ��ل اإلع�لان بأرق��ام هوات��ف محمول��ة‪،‬‬

‫مرتبط��ة بمكات��ب ف��ي مدينت��ي طرط��وس‬ ‫والالذقية‪ ،‬وفي مناطق الشيخ بدر والقدموس‬ ‫والدريكيش والشيخ سعد‪ ،‬بدا أنها لالستفسار‬ ‫عن أي تساؤل قد ال يوضحه اإلعالن‪.‬‬ ‫وف��ي ذات الس��ياق‪ ،‬أف��اد ناش��طون أن قوات‬ ‫النظام في مدينتي طرطوس والالذقية بدأت‬ ‫بنش��ر حواجز في الش��وارع الرئيسية لسحب‬ ‫المطلوبي��ن للخدمة اإللزامي��ة‪ ،‬والفارين من‬ ‫االحتي��اط‪ ،‬وأضافوا أن دوريات أمنية باتت في‬ ‫األي��ام األخيرة تداه��م المقاه��ي والمطاعم‬ ‫بحثًا عن شبان متخلفين عن الخدمة اإللزامية‬ ‫أو االحتياط‪.‬‬

‫�سانا‪� :‬أطلقنا ق�سم اللغة العربية لنخاطب‬ ‫مواطني اجلوالن املحتل !!‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪4‬‬

‫أطلقت وكالة "س��انا" الناطقة باسم النظام يوم األحد الماضي خدمة‬ ‫بث أخبار على موقعها على اإلنترنت باللغتين العبريّة والفارسيّة‪.‬‬ ‫واعتب��ر مراقبون أن إطالق اللغتين هاتين م��ع بعضهما بعض ًا بمثابة‬ ‫أن‬ ‫مُخاطب��ة "الع��دو" و"الصدي��ق" المعلنَي��ن‪ ،‬وأوضح��ت الوكال��ة ّ‬ ‫اس��تخدامها للغة العبرية هو في إطار "مواجهة الحرب اإلعالمية التي‬ ‫تُشن ضد سورية‪".‬‬ ‫وقال مدير عام وكالة "سانا" أحمد ضو في تصريح لـ "فرانس برس"‪:‬‬ ‫"الغاي��ة من اللغ��ة العبريّة هي الوصول إل��ى المواطنين في الجوالن‬ ‫المحت��ل‪ ،‬وإل��ى العديد من الع��رب الموجودين في فلس��طين المحتلة‬ ‫أن "هناك تشويهاً للمعلومات التي تُنشر‬ ‫الناطقين بالعبريّة"‪ ،‬معتبراً ّ‬ ‫عن سورية في وسائل اإلعالم"‪.‬‬ ‫ويعمل س��تة محررين في قس��مي اللغتي��ن العبرية والفارس��ية‪ ،‬اللذين‬ ‫سيركزان على أخبار سورية بشكل خاص‪ ،‬حسب ما نقلت"فرانس برس"‪.‬‬

‫الإدارة الذاتية متنع تعدد الزوجات وتلغي‬ ‫املهور يف "مقاطعة اجلزيرة"‬ ‫أص��درت الحاكمية المشتركة لمقاطعة الحزيرة شمالي سوريا‬ ‫المرسوم التشريعي رقم ‪/22/‬لعام ‪ 2014‬والمتضمن (المبادى‬ ‫االساسية واالحكام العامة الخاصة بالمراة)‪.‬‬ ‫وتضمنت المبادئ االساسية للمرسوم الجديد ثالثين بنداً أبرزها‬ ‫منع تعدد الزوجات وإلغاء المهر باعتباره قيمة مادية هدفها استمالك‬ ‫المرأة كما ورد في البند رقم ‪ ،11‬والمساواة بين الرجل والمرأة في‬ ‫الشهادة من حيث القيمة القانونية وفي كافة المسائل اإلرثية‪.‬‬ ‫كما منع المرسوم تزويج الفتاة قبل بلوغها الثامنة عشرة من عمرها‪،‬‬ ‫وجرّم القتل بذريعة الشرف واعتباره جريمة مكتملة األركان المادية‬ ‫والمعنوية والقانونية‪ ،‬وفرض عقوبة مشددة ومتساوية على مرتكب‬ ‫الخيانة الزوجية من الطرفين‪.‬‬ ‫وتتلخص صالحيات الحاكمية المشتركة في المقاطعة بإصدار‬ ‫القوانين التي يقرها‬ ‫التشريعي‬ ‫المجلس‬ ‫ل����ل���إدارة ال���ذات���ي���ة‪،‬‬ ‫وال����ق����رارات واألوام����ر‬ ‫وال���م���راس���ي���م وف��ق��ًا‬ ‫ل���ل���ق���ان���ون‪ ،‬إض���اف���ة‬ ‫إل���ى دع����وة المجلس‬ ‫المنتخب‬ ‫التشريعي‬ ‫لالنعقاد خ�لال خمسة‬ ‫عشر ي��وم �اً م��ن إع�لان‬ ‫ن��ت��ائ��ج االن��ت��خ��اب��ات‪،‬‬ ‫ويرأسها حميدي دهام‬ ‫العاص وهدية يوسف‪.‬‬

‫الهيئة العامة ل�ش�ؤون الالجئني الفل�سطينيني تبد�أ عملها يف خميم الريموك‬ ‫افتتح��ت الهيئة العامة لش��ؤون الالجئين الفلس��طينيين في الحكومة‬ ‫الس��ورية المؤقت��ة ي��وم الجمع��ة مقره��ا األول في مخي��م اليرموك‬ ‫بدمشق‪.‬‬ ‫وقال مدير الهيئة أيمن أبو هاشم لـ "سوريتنا"‪" :‬نحن نسعى من خالل‬ ‫مقرنا في مخيم اليرموك إلى تقديم المساعدات والخدمات الضرورية‬ ‫للمحاصرين داخل المخيم‪ ،‬ونعمل حالي ًا على حل مش��كلة المياه التي‬ ‫باتت من أبرز المشكالت التي يعاني منها السكان في المنطقة‪".‬‬ ‫وأوض��ح أبو هاش��م أن جه��وداً حثيثة تب��ذل في مخي��م اليرموك لحل‬ ‫مش��كلة المياه م��ن خالل اس��تخدام المضخ��ات اليدوي��ة‪ ،‬كبديل عن‬ ‫مضخات المياه الكهربائية في ظل انقطاع التيار الكهربائي‪.‬‬ ‫وأضاف أبو هاشم‪" :‬سيهتم المقر أيضًا بتدريب الشباب على إعداد وتنفيذ‬ ‫مش��اريع صغي��رة تناس��ب اإلمكانات المتاحة ف��ي المخيم‪ ".‬الفت��ًا إلى أن‬ ‫الهيئة س��تعتمد على المقومات الذاتية المتوفرة في المخيم‪ ،‬وستستفيد‬ ‫من الكفاءات العلمية واألكاديمية في سبيل تخفيف آثار الحصار‪.‬‬

‫وج��اءت هذه الخط��وة تنفيذاً لخطة الهيئة لِنَقل مقارها وأنش��طتها‬ ‫إل��ى األراضي الس��ورية‪ ،‬والعمل المباش��ر بين األهل ف��ي المخيمات‬ ‫والتجمعات الفلسطينية والسورية‪ ،‬وأكد مسؤول في الهيئة أنه سيتم‬ ‫قريبًا افتتاح مقر الهيئة في شمال حلب‪.‬‬


‫قا�س‪ ،‬غالء وحاجات!!‬ ‫القام�شلي‪ٌ :‬‬ ‫�شتاء �آخر ٍ‬ ‫القامشلي ‪ -‬دانا حسن‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫م��ع بداي��ة كل فص��ل ش��تاء‪ ،‬ومن��ذ ان��دالع‬ ‫الثورة الس��ورية يخرج مارد البرد من قمقمه‬ ‫المخيف مرَّة أُخرى بعد سبات‪ ،‬ليخيف الشعب‬ ‫الس��وري‪ ،‬بردٌ يس��بّب األم��راض في الوقت‬ ‫ال��ذي يعان��ي في��ه الش��عب الس��وري نقص ًا‬ ‫حاداً ف��ي ال��دواء‪ ،‬باإلضافة إل��ى نقص حادّ‬ ‫في م��ادة المازوت‪ ،‬نتيج��ة لتوقّف العديد من‬ ‫المصاف��ي النفطي��ة ع��ن العمل أو س��يطرة‬ ‫تنظيم الدولة اإلس�لاميَّة عليها وقطعها عن‬ ‫الش��عب وتصريفها لصال��ح أعماله‪ ،‬وانقطاع‬ ‫التيار الكهربائي المستمر في أغلب المناطق‬ ‫الس��وريَّة‪ ،‬ال س��يما ف��ي مناط��ق الجزيرة ‪/‬‬ ‫الحسكة باإلضافة إلى االستغالل المُمَارَس‬ ‫ُّ‬ ‫والتحك��م باألس��عار من قبل بع��ض أصحاب‬ ‫النف��وس الضعيف��ة‪ ،‬الذي��ن امتهن��وا االتجار‬ ‫بالث��ورة‪ ،‬وفي اآلون��ة األخيرة جادت الس��ماء‬ ‫عل��ى أهالي مدينة القامش��لي بالغيث معلنة‬ ‫بذل��ك قدوم فصل الشّ��تاء‪ ،‬األم��ر الذي كان‬ ‫بالنس��بة لألغلبي��ة ّ‬ ‫أن‬ ‫صف��ارة‬ ‫إن��ذار‪ ،‬حي��ث ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الش��تاء يحم��ل له��م ف��ي طيّاته مش��كالتٍ‬ ‫ً‬ ‫بداية من تأمي��ن المالبس‬ ‫ومصاع��ب جمّ��ة‬ ‫الدافئة وانتها ًء بالدفء الذي غالب ًا ما يأتي من‬ ‫"الس��خّانات" أو "مدفأة الم��ازوت" ناهيك عن‬ ‫تحوُّل الشوارع إلى برك من الماء والوحل‪.‬‬ ‫في فص��ل الش��تاء م��ن البديه��ي أن يرتدي‬ ‫الن��اس ثياب��اً دافئ��ة‪ ،‬ولك��ن ال تلبّ��ى ه��ذه‬ ‫الحاج��ة (ارتداء ثياب دافئة) لدى أهالي مدينة‬ ‫القامشلي نظراً لالرتفاع الهائل في األسعار‪،‬‬ ‫فحتى الثياب كان لها النصيب األكبر في الغالء‬ ‫الجليّ‪ ،‬فس��عر أي مادّة مهم��ا كانت نوعيتها‬ ‫مقترنة بارتفاع أو هبوط سعر صرف الدوالر‪.‬‬ ‫يقول أح��د المواطنين من مدينة القامش��لي‬ ‫(و‪ .‬ح)‪" :‬ه��ذا الش��تاء س��يكون قاس��ياً وه��ذا‬ ‫واضح م��ن المطر الغزير الذي انهمر‪ ،‬وموجة‬ ‫الب��رد التي هاجمتن��ا في اليومي��ن األخيرين‬ ‫بش��كل مفاجئ‪ ،‬مادة الم��ازوت متوفرة ولكن‬

‫بأس��عار غالية‪ ،‬ال يمكننا الش��راء‪ ،‬وال أريد أن‬ ‫َّ‬ ‫أتذك��ر الش��تاء الماض��ي وكيف عش��ناه‪ ،‬كنَّا‬ ‫َ‬ ‫لنحصل‬ ‫نستعمل كراس��ينا الخشبية لحرقها‪،‬‬ ‫على بعض الدفء‪ ،‬كل ما نريده أن تس��تطيع‬ ‫اإلدارة الذاتي��ة الديمقراطي��ة بمؤسس��اتها‬ ‫المس��ؤولة عن هذه األمور أن تساعدَ الناس‬ ‫عل��ى درء أخط��ار البرد الق��ادم‪ ،‬طالم��ا أنهّا‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومخوّلة‬ ‫جه��ة حامية للش��عب‬ ‫وكلت نفس��ها‬ ‫لتحقيق متطلباته الضروريَّة"‪.‬‬ ‫بينم��ا ي��رى المواط��ن (أحم��د حس��ين) وهو‬ ‫"ب��أن المؤسس��ات المس��ؤولة عن‬ ‫م��درّس‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫توزي��ع مادة المازوت على الش��عب اس��تعداداً‬ ‫للش��تاء‪ ،‬قد قامت بمهماتها على أكمل وجه‪،‬‬ ‫لك��نّ َّ‬ ‫العل��ة ف��ي الن��اس الذين تأخّ��روا في‬ ‫التسجيل على احتياجهم من المازوت‪ ،‬كونها‬ ‫أعلنت في أوقات ماضية عن استعدادها التامّ‬ ‫لتوفير هذه المادة بأس��عار ّ‬ ‫أقل من األس��عار‬ ‫المتعارف عليها‪.‬‬ ‫أن معظم أهالي القامشلي‬ ‫وجدير باإلش��ارة ّ‬ ‫تمنعه��م ضي��ق ذات الي��د م��ن ش��راء م��ادة‬ ‫الم��ازوت‪ ،‬األم��ر ال��ذي يدفعهم إلى تش��غيل‬ ‫س��خانات كهربائية في المن��زل ولو كان ذلك‬ ‫يمنع البرد عنهم بنس��بة قليلة أو حتى لفترةٍ‬ ‫زمنيَّ��ة قصي��رة ال ت��كاد َ‬ ‫تُذك��ر نظ��راً لعدم‬ ‫تزويده��م بالكهرباء إال ن��ادراً‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫ضع��ف الش��بكة الكهربائي��ة الت��ي ال تتحمل‬ ‫الك��مّ الزائ��د م��ن الحمول��ة الكهربائيَّة‪ ،‬أما‬ ‫المول��دات الكبيرة الخاصّة‪ ،‬فذلك أمر مفروغ‬ ‫منه ألنها تتطلب (أمبيرات) أكثر من المو ّلدات‬ ‫الكهربائي��ة الخاص��ة الت��ي أصبح��ت بدورها‬ ‫تج��ارة رائجة ه��ذه األيَّام حتى تك��ون قادرة‬ ‫على تشغيل (سخّانة)‪.‬‬ ‫يقول المواطن (عثمان سعيد) من القامشلي‪،‬‬ ‫"أن‬ ‫وه��و أب لخم��س بنات ويعم��ل مزارع��اً‪ّ :‬‬ ‫وضعه ف��ي حالة يرثى لها‪ ،‬حي��ث أن مردوده‬ ‫الزراعي ال يوفّر له س��بل العيش التي تمكنه‬

‫من شراء المازوت‪ ،‬لينعم بالدفء في الشتاء"‪.‬‬ ‫أما المش��كلة الكبرى التي يعاني منها أهالي‬ ‫ً‬ ‫معضلة تقف في وجه‬ ‫مدينة القامشلي وتعدُّ‬ ‫الحرك��ة المجتمعية ألبناء هذه المدينة‪ ،‬فهي‬ ‫مش��كلة تأمين مادة المازوت التي تعد بمثابة‬ ‫قوتٍ لعربات النقل ف��ي المدينة من حافالت‬ ‫وغيره��ا‪ ،‬ناهيك عن ك��ون الم��ازوت الوقود‬ ‫األساسي إلشعال المدفأة‪ ،‬والكثير من أهالي‬ ‫القامش��لي يذكرون ف��ي الس��نوات الماضية‬ ‫كيف كان المازوت شيئًا أقرب إلى الخيال‪.‬‬ ‫ورأين��ا أحد المواطنين في مدينة القامش��لي‬ ‫القاطني��ن في قبو مع أف��راد عائلته‪ ،‬تعرّض‬ ‫منزله لتس��رّب المياه نتيجة األمطار األخيرة‬ ‫الت��ي انهمرت في ّ‬ ‫ظل أخطاء وإهمال الصرف‬ ‫َ‬ ‫الصح��ي‪ ،‬ال��ذي يتس��بَّب بمش��اكل يصع��ب‬ ‫التغ ّلب عليها إذا ل��م تتدخَّل آليَّات مختصَّة‪،‬‬ ‫وف��ي ّ‬ ‫ظ��ل الفوض��ى الحالي��ة واالضطرابات‬ ‫غالب��اً ما يك��ون هذا األمر صعب��ًا للغاية‪ ،‬ومع‬ ‫تزايد الهجرة ّ‬ ‫خفت اليد العاملة وأغلب البيوت‬ ‫فارغة من الشباب‪.‬‬ ‫كان األهالي يش��تكون‬ ‫في األوقات الس��ابقة َ‬ ‫م��ن سياس��ات النظ��ام المبنية على أس��اس‬ ‫حرمانهم من المش��تقات النفطية في الحياة‬ ‫اليومي��ة منذ بداي��ة اندالع الثورة الس��ورية‪،‬‬ ‫يش��تكون من‬ ‫لك��ن في الوقت الراهن الناس‬ ‫َ‬ ‫سياس��ات ال يمكن تعدادها تب��دأ من أصحاب‬ ‫المصافي النفطية البدائية الخاصَّة ال تنتهي‬ ‫بأصح��اب محط��ات الوق��ود الذي��ن يمتهنون‬ ‫االس��تغالل وإخفاء مادة الم��ازوت لبيعها عند‬ ‫اش��تداد البرد بأس��عار باهظ��ة‪ ،‬وبعد أن كان‬ ‫أهالي مدينة القامشلي يتغنون بجملة (النّار‬ ‫فاكهة الش��تّاء) ك ّلما شرعوا بدخول منازلهم‬ ‫وهم مقبلين على إشعال المدفأة المدللة في‬ ‫وس��ط الغرفة‪ ،‬فق��د صارت األغطي��ة الملجأ‬ ‫الوحيد لهم لتَحول بينهم وبين البرد‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪5‬‬


‫من املحتل اىل املحرر‪" ،‬ال�سكة" معرب درعا املُميت‬ ‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬

