مؤمن سمير كائن وحيد يقبع في لوحة

Page 1


‫‪55‬‬

‫مؤمن سميــر‬ ‫ػػػػػػػػػ‬

‫كائن وحيد يقبعُ في لوحة‬ ‫ٌ‬ ‫وكتابات أخرى‬

‫صدر عن مطبوعات اتحاد ُكتَّاب مصر فرع بني سويف‬ ‫َ‬ ‫والفيوم ‪2016‬‬

‫‪-1-‬‬


‫‪55‬‬

‫كائن وحيد يقبعُ في لوحة "‬ ‫اسم الكتاب ‪ٌ " :‬‬ ‫وكتابات أخرى ‪.‬‬ ‫المؤلف‬

‫‪ :‬مؤمن سميـر‬

‫الطبعة‬

‫‪ :‬األولــــى‬

‫‪-2-‬‬


‫‪55‬‬

‫مالمح‬ ‫‪-3-‬‬


55

-4-


‫‪55‬‬

‫" األبنودي وتناقضات الشخصية الكبيرة "‬ ‫بقى األبنودي في العمؽ مف الوعي وكذلؾ في دائرة‬ ‫الضوء لعقود طويمة ويرجع ذلؾ ألسباب عديدة مف أىميا‬ ‫وأبقاىا أنو فناف خاص وحقيقي ومتجاوز حيث لو عددنا‬ ‫المجدديف في مسيرة قصيدة العامية المصرية بعد البدايات‬ ‫والتأسيس التي تنتيي وترؽ عند العـ بيرـ التونسي ثـ‬ ‫البداية الحقيقية عمى يد فؤاد حداد وصالح جاىيف ثـ‬ ‫مرحمة التعضيد عند عبد الرحمف األبنودي وسيد حجاب‬ ‫وأحمد فؤاد نجـ‪ ..‬ورغـ الفوارؽ الفنية والمواقفية بينيـ فإنؾ‬ ‫لف تستطيع تجاىؿ واحد منيـ ميما اختمفت مع توجياتو‬ ‫أو تقمباتو أو باألحرى مع عمو وانخفاض ترمومتر عالقتو‬ ‫مع السمطة أو قرار السمطة باعتبار الشاعر عروة في‬ ‫قميصيا أو عدواً ‪ ...‬األبنودي شاعر متمكف وماكر يجمع‬

‫بيف البساطة والتعقيد في شعره وينحت شع اًر مف الطبيعة‬ ‫المصرية الشاسعة العمؽ واالمتدادات واستطاع اف يبدع‬

‫تعمر الدماغ " في اآلف نفسو ‪..‬‬ ‫قصيدة تدخؿ القموب و" َّ‬

‫‪-5-‬‬


‫‪55‬‬

‫إف " جوابات حراجي القط " مثالً عمؿ قار في الضمير‬ ‫بغض النظر عف أنو جزء مف توىج المرحمة الناصرية‬ ‫وىكذا الفناف الحقيقي يسرؽ مما ىو عابر أوراد خموده‬ ‫واستم ارره ‪ ..‬ومف يستطيع تجاىؿ " صمت الجرس "‬ ‫بتجريبيتو الخالقة أو " الموت عمى األسفمت " األنشودة‬ ‫األكثر عذوبة في استشياد ناجي العمي ما إلى ذلؾ مف‬ ‫أعماؿ شعرية كبيرة ‪ ..‬حتى كتابو النثري" أيامي الحموة "‬ ‫تكتشؼ وتسمع وأنت تقرأه شخصاً ليس بعيداً عف مالمحؾ‬ ‫وروحؾ أبداً ‪ ..‬إف مف ينجحوف في قراءة شرطيـ التاريخي‬

‫ويتعامموف معو بمعينيـ العميؽ مف االبداع وكثير مف‬ ‫الذكاء أيضاً ليسوا كثر‪ ..‬لكنيـ يبقوف ويشكموف وعينا‬

‫ونظرتنا لمدنيا ‪ ..‬واضافة األبنودي لفف األغنية العربية‬ ‫إضافة مبيرة ال يمكف تجاىميا وحذفيا مف روحنا المجيدة‬ ‫حيث حوؿ األغنية إلى صور غنية بالدىشة وباكتشاؼ‬ ‫أبعاد أخرى وطبقات متعددة لمحب والموت والفرحة والحياة‬ ‫وأدخؿ المفردات والعوالـ الشعبية وعمقيا العبقري لدائرة‬ ‫االنتباه واالكتشاؼ بحذؽ وميارة وفنية عالية ‪ ..‬جمع‬

‫‪-6-‬‬


‫‪55‬‬

‫الرجؿ بيف حب البسطاء وبيف احتراـ قطاعات كثيرة مف‬ ‫المثقفيف وكذلؾ عمى سخط قطاعات أكثر منيـ ربما ألنيـ‬ ‫اندىشوا مما اعتبروه توليفة عجيبة ال يقدر عمييا إال‬ ‫جبار‪ ..‬كيؼ تكوف فناناً ال خالؼ عمى دوره التجديدي‬

‫واضافاتو وعمى ثقافتو ‪ ،‬ويسارياً ال اختالؼ عمى انتمائو‬ ‫لمميمشيف وكيؼ تكوف قريباً طوؿ الوقت مف السمطة وال‬

‫تستغني عنؾ أبداً رغـ وضعؾ في السجف حتى ‪ !!..‬كيؼ‬

‫يدخمؾ رجاؿ األعماؿ إلى صالوناتيـ ويدخمؾ المعدميف‬ ‫إلى قموبيـ في نفس المحظة ‪ ..‬لـ يستطع الجميع‬

‫كتبت في أعياد‬ ‫االستغناء عنؾ ألنؾ تستحؽ وتقدر ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ميالد مبارؾ لكنؾ انتقدتو بعنؼ في السنوات األخيرة ‪..‬‬ ‫لفت النظر لمسيرة الياللية وأخرجتيا لألعالـ ولقطاعات‬ ‫كانت بعيدة عف بريقيا رغـ اتياـ الباحثيف لؾ بتيميش‬ ‫الطيب " جابر أبو حسيف " ‪ ..‬الخ الخ مف الشائعات‬ ‫والحقائؽ التي التُنسج إال حوؿ الكبار‪ ..‬في النياية سيبقى‬ ‫ىذا الفناف الكبير صفحة ميمة في مشروع التجديد‬ ‫المصري في القصيدة العامية وفي األغنية وصفحة براقة‬

‫‪-7-‬‬


‫‪55‬‬

‫القتراب المثقؼ الحاد والواضح مف الحياة المعاشة‬ ‫وتحطيمو ألسطورة البرج العاجي ‪..‬‬

‫‪-8-‬‬


‫‪55‬‬

‫" وجوه إيمان مرسال ‪ :‬األخت التي تكمن‬

‫خمف التفاصيل "‬

‫كاف الزمف بدايات تسعينات القرف الماضي وبداية مرحمتي‬ ‫الجامعية عندما سمعت اسميا لممرة األولى مقترن ًا باسـ‬

‫ادوار الخراط ‪ ،‬والحقيقة أنني لـ أحفؿ بيا بقدر ما أشرت‬ ‫بعيني وقمبي إلدوار ‪ ..‬كنت ساعتيا مبيو اًر بألعابو المغوية‬ ‫وثقافتو الجبارة وتعدد مناحي عطاءاتو مف إبداع – لـ‬

‫َم ُّؿ‬ ‫أجرؤ أياميا عمى االعتراؼ بأني ال أستوعبو جيداً وأ َ‬ ‫ظ َرةً ) أيضاً‬ ‫منو بسرعة لكني أُ ِج ُّؿ ىذا اإلبداع إكبا اًر و( َم ْن َ‬ ‫!‪ -‬ونقد أدبي ونقد تشكيمي وترجمة الخ الخ ‪ ..‬كتب ادوار‬ ‫عف ديواف إيماف األوؿ " اتصافات " الصادر عاـ ‪0991‬‬ ‫في جريدة الحياة المندنية سنة‪ .. 0990‬وىو الديواف الذي‬ ‫تستطيع أف تجد فيو اآلخريف بسيولة وال تجد إيماف إال‬ ‫قميالً ‪ ،‬لكنيا سرعاف ما تظير بكامؿ أناقتيا ووىجيا وألقيا‬

‫الذي سيدوـ طويالً – في العاـ‪ 0995‬مع ديواف " ممر‬

‫معتـ يصمح لتعمـ الرقص " الصادر عف دار " شرقيات "‬

‫‪-9-‬‬


‫‪55‬‬

‫التي ارتبطت بعد ذلؾ ومف قبؿ ذلؾ بقميؿ – بالنص‬ ‫الجديد ‪ ..‬كنت في المنتصؼ بيف أسوار الجامعة العالية‬ ‫وبيف الشمس الحارقة الالىبة التي ال ترحـ المكونة مف‬ ‫األسئمة الشاقة واىت اززات اليقيف والبرد والعطش النفسي ‪،‬‬ ‫ولـ تكف الجامعة تعني لي بالضبط إال ثالثة أشخاص‬ ‫ميموميف وقمقيف عمى الدواـ رغـ أف األمؿ يحدوىـ في فيـ‬ ‫العالـ والتعاطي معو بوعي ‪ ..‬الروائي الراحؿ محمد ربيع‬ ‫والشاعر والقاص حاتـ جعفر والثالث زائغ النظرات‬ ‫المرتعش الدائـ الذي ىو أنا ‪َ ..‬م َدانا وأُفُقنا لو حدود ضيقة‬ ‫ومتسعة في ٍ‬ ‫آف واحد ‪ :‬الكتب وشباب حزب التجمع‬ ‫الغاضبيف مف ميادنة الحزب وأكرـ ألفي الشاب ضئيؿ‬ ‫الحجـ الذي كاف يقود الحركة الثورية في بني سويؼ حتى‬ ‫اعتقؿ في زنزانة واحدة مع الفناف عز الديف نجيب في‬ ‫اضط اربات قانوف الممكية الزراعة ورسـ لو بورتريياً رائعاً‬

‫في مجمة روزاليوسؼ عمقناه عمى باب الجامعة ولـ يصمد‬

‫إال ‪ 01‬دقيقة بالضبط قبؿ أف يمزقو حرس الجامعة ‪..‬‬ ‫ووائؿ توفيؽ الذي كاف يحاوؿ مع رفعت السعيد أف يحصؿ‬

‫‪- 10 -‬‬


‫‪55‬‬

‫لنا عمى دعـ الستمرار نشراتنا التي كنا نقوـ بتصويرىا‬ ‫وتوزيعيا وكاف ساعتيا يرفض وىو يضحؾ ‪ ..‬وفي القمب‬ ‫مف محاوالتنا المحمومة اللتياـ كؿ ما تقع عميو أعيننا‬ ‫وتدبير الكتب الممنوعة والمصادرة والغالية باالستعارة‬ ‫والتصوير – كنا ندرؾ ثالثتنا أننا نريد أف نكتب وفقط ‪..‬‬ ‫ربيع يصؿ إلى قناعة بكتابة ساخرة تقمب كؿ ما ىو‬ ‫رسمي ومحترـ وميذب ‪ ..‬وحاتـ وأنا بعدما مألنا‬ ‫( أجندات كاممة ) بقصائد متأثرة بالسبعينيف ‪ ،‬قررنا أف‬ ‫نضع كؿ ىذا في ( كرتونة ) بعيدة وأف يكتب ك ٌؿ منا‬

‫قصائد بال أي ماضي وال قناعة مسبقة ‪ ..‬ىكذا في‬ ‫الييولي الفني ‪ ..‬يعني َيئِسنا مف أنفسنا فقمنا نمسؾ ٍ‬ ‫بقمـ‬ ‫حر وأكثر خفة ونرى ماذا سيكتب بشرط وحيد ىو أف‬ ‫نكتب أنفسنا وأجسادنا وحيواتنا نحف ‪ ،‬التي نحسيا ونشميا‬ ‫ونممسيا ‪ ..‬وىكذا كتبنا قصائد مقشرة ‪ ،‬بسيطة ‪ ،‬بال أي‬ ‫أردية ومعاطؼ وزخارؼ لغوية ‪ ..‬تشتبؾ مع تفاصيمنا‬ ‫الصغيرة التي مف لحـ ودـ ‪ ،‬بال أي تجريدات و ذىنيات‬ ‫و بيموانيات شكمية أرىقتنا نحف قبؿ أي أحد ‪ ..‬ولكف‬

‫‪- 11 -‬‬


‫‪55‬‬

‫المفارقة أف شجاعتنا وثوريتنا خانتنا بعد عدة محاوالت‬ ‫لعرضيا عمى آخريف ‪ ..‬صرنا نخشى أو نخجؿ أحياناً ‪..‬‬ ‫ال مجازات رصينة براقة وال لغة فخمة وال كممات متوىجة‬ ‫( يسندوف النصوص ) وال إيقاع عمى اإلطالؽ ‪..‬‬

‫( َذ ِّك ْرنِي بآخر مرة يا حاتـ ؟ أظف قالوا إنيا مجرد‬ ‫خواطر‪ .. ) ..‬األوغاد ‪ ..‬إلى أف ىمَّت فوؽ الفَ َتي ْي ِف‬ ‫لما تصادؼ أف قرأنا في إحدى المجالت‬ ‫شمساف ‪َّ ،‬‬

‫عرضاً لديوانيف صد ار عف دار شرقيات ىما " ثمة موسيقى‬ ‫تنزؿ الساللـ " لعمي منصور و " ممر معتـ ‪ "..‬إليماف‬

‫مرساؿ ‪ ..‬كاف األمر بمثابة ٍ‬ ‫كوب مف النبيذ مف عمى‬ ‫مائدة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫آلية ال تعرؼ الكرـ ‪ ..‬حيث فوجئنا أف كتابتنا تشبو‬

‫النماذج المطولة المعروضة في المجمة ‪ ..‬ولـ ُن ِّ‬ ‫كذب خب اًر‬ ‫وانتظرنا أوؿ شارات النيار ونزلنا القاىرة وتينا كثي اًر حتى‬

‫عدنا بنسخة مف كمييما التيمناىما ونحف نسير في الشوارع‬

‫ونصطدـ بالبشر والحوائط الوىمية ‪ ..‬وىكذا أحسسنا أف‬ ‫كتاباتنا اكتسبت مشروعية ما وسبباً حقيقياً لموجود بوجود‬ ‫أصدقاء ِ‬ ‫االثنيف‬ ‫ب ما ‪ ،‬عمى وجو الدقة ‪ ..‬ورغـ أف‬ ‫وس ْر ٌ‬ ‫ْ‬

‫‪- 12 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ينتمياف إلى جيؿ الثمانينات السابؽ عمينا ‪ -‬الحقيقة أف‬ ‫منصور أكبر في العمر كثي اًر وبدأ في النشر مبك اًر جداً ‪-‬‬ ‫وأنيما نش ار قصائد تفعيمية كثيرة ‪ ،‬إال أنيما صا ار وردتيف‬

‫في عروة الكتابة الجديدة ‪ ،‬ليس فقط بالنسبة لنا وانما‬ ‫تحررت‬ ‫بالنسبة لمتسعينيف جميعاً ‪ ( ..‬بعد فترة مف الكتابة‬ ‫ُ‬ ‫مف فكرة التقسيـ الجيمي وصرت أتعامؿ مع كؿ شاعر‬ ‫عمى أنو مشروع في حد ذاتو ال يمتمؾ ألقاً أو إخفاقاً بسبب‬ ‫كونو في حركة ما أو مرحمة عمرية ما أو في تيار أو‬

‫اتجاه معيف – رغـ أىمية ىذا في إدراؾ مداخؿ التجربة ‪..‬‬ ‫بؿ يرجع األمر في األساس لو ىو ‪ ،‬لشاعريتو وديوانو‬ ‫الكبير الذي يحوي سمت اكتمالو وضفاؼ شواطئو أو عمى‬ ‫العكس ِ‬ ‫الس َّك ِة الضيقة لمقبرتو ‪ ..‬وأصبح كؿ ما أحكيو‬ ‫وغيره ‪ ،‬وكؿ ما نسعى لمعرفتو مف نميمة فنية أو حتى‬ ‫نقداً رصيناً ‪ ،‬رتوشاً ىامة جداً " حوؿ " التجربة وليست‬

‫ىي التجربة ‪ ..‬تمؾ التي يتكفؿ بيا النص والنص وحده‬

‫وىذا ىو اختباره الدائـ والوجودي ‪ )..‬وسأنحرؼ عامداً عف‬ ‫البيي عمي منصور‪ ،‬الذي سار في دربو المميز و كتابة‬

‫‪- 13 -‬‬


‫‪55‬‬

‫قصائد تندىش مف مفارقات الكوف والتاريخ والنفوس‬ ‫ٍ‬ ‫صاؼ وشفاؼ خمؼ السطوح إلى‬ ‫وتبحث عف كؿ ماىو‬ ‫أف وصؿ في أعمالو األخيرة لغايتو وىي مناوشة الروح‬

‫التى يراىا مظمومة ببقاءىا مدفونةً خمؼ ال ِج ْمد ‪ ..‬تجربتو‬ ‫الروحية العميقة تمؾ ومقدماتيا الظاىرة منذ البداية ‪،‬‬

‫وضعتو في موقع " الحكيـ " واألخ األكبر – رغـ مرونة‬ ‫نصو وديناميكيتو ‪ -‬بالنسبة لنا ‪ ..‬أما إيماف فاحتمت موقع‬ ‫األخت ‪ ،‬الصاحبة التي كانت مف سنوات تجمس معنا‬ ‫عمى نفس ( التختة ) والتي يمكف أف تجري وتسبقنا وظميا‬ ‫الصغير يسبؽ ظمنا ‪ ،‬فال نغضب أبداً بؿ نضحؾ ونمد‬

‫ليا أيادينا خوفاً مف أف يمسيا العابر بيوائو الساخف بينما‬ ‫تراقب ىي وتختزف بكؿ مكر‪:..‬‬

‫" جيد‬ ‫تأمل صور الطفولة‬ ‫ُعيد ُّ‬ ‫أن أ َ‬ ‫ُزيح فكرتي المستقرة‬ ‫فقد أ ُ‬

‫ٍ‬ ‫لشخص آخر‬ ‫كنت مشروعاً جميالً‬ ‫عن أنني ُ‬ ‫أفس َدتْ ُو رىاناتي الناجحة "‬ ‫َ‬

‫‪- 14 -‬‬


‫‪55‬‬

‫تنتمي إيماف لفئة مف البشر والمبدعيف يتحموف بنفس‬ ‫سمات ورتوش " األيقونة " أينما حمُّوا وفي أي مرحمة ‪..‬‬ ‫كؿ ديواف يصدر ليا نتمقفو ببيجة تميؽ بو ‪ " ..‬المشي‬ ‫أطوؿ وقت ممكف " ‪ " ، 0991‬جغرافيا بديمة " ‪، 6112‬‬ ‫" حتى أتخمى عف فكرة البيوت " ‪ 6102‬الذي قطَّرت فيو‬

‫الشعر حتى َّ‬ ‫غير جمدهُ وظير في أىاب السرد وىيئتو وفي‬ ‫ِ‬ ‫ونسيم ِو ‪: ..‬‬ ‫ريش الحكي‬ ‫" الم أرةُ المكتئبة التي تتحرك في المشيد ليست فقط امرأة‬ ‫وليست فقط مكتئبة ‪ ،‬إنيا تمك المغنية المعتزلة ‪ ،‬أنتم‬

‫تعرفون قصتيا ‪ ،‬المخبولة "‬

‫أنجبت ولداً‬ ‫صمَت عمى الدكتوراة َس ِع ْد ُ‬ ‫ت فعالً ولما َ‬ ‫لما َح ُ‬ ‫كنت أقوؿ لكؿ مف أقابمو مف األصدقاء ( إيماف َخمِّفت ‪)..‬‬

‫حتى عندما حدثت أزمة اتياميا بالتطبيع لـ أىاجميا‬ ‫وتعاطفت معيا رغـ خرقيا ٍ‬ ‫لثابت َّبراؽ وحقيقي ‪..‬‬

‫نصوص إيماف ىي ِج ْمد جيمنا ونظارتو الشمسية ثـ نظارتو‬ ‫لمقراءة ‪ ..‬الجيؿ المغترب األبدي ‪:‬‬

‫‪- 15 -‬‬


‫‪55‬‬

‫فتح بو‬ ‫" ( أنا وأصدقائي في عزلة ) ىو العنوان الذي َ‬ ‫عمي "‬ ‫اهلل ّْ‬

‫جيؿ سقوط اليقينيات والحكايات الكبرى وأزمتو الحقيقية‬

‫الكامنة في أف أحداً لـ يحنو عميو تشاؤماً أكثر مف أي‬

‫شئ آخر‪ ،‬ألنو االبف المتولد عف الخراب المموف وأفاعيو ‪،‬‬

‫الذي اضطر لمغرور والضجيج واالدعاء بأنو األىـ بعد‬ ‫الرواد ‪ ،‬وكونو لـ يتحرر نيائياً كما ظف وادعى ‪ -‬بعدما‬

‫يمؽ‬ ‫انزاح المطمؽ واليقيني والثابت مف عمى كاىمو وانما لـ َ‬ ‫إال الفراغ والواقع بفجاجتو ‪ ..‬الجيؿ الذي كاف بارعاً في‬ ‫اختراع موضات مف قبيؿ كتابة الجسد ونفي األيدولوجيا‬

