www.facebook.com/ZaitonMagazine | zaiton.mag@gmail.com | www.zaitonmag.com
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة السنة الثالثة | 15تشرين األول 2016
العدد
141
تني �إدلب املجفف.. جتارة رائجة رغم احلرب تصوير :وسيم درويش -زيتون
14قرية حمرومة من التدري�س كلي ًا يف ريف �إدلب
4
خبز �إدلب� ..أ�سعار مرتفعة رغم زحمة الأفران
12
�صيد الطيور ..الهواية التي تكرهها احلرب
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
14 1
زيتون أخضر
"زيتون" ّ توثق الغارات اجلوية على �إدلب وريفها خالل الن�صف الثاين من �شهر ت�شرين الثاين خاص زيتون و ّثق��ت «زيت��ون» مجم��ل ما تعرّض��ت له محافظ��ة إدلب خ�لال النص��ف الثان��ي م��ن ش��هر تش��رين الثاني ،وذلك بع��د اإلع�لان ع��ن الحمل��ة الروسية واألس��دية الهمجية على المحافظة على الش��كل التالي: تعرض��ت أكث��ر م��ن 121 نقطة ف��ي المحافظة لغارات جوي��ة روس��ية وأس��دية بمختل��ف أن��واع األس��لحة، والت��ي تنوّعت م��ا بين 359 غ��ارة بالصواري��خ الفراغية،
و 67غ��ارة بالصواري��خ والقناب��ل العنقودي��ة ،و 17 غ��ارة بالرشاش��ات الثقيل��ة، و 16غ��ارة مظلي��ة ،و 10 غارات بالقناب��ل والصواريخ االرتجاجي��ة ،و 8غ��ارات بالفوسفور. وش��نّ الطي��ران المروح��ي 31غ��ارة جوي��ة بالبرامي��ل المتفج��رة ،وغارتين باأللغام المتفج��رة ،وغ��ارة باأللغ��ام البحرية. وشنّ طيران مجهول غارتين جويتين عل��ى المنطقة ،كما ش��نّت طائ��رة ب��دون طي��ار غارة جوية مماثلة ،وتعرضت نقط��ة لالس��تهداف من قبل
الب��وارج الروس��ية ،و 4نقاط بالصواريخ الباليستية. ووفق��اً إلحصائي��ة «زيتون» اس��تهدف طي��ران األس��د والطي��ران الروس��ي 15 مدرس��ة ،وتجمع��ي مدارس، ً إضاف��ة الس��تهداف كلي��ة التربي��ة ف��ي مدين��ة مع��رة النعمان. وو ّثق��ت «زيتون» ارتقاء 157 ش��هيداً ف��ي محافظ��ة إدلب خ�لال النص��ف الثان��ي م��ن شهر تش��رين الثاني ،بينهم 51طف�ل ً ا ،وع��دد كبي��ر من الجرحى. ورص��دت «زيت��ون» انفج��ار 12عب��وة ناس��فة ،وس��يارة
مفخخ��ة ،وانفجاري��ن بألغام أرضي��ة كان��ت مزروع��ة في طرقات المنطقة. وتج��در اإلش��ارة إل��ى أن إحصائي��ة «زيتون» تش��مل النص��ف الثان��ي م��ن ش��هر
تش��رين الثاني في الفترة ما بي��ن 29 -15م��ن تش��رين الثان��ي ،وال��ذي تزام��ن م��ع الحمل��ة الهمجي��ة الروس��ية على مدينة إدلب وريفها.
م�شاكل يف تزفيت بع�ض الطرقات واملجل�س املحلي يف �سراقب يو�ضح األساس في التصاق المجبول الزفتي بالش��ارع ،هو بسبب مرور السيارات على الطرقات قبل التزفيت م��ا يزيل كمية كبي��رة م��ن الفي��ول نتيج��ة اللتصاقه بعجالت السيارات.
ق��ام المجل��س المحل��ي لمدين��ة س��راقب بتنفي��ذ مش��روع إلص�لاح الطرقات وتزفيته��ا ،بدع��م م��ن البرنامج اإلقليمي السوري (كيمونيك��س) ،ويش��مل الط��رق الرئيس��ية لمداخل المدين��ة وإص�لاح أغل��ب الط��رق المتض��ررة م��ن القص��ف وتس��هيل حرك��ة السيارات ال س��يما سيارات اإلسعاف. وكان أح��د المواطني��ن قد
2
بث مقطعاً مصوراً من مدينة سراقب عن عملية تزفيت أحد الطرقات في المدينة ،ويظهر في الفيديو ع��دم وضع مادة الفيول تحت طبقة اإلس��فلت وهو خلل قد يجعل اإلس��فلت قابال لإلزالة بسهولة كما جاء في الفيديو. وح��ول ه��ذا الموض��وع قال رئي��س المجل��س المحل��ي إبراهيم باريش لـ « زيتون «: «المش��روع ه��و عب��ارة ع��ن ترقي��ع وإص�لاح الش��وارع
ولي��س تزفيت��اً كام�ل ً ا ،وألنه يحق لنا مراقبة تنفيذ العمل كم��ا ورد في نق��اط العقد مع المتعه��د ،فقد قمن��ا باختيار أش��خاص م��ن ذوي الخب��رة مثل المراق��ب الفني «محمد رفيق شيخ ديب» والمهندس «محمد عكل��ة» رئيس مكتب الخدم��ات باإلش��راف عل��ى تنفيذ المشروع. وأوضح باريش إلى أن اللبس الذي حصل ح��ول عدم وجود م��ادة الفي��ول الت��ي تعتب��ر
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
وبالرج��وع إل��ى بن��ود العقد ال��ذي حصل��ت زيت��ون عل��ى نس��خة منه تبي��ن أن القيمة المخصص��ة لم��ادة الفي��ول هي م��ا يقارب 24900دوالر، كم��ا أن للمجل��س المحل��ي الح��ق بحس��ب العق��د بزيادة الكمي��ات أو إنقاصه��ا بمعدل 25%م��ن قيم��ة العق��د وفق ضرورة المش��روع ،وفي حال تبين وجود أخطاء أثناء تنفيذ العم��ل يحق للمجل��س أيضا االعتراض وتقديم التعليمات المناسبة من قبل المهندسين والخبراء المراقبين. ب��دوره أك��د المش��رف عل��ى المشروع محمد عكلة أنه في ظ��ل الظ��روف الحالي��ة يجب رش م��ادة الفي��ول وم��ن ثم التزفيت مباشرة ،وتجنبا ألي خل��ل في العمل س��يتم وقف حركة السيارات قبل التزفيت الكامل ،أما بالنسبة للشوارع
الت��ي تض��ررت بس��بب مرور السيارات ونقص مادة الفيول فقد تم رش هذه المادة فوق الطبق��ة الرقيق��ة وإصالحها وس��يعاد العم��ل عل��ى كل النقاط الضعيفة قبل تسليم المشروع. وق��ال أح��د المواطني��ن ل��ـ «زيت��ون» :بأن م��ادة الفيول رغ��م أنها وضعت ف��ي أغلب الط��رق إال أن بع��ض الطرق ل��م يتم وض��ع الم��ادة عليها وهذا س��يؤدي في الشتاء الى زوال طبقة الزف��ت ألنها غير ملتصقة باألرض ،نتمنى من الجهات المعنية متابعة عمل المتعهد ومراقبته كي تستمر الثقة بين المواطن والمجلس المحل��ي ولك��ي ال نق��ع ف��ي الخالف��ات الت��ي توصلنا إلى االتهام��ات وتخوين القائمين على مشاريع في البلد. يذك��ر أن م��دة العقد هي 60 ي��وم من تاري��خ توقيع العقد 18/10/2016وأن يضم��ن المتعهد المش��روع من س��وء التنفيذ وإصالح أي خلل يوجد لمدة س��نة كاملة م��ن تاريخ االستالم المؤقت.