‫اندساسية ‪. .‬‬ ‫دندنات وتقارير ‪. .‬‬ ‫أخبار‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫"معبر السكة أو معبر رفح " هو المسمى الذي‬ ‫يطلق��ه األهالي على نقطة الم��رور الوحيدة‬ ‫ما بين األحياء الخاضعة لس��يطرة المعارضة‬ ‫"مخي��م درع��ا وطري��ق الس��د ودرع��ا البلد"‪،‬‬ ‫واألحي��اء الت��ي تس��يطر عليها ق��وات النظام‬ ‫الس��وري "درع��ا المحط��ة" بش��كل مباش��ر‪.‬‬ ‫ويش��كل العبور منه رحلة مليئ��ة بالمخاطر‪،‬‬ ‫دف��ع الكثير م��ن الناس حياتهم ثمن�� ًا للمرور‬ ‫عبره‪ ،‬إما قنص ًا أو اعتقا ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫طفل لم يتجاوز الخامس��ة عش��ر من‬ ‫أحم��د‪،‬‬ ‫عم��ره‪ ،‬كان يعمل على عرب��ة لنقل األمتعة‪،‬‬ ‫بين المنطقتين المحررة والخاضعة لسيطرة‬ ‫النظ��ام‪ ،‬مقاب��ل ‪ 200‬لي��رة س��ورية للرحلة‬ ‫الواح��دة‪ ،‬لكن��ه ترك عمل��ه منذ ع��ام تقريب ًا‬ ‫نظ��راً الس��تهدافه بش��كل مباش��ر م��ن قبل‬ ‫القناصة المنتش��رين على األبنية المرتفعة‪،‬‬ ‫والت��ي تحول��ت إل��ى حواج��ز تابع��ة للنظ��ام‬ ‫الس��وري‪ ،‬يق��ول أحمد‪" :‬بعد وف��اة والدي بت‬ ‫معي ً‬ ‫ال ألس��رتي المكونة من س��تة أطفال‪ ،‬أنا‬ ‫أكبرهم‪ ،‬تركت المدرس��ة واس��تأجرت عربة‬ ‫صديق لي وبدأت العمل في نقل األمتعة‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫للعابري��ن خالل معبر الس��كة‪ ،‬الذي يمتد إلى‬ ‫مس��افة تزي��د عن ‪ 50‬م فق��ط‪ ،‬غالب ًا ما كنت‬ ‫أع��ود إلى منزل��ي بمبلغ جيد يؤم��ن لنا قوت‬ ‫يومن��ا وس��د حاج��ة أس��رتي‪ ،‬لكني ش��هدت‬ ‫مقتل العدي��د من زمالئي برص��اص قناصة‬ ‫النظام بش��كل مباش��ر‪ ،‬على الرغ��م من أننا‬ ‫كن��ا نأخذ اإلذن م��ن الضابط المس��ؤول عن‬ ‫الحاجز للم��رور‪ ،‬بعد تفتيش األمتعة وبرفقة‬ ‫صاحبها"‪.‬‬ ‫ف��ي ذاك��رة محم��د العدي��د م��ن القص��ص‬ ‫المرتبط��ة بهذا الم��كان "استش��هد صديقي‬ ‫برص��اص قناصة اخترقت رأس��ه‪ ،‬لم يتجاوز‬ ‫العاش��رة من العمر‪ ،‬لقد س��قط على األرض‬ ‫بعد تفجر رأسه بش��كل شبه كامل‪ ،‬لتختفي‬ ‫مالمح��ه وضحكته وتتحول إلى أش�لاء ودماء‬ ‫س��قطت بغزارة على الش��ارع"‪ ،‬ويضيف‪" :‬ما‬ ‫تزال صورته عالقة في ذهني حتى اليوم"‪.‬‬ ‫لم يك��ن القنّص وحده م��ا كان يعانيه أحمد‬ ‫أثن��اء عمله‪ ،‬بل أيض��اً االعتداء عليه بالضرب‬ ‫من قبل قوات النظ��ام المتمركزة على حاجز‬ ‫الس��كة‪ ،‬وس��رقة بعض األمتع��ة التي يقوم‬ ‫بنقله��ا أم��ام صاحبه��ا‪ ،‬ال��ذي ال يج��رؤ على‬

‫النط��ق ب��أي كلمة‪ ،‬فق��ط الصم��ت واللعنات‬ ‫(الحقا) بعد اجتياز الحاجز"‪.‬‬ ‫محمد وهو موظف في أحد الدوائر الرس��مية‬ ‫ف��ي مدينة درع��ا‪ ،‬مجب��ر يوميًا عل��ى اجتياز‬ ‫المعبر‪ ،‬م��ن وإلى منزله في األحياء المحررة‪،‬‬ ‫حيث يقع مقر عمله في درعا المحطة‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫"على الرغم من حملنا لتصريح من المديرية‬ ‫الت��ي أعم��ل بها لتس��هيل عملية الم��رور‪ ،‬إال‬ ‫أن��ي أتع��رض للكثي��ر م��ن االهانة بش��كل‬ ‫ش��به يومي من قب��ل عناصر حاجز الس��كة‪،‬‬ ‫الذين ال يعرف��ون كبيراً أو صغي��راً في رحلة‬ ‫اس��تمتاعهم ف��ي إذالل العابرين‪ ،‬س��واء كان‬ ‫الش��خص رج�لا أم امرأة أو حت��ى طف ً‬ ‫ال‪ ،‬تبدأ‬ ‫رحل��ة العب��ور المميتة من��ذ أول خطوة نجتاز‬ ‫فيه��ا آخر جدار من ج��دران مخيم درعا‪ ،‬حيث‬ ‫متتال‪ ،‬غرفة تلو غرفة‬ ‫بشكل‬ ‫نخترق منازله‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫للمرور بعيداً عن رصاص قنّاصة النظام في‬ ‫األبني��ة المرتفعة التي تحي��ط بمخيم درعا"‪،‬‬ ‫ويوض��ح قائ�لا‪" :‬خ�لال العب��ور علي��ك عدم‬ ‫التوقف أب��داً‪ ،‬خاصة أثناء إط�لاق الرصاص‪،‬‬ ‫كل م��ا عليك هو الس��ير بس��رعة‪ ،‬وكثيراً ما‬ ‫ش��هدت حاالت إطالق رص��اص بقصد الموت‬ ‫البط��يء وألس��باب تافهة‪ ،‬وعندم��ا كنا نصل‬ ‫إلى الحاجز‪ ،‬كان يتم االستهزاء بالجريح الذي‬ ‫يمن��ع نقله للعالج من قب��ل العناصر األمنية‪،‬‬ ‫وأحيان��ا تصل إلى درجة الره��ان على الوقت‬ ‫ال��ذي س��يبقى فيه عل��ى قيد الحي��اة‪ ،‬مقابل‬

‫علبة سجائر أو متة‪ ،‬أو مبلغ مالي معين"‪.‬‬ ‫ال تس��تثنى م��ن ه��ذه المعاناة الم��رأة‪ ،‬مهما‬ ‫كان عمرها‪ ،‬وحدثت ح��االت اعتقال لعدد من‬ ‫النساء‪ ،‬من قبل عناصر هذا الحاجز‪ ،‬وبشكل‬ ‫ّ‬ ‫ومذل‪.‬‬ ‫تعسفي‬ ‫أم محمد سيدة تتجاوز الخمسين من عمرها‪،‬‬ ‫تتنقل بين المنطقين لش��راء بعض الحاجات‬ ‫الضروري��ة لنس��اء الح��ارة وأقاربه��ا‪ ،‬وإجراء‬ ‫بعض المعامالت الرس��مية الخاصة باألس��ر‪،‬‬ ‫مقابل مبل��غ مالي معين يت��م االتفاق عليه‪،‬‬ ‫حي��ث تجت��از المعب��ر بش��كل يوم��ي تقريبا‪،‬‬ ‫تقول‪" :‬ش��اهدت الكثير من ح��االت االعتقال‬ ‫للنس��اء من قبل عناصر الحاجز‪ ،‬دون مراعاة‬ ‫أي ش��يء‪ ،‬حيث يتم التدقيق عل��ى البطاقات‬ ‫الش��خصية ومقارنته��ا بالقائم��ة الموج��ودة‬ ‫لديهم‪ ،‬فمن كان لها اسم بين المطلوبين‪ ،‬أو‬ ‫له��ا عالقة بأحد المطلوبين يتم اعتقالها بد ُ‬ ‫ال‬ ‫عنه حتى يس ّلم نفس��ه‪ ،‬دون مراعاة لمسألة‬ ‫الس��ن‪ ،‬ومنهن صباي��ا تم اعتقاله��ن مقابل‬ ‫ذويهن‪.‬‬ ‫أم��ا الرجال فيتعرضون ألش��د أن��واع التنكيل‬ ‫أثن��اء المرور‪ ،‬يبدأ ذلك بإيقافهم وخضوعهم‬ ‫لتفتي��ش دقيق‪ ،‬خاصة على الهواتف النقالة‪،‬‬ ‫يذك��ر أن��ه ت��م اعتقال س��يدة وابنها بس��بب‬ ‫هاتف��ه والعثور بداخله عل��ى صور تدل على‬ ‫أن صاحبها متضامن م��ع الثورة‪ ،‬ومصيرهما‬ ‫مجهول حتى اللحظة‪ ،‬وكثيراً ما يتم االعتداء‬ ‫على الرج��ال بالضرب المب��رح واصطحابهم‬ ‫لألفرع األمنية دون أس��باب‪ ،‬أو إجبارهم على‬ ‫العمل في بناء المتاري��س للحواجز األمنية"‪.‬‬ ‫كم��ا توض��ح أم محم��د‪" :‬نتع��رض لتفتيش‬ ‫دقيق‪ ،‬وخاصة لألمتعة التي نقوم بنقلها من‬ ‫وإل��ى الجانبين‪ ،‬هناك س��لع ال يمكن إدخالها‬ ‫أبداً‪ ،‬وقد تك ّلف حاملها االعتقال‪ ،‬كمش��تقات‬ ‫النفط واألدوية والتجهيزات الطبية واألطعمة‬ ‫والل��وازم المدرس��ية الت��ي يس��مح بإدخالها‬ ‫بكميات معين��ة‪ ،‬كذلك المنظف��ات والزيوت‪،‬‬ ‫فكل ش��يء مح��دد لحاجة أس��رة واحدة فقط‬ ‫لي��س أكثر‪ ،‬وكثيراً ما يت��م االحتفاظ ببعض‬ ‫األش��ياء‪ ،‬بحجة منعها أو زي��ادة حجمها‪ ،‬فقط‬ ‫لالستيالء عليها من قبل العناصر األمنية"‪.‬‬


‫�شتاء جديد ًا‬ ‫حلب‪ :‬بال�سرقة �أو البالة‪ ،‬احللبيون يواجهون ً‬ ‫حلب ‪ -‬عثمان إدلبي‬

‫ال ي��زال بع��ض المدنيين يعيش��ون ف��ي خيام‬ ‫نصبوه��ا عل��ى أرصفة الش��وارع ف��ي مناطق‬ ‫متطرف��ة م��ن المدين��ة‪ ،‬يجهز ه��ؤالء الفقراء‬ ‫أنفسهم الس��تقبال الش��تاء فيرممون خيمهم‬ ‫ويرقع��ون الثق��وب الت��ي كانت تدخ��ل عليهم‬ ‫المطر ولس��عات البرد في ش��تاء العام الفائت‪،‬‬ ‫وتقول "أم رامي" "لم أكن أتمنى أن يأتي فصل‬ ‫الشتاء بعد المعاناة الكبيرة التي عشناها العام‬ ‫الماض��ي‪ ،‬فقلعت خيمتنا أكث��ر من مرة وكانت‬ ‫جميع أغراضنا تبقى ملوثة بالطين ولم نشعر‬ ‫بالدفء يوما‪ ،‬ومنذ ستة أشهر أنجبت طفلة وال‬ ‫أعلم هل سوف تتحمل ظروف الشتاء القاسية‪،‬‬ ‫وأن��ا اآلن أتدب��ر أم��ور الطهي بإش��عال بعض‬ ‫أغصان األش��جار اليابس��ة ولكن ه��ذا لم يعد‬ ‫ممكن عند هطول أول أمطار الشتاء"‪.‬‬

‫جتارة حتت املطر‬

‫البالة وجهة الفقراء لرد برد ال�شتاء‬

‫م��ع بداية فصل الش��تاء يقب��ل الكثيرون من‬ ‫أهال��ي حلب على أس��واق البال��ة حيث وجدوا‬ ‫فيه��ا ما يرد عنهم برد الش��تاء وينقذهم من‬ ‫غالء أسعار األلبسة الجاهزة وخاصة الشتوية‬

‫ال�سرقة احلالل‬

‫لجئ البعض إلى س��رقة الكهرب��اء والمازوت‬ ‫كم��ا فعل ياس��ر الذي تمكن من س��رقة خط‬ ‫تي��ار كهربائ��ي م��ن أح��د الخط��وط التابعة‬ ‫للمراكز األمنية‪ ،‬ياس��ر كان يبدو عليه الفخر‬ ‫والتباهي بفعلته عندما كش��ف لنا عن س��بب‬ ‫س��رقته للخط "مضى ش��تاء الع��ام الماضي‬ ‫ولم يكن لدينا مازوت ولم تكن تأتي الكهرباء‬ ‫إال س��اعات قليلة‪ ،‬وكلما انظر من النافذة أرى‬ ‫مداف��ئ الكهرباء تلمع ف��ي المبنى الحكومي‬

‫جماعة الإخوان امل�سلمني ال�سورية تختار مراقب ًا جديد ًا لها‬ ‫انتخ��ب مجل��س ش��ورى‬ ‫جماعة اإلخوان المسلمين‬ ‫في س��ورية يوم الخميس‬ ‫الدكتور محمد وليد مراقب ًا‬ ‫عامًا جديداً للجماعة لمدة‬ ‫أربع س��نوات‪ ،‬خلفًا للشيخ‬ ‫محمد رياض شقفة‪.‬‬ ‫والدكت��ور ولي��د‪ ،‬م��ن‬ ‫موالي��د مدين��ة الالذقية‪،‬‬ ‫ع��ام ‪ ،1944‬وه��و حاصل‬ ‫على الدكت��وراه في الطب‬ ‫البشري من جامعة دمشق عام ‪ ،1968‬ومتخصص في طب العيون في بريطانيا‪ ،‬ويشغل‬ ‫الدكتور وليد منصب رئيس الحزب الوطني للعدالة والدس��تور "وعد"‪ ،‬المنبثق عن جماعة‬ ‫اإلخوان المسلمين‪.‬‬ ‫ويحظر نظام األس��د جماعة اآلخوان المسلمين في سوريا واالنتماء إليها‪ ،‬في حين تنشط‬ ‫الجماع��ة في صف��وف المعارضة الس��ورية‪ ،‬وقد انتُخ��ب مؤخراً أحمد طعمة (المحس��وب‬ ‫على الجماعة) رئيس��اً للحكومة السورية المؤقتة بعد حصوله على ‪ 63‬صوتاً تدعم توليه‬ ‫المنصب‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫أصب��ح مطر الش��تاء وبرده القارص مش��كلة‬ ‫لتجار حلب كون معظمهم أخذوا من األرصفة‬ ‫والس��احات م��كان لع��رض س��لعهم وبيعها‪،‬‬ ‫ويروي التاجر "مروان مجوز" لس��وريتنا "بعد‬ ‫أن احت��رق محلي في س��وق المدينة أصبحت‬ ‫أبيع األلبس��ة على بسطة في أحد شوارع حي‬ ‫الجميلي��ة ولكن فصل الش��تاء أتى علي مثل‬ ‫الكابوس ألنني لم انسَ الظروف التي مررت‬ ‫به��ا العام الفائ��ت‪ ،‬فكلما تس��اقطت األمطار‬ ‫يج��ب أن أحم��ل بضائع��ي وأركض به��ا إلى‬ ‫مدخل أحد األبنية المج��اورة لكي أحميها من‬ ‫البل��ل‪ ،‬ول��م أكن أج��د أي طريقة ل��درء مياه‬ ‫األمطار عن البس��طة س��وى أكياس النايلون‬ ‫التي س��وف تطير عندما يهب الهواء"‪ ،‬معاناة‬ ‫مروان هي ذاته��ا معاناة الكثيرين من الباعة‬ ‫فالقليل من تجار حلب يملكون محالت اليوم‪.‬‬

‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬

‫�شتاء يف اخليمة‬

‫منه��ا‪ ،‬ويقول ناصر بوادقجي وهو من أهالي‬ ‫حل��ب "ل��م اعت��د م��ن قبل عل��ى أن أش��تري‬ ‫ألوالدي ألبسة مستعملة‪ ،‬ولكن عندما ذهبت‬ ‫إل��ى الس��وق فوجئت باألس��عار الت��ي تتراوح‬ ‫قيمتها بين الستة والسبعة آالف ليرة فقررت‬ ‫الذهاب إلى أس��واق البالة واشتريت سترة لي‬ ‫وثالث سترات ألوالدي بخمسة آالف ليرة"‪.‬‬

‫الذي يواجه منزلي‪ ،‬وكنت دائما أس��ال نفسي‬ ‫ه��ل الكهرب��اء خصص��ت له��م ونح��ن يجب‬ ‫أال يفارقن��ا الب��رد‪ ،‬فقررت في ه��ذا العام أن‬ ‫أس��رق خطاً من علب��ة الكهرباء ولم اخف من‬ ‫العواقب"‪.‬‬ ‫بعد غالء سعر المحروقات وقلتها في األسواق‬ ‫أصبح��ت خزان��ات الم��ازوت المنزلي��ة والت��ي‬ ‫توضع غالباً على األس��طح معرضة للسرقة‪،‬‬ ‫مم��ا جعل الن��اس تحصن خزاناته��ا باألقفال‬ ‫والجنازي��ر‪ ،‬وقام البعض بنقل خزاناتهم إلى‬ ‫داخل بيوتهم خوف ًا عليها من السرقة‪ ،‬وتقول‬ ‫الس��يدة منال "في نهاية الشتاء الماضي كان‬ ‫الم��ازوت متوفراً وس��عره مقب��و ً‬ ‫ال فقررت أن‬ ‫أمل��ئ خزاني بالم��ازوت لكي أس��تخدمه هذا‬ ‫الع��ام‪ ،‬ومن��ذ يومي��ن ق��م بتركي��ب المدفأة‬ ‫ولكنني لم أجد في خزاني وال لتر من المازوت‬ ‫لكي أشعلها‪ ،‬وكان قفل الخزان مكسوراً‪ ،‬لقد‬ ‫سرق كل ما في الخزان من وقود"‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫اس��تحدث الس��كان المدنيون ف��ي حلب طرق ًا‬ ‫بدائي��ة ليواجه��وا بها فص��ل الش��تاء القادم‬ ‫عليه��م‪ ،‬للم��رة الثالث��ة ف��ي ظ��روف صعبة‬ ‫تتركها الح��رب على مدينته��م‪ ،‬فبعد أن بات‬ ‫تأمي��ن المحروق��ات ه��و الهم األكب��ر ألغلب‬ ‫س��كان حلب‪ ،‬ول��م يعد الدفء متاحًا للس��كان‬ ‫بس��بب غالء س��عر بيع لتر الم��ازوت وندرته‪،‬‬ ‫فس��عر اللت��ر الواحد م��ن مادة الم��ازوت مث ً‬ ‫ال‬ ‫يص��ل إل��ى ‪ 140‬ليرة‪ ،‬بات م��ن الضروري أن‬ ‫يبحث المدني عن حلول تقيه من برد الش��تاء‬ ‫وتبعاته‪.‬‬ ‫محمد س�لال وه��و عامل في إح��دى محطات‬ ‫ُ‬ ‫"يدخِل النظام إلى حلب س��بع‬ ‫الوقود يق��ول‬ ‫صهاريج مازوت أسبوعيًا ال تكاد تكفي نصف‬ ‫الحاج��ة االس��تهالكية للمدين��ة‪ ،‬م��ا س��اهم‬ ‫في ظهور الس��وق الس��وداء التي تبيع المادة‬ ‫بأس��عار مرتفعة بدورها" ويق��ول أبو توفيق‬ ‫"أصحاب المول��دات ال يكترثون بغالء المازوت‬ ‫فهم يشترون بسعر مرتفع ويرفعون مقابله‬ ‫س��عر األمبي��ر وبالنتيج��ة أن ف��رق الس��عر‬ ‫يأخذ م��ن جيب المواطن‪ ،‬أصح��اب (الكازيات)‬ ‫يفضل��ون يبيع الم��ازوت ألصح��اب المولدات‬ ‫الذين يدفعون سعر جيدا"‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫الزواج املبكر يف دير الزور‬ ‫املعدالت يف ارتفاع‪ ،‬و�أرامل يف �سن ال�سابعة ع�شر‬ ‫أخبار وتقارير ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪8‬‬