‫وباترونات التفاصيؿ الخ الخ ألف المسكيف كاف يريد عف‬ ‫طريقيا أف يحيا أطوؿ ‪ ،‬فتمقؼ حظو الذي أتى بو في‬ ‫وبرداف‬ ‫خائؼ‬ ‫لحظات التحوؿ الدراماتيكية في العالـ وىو‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ومتفاء ٌؿ في نفس الوقت مما جعمو مرتبكاً دائماً وحزيناً‬ ‫بدوف ُّ‬ ‫تصنع ‪:..‬‬

‫ِ‬ ‫تركت بمداً في ٍ‬ ‫الغابة‬ ‫مكان ما ألتمشى في ىذه‬ ‫" أنا التي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫رب ‪"..‬‬ ‫أحمل جث ًة لم ينتبو لغيابيا الس ُ‬

‫‪- 16 -‬‬


‫‪55‬‬

‫قصائد إيماف التي تبحث عف رفة ٍ‬ ‫عيف بسيطة وحرة ىي‬ ‫قصائدنا ‪ ..‬تمردىا ىو بيوت مرايانا المخدوشة ‪ ..‬أسئمتيا‬ ‫الوجودية ىي جرحنا ووحدتيا ىي ِس ُّرنا ‪ ..‬شجاعتيا في‬ ‫البوح ىي طموحنا ‪ ..‬حتى النكية األيدلوجية السارية في‬

‫كتابتيا ‪ ،‬تأتي وكأنيا تعوض تجريدنا ليذا الجانب ‪..‬‬ ‫حكمتيا الناقصة دوماً ىي حكمة مف فوجئ بشعيراتو‬

‫البيض وتعايش معيا بسرعة بأف تخمى عف النظر في‬ ‫المرآة واستبدلو بالتحديؽ في كفو ‪ ..‬النوستالجيا الفاضحة‬

‫تحت تنورتيا ىي حنيننا المجيض كؿ يوـ ‪:‬‬ ‫" ( ميت عدالن ) قريتي العزيزة الجميمة ‪ ،‬وطني الذي‬ ‫يزورني كل ليمة في الكوابيس ‪"..‬‬

‫لجيميف عمى األقؿ – ىي أكثر‬ ‫إيماف بنت اليامش والعابرة‬ ‫ْ‬ ‫الناس اشمئ از اًز مف فكرة اليالة والبريؽ ‪ ..‬وتقوؿ في‬

‫حواراتيا إنيا التممؾ مشروعاً وال تقصد وال تريد ‪ ..‬ولكف‬

‫الحقيقة أنيا بسبب يقينيا ىذا كسرت الحواجز بيف الشاعر‬

‫والدور والصديؽ والصاحب ‪ ...‬نصوصيا ال تطمح إال‬

‫‪- 17 -‬‬


‫‪55‬‬

‫إنساف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لصداقة مع قار ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بعيد يشبييا ‪:‬‬ ‫صاحب أو‬ ‫ئ أو‬ ‫" لماذا ال تأتي ؟‬

‫ُّ‬ ‫أشك في حزن َك‬ ‫لت عمى قدمي َك‬ ‫أنت و ٌ‬ ‫اقف ماز َ‬ ‫تحفُّظ ‪"..‬‬ ‫ٌ‬ ‫أنيق بال َ‬

‫ويبدو ال تزاؿ تنجح في ذلؾ ‪..‬‬

‫‪- 18 -‬‬


‫‪55‬‬

‫وحيد يقبعُ في لوحة "‬ ‫كائن‬ ‫ٌ‬ ‫" أحمد يماني ‪ٌ :‬‬

‫كاف الزمف ىو نياية تسعينيات القرف الفائت وكاف النقاش‬

‫في جمسة المقيى محتدماً حوؿ قصيدة ألحمد يماني حتى‬ ‫انضممت أنا لممجموعة التي‬ ‫أف الجموس انقسموا فريقيف و‬ ‫ُ‬ ‫كاف عمى رأسيا صديقنا الشاعر فتحي عبد اهلل والتي‬

‫كانت ترى أنو ال أطر مسبقة ومحددة وجامدة تحكـ الكتابة‬ ‫الجديدة وأف وصفة " سوزاف برنار" ال تكمف رسالتيا إال في‬ ‫كتب قصيدة‬ ‫أشكاؿ وأنماط الخروج عمييا ‪ ..‬كاف يماني قد َ‬ ‫ُنشرت في إحدى المجالت أفاض فييا في رسـ طقوسو‬ ‫ظر تبتعد بمراحؿ عف التوىج واإلشراؽ‬ ‫الذاتية ‪ ،‬بزاوية َن َ‬

‫والحكمية والمجازات الفاقعة بالطبع ‪ ،‬كتابة أقرب لمحكي‬

‫أو لمسرد البارد الذي تحس معو أنو ال رسالة معينة بالذات‬ ‫‪ ،‬تقصد أو تطمح ىذه الكتابة لتوصيميا ‪ ،‬الميـ إال إذا‬ ‫كانت ىذه الكتابة ‪ ،‬بمجافاتيا لمرسولية ‪ ،‬في حد ذاتيا ىي‬ ‫الرسالة ‪ ..‬مف ىذه التفاصيؿ التبوؿ عمى سبيؿ المثاؿ ‪..‬‬ ‫ىدؼ كبي اًر وعظيماً وال مغزى بعمؽ البحر‬ ‫ال سمو و ال‬ ‫َ‬

‫‪- 19 -‬‬


‫‪55‬‬

‫وب ْعد النجوـ وقرب إشعاعات الشمس ‪ ..‬الميـ إال التواصؿ‬ ‫ُ‬ ‫اإلنساني البسيط المجرد مف كؿ أشكاال الياالت ‪..‬‬ ‫الصداقة ‪ ،‬بيف شخصيات عادية وواقعية ‪ ،‬مف بينيا وليس‬ ‫عمى رأسيا وال ممي اًز فييا عمى اإلطالؽ ‪ ،‬ذلؾ الشاعر‬

‫ٍ‬ ‫بشكؿ‬ ‫وأشباىو المبدعيف الذي َخمَعوا قَُّبعات النور فتنفسوا‬ ‫أفضؿ ‪ ..‬شخوص تقابميا حولؾ في كؿ مكاف وفي كؿ‬ ‫وقت ‪ ،‬لكنيا قد تكوف وحيدة وبالضرورة ‪...‬‬

‫ص ِّدر أسماء األصدقاء الثالثة إيماف‬ ‫كاف الواقع الثقافي ُي َ‬ ‫مرساؿ وأسامة الديناصوري وأحمد يماني عندما يتحدث‬ ‫عف جيؿ التسعينات ثـ تأتي بقية األسماء ‪ ..‬ذلؾ الجيؿ‬ ‫الذي كاف ساعتيا شاباً وصاخباً ولو مناوئوف أكبر سناً‬

‫وأكثر صخباً وقسوة ‪ ..‬ثـ رحؿ الثالثة ‪ ،‬مات الديناصوري‬ ‫وسافرت إيماف وسافر يماني ‪ ،‬ولكف قصائد أسامة كانت‬

‫قد بدأت تبني أسطورتيا الذاتية وتثبت في الوعي والذاكرة‬ ‫كمما أعيد اكتشافيا وقصائد إيماف وأخبارىا تصؿ إلينا أوال‬ ‫بأوؿ وكاف الدور عمى يماني الذي أضاؼ الترجمة إلى‬ ‫جوار نصوص أكثر نضجاً وعمقاً وانسانية ‪ ..‬ترجمات‬

‫‪- 20 -‬‬


‫‪55‬‬

‫منتقاة بعناية ومصاغة بطريقة الشاعر الرىيؼ والحاد معاً‬

‫والماكر عمى الدواـ ‪ ..‬كاف ىذا الحراؾ في القاىرة فقط أما‬ ‫في باقي أنحاء مصر فكاف يصعب عميؾ أف تجد مف‬

‫يتواصؿ مع دواويف يماني الخارجة مف النشر الخاص‬ ‫ونسخو المحدودة ‪ ،‬ناىيؾ عف قصائده المنشورة غالباً في‬

‫مجالت تتفؽ مع ذوقو الخاص ورؤيتو ‪ ،‬مجالت اليامش‬ ‫‪ ،‬التي تعبر كؿ منيا عف حركة واتجاه يود أف يعيد النظر‬ ‫في الثوابت المتكمسة ‪ ..‬واستمر ىذا الغياب إلى أف‬ ‫أعادت مكتبة األسرة نشر ديواف " أماكف خاطئة " فصرت‬ ‫تتقابؿ مع مف يمدح الجو والتفاصيؿ األوروبية التي‬ ‫يمتقطيا شخص شديد المصرية والحساسية أسمو أحمد‬

‫لما‬ ‫أو يندىش آخر مف التماىي بيف األبيض واألسود َّ‬

‫تظيره ىذه الذات الشاعرة والمتشظية بما يعني االتساع ‪،‬‬

‫والمنفتحة عمى زماف ممتبس يخمؽ جغرافيتو كمما تتبدؿ‬ ‫أقنعتيا ومناخاتيا النفسية باألساس ‪ ..‬يعجبوف بالتواصؿ‬

‫الذي تـ والصداقة التي َن َمت بيف أ ٍ‬ ‫ُناس ‪ ،‬األلفة والدؼء‬ ‫والحميمية عمى بع ِد خطو ٍ‬ ‫وحيد‬ ‫ات مف ظالليـ ‪..‬‬ ‫وكائف ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُْ‬

‫‪- 21 -‬‬


‫‪55‬‬

‫بة ٍ‬ ‫باردة وغر ٍ‬ ‫بتالؿ ٍ‬ ‫يقبع في ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ذاتية تشبو ال ِج ْمد‬ ‫لوحة تمتمئ‬ ‫ُ‬ ‫الم َّموه ‪ ،‬ال تغادر وال تغيب ‪...‬‬ ‫ُ‬

‫‪- 22 -‬‬


‫‪55‬‬

‫" سمير درويش‪ :‬الذي اصطادتو البساطة‬ ‫فأبصر والتحف باألنثى فشاف "‬

‫كاف مشروع النشر في ىيئة قصور الثقافة المصرية الذي‬ ‫بدأه حسيف ميراف أواخر القرف الماضي يمثؿ بالنسبة‬ ‫ألمثالي مف القابعيف في األقاليـ والمضروبيف بداء الكتب ‪،‬‬ ‫حالً معقوالً حيث تصؿ الكتب ألوؿ مرة إلى مدينتؾ‬

‫الصغيرة‪ ،‬وعبر سالسؿ تتجاوز العشريف فتعود لمنزلكـ‬

‫آخر النيار وأنت تحمؿ ما يكفي لسد نيمؾ وتيدئة نيرانؾ‬ ‫الدائمة مرحمياً ‪ ،‬حتى يأتي ميعاد معرض الكتاب أو أي‬

‫فرصة لنزوؿ القاىرة ‪ .‬وكاف اليوـ بداية الشير حيث أسمـ‬

‫بائع الصحؼ مصروفي لثالثيف يوماً حتى " أسحب منو "‬

‫طواؿ األياـ القادمة عندما اقتنيت ديواف " قطوفيا وسيوفي‬ ‫" لسمير درويش ‪ ،‬أظف العاـ كاف ‪ ، 0990‬ولفت نظري‬

‫وأنا أتصفحو أنو أكثر تمي اًز في اإلخراج وفي الخطوط‬

‫والرسوـ ‪ ،‬وأنو يضـ شع اًر يحمؿ لغةً مجازية فخيمة‪ ،‬واف‬

‫كانت بمحاولة واضحة لالنفالت تظير في بعض األلفاظ‬

‫‪- 23 -‬‬


‫‪55‬‬

‫البسيطة والموضوعات المتاحة وفي التصريح بأسماء‬ ‫ثقافية مثؿ " حممي سالـ " الذي كاف ساعتيا يمثؿ " كياناً‬

‫ثقافياً " مثي اًر بالنسبة لي ‪ ..‬وأذكر أنو مف ضمف المظاىر‬ ‫العفوية لمراىقة وسخونة طالب الجامعة الذي كتب الشعر‬

‫العمودي لفترة ثـ التفعيمي لفترة ثـ اختار قصيدة النثر‬ ‫وكأنو يختار طوؽ النجاة الجمالي والوجودي ! أنني ربطت‬ ‫بيف تألؽ الكتاب وبيف اسـ حممي سالـ ‪ ،‬وبدأت أُضيِّؽ‬ ‫عيني وأىميـ وأنا أشفط َنفَ َساً عميقاً مميئاً باألخشاب‬ ‫مابيف‬ ‫َّ‬ ‫مف السيجارة الكيموبات ار وأقوؿ ‪ :‬إف ذكر ىذا الشاب لحممي‬ ‫بالذات ليس مجانياً ‪ .‬قد تربطو بو صمة مباشرة وليست‬

‫فنية ‪ ..‬تمميذه ؟ إذف ليذا أوصى عميو ومف ثـ ستصبح‬ ‫أمور مثؿ ىذه تكئة ألف يضمف األستاذ والء التمميذ ‪،‬‬

‫وأقصد بالوالء أال يخرج عف دائرة تأثيره أو اختياراتو‬ ‫الجمالية ومغامراتو ‪ ..‬عمى العموـ سأتابع ىذا األمر‬ ‫بنفسي وأضع سمير في اختبار دائـ ألرى ىؿ سيخوف‬ ‫أستاذه وينحت مالمحو الخاصة‪ ،‬أـ سيكسب الكبير صؾ‬ ‫خموده عمى حساب ىذا القادـ ‪..‬‬

‫‪- 24 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ثـ أسمع بعدىا بسنوات ‪ ،‬غالباً عاـ ‪ ، 0991‬أف عـ "‬

‫أحمد " بائع الصحؼ في مركز" مغاغا " يبيع كتب دار‬

‫شرقيات فأركب القطار وأسرع وأشتري كؿ ما وجدتو‬ ‫وبالصدفة كاف مف ضمف الكتب األخرى ديواف " النوارس‬ ‫والكيرباء والدـ " لسمير درويش وىو صادر عف " كتاب‬ ‫إضاءة ‪ " 11‬يعني حممي سالـ ‪.‬إذف فألق أر ألدرؾ ىؿ‬ ‫استسمـ بالكامؿ أـ أف بذور الخروج طافحة وتُنبي بالخير‬ ‫كؿ الخير تماماً مثمما قاؿ الولد الذي كاف ييتـ بما حوؿ‬

‫النصوص ومنتجييا ‪ ،‬بأخبارىـ ومعاركيـ ‪ ..‬باعتبار أنيـ‬

‫رحمة السماء الوحيدة لو حيث أنيـ الوحيدوف الذيف‬ ‫يشبيونو ىو الخائؼ مف العالـ المتعالِي المريب والغامض‬ ‫غموض وحش الجبؿ ‪ ،.‬وقرأت قراءتي التفتيشية تمؾ ألجد‬ ‫قصائد متراوحة بيف الوعي القديـ والوعي السبعيني ثـ‬ ‫ال بعينيا تنتمياف إلى أمر آخر تماماً ‪،‬‬ ‫قصائد كاممة وجم ً‬

‫أمر يخص ىذا اإلنساف ‪ ،‬حزنو وغربتو المكانية التي‬ ‫وسمت روحو وسابت فيو ِج ْم َداً يرتعش لينذر بانفجار ٍ‬ ‫ات‬ ‫ُ‬ ‫ومحاو ٍ‬ ‫الت لقمب اآليات والمعالـ ‪ .‬ثـ أصدر سمير درويش‬

‫‪- 25 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ديواف " الزجاج " عاـ ‪0999‬عف ىيئة الكتاب وىي اختباره‬ ‫األوؿ لمعبة النص الواحد الممتد طوؿ الديواف‪ ،‬وكاف قد‬ ‫أصدر ديواناً عاـ ‪ 0992‬بعنواف " موسيقى لعينيا ‪/‬‬

‫خريؼ لعيني " عف ىيئة الكتاب أيضاً وتاله " كأعمدة‬

‫الصواري" عف ىيئة قصور الثقافة ‪ 6116‬وىنا أقوؿ أف‬ ‫نياية المرحمة الفنية األولى مف حياة ىذا الشاعر قد أزؼ‬

‫أوانيا ‪ ،‬مرحمة الشاعر الثمانيني الذي يصنع شع اًر ينتمي‬

‫لتقنيات وسمات كتابية عامة ‪ ،‬في جيؿ تكاتؼ ربما بدوف‬ ‫اتفاؽ ‪ ،‬لتكوف لقصيدتو سمات مميزة ‪ ،‬تخصو ىو ويعرؼ‬

‫بيا وتعرؼ بو ‪ ،‬ليس ألف ىذا يحمؿ تحققاً ورسماً لطري ٍ‬ ‫ؽ‬

‫ال موازياً لجيؿ‬ ‫ومسارب ‪ ..‬الخ ‪ ،‬فقط ‪ ،‬ولكف ليصنع ثق ً‬

‫السبعينات ‪ ،‬الصاخب ‪ ،‬الذي يمأل المشيد شع اًر ونقداً‬ ‫ٍ‬ ‫وحكايات ومعارؾ ‪ .‬معو أو ضده ‪ .‬تراه حمقة ىامة في‬

‫مسيرة الشعر المصري أو حج اًراً مدبباًاً وغريباً في نيرىا ‪..‬‬ ‫أنت حر ‪ .‬لكف كيؼ تتاح لؾ رفاىية أف تتجاىمو ‪.‬‬

‫باإليماف أو بالنقض أنت معو ‪ ،‬بالطبع دوف إغفاؿ الفروؽ‬

‫‪- 26 -‬‬


‫‪55‬‬

‫الطبيعية – بؿ الواجبة – بيف مشروع كؿ شاعر وآخر في‬ ‫ىذا الجيؿ أو اآلخر أو عموماً ‪..‬‬

‫سمير درويش طواؿ ىذه السنوات كاف يبحث عف سمير‬ ‫درويش ‪ ،‬عف الخروج واالنعتاؽ مف ذاتو المثقمة بتاريخ‬ ‫الشعر العربي كمو إلى ذاتو التي تكتشؼ الشعرػ وىي‬

‫تتنفس مع السماء وسط زحاـ المارة ‪ .‬كنت أحس في‬

‫دواوينو السابؽ ذكرىا " بضراوٍة " ما ‪ .‬كاف يضرب في كؿ‬ ‫اتجاه ‪ .‬يجرب بعصبية المحب الغيور الذي كمما أمسؾ‬ ‫العصي ‪،‬وكنت‬ ‫بطيؼ الحبيبة يروغ الجسد وتجاذبو ثوبيا‬ ‫ِّ‬ ‫ويقترؼ حتى‬ ‫يقترؼ‬ ‫ليذا أراه شاع اًر حقيقياً ميموماً وقمقاً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫تيؿ لحظة الخيانة الكبرى التي توجِّو الخيانات الصغيرة‬

‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ب‬ ‫في نيرىا ‪،‬والى‬ ‫مصب البد أف يكوف نائياً‬ ‫وعصياً ‪َ .‬ج َّر َ‬ ‫القصائد القصيرة والطويمة التي تعتمد عمى اإلصاتة والتي‬ ‫تمتحؼ بالمجاز الصادـ ‪ ،‬المتكئة عمى الواقع العربي وتمؾ‬ ‫التي تمتح مف االتساع الثقافي الغربي ‪ ..‬التي تتكئ عمى‬ ‫الذات‪ ،‬أو التي تدلؼ مف العالـ لمذات المتثاقفة أو‬ ‫المباشرة ‪ ..‬الخ الخ لكف بطريقو تماثؿ الشاعر القديـ الذي‬

‫‪- 27 -‬‬


‫‪55‬‬

‫كاف يجيد الكتابة في كؿ " األغراض " ليذا فكمما قابمتو‬ ‫بالصدفة ‪ ،‬وأىديتو عمالً لي يرمي ببصره عمى ديوانو ىو‬

‫ويسألني " ما ىي مساحة رضاؾ عف الدواويف السابقة ‪"..‬‬

‫كاف يسأؿ نفسو في الحقيقة ويستجدي أحداقو البندولية أف‬ ‫تكؼ عف الحركة قميالً ‪ .‬وتوقؼ بالفعؿ وسافر لمسعودية‬ ‫وقضى خمس سنو ٍ‬ ‫وكتب " خمس‬ ‫ات حج معيا إلى الرواية‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫سنو ٍ‬ ‫رممية " المكتوبة برىافة القسوة وقتميا المستمر ‪.‬‬ ‫ات‬ ‫أصدرىا ‪ 6112‬ثـ مرت بعدىا أىـ ثالث سنوات في ظني‬ ‫ألنيا التي ستشيد إمساكو ػبػ " مدخمو ِ‬ ‫وس َّكتَوُ ىو "‬ ‫لمتعبير واعادة صياغة العالـ عمى ىيئة قصيدة ‪..‬‬ ‫المرحمة الثانية التي أراىا األنضج واألكثر ثراء وغنى‬ ‫وفخاخاً أيضاً ‪ ،‬والتي أعمف فييا اعتماده طريقة "‬