زيتون أخضر
90باملئة من �أطفال �إدلب ح�صلواعلى اللقاح الروتيني هذا العام أق���ام ف��ري��ق ل��ق��اح سورية ومديرية صحة إدلب بإشراف منظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية ،منتصف شهر تشرين الثاني ،الجولة الثالثة واألخ��ي��رة من حملة اللقاح الروتيني في إدلب وري��ف��ه��ا ،وال���ت���ي شملت األط��ف��ال ما بين عمر يوم وحتى الخمسة أعوام. وشهدت مراكز التلقيح في إدل��ب وريفها إق��ب��ا ً ال كبيراً م��ن األه���ال���ي ،ل��م��ا لذلك م��ن أهمية لصحة وحياة الطفل ،وللوقاية من جميع األم����راض الخطيرة التي يمكن أن يصاب بها أغلب األط��ف��ال الذين ال يتلقون هذه اللقاحات بشكل دوري ومستمر. وشملت الحملة كافة أنواع اللقاحات الضرورية كلقاح شلل األطفال الفموي منذ الوالدة وحتى خمس سنوات، ول��ق��اح الحصبة والحصبة األلمانية من 6شهور حتى الخمس سنوات ،باإلضافة إل��ى اللقاح الخماسي من عمر الشهرين وحتى خمس س��ن��وات ،وال����ذي يتضمن
«ل��ق��اح ال��دف��ت��ري��ا ،السعال ال��دي��ك��ي ،ال��ك��زاز ،التهاب الكبد ،وفيتامين .»A ال��دك��ت��ور «ع��ب��د الحكيم رم��ض��ان» ع��ض��و مديرية صحة إدلب قال لـ «زيتون»: «ل��ق��د ت���م إط��ل�اق حملة اللقاح الروتيني لمدة ثالث جوالت منذ مدة ستة أشهر بفاصل شهرين بين كل جولة وأخ��رى ،وك��ان العدد المستهدف حوالي 300000 ط���ف���ل ،ووص���ل���ت نسبة األطفال الحاصلين على كافة اللقاحات حسب اإلحصائيات إل��ى ما بين %95 -90من األطفال دون سن الخمس سنوات». وأض��اف« :إن حملة التلقيح هذه مثلها مثل كل حمالت ال��ل��ق��اح ال��س��اب��ق��ة تغطي كامل محافظة ادل��ب قرى وتجمعات سكنية ومخيمات، ويوجد أكتر من ٣٤٠فريق في هذه الحملة توزعوا على مدينة إدل��ب وريفها ،وكل فريق مؤلف من أربعة أفراد: ملقح ،ومذخر ،ومنظم دور، ومسجل». وأك��د على أن االول��وي��ة في اخ��ت��ي��ار ال��ك��وادر ف��ي فرق
اللقاح هي لحملة الشهادات والممارسين للقاح بشكل ع��ام ،علما أن جميع كوادر اللقاح تخضع لدورة تدريبية قبل ك��ل حملة مدتها 3 أيام». وأش��ار إل��ى أن ه��ذه الحملة شملت ال��ل��ق��اح الخماسي والحصبة األلمانية ولقاح ش��ل��ل األط���ف���ال ال��ف��م��وي والحصبة وه��ي أخ��ر حملة لقاح روتيني لهذا العام. وخ��ت��م «رم��ض��ان» حديثه بالتأكيد على أن المرحلة القادمة من اللقاحات في إدلب ،والتي ستتم في بداية العام القادم ،ستشهد افتتاح مراكز ثابتة ودائمة لخدمة ال��ل��ق��اح ف��ي مناطق إدل��ب وريفها ،وسيكون هناك ٤٧ مركز يقدم جميع لقاحات األطفال. م����ن ج���ان���ب���ه ق�����ال أح���د المشرفين ع��ل��ى حمالت اللقاح في سراقب ،الدكتور «عبد اهلل هالل» لـ «زيتون»: «إن الحملة كانت إيجابية وهناك إقبال جيد على كافة المراكز ،وخالل األيام األولى من فترة اللقاحات لم تتجاوز
"البريين" للتدفئة بعد غالء املحروقات يف �إدلب المنتجة لها ،وغ��دت محط اهتمام كبير عند العديد من األهالي ،بعد أن اقتصر استخدامها سابقاً على تدفئة المداجن الكبيرة.
في ظل شتاء يبدو أنه أقسى م��ن س��اب��ق��ات��ه ،وغ�ل�اء لم يعتاده السوريون ،بدا تأمين التدفئة من التحديات التي تثقل كاهل السوري ،وفي محافظة إدل��ب ب��ات البحث عن المواد التي تؤمن الدفء بسعر مقبول ه��و حديث األهالي وشغلهم ،والبحث عن بديل لمحروقات التدفئة وللحطب الذي تزايد سعره يوما بعد يوم ،قاد األهالي الستخدام مادة البيرين وهي فضالت الزيتون بعد عصره،
لعله يؤمن لهم احتياجاتهم م���ن ت��دف��ئ��ة وط��ه��ي ب��آن واح��د ،وبسعر يتناسب مع معيشتهم الحالية. وق���ال “ج��م��ي��ل قلعه ج��ي” مالك منشأة لتصنيع البيرين لزيتون :تنتج مادة البيرين من مخلفات عصر الزيتون في المعاصر المنتشرة في المحافظات السورية وخاصة ف��ي محافظة إدل���ب ،نظراً لالنتشار الواسع لمساحات أشجار الزيتون والمعاصر
وأض���اف “القلعه جي”يتم كبس تلك المخلفات على شكل أسطوانات أو مكعبات بمكابس خاصة ،منوهاً إلى أن سعر الكيلو غرام الواحد من البيرين يتراوح بين (45 و )50ليرة سورية ،وبذلك يتم توفير ثالثة أضعاف عما يتم استهالكه من مادة المازوت ،وخاصة أنها تتميز بوفرة ال��دفء ال��ذي تعطيه عند اشتعالها ،ومدة اشتعاله الطويلة. ويقول أبو أحمد السرميني أحد باعة البيرين في سراقب أن سعر البيرين حاليا حوالي
النسبة %50من الجرع يوميا وذلك بسبب قصف الطيران على المدينة ،ولكن النسبة وص��ل��ت ب��ع��ده��ا إل���ى100 جرعة بشكل يومي». وأك���د ع��ل��ى أن���ه ك���ان من ض��م��ن ك��ل ف��ري��ق طبيب أطفال يشرف على عملية اللقاح واألع��راض الجانبية للقاح خوفا من التحسس أو االختالج أو أي��ة أع��راض سلبية قد تؤثر على الطفل، وإلعطاء اإلرش��ادات الهامة لألهالي ،م��ش��دداً على أن اللقاحات شملت جميع سكان المدينة بما فيهم النازحين القاطنين في المنطقة. «ري��م « إح��دى المختصات ف��ي عملية التلقيح قالت ل��ـ «زي��ت��ون»« :سابقا قبل تحرير إدلب كنا نعاني كثيرا ألننا كنا فريقين واحد جوال على المنازل والريف ،وآخر ث��اب��ت يعمل ضمن مركز ( )50000ليرة سورية حاليا، وه��و مضغوط وج��اف وجيد االحتراق وال تنبعث منه أي روائ��ح ناهيك عن حرارته المرتفعة». ويضيف أبو أحمد« :لقد كان األهالي سابقاً يستعملونه في تدفئة المداجن والحظائر ل��ك��ن��ه��م ت��وج��ه��وا ال��ي��وم الستعماله في تدفئة المنازل بسبب مزاياه الجيدة وسعره المناسب». “محمود ال��رس�لان” مواطن من ريف ادلب الجنوبي ،قال لزيتون :إنه اضطر في هذا العام الستعمال «البيرين» للتدفئة ك��ب��دي��ل للوقود وال��ح��ط��ب ،ك���ون ال��ح��رارة الناتجة عن اشتعاله عالية وتحتاج فترة زمنية لالحتراق أط���ول م��ن ب��اق��ي أص��ن��اف الحطب ،الحتوائها على الزيت المتبقي من عملية العصر، ناهيك عن أن المادة ال ينتج عنها بقايا كتلك الناتجة عن
معين ،حيث كنا خالل اليوم الواحد نذهب إلى منطقتين الستكمال اللقاحات لجميع أطفال الريف ،ولكن حاليا أصبح الوضع أفضل مما كان حيث يتم التنظيم والحد من االزدح��ام وتخفيف معاناتنا ومعاناة األهالي». «عبد الستار» أح��د أهالي م��دي��ن��ة س���راق���ب ،ق���ال لـ «زي��ت��ون»« :عندما انقطع ال��ل��ق��اح بشكل ك��ام��ل عن المنطقة كنت أذه��ب إلى المناطق الحدودية ومناطق ري��ف حلب مثل (ج��زراي��ا) لتأمين جرعة اللقاح ألوالدي، وقبل توفر اللقاح عانيت الكثير في هذا األم��ر ،حيث حصلت على جرعة الشهر األول لولدي بعد أن أصبح عمره سنة وشهرين ،ولكن األم����ر أص��ب��ح اآلن أك��ث��ر سهولة».