‫دير الزور ‪ -‬عادل العايد‬ ‫تزوج��ت "لمي��س" البالغة من العم��ر ‪16‬عاماً‪ ،‬من‬ ‫ري��ف دير ال��زور الغرب��ي‪ ،‬بابن قريتها "يوس��ف"‬ ‫‪ 21‬عام��اً‪ ،‬المقات��ل ف��ي إح��دى كتائ��ب الجي��ش‬ ‫الح��ر‪ ،‬ليس��قط بع��د ثمانية أش��هر صريع��اً‪ ،‬في‬ ‫إح��دى المعارك بين الجيش الح��ر وتنظيم الدولة‬ ‫اإلس�لامية‪ ،‬لتعود إثر ذلك إلى بي��ت أهلها‪ ،‬ولكن‬ ‫لي��س كطفل��ة ب��ل كأرملة ل��م تتجاوز الس��ابعة‬ ‫عشرة‪.‬‬ ‫"لميس" ليس��ت الفتاة الوحيدة‪ ،‬التي لم تبلغ سن‬ ‫الرش��د‪ ،‬ويتم تزويجها في ريف دي��ر الزور‪ ،‬ففي‬ ‫الس��نتين األخيرتي��ن‪ ،‬انتعش��ت ظاه��رة ال��زواج‬ ‫المبك��ر‪ ،‬بش��كل ملحوظ‪ ،‬حيث لم تع��د مقتصرة‬ ‫على المراهقات كما في الس��ابق‪ ،‬بل انتشرت في‬ ‫صف��وف المراهقين أيضاً‪ ،‬بس��بب انس��داد األفق‬ ‫أمامهم‪ ،‬وزي��ادة فاعلي��ة الموروث��ات االجتماعية‬ ‫والعشائرية بعد غياب سلطة الدولة‪ ،‬وذلك بحسب‬ ‫اس��تطالع تم إجراؤه بين بعض أهالي دير الزور‪،‬‬ ‫الذي��ن رجحوا ارتف��اع معدالت الط�لاق بالمقابل‬ ‫نتيجة افتقار الزواج لمقومات االستمرار‪.‬‬ ‫يؤكد "أحمد الخلف"‪ ،‬من ريف دير الزور الش��رقي‪،‬‬ ‫ارتفاع معدالت الزواج بشكل عام‪ ،‬والزواج المبكر‬ ‫بش��كل خ��اص‪ ،‬وذل��ك من خ�لال تجرب��ة عائلته‬ ‫الخاص��ة فيق��ول "لي س��بعة أخوة‪ ،‬خالل الس��نة‬ ‫الماضي��ة‪ ،‬تزوج ثالث��ة منهم‪ ،‬فيما كان��ت العائلة‬ ‫قبل ذلك‪ ،‬تفرح بعريس واحد كل ثالث سنوات‪ ،‬أو‬ ‫أكثر‪ ،‬ويعود ذلك إلى األعراف االجتماعية بالدرجة‬ ‫األولى‪ ،‬التي تس��عى إل��ى تزويج األبن��اء في أيام‬ ‫االضطراب��ات خوف��ًا م��ن فقدانه��م وحفاظًا على‬ ‫استمرارية نسل العائلة"‪.‬‬ ‫ويع��رف ال��زواج المبكر بأن��ه زواج م��ن هم دون‬ ‫الثامن��ة عش��ر م��ن العمر‪ ،‬عل��ى اعتبار أنه س��ن‬ ‫الرش��د‪ ،‬حس��ب اتفاقي��ة حق��وق الطف��ل‪ ،‬الت��ي‬ ‫تق��ول أن الطفل‪ ،‬هو من لم يبلغ الثامنة عش��ر‪،‬‬ ‫وظاه��رة الزواج المبكر‪ ،‬كانت وال تزال‪ ،‬منتش��رة‬ ‫ف��ي المناط��ق الريفية في س��ورية‪ ،‬حي��ث قدرت‬ ‫المنظمة الدولية لحقوق الطفل (اليونيس��ف) من‬ ‫قب��ل‪ ،‬أن نس��بة ‪ 13%‬يتزوج��ن دون س��ن الثامنة‬ ‫عشر‪ ،‬فيما ال توجد إحصائيات‪ ،‬عن معدالت الزواج‬ ‫حالي��ًا‪ ،‬إال أن ناش��طين وخبراء يؤك��دون أنها في‬ ‫ازدياد‪.‬‬ ‫وكان النتشار الس�لاح‪ ،‬والقتال المستمر‪ ،‬في دير‬ ‫الزور‪ ،‬طيلة الس��نوات الثالث الماضية‪ ،‬أثر ضاعف‬ ‫من خوف األهالي‪ ،‬عل��ى أبنائهم المراهقين‪ ،‬من‬ ‫االنجرار نحو العمل المسلح‪ ،‬فلجأوا إلى تزويجهم‬ ‫كنوع من الحماية‪.‬‬ ‫"س��عيد س��ليمان" ‪ 18‬س��نة من الريف دي��ر الزور‬ ‫الغرب��ي‪ ،‬متخلف عن الخدمة العس��كرية‪ ،‬لذا غدا‬ ‫مضط��راً‪ ،‬أن يبق��ى ضم��ن المناط��ق المح��ررة‪،‬‬ ‫ونظراً لخوف أهله من التحاقه بإحدى المجموعات‬ ‫المس��لحة‪ ،‬عملوا عل��ى إقناعه بض��رورة الزواج‪،‬‬ ‫فت��زوج من��ذ م��ا يق��ارب الش��هر‪ ،‬يق��ول س��عيد‬ ‫"انضوي��ت م��ع إح��دى الكتائب قبل س��تة أش��هر‪،‬‬ ‫واس��تطاع أهل��ي إعادتي إل��ى البيت‪ ،‬خوف��ًا على‬ ‫حيات��ي‪ ،‬وبعدها عملوا على تزويجي‪ ،‬لكي ارتبط‬ ‫ببيت وأس��رة‪ ،‬وألغي فكرة الهجرة‪ ،‬أو الدخول في‬ ‫إحدى التنظيمات في المنطقة"‪.‬‬ ‫فيما يعلق "أحمد الشاهر" من أبناء الريف الشرقي‬ ‫بقوله "أغلب الجنود المنش��قين عن النظام‪ ،‬جرى‬ ‫تزويجه��م‪ ،‬ف��ور عودتهم إلى ذويه��م‪ ،‬وكما هي‬ ‫العادة‪ ،‬تزوجوا بفتيات أصغر سناً منهم"‪.‬‬ ‫وش��كل انعدام األمن بعد انطالق العمل المس��لح‬

‫دافع��اً قويًا لدى األس��ر للمحافظة عل��ى العالقات‬ ‫بي��ن العائلة الواح��دة‪ ،‬خصوصًا بع��د المصادمات‬ ‫العش��ائرية والعائلية التي ما تلب��ث أن تهدأ حتى‬ ‫تنفجر من جديد‪.‬‬ ‫"ه��دى" ‪ 19‬عامًا‪ ،‬تزوجت باب��ن عمها ولم يتجاوز‬ ‫عمرها الثامنة عشر عاماً‪ ،‬وتقول عن ذلك "تقدم‬ ‫لل��زواج بي اب��ن عمي‪ ،‬وقبلت ألن��ي أفضل البقاء‬ ‫قريب��ة من أهلي‪ ،‬وفض��ل أهلنا زواج��ي به على‬ ‫زواجي من شخص غريب عن العائلة"‪.‬‬ ‫ونظ��راً النخف��اض قيمة العمل��ة الس��ورية أمام‬ ‫ال��دوالر فق��د أصبح للعمالة الس��ورية ف��ي لبنان‬ ‫مورد دخل يمكنهم من تغطية تكاليف الزواج‪.‬‬ ‫"محم��د نور"‪ 18‬س��نة‪ ،‬عامل في لبن��ان‪ ،‬وهو من‬ ‫أبن��اء ريف دير الزور‪ ،‬تزوج من��ذ ما يقارب الثالثة‬ ‫أش��هر‪ ،‬م��ن فتاة لم يتجاوز عمرها الس��تة عش��ر‬ ‫عامًا‪.‬‬ ‫يقول محمد "بهبوط العملة السورية أمام الدوالر‬ ‫أصب��ح بإم��كان أي عام��ل ف��ي لبن��ان‪ ،‬أن يؤم��ن‬ ‫تكاليف الزواج‪ ،‬وخصوص��ًا أن المهر في المنطقة‬ ‫ال��ذي يت��راوح بي��ن ‪ 200‬أل��ف إلى‪ 400‬أل��ف ليرة‬ ‫سورية‪ ،‬بقي على حاله‪ ،‬وهو ما يمكن تأمينه في‬ ‫لبنان‪ ،‬ما بين ستة أشهر وعام"‪.‬‬ ‫وكان لعوائد بيع النفط س��ابقًا في بعض مناطق‬ ‫دير الزور دور في إقبال الناس على الزواج‪ ،‬ولكن‬ ‫ذل��ك محصور بالمس��تفيدين منه��ا فقط‪ ،‬ويعلق‬ ‫"س��اري" على ذلك وهو م��ن أبناء المنطقة بقوله‬ ‫"بي��ع النفط در أموا ًال طائلة وأول مش��روع يمكن‬ ‫التفكير به هو الزواج‪ ،‬حتى أن المتزوجين تزوجوا‬ ‫مرة ثانية"‪.‬‬ ‫"أبو عليوي الفراتي"‪ ،‬ناش��ط من ريف دير الزور‪،‬‬ ‫يؤكد أن هذه الظاه��رة طارئة‪ ،‬على المجتمع في‬ ‫منطقت��ه‪ ،‬رغم أنها كانت موجودة من قبل‪ ،‬ولكن‬ ‫بش��كل ضئيل ج��داً‪ ،‬فيق��ول "قبل بداي��ة العمل‬ ‫المس��لح‪ ،‬قلما يتزوج ش��اب‪ ،‬دون س��ن الس��ابعة‬ ‫والعش��رين‪ ،‬حت��ى أن بع��ض الش��باب تزوج��وا‬ ‫بم��ن تكبرهم س��نًا‪ ،‬وكذل��ك كانوا يميل��ون إلى‬ ‫المتعلم��ات‪ ،‬والكثي��ر م��ن المتزوجات ف��ي حينها‬ ‫كن جامعيات‪ ،‬فقد انتش��ر الوع��ي والثقافة‪ ،‬لدى‬ ‫الشباب من الجنسين‪ ،‬فيما يخص موضوع الزواج‬ ‫وبناء األس��رة‪ ،‬وكل ذل��ك ال يمكن أن ن��راه حالياً‪،‬‬ ‫بس��بب انعدام األمن وبسبب اإلحباط من إمكانية‬ ‫متابعة التحصيل العلمي"‪.‬‬

‫وم��ع أن ال��زواج المبك��ر حل لحماية الش��باب لكن‬ ‫له انعكاس��ات س��لبية‪ ،‬وتتجس��د أبرزه��ا بازدياد‬ ‫حاالت الطالق نظراً لصغر سن المتزوجين‪ ،‬وعدم‬ ‫درايتهم بكيفية تدبير شؤون حياتهم‪.‬‬ ‫"علي��اء‪ .‬م" إحدى المطلقات‪ ،‬ف��ي ريف دير الزور‪،‬‬ ‫تقول "تزوجت بعد أن نلت شهادة الثانوية العامة‪،‬‬ ‫من أح��د معارف العائل��ة‪ ،‬في قرية أخ��رى‪ ،‬وكان‬ ‫يكبرني بس��نتين فقط‪ ،‬وبعد الزواج‪ ،‬بستة أشهر‬ ‫حدث خالف بينن��ا‪ ،‬وطلقني مرتين‪ ،‬وفي كل مرة‬ ‫أعود فيها إليه‪ ،‬بضغوط من أهلي وأهله‪ ،‬نتشاجر‬ ‫بعد عدة أس��ابيع‪ ،‬ألعود مطلقة إل��ى أهلي‪ ،‬وفي‬ ‫المرة الثالث��ة أبلغته الهيئة الش��رعية‪ ،‬في الريف‬ ‫الغرب��ي لدير ال��زور‪ ،‬أنه لم يعد بإمكانه تس��وية‬ ‫الوضع من جديد‪ ،‬لذلك س��نفترق نهائياً‪ ،‬وسأكون‬ ‫أكثر راحة عند أهلي"‪.‬‬ ‫فيم��ا يؤك��د "محم��د س��ليمان ‪29‬عام��اً أن حاالت‬ ‫الطالق تزاي��دت‪ ،‬في قرية "حواي��ج ذياب"‪ ،‬بريف‬ ‫دير الزور‪ ،‬بع��د أن كانت تقريبًا غير موجودة‪ ،‬في‬ ‫قري��ة صغيرة مثل ه��ذه القرية‪ ،‬والس��بب األكيد‬ ‫لهذا التزايد‪ ،‬بحس��به‪ ،‬هو صغر س��ن المتزوجات‪،‬‬ ‫إذ ال يس��تطعن تحمل أعباء ال��زواج‪ ،‬إال فيما ندر‪،‬‬ ‫بفضل مساعدة ذويهن‪.‬‬ ‫ويصع��ب التعام��ل مع األطفال من قب��ل أمهاتهم‬ ‫المراهق��ات‪ ،‬فتقول "أم فواز"‪ ،‬م��ن قرية التبني"‬ ‫تزوج��ت ابنتي الكبرى في س��ن الس��ابعة عش��ر‪،‬‬ ‫وه��ي حالياً تواجه مش��اكل في التعام��ل مع ابنها‬ ‫البكر‪ ،‬فهو دائم المرض‪ ،‬ويعود ذلك لعدم قدرتها‬ ‫على االهتمام به نظراً لصغر سنها"‪.‬‬ ‫تعتبر الناش��طة ف��ي مجال حقوق الم��رأة‪" ،‬مزنة‬ ‫دري��د"‪ ،‬من دير الزور‪ ،‬أن الزواج في س��ن مبكرة‪،‬‬ ‫من أهم العوائق التي تؤثر على التطور الطبيعي‬ ‫للمراهق��ة المتزوجة‪ ،‬باإلضاف��ة إلى تعرض حياة‬ ‫الزوجة والجنين للخطر عند الحمل‪ ،‬ويترتب عليه‬ ‫كذل��ك حرمان النس��اء‪ ،‬من المش��اركة في الحياة‬ ‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وفي النهاية‬ ‫لن ينتج عن هذا الزواج أسرة سليمة‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن كيفي��ة مواجه��ة ه��ذه الظاه��رة‪ ،‬فتقول‬ ‫"نستطيع أن نكافح هذه الظاهرة‪ ،‬من خالل التوعية‬ ‫واإلرشاد‪ ،‬ونش��ر التعليم ومكافحة األمية المنتشرة‬ ‫حالي��اً‪ ،‬عن��د الذك��ور واإلن��اث ف��ي ريف دي��ر الزور‪،‬‬ ‫والريف الس��وري بش��كل ع��ام‪ ،‬إال أن ذل��ك يتطلب‬ ‫جهود كبيرة تقوم بها الدولة وكل هذا غائب بس��بب‬ ‫حالة الحرب المستمرة وخاصة في دير الزور"‪.‬‬


‫"ال�سعودية ‪ -‬الدولة" بذور التغيري حتت ال�شم�س (‪)2‬‬ ‫ياسر مرزوق‬

‫حركة الأمراء الأحرار‬

‫في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كانت‬ ‫أفكار اليسار بل الشيوعية تنتشر بقوة في عموم‬ ‫ً‬ ‫خاصة‪ ،‬أما في‬ ‫الخليج العربي وفي عمان والبحرين‬ ‫السعودية فمن الممكن اعتبار الحراك العمالي في‬ ‫ً‬ ‫مقدمة‬ ‫الخمسينات ونشاط جبهة االصالح الوطني‬ ‫لم��ا عرف فيما بعد بالحزب الش��يوعي الس��عودي‪،‬‬ ‫وال بد من اإلش��ارة إلى أن االتحاد الس��وفيتي كان‬ ‫الدولة األولى التي اعترفت بالملك عبد العزيز ملكًا‬ ‫عل��ى نجد والحجاز ع��ام ‪ ،1925‬إال أن العالقة بين‬ ‫الدولتين لم تستمر‪ ،‬فبمجرد اإلعالن عن تأسيس‬ ‫المملك��ة العربي��ة الس��عودية ع��ام ‪1932‬قطعت‬ ‫األخيرة عالقتها مع االتحاد السوفياتي واصفة اياه‬ ‫بـ»الدولة الشيوعية» الملحدة والمحاربة لإلسالم‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫احلزب ال�شيوعي ال�سعودي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫ل��م تقف ري��اح التح��رر وأف��كار القومي��ة العربية‬ ‫وحتى االشتراكية عند عامة المجتمع السعودي بل‬ ‫انتقل��ت إلى داخل صف��وف العائلة المالكة‪ ،‬وكانت‬ ‫فترة الصراع على الحكم بين الملك س��عود وولي‬ ‫عهده فيصل مسرحًا لبزوغ هذه التيارات‪ ،‬ويصعب‬ ‫الفرز تمامًا بين توجهات أفراد العائلة الحاكمة في‬ ‫تلك الفت��رة كونها تخفي وراءه��ا مطامع بالنفوذ‬ ‫والتفرد بالمكتسبات المادية‪.‬‬ ‫ولعل التصنيف األقرب للواقع هو انقس��ام األسرة‬ ‫إل��ى ثالث تي��ارات‪ ،‬الملك س��عود الذي اس��تند إلى‬ ‫مجموع��ة م��ن األم��راء وبع��ض ش��يوخ القبائ��ل‬ ‫لالس��تمرار في الحكم‪ ،‬واألمير فيصل الذي حظي‬ ‫بمس��اندة مجموعة أخرى من األم��راء والكثير من‬ ‫علم��اء الدين وتج��ار الحجاز المتنفذي��ن‪ ،‬أما الفئة‬ ‫الثالثة فتزعمه��ا األمير طالل المتمت��ع بتأييد فئة‬ ‫المثقفين الناش��ئة من خريجي الجامعات األجنبية‬ ‫وعدد من الموظفين‪ ،‬وهي التي انبثق عنها الحقًا‬ ‫ما سمي بحركة األمراء األحرار‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ 1958‬نجح جناح الملك فيصل باالستئثار‬ ‫بالحكم‪ ،‬عندما قامت مجموعة من األمراء مدعومة‬ ‫من األمري��كان وعلى رأس��ها األمير فه��د بن عبد‬ ‫العزيز بتقديم إنذار للملك سعود يطالبه بتسليم‬ ‫الس��لطة إل��ى فيصل‪ ،‬وتح��ت الضغ��ط األمريكي‬ ‫رضخ الملك س��عود وأصدر ف��ي ‪ 23‬آذار من العام‬ ‫نفسه مرسومًا ملكيًا يمنح رئيس الوزراء «فيصل‬ ‫« المس��ؤولية التامة لإلش��راف عل��ى تنفيذ جميع‬ ‫الس��لطات اإلدارية فيما يتعلق بالش��ؤون الداخلية‬ ‫والخارجي��ة والش��ؤون المالية‪ ،‬كم��ا أصبح فيصل‬ ‫القائد العام للقوات المسلحة السعودية‪.‬‬ ‫ف��ي العام نفس��ه أيض��ًا قام بعض م��ن أبناء عبد‬ ‫العزيز‪ ،‬وهم األمير طالل بن عبد العزيز آل سعود‬ ‫ رئيس��ًا للحركة ‪ -‬واألمير مشاري بن عبد العزيز‬‫آل س��عود واألمي��ر بدر ب��ن عبد العزيز آل س��عود‬ ‫واألمي��ر ترك��ي الثاني بن عب��د العزيز آل س��عود‬ ‫واألمير فواز بن عبد العزيز آل سعود‪ ،‬بتأسيس ما‬ ‫س��مي بحركة األمراء األحرار والت��ي نادت بالعديد‬ ‫من المبادئ مثل إنش��اء حكم دس��توري وبرلماني‬ ‫ف��ي البالد وفص��ل األس��رة الحاكمة ع��ن الحكم‪،‬‬ ‫والمساواة بين الرجال والنساء وإلغاء الرق‪.‬‬ ‫وقد عقدت هذه المجموعة اتفاقًا باطنيًا مع الملك‬ ‫س��عود وعدهم فيه بإقامة مملكة دس��تورية‪ ،‬وال‬ ‫يمك��ن الحك��م على س��لوك الملك س��عود إن كان‬ ‫مناص��راً لإلص�لاح‪ ،‬أو أنه اس��تخدم ه��ذه الحركة‬ ‫ً‬ ‫خاص��ة أن الحركة لم‬ ‫ف��ي صراع��ه م��ع فيص��ل‪،‬‬ ‫تعلن قطيعتها مع األخير واس��تمرت بالتواصل مع‬ ‫الطرفي��ن‪ ،‬وفي حزيران ع��ام ‪ 1960‬اقترح األمير‬ ‫طالل إقامة نظام ملكي دستوري‪ ،‬فرفض فيصل‬ ‫االقت��راح وأبعد عنه ط�لال وجماعته‪ .‬وفي ش��هر‬ ‫أيلول عرضه على الملك سعود فرفضه أيضًا على‬ ‫اعتباره متطرفًا عن قيم المجتمع السعودي‪.‬‬ ‫وف��ي الخامس والعش��رين من كان��ون األول عام‬ ‫‪ 1960‬أعلن��ت إذاعة مكة أن مجل��س الوزراء وافق‬ ‫على تش��كيل مجلس وطني منتخ��ب جزئياً‪ ،‬وقرر‬ ‫وضع مسودة الدستور؛ الذي كان األمير طالل كلف‬ ‫مجموعة من الحقوقيين المصريين بوضعه‪ ،‬وجاء‬ ‫في ‪ 120‬م��ادة‪ ،‬ولكن اإلذاعة عادت بعد ثالثة أيام‬ ‫لتنف��ي الخب��ر‪ ،‬وبات واضح��اً أن الملك س��عود لن‬