‫اليوميات " – قد يحؽ لنا أف نستدعي إعالنات سعدي‬

‫يوسؼ عندما صرح بأنو ليس شاع اًر وانما " ُم َد ِّوف حياة‬ ‫"عندما سؤؿ عف يومياتو المتوالية والتي قد تتشابو أو‬ ‫تحمؿ فني ًة باىتة‪ ،‬ولكف ىييات بيف كؿ ىذا السفر والتنقؿ‬

‫والوجوه والحيوات التي تتحوؿ دائماً وتكوف زاداً ليذه المعبة‬

‫‪- 28 -‬‬


‫‪55‬‬

‫الشاقة والممتعة عند سعدي ‪ ،‬وبيف ظروؼ أي شاعر "‬ ‫غمباف " عندنا ‪ .‬يكوف األمر أصعب ‪ ،‬وربما تكوف النتائج‬ ‫أكثر عمقاً وفنية ‪،‬وىذا ىو الرىاف واالمتحاف الدائـ –‬

‫وكذلؾ حسمت نيائياً تراوحاتو الجمالية نحو القصيدة الخاـ‬ ‫البعيدة عف أي حذلقات شكمية واكتظاظ بالغي ولكنيا تَ ِعد‬ ‫– بانفتاحيا عمى كؿ الفنوف وأشكاؿ التعبير وتسامحيا‬

‫ٍ‬ ‫سطر بمخابئ وكنوز‬ ‫وكونيا ضد أي قطعية – في كؿ‬ ‫‪،‬والتي تكسر أي مقدسات فنية تاريخية كانت تمنعو مف‬ ‫ٍ‬ ‫موضوعات و ٍ‬ ‫ألعاب بعينيا بحجة البعد عف "‬ ‫طَ ْرؽ‬ ‫الفخامة " والبريؽ المغوي الذي يمأل ال ِج ْمد والمالبس واف‬ ‫كاف ال يدخؿ إلى الروح ‪ .‬قصيدة ال تتخمى عف المجاز‬

‫الجزئي واف كانت تميؿ نحو المجاز الكمي ‪ .‬قصيدة‬ ‫تساوي في القيمة بيف المبتذؿ والعادي ‪ ،‬والمتعالي ‪ .‬بيف‬

‫أي ٍ‬ ‫لساف وبيف الحكي‬ ‫أي مف تجمياتيا وعمى ِ‬ ‫الفمسفة في ٍ‬

‫‪ ..‬قصيدة ترى الشعر في خصمة ضائعة وسط كالـ بائعي‬ ‫مترو األنفاؽ بالضبط كما تراىا في سطو ٍح يتموى بالشمس‬ ‫الحارقة ‪ .‬ىذه المرحمة بدأت بديواف " يوميات قائد‬

‫‪- 29 -‬‬


‫‪55‬‬

‫فني َع َّ‬ ‫ض‬ ‫األوركست ار " ‪ 6111‬الذي صار َم ْعَب اًر‬ ‫الندياح ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عميو سمير بالنواجذ ‪ .‬األنثى التي كانت مقدسة في‬ ‫الماضي – حتى في قصيدتو ىو وا ْف بدرجات ‪ -‬ورضيت‬ ‫أخي اًر أف تتحوؿ قداستيا وأسطوريتيا إلى ٍ‬ ‫لحـ ودـ ‪ ،‬إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حاوَر درويش ىذا الكائف الذي‬ ‫طعاـ ورائحة ومممس ‪َ .‬‬ ‫رس َـ كونو الخاص‬ ‫اختصر بو الكوف وأعاد بو َ‬ ‫وع ْب َر ثناياهُ َ‬ ‫‪َ .‬ع ْب َر تفاصيؿ المرأة ووجوىيا المتعددة وأحواليا وحاالتيا‬ ‫وتشظييا واكتماليا ونقصيا وموتيا وصعودىا ‪ .‬عبر‬

‫ؼ‬ ‫جسدىا الذي أعطى الشاعر مفاتيحو‬ ‫وصفَّ َ‬ ‫َ‬ ‫فاستنشؽ َ‬ ‫َش ْعر الكائنات جميعيـ وطار بيـ ومعيـ نحو الجنة‬

‫والجحي‪ .‬أنجز في مغامرتو الكبرى ىذه عدة دواويف " مف‬ ‫أجؿ امرٍأة عابرة " ‪ " ، 6119‬تصطاد الشياطيف " ‪6100‬‬ ‫‪ " ،‬سأكوف ليوناردو دافنشي " ‪ " ،‬غراـ افتراضي " ‪6102‬‬ ‫" في عناؽ الموسيقى " ‪ " ، 6102‬أبيض شفاؼ " ‪6105‬‬

‫‪ ..‬ال يفرؽ كثي اًر إف كاف يمسكيا مف ثوبيا أو حنجرتيا أو‬ ‫حتى وعييا ‪ ،‬في قصائد قصيرة يؤرخيا ويحددىا أو‬

‫يحاذييا ثـ يسكنيا ويحتميا بالكمية في قصائد طويمة تحتؿ‬

‫‪- 30 -‬‬


‫‪55‬‬

‫مشيد الديواف بالكامؿ ‪ ..‬واآلف تستطيع أف تتابع شاع اًر‬ ‫طاوعتو المغة َّ‬ ‫ومكنتو مف قدس أقداسيا يكتب شع اًر أو‬

‫يعمؽ عمى حدث ما ‪ ..‬يصؼ يوميات مرضو في‬ ‫المستشفى بقصائد ال تقؿ عذوبة عف قَص ِ‬ ‫ِّو لسيرتو الذاتية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫صيؼ‬ ‫خمع سمير درويش أردية الشتاء الثقيمة فانطمؽ في‬ ‫لما‬ ‫دائـ ويعد حتماً بكؿ قريب وحميمي ومغامر ‪ .‬وختاماً ‪َّ ،‬‬

‫وقمت كـ‬ ‫ابتسمت‬ ‫كتب سمير مقاالً ينتقد فيو حممي سالـ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫عر ‪ ..‬وربما ليذا ىو‬ ‫ىو ٌ‬ ‫ماكر طوؿ الزماف ‪ ،‬ىذا الش ُ‬

‫ٍ‬ ‫مغو ‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬


55

- 32 -


‫‪55‬‬

‫" خالد الصاوي أو مقاومتنا الفاتنة لمفناء "‬ ‫عمي الصديؽ‬ ‫ويدخموف َّ‬ ‫كنت أرقد مريضاً واذا بالباب يدؽ ُ‬ ‫شاعر العامية جاسر جماؿ الديف ومعو أحد األشخاص ‪..‬‬ ‫كاف ىذا الموقؼ في تسعينيات القرف الماضي وكاف‬ ‫الشخص اآلخر ىو خالد محمد الصاوي الذي كنت أراه‬ ‫لممرة األولى ‪ ..‬بمجرد معرفتو أف أحد أصدقاء جاسر‬ ‫مريض انتفض وقاؿ نذىب لعيادتو ولو كاف في بمد آخر‬ ‫ولو كنت ال أعرفو ‪ ..‬عالقة خالد الصاوي بالجدعنة‬ ‫والرجولة والشيامة قديمة ومتأصمة ومكوف رئيسي في‬ ‫شخصيتو و يندر أف تجد شخصاً مف ضمف دائرة حياتو‬

‫وال يحمؿ في قمبو فائضاً مف االمتناف لوجود ىكذا شخص‬ ‫في حياتنا ‪..‬تحس بجواره باألماف وبأنو لف يتركؾ أبداً‬

‫حتى آخر قطرة في دمو وبالعكس سيياجمؾ بعنؼ إف‬

‫كنت مخطئاً ‪..‬شخص مبدأي في أوساط المثقفيف ؟ بعد‬ ‫ِع ْش َرة عشريف عاماً معيـ أعتبر ىذا األمر ناد اًر ألنيـ‬ ‫الفئة األخطر بقدرتيا عمى فعؿ التبرير وفمسفة األمور‬

‫‪- 33 -‬‬


‫‪55‬‬

‫واضفاء المشروعية عمى الموقؼ و عكسو ونقيضو كذلؾ‬ ‫‪ ..‬كاف الوجو األوؿ لخالد الصاوي الذي عرفتو بو ىو‬ ‫وجو السياسي المحرض نصير الفقراء وىو الدور والوجو‬ ‫الذي لـ يتخؿ عنو أبداً حتى أنني كنت أىاتفو أثناء وبعد‬

‫ثورة يناير وفي موجاتيا التالية راجياً إياه أف ييدأ وأف‬

‫يرتاح قميال قائالً خفؼ الوطء أرجوؾ ‪..‬كاف وىو المريض‬ ‫يبدأ المظاىرة وال يتركيا إال وىي محتدمة حتى لو كاف‬

‫المشيد في نياية النيار ىو كونو مغشياً عميو ومحموالً مف‬ ‫ٍ‬ ‫أياد مرتعشة والجميع يقوؿ أبقو يارب ‪..‬وارتبط بوجيو‬ ‫السياسي وجو الباحث في اإلسالميات وأنجز بحثاً ممتا اًز‬

‫نشره في كتابو األوؿ ويعكؼ حالياً عمى آخر ينحاز فيو‬ ‫لكؿ ما ىو مستنير وصالح لالستمرار ويق أر شرطو‬

‫التاريخي في التجربة الدينية ‪ ..‬ثـ أبت قدرتو عمى التحميؿ‬ ‫وكذلؾ عالقتو المستمرة بالثقافة إال أف تأخذ وجو الناقد‬ ‫الرصيف الذي يحب العمؿ أوالً ويتقمص شخصية كاتبو‬

‫فإذا باألعماؿ تبوح وتعطي أسرارىا لذلؾ المريد ‪ ،‬فأنجز‬

‫دراسات في شعر العامية المصرية أصدرىا في كتاب ولو‬

‫‪- 34 -‬‬


‫‪55‬‬

‫آخر يجمع دراسات الفصحى ‪ ..‬لكف ىؿ انتيت الوجوه‬ ‫المتعددة ليذه الشخصية الفريدة ؟ بالقطع ال يميؽ بمف كاف‬ ‫مثمو ىذا ‪..‬فخالد شاعر كذلؾ وناشط ثقافي مثمما ىو‬ ‫ناشط سياسي‪ ..‬فجمع بيف الكتابة وبيف محاولة ترجمة‬ ‫الرؤى التنويرية إلى طريؽ وطريقة في األداء والعمؿ وكاف‬ ‫مف حسف حظ الثقافة في بني سويؼ وخاصة بعد محرقة‬ ‫قصر الثقافة التي أصابتنا جميعاً في مقتؿ أف نكوف نحف‬ ‫ال لمنضاؿ فكاف يتصؿ بنا‬ ‫وتكوف الثقافة ِو ْجية لو ومح ً‬

‫ويحمسنا ويقترح البرامج الثقافية ويعمف بشكؿ صريح أف‬ ‫ِّ‬

‫االنتصار عمى الموت ال يكوف إال بالحياة ‪ ..‬ستجد اسمو‬

‫ونشاطو ودمو كذلؾ في كؿ ما تـ في بني سويؼ في‬ ‫السنوات األخيرة مف أنشطة ثقافية سواء في المؤسسة‬ ‫الرسمية أو في مؤسسات المجتمع المدني رغـ نوبات‬ ‫مرضو المتعددة ( وكيؼ ال يمرض وىو يضع وطنو في‬ ‫روحو ويسقيو ويرويو كؿ شمس – أقصد ىذه الجممة‬

‫‪- 35 -‬‬


‫‪55‬‬

‫بحرفيتيا ودوف مجازات) ‪ ..‬خالد الصاوي َسمِ َـ‬ ‫وسمِ َـ قمبؾ الكبير يا رفيؽ ‪..‬‬ ‫الصادؽ َ‬

‫‪- 36 -‬‬

‫ؾ‬ ‫وعي َ‬


‫‪55‬‬

‫جذور‬ ‫‪- 37 -‬‬


55

- 38 -


‫‪55‬‬

‫" بيوت مصر وروحيا الندية ‪"..‬‬ ‫إذا نظرنػػا لمتجمعػػات العمرانيػػة المصػرية وأماكنيػػا سػػنجد أف‬ ‫التقس ػ ػ ػػيـ اإلداري العتي ػ ػ ػػد يقس ػ ػ ػػـ الدول ػ ػ ػػة تقس ػ ػ ػػيماً ىرميػ ػ ػ ػاً ‪:‬‬ ‫محافظات كبيرة ذات ىيئػة مركزيػة كالقػاىرة واإلسػكندرية ثػـ‬

‫محافظػ ػ ػػات أصػ ػ ػػغر فػ ػ ػػي المسػ ػ ػػاحة واإلمكانيػ ػ ػػات و عمػ ػ ػػى‬ ‫الي ػػامش منيم ػػا من ػػاطؽ عشػ ػوائية ت ػػأوي أع ػػداداً كبيػ ػرة م ػػف‬

‫البشػػر بعيػػدة بشػػكؿ عػػاـ عػػف النظػػاـ لكنيػػا بطبيعػػة األمػػور‬ ‫تبنػ ػػي نظاميػ ػػا الخػ ػػاص ثػ ػػـ الم اركػ ػػز األقػ ػػرب ؿ ( المدينػ ػػة‬ ‫الكبيرة ) ثـ القػرى ثػـ العػزب والكفػور والنجػوع ‪ ..‬واذا ركزنػا‬ ‫نظرنػػا عمػػى األخي ػرة ‪ -‬ربمػػا بسػػبب الحنػػيف ‪ -‬نجػػد أنػػو قػػد‬ ‫يتصػػادؼ أف تكػػوف كػػؿ منػػازؿ العزبػػة أو النجػػع تنتمػػي فػػي‬ ‫األسػ ػػاس القريػ ػػب أو البعيػ ػػد لمؤسػ ػػس واحػ ػػد أو جػ ػػد أوؿ أو‬ ‫مؤس ػػس ألسػ ػرة كبي ػ ػرة أول ػػى‪ ..‬فتك ػػوف بدايػ ػػة تك ػػويف العزبػ ػػة‬ ‫( بيت واحد ) كما يقاؿ ‪ ،‬ثـ تفرع وتعددت البيػوت المنتميػة‬ ‫إليو ‪ ..‬فتسمع مف يقوؿ إف عػزبتيـ كانػت فػي األصػؿ بيػت‬

‫الحاج فالف – الػذي قػد يكػوف نازحػاً مػف مكػاف آخػر بعيػد‪-‬‬

‫‪- 39 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ثػ ػػـ أصػ ػػبحت العزبػ ػػة حالي ػ ػاً ثالثػ ػػيف بيت ػ ػاً كبي ػ ػ اًر وكميػ ػػـ أوالد‬ ‫عمومػ ػػة ‪ ..‬والعصػ ػػبية والق اربػ ػػة ليػ ػػا اعتبػ ػػار أقػ ػػرب لمقداسػ ػػة‬

‫والمعتقد حتى اآلف ‪.‬‬ ‫كانػ ػػت البيػ ػػوت قػ ػػديماً مكونػ ػػة م ػ ػف الطػ ػػوب المبنػ ػػي ويسػ ػػمى‬ ‫( الطيف األخضر‪ :‬الني ) فكانت تصنع ( معجنػة ) مخمػرة‬

‫بػػالتراب والتػػبف – المتخمػػؼ م ػػف الز ارعػػة وىػػو نفسػػو غ ػػذاء‬ ‫لمحيػ ػواف‪ -‬ث ػػـ ُيت ػػرؾ العج ػػيف لع ػػدة أي ػػاـ ف ػػي الش ػػمس حت ػػى‬ ‫ص ػػب فيي ػػا ى ػػذا الطم ػػي‬ ‫يتخم ػػر وتُص ػػنع قوال ػػب خش ػػبية ُ‬ ‫وي َ‬

‫ويتػػرؾ ليجػػؼ ثػػـ تُبنػػى بػػو البيػػوت ‪ ..‬ومميػزات ىػػذا الطػػوب‬ ‫ُ‬ ‫ػس‬ ‫وي ِح ُّ‬ ‫أنػو رطػب وبػارد فػي الصػيؼ ومحتمػؿ فػي الشػتاء ( ُ‬ ‫اإلنس ػػاف باأللف ػػة م ػػع ى ػػذه البي ػػوت الطيني ػػة ألف اإلنس ػػاف –‬ ‫حسب المعتقػد الػديني‪ُ -‬خمػؽ مػف الطػيف ) ويمسػؾ بػيف كػؿ‬ ‫طوبػػة وأخػػرى طمػػي لبنػػي فيتماسػػؾ البنيػػاف ‪ ..‬ثػػـ دؽ نفيػػر‬ ‫الحضػػارة وتحولػػت م ػواد البنػػاء إلػػى األقػػؿ طبيعيػػة واألكثػػر‬ ‫ماديػػة – إف صػػح التعبيػػر‪ -‬فكػػانوا يصػػنعوف مػػا يسػػمى ب‬ ‫( القُ ْمػ ػراف ‪ ..‬جم ػػع قَمي ػػر) وتس ػػمى طينتي ػػا ( ُح ْم ػ َػرة ) وى ػػي‬ ‫( كسػػر الطػػوب األحمػػر المفتػػت ومعيػػا جيػػر أبػػيض ) وىػػذا‬

‫‪- 40 -‬‬


‫‪55‬‬

‫الخمػػيط ىػػو المػػازج بػػيف الطػػوب األحمػػر الػػذي ينضػػج فػػي‬ ‫النػػار‪ ..‬كػػاف ذلػػؾ قبػػؿ وجػػود مصػػانع الطػػوب األحمػػر ذات‬ ‫الشػ ػػكؿ االسػ ػػطواني الطويػ ػػؿ التػ ػػي تشػ ػػبو البػ ػػرج ويتصػ ػػاعد‬ ‫دخانيا األسود في السماء ‪ ..‬ىذا الطوب األحمػر كػاف قبػؿ‬ ‫ىػػذه المصػػانع ُيصػػنع يػػدوياً ‪ :‬تُبنػػى كتمػػة مػػف الطػػوب المبنػػي‬ ‫ينف ػػتح بي ػػا ( عي ػػوف ) م ػػف أس ػػفؿ ‪ ،‬توض ػػع بي ػػا ( ال ػػبالؾ‬ ‫ويتػرؾ ىػذا‬ ‫ويشعؿ فييا النار ثالثيف يوماً تقريبػاً ‪ُ ،‬‬ ‫األسود ) ُ‬ ‫الطػػوب ليبػػرد (مػػع مالحظػػة أنػػو ُيَبػ َّػرد بػػدوف مػػاء) ‪ ..‬ونعػػود‬ ‫لكالـ الجدود الذيف فزعوا مف الطوب األحمػر ألنػو ( قاسػي‬

‫) و ُيصػ ػػنع مػ ػػف النػ ػػار أمػ ػػا الطػ ػػوب المبنػ ػػي فمػ ػػيِّف وأقػ ػػرب‬ ‫لإلنس ػػاف ‪ ..‬لي ػػذا ق ػػاوموا الط ػػوب الحػ ػراري لفتػ ػرات لص ػػالح‬

‫الط ػػوب المبن ػػي ‪ ..‬وبع ػػدما زحف ػػت المدنيػ ػة وف ػػرض الط ػػوب‬ ‫ػت تسػػتمع لمصمصػػة الشػػفاه والغضػػب‬ ‫الح ػراري نفسػػو ‪ ،‬كنػ َ‬ ‫عمى ىذا اإلنساف الذي يبتعد ( عف أصمو ) ‪..‬ىذا اإلنساف‬ ‫الػ ػػذي يعبػ ػػث فػ ػػي الطبيعػ ػػة ويفسػ ػػد بكارتيػ ػػا ويخػ ػػرج خبثيػ ػػا‬ ‫المخبػػوء ‪ ..‬ويحػػؿ أواف ىػػذه الحكمػػة مػػع اشػػتداد الحػ اررة فػػي‬ ‫الصػػيؼ ‪ ..‬فمػػو رش النػػاس المػػاء عمػػى حػوائط البيػػوت تيػػؿ‬

‫‪- 41 -‬‬


‫‪55‬‬

‫النسػػمات الطريػػة لكػػف مػػع الطػػوب الحػراري ‪ ،‬مػػف أيػػف تػػأتي‬ ‫النسػػمات واألسػػاس ( نػػاري ) !! تحولػػت البيػػوت إذف مػػف‬ ‫البيػػوت الطينيػػة إلػػى الحديثػػة فػػي أغمػػب الم اركػػز والمػػدف ثػػـ‬ ‫فػػي القػػرى لكنػػؾ تجػػدىا أيض ػاً فػػي المػػدف الكبي ػرة ذاتيػػا فػػي‬