عملية احتراق الحطب ،ما يوفر قدراً كبيراً من النظافة طوال فترة فصل الشتاء. وأشار “كمال الخنوس” أحد أهالي قرية معرتحرمة في ري��ف ادل��ب الجنوبي وال��ذي يستعمل «البيرين» كوقود للتدفئة للسنة الثانية ع��ل��ى ال��ت��وال��ي ف��ي حديث ل��ـ «زي��ت��ون» ،أن��ه استعمل مدافئ المازوت في السنوات ال��س��اب��ق��ة ،والح���ظ ال��ف��رق ف��ي التدفئة التي تعطيه إي��اه المدفئة ،فاالنقطاع المستمرة لمادة المازوت، وعدم توفره بشكل دائم في األس��واق إضافة الى الفرق في التكلفة ما بين «البيرين» والمازوت جدير بأن نجربه في منازلنا. وي��ب��دو أن ف��ائ��دة الزيتون ليست بثماره وزيته فقط، بل حتى في لبه وفضالت عصره.
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
3
زيتون أخضر
بطبيبني اثنني ..الطب ال�شرعي ب�إدلب وريفها يعمل على توثيق ال�شهداء جمهويل الهوية وك�شف مالب�سات جرائم فو�ضى احلرب خاص زيتون
ّ ظ��ل فوضى الحرب في والفلت��ان والقص��ف األمن��ي ال��ذي تعيش��ه العدي��د م��ن المناط��ق المح��رّرة ،وم��ن بينها إدلب ،برزت الحاجة إلى إيجاد هيئة أو مؤسس��ة لتوثي��ق الجرائم بكافة أش��كالها ،وأيّ��اً كان��ت مصادره��ا ،ووس��ط هذه األوض��اع تم إيجاد «مركز الطب الشرعي» في محافظة إدلب ،حيث تم تشكيل هيئة الطب الش��رعي بمحافظ��ة ادل��ب وريفه��ا بش��كل رسمي من قبل مديرية صح��ة إدل��ب بتاري��خ .2016/4/1 توثيق الجرائم
مدي��ر مرك��ز الط��ب الش��رعي ف��ي إدل��ب الدكت��ور وريفه��ا «زاه��ر الطق��ش» قال ف��ي حدي��ث خ��اص ل��ـ «زيت��ون»« :إن المرك��ز يق��وم بتنفي��ذ جمي��ع المه��ام الموكل��ة إليه، فيم��ا يتعل��ق بالجريمة وقوعه��ا، وكيفي��ة ومحاولة معرفة الجاني، ومس��اعدة الضحي��ة ف��ي تحصي��ل حقه��ا كام ً ال من خ�لال إظهار الحقيق��ة ومالبس��ات بشكل علميّ، الجريمة ٍ
وخاص��ة ف��ي الجرائ��م الجنائي��ة مث��ل «جرائم القت��ل ،والمش��اجرات، الس��ير، وح��وادث والجرائ��م الجنس��ية»، وذل��ك بالتع��اون م��ع كافة المحاكم وأقس��ام واللج��ان الش��رطة األمنية». وأضاف «الطقش»« :تمّ مؤخراً االستعانة بخبير أدلة جنائية ،وذلك ألخذ البصمات سواء بصمات االنس��ان ،أو بصم��ات األس��لحة» ،الفتاً إلى أن الطب الشرعي في إدلب وريفها يتطوّر يوماً بعد يوم. ّ وأك��د الطق��ش عل��ى مدى أهميته في كش��ف مثل ه��ذه الجرائم في ظل األوض��اع الراهنة، مش��دّداً على ض��رورة تع��اون كاف��ة المحاكم والقضاة مع مركز الطب الشرعي للكش��ف عنها ومحاسبة مرتكبيها وردّ الحقوق ألصحابها. توثي��ق الش��هداء مجهولي الهوي��ة والمس��اعدة ف��ي البحث عن المفقودين
ف��ي ه��ذا الس��ياق قال «زاه��ر»: الدكت��ور «نق��وم ف��ي المرك��ز حالي��اً بتوثيق الش��هداء مجهول��ي الهوي��ة ،وقد حصلن��ا حديثاً على براد يتّس��ع الثنتي عش��رة
جث��ة ،ف��ي ح��ال حولت لن��ا أي جث��ة لش��خص مجه��ول الهوي��ة ،نقوم بتصويره��ا ووصفه��ا وصفاً دقيقاً ونأخذ منها خزع��ة «»DNAونق��وم بتوثيقه��ا وف��ق جداول خاصة ،وبعد ذلك نقوم بدفن الجث��ث المجهولة الهوية في مقبرة خاصة به��ا ،وعن��د مراجعتن��ا م��ن قب��ل أي ش��خص لدي��ه ش��خص مفق��ود نق��وم بع��رض الص��ور علي��ه فإذا تع��رّف على ّ وتأك��د إح��دى الص��ور من أنها تعود للشخص الذي يبح��ث عنه نقوم بإعطائه رقم القبر وفي أي مقبرة تم دفنه ،وإذا لم يتأكد بشكل مطلق م��ن الصور أو بقي لديه ش��ك ،نق��وم بإعطائ��ه خزع��ة ال «،»DNA بحي��ث نس��اهم ف��ي مس��اعدة الن��اس ف��ي البحث عن المفقودين». ونوّه «الطقش» إلى أن م��ن مهام مرك��ز الطب الش��رعي أيض��اً ،العمل ضم��ن اللج��ان الطبية وكشف األخطاء الطبيّة الت��ي يق��ع به��ا بعض األطب��اء أحيان��اً ،وق��د تسفر عن أضرار صحية كبيرة لدى المريض ،أو إلى وفاته أحياناً. وأب��دى
«الطق��ش»
المرك��ز اس��تعداد للتج��اوب والتفاع��ل التام م��ع كافة المحاكم الش��رطة، وأقس��ام منوّه��اً إل��ى أن المركز مفت��وح أم��ام كاف��ة األط��راف المس��ؤولة، وعل��ى م��دار األرب��ع وعش��رين س��اعة ،على الرغ��م م��ن أن المركز مؤل��ف م��ن طبيبي��ن شرعيين فقط. ودع��ا «الطق��ش» عبر «زيت��ون» كافة محاكم إدل��ب وريفها وأقس��ام واللج��ان الش��رطة والطبيّ��ة، األمني��ة الحقائ��ق لتقصّ��ي المتع ّلق��ة بالجرائم عبر مرك��ز الطب الش��رعي الوص��ول لضم��ان للنتيجة المُثلى ،مُبدياً اس��تعداده الش��خصيّ الس��تالم أيّ��ة جث��ة ،أو القيام بأيّ معاينة حتى
م�شروع تدريبي لبناء قدرات املجل�س املحلي يف �سراقب عق��د المجل��س المحل��ي ف��ي مدين��ة س��راقب األحد الماض��ي ،بدعم من منظمة « ، »ACTEDاجتماع��اً ف��ي منت��دى بوابة إدلب ،من أجل بناء قدرات المجلس المحلي في المدينة ،وطرح مش��اريع ته��دف إلى ترقي��ة المجلس وتطوي��ر عمل��ه ف��ي كاف��ة أقسامه. وضم االجتماع ك ً ال من أعضاء المجلس المحل��ي ،وممثلين عن نقاب��ة المحامين ،ونقابة المهندس��ين ،وع��دداً م��ن
4
أهالي المدينة. وتن��اول االجتم��اع تقييم��اً توضيحي��اً ع��ن دور المجلس المحل��ي ف��ي تنفي��ذ مهامه، باإلضاف��ة إل��ى أس��ئلة عامة للمواطني��ن ع��ن النق��اط الس��لبية واإليجابي��ة ف��ي ما يخص عمل المجلس. وق��ال «إبراهي��م باري��ش» رئي��س المجل��س المحل��ي ل»زيتون « :إن «مشروع بناء ق��درات المجلس المحلي هي خطوة بناءة تهدف إلى تدريب أعضاء المجلس على القدرات