‫الملف ‪. .‬‬

‫استكما ًال لملفنا السابق نتابع اليوم عرضاً ألطياف‬ ‫المعارض��ة الت��ي مرت ف��ي تاريخ حكم آل س��عود‬ ‫للملكة‪.‬‬

‫يقبل بإصالحات على هذا المستوى‪.‬‬ ‫في ‪ 12‬كانون األول عام ‪ 1962‬ومع تصاعد الخالف‬ ‫بي��ن فيصل وس��عود عل��ى الصالحيات‪ ،‬اس��تقال‬ ‫فيصل‪ ،‬وش��كل الملك س��عود وزارة ضمت األمير‬ ‫طالل بن عبد العزيز وزي��راً للمالية واألمير محمد‬ ‫بن س��عود وزيراً للدفاع‪ ،‬واألمير عبدالمحس��ن بن‬ ‫عبد العزيز وزيراً للداخلية‪ ،‬بينما عين بدر بن عبد‬ ‫العزي��ز وزي��راً للمواصالت؛ وأس��ندت وزارة النفط‬ ‫والمعادن إلى الوجه القومي المعروف الش��يخ عبد‬ ‫هّ‬ ‫الل الطريق��ي‪ .‬وألول مرة في تاريخ البلد اس��تلم‬ ‫أش��خاص ال ينتس��بون إلى العائلة المالكة غالبية‬ ‫الحقائب في الوزارة «‪ 6‬من ‪.»11‬‬ ‫وتج��در اإلش��ارة إل��ى أن��ه وف��ي ظ��ل الحكوم��ة‬ ‫اإلصالحي��ة صدر قان��ون خاص يقض��ي باإلعدام‬ ‫عل��ى الجرائ��م المرتكبة ض��د األس��رة المالكة‪ ،‬أو‬ ‫محاولة تغيي��ر النظام الملكي‪ ،‬وأجهضت محاوالت‬ ‫اإلص�لاح على يد تيار األمي��ر فيصل ورجال الدين‬ ‫الخائفي��ن عل��ى صالحياتهم وعى رأس��هم مفتي‬ ‫الدي��ار الس��عودية محمد ب��ن إبراهيم آل الش��يخ‬ ‫ورئي��س جماعة األم��ر بالمعروف الش��يخ عمر بن‬ ‫حس��ن فكان لهم الدور األكبر ف��ي إقالة األميرين‬ ‫طالل وعبد المحسن من الوزارة‪.‬‬ ‫ومع تده��ور صحة الملك س��عود وس��فره للخارج‬ ‫عاود فيصل اإلمس��اك بمقاليد الحكم‪ ،‬مما أضطر‬ ‫طالل وشركائه للهجرة إلى بيروت عام ‪1962‬حيث‬ ‫عقدوا مؤتمراً صحفياً في بيروت‪ ،‬انتقد فيه األمير‬ ‫طالل النظام السعودي وأوضح أن هدف مجموعته‬ ‫يتمث��ل ف��ي إقام��ة نظ��ام دس��توري ديمقراطي‬ ‫ف��ي اإلط��ار الملك��ي‪ ،‬وخش��ية الوقوع ف��ي أزمة‬ ‫ديبلوماس��ية مع الس��عودية حاول��ت حكومة لبنان‬ ‫التخل��ص من األم��راء األحرار فغ��ادروا إلى مصر‪،‬‬ ‫حيث اس��تقبلهم الرئيس جمال عبد الناصر‪ .‬وأدت‬ ‫حرب اليمن إلى تمديد نشاطهم فترة من الزمن‪.‬‬ ‫إال أنه وبعد فشلهم في الترويج إلصالحاتهم صعد‬ ‫األمراء األح��رار من مطالبهم ف��ي المنفى‪ ،‬ودعوا‬ ‫إل��ى إلغاء ما أس��موه «نظ��ام االس��تبداد الملكي»‬ ‫وإقام��ة نظام برلماني‪ ،‬ووضع سياس��ة اقتصادية‬ ‫وطنية‪ ،‬وإعادة النظر في كل االتفاقيات النفطية‪،‬‬ ‫ودع��وا إلى الحياد اإليجابي‪ ،‬ورف��ض تأجير قاعدة‬ ‫الظه��ران‪ .‬ه��ذه المطال��ب الراديكالية لم تش��جع‬ ‫المجتم��ع الس��عودي المحاف��ظ على المي��ل إليها‪،‬‬ ‫ولغي��اب البني��ة االجتماعية أو االقليمي��ة الداعمة‪،‬‬ ‫تن��ازل األمراء األحرار ع��ن مطالبهم تدريجياً‪ ،‬كما‬ ‫تنازل��وا طواعي��ة عن لقب أمير قب��ل عودتهم من‬ ‫المنفى في منتصف الس��تينيات‪ ،‬وتم العفو عنهم‬ ‫وتول��ى منهم األمير فواز إم��ارة مكة المكرمة من‬ ‫سنة ‪1970‬م حتى ‪1980‬م‪.‬‬

‫مع بداية الس��تينات وبروز تنظي��م األمراء األحرار‬ ‫وتصاع��د الخ�لاف بي��ن أجنح��ة العائل��ة المالكة‪،‬‬ ‫انتقلت جبهة اإلص�لاح الوطني إلى مرحلة جديدة‬ ‫م��ن النض��ال‪ ،‬وس��ميت جبه��ة التحري��ر الوطني‪،‬‬ ‫وق��د حدد أمينها الع��ام محمد عب��د اهلل عن توجه‬ ‫المنظمة في كتابه «قضية الشعب قضية الحزب»‬ ‫قائ� ً‬ ‫لا‪« :‬كونن��ا فصي��ل م��ن الحرك��ة الش��يوعية‬ ‫العالمية التي يتقدمها الحزب الشيوعي في االتحاد‬ ‫الس��وفياتي‪ ،‬تحت��م علين��ا أن ن��درك مس��ؤوليتنا‬ ‫التاريخي��ة واألممية ليس تجاه الطبقة العاملة في‬ ‫بالدنا وإنما تجاه الطبقة العاملة العالمية بأسرها‪،‬‬ ‫وتجاه مناضلي الطليعة لهذا الكون»‪.‬‬ ‫وبعد س��نوات من العمل السري توحدت الجبهة مع‬ ‫تنظيم األمراء األحرار في جبهة واحدة حملت اسم‬ ‫«جبهة التحرر الوطني العربية»‪ ،‬لكنها لم تس��تمر‬ ‫وقت��اً طوي� ً‬ ‫لا بعد انس��حاب األم��راء األح��رار حيث‬ ‫عادت الس��مها القديم «جبهة التحري��ر الوطني»‪.‬‬ ‫في حين غادر الجبه��ة األعضاء القوميون وبعض‬ ‫الماركسيين ليشكلوا تنظيمات أخرى مستقلة‪.‬‬ ‫واقتص��ر نش��اط الجبه��ة ف��ي ه��ذه الفت��رة على‬ ‫ً‬ ‫خاصة وأن الحكومة‬ ‫البيانات وتوزيع المنش��ورات‪،‬‬ ‫الس��عودية مارس��ت كل أش��كال القم��ع بحقه��م‪،‬‬ ‫وب��رزت في تلك المرحلة بعض الش��خصيات مثل‬ ‫عب��د العزي��ز أب��و س��نيد وعب��د العزيز ب��ن معمر‬ ‫واسحاق الشيخ يعقوب ومحمد السعيد‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1975‬وعندم��ا تس��لم المل��ك خال��د الحكم‬ ‫إث��ر اغتي��ال الملك فيص��ل صدر عفو ش��امل عن‬ ‫المعتقلي��ن السياس��يين ف��ي الس��جون‪ ،‬وع��ن‬ ‫المنفيي��ن‪ .‬وف��ي الع��ام نفس��ه تأس��س الح��زب‬ ‫الش��يوعي الس��عودي وأعل��ن بيان��ه ونظام��ه‬ ‫الداخل��ي‪ ،‬وعلى الرغم م��ن أن الحزب كان مطارداً‬ ‫م��ن الس��لطات الس��عودية‪ ،‬إال أن��ه أص��در العديد‬ ‫م��ن البيان��ات وأق��ام مجموع��ة م��ن المؤتم��رات‬ ‫واالجتماعات الدورية باإلضافة إلى إصداره لنشرة‬ ‫«طريق الكادحين»‪ ،‬التي تعتبر الجريدة المركزية‬ ‫للح��زب كما أصدر الحزب خطابًا مش��تركاً مع حزب‬ ‫ت��وده الش��يوعي اإليران��ي عام ‪ 1985‬بع��د اتفاق‬ ‫بين الحزبين‪ .‬ندد هذا الخط��اب بالحركة القمعية‬ ‫الشديدة التي شنتها حكومة الجمهورية االسالمية‬ ‫على حزب توده‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1990‬توقفت دورية الحزب « حياة الحزب‬ ‫«ع��ن الصدور‪ ،‬وتضاءل نش��اطه كنتيج��ة حتمية‬ ‫لتده��ور أوض��اع المنطق��ة واالتح��اد الس��وفياتي‬ ‫وتصاع��د التيار اإلس�لامي ومن ثم ح��رب الخليج‬ ‫وتحول الخطاب ال��دارج إلى خطاب حقوقي مقابل‬ ‫خفوت بريق خطاب اليسار عالميًا‪.‬‬ ‫وفي التس��عينات وتماش��يًا مع انحس��ار الشيوعية‬ ‫عالمي��ًا اعتم��د الحزب تس��مية « التجم��ع الوطني‬ ‫الديموقراط��ي»‪ ،‬وابتع��د ف��ي خطابه ع��ن أفكار‬ ‫اليس��ار واالش��تراكية‪ ،‬واعتمد نهجًا جدي��داً ينادي‬ ‫بالديمقراطية وحقوق اإلنس��ان واعتماد الوسطية‬ ‫م��ع المؤسس��ة الديني��ة‪ ،‬وفي النص��ف الثاني من‬ ‫عام ‪ 1994‬جرت مفاوض��ات جمعت قياديي الحزب‬ ‫بصورت��ه الجديدة مع الملك فه��د واألمير عبد اهلل‬ ‫واألمير نايف نتج عن هذه المفاوضات اإلفراج عن‬ ‫جميع المعتقلين والس��ماح بع��ودة المنفيين‪ ،‬حيث‬ ‫أن أغلبية أعضاء الحزب كانوا خارج البالد‪ ،‬كل ذلك‬ ‫ف��ي مقابل حل الح��زب‪ ،‬ومنذ ذل��ك التاريخ توقف‬ ‫نش��اطه وتوق��ف التجم��ع الوطن��ي الديموقراطي‬ ‫الواجه��ة الجديدة للح��زب‪ ،‬وأوقف إص��دار بياناته‬ ‫ومنش��وراته في الخارج والداخل معلناً عن نهايته‬ ‫كتنظيم سياسي وبقائه كمجموعة أفراد‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫املعار�ضة بعد حرب اخلليج‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪10‬‬

‫كان لحرب الخلي��ج الثانية األثر‬ ‫األكبر على المملكة حيث برزت‬ ‫مقوالت حقوق اإلنسان وإصالح‬ ‫وتطوي��ر أنظم��ة الحك��م ف��ي‬ ‫الخلي��ج وعدم تعام��ل الواليات‬ ‫المتح��دة األمريكي��ة بمعايي��ر‬ ‫فالديمقراطي��ة‬ ‫مزدوج��ة‪،‬‬ ‫والتعددي��ة ال تخ��ص النظ��ام‬ ‫العراق��ي فق��ط‪ ،‬ب��ل كاف��ة‬ ‫األنظمة الخليجية معنية بها‪.‬‬ ‫فف��ي الس��ادس م��ن تش��رين‬ ‫األول ع��ام ‪ ،1990‬وبينم��ا‬ ‫القوات األمريكية تس��تعد لشن‬ ‫حربها على الع��راق‪ ،‬والجنديات‬ ‫األمريكي��ات يق��دن الس��يارات‬ ‫على أراضي المملكة‪ ،‬تش��جعت‬ ‫بع��ض الس��عوديات وقم��ن‬ ‫بمسيرة بالس��يارات في مدينة‬ ‫الرياض ووجهت هذه المسيرة بمقاومة كبيرة من‬ ‫التيار السلفي‪.‬‬ ‫ه��ذه المس��يرة وعلى الرغم م��ن تواضعها أعطت‬ ‫مؤش��راً كبي��راً على ري��اح التغيير الت��ي تهب على‬ ‫المملك��ة‪ ،‬وفي ذات العام ق��دم عدد من المثقفين‬ ‫واألكاديميين والكتاب بع��ض العرائض للمطالبة‬ ‫بحزمة من االصالحات في ش��تى المجاالت الدينية‬ ‫واالعالمي��ة واالجتماعية واالقتصادي��ة‪ ،‬كضرورة‬ ‫المش��اركة السياس��ية ومراجع��ة مناه��ج التعليم‬ ‫الديني وإص�لاح النظام القضائي وتعزيز الحريات‬ ‫العامة وتقليص س��لطات االس��رة المالكة وغيرها‬ ‫من المطالب االصالحية‪.‬‬ ‫وكع��ادة القي��ادة الس��عودية عند األزم��ة الداخلية‬ ‫أو الخارجي��ة فإنه��ا تخ��رج ملف الوع��ود باإلصالح‬ ‫حت��ى ته��د ْا العاصفة ث��م تعود األم��ور كما كانت‪،‬‬ ‫وباإلضافة إلى الوعود فقد سمح الملك فهد بعودة‬ ‫بعض المعارضين من الخارج وإعادة االعتبار لهم‬ ‫وتعويضهم‪.‬‬ ‫من بين أه��م التوجهات التي برزت بش��كل علني‬ ‫في تلك المرحلة‪ ،‬جماعات تصنف ضمن اإلس�لام‬ ‫السياسي‪ ،‬تعدى خطابها حدود الموقف من الحرب‬ ‫إلى مطل��ب دولة الخالف��ة أو الدول��ة الدينية‪ ،‬كما‬ ‫دع��ت لممارس��ة العمل السياس��ي تح��ت عناوين‬ ‫مختلفة ولعل أبرزها‪:‬‬

‫جلنة الدفاع عن احلقوق ال�شرعية‬

‫ع��ام ‪ 1993‬وعل��ى إث��ر اعتق��ال األمن الس��عودي‬ ‫للش��يخين محم��د الدبيان ومحمد عبود العس��يري‬ ‫على خلفية مواقف أطلقوها اتجاه العائلة المالكة‪،‬‬ ‫اجتمع ع��دد م��ن المثقفي��ن بقيادة س��عد الفقيه‬ ‫ومحس��ن العواجي ومحمد الحضي��ف والتحق بهم‬ ‫فيما بعد عبد العزيز القاسم وعبد العزيز الوهيبي‬ ‫ومحم��د المس��عري واتفق��وا على تأس��يس لجنة‬ ‫للدفاع عن حقوق اإلنس��ان‪ ،‬لكنهم أرادوا أن يكون‬ ‫أعضاؤها المؤسسون من وجوه المجتمع السعودي‪،‬‬ ‫فوقع االختيار على س��تة من المش��ايخ والمهنيين‬ ‫المش��هورين وهم محمد الصليفيح من كبار رجال‬ ‫التعليم ومعروفٌ بنش��اطه السياسي واالجتماعي‬ ‫وعب��د اهلل بن س��ليمان المس��عري قاضي متقاعد‬ ‫ورئي��س ديوان المظالم «أمي��ن اللجنة»‪ ،‬عبد اهلل‬ ‫ب��ن عب��د الرحمان الجبري��ن من كب��ار العلماء في‬ ‫المملك��ة وعضو رس��مي لإلفتاء‪ ،‬عب��د اهلل الحامد‬ ‫حامل الدكتوراه وعض��و هيئة تدريس في جامعة‬ ‫اإلم��ام‪ ،‬س��ليمان ب��ن إبراهيم الرش��ودي أول من‬ ‫زاول مهن��ة المحام��اة ف��ي المملكة‪ ،‬عب��د اهلل بن‬ ‫حمود التويجري أس��تاذ ف��ي جامعة اإلمام ورئيس‬ ‫قسم أكاديمي فيها‪.‬‬ ‫وق��د وضح بي��ان اللجن��ة غايته��ا في رف��ع الظلم‬ ‫والدفاع عن حقوق اإلنسان التي تقررها الشريعة‪،‬‬ ‫وطلب��ت م��ن الن��اس التع��اون معها باإلب�لاغ عن‬