‫بعػ ػػض األزقػ ػػة والح ػ ػواري الضػ ػػيقة وكػ ػػذلؾ منػ ػػاطؽ وش ػ ػوارع‬ ‫كامم ػػة ف ػػي الق ػػرى والع ػػزب ‪ ..‬وي ػػدؿ اس ػػتمرار ى ػػذه البي ػػوت‬ ‫الطينيػػة عمػػى الفقػػر المػػدقع وتػػدني مسػػتوى الػػدخؿ ‪ ..‬حيػػث‬ ‫أف أوؿ مظػػاىر تحسػػف الػػدخؿ وأوؿ خطػػوة وأكبػػر حمػػـ فػػي‬ ‫األمػػاكف الطػػاردة لمعمالػػة ‪ ،‬وبعػػد السػػفر لمعمػػؿ فػػي القػػاىرة‬ ‫واإلس ػػكندرية وغيرىم ػػا م ػػف المحافظ ػػات الكبيػ ػرة ‪ ،‬ث ػػـ ال ػػدوؿ‬ ‫العربيػ ػػة بعػ ػػد مرحمػ ػػة السػ ػػبعينات ‪ -‬ىػ ػػو بنػ ػػاء بيػ ػػت حػ ػػديث‬ ‫يسػ ػ ػػمح ببنػ ػ ػػاء أدوار فوقػ ػ ػػو لسػ ػ ػػكف األوالد ‪ ..‬ىػ ػ ػػذه البيػ ػ ػػوت‬ ‫الحديثػػة يسػػمييا الروائيػػوف المص ػريوف ‪ ،‬خاصػػة فػػي أجيػػاؿ‬ ‫السػ ػ ػ ػػتينيات والسػ ػ ػ ػػبعينيات ( العمػ ػ ػ ػػب األسػ ػ ػ ػػمنتية ) ألنيػ ػ ػ ػػا‬ ‫اس ػػتبدلت البس ػػاطة والطيب ػػة – وك ػػذلؾ الق ػػرب م ػػف الطبيع ػػة‬ ‫وصحة اإلنساف‪ -‬بالبرود والقبح وانفراط عقد التواد والتػراحـ‬ ‫واسػ ػ ػػتبدالو بوحػ ػ ػػدة اإلنسػ ػ ػػاف واكتفػ ػ ػػاءه بنفسػ ػ ػػو فػ ػ ػػي سػ ػ ػػجنو‬

‫‪- 42 -‬‬


‫‪55‬‬

‫األسمنتي المسػمط ‪ ..‬ومػف الوحػدات التػي فقػدىا النػازح مػف‬ ‫القريػػة إلػػى المدينػػة ‪ :‬الفػػرف الطينػػي ‪ ،‬الػػذي يقػػاد مػػف عفػػش‬ ‫البػ ػ ػػوص وروث البيػ ػ ػػائـ والػ ػ ػػذي كػ ػ ػػانوا ينػ ػ ػػاموف فوقػ ػ ػػو فػ ػ ػػي‬ ‫الشتاء ‪..‬‬ ‫كانػ ػت البي ػػوت الس ػػويفية القديم ػػة ‪ -‬الكبيػ ػرة مني ػػا بال ػػذات ‪-‬‬ ‫تتمي ػػز بالس ػػقوؼ العالي ػػة وذل ػػؾ لزي ػػادة التيوي ػػة – أو لك ػػي‬ ‫يػػدور الي ػواء براحتػػو وبػػال ح ػواجز كمػػا كػػاف يقػػاؿ‪ -‬وكانػػت‬ ‫الحيطػػاف عريضػػة والنوافػػذ عاليػػة يصػػؿ بعضػػيا ؿ‪ 6‬متػػر‬ ‫طػػوؿ ‪ x 0.51‬متػػر عػػرض واألسػػقؼ كانػػت قػػديماً تُصػػنع‬ ‫م ػ ػػف الخش ػ ػػب ( ع ػ ػػروؽ رفيع ػ ػػة وطويم ػ ػػة وألػ ػ ػواح مس ػ ػػطحة‬

‫وعريضة ) وقػديماً أكثػر‪ ،‬كانػت ىػذه األخشػاب مػف ( حػزـ‬

‫جريػ ػ ػػد النخيػ ػ ػػؿ الناشػ ػ ػػؼ ) ‪ ..‬وتتميػ ػ ػػز األخشػ ػ ػػاب بالمتانػ ػ ػػة‬ ‫والمرونػػة بمػػا يسػػمح بتعػػدد األدوار المعقػػوؿ ‪ ..‬لكػػف األمػػر‬ ‫اختمؼ كمية في المباني الحديثة فأصبحت التقسػيمات أشػبو‬ ‫بالمربعػػات األضػػيؽ وسػػيئة التيويػػة وبالتػػالي بػػرزت مشػػكمة‬ ‫الح اررة التي تحتاج معيا البيوت لممراوح والتكييػؼ بعػد ذلػؾ‬

‫وىو ما لـ يكف مطروحاً قديماً ‪ ..‬وعمومػاً يحػب المصػريوف‬

‫‪- 43 -‬‬


‫‪55‬‬

‫أف تكػػوف بيػػوتيـ ( َب ْحريػػة ) وليسػػت ( ِقْبميػػة ) أي أف يكػػوف‬ ‫البيت أقرب التجاه الشماؿ وليس لمجنػوب تجاوبػاً مػع اتجػاه‬

‫سير اليواء الطبيعي ‪...‬‬

‫بالنسػػبة لمػػدىاف كػػاف قػػديماً مػػف الجيػػر األبػػيض وبعػػد ذلػػؾ‬ ‫أصبحت طبقة مف البالستيؾ تمتزج بػو لتضػمف لػو العػيش‬

‫أطوؿ ثـ دخمت الػدىانات الحديثػة وتنوعػت طرقيػا وألوانيػا‬ ‫‪ ..‬وكان ػػت اإلض ػػاءة عب ػػارة ع ػػف لمب ػػة بشػ ػريط م ػػف القط ػػف‬ ‫والغػػاز األبػػيض فػػي عمبػػة زجاجيػػة و بيػػا رأس زجػػاجي أقػػؿ‬ ‫السػ ػ ْػمؾ فػ ػػي أعالىػ ػػا ‪ ..‬وعنػ ػػد تواجػ ػػد الضػ ػػيوؼ كػ ػػاف‬ ‫فػ ػػي ُ‬ ‫أصػػحاب البيػػوت يطمبػػوف مػػف بعضػػيـ ( فػػانوس َّ‬ ‫بكبػػاس )‬ ‫وبداخمو ( رتينة ) وىي ( ِفتَؿ ح ارريػة ) تخمػؽ إضػاءة أقػوى‬

‫‪ ..‬ث ػػـ دخم ػػت الكيرب ػػاء ك ػػؿ البي ػػوت واألم ػػاكف ‪ ..‬وتختم ػػؼ‬

‫منػػازؿ العػػائالت الكبي ػرة س ػواء فػػي المػػدف أو فػػي التجمعػػات‬ ‫األص ػػغر ع ػػف بي ػػوت الفقػ ػراء ‪ ،‬حي ػػث تك ػػوف األخيػ ػرة ع ػػادةً‬ ‫أق ػ ػػرب لمتش ػ ػػابو والتماث ػ ػػؿ والعادي ػ ػػة والبس ػ ػػاطة ف ػ ػػي تكويني ػ ػػا‬ ‫المعم ػ ػػاري أم ػ ػػا األول ػ ػػى فتُش ػ ػ ِ‬ ‫ػاىد فيي ػ ػػا نقوشػ ػ ػاً روماني ػ ػػة أو‬

‫منحوتػػات ألطفػػاؿ أقػػرب لممالئكػػة وتماثيػػؿ متفاوتػػة األحجػػاـ‬

‫‪- 44 -‬‬


‫‪55‬‬

‫عم ػػى ب ػػدايات س ػػاللـ الم ػػداخؿ وورود منحوت ػػة عم ػػى النواف ػػذ‬ ‫التػ ػػي يصػ ػػؿ حجميػ ػػا فػ ػػي البيوتػ ػػات العريقػ ػػة لحجػ ػػـ وطػ ػػوؿ‬ ‫اإلنساف ذاتػو ‪ ،‬وتكػوف األبػواب مػف فػوؽ عمػى ىيئػة نصػؼ‬ ‫دائرة أو مسػطحة ويكػوف المػزالج عمػى شػكؿ تمسػاح أو أبػو‬ ‫اليوؿ أو كػؼ مضػمومة تحمػؿ كػرة ‪ ..‬غػرؼ ىػذه القصػور‬ ‫متسعة جداً والسقؼ عاؿ تزينػو الرسػوـ والنقػوش ‪ ..‬وتسػمى‬ ‫غرؼ الدور األوؿ ( المنادر ‪ ..‬جمع مندرة ) وىي الغػرؼ‬ ‫المع ػػدة لمض ػػيوؼ دائم ػػي حض ػػور األمس ػػيات الص ػػيفية ‪ ،‬أو‬ ‫لضػػيوؼ المناسػػبات ‪ ..‬ويكػػوف بيػػذا الػػدور المطػػبخ وممحػػؽ‬ ‫بو غرؼ لمخزيف وكذلؾ أكثر مػف دورة ميػاه ( كانػت تسػمى‬ ‫" المح ػػؿ" أو بي ػػت ال ارح ػػة ) أم ػػا ال ػػدور الث ػػاني المع ػػد لمن ػػوـ‬ ‫فتتجاور فيو غرؼ النوـ المتعػددة وبينيػا ( طُ ُرقػات ‪ ..‬جمػع‬ ‫طُ ْرقػػة وىػػي الممػػر بػػيف وحػػدتيف ) وحمامػػات ‪ ..‬ي ػربط بػػيف‬ ‫الػدوريف سػمـ ضػخـ دائػري عػػادة ومػزيف بػالنقوش فػي بدايتػػو‬

‫تمثػ ػػاؿ وعنػ ػػد نيايتػ ػػو كػ ػػذلؾ ودرجاتػ ػػو واسػ ػػعة وعريضػ ػػة ‪..‬‬ ‫وتتميز البمكونات بأنيػا عػادة عمػى شػكؿ نصػؼ دائػرة كبيػرة‬ ‫ومتسعة ومزينة طبعاً بػالنقوش وعاليػة بشػكؿ ممفػت ( لتطػؿ‬

‫‪- 45 -‬‬


‫‪55‬‬

‫عم ػػى الخ ػػدـ والفقػ ػراء م ػػف َع ػ ٍػؿ ! ) لك ػػف المش ػػيد المؤس ػػؼ‬ ‫والمحزف أف يرى المرء عممية ىدـ لبيػت بمثػؿ ىػذه الفخامػة‬ ‫وىػػذا الفػػف والجمػػاؿ واإلتقػػاف الفنػػي الممفػػت فػػي سػػبيؿ بنػػاء‬ ‫عمارة سكنية تتكوف مػف عػدة طوبػؽ متماثمػة مت ارصػة كأنيػا‬ ‫عمب بال فرؽ بينيا وال تمييز ‪..‬‬ ‫ك ػ ػػاف الجمي ػ ػػع – سػ ػ ػواء ف ػ ػػي الم ػ ػػدف أو الق ػ ػػرى الس ػ ػػويفية –‬ ‫يحرصػػوف عم ػػى تػ ػزييف واجي ػػات المب ػػاني ب ػػالنقوش والرس ػػوـ‬ ‫فنقاب ػػؿ م ػػثال رس ػػماً‬

‫( لمزن ػػاتي خميف ػػة ) بتكوين ػػو األق ػػرب‬

‫لمس ػػبع وشػ ػواربو الطويم ػػة ‪ ..‬أو ي ػػنقش الش ػػخص وى ػػو يبن ػػي‬ ‫منزلػػو صػػورة ثعبػػاف أو حمامػػة وىػػي أمػػور متوارثػػة مػػف أيػػاـ‬ ‫الفراعنػػة ‪ ،‬أو رسػػـ ( مػػار جػػرجس ) وىػػو يصػػرع التنػػيف و‬ ‫نق ػ ػ ػػش لمص ػ ػ ػػميب ف ػ ػ ػػوؽ الب ػ ػ ػػاب الرئيس ػ ػ ػػي ‪ ،‬ى ػ ػ ػػذا بالنس ػ ػ ػػبة‬ ‫لممس ػػيحييف ‪ ..‬ويعتب ػػر الح ػػج وزي ػػارة الكعب ػػة والرس ػػوؿ عن ػػد‬ ‫المسمميف ىو الفرحة الحقيقية ‪ ،‬فتجد رسػمة البػاخرة ( حاليػاً‬ ‫الطائرة ) عمى واجية البيت وبجوارىػا صػورة الكعبػة وتكتػب‬

‫عبػػارات مػػف عينػػة حػػديث الرسػػوؿ ( ص ) " مػػف زار قبػػري‬ ‫وجبػػت لػػو شػػفاعتي " أو " جيتػػؾ يػػا نبػػي اهلل " أو " مقامنػػا‬

‫‪- 46 -‬‬


‫‪55‬‬

‫بقػػى عػػالي بزيػػارة النبػػي الغػػالي " و كػػذلؾ " ألػػؼ مبػػروؾ يػػا‬ ‫حاجة فالنة " أو " الحاج فالف ‪ " ..‬مػع تغمػيظ كممػة الحػاج‬ ‫أو الحاجة في الكتابة ‪ ..‬وعند خروج ىذا الحاج أو الحاجػة‬ ‫إلػى السػػفر المقػدس يتوافػػد أىػالي البمػػدة جميعػاً لمسػػالـ عميػػو‬

‫وق ػراءة الفاتحػػة معػػو عمػػى أف يػػدعو ليػػـ ويخػػرج الحػػاج فػػي‬ ‫زفػػة إلػػى مكػػاف مغادرتػػو ‪ ،‬وتتكػػرر نفػػس الطقػػوس إذا عػػاد‬ ‫فالجميع يستقبمو والجميع يصير بعدىا يتبرؾ بػو وال ينادونػو‬ ‫بدوف المقب الغالي " الحاج " ‪..‬‬

‫وعنػدما نػػذكر الػػزواج نتػػذكر أف شػكمو الوحيػػد قػػديماً كػػاف أف‬ ‫ُيم ػ َػنح ك ػػؿ ول ػػد غرف ػػة تس ػػمى ( مقع ػػد ) ف ػػي نف ػػس البي ػػت ‪،‬‬ ‫فوجود األسرة كميا في حيز واحد ىػو الطبيعػي والمعتػاد أمػا‬ ‫سػ ػػكنى الولػ ػػد بعيػ ػػداً عػ ػػف أبيػ ػػو فداللػ ػػة عمػ ػػى عقػ ػػوؽ االبػ ػػف‬ ‫وغضب الوالػد عميػو ‪ ..‬وميمػا كػاف عػدد أوالد األسػرة الػذيف‬

‫ىـ نتاج زواج األبناء ‪ ،‬كبي اًر ‪ ،‬إال أف الجميػع كػاف يحػرص‬ ‫عمػػى التجمػػع فػػي أوقػػات الطعػػاـ ( عمػػى طبميػػة واحػػدة ) ‪..‬‬ ‫وفي األعياد يجمس الجد الكبير في الصدارة ويتػدافع األوالد‬ ‫واألحفػػاد ليأخػػذوا ( العيديػػة ) بعػػد تقبيػػؿ يػػد كبيػػر العائمػػة ‪..‬‬

‫‪- 47 -‬‬


‫‪55‬‬

‫وتجدر اإلشارة ىنػا أنػو ‪ ،‬إف كػاف لمرجػؿ الصػدارة واالحتػراـ‬ ‫المبػػدئي والطبيعػػي غيػػر القابػػؿ لمتغيػػر والتبػػدؿ إال أف المػرأة‬ ‫سػواء فػػي المػػدف أو فػػي القػػرى و النجػػوع و مػػا شػػابو ‪ ،‬ىػػي‬ ‫المحرؾ الحقيقي لكؿ األمور الحياتيػة حتػى ال ينػزؿ الرجػاؿ‬ ‫لمستوى المياـ الصغيرة حيث يكفييـ الزراعة ( التي تعػاوف‬ ‫الم ػ ػرأة فييػ ػػا أيض ػ ػاً !) ‪ ..‬ولوقػ ػ ٍ‬ ‫ػت قريػ ػػب كػ ػػاف أىػ ػػؿ الػ ػػبالد‬

‫الصػػغيرة ال يرحبػػوف بتحديػػد النسػػؿ لسػػبب قػػديـ يتجػػدد مػػع‬ ‫ثبػػات األح ػواؿ الصػػعبة ىػػو أف يسػػاىـ الجميػػع ( بمػػا فػػييـ‬ ‫األوالد ) فػ ػػي تسػ ػػيير سػ ػػفينة األس ػ ػرة االقتصػ ػػادية ‪ ..‬فػ ػػي‬ ‫النياية سنجد أف مصػر ال ازلػت تتبػع الترتيػب ( الييراركػي )‬ ‫‪ :‬فالقاعػػدة ىػػي المػػدف الكبيػػرة التػػي تتمتػػع بوجػػود المصػػالح‬ ‫الحكوميػػة المركزيػػة وتػوافر فػػرص العمػػؿ ثػػـ المحافظػػات ثػػـ‬ ‫الم ارك ػ ػػز ث ػ ػػـ الق ػ ػػرى ث ػ ػػـ الكف ػ ػػور والنج ػ ػػوع والع ػ ػػزب ‪ ..‬لك ػ ػػف‬ ‫اليجػرات الداخميػػة والخارجيػػة وتغيػػر أنمػػاط وأشػػكاؿ الكسػػب‬ ‫وفرص العمؿ وثورة االتصاالت وتطور وسائؿ المواصػالت‬

‫يغير ويبدؿ في التركيب الديموجرافي بػؿ ويعيػد رسػـ وانتػاج‬

‫‪- 48 -‬‬


‫‪55‬‬

‫التوازنات التي تُ َسيِّر األمػور وتخمػؽ األعػراؼ والعػادات كػؿ‬ ‫يوـ ‪..‬‬

‫‪- 49 -‬‬


55

- 50 -


‫‪55‬‬

‫" حكايــات شــعبية مــن محافظــة بنــي ســويف "‬

‫جمع ‪ /‬مؤمن سمير‬

‫* أوالً حكايات شعبية ِح َكمية ‪:‬‬ ‫* الحكاية األولى ‪:‬‬ ‫كـــان فيـــو جمـــل وحمـــار أصـــحابيم بيح ّممـــوا عمـــييم فـــي‬ ‫الشغل‪..‬فالحمار قال لمجمل يال نيرب منيم‪..‬وفعالً اسـتنوا‬ ‫لمــا الميــل جــو وىربـوا فــي الصــحرا‪..‬وىما ماشــيين الحمــار‬ ‫قال لمجمل أنا فيو جوايا صـوت يعنـي عـايز انيق‪..‬الجمـل‬ ‫قالو عمشان خاطري إوعى تعمل زيطة أحسن حـد يسـمعنا‬

‫فيعرف ـوا َّ‬ ‫مكانا‪..‬الحمــار قالــو متخــافش يــا أخــي دانــا حتــى‬ ‫بــانيق بصــوت واطــي خــالص وفع ـالً بــدأ ينيــق بشــويش‬ ‫وبعـــدين الحمـــاس أخـــده فصـــوتو بقـــى يعمـــى ويعمـــى لحـــد‬ ‫ماسمعو جماعة تجار كانوا ماشيين فراحوا ناحية الصـوت‬

‫ولقــوا الحمــار والجمــل ‪..‬فرحــوا ومســكوىم وشــغموىم فــي‬ ‫شــــــيل ا‪.‬شــــــولة‪...‬بقى الجمــــــل متغــــــاظ ومــــــش قــــــادر‬

‫‪- 51 -‬‬


‫‪55‬‬

‫يتكمم‪..‬التجـــار ح اممـــوا عمـــييم جامـــد فـــي الشـــغل لحـــد مـــا‬ ‫قـرب يغمـى عميـو وِب ِـرك مكانـو‪..‬راح التجـار شـالوه‬ ‫الحمار ّ‬ ‫وحطّـــوه عمـــى الجمـــل الغمبان‪..‬فـــاق الحمـــار وقـ ّــرب راســـو‬ ‫ناحيــة راس الجمــل وقالــو ازيــك ياجمــل ‪...‬ســكت الجمــل‬ ‫وبعــدين قالــو أنــا المــي مطــان مــن المبتــدا لممنتيــى ألنــي‬

‫مشيت و ار كالم حمار !!!‬

‫المصدر ‪ /‬سيد محمد عمي مفتـاح‪ ،‬قريـة " بمفيـا " التابعـة‬ ‫لمحافظة بني سويف ‪ 97 ،‬سنة ‪ ،‬فالح ‪.‬‬ ‫* الحكاية الثانية ‪:‬‬ ‫كـــان فيـــو بمـــد صـــغيرة كـــل أىميـــا طيبـــين و البـــة وكـــانوا‬ ‫بيجمعوا من كل واحـد مـنيم كيمـة درة شـامي وكيمـة شـعير‬ ‫ويحطوىم في يوم معين في السنة في طاحونة قديمـة فـي‬

‫النيــار عشــان العفريــت ييجــي بالميــل ياخــد ال َغمَّة‪...‬قعــدوا‬ ‫عمــى الموضــوع ده ســنين طويمــة لحــد مــا صــادف إن كــان‬ ‫فايـــت عمـــى البمـــد راجـــل عاقـــل وحكـــيم فـــي نفـــس اليـــوم‬ ‫بتـودوا رزقكــم فـي الطاحونـة فقالولــو‬ ‫الموعود‪..‬سـأليم ليـو ّ‬

‫‪- 52 -‬‬


‫‪55‬‬

‫عشـــــان العفريــــــت مــــــن أيــــــام الجــــــدود بييجــــــي بالميــــــل‬ ‫وياخـــدىم‪...‬فيم الراجـــل إن فيـــو حرامـــي بيضـــحك عمـــييم‬ ‫ويســرقيم‪..‬قاليم طيــب أنــا النيــارده رايــح أقابــل العفريــت‬