والعمل الناجح ضمن مهامهم داخل إدارة المجلس». وأض��اف« :ته��دف ه��ذه المش��اريع أيض��اً إل��ى تجنب األخطاء في قيادة المش��اريع المقدمة لصال��ح المدينة في كافة الجوانب االس��تراتيجية، فض ً ال عن زي��ادة الخبرة لدى جمي��ع أعض��اء المجل��س في تنفيذ مهامهم». م��ن جانب��ه ق��ال المنس��ق العام لعم��ل منظمة «آكتد»، المهندس «أيمن صبوح» ل» زيت��ون «:إن «هذا المش��روع
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
يه��دف إلى اس��تبيان وتقييم عن احتياجات لعمل المجالس المحلي��ة ف��ي قدرته��ا عل��ى تنفي��ذ مش��اريع صغيرة دون وسيط آخر». وأض��اف «صب��وح»« :هن��اك دورة ف��ي الش��هر األول م��ن الع��ام المقبل س��تضم عددا من أعضاء المجالس المحلية الت��ي ت��م اختياره��ا ،وه��ي س��راقب -مع��رة النعم��ان- كفرنب��ل -كفرتخاري��م». وتاب��ع« :وس��يحدد ل��كل مجلس فترة أس��بوع تدريبي
في يوم الجمعة. وأكدّ «الطق��ش» على أن مركز الطب الشرعي ف��ي إدل��ب وريفه��ا هو جه��ة حيادي��ة تمام��اً ال تتب��ع ألي جهة ،وهدفها الوحي��د ه��و الوص��ول إلى الحقيقة ،ومساعدة المختص��ة الجه��ات وأصحاب الحقوق. ه��ذا وأش��ار «الطقش» إل��ى أن المرك��ز يعم��ل حالي��اً تح��ت إش��راف مديري��ة صح��ة إدل��ب، الت��ي وقع��ت عق��داً مع المنظمة الداعمة ينتهي بنهاية ش��هر شباط من الع��ام الق��ادم ،2017 وم��ن غي��ر المع��روف فيم��ا إذا كانت المنظمة ستواصل دعمها للمركز بعد هذا التاريخ أم ال. ع��ن جمي��ع المكاتب ضمن المجل��س المحل��ي والت��ي ال تم��ارس عمله��ا بش��كل كام��ل ،وس��يتم تدري��ب أعضائ��ه عل��ى الخط��ط االستراتيجية حتى يستطيع كل موظ��ف أن يدي��ر عمله بشكل صحيح ومثمر كخطة أولي��ة» .واس��تطرد« :ومن ث��م س��يعطى كل مجل��س مش��روع صغي��ر بمبل��غ 10 آالف دوالر سيتم تنفيذه من قبل أعضاء المجلس ضمن مدنهم ،يع��ود ربحه لصالح المجلس ،وذل��ك بدعم من المنظمات ش��رط أن يكون المجلس نفس��ه ه��و الجهة التنفيذية للمشروع».
مراسلون
�أهايل ريف �إدلب وحتديات توفري املياه خ ّل��ف نظام األس��د ألهال��ي الري��ف اإلدلبي، ع�لاو ًة على ّ كل المش��اكل واألضرار واألعباء مش��كلة جديدة وعبئاً ً التي خ ّلفه��ا بإجرامه، إضافي��اً يتع ّل��ق بالحاجات األساس��ية للحياة، وهي مشكلة انقطاع المياه عن مدن وبلدات ريف إدلب .حيث تعاني مناطق ريف إدلب من انقطاع المياه بشكل مس��تمر ،ومن صعوبة توفرها في الكثير منها ،وذلك نتيجة لتعطل معظ��م محطات المي��اه في الق��رى والبلدات نتيجة انقطاع التيار الكهربائي فيها. وباتت منازل الري��ف اإلدلبي بال ماء ،ودفعت
عز الدين زكور
«بي��ع المي��اه» ..مصدر رزق للمواطنين
بالمقاب��ل دع��ت الحاج��ة للحص��ول عل��ى الم��اء ،إل��ى امته��ان البعض لبي��ع المياه عب��ر الوس��يلة المتوفرة في الري��ف اإلدلب��ي ،أال وه��ي الصهاريج ،فم��ع تفاقم أزمة المياه يوماً بع��د يوم ،وازياد حاجة الن��اس إليه��ا في ظل عدم توفره��ا ،تطورت هذه العملي��ة م��ع األي��ام لتك��ون مصدراً لل��رزق وعم ً ال يزاوله الكثير من األهالي. «عم��ر مصطفى» أحد مالكي صهاري��ج المي��اه ،ق��ال ل��ـ «زيت��ون»« :نمل��ك صهريجاً للمي��اه من��ذ زم��ن ،كن��ا نس��تخدمه قبل بداية الثورة في األعمال الزراعية الخاصة، وف��ي بع��ض االس��تخدامات األخ��رى ول��م يك��ن لوجوده هذه األهمي��ة ،فالمياه كانت متوف��رة على دوام الس��اعة وبكث��رة ،أما الي��وم في ظل الشّ��حّ الكبير بالمي��اه الذي تش��هده المنطق��ة ،فق��د تفرغ��ت كليّ��اً للعم��ل على الصهريج ،وأصبح هو عملي ومصدر رزقي ورزق عائلتي، الس��يما بعد أن انقطعت عن متابعة دراستي».
غ�لاء أس��عار الصهاري��ج والتباين بين منطقة وأخرى
س��جّلت أس��عار الصهاري��ج مؤخراً ارتفاع��اً كبيراً ،فض ً ال ع��ن تباينه��ا بي��ن منطق��ة وأخرى ،حيث تت��راوح ما بين 2000-1600لي��رة س��ورية في مدين��ة كفرنبل ،وما بين الـ 2500إل��ى 3000ليرة في مدينة سراقب ،أما في مدينة مع��رة مصري��ن فق��د وصل س��عر الصهري��ج إل��ى4500 ليرة ،في حين يتراوح س��عره في مناطق ش��مال إدلب من
ّ ظ��ل انقطاعه الحاج��ة الماس��ة للم��اء ف��ي المتواصل ،الناس لشراء المياه عبر الصهاريج منذ بداية الثورة ،لتُضاف إلى جملة المعاناة اليومية التي يُعاني منها األهالي. «أب��و محمود» م��ن أهالي ريف إدل��ب ،دخله اليوم��ي ال يتج��اوز ال��ـ 2000ليرة س��ورية، يُضطرّ لشراء صهريج مياه أسبوعياً لتكفي الستخداماته اليومية خالل األسبوع ،بتكلفة تقدر بمبلغ 3000ليرة سورية ،لتكون قطرة الم��اء التي يش��ربها ه��و وعائلت��ه ،مطعمة باأللم.
ال��ـ 3000لي��رة إل��ى 4000 ليرة. ويع��زو «أب��و الفض��ل» -أحد أهال��ي ري��ف إدل��ب -اختالف أس��عار صهاري��ج المي��اه من منطقة إلى أخرى ،إلى عملية تالع��ب باألس��عار م��ن قبل مالكي صهاري��ج المياه ليس إلاّ ،مبيناً أنه في الوقت الذي يُباع فيه الصهريج في بلدته بس��عر 3000ليرة ،كان يباع ف��ي البل��دة المجاورة بس��عر 1600لي��رة في تباين واضح وغي��اب واضح في األس��عار، ٍ لألسباب. وفي بعض المناطق يستغل س��ائقي بع��ض الصهاري��ج حاجة األهالي للمياه ،وخاصة في المناطق التي تعاني من قلة في صهاريج المياه.