‫المظالم‪ ،‬وتولى محمد المس��عري منصب الناطق‬ ‫الرسمي باس��م اللجنة‪ ،‬وصرح بأنها غير مرتبطة‬ ‫بجماعات حقوق اإلنس��ان ف��ي الغرب مثل منظمة‬ ‫العفو الدولية ألنها قائمة على العقيدة اإلسالمية‪،‬‬ ‫لكن��ه أضاف إن ه��ذا ال يمنع قيام تع��اون مع هذه‬ ‫الجماعات في المستقبل‪.‬‬ ‫اجتم��ع أمير الري��اض فوراً باألعضاء المؤسس��ين‬ ‫للجن��ة وأبلغهم تنديد العائل��ة الحاكمة والحكومة‬ ‫الس��عودية بمثل ه��ذا اإلجراء وطالبه��م بالتراجع‬ ‫عنه ألنه مخالف للش��رعية السياس��ية والش��رعية‬ ‫الدينية في نفس الوقت‪ ،‬فرد أعضاء اللجنة بأنهم‬ ‫ وه��م من الحقوقيين والعلم��اء ‪ -‬على يقين بأن‬‫هذا األمر ال يخالف اإلسالم‪ ،‬بل إن اإلسالم يحضُّ‬ ‫علي��ه ويك ّلف المؤمني��ن بالدفاع ع��ن المظلومين‬ ‫واألم��ر بالمع��روف والنهي عن المنك��ر‪ ،‬فهددهم‬ ‫األمير بأنه س��يطلب من المؤسسة الدينية إصدار‬ ‫بي��ان يندد به��م ويبين حكم الش��رع في مثل هذا‬ ‫األمر‪.‬‬ ‫وفع ً‬ ‫ال حُظرت اللجنة فور تأسيسها‪ ،‬وأصدر المفتي‬ ‫الع��ام للملكة عب��د العزيز بن باز بيان��اً حرَّم فيه‬ ‫قراءة منش��ورات اللجنة‪ ،‬واعتقل األمن الس��عودي‬ ‫المتحدث الرس��مي باس��م اللجنة محمد المسعري‬ ‫واثني عشر أكاديمياً من الداعمين لها وبعد خروج‬ ‫المسعري وس��عد الفقيه من الس��جن قررت لجنة‬ ‫الدفاع عن الحقوق الشرعية عام ‪ 1994‬فتح مكتب‬ ‫له��ا في لن��دن؛ واخت��ارت أن يمثلها كل من س��عد‬ ‫الفقي��ه ال��ذي خرج مع أس��رته إلى لن��دن‪ ،‬ومحمد‬ ‫المسعري الذي تسلل إلى اليمن‪ ،‬وانتقل إلى لندن‬ ‫وبدأ نشاط اللجنة مجددا في أبريل ‪ 1994‬بإرسال‬ ‫منشوراتها إلى داخل المملكة بالفاكس‪.‬‬

‫احلركة الإ�سالمية للإ�صالح‬

‫ف��ي العام ‪ 1996‬نش��ب خالف حاد بين المس��عري‬ ‫والفقيه حول اس��تراتيجية عمل لجن��ة الدفاع عن‬ ‫ً‬ ‫نتيجة للتضارب في‬ ‫الحقوق الش��رعية في لن��دن‪،‬‬ ‫الرؤى فالفقيه كان يركز في نشاطه على مواجهة‬ ‫النظام الس��عودي‪ ،‬بينما رأى المس��عري أن للجنة‬ ‫نش��اطاً عالميًا‪ ،‬ال ينحصر بالمملكة‪ ،‬وانتهى األمر‬ ‫بإقال��ة الفقي��ه‪ ،‬الذي أس��س ع��ام ‪ 1996‬الحركة‬ ‫اإلسالمية لإلصالح في لندن‪ ،‬وهي حركة سياسية‬ ‫إسالمية تهدف‪ ،‬بحسب بيانها المعلن‪ ،‬إلى إسقاط‬ ‫الحكم السعودي وإنشاء نظام إسالمي يعتمد على‬ ‫الشورى‪.‬‬ ‫وقد نجحت الحركة االسالمية في استقطاب التأييد‬ ‫ً‬ ‫خاصة‪ ،‬وبحس��ب‬ ‫من الداخل الس��عودي ف��ي نجد‬ ‫بيانه��ا تعتبر الحركة نفس��ها ذراعًا إعالميًا ومكتبًا‬ ‫للخدمات والمعلومات للحركة في الداخل وال تعتبر‬ ‫نفسها قيادة أو بدي ً‬ ‫ال عن السعوديين في الداخل‪.‬‬ ‫وف��ي أيل��ول ع��ام ‪ 2002‬أطلق��ت الحرك��ة إذاعة‬ ‫اسمتها «صوت اإلصالح»‪ .‬وكانت أولى المظاهرات‬ ‫الت��ي دعت إليها مظاه��رة ‪ 14‬تش��رين األول عام‬

‫‪ ،2003‬والتي شارك فيها المئات‬ ‫أمام ب��رج المملكة في الرياض‬ ‫بالتزام��ن م��ع عق��د مؤتم��ر‬ ‫«حق��وق اإلنس��ان في الس��لم‬ ‫والحرب»‪.‬‬ ‫وعل��ى إث��ر المظاه��رة قام��ت‬ ‫الحكومة السعودية بالتشويش‬ ‫عل��ى ب��ث إذاع��ة الحرك��ة‪.‬‬ ‫واعتقل��ت عل��ى أكثر م��ن ‪350‬‬ ‫ش��خصًا‪ ،‬صدرت بحقهم أحكام‬ ‫متفاوتة ش��ملت جَل��د البعض‪،‬‬ ‫وبحسب منظمة العفو الدولية‪،‬‬ ‫كان من المعتقلين ثالث نس��اء‬ ‫على األق��ل أفرج عنهن بعد ‪55‬‬ ‫يوم��ا من االعتقال بع��د التعهد‬ ‫بع��دم مزاول��ة األنش��طة التي‬ ‫اعتقلن بسببها‪.‬‬ ‫وف��ي ‪ 16‬كان��ون األول ع��ام‬ ‫‪2004‬دع��ت الحرك��ة إل��ى‬ ‫مظاه��راتٍ في عدة مدن س��عودية وتوقع الفقيه‬ ‫مش��اركة عش��رات اآلالف رغ��م حظ��ر التظاه��ر‪،‬‬ ‫وف��ي الي��وم المخط��ط للتظاه��ر انتش��رت قوات‬ ‫الش��رطة المس��لحة وأقيمت نقاط تفتيش عديدة‬ ‫ف��ي الري��اض واعتُقل ثمانية أش��خاص بش��بهة‬ ‫التظاه��ر‪ ،‬بينم��ا تظاهر حوالى ‪ 100‬ش��خص في‬ ‫مدينة جدة‪ ،‬واعتقلت قوات األمن ‪ 21‬منهم وفيهم‬ ‫ام��رأة‪ ،‬وصدرت أحكام عل��ى ‪ 15‬منهم تترواح بين‬ ‫‪ 100‬و‪ 250‬جلدة وشهرين إلى ست أشهر سجن‪.‬‬

‫حزب التجديد الإ�سالمي‬

‫ف���ي األول من آذار ع���ام ‪ 2004‬أعلن الدكتور محمد‬ ‫المسعري تأسيس حزب التجديد اإلسالمي‪ ،‬الذي يهدف‬ ‫إلى إس���قاط الحكم الملكي السعودي وإقامة دولة خالفة‬ ‫إس�ل�امية‪ ،‬وجاء في بيانه التأسيس���ي أن هدفه‪ :‬العمل‬ ‫لتحوي���ل كل بلد من بالد المس���لمين إلى دار إس�ل�ام‪،‬‬ ‫وتطهيره���ا من رجس الكف���ر وبذل الجه���ود الجادة‬ ‫المس���تديمة لضمها في كيان واحد‪ ،‬كيان دولة الخالفة‬ ‫اإلسالمية الراشدة على منهاج النبوة‪.‬‬ ‫وق���د أطلق حزب التجديد إذاعة باس���م إذاعة التجديد‪،‬‬ ‫واقتصر على النش���اط اإلعالم���ي‪ ،‬وحضر أليام من‬ ‫التظاهر في السعودية باءت جميعها بالفشل‪.‬‬

‫حركة ح�سم‬

‫بعد س���يول جدة عام ‪ 2009‬والت���ي ألحقت أضراراً‬ ‫ً‬ ‫نتيجة لضعف‬ ‫مادية وخس���ائر باألرواح في المملك���ة‬ ‫البنية التحتية في المدينة وشبكات الصرف‪ ،‬تصاعدت‬ ‫األصوات المنددة بالفس���اد المالي والسياس���ي‪ ،‬وأعلن‬ ‫عن تأس���يس جمعي���ة الحقوق المدنية والسياس���ية في‬ ‫الس���عودية‪ ،‬والتي تعتبر أحدث التي���ارات المعارضة‬ ‫في المملكة وتختلف عن س���ابقاتها بالتزامها اإلعالن‬ ‫العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬ال الشريعة االسالمية أو نظام‬ ‫الشورى االسالمي‪ ،‬أسس���ها أحد عشر ناشطا ً حقوقيا ً‬ ‫وأكاديميا ً عام ‪ ،2009‬على إثر السيول في جدة‪ ،‬حيث‬ ‫دعت في خط���اب مفتوح إلى المل���ك عبد هللا بن عبد‬ ‫العزيز لتش���كيل برلمان منتخب بصالحيات لمس���اءلة‬ ‫المسؤولين‪.‬‬ ‫وفي تشرين األول عام ‪ 2010‬تقدمت الجمعية بطلب‬ ‫لوزارة الداخلي���ة للترخيص العتصام في الرياض إال‬ ‫أن مقدمي الطلب اس���تدعوا قب���ل الموعد المحدد بيوم‬ ‫وأبلغ���وا برفضه‪ ،‬وفي ع���ام ‪ 2011‬طالبت الجمعية‬ ‫المل���ك عبد هللا بمحاكمة وزي���ر الداخلية األمير نايف‬ ‫بن عبد العزيز واتهمت سياس���ات الداخلية بأنها تشجع‬ ‫التطرف والعنف‪ ،‬كما انتقدت الجمعية مس���ودة قانون‬ ‫مكافحة اإلرهاب التي سربتها منظمة العفو الدولية في‬ ‫العام نفسه كونه يعطي صالحيات غير مسبوقة لألمن‬ ‫لقمع الشعب دون أي ضوابط قانونية‪.‬‬ ‫وبعد سلسلة من المالحقات واالعتقاالت التي استهدفت‬ ‫أعضاء الجمعية‪ ،‬أصدرت المحكمة الجزائية بالرياض‬ ‫حكما ً يقضي بحل الجمعية ومصادرة أمالكها فوراً‪.‬‬


‫«�شحرورة العراق» عفيفة ا�سكندر ‪2012 - 1927‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫دخل��ت معت��رك الفن ع��ام ‪ 1930‬وق��د أتمت‬ ‫الثماني س��نوات من العم��ر‪ ،‬وكانت أول حفلة‬ ‫أحيته��ا في ملهى صغير في مدينة أربيل أدت‬ ‫في��ه أول أغني��ة لها وه��ي «زنوب��ة»‪ ،‬ولقبها‬ ‫المس��تمعون ب «جابركل��ي» وه��ي تس��مية‬ ‫لمسدس س��ريع الطلقات وأتت هذه التسمية‬ ‫م��ن صفة الغن��اء الذي أدت��ه حي��ث كان غنا ًء‬ ‫س��ريعًا نتيج��ة لصغ��ر س��نها وع��دم نضوج‬ ‫صوتها آنذاك‪.‬‬ ‫وفي عمر الثانية عش��رة تزوجت بضغطٍ من‬ ‫والدته��ا من الفنان القدي��ر والعازف اصطفان‬ ‫اس��كندر ال��ذي كان يكبره��ا بأربعي��ن عام��ًا‬ ‫تقريب��ًا‪ ،‬فكان األب الروحي لها فني ًا‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪ 1935‬كانت بدايتها الفعلية حين بدأت بالغناء‬ ‫في أرقى مالهي العاصم��ة بغداد حينها مثل‬ ‫ملهى «الجواهري» و «الهالل» و»ملهى األمير‬ ‫عب��د اهلل»‪ ،‬وتجدر اإلش��ارة إل��ى أن المالهي‬ ‫ف��ي بغداد كانت ن��وادٍ اجتماعية تضم النخب‬ ‫السياسية واالقتصادية في المدينة‪.‬‬ ‫ع��ام ‪ 1938‬س��افرت إل��ى القاه��رة للعمل‬ ‫ف��ي فرقة «بديع��ة مصابني» ثم ش��اركت‬ ‫ف��ي فيل��م «يوم س��عيد» م��ع محم��د عبد‬ ‫الوه��اب وفات��ن حمام��ة وغنت في��ه‪ ،‬إال أن‬ ‫مش��اهدها حذفت بسبب طول مدة العرض‬ ‫الت��ي تج��اوزت الس��اعتين‪ ،‬كم��ا مثلت في‬ ‫أفالم أخرى في لبنان وس��وريا ومصر منها‬ ‫«القاه��رة ـ بغ��داد» إخ��راج أحم��د بدرخان‬ ‫وإنتاج ش��ركة إس��ماعيل ش��ريف بالتعاون‬ ‫مع ش��ركة اتحاد الفنانين المصريين ومثل‬ ‫فيه حقي الش��بلي وإبراهيم جالل وفخري‬ ‫الزبي��دي ومديحة يس��ري وبش��ارة واكيم‪،‬‬ ‫وق��د قالت عفيف��ة عنه‪« :‬نجح ه��ذا الفيلم‬ ‫مادي�� ًا فقط‪ ،‬أم��ا أدبي��اً أو فنياً ف�لا أظن»‪.‬‬ ‫وكذل��ك فيل��م «ليل��ى ف��ي الع��راق» إنتاج‬ ‫اس��توديو بغداد وإخراج أحمد كامل مرسي‬ ‫ومثل فيه الفنانون جعفر الس��عدي ومحمد‬ ‫سلمان والفنانة نورهان وعبد اهلل العزاوي‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫هن��اك روايت��ان ع��ن أص��ول عفيف��ة‬ ‫اس��كندر‪ ،‬تق��ول األول��ى إن اس��مها‬ ‫الحقيقي «تيريزا اس��كندر» من مواليد‬ ‫ع��ام ‪ 1927‬بحس��ب ورق��ة معموديتها‪،‬‬ ‫حملها والدها الشماس اسكندر السوري‬ ‫األص��ل إل��ى الموص��ل لمناس��بة عي��د‬ ‫القيام��ة‪ ،‬فاختطفت هن��اك‪ ،‬وبيعت إلى‬ ‫عائلة ديمت��ري اليونانية‪ ،‬وتبنتها مريم‬ ‫العراقي��ة زوج��ة ديمت��ري اليوناني‪ ،‬أما‬ ‫الرواي��ة الثاني��ة فتقول أنه��ا ولدت في‬ ‫الموص��ل ع��ام ‪ ،1927‬م��ن أب عراق��ي‬ ‫وأم يونانية‪ .‬ونش��أت وسط عائلة فنية‪،‬‬ ‫وأنها حملت اس��مها من زوجها اصطفان‬ ‫اسكندر‪.‬‬ ‫و يخبرنا الصحافي «عبدالجبار العتابي»‬ ‫في مقاله المنش��ور في يومية «إيالف»‬ ‫االلكتروني��ة بتاريخ ‪ 16‬تش��رين الثاني‬ ‫‪ 2012‬عن أم عيسى قائ ً‬ ‫ال‪« :‬هي بمثابة‬ ‫الذاكرة للمطربة الس��يما في س��نواتها‬ ‫ً‬ ‫مأخذاً‪،‬‬ ‫األخيرة والتي أخ��ذ المرض منها‬ ‫كن��ا معها‪ ،‬واس��تذكرنا بعض الس��طور‬ ‫الغائبة من س��يرة حياة انس��انة وفنانة‬ ‫كانت آخر ورقة خضراء في شجرة عائلة‬ ‫لم يعرف أحد أين موقعها‪ ،‬فكانت وحيدة‬ ‫إال من اسمها‪ ،‬لكن الالفت لالنتباه ‪ -‬خالفاً لكل‬ ‫المعلومات السابقة عنها‪ ،‬حيث قيل إنها ولدت‬ ‫في الموصل ومن أبوين عراقيين ‪ -‬أن شهادة‬ ‫الجنس��ية العراقية أظهرت أنها سورية األصل‬ ‫وم��ن أبوي��ن س��وريين لكنه��ا حصل��ت على‬ ‫الجنس��ية العراقية بسبب زواجها من عراقي‪،‬‬ ‫وإن امتلكت عفيف��ة عراقيتها من العيش في‬ ‫العراق وحبها له وحنينها إليه‪.‬‬ ‫وأك��دت ف��ي موقع آخر م��ن الحدي��ث‪ :‬عفيفة‬ ‫ليس��ت أرمني��ة كما يق��ال بل هي مس��يحية‬ ‫كاثوليكية‪ ،‬ولدت في س��وريا ألبوين سوريين‬ ‫ف��ي ‪ ،1921 / 10 / 12‬وتوفي��ت ف��ي ‪10 / 22‬‬ ‫‪ ،2012 /‬اس��م أمها ماري ديمتري كمبوراكي‪،‬‬ ‫لكنها حصلت على الجنسية العراقية بالزواج‪.‬‬ ‫ونمي��ل إل��ى ترجي��ح رواي��ة أم عيس��ى ليس‬ ‫المتالكه��ا أوراقاً ثبوتية فق��ط‪ ،‬وإنما اعتماداً‬ ‫عل��ى مق��ال منش��ور عنها ف��ي مجل��ة الدنيا‬ ‫لصاحبه��ا «عب��د الغن��ي العطري» ف��ي تموز‬ ‫عام ‪ ،1957‬حيث استضافت المجلة المذكورة‬ ‫«فنانة الع��راق األولى»‪ ،‬وخصص��ت لها ثالث‬ ‫صفح��ات‪ .‬وافقت فيه��ا الفنان��ة الكبيرة على‬ ‫االجاب��ة عن أس��ئلة القراء‪ ،‬فانهالت األس��ئلة‬ ‫م��ن كل أنح��اء س��وريا‪ .‬وس��ألها ق��ارئ ع��ن‬ ‫بداياته��ا‪ ،‬فقالت إنه��ا من عائلة فني��ة‪ ،‬وإنها‬ ‫ب��دأت مش��وارها الفن��ي ف��ي الثانية عش��رة‬ ‫م��ن عمره��ا‪ ،‬وغنّت في هذا العم��ر «زنوبتنا‬ ‫بالوادي جا وخطفه��ا البغدادي»‪ ،‬وإذا ما علمنا‬ ‫بأن اسكندر بدأت مش��وارها الفني في بداية‬ ‫الثالثينات‪ ،‬فهذا يعني ترجيح رواية أم عيسى‬ ‫عن مواليد اسكندر عام ‪.1921‬‬ ‫عاش��ت عفيف��ة ف��ي بغ��داد‪ ،‬وتلق��ت علومها‬ ‫األولي��ة ف��ي مدرس��ة الطاهرة‪ ،‬كم��ا حفظت‬ ‫الق��رآن ومب��ادئ اللغة العربية عن��د المال في‬ ‫الح��ي وهي تس��مية تقاب��ل الكت��اب في بالد‬ ‫الش��ام‪ ،‬وهناك أحب��ت اللغة العربي��ة وأتقنت‬ ‫لفظها ببراعة‪.‬‬