‫عشــان أقنعــو يســيبكم ومــا يخــدش حاجــاتكم قالولــو انــت‬ ‫مجنون ؟ حد يعرف يشوف العفريت ! ارجع أحسن ياكمـك‬

‫قــــاليم ماتخــــافوش كــــل واحــــد بياخــــد نصــــيبو‪..‬قعد فــــي‬ ‫الطاحونة واستخبى لغاية الميل ماجو ولقى الحرامي داخـل‬ ‫فـراح عامــل صــوت مرعــب وقالــو اســتنى عنــدك رايــح فــين‬

‫‪..‬الحرامــــي اترعــــب وقالــــو انــــت مين‪..‬قالــــو أنــــا عفريــــت‬ ‫والمكــان ده عجبنــي ومــش ىاســيبو‪..‬لو شــفتك تــاني ىنــا‬ ‫أىوب من الحتو دي تـاني أبـداً‬ ‫ىاسخطك قرد‪...‬قالو توبو ا‬ ‫أبـــداً أبـــداً‪ ...‬الراجـــل نـــده نـــاس البمـــد وفيميـــم الحقيقـــة‬

‫ورجعميـــم حاجـــاتيم ‪..‬ومـــن يومييـــا بقـــوا النـــاس يحكـــوا‬ ‫لــبعض ويقول ـوا صــدق المثــل المــي بيقــول " ماعفريــت إال‬

‫بني آدم "‪....‬‬

‫المصدر‪ /‬عطية مسعود نـاجي‪ ،‬قريـة " ىربشـنت " التابعـة‬ ‫لمركز ببا محافظة بني سويف‪ 97،‬سنة‪ ،‬فالح‪.‬‬

‫‪- 53 -‬‬


‫‪55‬‬

‫* الحكاية الثالثة ‪:‬‬

‫كان مرة فيو واحد فايت عمى واحد واقف جنـب بيـر ـويط‬

‫‪ ..‬رمــى عميــو الســالم بصــوت عــالي راح الراجــل اتخــض‬ ‫ووقع في البير‪..‬أىل الراجل الميـت قعـدوا مـع أىـل الراجـل‬

‫ضـ ْـو فـي" قعــدة عــرب " يعنـي زي المحكمــة بــالظبط‬ ‫المـي َخ ُّ‬ ‫‪ ..‬ناس عاقمة وكبيرة تحكم بين الطرفين‪ ..‬الميم إنو كـان‬

‫الم َح اكمـــين ُم َح اكـــم مشـــيور وعاقـــل مـــن البـــدو‪...‬‬ ‫وســـط ُ‬ ‫انعقدت الجمسة وتأخر المح اكم البدوي وقت كبير لغاية مـا‬ ‫الناس اتضايقوا‪ ..‬وبعدين وصل وىـو البـس عمامـة كبيـرة‬ ‫وراح داخل عمى القعدة ومار ماش السالم عمـى القاعـدين‬

‫وقعــد عمطــول‪ ..‬النــاس اســتغربوا وزعم ـوا وقــالوا دي بــاين‬ ‫عمييــا " ِع َّمــو عمــى ِب ِي َّمــو " وكــانوا بيقصــدوا إنــو تصــرف‬

‫مــش حكــيم ‪ ..‬فــرد عمــييم وقــال ال واهلل دي " ِع َّمــو عمــى‬ ‫ِف ِي َّمو " ‪ ..‬قالوا ازاي ؟ قال أصـل لـو رميـت عمـيكم السـالم‬ ‫ىتقعــوا ميتــين زي الراجــل المــي رمــى الســالم عمــى واحــد‬ ‫فمات‪ ...‬ففيموا قصده وحكموا ببراءة المتيم ألنو مكانش‬

‫‪- 54 -‬‬


‫‪55‬‬

‫قاصـــده يموتـــو إنمـــا نصـــيبو كـــان كـــده‪ ...‬يعنـــي قضـــاء‬ ‫وقدر‪....‬‬

‫المصدر‪ /‬أحمد جميل كامل‪ ،‬مركز أىناسـيا‪ ،‬محافظـة بنـي‬

‫سويف‪ 9ٓ ،‬سنة‪ ،‬فالح ‪.‬‬

‫‪- 55 -‬‬


‫‪55‬‬

‫* ثانياً ‪ :‬من طرائف الطيبين في بعض قرى مركز الفشـن‬

‫التابع لمحافظة بني سويف ‪:‬‬ ‫قرية " طال " ‪:‬‬

‫طب مفـتش التعمـيم عمـى مدرسـة البمـد القاىـا فاضـية ‪ :‬ال‬ ‫تالميذ وال ىيئة تدريس وال إدارة والخفير نايم جنـب البـاب‬

‫سطيحة ‪ ..‬صحاه واستفسر عـن سـبب الغيـاب خصوصـي‬ ‫إن النيارده التالت قال الخفير‪ :‬يعنـي انـت يافنـدي عـايز‬ ‫النـــاس تيجـــي الشـــغل يـــوم الجمعـــة!! رد المفـــتش يـــابني‬ ‫النيـــارده الـــتالت وانـــا لســـو جـــاي مـــن ا‪.‬دارة التعميميـــة‬

‫‪..‬فاستغرب الغفير وقالو ‪َ :‬ك َّنك مجنون ( = كأنك مجنـون)‬ ‫يافندي صدقني النيارده الجمعـة ! فمشـي المفـتش وركـب‬ ‫العربية وسأل الكل فييا فأكدوا إن النيـارده الجمعـة فرجـع‬

‫المفــتش وقــال لزمالتــو فــي الشــغل ‪ :‬أنــا خرجــت الســاعة‬ ‫ســبعة الصــبح والنيــارده الــتالت ورجعــت الســاعة عشــرة‬

‫والنيارده الجمعة !‬

‫‪- 56 -‬‬


‫‪55‬‬

‫قرية " الجميود " ‪:‬‬ ‫كــان فيــو مجموعــة مــن أىــل البمــد راكبــين المركــب عشــان‬ ‫نقل جتة واحد متوفي لممدافن في الشرق ( شرق النيـل )‬

‫فاتخـانقوا مــع بعـض فقــال واحـد ‪ :‬اىــدوا واخرسـوا دا احنــا‬ ‫عمى كف الرحمن ‪..‬فحك واحـد ناصـح مـنيم دقنـو وقـال ‪:‬‬

‫ىو إيو ده ‪ ..‬يعني لو الرحمن َك َرش ‪..‬يكبنا في البحر!‬ ‫قرية " بني صالح " ‪:‬‬

‫واحد سأل راجل بقى ني فجأة عن سبب ِ ناه فقالو ‪:‬أنـا‬ ‫بـــادعي ربنـــا دايمـــا ولـــو دعتمـــو وانـــت مغمـــض ولوحـــدك‬ ‫ىيخميك ني عمطـول ‪..‬فـراح الراجـل عمـى يطـو واتوضـا‬

‫وصــمى الول نوبــة ف حياتــو وفضــل يقــول ‪ :‬يــارب خمينــي‬ ‫العفَـــرة قامـــت وك ابتـــو‬ ‫نـــي يـــارب خمينـــي نـــي ‪..‬وفجـــأة َ‬ ‫(أسقطتو ) عمى وشو فشوح بيده وبـص لمسـما وقـال ‪ :‬أل‬

‫أل بس ماتزقش!‬

‫‪- 57 -‬‬


‫‪55‬‬

‫قرية " نزلة حنا " ‪:‬‬ ‫كان القسيس بيقول وعظتو في الكنيسة و لما الحظ إنيـم‬

‫مش منتبيين بقى يمر عمى كل واحد يقولو قولي آية من‬ ‫الكتاب المقدس تبتدي بحرف كذا ‪ ..‬لغايـة مـا وصـل عنـد‬ ‫واحد نعس قوي فيزه وقالـو عـايزين آيـة تبـدأ بحـرف ال ايـو‬ ‫(الياء) فرد بسرعة ‪ :‬يا ‪..‬يا قاعدين يكفيكـوا شـر الجـايين‬

‫!‬ ‫عزبة " جرجس " التابعة لقرية " إقفيص " ‪:‬‬ ‫كان القسيس بيقول وعظتو فـي الكنيسـة ولمـا وصـل لحـد‬ ‫إنـــو قـــال إن المســـيح بعـــدما اتصـــمب وانـــدفن وقـــام مـــن‬ ‫األمـوات وصــعد إلــى أبــوه الســماوي ىينــزل مــرة تانيــة فــرد‬ ‫واحد وقال ‪ :‬يعني يابونا ىو ماتابش مـن العمقـة األوالنيـة‬ ‫وال إيو !‬

‫‪- 58 -‬‬


‫‪55‬‬

‫قرية " الفنت الشرقية " ‪:‬‬ ‫اشتكى واحد من وجع في كميتو فراح لمدكتور الي سـألو ‪:‬‬

‫أنيــي جنــب واجعــك ياحــاج ؟ فــرد عميــو ‪ :‬مــش جنبــي دي‬ ‫ِشـقاتي يـاداكتور! فالـدكتور قـال ‪ :‬ماشـي يـاعم إنمـا أنيـي‬ ‫واحدة فييم ؟ قالو‪ :‬واهلل ياداكتور وانا نايم عالفرن بتبقـى‬ ‫ِ‬ ‫الش ـقَّو المــي واجعــاني ىــي المــي ناحيــة بيــت أبــو جــابري‬ ‫بالظبط !‬ ‫قرية " بني منين " ‪:‬‬

‫حصل إن عجل صغير عطش فمر عمـى زيـر َّ‬ ‫ودخـل راسـو‬ ‫فيو عشان يشرب لكنو ماعرفش يطمع راسو فقعـد يبـركس‬

‫(يضــرب بشــدة) برجميــو ويخــبط راســو بــالزير فــي النــاس‬ ‫فقــــال العمــــدة ‪ :‬مــــافيش حــــل يــــر إننــــا نقطــــع راســــو‬ ‫!‪..‬وقطعوىــا فع ـالً بــس ال ـراس مــاخرجتش فاضــطروا أنيــم‬ ‫يكسروا الزير ويطمعوىا فيز العمدة راسو وقال ‪ :‬يعني لـو‬

‫كسرنا الزير من الول( من األول) مش كنا َنقَـذنا ( أنقـذنا‬ ‫) العجل ‪ ..‬يا أ بيا ياوالد الكمب ‪!..‬‬

‫‪- 59 -‬‬


‫‪55‬‬

‫عزبة " الدمرداش " التابعة لقرية " بسفا " ‪:‬‬ ‫كــان فيــو شــاب صــغير بيقولـوا عميــو طيــب شــويو راح مــع‬

‫امــو لبيــت العروســو عــايزه تاخدىالــو ( تزوجيــا لــو) فامــو‬ ‫عطتو قرطاس السكر وورقتين الشاي وقالت لو لو وافقـوا‬ ‫طمــع الواجــب ده مــن ســيالتك( الجيــب الــداخمي الواســع)‬

‫ولــو مــا وافقــوش مــاتطمعمش وراح ـوا فعــال وفتح ـوا فــي (‬ ‫الســياري) الشــاب يـــاعيني مــا فيمـــش ىمــا وافقـــوا وال ال‬ ‫فبقــى يســأليا كــل كــام دقيقــة ‪:‬أطمعــو يامــو‪..‬ترد عميــو ‪:‬‬

‫اصــبر شــوي ‪..‬لغايــة مــا ســمع زفــة معديــة جنــب البيــت‬ ‫فمقـدرش يمسـك نفســو وجـرى عمـى بــره وعمـى بـاب البيــت‬ ‫طمــع الســكر والشــاي ورمــاىم عمــى أبــو العروســو وقالــو ‪:‬‬ ‫خد ياحاج ولو ماوافقتوش أمانو عميك تدييم المي ‪..‬‬

‫المصـــدر‪ :‬الحـــاج ‪/‬مصـــطفى محمـــد إســـماعيل ‪9ٓ،‬ســـنة‬ ‫‪،‬وأخيــو ســالم ‪96‬ســنة وأوالدىمــا وقــد عمم ـوا خف ـراء فــي‬ ‫معظم قرى الناحية ‪..‬‬

‫‪- 60 -‬‬


‫‪55‬‬

‫* كممات وعبارات اختفت حالياً وكانت تستخدم قـديماً فـي‬ ‫الريف السويفي ‪ ،‬حمع ‪ /‬مؤمن سمير ‪:‬‬

‫سيجارة َن ْكت ( = سيجارة واحدة )‬ ‫يتمظرط ( = يتمنظر )‬

‫داير ُييق (= يضيع وقتو )‬ ‫وال َب َزَمك ( = وال كممة واحدة )‬ ‫ِ‬ ‫صدَّر و َّ‬ ‫متنح )‬ ‫مصنبع ( = م َ‬ ‫راجل ُى ْرش ( = راجل مالوش الزمة )‬ ‫ِمـ ْـرش ( التمــوث العــالق بــاليواء الــذي ينــزل عمــى الــزرع‬ ‫ويؤثر عميو )‬ ‫طماع ‪ِ ،‬دني أو ِط ِفس )‬ ‫اليع ( = َّ‬

‫تَ​َرس (كبش أو خروف ‪ ..‬ويوصـف الرجـل الالمبـالي بأنـو‬ ‫تَ​َرس)‬ ‫يمرطسوا عميو (= يمطوحوا الموضوع )‬

‫الب ُوح ( =الترمس )‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫=الح ْم َبة )‬ ‫الحياقة (‬ ‫في ضيره َعضمة ( = لو واسطة )‬

‫‪- 61 -‬‬


‫‪55‬‬

‫توالينا ( = أىالينا )‬ ‫َب َدنة الشخص (= عائمتو الكبيرة)‬ ‫الطاش ( = الفاصل بين الحوض والحوض في الحقل )‬ ‫راجل با ازوانجي ( = كذاب ويميل لممظيرية )‬

‫‪- 62 -‬‬


‫‪55‬‬

‫* مـــن أشـــكال العبَّـــوات المتعمقـــة بالزراعـــة التـــي كانـــت‬ ‫وال زالت في القرى والعزب ‪:‬‬

‫بترتيب األقل في العبوة ثم األكبر ‪:‬‬ ‫الشـكارة ( مــن الخـيش أو القمــاش أو البالسـتيك وعبوتيــا‬ ‫‪ٕ6‬كيمو جرام )‬

‫الكـــيس ( مـــن الخـــيش أو البالســـتيك وعبوتـــو ٓ‪ 6‬كيمـــو‬

‫جرام )‬ ‫الشــــوال ( مــــن الخــــيش أو البالســــتيك وعبوتــــو أكبــــرمن‬

‫ٓ‪6‬كيموجرام وأقل من ‪ 96‬كيموجرام )‬ ‫ِ‬ ‫الشـــــميتة ( مـــــن الخــــــيش أو البالســـــتيك وعبوتيــــــا ‪96‬‬ ‫كيموجرام )‬ ‫ِ‬ ‫الشــنف ( مــن الميــف وىــو مفتــوح مــن كــل الجوانــب لــذلك‬ ‫اليوضع بو إال األشياء الكبيرة الحجـم والمتماسـكة ويماثـل‬ ‫الشميتة في العبوة )‬

‫المصدر‪ :‬عبدالمسيح ذكي أبسخيرون ‪9ٔ،‬سـنة ‪ ،‬قريـة "‬ ‫الفنت الشرقية " التابعة لمركز الفشن ‪ ،‬فالح‬

‫‪- 63 -‬‬


55

- 64 -


‫‪55‬‬

‫إشارات‬ ‫‪- 65 -‬‬


55

- 66 -


‫‪55‬‬

‫" في سؤال الثقافة "‬ ‫في ىذه الفترة الممتبسة مف تاريخ الوطف يصح لنا ‪ ،‬نحف‬ ‫المعنييف بالسؤاؿ الثقافي الذيف ُجبمنا عمى تعاطيو فك اًر‬ ‫ومساءلةً وابداعاً وارتضينا بو بوابةً لمقاربة العالـ واالنفعاؿ‬ ‫بو والتفاعؿ معو ‪ ..‬أف نتساءؿ ‪ ،‬عف وفي ‪ ،‬مشروعية‬ ‫الثقافة كقيمة مؤسسة رئيسة وعف التثاقؼ في طور‬ ‫الممارسة العممية ‪ ،‬باعتبارىما حائط الصد ضد االنييارات‬ ‫المتعاقبة وكضمير ومعيار داؿ وكاشؼ ‪ ،‬في ظؿ البحر‬ ‫المتالطـ الذي تعبر عنو حالة عدـ المعيارية والسيولة‬ ‫التاريخية التي تحوطنا اليوـ ‪ ..‬ىؿ تصمح قيـ الثقافة وما‬ ‫ترسخو في وعي البشر وما تطمح ألف ينسرب إلى تكويف‬ ‫ودقائؽ اإلنساف ‪ ،‬لتُيَيَِّئوُ بعدىا لمنظر المتوازف العقالني‬ ‫والتفكير المنيجي وامتالؾ النظرة النقدية واتساع الرؤية‬ ‫وقبوؿ اآلخر أياً كاف ‪ ..‬أقوؿ ىؿ تصمح ىذه القيمة‬ ‫الجميمة لمقاربة اآلني المتشابؾ والعصي حتى عف‬

‫المالحقة ‪ ..‬أو باألحرى ‪ ،‬ىؿ ما ت ازؿ تتمتع اليوـ بنفس‬

‫‪- 67 -‬‬


‫‪55‬‬

‫المكانة التي ظمت تتبوأىا لفترات ليست قميمة مف عمر‬ ‫الوعي ‪َ ،‬ن ِع َـ فييا المفكروف والمبدعوف بصفة ودور‬ ‫المشاعؿ والشموس وحاممو مفاتيح الحؽ والخير والجماؿ‬ ‫في ىذا العالـ ‪..‬؟! لكف بما أف الواقع فرض عمينا أف‬ ‫نكوف منصفيف وواقعييف ونعترؼ بالتغيرات اليائمة التي‬ ‫مرت وتمر بالعالـ ودفعت باإلنساف ألف يفكؾ كؿ‬ ‫ويعمؿ النظر فييا‬ ‫المستقرات التي سكف تحتيا طويالً ُ‬ ‫وينزع عنيا القداسة ‪ ..‬وأف نعتبر فكرة الثبات واالستقرار‬ ‫مف األساطير والحفريات ‪ ..‬وأف نرى اإليماف المشترؾ‬ ‫اآلف بيف البشر ىو تصدير فكرة ويقيف حتمية التغيير‬ ‫المتالحؽ ومشروعيتو ‪ ..‬وأف نقوؿ صباح مساء إف‬ ‫التحوالت التكنولوجية والسياسية والقيمية والتقنية ‪ ..‬الخ‬ ‫صارت أسرع مف وعي اإلنساف بيا وأكبر مف أي ادعاء‬ ‫باإلحاطة الكاممة ‪ ..‬بؿ وأف ُن َحيِّي الوعي الجمعي لمبشر‬ ‫كمما أخذ يجوؿ في الطرقات مجمالً بالنسبية وبعدـ منطقية‬

‫أي غرور بالمعرفة ‪ ..‬ماداـ األمر ىكذا ‪ ..‬فال مناص مف‬

‫رسـ المشيد ىكذا ‪:‬‬

‫‪- 68 -‬‬


‫‪55‬‬

‫كمنا نميث ‪ ..‬وكمنا نحاوؿ أف نجد لنا مكاناً نستوعبو‬

‫ويستوعبنا ‪ ،‬اليوـ عمى األقؿ ‪..‬‬

‫في وسط كؿ ىذا يكوف عمى المثقؼ‬ ‫عبء أكثر تعقيداً‬ ‫ٌ‬ ‫وتركيباً ‪ ..‬لقد تحوؿ مف وضعية الرائي ومالؾ المعرفة‬

‫وبوصمتيا إلى مجرد واحد مف المساىميف في صيرورة ىذا‬ ‫الواقع ‪ ،‬وبأىمية تتساوى مع الجميع وبال أي تميز ‪..‬‬

‫ليذا تحتـ عميو أف يعي موقعو أوالً ويتفيـ ويستوعب آليات‬ ‫ىذا التسارع المجنوف وينزؿ قيمو عمى الواقع الفعمي كيال‬

‫ينسحب ويتجمد تحت نظرياتو وأوراقو ‪ ..‬ثـ بعد مرحمة‬ ‫التعايش وسبر أغوار الواقع عف قرب والمشاركة األكثر‬ ‫التصاقاً ألركانو وأجزاءه ‪ ،‬يتحوؿ لدوره المفترض والواجب‬

‫– لـ يعد الئقاً أف نقوؿ الدور األسمى – في الفيـ والقراءة‬

‫الواعية والتفسير واالقتراح والبحث عف الثابت والمقيـ وسط‬ ‫أمواج العابر وتياراتو التي تتموف بألواف السرعة والتقدـ‬ ‫لتخدع ذلؾ الذي يرضى مف األمور بسطوحيا ويكتفي‬ ‫بالخارجي وال ينفد إلى القمب والمعنى المستتر ‪ ...‬إلى‬ ‫الحؽ أو الحقيقة ‪ ،‬أياً كاف شكميا واتجاىيا وتموضعيا في‬