الصورة الهشة للمؤسسات الرقابية
تظهر هشاش��ة المؤسس��ات الرقابي��ة والمجالس المحلية وغيره��ا م��ن الهيئ��ات ومؤسسات المجتمع المدني، ف��ي وقوفها عاجز ًة عن اتخاذ أي خط��وة لتوحيد األس��عار، ومن��ع التالعب به��ا من قبل مالك��ي الصهاري��ج ،في ظل مناش��دات طويل��ة األم��د م��ن قب��ل األهال��ي للجهات المعني��ة للتدخ��ل للح��د من هذا االستغالل الذي يمارسه بعض ضعاف النفوس. ف��ي ه��ذا الس��ياق يق��ول مال��ك صهريج المي��اه «عمر مصطف��ى» لـ «زيت��ون»« :ال يمك��ن الحك��م علين��ا به��ذا األم��ر ،وخاص��ة أن األس��عار تتوق��ف عل��ى الكثي��ر م��ن العوامل ،أهمه��ا بعد البيوت ع��ن المناهل أو مصدر المياه وبذل��ك ي��زداد المص��روف، باإلضاف��ة إل��ى أن أس��عار البنزي��ن والم��ازوت غي��ر مستقرة ،وتختلف من منطقة إل��ى أخرى ،وهي ف��ي ازدياد مس��تمر ،ع��دا ع��ن أعم��ال
الصيانة المكلفة». وفي المناط��ق ذات الطبيعة الصعب��ة كالمناط��ق الجبلية أو المخيم��ات ،تك��ون اآلليات معرض��ة أكث��ر لألعط��ال وبذل��ك يترت��ب مصاري��ف أكثر« ..كنانة عرفات» سائق صهري��ج ف��ي مخي��م أطمة يقول: ف��ي مخي��م أطم��ة يتقاضى صاحب البئر م��ا يقارب دوالر أمريك��ي ونصف الدوالر ،لقاء تعبئ��ة الصهري��ج الواح��د، وتحتاج النقلة الواحدة لثالث لترات م��ازوت بتكلفة 1050 لي��رة ،وبه��ذا تص��ل التكلفة إلى 2300ليرة ،ونحن بدورنا نبيع األهالي الصهريج بسعر 3000لي��رة ،مبينا أن المربح بذلك يكون مناسب للجميع. ويتاب��ع« :م��ع دخ��ول فصل الش��تاء ووع��ورة الطرق��ات والطبيع��ة الموج��ودة ف��ي المخيمّ ، كل ذلك قد يتسبّب بح��دوث أعط��ال كبي��رة ومكلفة ،وبعض األعطال قد تعادل تكلف��ة إصالحها عمل شهر كامل».
إدارة المناه��ل بين القطاع العام والخاص
في ظل تعذر إيص��ال المياه عب��ر خط��وط التمدي��د نظراً لتكلفته��ا المادي��ة الكبي��رة، حمل��ت بع��ض المجال��س المحلي��ة ف��ي ري��ف إدل��ب، على كاهلها مس��ؤولية إدارة
«مناهل» المي��اه ،في خطوة رأته��ا األنس��ب واألفض��ل بالنس��بة للمواط��ن ،حي��ث تعم��ل المجال��س المحلي��ة خالله��ا على ضبط األس��عار وتوحيدها وتوفيرها بس��عر أقل. ورص��دت «زيت��ون» ه��ذه التجرب��ة ف��ي بل��دة كلل��ي بريف إدلب الشمالي ،والتقت رئي��س المجل��س المحل��ي للبلدة «رفي��ق معدل» ،الذي قال في حديثه ل��ـ «زيتون»: إن «بلدة كللي تحتاج لعملية ضخ المياه ،م��ا يقارب الـ 10 آالف ليت��ر من مادة «الديزل» ش��هرياً ،وه��ذه المصاري��ف كبي��رة ج��داً ،ولي��س لدين��ا اإلمكاني��ات لتغطيته��ا ف��ي ظل عدم توف��ر جهة داعمة، ولذلك وفي سبيل تجاوز هذه األزمة لجأنا في مجلس بلدة كللي إل��ى تأهيل منهل مياه لتوفير المياه لألهالي». وأضاف« :نتكفل في المجلس المحل��ي ف��ي إدارة المناهل ف��ي البلدة ،وتوصي��ل المياه عب��ر الصهاري��ج للمن��ازل، حيث نتقاضى مبلغ 400ليرة س��ورية عن قيم��ة الصهريج الواحد ،أما سائقي الصهاريج فيتقاضون أجوراً من األهالي يحدده��ا المجل��س المحلي، حي��ث تيل��غ قيم��ة الصهريج الواحد 1000لي��رة ،في حال لم يكن هن��اك حاجة للضخ، أما عن��د الحاجة لذلك فتصل
قيمته إلى 1600ليرة».
اآلبار الخاصة
«أب��و عب��دو» أح��د أهال��ي ري��ف إدل��ب ،ق��ام بتأهي��ل بئ��ر المي��اه ال��ذي يملك��ه_ الس��تثماره_ كمنه��ل لبي��ع المي��اه للصهاري��ج ،قال في حديث��ه ل��ـ «زيت��ون»« :بعد انقطاع التيار الكهربائي بقي البئر معط�ل ً ا لمدة س��نتين، ول��م نعد نس��تخدمه في ري وس��قاية المزروعات ،ووجدنا أن��ه م��ن الممكن اس��تثماره كمنه��ل للصهاري��ج في ظل أزم��ة المي��اه التي تش��هدها المنطق��ة ،وقمن��ا بعده��ا بتأهيل��ه بتكلف��ة وصل��ت إل��ى 7000دوالر أمريك��ي، م��ن تجهي��ز للبئ��ر ولبعض التمدي��دات باإلضافة لش��راء مول��دة كهربائية ،واآلن نبيع المي��اه للصهاري��ج بتكلف��ة تقدر بمبلغ 800ليرة تقريباً. واس��تطرد« :إنه��ا عملي��ة مربح��ة نوع��اً ما ،لك��ن أهم المشاكل التي من الممكن أن تواجهنا ه��ي أعمال الصيانة والتصليح المكلفة». وهك��ذا نج��د أن المواط��ن ه��و الحلقة األضع��ف ما بين القط��اع المؤسس��اتي العام، والقط��اع الخ��اص ،في عبء اقتص��ادي جدي��د ،ومش��كلة تتفاق��م يوماً بعد ي��وم ،في ّ ظل عدم إيجاد حلول جذرية لها.
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
5
مراسلون
م�شاكل الطفولة ومراكز الدعم يف �إدلب تخفيف ًا لوط�أة املجزرة.. دورة تدريبية ملعلمي حا�س
تعتبر الصدمات التي يتعرض لها الطفل بفعل الحروب أقسى مما قد يتعرض له من جراء الكوارث الطبيعية وأكثر رس��وخاً في الذاكرة ،وتمتلئ مش��اعر الطفل بالعنف والكراهية والشك أو اليأس و القلق المس��تمر ،وبات الطفل الس��وري أكثر عرضة للتدهور النفس��ي ،ودفعت قلة الخبرة في التعام��ل مع األطفال في األزمات والصراعات ،العديد من الهيئات المدنية والمؤسس��ات التربوية إلى بذل الجهود القصوى في هذا الخصوص ،وانتشرت العديد من مراكز رعاية الطفولة والدعم النفسي في مختلف مناطق الريف اإلدلبي.