‫وع��رض الفيلم في س��ينما روكس��ي‬ ‫في القاهرة‪.‬‬ ‫خ�لال إقامته��ا في مص��ر تعرف��ت إلى‬ ‫األديب المازني والشاعر إبراهيم ناجي‬ ‫صاح��ب رائعة األطالل الت��ي غنتها فيما‬ ‫بع��د الس��يدة أم كلث��وم‪ ،‬وال��ذي كت��ب‬ ‫قصيدة يصف فيها فن اس��كندر نُشرت‬ ‫ف��ي تش��رين األول ‪ ،1946‬وهن��ا بدأت‬ ‫رحلته��ا مع عال��م األدب‪ ،‬وف��ي لقا ٍء مع‬ ‫جريدة «الجمهور» اللبنانية نشر في ‪22‬‬ ‫آب ع��ام ‪ 1963‬بعنوان «ك��روان العراق‬ ‫تتمنى ان تكون صحافية» قالت‪« :‬أفضل‬ ‫مجموعة م��ن الكتاب أبرزهم س��تيفان‬ ‫زمايغ وتشارلز ديكنز وجان جينيه ومن‬ ‫الكت��اب الع��رب العق��اد والمازن��ي ومن‬ ‫الشعراء العباس بن األحنف‪ ،‬كما أعربت‬ ‫ع��ن رغبتها ف��ي منافس��ة عب��د الغني‬ ‫العطري في ميدان الصحافة»‪.‬‬ ‫بلغ��ت عفيف��ة قم��ة مجده��ا الفن��ي‬ ‫واألدب��ي ف��ي العه��د الملك��ي‪ ،‬وأقامت‬ ‫ف��ي بيتها صالوناً أدبي�� ًا يديره المحامي‬ ‫عباس بغدادي صاحب كتاب «بغداد في‬ ‫العش��رينات» ضم في ذل��ك الوقت أبرز‬ ‫رجاالت السياسة واألدب والفن والثقافة‬ ‫في البالد‪ ،‬ولعل أبرزهم نوري السعيد الوصي‬ ‫على العرش ورئيس ال��وزراء العراقي وفائق‬ ‫الس��امرائي عض��و ح��زب االس��تقالل وعضو‬ ‫مجل��س األم��ة‪ ،‬والنائ��ب حط��اب الخضيري‪،‬‬ ‫وأكرم أحمد وحس��ين م��ردان وجعفر الخليلي‬ ‫وإبراهي��م عل��ي والمحامي عب��اس البغدادي‬ ‫والعالم��ة الدكتور مصطفى ج��واد الذي كان‬ ‫مولع��ًا بفنها ومستش��ارها اللغ��وي وتقرأ له‬ ‫الش��عر قب��ل أن تغني��ه‪ .‬فض ً‬ ‫ال ع��ن الفنانين‬ ‫حق��ي الش��بلي وعب��داهلل الع��زاوي ومحمود‬ ‫ش��وكة وصادق االزدي والمصور آمري سليم‬ ‫والمصور الراحل حازم باك‪.‬‬ ‫عفيفة اس��كندر إلى جان��ب وجاهتها ودورها‬ ‫المع��روف‪ ،‬كان هناك جان��ب خفي من حياتها‬ ‫الخاصة قد ال يعرفه الكثير‪ ،‬إذ أنها كانت وراء‬ ‫الكثير م��ن حملة الش��هادات والكف��اءات فقد‬ ‫تابعت دراس��تهم بالتعضيد المادي المباش��ر‪،‬‬ ‫بل إن كثيراً من العوائل كانت تلجأ إليها وهي‬ ‫تس��تجيب لهذا الجانب االنس��اني‪ ،‬ولم يعرف‬ ‫عنه��ا أنه��ا تخل��ت عن أح��د المحتاجي��ن ممن‬ ‫طلب مساعدتها وكانت تطلب منهم عدم ذكر‬ ‫اسمها وراء ذلك‪ ،‬ألن هذا عمل هلل وحده‪.‬‬ ‫مع انحس��ار األضواء والش��هرة الزمت عفيفة‬ ‫منزلها في بغداد‪ ،‬ولم تغادره على الرغم من‬ ‫كل ماحل بالع��راق وأهله وبقيت صامتة ولم‬ ‫تظه��ر للعل��ن إال عند تكريم الرواد لمناس��بة‬ ‫مرور ‪ 68‬سنة على تأسيس االذاعة العراقية‪،‬‬ ‫فع��رف الناس أنها ل��م تزل على قي��د الحياة‪،‬‬ ‫ولم تزل مغروس��ة في بغداد‪ .‬ظهرت لتقول‪:‬‬ ‫ه��ا أنا ذا أعل��ن عن وجودي بع��د صمت قاس‬ ‫تحّول خالله ف��ن الغناء العراقي إلى س��يرك‬ ‫فيه كل األلوان المبهرج��ة والبالدة والمجانية‬ ‫والس��ماجة وخلي��ط م��ن البالي��ا المضحك��ة‪.‬‬ ‫توفيت عفيفة اس��كندر فقير ًة في بغداد عام‬ ‫‪ 2012‬ودفنت في بعقوبة في مدافن عائلة أم‬ ‫عيسى السيدة التي كانت ترعاها‪.‬‬

‫وجوه من وطني ‪. .‬‬

‫ياسر مرزوق‬

‫‪11‬‬


‫دندنات إندساسية‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪12‬‬

‫نبالء انتهازيون �أنانيون هاربون و�صامدون‬ ‫فنانو �سوريا الت�شكيليون "‪"10‬‬ ‫ٌ‬ ‫املدلل‪ ،‬املغ�ضوب عليه‬

‫كان المرتحل��ون ق��د وصلوا ال��ي مصياف في‬ ‫صي��ف ‪ 2004‬أو ‪ ،2005‬مجموعة من الفنانين‬ ‫حديث��ي التخ��رج يرافقه��م بعض م��ن فناني‬ ‫الجيل األكب��ر‪ ،‬الرحلة الترفيهي��ة كانت تقطع‬ ‫مناط��ق من الس��احل الس��وري وتم��ر بجبال‬ ‫الالذقية‪ ،‬وبين المرتحلين كان النحات الش��اب‬ ‫محم��د عم��ران وال��ذي كان أيضًا م��ن حديثي‬ ‫التخ��رج م��ن كلية الفن��ون الجميلة بدمش��ق‪،‬‬ ‫وصل��ت الحافل��ة إل��ى جب��ال مصي��اف‪ ،‬وفيها‬ ‫توقف��ت لبره��ة في من��زل عائلة عم��ران‪ ،‬أو‬ ‫قص��ر العائلة بمعن��ى أدق‪ ،‬هن��ا َّ‬ ‫اطلع بعض‬ ‫الجاهلين بمكانة عائلة عمران على واحدة من‬ ‫أس��باب نجاح الفنان الشاب وشهرته السريعة‪،‬‬ ‫العائلة الميس��ورة التي دعمت عمران ووقفت‬ ‫إلى جانبه في كل معرض أقامه في العاصمة‬ ‫السورية‪ ،‬ظهر قصرها الجبلي ليقول‪ :‬نافسوه‬ ‫إن استطعتم‪.‬‬ ‫ف��ي بداي��ة األلفي��ة كان المتخ��رج م��ن كلي��ة‬ ‫الفنون الجميلة‪ ،‬ومهما بلغت موهبته قدراً من‬ ‫الندرة‪ ،‬يدخل في دائرة متكررة وقاتلة‪ ،‬الدائرة‬ ‫تب��دأ مع م��ن هم ليس��وا من س��كان دمش��ق‬ ‫أص ً‬ ‫ال‪ ،‬في التح��دي الخاص بالبقاء فيها بعد أن‬ ‫انتهت أيام دراستهم‪ ،‬وما يتطلب ذلك من مال‬ ‫لتس��ديد آجار من��زل في ضواحيه��ا‪ ،‬ثم تأمين‬ ‫مرس��م خ��اص‪ ،‬والمواد الخ��ام الت��ي يحتاجها‬ ‫النحات‪ ،‬مرورا بتكاليف المعيشة‪ ،‬قبل أن يصل‬ ‫الواحد منهم إل��ى لحظة إقامة معرض خاص‪،‬‬ ‫الدائرة المس��تحيلة كان تلتهم ج��زأ كبيراً من‬ ‫حديث��ي التخ��رج‪ ،‬والذين م��ن المفترض أنهم‬ ‫جي��ل التش��كيلين الس��وريين الق��ادم‪ ،‬أغل��ب‬ ‫المتس��اقطين يتوجه��ون إلى أعم��ال الديكور‬ ‫أو التصمي��م الغرافيك��ي‪ ،‬أو حت��ى إل��ى مه��ن‬ ‫بعي��دة كل البعد ع��ن اختصاصهم وما هو من‬ ‫المفترض أن يكون شغفهم ومشروع حياتهم‪.‬‬ ‫األس��ماء القليل��ة الت��ي نجح��ت ف��ي أن تقيم‬ ‫معرض��اً في دمش��ق‪ ،‬أحبطها فش��ل التجربة‬ ‫فل��م تكررها إال فيم��ا ندر‪ ،‬فلم تب��ع إال لوحة‬ ‫واحدة في أحس��ن األح��وال‪ ،‬ولم ي��زر الصالة‬ ‫إال بع��ض المع��ارف واألصدق��اء‪ ،‬ول��م تكت��ب‬ ‫الصح��ف ع��ن التجربة‪ ،‬وكل ما س��بق ينطبق‬ ‫على المصوري��ن فقط‪ ،‬فح��ال النحاتين أكثر‬ ‫س��وأً بمرات‪ ،‬إذ يحتاج النح��ات إلى مال ومكان‬ ‫وزمن أكبر كي ينج��ز معرضه الخاص‪ ،‬وغالبًا‬ ‫ما يلجئ بع��ض المصرّين على المضي قدمًا‬ ‫في مش��روعهم الفن��ي إلى العم��ل في مهنة‬ ‫القلوب��ة‪ ،‬أو الديكور‪ ،‬أو يتحولون إلى حجارين‬ ‫كي يستمروا‪.‬‬ ‫كان االس��تثناء النحتي الوحيد‪ ،‬هو محمد‬ ‫عم��ران‪ ،‬الش��اب الذي حص��ل عمله الذي‬ ‫أنجزه لمش��روع التخرج من كلية الفنون‬ ‫الجميلة "الكرسي عام ‪ "2000‬على سمعة‬ ‫جيدة قبل أن يعرضه في المركز الثقافي‬ ‫الفرنس��ي بدمش��ق‪ ،‬ثم أقام سريعًا في‬ ‫عام ‪ 2003‬معرضين فرديين في دمشق‪،‬‬ ‫قبل أن يقيم ف��ي العام التالي معرضين‬ ‫في عمان وباريس‪ ،‬ثم معرضاً في صالة‬ ‫مصطفى علي عام ‪.2005‬‬ ‫ً‬ ‫ال ش��ك أن عمران يمتلك ي��دا بارعة في‬ ‫النحت‪ ،‬كتلت��ه متوازنة ناطق��ة‪ ،‬ورجاله‬ ‫المس��وخ الس��اخرون نجحوا في صناعة‬ ‫اس��مه‪ ،‬وأثروا في عدد كبير من خريجي‬

‫كلية الفنون بدمش��ق‪ ،‬لكن هؤالء اس��تعصى‬ ‫عليه��م أن يصل��وا إلى بعض مم��ا وصل إليه‬ ‫عمران من انتش��ار ونج��اح‪ ،‬ال ألنهم مقلدون‬ ‫فقط‪ ،‬ب��ل ألن عمران والذي ال نتهمه هنا‪ ،‬بل‬ ‫نذك��ر ظروفًا جعلته متفوقاً عل��ى أبناء جيله‪،‬‬ ‫يمتلك ما ال يمتلكه الفنان الشاب‪ ،‬وال شك انه‬ ‫سيصل إلى حيث ال يصل آخرون‪.‬‬ ‫ينتم��ي عم��ران إل��ى عائل��ة فني��ة‪ ،‬ه��ذا هو‬ ‫المع��روف والش��ائع‪ ،‬لكن��ه أيضًا اب��ن لضابط‬ ‫كبير في الجي��ش "لواء" ل��ه مكانته وعالقاته‬ ‫في دمش��ق‪ ،‬مم��ا جعل وزي��ر الثقاف��ة يفتتح‬ ‫البن��ه معرضًا في العاصمة‪ ،‬ول��م يكن الوزير‬ ‫ليقوم بذلك حتى مع أس��ماء لها باع طويل في‬ ‫التش��كيل الس��وري‪ ،‬وحت��ى حي��ن كان الوزير‬ ‫يُستبدل في دمشق‪ ،‬لم تكن الرعاية الوزارية‬ ‫تغي��ب عن معارض عم��ران‪ ،‬الذي حصل على‬ ‫الجائزة األولى في النحت في معرض الش��باب‬ ‫ع��ام ‪ ،2002‬وربم��ا يك��ون مس��تحقاً لها وعن‬ ‫ج��دارة‪ ،‬لكن العال��م بطريقة توزي��ع الجوائز‬ ‫في التشكيل السوري‪ ،‬يدرك تماماً أنه لم يفز‬ ‫بالجائزة ألن عمله آن ذاك هو األفضل فقط‪.‬‬ ‫ف��ي بداي��ة العق��د الماض��ي كان التكلف��ة‬ ‫التقديري��ة لعم��ل م��ن البرون��ز م��ن القط��ع‬ ‫الصغي��ر "ارتف��اع ‪ 50‬س��م" تصل إل��ى أربعة‬ ‫آالف لي��رة‪ ،‬كان حلمًا لدي الكثيرين من فناني‬ ‫دمش��ق أن يتمكن��وا م��ن تحويل عم��ل واحد‬ ‫لهم إل��ى هذه المادة النبيلة‪ ،‬ف��ي الوقت الذي‬ ‫كان في��ه عم��ران يس��تمتع ف��ي مرس��مه في‬ ‫ب��اب توما‪ ،‬في تش��كيل الطي��ن‪ ،‬وتحويله إلى‬ ‫الصبابي��ن‪ ،‬ك��ي يقولب إل��ى البرون��ز بعد أن‬ ‫يكون ش��معًا‪ ،‬كانت المنافس��ة مس��تحيلة مع‬ ‫ش��اب ال يبحث عن اللقم��ة أو المأوى‪ ،‬ويخطط‬ ‫لني��ل الدبل��وم‪ ،‬فيما يغرق فنانون ش��باب في‬ ‫معام��ل "الفايبر كالس" مقابل مبالغ زهيدة ال‬ ‫تكفي بدل آج��ار منازلهم‪ ،‬التي خصصوا ركنًا‬ ‫منها ليك��ون مرس��مًا‪ ،‬كانت أعم��ال عمران ال‬ ‫تعود إلى المرس��م من صال��ة العرض إال فيما‬ ‫ندر‪ ،‬فكله��ا مباعة‪ ،‬وآخ��رون‪ ،‬تأكلهم الفاقة‪،‬‬ ‫وتمح��ى من أذهانهم خط��وط الكتل‪ ،‬ويصبح‬ ‫رسم "اش��كتش" عم ً‬ ‫ال ترفًا ال وقت له‪ ،‬وكبرى‬ ‫أحالمهم أن يعرضوا عم ً‬ ‫ال في صالة "الش��عب"‬ ‫الرسمية‪ ،‬في حين كان عمران يتسلم الجائزة‬ ‫الكبرى في بينالي المحبة عام ‪.2003‬‬ ‫وكانت ثورة‪ ،‬تحول عمران الذي طالما استفاد‬ ‫م��ن الوضع السياس��ي وملحقاته في دمش��ق‬ ‫إل��ى ثائر وفنان حرّ‪ ،‬ومع أنه كان في باريس‪،‬‬ ‫يتابع دراسته التي أوفد إليها بموجب بعثة من‬ ‫كلية الفنون الجميلة‪ ،‬إال أنه قال فيما بعد "في‬

‫حمزة السيد‬

‫طفولتي‪ ،‬كنت أخاف من حافظ األس��د‪ .‬شكله‬ ‫ومالمحه هي أكثر ما كان يرعبني‪ .‬أراه مرتفعًا‬ ‫ع��ن األرض‪ ،‬كإله‪ .‬عبس��ة عينيه‪ ،‬صوته الذي‬ ‫يصع��ب وصفه‪ ،‬ص��وت يخرج مخنوق��ًا‪ ،‬رفيعًا‬ ‫كصوت عجوز‪ ،‬دفاتر المدرس��ة كانت مروّسة‬ ‫بصورته‪ .‬البيئة المحيطة تزيد األمر س��وءاً إذ‬ ‫تربّي الخوف فينا‪ ،‬الهمس والضحك المكتوم‬ ‫والح��ذر والهلع‪ ،‬كله��ا أمور جعلتني أنش��أ في‬ ‫بيئ��ة مخيف��ة‪ ،‬الخوف ل��ه ص��ورة‪ ..‬والصورة‬ ‫مرتبطة به شخصيًا"‪.‬‬ ‫حسناً‪ ،‬الثورة ليست حكراً على أحد‪ ،‬لكن هل‬ ‫الث��ورة تجبُ م��ا قبلها؟ نعم ل��م يكن عمران‬ ‫ضابط�� ًا أو مس��ؤو ً‬ ‫ال‪ ،‬ل��م يش��ارك ف��ي قتل‬ ‫س��وري‪ ،‬لم يهتف باسمه في الشوارع كمدان‬ ‫م��ن قب��ل الس��وريين‪ ،‬لك��ن ألم يك��ن وزراء‬ ‫الثقافة في معارضه يمثلون ش��بكة العالقات‬ ‫والم��ال؟ ألم تكن تل��ك الجوائز الت��ي انهالت‬ ‫علي��ه تعكس رضى كام ً‬ ‫ال من حكام دمش��ق‬ ‫وحاش��يتها؟ ألم يس��تفد من الجو السياس��ي‬ ‫واالجتماعي في البالد؟‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫تش��كي ً‬ ‫ال‪ ،‬لم يكن قد اكتم��ل رجل كذلك الذي‬ ‫نحت��ه عم��ران بتعبيرية حساس��ة‪ ،‬يتلوى في‬ ‫س��كونه‪ ،‬أعص��اب الرقبة مش��دودة تس��حبك‬ ‫معه��ا إل��ى عم��ق التكوي��ن‪ ،‬األصاب��ع تحاول‬ ‫النه��وض لك��ن القدم متس��مرة ف��ي األرض‬ ‫تق��اوم التحرك‪ ،‬كتلة ش��يقة تجب��رك على أن‬ ‫تقف أمامها لتراقب‪ ،‬هل سيتحرك؟ ثم يبهرك‬ ‫ف��ي آخ��ر معرض ل��ه ف��ي دمش��ق‪ ،‬األعضاء‬ ‫التناس��لية ظاهرة‪ ،‬العضو ف��ي حالة انتصاب‪،‬‬ ‫وهن��اك يم��ارس رج��ل م��ع ام��رأة الجن��س‪،‬‬ ‫وضعي��ات إباحي��ة مباش��رة‪ ،‬ش��خوص عمران‬ ‫تقدم عرض��ًا كام ً‬ ‫ال بال حي��اء‪ ،‬بينما يقول هو‬ ‫عن تحوله إلى الرسم منذ انطالق ثورة البالد‬ ‫"أنا أرس��م كما اس��تقبل األحداث‪ ،‬وهذا ليس‬ ‫بمثاب��ة تعليق عليها‪ ،‬كم��ا أنني ال أريده‬ ‫أن يش��به الكاريكاتور‪ ،‬وإن تقاطع معه‪،‬‬ ‫بل أريده ألماً ناطقًا"‪.‬‬ ‫صُنف عم��ران كواحد م��ن فناني الثورة‬ ‫في البالد‪ ،‬فيما كانت دمش��ق بوس��طها‬ ‫التش��كيلي تكي��ل له��ا الش��تائم‪ ،‬فكيف‬ ‫لالبن البار أن يخرج من عباءة الس��لطة‪،‬‬ ‫التي رعت��ه‪ ،‬قررت جامعة دمش��ق وقف‬ ‫إيف��اده‪ ،‬وقطع��ت مصاري��ف تعليم��ه‬ ‫ف��ي باريس‪ ،‬اس��تمر هو ف��ي عمله من‬ ‫العاصمة الفرنسية‪ ،‬بينما بقي أصدقاؤه‬ ‫في الظ��ل الجدي��د الذي خلفت��ه الثورة‪،‬‬ ‫وخ��رج هو من نور ما كان‪ ،‬إلى نور كائن‬ ‫ويكون‪.‬‬