‫‪- 69 -‬‬


‫‪55‬‬

‫السياؽ ىذا أو ذاؾ وموقعيا اآلني القريب وكذا األبعد ‪،‬‬ ‫ؾ عمى مرمى البصر ‪..‬‬ ‫ىنا َ‬

‫‪- 70 -‬‬


‫‪55‬‬

‫" تحديات النص الراىن "‬ ‫تحديات المفيوم ‪:‬‬ ‫لنبدأ أوالً بالتحديد المفيومي ‪ ..‬أعني بالنص ‪ :‬كؿ مادة‬

‫إبداعية تنجح في خمؽ تفاعؿ حقيقي ومعرفي وديناميكية‬

‫عقمية أو روحية وحراؾ فكري وجمالي ‪ ،‬مع وفي ‪ ،‬وعي‬ ‫ؽ ما في ل ٍ‬ ‫متم ٍ‬ ‫حظة معينة مف الزمف ‪ ..‬وىو بيذا يشتمؿ‬ ‫عمى النص المكتوب و المسموع و المشاىد والممموس ‪...‬‬ ‫الخ ‪ ..‬وكذا األشكاؿ المستحدثة مف النصوص ‪ ،‬كالنص‬ ‫المتعدد أو الفائؽ‪ -‬اليايبر تكست ‪ -‬والنص الرقمي‬ ‫ونص الياتؼ المحموؿ والنصوص المصاحبة ؿ أو‬

‫المنضغمة في ‪ ..‬األعماؿ الفنية التشكيمية أو الموسيقية ‪..‬‬ ‫الخ ‪ ..‬وسواء كاف التعاطي معو بشكؿ مباشر أو عف‬ ‫طريؽ وسائط أساسية أو تابعة ‪ ، ..‬كاف في بنية مباشرة‬ ‫وبسيطة وسيمة التعاطي أو معقدة ‪ ، ..‬باستخداـ أكثر‬ ‫مف وسيط وطريؽ وغاية وآلية ‪ ..‬آلة أو بشر أو مفيوـ ‪..‬‬ ‫الخ الخ ‪...‬أو ال‪ ..‬وىو بيذا االتساع – أو بسببو ‪-‬‬

‫‪- 71 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ٍ‬ ‫إشكاليات جمة ‪ ...‬سواء كاف في‬ ‫يتعرض لتحديات ويجابو‬ ‫إنتاج النص ذاتو أو في تعاطيو وتمقيو أو في تجمياتو‬ ‫وتفريعاتو غير المحدودة ‪ ..‬وسواء في طريقة عرضو أو‬ ‫في شكؿ واطار وصولو لممتمقي ‪ ..‬وكذلؾ مدى سمبية أو‬ ‫إيجابية ذلؾ المتمقي في عممية التمقي ذاتيا‪ ....‬ناىيؾ عف‬ ‫مدى فاعمية ىذا النص وانتباىو لموقع المتمقي وكونو في‬ ‫موقع المشارؾ الفعمي في إنتاج النص ‪ ،‬يعني اإليماف‬ ‫بكونو طرفاً أصيالً في اإلبداع ىو اآلخر ‪ ،‬مف عدمو ‪...‬‬ ‫أما كممة الراىف فيي كممة غامضة مفاىيمياً ألنيا ستفتقر‬

‫حتماً – فمسفياً وفيزيقياً ‪ -‬لمتحديد ‪ ..‬حيث أف الزمف قيمة‬ ‫سيالة وغير متجمدة ومحدودة وبالتالي تفتقر لمتموضع‬ ‫ٍ‬ ‫لحظة ما بتجمياتيا‬ ‫داخؿ قوسيف ‪ ..‬فكمما أمعنا النظر في‬ ‫واشكالياتيا وتعقيداتيا وتفريعاتيا ‪ ،‬باعتبار أننا نق أر الواقع‬ ‫أو الراىف أو اآلني ‪ ،‬تكوف المحظة قد مرت ونكوف –‬ ‫واألمر ىكذا ‪ -‬نق أر ونفؾ شفرات الماضي وليس‬

‫الحاضر!! لكف ‪ ،‬وبغض الطرؼ قميالً عف األبعاد القَ َدرية‬ ‫المتناوؿ‪ ..‬فإننا يمكف بربط‬ ‫البعيدة عف الحيز الفكري‬ ‫َ‬

‫‪- 72 -‬‬


‫‪55‬‬

‫مفيوـ الراىنية بالداؿ السابؽ وىو " النص " ‪ ،‬أف نستطيع‬ ‫ولوج الحقؿ الذي نقارب ونناور‪ ..‬وكذا التعامؿ معو ‪ .‬ولو‬ ‫بالتساؤؿ ‪..‬‬ ‫تحديات النص ‪:‬‬ ‫إف نصنا اآلني – بيذه الكيفية األقرب لمتداخؿ والتشابؾ‬ ‫واالندماج وذوباف الفواصؿ ‪ ..‬منيا لمفيوـ النقاء ‪ -‬ليو‬ ‫األصعب عمى اإلطالؽ ‪ ..‬صعوبة تكاد تماثؿ شائكية‬

‫المخاض والبدايات ‪ ..‬حيث أف انفتاحو غير المحدود‬ ‫يمنحو أجنحة َم َّوارة ويمنع عف فضاءاتو فكرة اؿ " مفاىيـ‬ ‫" المكتممة ‪ ..‬التي تنحو منحى الرسوخ أو الثبات النسبي‬

‫حتى ‪ -‬ألنيا ‪ ،‬فيو ومعو ‪ ،‬تأخذ كؿ يوـ أكثر مف ٍ‬ ‫شكؿ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وغايات غير محدودة ‪..‬‬ ‫ساعة وسائ َؿ‬ ‫وتوجو وتتخذ كؿ‬ ‫تتموف وتتغير باستمرار وباضطراد ‪ ..‬لكنيا بالفرز الدائـ‬ ‫المرتبط ب ‪ :‬ىذا االنفتاح وىذه السرعة الميولة في‬ ‫االختراع والتطوير ‪ -‬تصبح غير مناسبة وال مطروقة‬ ‫كأساسات يبنى عمييا ‪ ...‬وكذا األفكار التي تظير ثـ‬

‫تغدو غير منطقية وال محؿ ليا وال يجب إعادة النظر فييا‬

‫‪- 73 -‬‬


‫‪55‬‬

‫فقط بؿ دحضيا وازاحتيا ‪ ،‬بشكؿ أسرع مف منطقية‬ ‫االستسالـ لموقوع تحت االختبار الزمني والقيمي‪ ..‬متى‬ ‫ستظير أنيا كانت مناسبة لكف الزحاـ والسرعة قتالىا ؟!!‬ ‫‪ ..‬ناىيؾ عف األفكار التي اختبرىا الزمف والواقع فعمياً‬

‫ال‪ ..‬وىي الكممة‬ ‫وباتت متحفية مثؿ مفيوـ " الرقابة " مث ً‬

‫اسب مع أغمب فترات التاريخ أو‬ ‫والمفيوـ السمطوي الذي تَ​َن َ‬ ‫طَب َعيا بطابعو ‪ ...‬والذي يج َابو حالياً وطوؿ‬ ‫ُجمَّيَا حتى َ‬ ‫الوقت بضر ٍ‬ ‫وجيو وم َّ‬ ‫بات ُم َّ‬ ‫ركزة ومباشرة في نعشو – لتؤكد‬ ‫ُ‬ ‫بالتكرار عمى قيمة قتؿ المفيوـ وتدشنيا ‪ -‬أكثر حدة مما‬ ‫كاف يتخيؿ و يتوىـ ذلؾ المفيوـ في عز سطوعو‬ ‫التاريخي ‪ ،‬قدرتو عمى عد دقات قموب البشر وخمجاتيـ‬ ‫ورسـ كتالوجات ألنفاسيـ ‪....‬‬ ‫مف يضمف دفنو فعمياً ‪ ..‬مف؟!‬

‫‪- 74 -‬‬


‫‪55‬‬

‫تحديات التمقي ‪:‬‬ ‫ىؿ يممؾ النص الجديد ‪ ..‬أقصد المتجدد الدائـ ‪ ،‬تمؾ‬ ‫القوة والفاعمية في اإلحياء واإلماتة ؟ نعـ يممؾ ‪ ..‬وتمؾ‬ ‫إحدى سماتو وميزاتو الرئيسة لكنو أيضاً يحيا في متاىة‬

‫عدـ تحديد مف ولماذا ىذا بالذات واآلف‪ ..‬ويستمد مف ىذا‬

‫التيو ذاتيتو وفورانو وكنيو ومعناه ومبناه في نفس اآلف ‪-‬‬

‫وىذه ىي المفارقة ‪ ...‬الخالؼ أبداً عمى فتح األبواب‬

‫والنوافذ آلخرىا ‪ ،‬حتى عصير التكويف األوؿ ‪ ....‬لكف في‬ ‫ظؿ تيميش دور المبدع والمثقؼ عموماً‪ -‬ألسباب تتعمؽ‬ ‫بتنامي األصوليات في العالـ ‪ ،‬وكذلؾ ميؿ العالـ نحو‬

‫تفكيؾ مفاىيمو والميؿ إلعادة الرسـ مف جديد ‪ ،‬وطوؿ‬ ‫الوقت ‪ ،‬عمى مسرح الواقع المتغير‪ ،‬مبتعداً عف تنظيرات‬

‫النخبة التي ابتعدت أو ابتعد ذلؾ الواقع عنيا قاصداً‬

‫وبقسوة كذلؾ ‪ -‬ىؿ يستفيد ىذا المبدع وذلؾ المثقؼ مف‬ ‫فضاءاتو المعرفية واإلبداعية الثعبانية وحرياتو المتتالية‬ ‫المتعددة التي انتزعتيا لو التكنولوجيا ؟ ثـ يخاطب َم ْف في‬ ‫ىذا الييولي ؟ وفي ظؿ ىذا الضجيج والزحاـ الدائـ ‪...‬‬

‫‪- 75 -‬‬


‫‪55‬‬

‫مف يستطيع أف يصنع لنفسو عيناً ووعياً ال يمتيب مف‬ ‫إشعاعات العالـ االفتراضي ‪ ..‬وقدرة عمى متابعة‬

‫إصدارات ونبضات وجنوف وتجريب وتفكيؾ ‪ ،‬العالـ بأسره‬ ‫‪ ..‬ويشارؾ في مؤتمرات وحمقات رأي وباألساس يكتب‬ ‫ويجد مف يتابع نصو بالتعميؽ والدرس النقدي ‪ ..‬وكذلؾ‬ ‫يذىب لعممو ويؤمف لنفسو المعيشة الالئقة ‪ ..‬وال ينفصؿ‬ ‫أيضاً عف األحداث المؤثرة بشكؿ مباشر وغير مباشر في‬

‫حياتو‪.‬؟‬

‫ىؿ كاف تركيزنا مف قبؿ ‪..‬منذ عدة سنوات أو عقود‬ ‫حتى‪ ..‬ونحف في نادي األدب َعيِّنة غير متخصصة‬ ‫بالمعنى الدقيؽ‪ -‬في عمـ النص وعمـ التمقي – مثالً‪-‬‬

‫والنقد عموماً ومتابعتنا لمتغييرات الدائمة والدائبة ومدى‬ ‫ٍ‬ ‫وكتابات تمتح مف‬ ‫فاعميتيا في صنع حساسيات جديدة‬ ‫ٍ‬ ‫أنيار جديدة وتُ َعبِّد طرقاً ومسارب جديدة ‪ -‬ىو نفس‬ ‫التركيز والنظر المدقؽ ‪ ،‬اآلف ‪..‬اليوـ‪ ..‬ونحف نالحؽ‬

‫بالكاد كؿ ما حولنا ونكاد ال نتذكر الكتاب الذي كنا نحبو‬ ‫جداً حتى األمس ؟!!‬

‫‪- 76 -‬‬


‫‪55‬‬

‫تحديات النص الراىن ‪:‬‬ ‫النص الكبير الذي ىو كؿ ىذا الفضاء ‪ -‬مفتو ٌح أمامؾ‬ ‫وأنت معو وفيو ‪ ،‬تميث وتميث ‪ ...‬وأنا وأنت وىو وىي‪..‬‬ ‫باعتبارنا كتاباً أو مبدعيف نستفيد فعالً مف التكنولوجيا ‪..‬‬ ‫سواء في إنتاج النص أو في توصيمو أو في تمقي أشكاؿ‬

‫موقع‬ ‫التفاعؿ معو ‪ ..‬لكننا بتنا نشؾ في تأثير كتابتنا في ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مدونة ما أو توفير كتبنا عمى الشبكة العنكبوتية ‪..‬‬ ‫ما أو‬ ‫بتنا ال نستوثؽ مف أي معمومة أو توجو ألف النقيض‬ ‫موجود ولو شرعية وحياة ومريدوف ىو اآلخر‪....‬‬ ‫إف الحرية ىي أعظـ األشياء والقيـ واإلطارات التي تحيط‬ ‫بالنص الجديد ‪ ..‬حرية أف ينتجو بقيـ وطرؽ ووعي‬ ‫وطالقة مختمفة وجديدة ومختمفة كمية عف القيـ والثوابت‬ ‫القديمة ‪ ..‬وحرية أف يوصمو لمعمـ أجمع بضغطة زر ‪...‬‬ ‫حتى عالقات التثاقؼ بيف المبدعيف والمثقفيف باتت تأخذ‬ ‫أشكاالً جديدة فعالً وفييا مف الجرأة ماال تستطيع‬

‫تجاىمو ‪...‬‬

‫‪- 77 -‬‬


‫‪55‬‬

‫جساـ حقاً ألنيا متبدلة عمى‬ ‫تحديات‬ ‫أماـ النص الراىف‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الدواـ ‪..‬عميو ‪ ..‬حالياً عمى األقؿ – أف يبتكر أشكاال‬

‫جديدة ومتجددة كؿ لحظة ‪ ..‬عميو أف يرسـ لغة أكثر قرباً‬

‫مف الحياة ‪..‬عميو أف يقترب مف " اإلنساني " المتسع‬

‫الخالد ويبتعد عف كؿ ما ىو شوفيني ضيؽ ‪ ...‬عميو أف‬ ‫يستوعب حقوؽ البشر في كؿ مكاف ويدعميا بالموقؼ‬ ‫وبتكوينات الجمؿ والحروؼ ‪ ..‬عميو أف يحافظ عمى‬ ‫خصوصية وفرادة وتميز لنفسو ‪ ..‬ألسموبو ووعيو الذي‬ ‫يبثو في النص ‪ ..‬أياً كاف شكؿ وتوجو وقيمة ذلؾ النص‬ ‫‪ ..‬وفي خضـ ٍ‬ ‫بحر ال قرار لو‬ ‫وال ثبات فيو ‪ ....‬النص الراىف يتبمور طوؿ الوقت ونحف‬ ‫نميث وراءه ونميث ‪.....‬‬ ‫ونتغير أيضاً ‪..‬‬ ‫ممحوظة أساسية ‪:‬‬ ‫لقد تغافمت – وذلؾ كتوجو وطريقة في النظر‪ -‬عف تفسير‬ ‫تحديات النص الراىف بالتأويؿ الجاىز والذي يكاد يجمع‬

‫عميو كثيروف مف متعاطي األدب والفف‪ ..‬وىو اعتبار كممة‬

‫‪- 78 -‬‬


‫‪55‬‬

‫النص الراىف تعبر عف " نص المحظة الزمنية الراىنة‬ ‫بالذات ‪ ،‬في مصر بعد ثورتي‪65‬يناير و‪ 21‬يونيو"‬ ‫وتجميات الربيع العربي ‪ ،‬عمى النص األدبي والفني بمعناه‬ ‫الواسع ‪ ..‬وىؿ تمثؿ قيمة ومبنى ومعنى " الحرية " في‬ ‫إنتاج ذلؾ النص يضيؼ إليو ويثريو أـ ال ‪ ..‬وأشكاؿ ذلؾ‬ ‫اإلثراء وصوره ونتائجو القريبة والبعيدة ‪ ...‬الخ أقوؿ لقد‬ ‫آثرت أف أفسر النص الراىف بمعنى أبعد قميالً واف كاف‬

‫في صمب عممية اإلبداع أال وىو‪ :‬اعتبار " الراىف " ىو‬ ‫الوافد النوعي الذي دخؿ عمى عممية اإلبداع في السنوات‬

‫األخيرة َّ‬ ‫وغيرىا تماماً ‪ ..‬وىو التكنولوجيا وانسرابيا في‬ ‫البداية ثـ اقتحاميا بعد ذلؾ الوعي المنتج لمعممية‬

‫اإلبداعية وانضغاميا مع عمميات التفكير والرؤية وكذا‬ ‫تفسير كيذا ىو األقرب لزاوية‬ ‫ًا‬ ‫األدوات‪ ....‬لقد رأيت أف‬ ‫نظري في ترتيب القيـ األكثر أىمية وعمقاً ‪ ...‬وفي كؿ‬ ‫ِ‬ ‫خير ماداـ اليدؼ والمصب ىو التعبير عف ‪،‬‬ ‫التأويالت ٌ‬ ‫والمشاركة في‪ ..‬ىذا العقد الثقافي المتجدد ‪..‬‬

‫‪- 79 -‬‬


55

- 80 -


‫‪55‬‬

‫" ىل أفادت مواقع التواصل االجتماعي‬ ‫‪..‬ا‪.‬بداع األدبي والفني؟ "‬

‫* ىؿ أفاد الفيسبوؾ والتويتر والمدونات وما شاكميـ‬ ‫‪..‬اإلبداع األدبي والفني؟ نعـ أفاد ‪ ..‬وىؿ أضير اإلبداع ؟‬ ‫نعـ ‪ -‬في نفس الوقت‪ -‬أضير اإلبداع !! تعد ىذه‬ ‫الشبكات بمثابة مجتمع مصغر وحديث وحالي وبالتالي‬ ‫فيو يحمؿ كؿ إيجابيات وسمبيات وتناقضات الفسيفساء‬ ‫الحضارية المكونة ألي تجمع بشري ‪ ..‬واذا دلفنا مف بوابة‬ ‫اإلبداع بالذات سنجد مف استفاد مف طبيعة ىذه الشبكة‬ ‫في التدريب اليومي عمى الكتابة ومف انجرؼ بسبب نفس‬ ‫ىذه الطبيعة وفقدت كتابتو خصوصيتيا ‪ ..‬مف أصيب‬ ‫بحب الظيور وأقتنع أف العالـ يراقب سكناتو وحركاتو‬ ‫بالذات فأقاـ في ىذه المتاىة ونسى القراءة وذىؿ عف‬ ‫إبداعو وبات يبير العالـ!!‪ -‬بصوره واقفاً وقاعداً وطائ اًر‬

‫!!‪..‬وىناؾ مف بات يميث لياثو اإليجابي الذي يتيح لوعيو‬ ‫أف يمتأل بالكتب األحدث أو األثمف وبالموحات األحدث أو‬

‫‪- 81 -‬‬


‫‪55‬‬

‫األغنى وبأخبار الندوات وبالفيديوىات النادرة ومتابعة‬ ‫األحداث عموماً ‪ ..‬يكتب الكاتب الواعي وينحي‬

‫المجامالت جانبا فيستفيد مف بعض التعميقات ‪ ...‬يوصؿ‬

‫إبداعاتو لمناطؽ أخرى ويتفاعؿ ‪ ..‬تعممو الحرية المتاحة‬ ‫أف ينسى فكرة التأطير الضيقة فيتسع النص ويصير‬ ‫مطعماً بأشكاؿ أخرى دوف خوؼ مف مؤاخذة مف يبحث‬

‫عف النظرية واالنضباط الصارـ ‪ ..‬تجرؾ الحرية وتكشفؾ‬

‫أيضاً ‪..‬ال ال تكشفؾ بؿ لألسؼ تزيد مف وىمؾ بأنؾ‬

‫عظيـ ألنؾ لف تعدـ المعجبيف بأي تفاىة ميما كانت ‪..‬‬ ‫وىذه طبيعة المتاىة ومأزقيا في اآلف ذاتو‪ ..‬فكرة الال‬

‫قانوف – أقصد إعادة النظر في أفكار مف مثؿ القانوف‬ ‫والرقابة واالكتماؿ ودحضيـ طوؿ الوقت‪ -‬ىي فكرة مبيرة‬ ‫وتعني الفوضى في نفس المحظة‪..‬وفي النياية ال سبيؿ‬ ‫أمامؾ لمتعالي عمى عطايا التكنولوجيا وعمى رأسيا الحرية‬ ‫ لكف ال بأس مف اليرب مف كؿ ىذا المياث والتقاط‬‫األنفاس بيف لحظة وأخرى‪....‬الختبار إبداعؾ بشكؿ أىدأ‬ ‫وكذلؾ لتشـ أنفاسا حية وساخنة ‪....‬‬