خاص زيتون «فاطم��ة محمود» مس��ؤولة قس��م الرعاي��ة النفس��ية ف��ي مرك��ز التغذي��ة والدعم النفس��ي ،وهو أح��د المراكز الموج��ودة في مدين��ة معرة مصري��ن قال��ت ف��ي حدي��ث لـ»زيت��ون»« :نعم��ل ف��ي المرك��ز ،على كش��ف الحاالت النفس��ية المتردي��ة عن��د األطف��ال ،ويك��ون ذل��ك عن طري��ق ف��رق خارجي��ة تتب��ع للمركز ،تقوم بجوالت ضمن المناطق التي يغطيها المركز وبعد ضبط هذه الحاالت يتم تحويله��ا للمركز ،حيث نعمل على خلق جو ش��بيه بالمنزل ضمن المركز لتعزيز الش��عور ل��دى الطف��ل بالطمأنين��ة والهدوء». وأضاف��ت« :نهت��م بالدرج��ة األولى ف��ي عملن��ا على عقد جلس��ات توعي��ة وتثقي��ف لألهال��ي والس��يما األمهات، وذلك لمس��اعدتنا في تجاوز المش��اكل ل��دى الطف��ل، ونحاول تكريس فكرة السرية ف��ي عالقاتن��ا م��ع األه��ل واألطفال للعمل بأريحية أكثر وطمأنينة». وتابع��ت« :وتب��دأ الجلس��ات النفس��ية ،لمعالجة المشاكل النفس��ية الت��ي يتع��رض لها األطف��ال خ�لال الح��رب ،من خ��وف ورعب وعن��ف وغضب باإلضاف��ة لمش��اكل النط��ق الت��ي تح��دث عن��د البع��ض منه��م ،ونناق��ش م��ع األهل األسباب التي أوصلت أبناءهم إل��ى ه��ذه الحال��ة ،وكيفي��ة عالجه��ا ،وتك��ون معاين��ة الطف��ل خ�لال الجلس��ات، ونحاول ق��در اإلمكان القضاء عليها ،أو على األقل التخفيف من شدتها». وأش��ارت إل��ى أن المرك��ز يعم��ل أيض��اً عل��ى التركي��ز عل��ى الناحي��ة الفيزيولوجية للطفل ،ويعم��ل على تقديم برام��ج غذائي��ة للحفاظ على بنية جس��م الطف��ل ،وخاصة ف��ي مراح��ل نم��وه المبكرة، بقوله��ا« :نق��وم ف��ي المركز بعقد جلس��ات توعية وتثقيف لألمه��ات بخص��وص التغذية
6
والحفاظ على برنامج غذائي صحي��ح ،وذل��ك به��دف رفع الوع��ي لديه��ن بم��ا يخ��ص التغذية الس��ليمة ألطفالهن، ومراقبة أوزانه��م بين الحين واآلخر بطرق بسيطة ،ونقدم الحلي��ب لألطف��ال ونش��جّع األمه��ات عل��ى اإلرض��اع الطبيعي». وأوضحت «محمود» في ختام حديثه��ا أن مش��اكل األطفال النفس��ية بات��ت كثي��رة جداً ف��ي ظ��ل م��ا تش��هده البالد من أوضاع الح��رب ،وأن هذه الحاالت ال يمكن الكشف عنها إال ع��ن طريق ه��ذه المراكز، والتي باتت تس��تقبل ما بين 400 300طفل وأم شهرياً.ري��اض األطفال تتح��ول إلى مراكز دعم لهم «صفاء حج��ار» مديرة روضة «زهرة المدائ��ن» في مدينة مع��رة مصري��ن قال��ت ل��ـ «زيت��ون»« :تعتب��ر منش��آت رياض األطفال إحدى وسائل التأهي��ل والترفي��ه لألطفال والتي تتيح له��م التعبير عن مواهبهم وقدرتهم ،وتعلمهم القراءة والكتابة باإلضافة إلى التأقلم واالندماج مع المجتمع فهي مؤسس��ة اجتماعية بحد ذاته��ا ،أم��ا الي��وم ف��ي ظل األوضاع المأس��اوية التي تمر بها الب�لاد ،أصبحت الروضات تهت��م بش��كل أساس��ي ف��ي تهيئ��ة وتحس��ين الحال��ة النفسية لألطفال ،حيث تعتبر الترفي��ه واللعب والدعابة من أهم وس��ائل تخفيف الضغط النفسي للطفل». وأضافت»« :الح��االت األمنية الطارئة والتي أصبحت كثيرة ومتك��ررة ،جعلتن��ا دوم��ا في ترقب له��ذه ح��االت ،ونعمل دوم��ا عل��ى تهيئ��ة الجو ،في ح��ال قصف��ت طائ��رة أو م��ا شابه ،وندخل األطفال ألقرب نقط��ة تعتبر آمن��ة ،ونحاول إش��غالهم إم��ا ف��ي لع��ب أو نش��اط ،وبين الحي��ن واآلخر ننظ��م احتف��االت صغي��رة ونشاطات ترفيهية ممكن أن تس��اهم في التأقلم ونسيان مشاهد القصف والدمار». أما «آالء باكير» مش��رفة في
إح��دى الروض��ات ف��ي ري��ف إدلب ،فاعتبرت في حديثها لـ «زيتون» :أن هذه المؤسسات مازالت محافظة على صورتها التقليدية ،والس��بب في ذلك هو قلة الخب��رات التخصصية في ه��ذا المج��ال ،باإلضافة لقل��ة الرعاي��ة المؤسس��اتية لمثل هذه المشاريع. قال��ت «غ��ادة باكي��ر « المس��ؤولة عن مرك��ز البراءة للدعم والتأهيل النفسي في مدينة س��راقب ل��ـ «زيتون»: «إن هذه المراكز هامة لدعم األطف��ال ف��ي ظ��ل الظروف والقص��ف الذي يبع��ث الخوف ف��ي نفوس��هم ،والضغ��وط النفس��ية الناجمة عن خسارة بعض��ه ألح��د والديه��م أو أف��راد عائلته��م أو أحبته��م، ولذلك تعم��ل ه��ذه المراكز عل��ى التركيز على ش��خصية الطفل وبنائها بشكل سليم، ع��ن طري��ق اللع��ب وتحفيز األطفال على المش��اركة في الحف�لات والمع��ارض الت��ي يقيمها المركز من أجل تنمية مواه��ب الطف��ل أو ًال وتقوية شخصيته ثانياً». وأضافت« :وبالنسبة ألهداف مركزن��ا ه��و االهتم��ام باألطف��ال وتقدي��م الدع��م النفسي لهم في ظل األوضاع الراهن��ة الت��ي نعيش��ها في بلدن��ا وتنمي��ة مواهبهم في مواجه��ة العقب��ات أمامه��م، ً إضافة إلى تعليمهم ومحاولة تعوي��ض التقصير الدراس��ي لديهم». ه��ذا وأش��ارت «باكي��ر» إلى وجود عدة أنش��طة تقوم بها المشرفات والمدربات من أجل مس��اعدة الطفل على التعبير ع��ن نفس��ه وإعطائ��ه الثقة والدع��م في كاف��ة النواحي، بقوله��ا« :وأه��م النش��اطات المقدم��ة ف��ي مراك��ز الدعم النفسي للطفل إقامة حفالت فني��ة تش��مل مس��رحيات وأغاني تقدمها فرقة «كورال الب��راءة « للتروي��ح ع��ن األطفال ،باإلضافة إلى إقامة معارض رس��م لعرض لوحات األطفال وتنمية أفكارهم».