‫هذه السلسلة بالتعاون مع‪:‬‬

‫من املواطنة �إىل الدولة املدنية‬

‫الدولة املدنية‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫من المؤك��د أن «الدول��ة المدني��ة» هي أبرز‬ ‫انج��از وص��ل إلي��ه اإلنس��ان خ�لال العصور‬ ‫الحديث��ة‪ ،‬فف��ي الدول��ة الحديث��ة يتس��اوى‬ ‫المواطن��ون ويتمتعون بالف��رص كاملة غير‬ ‫منقوص��ة‪ ،‬ومن المؤكد أن مبدأ المواطنة هو‬ ‫المب��دأ المش��ترك الذي يجمع بي��ن أبناء هذه‬ ‫الدول��ة بغض النظر ع��ن انتماءاتهم الدينية‬ ‫والقومي��ة والمذهبي��ة والعرقي��ة‪ ،‬فالدول��ة‬ ‫المدنية تحافظ وتحم��ي كل أعضاء المجتمع‬ ‫بغض النظر عن انتماءاتهم‪.‬‬ ‫هناك عدة مب��ادئ ينبغي توافرها في الدولة‬ ‫المدني��ة وإن نقص أحدها ال تتحقق ش��روط‬ ‫تل��ك الدول��ة‪ ،‬أهمه��ا أن تقوم على الس�لام‬ ‫والتس��امح وقب��ول اآلخ��ر والمس��اواة ف��ي‬ ‫الحق��وق والواجب��ات‪ ،‬فتضمن حق��وق جميع‬ ‫المواطنين‪ ،‬ومن أهم مب��ادئ الدولة المدنية‬ ‫أال يخض��ع أي ف��رد فيها النته��اك حقوقه من‬ ‫قب��ل فرد آخ��ر أو طرف آخر‪ ،‬ألن هن��اك دومًا‬ ‫س��لطة علي��ا هي س��لطة الدول��ة والتي يلجأ‬ ‫إليها األف��راد عندما يتم انته��اك حقوقهم أو‬ ‫ته��دد باالنته��اك‪ ،‬فالدول��ة هي الت��ي تطبق‬ ‫القانون وتمنع األطراف من أن يطبقوا أشكال‬ ‫العقاب بأنفسهم‪.‬‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫يقاب��ل ثورات الربي��ع العربي الي��وم‪ ،‬ثوراتٌ‬ ‫مض��ادة تهدف إلى تش��ويه تجربة الش��عوب‬ ‫الثائ��رة ومحاول��ة ش��يطنتها‪ ،‬وتحميلها أوزار‬ ‫العال��م كله‪ ،‬وعدم قدرته��ا على التعايش مع‬ ‫اآلخر‪ ،‬ومح��اوالت إيجاد انقس��ام عمودي في‬ ‫مجتمعاتن��ا‪ ،‬عل��ى اعتب��ار أن هذه الش��عوب‬ ‫تعاني من أزمة في تطبيق مبادىء المواطنة‬ ‫والديمقراطية‪.‬‬ ‫والث��ورة المض��ادة تس��تهدف الع��ودة ب��دول‬ ‫المنطق��ة إل��ى مرحلة م��ا قبل الث��ورات من‬ ‫ظلم واستبداد وفساد‪ ،‬وتمثل ذلك باالنقالب‬ ‫العس��كري في مصر‪ ،‬ومحاولة إعاقة فاش��لة‬ ‫للتواف��ق على الدس��تور في تون��س‪ ،‬وإمهال‬ ‫النظام الس��وري المزيد م��ن الوقت لمعاركه‬ ‫التدميري��ة واإلجرامي��ة تح��ت ش��عار محاربة‬ ‫إره��اب ه��و أوج��ده‪ ،‬وتأمي��ن أم��ن الكي��ان‬ ‫الصهيون��ي‪ ،‬وإعاق��ة المس��ار االنتقال��ي في‬ ‫اليم��ن من خالل الدعم العس��كري للحوثيين‬ ‫الذين أصبحوا في ساحات العاصمة صنعاء‪.‬‬ ‫وال َّ‬ ‫حل أمام الشعوب الثائرة سواء التي أتمت‬ ‫المرحلة األولى من الثورة كما في التونسية‪،‬‬ ‫أو الت��ي مازالت ف��ي معركتها ض��د الطغيان‬ ‫تبني المواطنة كش��عار وحاضنة لكل األفكار‬ ‫في الطري��ق لبناء الدولة المدني��ة‪ ،‬وللخروج‬ ‫م��ن الم��أزق الطائف��ي واإلثن��ي ال��ذي زامن‬ ‫الربي��ع العرب��ي‪ ،‬كان الب��د من العم��ل الجاد‬ ‫والدؤوب لتحقيق المواطنة‪ ،‬والدولة المدنية‪،‬‬ ‫دولة القانون‪ ،‬الدولة العادلة التي تنظر بعين‬ ‫واحدة إلى جميع مواطنيه��ا‪ ،‬وتطبق القانون‬ ‫عل��ى الجميع ب�لا اس��تثناء أو تميي��ز‪ ،‬وتوفر‬ ‫األم��ن واألم��ان واالس��تقرار لجمي��ع أبنائها‪،‬‬ ‫وتعامل الجميع على قدم المس��اواة‪ ،‬وتحافظ‬ ‫عل��ى كرام��ة كل مواطن فجمي��ع المواطنين‬ ‫أبناؤها‪ ،‬وهي مسؤولة عنهم‪.‬‬ ‫ولتحقيق ه��ذه المفاهيم واألس��س التي‬ ‫يُبن��ى عليها المجتم��ع‪ ،‬ال بدَّ م��ن إحداث‬ ‫تغيي��ر في ثقافة المجتم��ع‪ ،‬ثقافة الحاكم‬ ‫وثقاف��ة المحك��وم «المواط��ن» عل��ى حد‬ ‫س��واء‪ ،‬وهذا يعن��ي بالنس��بة للحاكم‪ ،‬أن‬ ‫يقتنع بأنه إنما أُس��ند إليه المنصب ليكون‬ ‫ف��ي خدم��ة المواطني��ن كل المواطني��ن‪،‬‬ ‫ال لخدم��ة أبن��اء م ّلته ومذهب��ه وأنصاره‪،‬‬ ‫أم��ا بالنس��بة للمواط��ن‪ ،‬فالتغيي��ر ف��ي‬ ‫ثقافته يقصد ب��ه أن تكون الدولة وحدها‬ ‫مرجعيته في س��عيه إل��ى تحقيق مطالبه‬ ‫وتوفير خدمات��ه‪ ،‬ألن له حقوق المواطنة‪،‬‬ ‫وعليه اليج��ب أن تكون مرجعيته الطائفة‬ ‫أو المذه��ب أو الحزب أو الزعيم وأن يكون‬ ‫والؤه للوطن وللدولة ال لغيرهما‪.‬‬ ‫فالدول��ة المدني��ة ال تس��تقيم إال بش��رط‬ ‫المواطن��ة‪ ،‬ويتعلق هذا الش��رط بتعريف‬ ‫الف��رد ال��ذى يعي��ش عل��ى أرض ه��ذه‬ ‫الدول��ة‪ ،‬فهذا الف��رد ال يُع��رف بمهنته أو‬ ‫بدين��ه أو بإقليم��ه أو بمال��ه أو بس��لطته‪،‬‬ ‫وإنم��ا يُع��رف تعريف��اً قانوني��اً اجتماعي ًا‬ ‫بأن��ه مواط��ن‪ ،‬أي أنه عضو ف��ي المجتمع‬ ‫ل��ه حقوق وعلي��ه واجبات‪ ،‬وهو يتس��اوى‬

‫فيه��ا مع جميع المواطنين‪ ،‬ف��إذا كان القانون‬ ‫يؤسس في الدولة المدنية لقيمة العدل‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت الثقافة المدنية تؤس��س لقيمة السالم‬ ‫االجتماع��ي‪ ،‬ف��إن المواطن��ة تؤس��س ف��ي‬ ‫الدولة المدنية قيمة المس��اواة‪ ،‬فالمواطنون‬ ‫يتس��اوون أم��ام القانون ول��كل منهم حقوق‬ ‫وعليه التزامات تجاه المجتمع الذي يعيش��ون‬ ‫فيه‪.‬‬

‫وم��ن أه��م مب��ادئ الدول��ة المدني��ة أنه��ا ال‬ ‫تتأسس على خلط الدين بالسياسة‪ ،‬كما أنها‬ ‫التعادي الدين أو ترفضه فهو يظل في الدولة‬ ‫المدني��ة عام ً‬ ‫ال في بناء األخالق وخلق الطاقة‬ ‫للعمل واإلنجاز والتقدم‪ ،‬وترفض استخدامه‬ ‫لتحقي��ق أهداف سياس��ية‪ ،‬فذل��ك يتنافى مع‬ ‫مبدأ التعدد ال��ذي تقوم عليه الدولة المدنية‪،‬‬ ‫كما أن هذا األمر ق��د يعتبر من أهم العوامل‬ ‫التي تحول الدين إلى موضوع خالفي وجدلي‬ ‫وإلى تفس��يرات قد تبعده عن عالم القداس��ة‬ ‫وتدخ��ل ب��ه إل��ى عال��م المصال��ح الدنيوي��ة‬ ‫الضيقة‪.‬‬ ‫الدول��ة المدني��ة نتاج التط��ور التاريخي الذي‬ ‫ارتب��ط بمرحل��ة الرومانس��ية‪ ،‬الت��ي هي��أت‬ ‫الس��بل‪ ،‬الندالع الث��ورة الصناعي��ة فيما بعد‬ ‫وهي جزء من سيرورة عصر التنوير وأساسها‬ ‫التبشير بنشوء دول حديثة تقوم على مبادئ‬ ‫المس��اواة ورعاية الحقوق‪ ،‬وتنطلق من قيم‬ ‫وضوابط في الحكم والس��يادة‪ .‬وفكرة الدولة‬ ‫المدني��ة تبلورت عب��ر إس��هامات متعددة من‬ ‫مصادر مختلفة في العلوم االجتماعية‪.‬‬ ‫وق��د انطل��ق المفك��رون والفالس��فة الذين‬ ‫أس��هموا في صياغة فك��رة الدول��ة المدنية‪،‬‬ ‫من اعتقاد راس��خ ب��أن الطبيع��ة تقوم على‬ ‫الفوضى وطغيان األقوى‪ ،‬حيث تسود نزعات‬ ‫القوة والس��يطرة والغضب‪ ،‬ويغيب التس��امح‬ ‫والتعاون من أجل العيش المشترك‪.‬‬ ‫فتأس��يس الدول��ة المدنية هو ال��ذي يتكفل‬ ‫بلج��م نزع��ات الق��وة والس��يطرة‪ ،‬ويص��دُّ‬ ‫البش��ر عن االعت��داء على بعضهم‪ ،‬وش��رط‬ ‫تحقق ذلك‪ ،‬هو تدش��ين مؤسس��ات سياسية‬ ‫وقانونية‪ ،‬بعيدة عن هيمنة النزعات الفردية‬ ‫أو الفئوي��ة‪ ،‬وم��ن المه��ام الت��ي تضطلع بها‬ ‫الدول��ة المدني��ة‪ ،‬تنظي��م الحي��اة العام��ة‬ ‫وحماية الملكية الخاصة‪ ،‬وشؤون التعاقد‪،‬‬ ‫وأن يطب��ق القان��ون عل��ى جمي��ع الناس‬ ‫بغض النظر عن مواقعهم وانتماءاتهم‪.‬‬ ‫واألهم ف��ي الدولة المدنية‪ ،‬ه��و تمثيلها‬ ‫إلرادة المجتم��ع؛ كونه��ا تنب��ع م��ن إجماع‬ ‫األم��ة وم��ن إرادته��ا المش��تركة‪ ،‬إن ذلك‬ ‫يعني أنه��ا دولة قانون‪ ،‬فه��ي اتحاد أفراد‬ ‫يخضعون لنظام من القوانين‪ ،‬ويعيشون‬ ‫في مجتمع واحد‪ ،‬مع وجود قضاء مس��تقل‬ ‫يطبق هذه القوانين بإرساء مبادئ العدل‪،‬‬ ‫فال تنتهك حق��وق أي من أفراده‪ ،‬من قبل‬ ‫أي كان‪ ،‬ويتحق��ق العدل م��ن خالل وجود‬ ‫سلطة عليا‪ ،‬تحمي حقوق المجتمع‪ ،‬أفراداً‬ ‫وجماع��ات‪ ،‬وتمنع أي نوع م��ن االنتهاكات‬ ‫أو التعدي��ات عليها‪ ،‬وتس��تند ه��ذه الدولة‬ ‫عل��ى ش��بكة م��ن العالق��ات‪ ،‬قوامه��ا‬ ‫التسامح وقبول اآلخر والمساواة بالحقوق‬ ‫والواجبات‪ ،‬وتؤس��س هذه القي��م لثقافة‬ ‫االتفاق؛ المس��تندة إلى احت��رام القانون‪،‬‬ ‫وإلى الس�لام والعيش المشترك‪ ،‬ورفض‬ ‫العن��ف‪ ،‬وإل��ى القي��م اإلنس��انية العامة‪،‬‬ ‫ورفض النزع��ات التي يغل��ب عليها طابع‬ ‫التطرف‪.‬‬

‫حقوق وحريات ‪. .‬‬

‫إعداد المحامي فارس حسّان‬

‫‪13‬‬


‫اندساسية‪....‬‬ ‫ذاكرة العتمة‬ ‫دندنات‬ ‫من‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪14‬‬

‫تاريــخ مــن ال تاريـخ لهـم‬ ‫يوميــات �ســجني‬ ‫أحمد سويدان‬ ‫‪1994 - 1991‬‬

‫‪1993 / 1 / 25‬‬

‫سألت الطبيب اسماعيل استنبولي حول حالة‬ ‫يباس الش��فتين‪ ،‬ونش��فان الريق والش��وق‬ ‫الدائ��م لتناول الماء قال‪ :‬هي حالة نفس��ية‬ ‫نعانيه��ا جميع ًا‪ ،‬ف��إذا لم تظهر إل��ى العلن‪،‬‬ ‫فه��ي تظهر ف��ي أوجه ع��دة‪ ،‬وتخ ّلف بعض‬ ‫االحتراقات في العملية الفيزيولوجية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫قلت أخبار اإلف��راج‪ ،‬والزيارات انقطعت في‬ ‫اليومين الماضيين‪.‬‬ ‫األغلبية تتحدث عن الديمقراطية وصندوق‬ ‫االنتخ��اب‪ ،‬وض��رورة الس��ير بالعملي��ة إلى‬ ‫النهاي��ة وحول ما يجري في الجزائر‪ ،‬وهناك‬ ‫م��ن يؤي��د المجل��س العس��كري وبوضياف‬ ‫كفترة انتقالي��ة من أجل قطع الطريق على‬ ‫دول��ة إس�لامية‪ ،‬وح��ول هذي��ن الموقفين‬ ‫يحتدم النقاش‪.‬‬ ‫الس��اعة اآلن الثاني��ة بع��د الظه��ر‪ ،‬تغدين��ا‬ ‫وش��ربنا الش��اي‪ ،‬ومن��ا م��ن ن��ام‪ ،‬ومنا من‬ ‫انصرف إلى المذياع واضعاً الس��ماعات على‬ ‫أذنيه‪ ،‬ومن��ا من نهض ليمش��ي في الممر‪،‬‬ ‫والبع��ض يبح��ث ع��ن البع��ض الس��تكمال‬ ‫مجلس الورق‪.‬‬ ‫الس��ماء تبدو من الش��بابيك زرقاء صافية‪،‬‬ ‫ول��م نخ��رج إل��ى الس��احة لننع��م بمنظ��ر‬ ‫الش��مس‪ ..‬لك��ن المس��اء في الممر يرش��ح‬ ‫بالبرودة والرطوبة‪.‬‬ ‫تبدو لي حالة ش��رب الم��اء الكثيف واليباس‬ ‫ف��ي الفم وجفاف الريق وتبخ��ر الرواء كمن‬ ‫أصي��ب بالذعر‪ ،‬فيس��ارع من حول��ه لنجدته‬ ‫بكوب ماء يش��ربه على دفعات كي يسترجع‬ ‫حالة افتقدها‪..‬‬ ‫من��ذ أيام أج��رت «مونت كارل��و» مقابلة مع‬ ‫وائل السواح لمدة س��اعة‪ ،‬كان اللقاء بارداً‪،‬‬ ‫وائ��ل كان معن��ا في الجن��اح الخلفي‪ ،‬وكنت‬ ‫أعتقد أنه سيكون حاراً وأكثر طزاجة بأفكاره‬ ‫األدبية والسياس��ية‪ ،‬وقد خيّب ظني‪ ..‬على‬ ‫كل أعذره فالسجن له عواقب وخيمة‪.‬‬ ‫كما أذاعت المحطة نفسها خبر وفـاة محمود‬ ‫ري��اض أمي��ن الجامع��ة العربي��ة الس��ابق‪،‬‬ ‫محمود رياض كان سفيراً لمصر في سورية‬ ‫قبيل الوحدة وهو ال��ذي مهد للوحدة‪ ،‬وكان‬ ‫إلى جانب المالك��ي عندما اغتيل عام ‪1955‬‬ ‫في الملعب البلدي في دمشق‪.‬‬

‫‪1993 / 1 / 26‬‬

‫مازالت التأكيدات على ق��رار اإلفراج تتوالى‬ ‫في الزيارات‪ ،‬وأن هذا سيتم على أبعد تقدير‬ ‫في آذار القادم‪ ،‬المنتظرون في المحافظات‬ ‫البعي��دة عق��دوا حلقات االس��تقبال والقهوة‬ ‫الم��رة‪ ..‬وهم يأملون ليل نهار‪ ،‬هذه الحاالت‬ ‫من خيبة األمل أودت بحياة الكثيرين‪.‬‬ ‫ه��ذا يوم الخدمة بالنس��بة لي‪ ،‬طبخ وجلي‬ ‫وتنظيف المهجع‪.‬‬ ‫ال ش��ك أن رواي��ة فلوبي��ر حس��نة العب��ارة‪،‬‬ ‫رش��يقة الصياغ��ة‪ ،‬لك��ن الترجمة تعيس��ة‬