‫‪- 82 -‬‬


‫‪55‬‬

‫وليست افتراضية ‪...‬‬ ‫* إني فرؽ ىنا بيف المبدأ وبيف الوسائؿ‪..‬المبدع يخاؼ‬ ‫ويخشى دائما عمى مكوف أساسي في منظومة الفعؿ‬ ‫اإلبداعي وىو الحرية ‪ ..‬إنيا الفعؿ الرئيس الذي ال‬ ‫يتصور انبالج الطاقة الخالقة المسماة باإلبداع إال عف‬ ‫طريؽ وجوده ىو وتجمياتو الرحبة ‪ ..‬يخاؼ المبدع مبدئيا‬ ‫كيال تنقص أدوات إبداعو أو تختنؽ ‪ ...‬لكف ىذا ال يعني‬ ‫أال يتعامؿ واقعيا وبسرعة إذا غابت ىذه الحرية أو نقصت‬ ‫بابتكار رموز وصنع إشارات والمعب واالستمتاع أحياناً ‪-‬‬ ‫بصنع الفخاخ لمرقيب أو لممتمقي ضيؽ األفؽ‪ ..‬وفي ظؿ‬ ‫الثورة المتنامية لمتكنولوجيا يصبح مف العبث اإليماف‬ ‫بأفكار تنتمي لعصور قديمة كاف البشر يختنقوف فييا‬ ‫بالعجز الذاتي مما يضطرىـ لممقاومة واالبتكارات البسيطة‬ ‫الرمزية لمخروج مف الشرنقة ‪ ..‬أفكار مثؿ الرقابة والسيطرة‬ ‫وغمؽ األبواب وتقنيف االتجاىات ورسـ المسارب‬ ‫وتحديدىا‪...‬الخ‬

‫‪- 83 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ال يجب أف يخاؼ المبدع عمى الوسائؿ لكنو يظؿ حزينا‬ ‫دائما لغياب المبدأ‪.....‬‬

‫‪- 84 -‬‬


‫‪55‬‬

‫" ماذا ينقصنا ليكون أدبنا عالمياً "‬

‫لنحػػدد أوالً المقصػػود ( بػػأدب عػػالمي ) وىػػي المقولػػة الت ػػي‬

‫نطمػ ػػح أف يتصػ ػػؼ بيػ ػػا مػ ػػا ننتجػ ػػو مػ ػػف أدب أو عمػ ػػى أقػ ػػؿ‬ ‫تقػ ػػدير نأمػ ػػؿ أف نكػ ػػوف عمػ ػػى السػ ػػمـ المػ ػػؤدي إلييػ ػػا وبيػ ػػذا‬ ‫نستطيع أف نقدر كػـ مػف الخطػوات أو القفػزات بقػى عمينػا ‪.‬‬ ‫ىػؿ المقصػػود بيػا شػػيرة الكاتػب وبالتػػالي شػيرة مػػا يكتػػب أـ‬ ‫شػػيرة الػػنص التػػي تػػؤدي بعػػدىا لشػػيرة كاتبػػو ؟ وىػػؿ معيػػار‬ ‫األم ػػر ى ػػو مبيع ػػات ذل ػػؾ ال ػػنص أـ الجػ ػوائز الت ػػي يحص ػػؿ‬ ‫عمييػػا الكاتػػب أو حجػػـ مػػا يكتػػب عنػػو مػػف متابعػػات سػريعة‬ ‫أو جادة أو أكاديمية ؟ وما ىػي مواصػفات ىػذا الػنص وىػؿ‬ ‫يصػػح أو يميػػؽ أف تكػػوف لػػو كتالوجػػات تضػػمف لػػو البريػػؽ ؟‬ ‫أظ ػػف أف األمػ ػر متش ػػابؾ لك ػػف ال من ػػاص م ػػف الرج ػػوع إل ػػى‬ ‫األساس ‪ ،‬إلػى كػوف الػنص األدبػي ‪ ،‬أيػاً كانػت صػورتو ىػو‬

‫تعبي ػػر وخم ػػؽ م ػػف وع ػػي وروح ك ػػائف أراد ف ػػي لحظ ػػة م ػػا أف‬ ‫يساىـ في الضمير الجمعػي لإلنسػانية ‪ ،‬أف يكػوف نقطػة مػا‬ ‫فػػي فضػػاء ىػػذا الػػوعي الكبيػػر الممتػػد فػػي الػػزمف ‪ ،‬أو حتػػى‬

‫‪- 85 -‬‬


‫‪55‬‬

‫أف يػػنفض عػػف نفسػػو خبػرة مػػا أرقتػػو ‪ ،‬الميػػـ أنػػو بػػدأ المعبػػة‬ ‫وصنع ما سوؼ ينبني عميو بعد ذلؾ جيود عدة أنمػاط مػف‬ ‫البشر والوظػائؼ المرتبطػة بعممػو ىػذا ‪ ،‬وىػـ كفيمػوف بتعقيػد‬ ‫البسػ ػػاطة األولػ ػػى ‪ :‬فتتسػ ػػع المعبػ ػػة لتشػ ػػمؿ النشػ ػػر والتوزيػ ػػع‬ ‫والتس ػػويؽ وادارة الموىب ػػة أو محاصػ ػرتيا واالنتق ػػاؿ بي ػػا م ػػف‬ ‫محػػيط ض ػػيؽ إلػػى آخ ػػر متس ػػع أو قتميػػا وترتي ػػب مض ػػاعفة‬ ‫المكاسب عمى كؿ األصعدة ‪ ،‬أو بدالً مف كؿ ىذا االكتفاء‬

‫بحبسػػيا فػػي حيػػز النقطػػة المطمئنػػة أو القمقػػة فػػي الضػػمير‬ ‫الموار العاـ ‪ .‬وبيذا نعود مػع البدايػة ونقػوؿ األدب العػالمي‬ ‫َّ‬

‫ى ػػو األدب اإلنس ػػاني ب ػػالمعنى األعم ػػؽ ‪ ،‬ال ػػذي يم ػػتح م ػػف‬ ‫األسئمة الكبرى لمبشرية ‪ ،‬حتى في تحوالتيا ‪ ،‬حيث صػارت‬ ‫التفاصػػيؿ البسػػيطة مػػثالً قضػػايا كبػػرى وأسػػئمة مصػػيرية ‪..‬‬

‫ىػػذا األدب الػػذي يػػأتي مػػف معانػػاة وألػػـ أو حتػػى فػػرح عميػػؽ‬ ‫وحقيقػػي يصػػمح أف تتمقػػاه وتسػربو إلػػى نسػػيجيا كػػؿ الثقافػػات‬ ‫‪ ،‬ىذا األدب ىو الػذي يبقػى ‪ ،‬ولػذا فمػف الحكمػة أف يصػبر‬ ‫المراقب إزاء فرقعات الترجمة القائمة عمى الموضات وعمػى‬ ‫االختيارات غيػر البريئػة ‪ ،‬ومػع الصػبر تسػقط األقنعػة ‪ .‬لقػد‬

‫‪- 86 -‬‬


‫‪55‬‬

‫تمقى الغرب " بنات الرياض " لرجاء الصانع بالشغؼ ألنيا‬ ‫تمبػػي أجوبػػة حػػوؿ مجتمعػػات شػػبة مغمقػػة أمػػاميـ مثممػػا تمقػوا‬ ‫كتاب ػػات ع ػػالء األسػ ػواني عم ػػى أني ػػا معبػ ػرة عم ػػى تناقض ػػات‬ ‫مص ػػر الي ػػوـ وىك ػػذا ‪ ..‬ولك ػػف الوق ػػت س ػػيمر وتوض ػػع ى ػػذه‬ ‫األعمػػاؿ فػػي خانػػة مػػف قػػاـ بػػدور المخبػػر الصػػحفي ‪ ،‬ىػػذا‬ ‫ال ػػدور المح ػػدود وقص ػػير العم ػػر ‪ ،‬لكن ػػو أب ػػداً أب ػػداً ال ػػذي ال‬

‫يتسػرب إلػػى خانػػة األدب الحقيقػػي المنسػػرب إلػػى الضػػمير ‪.‬‬ ‫ينقصنا الكثير لموصوؿ إلى العالـ ‪ :‬أف يتعب الكتػاب أكثػر‬ ‫م ػػف ذل ػػؾ ف ػػي تثقي ػػؼ أنفس ػػيـ وب ػػأكثر م ػػف لغ ػػة ‪ ،‬أف نص ػػؿ‬ ‫لمفي ػػوـ الج ػػدير بالعم ػػؿ وفي ػػو وب ػػأف الكتاب ػػة التػ ػزاـ وليس ػػت‬

‫رفاىيػػة وىػػذا ي ػرتبط بمػػف يضػػمف لػػؾ أف تتفػػرغ تفرغ ػاً جػػدياً‬

‫ومنتجػ ػاً ف ػػال يتح ػػوؿ الكات ػػب إل ػػى ت ػػاجر ومن ػػدوب مبيع ػػات‬

‫فيتآكػ ػػؿ وقتػ ػػو وتمػ ػػوت روحػ ػػو ‪ ،‬أف نقػ ػػاوـ " تسػ ػػميع األدب "‬

‫وأوى ػػاـ " البيس ػػت س ػػيمرز " الت ػػي تح ػػوؿ المس ػػألة إل ػػى كذب ػػة‬ ‫كبػػرى ‪ ...‬والمي ػػـ حق ػاً ى ػػو العمػػؽ ‪ ،‬أف نق ػػدـ لمترجمػػة م ػػا‬

‫يسػػتحؽ ‪ ،‬بعػػد أف ننفػػتح عمػػى العػػالـ الػػذي نحػػف جػػزء منػػو ‪،‬‬ ‫فنش ػ ػ ػػتبؾ مع ػ ػ ػػو ف ػ ػ ػػي ىموم ػ ػ ػػو الكب ػ ػ ػػرى ونق ػ ػ ػػدـ أطروحاتن ػ ػ ػػا‬

‫‪- 87 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ومسػػاىماتنا ولكػػف أف نحػػس بالدونيػػة إزاء الغػػرب ونقػػدـ كػػؿ‬ ‫مػػا يرضػػيو ‪ ،‬ليتسػػمى ويؤكػػد قناعاتػػو المسػػبقة ِّ‬ ‫ونقي ػؼ أدبنػػا‬ ‫عمػػى مقاسػػو ىػػو‪ ،‬سػػيظؿ ي ارنػػا ال نسػػتحؽ إال مػػانحف فيػػو ‪،‬‬ ‫مف دوراف فى حمقات مفرغة ال نرى فييا إال ظاللنػا الباىتػة‬ ‫‪ ،‬أف نتخمػ ػػى عػ ػػف ىوايػ ػػة جمػ ػػد ذواتنػ ػػا وقمعيػ ػػا‪ ،‬س ػ ػواء مػ ػػف‬ ‫األنظمة أو حتى مف أنفسػنا وعمػى أنفسػنا ‪ ،‬فتتحػرر ونكتػب‬ ‫و نرى في المرايا أرواحػاً تػتمكف مػف الصػداقة مػع اإلنسػانية‬ ‫المتسعة والتي ال نراىا مػف منظارنػا المكبػؿ والمقمػوع ‪ ،‬إال‬

‫أشباحاً غير طموحو ‪..‬‬

‫‪- 88 -‬‬


‫‪55‬‬

‫" حول مؤتمرات قصيدة النثر "‬ ‫بداءةً عندما نكوف جزءاً مف سياؽ مأزوـ يكوف االحتماؿ‬ ‫األقرب لمتحقؽ أف تكوف كؿ تفاصيمو تعاني مف مشاكؿ‬ ‫في إمكانية االستمرار والحياة والتنفس ‪ ..‬إف السؤاؿ الذي‬ ‫يجابينا دائماً عف وضع قصيدة النثر ليو الدليؿ المتكرر‬

‫الجارح عمى أنو وضع غير صحي ويعاني مف إشكاليات‬

‫عدة ‪ ..‬حيث كاف مف الطبيعي بعد كؿ ىذا السنوات مف‬ ‫بداية كتابة ىذه القصيدة وظيور أجياؿ مختمفة مف‬ ‫مبدعييا ‪ ،‬لمعديد منيـ مشاريع متميزة داخؿ حركة الشعر‬ ‫الحديث ‪ ،‬وكذلؾ ظيور أشكاؿ وتيارات داخؿ القصيدة ‪،‬‬ ‫أف نتحدث عف وضعية مستقرة لكتابة تحتؿ موقعاً مائ اًز‬ ‫بجوار باقي أشكاؿ وطرائؽ الكتابة ‪ ،‬لكف الحاصؿ أننا‬

‫عندما نسأؿ عف وضعية ىذه الكتابة يتضمف سؤالنا بشكؿ‬ ‫مضمر وصريح كذلؾ ‪ ،‬سؤاؿ المشروعية والوجود ‪ ..‬وىو‬ ‫شذوذ وانفصاؿ عف الواقع ‪ ،‬إذ أننا لو كنا في حياة ثقافية‬ ‫طبيعية لكنا التفتنا إلى سؤاؿ " الشعر" ذاتو داخؿ أي شكؿ‬

‫‪- 89 -‬‬


‫‪55‬‬

‫لكننا ىنا نرىف الشعرية بالشكؿ الذي ننتمي إليو ويستميت‬ ‫كؿ فريؽ في نفي الشعر ألنو يصدر مف شكؿ مخالؼ‬ ‫عف الفريؽ اآلخر وىو أمر مريض بالقطع ‪ ..‬واذا نزلنا‬ ‫لمواقع سنجد المؤسسة وىي كياف محافظ بطبيعة تكوينو‬ ‫وأكثر قرباً وميالً لكؿ ما ىو مستقر وبعيد عف المغامرة‬

‫وكسر األعراؼ ‪ ..‬أظف أنو ضرب مف اليوتوبيا أف تشجع‬

‫مؤسسة حاكمة بيرقراطية – أياً كانت ‪ -‬التجريب‬

‫واالختالؼ والمغامرة فيي القيـ التي تمس وجودىا ذاتو و‬

‫قر في يقينيا دائماً ‪ ..‬ىذه المؤسسة اضطرت‬ ‫ىذا ما َّ‬ ‫تحت الضغوط المتواصمة مف المبدعيف المختمفيف‬

‫والمستقميف عف مبدعي السياؽ العاـ الجاىزيف لتمبية‬ ‫طمباتيا الدائمة في ( تقييؼ ) الواقع الثقافي تبعاً لمتوجو‬

‫العاـ لمدولة وىو يتغير بالتأكيد كؿ لحظة فانظر وتعجب‬

‫مف حجـ موىبة وقدرة متموني كؿ العصور ! اضطرت‬ ‫مؤسسة الثقافة عندنا أف تذكر قصيدة النثر وتعترؼ‬ ‫بوجودىا كدليؿ عمى قبوليا لممختمفيف معيا وليس مف قبيؿ‬ ‫التصديؽ واالعتبار الفني الموضوعي ‪ ..‬وىؿ يعني وجود‬

‫‪- 90 -‬‬


‫‪55‬‬

‫عدة شعراء في لجنة الشعر أو إصدار دواويف نثرية‬ ‫لمشعراء أف كؿ شئ قد تغير فجأة وأف قناعات وممارسات‬ ‫السنيف وخصوصاً أف األشخاص ىـ نفس األشخاص ‪-‬‬

‫قد تبدلت وصارت أكثر استيعاباً لتحوالت الواقع ؟ إف‬

‫الحياة الثقافية تتعامى عف حقيقة أف ىذه القصيدة ىي‬

‫األكثر كتابة وتمثيالً لألجياؿ الجديدة حالياً رغـ أف باقي‬

‫األشكاؿ بالطبع موجودة ومزدىرة وتتطور ‪ ..‬إف عقد أي‬ ‫مؤتمر لقصيدة النثر في مصر ىو أمر طبيعي ومناسب‬

‫في كؿ وقت ألف ىذه القصيدة التي عانت كثي اًر مف النفي‬

‫والتيميش تحتاج جيوداً ضخمة في سبيؿ قراءتيا جمالياً‬

‫وتفتيح أبواب بحثية تثير أسئمة واشكاليات تساىـ في‬

‫النظر واعادة النظر في مسائميا وزواياىا النظرية ‪ ،‬كما‬ ‫يحتاج أصحاب المشاريع الجادة – وىـ كثر ‪ -‬لتسميط‬ ‫الضوء البحثي في مناطؽ الضوء والظالـ في ىذه‬ ‫المشاريع بما يشجعيـ عمى اقتراح مناطؽ شعرية جديدة‬ ‫في المستقبؿ ‪ ..‬أيف ستحتؾ األصوات الشعرية الجديدة مع‬ ‫سابقييـ ومجايمييـ ونصوصيـ وتجاربيـ الحية إال في‬

‫‪- 91 -‬‬


‫‪55‬‬

‫مؤتمرات تتميز باالستقالؿ والبعد عف المظالت الفكرية‬ ‫والوعيية المييمنة الرجعية ؟‬ ‫وال يمنع اليدؼ األساسي في السعي إلقامة مؤتمر لقصيدة‬ ‫النثر كؿ فترة والذي ىو تقميب التربة وغربمة الواقع‬ ‫ومساءلتو وكشؼ المبدعيف أماـ لحظتيـ – أف يكوف‬

‫ٍ‬ ‫لمؤتمر ما بالذات أىدافاً وطموحات معينة منيا مثالً‬

‫التساوؽ مع المحظة اآلنية في طرح كؿ جزء مف المجتمع‬

‫ألسئمة المستقبؿ – ك ٌؿ مف زاويتو ومدخمو ‪ ..‬إف مصر‬ ‫ىي الرائدة دائما في تقديـ األنشطة الثقافية الجادة واف‬

‫إقامة مثؿ ىذه المؤتمرات خطوة في سبيؿ عودة مصر‬ ‫لعافيتيا المعيودة ‪ ..‬ثـ كذلؾ الرد عمى الدعاوى الرجعية‬ ‫الخبيثة التي تقوؿ إف الشعر الطميعي المصري ال بد أف‬ ‫يعود نخبوياً كما كاف بعد أف شارؾ في المياديف وفي‬ ‫الفعؿ الثوري وحتى عمى صفحات التواصؿ ‪ ..‬وذلؾ‬

‫اتساقاً مع الفكرة الفمولية التي تقوؿ لكؿ ما ىو ثوري‬

‫( اىدوا وسيبنونا نشتغؿ ) ! كما أف الدعاوي التي تأتي‬ ‫مف بعض الدوؿ العربية كؿ فترة و التي تتيـ الشعر‬

‫‪- 92 -‬‬


‫‪55‬‬

‫المصري الجديد بالجمود والتي يتضح في كؿ مرة أف‬ ‫وراءىا أغراضاً ليست فنية بالضرورة تستحؽ الرد عممياً‬ ‫بإبراز أجياؿ ىذه الكتابة ووضع تجاربيـ عمى المحؾ ‪.‬‬

‫أما التحديات التي تواجو قصيدة النثر فمنيا ما ىو خارج‬ ‫عنيا ومنيا ما ىو مف داخؿ الكتابة ذاتيا ‪ ..‬أما ما ىو‬ ‫خارج عنيا فقد ال يخصيا وحدىا إذ أنيا ترعى في مناخ‬ ‫ضد الكتابة أساساً ويرفض كؿ ما ىو جاد وحقيقي‬

‫وخصوصاً أنيا مازالت تعاني مف سوء الفيـ والرفض مف‬

‫كؿ مف يريد أف يظؿ جاثماً عمى أنفاسنا ومحتفظاً بمواقعو‬

‫لألبد ‪ ..‬ومف داخؿ القصيدة يجب عمى الشعراء أف يكونوا‬

‫( قدىا ) بمعنى أف يستفيدوا مف اتساعيا ورحابتيا ويكونوا‬ ‫أكثر جرأة وأكثر استعداداً لمتجاوز وأال يركف كؿ صاحب‬ ‫منجز لطريقتو التي ألفيا بؿ يطرؽ أر ٍ‬ ‫اض جديدة دائما بال‬ ‫خشية وأف تستفيد القصيدة مف التالقح الفكري مع النص‬ ‫الكبير الذي يكتبو العالـ وىو التعاطي الذي يتـ رغماً عف‬

‫أي تحجرات ‪ ..‬ونياية ال يخفى عمى المرء أنو قد‬

‫أصبحت ىناؾ ( وصفة مصرية في كتابة قصيدة النثر)‬

‫‪- 93 -‬‬


‫‪55‬‬

‫مكونة مف عدة تفاصيؿ عمى أحزاف عامة وشخصية‬ ‫بمفردات وطريقة بسيطة وىي توليفة قد أدت إلى دخوؿ‬ ‫أدعياء كثيريف قد يزدحـ بيـ المشيد أحياناً ‪.‬‬

‫‪- 94 -‬‬


‫‪55‬‬

‫" صفحة من دفتر النشر الخاص في مصر "‬ ‫في تسعينيات القرف الفائت كاف المشيد اإلبداعي في‬ ‫مصر يتحمؽ حوؿ ثالث كممات ‪ ..‬مؤسسة ‪ ،‬ورجاؿ ‪،‬‬ ‫وسياسة ‪ :‬مؤسسات حكومية عتيدة وراسخة ومنتشرة ‪،‬‬ ‫يسيطر عمييا رجاؿ تـ اختيارىـ بعناية فائقة ‪ ،‬لتنفيذ‬ ‫سياسة محددة ومنيج معموـ تـ التوصؿ إلييما كصيغة‬ ‫أكثر عممية وواقعية – بعد تجربة العديد مف الصيغ في‬ ‫العيود السابقة ‪ -‬في التعامؿ مع الفئة الخطرة المسماة‬