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
أقام مركز التأهيل والتدريب التاب��ع لمنظم��ة س��وريا لإلغاث��ة والتنمي��ة ،دورة تدريبي��ة لمعلمي بلدة حاس بعن��وان «اضط��راب م��ا بعد الصدمة» ،ش��ارك فيها أكثر من 22مع ّلم��اً ،تم تدريبهم خاللها على كيفي��ة التعامل م��ع الط�لاب الذي��ن يعانون م��ن الصدم��ات ،وعلى عالج المش��اكل النفس��ية الت��ي حصل��ت ل��دى الط�لاب إث��ر المج��زرة المروّع��ة لمجم��ع م��دارس ح��اس ،والت��ي راح ضحيتها أكثر من 45ش��هيداً م��ن الط�لاب والمعلمي��ن والمدنيين. «جالء خطاب « أحد المدربين في الدورة ،ق��ال في حديثٍ ل��ـ «زيت��ون» :إن «الغاية من الدورة الت��ي أقيمت لمعلمي حاس هي تدري��ب المعلمين على كيفية التعامل مع هذه الحاالت من االضطراب الناتج ع��ن القص��ف الش��ديد الذي تلقّته البلدة ،والذي استهدف مجم��ع الم��دارس م��ن قبل طيران األسد وروسيا ،والذي نتج عنه اضطرابات ومخاوف كثيرة بين األطفال ،سبّبتها االنفج��ارات الش��ديدة الت��ي اس��تهدفت حياته��م وحي��اة الطفول��ة البريئ��ة ،ولما رأوه من جثث األطفال والمدنيين, باإلضاف��ة ال��ى إكس��ابهم مه��ارات الداع��م النفس��ي، وفني��ة التفري��غ االنفعال��ي، فض ً ال عن تقديم اإلسعافات النفسية األولية لألطفال في مث��ل هذه الظروف القاس��ية الت��ي تمر بها بلدن��ا الحبيبة سورية». وأض��اف« :يكم��ن دور األهل والمعلمين ف��ي حال تعرض الطف��ل أو الطال��ب لظ��روف مروّع��ة أن يبدؤوا مباش��رة بإحاطت��ه بالحن��ان واألمان، وعليهم ألاّ يترك��وا األطفال عرض��ة لمواجه��ة مثل هذه المش��اهد دون دعم نفسي، وذلك ع��ن طري��ق الحديث المتواص��ل م��ع األطف��ال وطمأنته��م ب��أن كل ش��يء س��يكون على ما ي��رام ،وأنه لن يح��دث له��م أيّ مكروه، مع التركيز عل��ى ّ بث كلمات من الح��ب ،كما يتوجّب على األه��ل والمعلمي��ن تش��تيت أف��كار األطفال ع��ن التركيز
في الح��دث الم��روّع خاصة في أوقات الغ��ارات المخيفة، وإش��غالهم ب��أي ش��يء، الس��يما ف��ي ح��ال وقوعه��ا عل��ى مقرب��ة منه��م ،فهذه اللحظة ه��ي األهم في حياة الطفل النفسية ،وكلما تُرك الطف��ل وح��ده ف��ي مواجهة ه��ذه المواق��ف ازداد تأ ّث��ره به��ا وازداد تأثيرها الس��لبي بداخل��ه على الم��دى القريب والبعيد». وتاب��ع «خط��اب»« :أم��ا بالنس��بة لألطف��ال األكب��ر س��ناً يُمك��ن مناقش��ة م��ا يج��ري معه��م وإقناعه��م بأنهم ف��ي مكان آم��ن أو أن القص��ف ل��ن يطاله��م ،وأن األه��ل أو المعلمين-حس��ب مكان تواج��د الطفل حينها- متّخذي��ن كاف��ة االحتياطات لحمايتهم ،م��ع ضرورة عدم منعهم من البكاء أو الس��ؤال عمّا يج��ري أو الحديث عنه، فم��ن الض��روري معرف��ة ما ي��دور ف��ي تفكي��ر الطف��ل ويج��ب أن نت��رك لمش��اعره العن��ان ف��ي ه��ذه األوق��ات حت��ى ال تتراكم الصدمة ،بل على العكس يمكن لألهل أو المع ّلمي��ن المبادرة بالحديث لتش��جيعهم األطف��ال عل��ى التعبير عن مش��اعرهم ،مع التأكي��د على ض��رورة اختيار األسلوب المناس��ب واأللفاظ التي يمكن للطفل استيعابها والتج��اوب معه��ا ،والت��ي ال تؤ ّثر سلباً على الطفل». وخت��م «خط��اب» حديث��ه مش��دّداً عل��ى أهمي��ة مراقب��ة األه��ل أو المعلمين وردود لتصرفاته��م أفعاله��م أم��ام األطفال في ه��ذه األوق��ات بالتحدي��د، ومحاولته��م البق��اء بحال��ة طبيعية دون إش��عار األطفال بخوفه��م ،وضرورة تمتّعهم بقوة تحمّل ،ومحاولة تلطيف األجواء ّ لبث الثقة والقوة في نف��وس األطف��ال وصرفهم ع��ن التفكير بم��ا يحدث في الخارج قدر المستطاع ،الفتاً أن هذه المحاور هي أبرز إلى ّ ما تناولت��ه الدورة التدريبية، وحاول��ت إيصال��ه للمع ّلمين في بلدة حاس بغية التعامل م��ع أطف��ال الم��دارس ف��ي الفترة القادمة.
تحقيق
يف احل�صة الثالثة �سقط ال�صاروخ الثاين..
فق��دت أصدقائ��ي وكتب��ي ومعلمت��ي ومدرس��تي ..مات��ت الطفول��ة وم��ات كل ش��يء في ه��ذه المج��زرة ..أصوات االنفج��ارات ومش��هد الدم��ار والدم��اء ال تف��ارق مخيلتي ..أش�لاء هن��ا وقطع هناك وكت��ب ملقاة ..دماء وأش�لاء في كل م��كان ..على مقاعد الدراس��ة وفي الصف��وف وف��ي الباح��ة ..أخ��ي ..اب��ن
محمد أبو الجود «ل��ؤي محم��د األع��رج» طال��ب في الص��ف الخامس ف��ي مدرس��ة ح��اس ،وأحد الناجي��ن م��ن المج��زرة، ق��ال ل��ـ «زيت��ون»« :التزال أص��وات االنفج��ارات تدوّي في رأس��ي ،ومش��هد الدمار والدماء ال يفارقان مخيلتي، وكأنه يتكرّر في كل لحظة، فقدت أصدقائ��ي ..وكتبي.. ومدرستي التي أحبّها. يجهش لؤي بالبكاء ،مضيفاً: « ال يمكنن��ي وصف ما حدث ف��ي تلك اللحظ��ة ،حالة من الرع��ب والهل��ع طغ��ت على كل جوارح��ي ،أرى تداف��ع الط�لاب ،وه��روب بعضهم نحو الحي��اة ،واختباء البعض اآلخر تحت مقاعد الدراس��ة ً الحق��ا بالدماء، التي امتألت وتناث��رت فوقه��ا األش�لاء، حي��ن س��قوط الص��اروخ الثان��ي ،بينم��ا أصبح همي الوحيد أخي حس��ني ،طالب الصفّ األول ،في مشهد لن يُمس��ح من مخيلت��ي طالما أن��ا على قي��د الحي��اة ،كيف
عمت��ي ..أحمد ..حس��ني ..ل��ؤي ..يا رب أنا ابن ش��هيد ووحيد ألمي ،أنقذني من أجل والدتي ..لن نسمح لطائرات األسد وش��ريكه المج��رم بوتين ب��أن تقضي عل��ى أحالمن��ا ومس��تقبلنا ..س��يصبح من��ا أطب��اء لي��داووا جراحن��ا العميقة.. وس��يكون هناك مهندسين ليعيدوا بناء ما دمرته طائراتهم ..كنا ش��رارة الثورة
بدأت بالبحث عنه في أرجاء المدرسة ،والطائرات ماتزال تلق��ي بالصواري��خ فوقن��ا، وكي��ف كاد قلب��ي ينفط��ر إلى أن وجدت��ه مختبئاً تحت المقع��د في صفه ،أمس��كت بيده وبدأن��ا بالجري ،خرجنا المدرس��ة والتجأن��ا إلى أحد المن��ازل المج��اورة لها ،إلى أن سمعنا صوت جدي ينادي حس��ني ..ل��ؤي ..حس��ني.. لؤي ،..عنده��ا فقط امتلكنا ش��يئاً م��ن الق��وة ،وال ندري كيف خرجنا مسرعين نحوه، وأصوات بكائنا تملؤ المكان، وتمتزج مع أصوات القصف، وم��ا إن خرجن��ا م��ن المنزل حتى س��قط ص��اروخ جديد متر منا. على بعد ٍ 100 لم نكن نعلم هل هو وجود جدي ما أعطانا القوة لنجري نحو جدي بس��رعةٍ أكبر؟ أم هو الخ��وف والح��رص على الحياة؟ أم هو م��ا رأيناه من أهوال القصف ومخلفاته؟؟. أش�لاء هن��ا وقط��ع هن��اك وبقايا كتب وحقائب وأدوات زمالئن��ا ،وجث��ث بعضه��م المتناث��رة عل��ى الطرق��ات،
وسنبقى شعلتها المتوقدة ولهذا تقتلنا طائراته��م ..هك��ذا عبّر أطف��ال حاس عن ردود أفعالهم تجاه العمل اإلرهابي الذي استهدف مجمع حاس التربوي في 26تش��رين الثاني ،وأس��فر عن ارتقاء نحو 40شهيداً ج ّلهم من األطفال.
كان��ت رائح��ة الم��وت تمأل الم��كان ،إل��ى أن وصلنا إلى أمي التي بدأت بالبكاء لحظة وصولنا ،خوفاً وفرحاً معاً. يتاب��ع «ل��ؤي»« :ف��ي تل��ك اللحظ��ة فق��ط ق��ررت ألاّ ً ثاني��ة إلى المدرس��ة، أعود ستع ّلمنا أمي ،ولن نعود إلى الم��وت المح��دق بنا في كل لحظة ،لن نع��ود إلى الموت بأرجلنا».