‫وبائسة وتجارية وهي طباعة شركة الكتاب‬ ‫اللبناني‪.‬‬ ‫ف��ي الرواي��ة ال يوجد لدى الكات��ب أي تلميح‬ ‫عن احت�لال الجزائر من قبل حكومة جائرة‪،‬‬ ‫إنه يذك��ر انتفاضة «بالريم��و» في إيطاليا‪،‬‬ ‫وينادي بس��قوط حكومة «غيزو» كما يذكر‬ ‫مساوئ وفس��اد الحياة البرجوازية‪ ،‬وضرورة‬ ‫الفوز بالديمقراطية‪ ،‬لكن استعمار اآلخرين‬ ‫وقهره��م‪ ،‬ومقاوم��ة عبد الق��ادر الجزائري‬ ‫النبيل��ة والرائعة بين عام��ي ‪1848 - 1831‬‬ ‫ال تس��تحق ذك��راً وال تنويه��اً‪ ،‬كأن انتفاضة‬ ‫«بالريم��و» األوربية أهم من ش��عب يداس‬ ‫منحاز‬ ‫ويتم احتالل وطنه‪ ،‬ي��ا له من موقف‬ ‫ٍ‬ ‫خال من اإلنسانية‪.‬‬ ‫وأوربي بامتياز ٍ‬ ‫منذ يومين سمعت قصة مؤثرة قصة الطيار‬ ‫البط��ل‪ ،‬حائ��ز وس��ام الجمهوري��ة المدع��و‬ ‫عثم��ان أصفر م��ن الالذقية‪ ،‬ه��ذا الضابط‬ ‫كان برتب��ة رائ��د في ح��رب تش��رين وكان‬ ‫طياراً المع ًا‪ ،‬أُسر من قبل العدو وسألوه أثناء‬ ‫التحقي��ق‪« :‬كم صاروخ�� ًا تحمل طائرتك؟»‪،‬‬ ‫وهي تحمل أربعة‪ ،‬فأجاب‪« :‬تحمل خمسة»‪،‬‬ ‫وهن��ا صحح��وا ل��ه الرقم ف��رد قائ� ً‬ ‫لا‪« :‬ألم‬ ‫تدركوا أنني الخامس!»‪.‬‬ ‫ف��ي أوائل الثمانينات قب��ض على الضابط‬ ‫وأودع الس��جن بتهم��ة التع��اون م��ع النظام‬ ‫العراق��ي‪ ،‬واس��تمر إل��ى ع��ام ‪ 1991‬ش��هر‬ ‫كان��ون األول‪ ،‬وبم��ا أنه بال زي��ارة فلم يكن‬ ‫يعل��م عن زواج زوجته ع��ام ‪ ،1988‬وعندما‬ ‫أف��رج عنه وذه��ب إلى بيته فوج��ئ أن بيته‬ ‫لي��س له‪ ،‬وأنه أصبح م��ن حق غيره‪ ،‬فذهب‬ ‫إل��ى أصدقائه‪ ،‬ألن أهله ماتوا ولم يكن لهم‬ ‫بيت‪ ،‬وهذه مأساة من مآسي السجن‪.‬‬

‫‪1993 / 1 / 27‬‬

‫النهار مضى دون أخبار‪ ،‬السجين دوماً بحاجة‬ ‫ألخبار وإلى أقوال يصنع منها أخباراً‪ ،‬أي خبر‬

‫يرد ال يلفت انتباه الرجل العادي‪ ،‬يمس��ك به‬ ‫الس��جين من تالبيبه‪ ،‬وبروح يحتك به حتى‬ ‫يقدح شراراً‪ ..‬يش��عل من القدح سيكارة‪ ،‬أو‬ ‫ثياب�� ًا‪ ،‬ويصنع حريق��اً يحرق به الس��جن أو‬ ‫يحرق نفسه‪.‬‬ ‫عندم��ا يأتين��ا الخبر‪ ،‬ومن ش��فة إلى ش��فة‬ ‫يتح��ول إل��ى ح��دَث‪ ،‬والح��دث إل��ى تاريخ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ق��ول آخر‬ ‫وعندم��ا يأتي ف��ي الي��وم الثاني‬ ‫يذه��ب باألول نهائي�� ًا‪ ،‬وينس��ى اإلخباريون‬ ‫أنه��م كانوا يلهجون ب��ه‪ ..‬الناس في الخارج‬ ‫ينقل��ون‪ ،‬وف��ي الداخل يزخرف��ون‪ ،‬حتى أن‬ ‫نق��ل األخبار صار «علم��اً» من علومنا‪ ،‬وهو‬ ‫في الحقيقة تراكم من الزخارف واإلطارات‪،‬‬ ‫ن��أت عن الحقائق‪ ،‬كما ه��و بحر الصين عن‬ ‫بحر العرب‪ ..‬لقد شبعنا سجناً ونق ً‬ ‫ال لألخبار‪.‬‬ ‫يم��رُّ تي��ار البرد كالس��م يس��ري‪ ..‬البعض‬ ‫يرت��دي عدة جراب��ات‪ ،‬والبعض يرتدي فوق‬ ‫الجراب��ات جزم��ة م��ن الص��وف (مدقوق��ة‬ ‫بالصنارة محلي ًا‪ ،‬أس��فلها مغط��ى بالجلد أو‬ ‫بقم��اش من فيلد أو جين��ز‪ ،‬والجميع يجلس‬ ‫تح��ت البطاني��ات‪ ،‬ضع��اف البني��ة يرت��دون‬ ‫ثياب�� ًا تزن نص��ف وزنهم‪ .‬هذا أبو س��ليمان‬ ‫الخربوطلي إذا بدأ يخلع بيجامته وسرواله ال‬ ‫ب��د أن يترك كومة من الثياب بارتفاع نصف‬ ‫متر‪ ..‬والمحامي يوسف السعيد ال يجرؤ على‬ ‫النوم قبل الثانية‪ ،‬وهو ذاهب للتبول بسبب‬ ‫التهاب المجاري البولية‪ ،‬وتوفيق إس��ماعيل‬ ‫م��ن حصي��ن البحر يش��كو م��ن تنميل في‬ ‫كتفه األيس��ر‪ ،‬ومنذر خ��دام يقول أن الهواء‬ ‫البارد صفعه‪ ،‬وق��د دوّخه الصداع‪ ،‬وظهرت‬ ‫عليه بوادر «كريب»‪.‬‬ ‫تحريرنا من ه��ذا الصقيع أهم من تحريرنا‬ ‫من السجن‪ ..‬علي الرفاعي قبل خروجه من‬ ‫الس��جن قال‪ :‬إن التحري��ر من البرد أهم من‬ ‫التحرير من السجن‪ ..‬وافقه على ذلك جمال‬ ‫الحموي‪.‬‬


‫ياسر مرزوق‬

‫حممد علي الكب�سي‬ ‫من مواليد تون��س‪ ،‬حائز على دكتوراه دولة‬ ‫في الفلس��فة السياس��ية العربية‪ ،‬عمل في‬ ‫ع��دد م��ن المنتدي��ات الفكري��ة والمنظمات‬ ‫الثقافي��ة‪ ،‬وه��و مؤس��س جمعي��ة م��دارات‬ ‫فكرية‪ ،‬وعض��و في منظمة اليونس��كو عن‬ ‫مقعد الفلسفة العربية‪.‬‬ ‫من أعماله‪« :‬في النهضة والحداثة‪ :‬حفريات‬ ‫ف��ي مفه��وم الكتاب��ة والدول��ة والوطني��ة‬ ‫والش��رعية الدولي��ة»‪« ،‬ق��راءات ف��ي الفكر‬ ‫الفلسفي المعاصر»‪« ،‬الطوباوية والتراث»‪،‬‬ ‫«نش��أة الفك��ر السياس��ي عن��د الع��رب»‪،‬‬ ‫«الفك��ر السياس��ي العربي م��ن التطور إلى‬ ‫المصطلح»‪« ،‬مستقبل العالقة بين المثقف‬ ‫والسلطة»‪.‬‬

‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫ال يكتف��ي المؤل��ف ف��ي التص��دي للقراءات‬ ‫الغربي��ة أو األجنبي��ة الس��طحية لم��ا ح��دث‬ ‫ف��ي تونس‪ ،‬ب��ل يق ّلب ف��ي الق��راءات التي‬ ‫تعك��س نظ��رات الش��عوب واإلع�لام إلى ما‬ ‫ح��دث ف��ي ب�لاده‪ ،‬ففي روس��يا مث� ً‬ ‫لا أطلق‬ ‫على الث��ورة التونس��ية «ث��ورة التمور» ألن‬ ‫م��ا يعرف��ه ال��روس ف��ي جن��وب تونس هو‬ ‫الواح��ات‪ ،‬هذه التس��مية أتت أق��ل عمقاً إلى‬ ‫حد كبير من الوص��ف األمريكي للثورة التي‬ ‫وس��مها بـ»ث��ورة االنترنت»‪ ،‬كذل��ك يتحدث‬ ‫عن تسمية «ثورة الياس��مين» التي اختارها‬ ‫اإلع�لام الفرنس��يّ‪ ،‬غاضّ�� ًا الط��رْف ع��ن‬ ‫دعْ��م الحكومات الفرنس��ية لنظام بن علي‬ ‫والشراكة معه أحيان ًا في صفقات الفساد‪.‬‬ ‫في الفصل الثاني وتح��ت عنوان « من ربيع‬ ‫العربان إلى ربيع الشعوب «‪ ،‬يعود المؤرخ إلى‬ ‫التاريخ في بحث جدلية العالقة بين الثورات‬ ‫والعوامل الخارجية والقوى التي تتحكم في‬ ‫المجال الجيوسياس��ي‪ ،‬عبْر مقاربة تاريخية‬ ‫لما حص��ل في ث��ورة علي ب��ن غذاهم عام‬ ‫‪ 1864‬والت��ي تحمل ذات األس��باب التي دعت‬ ‫التونس��يين للثورة ع��ام ‪ ،2011‬مقارناً بين‬ ‫الوثائق الفرنسية والوثائق اإلنكليزية‪ ،‬التي‬ ‫تحمل كل منها الطرف اآلخر المسؤولية عن‬ ‫ً‬ ‫مهملة الحالة االجتماعية‬ ‫وق��وع ثورة ‪،1864‬‬ ‫والسياس��ية ف��ي الب�لاد وص��راع القبائ��ل‪،‬‬ ‫والزوايا‪ ،‬وقص��ر باردو‪ ،‬وكامل رعايا اإليالة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫محول��ة الواق��ع التونس��ي وقواه السياس��ية‬ ‫أحجار على رقعة ش��طرنج‬ ‫إلى‬ ‫واالجتماعية‬ ‫ٍ‬ ‫القوى العظمى في حينه‪.‬‬ ‫في الفص��ل الثالث واألخير وتح��ت عنوان «‬ ‫الجمهوري��ة الثاني��ة « يش��ير المؤلف إلى أن‬ ‫الجماهير التونس��ية التي اقتحمت الس��احات‬

‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬

‫البد م��ن التأكيد أن ما جرى في تونس‬ ‫ومص��ر وأخواته��ا م��ن دول الربي��ع‬ ‫العربي‪ ،‬ثوراتٌ مس��تمدة من كونها رد‬ ‫غاضب ويائس أحيان ًا‪ ،‬على عقودٍ‬ ‫فعل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫من حكم أنظمةٍ جمعت االس��تبداد إلى‬ ‫االنخراط في عملي��ة التحويل الهيكلي‬ ‫القتصاديات بالدها‪ ،‬نحو اقتصادٍ ريعي‬ ‫فاس��د يراعي مصال��ح الفئ��ة الحاكمة‬ ‫ومحيطه��ا فق��ط‪ ،‬م��ا اضطره��ا إل��ى‬ ‫المزيد من االس��تبداد لتطبيق إمالءات‬ ‫البن��ك الدولي‪ ،‬وقد عبر ش��عار «عمل‪،‬‬ ‫حري��ة‪ ،‬خبز» ف��ي صيغته التونس��ية‪،‬‬ ‫التعبي��ر األدق ع��ن ه��ذا الت�لازم بين‬ ‫االحتج��اج عل��ى البطال��ة‪ ،‬الناجمة عن‬ ‫تريي��ع االقتصادي��ات‪ ،‬واختي��ار طريق‬ ‫التح��ول الديمقراط��ي‪ ،‬والت��وق إل��ى‬ ‫العدالة االجتماعية ف��ي مواجهة القهر‬ ‫والفساد واإلفقار‪.‬‬ ‫يتصدى كتابنا اليوم للمؤلف التونس��ي‬ ‫محم��د علي الكبس��ي لتأكيد ما س��بق‪،‬‬ ‫ودح��ض الفكرة التي راج��ت إعالمي ًا‪- ،‬‬ ‫روج له��ا باحثون أمريكيون من أمثال «‬ ‫ريفا بهاال «مديرة األبحاث في مؤسسة‬ ‫س��تراتفورد األمريكي��ة المتخصص��ة‬ ‫باالس��تخبارات ‪ -‬بأن ما حدث في مصر‬ ‫ال وتون��س ثاني�� ًا ل��م يك��ن تغيي��راً‬ ‫أو ً‬ ‫للنظ��ام إنم��ا هو عملي��ة مدروس��ة النتقال‬ ‫الس��لطة‪ ،‬ويؤكد أن ما ج��رى في تونس لم‬ ‫يك��ن حدث�� ًا طبيعي ًا دوري�� ًا أو عاب��راً‪ ،‬بل هو‬ ‫عملية مس��تمرة تطمح إلى تغيير جذري في‬ ‫بن��ى ومؤسس��ات الدولة والمجتم��ع‪ ،‬وبوابة‬ ‫لعصر جديد من الرؤى والوقائع واألفكار‪.‬‬ ‫ينطل��ق الكاتب من فك��رة أن الث��ورات التي‬ ‫غي��رت رؤس��اء وحكومات ومعارض��ات‪ ،‬ال بد‬ ‫أن تقلب المفاهي��م والنظريات التي لم تعد‬ ‫ً‬ ‫مواكب��ة للعهد الجديد‪ ،‬ول��م تعد قادر ًة على‬ ‫الدفاع عن مش��روعيتها واس��تمرار وجودها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أسئلة عديد ًة عن‬ ‫كما طرح المؤلف الكبس��ي‬ ‫عالق��ة الثورات‪ ،‬بم��ا فيها تل��ك التي تحدُث‬ ‫في دول المركز‪ ،‬بالعوامل الخارجية والقوى‬ ‫التي تتحكم في المجال الجيو سياسي‪‬‬.‬‬ ‫ف��ي الفص��ل األول وتح��ت عن��وان « ث��ورة‬ ‫وثالث��ة أس��ماء « يض��يء الكاتب عل��ى دور‬ ‫ش��بكات التواص��ل االجتماعي في التحش��يد‬ ‫والتحفي��ز للثورة‪ ،‬مؤكداً ما تناقلته وس��ائل‬ ‫اإلعالم األمريكية‪ ،‬عن دور شبكات التواصل‬ ‫ً‬ ‫متضمن��ة المدون��ات والفي��س‬ ‫االجتماع��ي‪،‬‬ ‫ب��وك في انطالق األحداث في تونس‪ ،‬إال أنه‬ ‫يرى أن النظر إلى الثورة من بعد واحد‪ ،‬وهو‬ ‫ً‬ ‫خاطئة لألحداث‬ ‫البع��د التقني‪ ،‬يمثل ق��راء ًة‬ ‫والوقائ��ع الت��ي جرت ف��ي تون��س أو مصر‪،‬‬ ‫فانعدام الديمقراطي��ة‪ ،‬والخلل الديمغرافي‬ ‫الواضح قياساً للتنمية والمحسوبية والفساد‬ ‫والبطال��ة وانس��داد األف��ق‪ ،‬كفيل��ة بدف��ع‬ ‫الشباب اليائس للخروج إلى الساحات للتعبير‬ ‫ع��ن الغض��ب‪ ،‬كل ه��ذا ال يمك��ن أن تختزل‬ ‫دالالت��ه في المدوّنة‪ ،‬أو الموقع‪ ،‬أو الش��بكة‬ ‫العنكبوتية‪.‬‬

‫كانت ته��دف لالنعتاق م��ن الجمهورية‬ ‫العميق��ة الت��ي أسس��ها بورقيب��ة‬ ‫وأتمه��ا وزي��ر داخليته بن عل��ي الحقاً‪،‬‬ ‫الجمهورية المبنية على القمع والفساد‬ ‫وحكم الحزب الواحد‪ ،‬مع غطا ٍء تجميلي‬ ‫يعن��ى بحق��وق الم��رأة إلخف��اء فش��ل‬ ‫التنمية وجمهورية الخدمات والسياحة‪.‬‬ ‫وفي الوق��ت الذي بات العالم ُّ‬ ‫كله ينظر‬ ‫بكثي��ر م��ن اإلعج��اب لم��ا يح��دث في‬ ‫تون��س‪ ،‬يرى المؤلف أنه من الضروري‬ ‫جدًّا االنتباه لمفهوم التسامح مادام في‬ ‫اإلمكان أن يكون المرء ثوريًّا ومضادًّا‬ ‫للتعصب والعنف في آنٍ واحدٍ‪ ،‬ومادام‬ ‫األفق قد انفتح عن إيمان جديد قاعدته‬ ‫التس��امح‪ ،‬ال القص��اص‪ ،‬واإلصغاء إلى‬ ‫صوت اآلخرين‪ ،‬ال إلى صوت المقصلة‪،‬‬ ‫من دون أن يعنيَ هذا التس��امحُ ْ‬ ‫عقدَ‬ ‫تس��ويات في الكواليس‪ ،‬أو الهرولة من‬ ‫أجل تقديم التنازالت‪.‬‬ ‫في الفصل الرابع واألخير وتحت عنوان‬ ‫«ح��وار الثورات «‪ ،‬يتح��دث المؤلف عن‬ ‫النماذج االحتجاجية التي سادت المشهد‬ ‫ف��ي الربي��ع العرب��ي‪ ،‬مقسِّ��ماً إيَّاه��ا‬ ‫إل��ى ثالث��ة نم��اذج‪« :‬نم��وذج الميادين‬ ‫واالعتصام��ات المتواصل��ة إلس��قاط‬ ‫األنظم��ة»‪ ،‬وظه��ر ه��ذا النم��وذج في‬ ‫تونس‪ ،‬مصر‪ ،‬اليمن‪ ،‬ونموذج «اس��تعراض‬ ‫الق��وة والحرب األهلية» ال��ذي ظهر في ليبيا‬ ‫وس��ورية‪ ،‬والنموذج الثالث «تظاهر الش��عب‬ ‫وتن��ازالت األنظم��ة» ال��ذي ظه��ر ف��ي دول‬ ‫عربية من بينها األردن‪ ،‬المغرب‪ ،‬والجزائر‪.‬‬ ‫وفي الخت��ام يرى المؤل��ف أن تونس قدمت‬ ‫للبش��رية م��ا فش��ل هنيبع��ل ف��ي تحقيقه‬ ‫نق��ل للتجرب��ة االنس��انية المش��رقية‬ ‫م��ن‬ ‫ٍ‬ ‫إل��ى الغريب‪ ،‬وه��ا هي تونس الي��وم تقدم‬ ‫للبش��رية ً‬ ‫أفقا مغايرًا لعالم تحكمه مبادىء‬ ‫العدال��ة ولتغيي��ر س��لمي لألنظم��ة‪ ،‬فتكون‬ ‫ً‬ ‫بداية لعصر جديد تتغي��ر فيه ألوان الثورات‬ ‫م��ن األحمر القاني إل��ى البرتقالي‪ ،‬بوصفها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضرورية لنجاح التس��امح؛ ألنه أحد‬ ‫مقدم��ة‬ ‫أهمّ أهداف الربيع العربي‪.‬‬

‫قراءة في كتاب ‪. .‬‬

‫حممد علي الكب�سي‪:‬‬ ‫كيمياء الربيع التون�سي والعربي‬

‫‪15‬‬


‫رصيف سوريتنا ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الرابعة | العدد (‪ 9 | )164‬تشرين الثاني ‪2014‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪16‬‬

‫أنا عندليب الشفاء‪ ،‬وإني محلق نحوك ألنزع عنك السقم الذي فيك‬ ‫ريف حلب ‪ | 2012 -‬تصوير‪ :‬باسل حسو‬

‫كاريكاتير الفنان عبد المهيمن بدوي‬ ‫للمرا�سالت والتوا�صل مع هيئة التحرير ‪souriatn a@gma il.co m‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.