‫بالمثقفيف ‪ ..‬ىذه السياسة أو الغرض أو الخطة ىي صنع‬ ‫دوامة بالغة العمؽ والتجميات والزوايا ( ضجيج ثقافي دائـ‬ ‫واف كاف بال طحيف معرفي حقيقي ) فيتوه المثقؼ في‬ ‫جوانبيا وأركانيا ومراياىا الوىمية بينما الجالس في األعمى‬ ‫يبتسـ ثـ يضحؾ بكؿ قبح ‪ ..‬ينشغؿ ذلؾ المثقؼ عف‬ ‫طموحو ودوره – كفاعؿ عضوي في مجتمعو وفي نوعو‬

‫األدبي أو الفكري وتنظيره وصياغتو الخ ‪ – ..‬أو باألحرى‬ ‫ينشغؿ بدوره الجديد الذي آف أف ينفذه ‪ ..‬فيظؿ يجري مف‬

‫‪- 95 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ىنا ليناؾ طمعاً في طبع كتاب أو حضور مؤتمر أو‬

‫سفرة خارجية ‪ ..‬وما إلى ذلؾ مف األنشطة التي ال تتوقؼ‬ ‫أبداً وتشده شداً لمحظيرة وبريقيا الذي يعمي القموب ‪..‬‬

‫وأصبح مف العادي أف يتحوؿ الجداؿ بيف المثقفيف مف‬ ‫المِم َّحة في كؿ االتجاىات إلى الخالؼ‬ ‫مناقشة القضايا ُ‬ ‫الب َدالت " ! وىكذا‬ ‫عمى المناصب العديدة والمتشعبة و" َ‬ ‫تتخمص الدولة مف خطر" األفندية األرازؿ " ! بتعبير‬

‫المرحوـ السادات ‪ ،‬بطريقة ناعمة تميؽ بالوزير الناعـ !!‬ ‫وتحقؽ " شكالً " لمدولة راعية العمـ واألدب والفنوف التي‬ ‫نجحت إلى حد كبير في أف تنسى أي خطر قد يحدؽ‬

‫بخططيا مف جية ىذه الفئة بالذات ‪ ،‬وتتفرغ بالتالي‬ ‫لمياميا االستبدادية المتمونة األخرى ‪ ..‬كيؼ وقد حولتيـ‬ ‫لشكؿ عصري مف العبيد وال ُشطَّار وال َعَّياريف الذيف يبدلوف‬ ‫أيدلوجياتيـ كؿ صباح بما يالئـ المغنـ الذي يموح أو مزاج‬ ‫السيد الذي يبدؿ مسامير مقرعتو كؿ لحظة ‪ ..‬ومف ضمف‬ ‫أدوات ىذا المخطط كاف النشر بالطبع ‪ ..‬فتـ تنشيط‬ ‫سالسؿ متعددة ازدحمت عف آخرىا بالمبدعيف الذيف‬

‫‪- 96 -‬‬


‫‪55‬‬

‫يناموف وىـ يحمموف بأف يأتي الدور عمييـ بسرعة وأف تمر‬ ‫تمؾ األعماؿ مف بيف فَ َّك ْي المجاف التي تستطيع أف تعطي‬ ‫الصؾ أو توقؼ القطار ‪ ..‬لـ تستطع الدولة أف تتسامح‬ ‫مع أي خروجات دينية‬

‫أو أخالقية كيال تفتح بوابات‬

‫الحرية لالنتقاد السياسي الذي قد ينذر بتنبيو الغافميف ‪ ..‬ال‬ ‫أخالؽ والديف لمدولة – أي دولة – وانما الخوؼ كؿ‬ ‫الخوؼ – طوؿ الزمف – ال يكوف إال مف طائر الحرية‬

‫الذي إذا دخؿ مف فرجة في النافذة فإنيا ال تنغمؽ بعده أبداً‬

‫‪ ..‬لذلؾ لـ يكف ىناؾ سبيؿ إال النشر الخاص الذي ييرب‬ ‫فيو المبدع مف قوائـ االنتظار و مف كالَّبات الرقابة ‪..‬‬ ‫تساوؽ ىذا األمر مع ظيور أجياؿ جديدة مف الكتاب‬ ‫كانت تكتب بطريقة مختمفة وعصرية وأكثر ميالً لمتجريب‬

‫وأكثر انفتاحا عمى كؿ الثقافات والمتغيرات التقنية ‪..‬‬

‫وىكذا تقاطعت بعض دور النشر الخاصة بالكتابة الجديدة‬ ‫فارتبطت دار مثؿ " شرقيات " بقصيدة النثر وكتابة‬ ‫التفاصيؿ ودار مثؿ " ميريت " بالمشيد الروائي الجديد ‪..‬‬ ‫الخ ‪ ...‬لكف األمور كعادتيا ال تخمو مف سمبيات عممية‬

‫‪- 97 -‬‬


‫‪55‬‬

‫تميؽ بالواقع العشوائي ‪ ..‬منيا رفض غالبية الدور كتابة‬ ‫عقد مع المبدع اعتماداً عمى العالقة الشخصية فيعيش‬

‫الكاتب قمقاً عجائبياً ورخيصاً إلى أف يستمـ نسخ كتابو ‪..‬‬ ‫النسخ التي اليتـ االتفاؽ إال عمى عدد األلؼ منيا والذي‬

‫واقعياً ال ينفذه الناشر ‪ ،‬ألنؾ يا عزيزي " ال تعد النسخ‬

‫وراءه " ! ثـ إنو يكفي عميكـ مائتي نسخة ‪ " ..‬يعني مف‬ ‫ياخ ْي " !! وباألساس فكرة أف ُي َكمِّؼ المبدع‬ ‫ُكتْر القراء َ‬ ‫كتابو ويدفع لمناشر نقوداً جعمت األمر أقرب لشخص يتـ‬ ‫خداعو برغبتو ىو ‪ ..‬فأنت تدفع لقاء اسـ الدار فقط وال‬

‫تستطيع في كؿ األحواؿ أف تجد نسخاً والعدد المطبوع‬

‫القميؿ ال يسمح بالتوزيع الذي ليس في طموح الدور أصالً‬ ‫!! ألنيا تكتفي بالمعارض وبمف تعرفيـ مف الصحفييف‬

‫وبنقاد معينيف ‪ ..‬إذف األمر محض نشر سري ‪ ...‬تسمع‬ ‫عف كتب وال تراىا وأصحابيا ال يممكوف منيا نسخاً ‪..‬‬

‫لكنؾ ال تنكر أبداً ‪ ،‬أنو عف طريؽ شبكة مف األصدقاء‬

‫المنتشريف في المؤسسات اإلعالمية يتـ " التخديـ " عمى‬ ‫الكتاب !! ىذه ىي الحقيقة التي تجعؿ الكثيريف يحسموف‬

‫‪- 98 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ترددىـ ‪ ..‬فيتـ ترشيح الكتاب لجوائز ويحظى بكتابة نقدية‬ ‫وما إلى ذلؾ ‪ ..‬نعـ ىو نفس الكتاب الذي لـ يقرأه إال‬ ‫القمة المعنية فقط ‪ ،‬المعنية ليس باختيارىا ولكف وفؽ‬ ‫نشاط وحركية الناشر في الواقع الثقافي ‪...‬‬ ‫النشر الخاص مفيد ؟ بالطبع ‪..‬‬ ‫وىو ضرورة ال حياد عنيا خاصة مع بزوغ أفكار تفكيؾ‬ ‫و ازرة الثقافة وىيئاتيا البيروقراطية وما إلى ذلؾ ‪...‬‬ ‫يحرؾ المياه الراكدة ويفتح آفاقاً ومسار ٍ‬ ‫ات مف دونيا الحياة‬ ‫الثقافية ميتة ؟ يقوـ بيذا بالتأكيد ‪ ...‬يتواشج مع فكرة‬

‫الحرية التي ال بديؿ عنيا لممبدع ولعممية اإلبداع ذاتيا ؟‬ ‫بالضبط ‪..‬‬

‫ٍ‬ ‫قاس وبيمواني ويقترب مف العبث ومستغؿ ‪....‬؟ نعـ‬ ‫لألسؼ ‪...‬‬

‫‪- 99 -‬‬


55

- 100 -


‫‪55‬‬

‫" الشاعر والوظيفة ‪ :‬روح مفتوحة عمى‬ ‫النزيف ‪" ....‬‬

‫كاف أبي رحمو اهلل يتوقؼ ونحف سائراف ويقوؿ " اإليد‬ ‫البطالة نجسة " وفي مشيد آخر يغمغـ " العمؿ عبادة "‬ ‫وما إلى ذلؾ مف العبارات واألقواؿ المأثورة ‪ -‬ناىيؾ عف‬ ‫اآليات واألحاديث ‪ -‬التي تحث عمى العمؿ وتُجمي‬ ‫قيمتو‪ ..‬الخ ‪ ...‬حتى جاء اليوـ الذي سألتو فيو عف سر‬ ‫ىذا اإللحاح عمى ىذا األمر بالذات فقاؿ بأسى " ألنؾ‬ ‫عمي أو كاف واقعاً‬ ‫بتاع ِشعر!! " ‪ ..‬وىكذا كاف يخاؼ َّ‬

‫تحت الفكرة المتسمطة عمى الكثيريف وىي صورة الشخص‬

‫يحوـ دائماً بعيداً عف كؿ ماىو‬ ‫الحالـ الفوضوي الذي ِّ‬

‫واقعي وحقيقي ‪ ،‬الشاعر‪..‬الشخص الذي تمنعو طبيعتو‬

‫اليوائية مف االنتظاـ في عمؿ ما وبالتالي يعيش عالة‬ ‫عمى اآلخريف ‪ ،‬األكثر جدية ونفعا ألنفسيـ ولمعالـ ‪...‬‬ ‫ىذه الصورة الذىنية‪ ..‬ىؿ ىي مجرد أسطورة اجتماعية‬ ‫موجودة عندنا أـ أف فييا ظالً مف الحقيقة‪...‬األمر خالفي‬

‫‪- 101 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ولكننا إف سألنا سؤاالً مثؿ‪ :‬ىؿ يعمؿ الشاعر‪ ..‬ال يكوف‬ ‫أمامنا إال وأف نمجأ لمجغرافيا ومف ثـ لممستوى الحضاري‬

‫تحضر ووعياً يتعامؿ مع الشاعر‬ ‫‪ ..‬فالعالـ األوؿ األكثر‬ ‫ً‬ ‫عمى أنو إنساف مميز تحتاج إليو البشرية في كؿ مراحميا‬ ‫وال تمجأ لمعيار األىمية إذا قارنت بينو وبيف السياسي أو‬ ‫عالـ الفضاء أو العالـ أو االقتصادي‪..‬الخ حيث تتفيـ ىذه‬ ‫المجتمعات فكرة التجاور الذي يكمؿ فسيفساء المجتمع فال‬ ‫يصح أف ُيطمؽ عمى أي تجمع بشري مصطمح المجتمع‬ ‫إال إذا احتوى عمى كؿ األنماط وىكذا تكوف لتربية الروح‬ ‫نفس أىمية تربية الجسد‪..‬وبالتالي يمكف أف توفر لمشاعر‬ ‫بعض المميزات المرتبطة أيضا بالبعد التجاري ‪ ..‬فعندما‬ ‫ينجح كاتب ما ‪ -‬شاعر أو غيره ‪ -‬في الوصوؿ لمبيعات‬ ‫عالية توقع معو دور النشر عقوداً إلنتاج الكتب خالؿ عاـ‬

‫ال وتجددىا لو كمما استمر نجاحو وتوفر لو راتباً يكفيو‬ ‫مث ً‬ ‫ثـ ترتب لو بعد صدور الكتاب الحمالت الترويجية‬

‫وحفالت توقيع في بمداف مختمفة ولقاءات إعالمية وما إلى‬ ‫ذلؾ ‪...‬أما في دوؿ العالـ الثالث فالصورة تماثؿ وتحاكي‬

‫‪- 102 -‬‬


‫‪55‬‬

‫الواقع والمستوى الحضاري المتدني ‪..‬الشاعر مثمو مثؿ‬ ‫باقي أنماط المجتمعات المأزومة يعاني في االلتحاؽ بعمؿ‬ ‫ثابت ثـ يعاني في رسـ حياة مناسبة لمف يعوؿ‪..‬أي أنو‬ ‫يضطر لزحزحة الشعر إلى نياية قائمة‬ ‫االىتمامات‪..‬باإلضافة إلى أنو يواجو التباسا في وعي‬ ‫البعض ضده وخصوصاً عند استدعاء القيـ الدينية‪..‬أي‬ ‫أف الشاعر عندنا يواجو الجيؿ والظروؼ والتيميش في‬

‫غالب العصور وعزلتو النفسية المتجددة ‪ ،‬في وقت واحد‬ ‫‪ ..‬بالطبع ال ينسحب ىذا عمى الشعراء النجوـ الذيف‬ ‫يؤدوف دائما أدوا اًر مرسومة تجعؿ المجتمع يرفعيـ في‬ ‫مكانة تجعؿ الواحد منيـ يكافئ العشرات في الحظوة‬

‫والماؿ واالنتشار الخ ‪ ..‬لكنيـ في النياية قمة ‪ ...‬واذا‬ ‫كانت فكرة تفرغ الشعراء قد تعاطت معيا مجتمعاتنا في‬ ‫إطار" المنحة " التي تقدـ لمبعض فإنيا بطبيعتيا مؤقتة‬ ‫مرىونة بانتياء المشروع المتفؽ عميو وبيذا فتكوف فكرة أف‬ ‫يمنح مجتمع ما تفرغاً طويالً لمكاتب أو الشاعر فكرة‬ ‫طوباوية أقرب لموىـ‪...‬‬

‫‪- 103 -‬‬


‫‪55‬‬

‫واذا فسرنا باألساس كممة النفع العاـ تبعا لتقدـ وتحضر‬ ‫مجتمع ما سنصؿ لجواب سؤاؿ ما إذا كاف الشعر عمالً‬ ‫مفيدا لمجميع أـ ال حيث أف لكؿ مجتمع أولياتو التي‬

‫بمنتيى الصراحة يكوف الشعر في بعض األوقات خارجيا‬ ‫وعبئا ورفاىية غير مستساغة في إطار غياب األساسيات‬ ‫مثؿ الطعاـ والدواء والحرية ‪ ...‬لكف ىؿ يعني ذلؾ أف‬ ‫الشعر يحتاج مجتمعاً صحياً لكي ينمو‪ ..‬بالعكس فالمعاناة‬ ‫في غالب األحواؿ تخمؽ اإلبداع ولكف القير كذلؾ‬

‫والصعوبات التي تواجو المبدع تأكؿ روحو وتحبطو‬ ‫وتشغمو أيضاً‪...‬‬

‫واذا وصمنا لصمب عممية الكتابة وانتاج النص الشعري‬ ‫ويبقي‬ ‫فالعمؿ الذي يأخذ مف الشاعر وقتو وجيده وصحتو ُ‬ ‫لو قمقو وتوتره يجعؿ الشاعر في حالة دائمة مف التدريب‬ ‫عمى االصطياد ‪ ..‬اصطياد الفكرة والصياغة مف وسط‬ ‫األتوف الذي يبعده عف الفعؿ الوحيد الذي يحقؽ إنسانيتو‬

‫‪ ..‬اإلبداع ‪..‬‬

‫‪- 104 -‬‬


‫‪55‬‬

‫وفي األولى واآلخرة الشاعر جزء مف لحظتو التاريخية ‪..‬‬ ‫يعاني مثمما تعاني ‪..‬‬ ‫ولكف بروح مفتوحة أكثر عمى النزيؼ ‪.....‬‬

‫‪- 105 -‬‬


55

- 106 -


‫‪55‬‬

‫المؤلف ‪:‬‬ ‫‪ ‬مواليد ‪1975 /11/15 :‬‬ ‫لـو ‪:‬‬ ‫ـدر ُ‬ ‫‪َ ‬‬ ‫ص َ‬ ‫‪ -1‬بورتريو أخير‪ ،‬لكونشرتو العتمة ‪.‬‬ ‫شعر ‪ ،‬دار سوبرمان ‪. 1998‬‬ ‫‪ -2‬ىواء جاف يجرح المالمح ‪.‬‬ ‫شعر ‪ ،‬الييئة العامة لقصور الثقافة ‪. 2000‬‬ ‫‪ -3‬اية النشوة ‪.‬‬ ‫شعر‪ ،‬طبعة أولى ‪ :‬ىيئة قصور الثقافة ‪. 2002‬‬ ‫طبعة ثانية ‪ :‬مكتبة األسرة ‪. 2003‬‬ ‫‪ -4‬بيجة االحتضار ‪.‬‬ ‫شعر ‪ ،‬ىيئة الكتاب ‪. 2003‬‬ ‫‪ -5‬ال ِسريُّون القدماء ‪.‬‬ ‫شعر‪ ،‬ىيئة الكتاب ‪. 2003‬‬ ‫‪ -6‬ممر عميان الحروب ‪.‬‬ ‫شعر‪ ،‬ىيئة قصور الثقافة ‪. 2005‬‬ ‫‪ -7‬تفكيك السعادة ‪.‬‬ ‫شعر ‪ ،‬دار ىفن ‪. 2009‬‬

‫‪- 107 -‬‬


‫‪55‬‬ ‫‪ -8‬تأطير اليذيان ‪.‬‬ ‫شعر ‪ ،‬دار التالقي لمكتاب ‪. 2009‬‬ ‫‪ -9‬بقع الخالص ‪.‬‬ ‫مونودراما ‪ ،‬ىيئة قصور الثقافة ‪،‬‬ ‫بيت ثقافة الفشن ‪. 2010‬‬ ‫‪ -10‬إضاءة خافتة وموسيقى ‪.‬‬ ‫مجموعة مسرحية ‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب‬ ‫‪.2009‬‬ ‫‪ُ -11‬ي ِط ُّل عمى الحواس ‪.‬‬ ‫شعر‪ .‬كتاب اليوم ‪ .‬دار أخبار اليوم ‪. 2010 ،‬‬ ‫‪ -12‬الياتف‪.‬‬ ‫مسرحية لألطفال ‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمكتاب ‪.2010‬‬ ‫‪ -13‬أوراد النوستالجيا ‪.‬‬ ‫مقاالت نقدية ‪ ،‬إقميم القاىرة الكبرى الثقافي ‪.2011‬‬ ‫ِ‬ ‫كالغابة كاألسالف ‪.‬‬ ‫ق في ال َغ ْم ِر ‪،‬‬ ‫‪َ -14‬عالِ ٌ‬ ‫شعر ‪ ،‬ىيئة قصور الثقافة ‪. 2013‬‬ ‫شبح في الظييرة ‪ ،‬شعر ‪ ،‬الييئة المصرية‬ ‫‪َ –15‬رف ُة‬ ‫ٍ‬ ‫العامة لمكتاب ‪. 2013‬‬

‫‪- 108 -‬‬


‫‪55‬‬ ‫‪ ‬قَ ْيد الصدور ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ –1‬ح ايٌز لإلثم ‪ ،‬شعر ‪.‬‬ ‫‪ – 2‬بال خبز وال نبيذ ‪ ،‬شعر ‪.‬‬ ‫‪ –3‬عمم النمل ‪ ،‬نصوص ‪.‬‬ ‫‪ –4‬الصياد والسمك الناطق ‪ ،‬قصص مترجمة لألطفال ‪.‬‬ ‫‪ –5‬اقترح أنت حالً آخر ‪ ،‬األعمال المسرحية ‪.‬‬ ‫* لمتواصل ‪ :‬ىاتف محمــول‪- 01003815130 :‬‬ ‫‪01116321147‬‬ ‫بريد إلكتروني ‪:‬‬ ‫‪momensamir76@yahoo.com‬‬

‫‪- 109 -‬‬


55

- 110 -


‫‪55‬‬

‫المحتويات‬ ‫* مالمح ‪3-36‬‬

‫ األبنودي وتناقضات الشخصية الكبيرة ‪5 .‬‬‫ وجوه إيماف مرساؿ ‪9 .‬‬‫ أحمد يماني ‪19 .‬‬‫ سمير درويش ‪23 .‬‬‫ خالد الصاوي ‪32 .‬‬‫* جذور ‪37-63‬‬ ‫ بيوت مصر وروحيا الندية ‪39 .‬‬‫ حكايات شعبية مف محافظة بني سويؼ ‪51 .‬‬‫* إشارات ‪65-105‬‬ ‫ في سؤاؿ الثقافة ‪67 .‬‬‫ تحديات النص الراىف ‪71 .‬‬‫ ىؿ أفادت مواقع التواصؿ االجتماعي اإلبداع‬‫األدبي والفني ؟ ‪81‬‬ ‫ ماذا ينقصنا ليكوف أدبنا عالمياً ‪85 .‬‬‫‪ -‬حوؿ مؤتمرات قصيدة النثر ‪89 .‬‬

‫‪- 111 -‬‬


‫‪55‬‬

‫ صفحة مف دفتر النشر الخاص في مصر ‪95 .‬‬‫ الشاعر والوظيفة ‪ :‬روح مفتوحة عمى النزيؼ ‪.‬‬‫‪101‬‬ ‫* المؤلؼ ‪107 .‬‬ ‫* المحتويات ‪111 .‬‬

‫‪- 112 -‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.