ي��ا رب ال تموتن��ي أن��ا ابن شهيد
«رام��ا» طالب��ة ف��ي الصف السادس في مدرسة حاس، وه��ي أيضاً واح��دة من بين ط�لاب وطالب��ات المدرس��ة الناجين م��ن المجزرة ،قالت ل��ـ «زيت��ون»« :فوض��ى.. خوف ..رعب ..ب��كاء ..دماء..
ودم��ار ،ال أعرف م��اذا جرى، مع س��قوط الصاروخ الرابع، بدأن��ا بالب��كاء والص��راخ، توقف��ت الحي��اة أمام��ي ،لم أتذكر في تلك اللحظة سوى «أحم��د» ابن عمت��ي ،طالب بالص��ف األول ،أكث��ر ما كان يقلقني ويثي��ر انتباهي هو العث��ور علي��ه وإخراج��ه من المدرس��ة هو ابن شهيد وال يع��رف الرجوع إل��ى المنزل وح��ده ،وجدت��ه أمام��ي بعد بح��ثٍ مري��ر عن��ه ،وجدته يركض وه��و يبكي حضنته وبدأنا بالهروب معاً. كان أحم��د يبك��ي ويق��ول: «ي��ا رب ..ال تموّتن��ي ..ان��ا ابن ش��هيد ،أن��ا وحيد ألمي، أنقذن��ي م��ن أجله��ا» ،م��ع تل��ك األص��وات الت��ي تمأل المكان رعب��اً وخوفاً ،صوته الجه��وري الحن��ون الممتلئ برض��ا اهلل ،أعطان��ي القوة، أعطان��ي اإلصرار ،أمس��كت يد أحمد وجرينا حتى وصلنا إلى باب المدرس��ة ،النعرف أين نذه��ب ،بدأنا بالركض مج��دداً ،وكان��ت المفاج��أة الصادم��ة والت��ي أحسس��ت
قلب��ي توق��ف عنده��ا م��ن قساوة المنظر ،عندما رأيتها ال أعرف بماذا أحسست وكأن كهرب��اء صعق��ت جس��مي بالكام��ل ب��دأت بالص��راخ والب��كاء الجنون��ي ،كانت يد طالب ممسكة بحقيبته على الطري��ق وكدت أتعث��ر بها.. كت��ب ملق��اة هن��ا وهن��اك، جثث وأش�لاء ،ودخان كثيف، توقف��ت ،ال أعرف م��اذا حل بصديقاتي ،الطائرة مازالت تح ّل��ق ف��ي الس��ماء ،ب��كاء زمالئ��ي وصراخه��م جمّ��د تفكيري ،صعدت في س��يارة ش��خص ال أعرف��ه ،تع ّلق��ت بالحي��اة لدرج��ة أنني عندما ش��اهدته كان بمثاب��ة طوق النجاة لي ،أوصلنا إلى منزل خالي ومن ثم إل��ى المنزل، وهن��ا انتهت رحل��ة الهروب من الموت على أرض الواقع، لكن آثارها ومش��اهدها لن تنتهي في داخلي.
صدمة الموت
«حس��ني حس��ن األع��رج» طالب في الصف الرابع ،قال لـ «زيتون»« :في صباح ذلك اليوم أيقظتني والدتي باكراً، ارتديت ثياب المدرس��ة إلى أن جهّ��زت لي السندويش��ة التي لم أتذوّقه��ا ،وضعتها ف��ي حقيبت��ي وانطلقت إلى المدرسة ،ونحن في الدرس الثالث ،سمعنا صوت الطائرة ألقت الص��اروخ األول ،وكان ص��وت االنفجار بعي��د ،بدأنا أن��ا وأصدقائ��ي بالضح��ك الممزوج بالخوف، وما إن سقط الصاروخ الثاني حت��ى ش��عرنا بالصدم��ة، صدم��ة الم��وت والخ��وف، ضغط كبير من آثار الصاروخ الثاني ،ثبتنا في مكاننا دون حراك. وتابع حس��ني بع��د لحظاتٍ م��ن الصمت الت��ي اخترقتها دموعه وتج ّل��ت فيها معالم الخ��وف والرعب ف��ي تعابير
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
7
تحقيق وجه��ه ،انطلق��ت باتج��اه الحياة ،ظالم يتخلله الموت، أش�لاء ملقاة على المقاعد.. بي��ن الصف��وف ..ف��ي باحة المدرس��ة ..في ّ كل مكان ،ال أدري أين أه��رب ،أنظر هنا وهناك دماء وطائرة بالسماء تلق��ي الموت على أجس��ادنا الهزيل��ة ،وصل��ت إل��ى باب المدرس��ة وهدفي الوصول إلى أم��ي التي تنتظرني في المن��زل ،فق��دت أصدقائي، وآنس��تي التي كانت بمثابة األم لن��ا ،مات��ت وم��ات كل ش��يء معها ،ماتت الطفولة في ه��ذه المج��زرة ،وماتت معها رغبتي بالحياة بعد كل تلك المناظر المروّعة ،وكل ذنبنا أننا أطفال سوريا .
أمهات بين الركام بحثاً عن فلذات أكبادهن
بمقابل كل طفل كان يبحث عن أخي��ه أو صديق��ه ،وكل طفل كان يفكر في خوف أمه عليه أو عليهم ،كانت هناك أمّ انفطر قلبها ،وهرعت بال ٍ وعي أو إدراكٍ نحو المدرسة لتطمئن على فلذات كبدها، ومنهن من استشهدت وهي تبح��ث عنه��م ،وقب��ل أن تطمئن عليهم. «أم خال��د» والدة أحد أطفال مدرس��ة حاس ،الناجين من المجزرة ،قال��ت لـ «زيتون»: «مع التنفي��ذ األول أصبحت ف��ي منطق��ة وس��ط بي��ن الش��عور باأللم والخوف من جه��ة ،والرغب��ة بالبحث عن طفلي المتواجد في منطقة القص��ف ،وخاص��ة بع��د أن ش��اهدت الدخ��ان األس��ود يخرج من منطقة المدارس، ال أعل��م كي��ف وصل��ت إلى المدرس��ة أبح��ث ع��ن ابني بطريق��ة جنوني��ة ،ل��م أعر أي اهتم��ام للطائ��رة وكل تفكي��ري كان منصب��اً على البحث عن ولدي. تتابع أم خال��د وهي تتلعثم
بالحديث وكأنها تعيشه اآلن وألول مرة في هذه اللحظة: بحثت كثيراً في المرة األولى إل��ى أن أت��ى أح��د األقرب��اء وأخبرني ب��أن طفلي أصبح ف��ي المن��زل ،فرح��ة كبيرة انتابتن��ي عنده��ا ،وركضت مس��رعة إلى المن��زل ،لكن صدمتي كانت حين لم أجده، وتوق��ف كل ش��يء ،ال أعرف م��اذا أفعل وكي��ف أتصرف، وإذ ب��ي أعود إلى المدرس��ة ٍ مرة ثانية ،وب�لا أدنى وعي أو أدراك ،ولك��ن لي��س كم��ا في المرة الس��ابقة بل أشد، بحثت كثي��راً بين ال��ركام.. وس��ط الدخ��ان األس��ود، شعرت بقوة هائلة تدفعني، ال أعرف م��ا هي ،ذهبت إلى صفه فوجدت��ه مختبئاً تحت المقع��د ،كان يبكي ويبكي، س��حبته م��ن ي��ده وصرخت في وجهه« :أنت بأمان ..أنت بأم��ان» ،وهن��ا ب��دأ بالبكاء حضنته وركضت مسرعة به إلى المنزل . تُعقّ��ب أم خال��د والح��زن يطغى عل��ى نب��رة صوتها: «تغيّ��رت نفس��يته ،تغيّ��ر خال��د كثيراً عليّ ،ومنذ ذاك الي��وم وه��و يخ��اف من كل ش��يء ،يخاف من أي صوت، يس��تيقظ لي ً ال وه��و يصرخ عال ،وحتى اآلن هو بص��وت ٍ ال يس��تطيع أن يخ��رج حتى إل��ى الش��ارع ،لق��د ضعُفت شخصيته ،كان قبل المجزرة يس��اعدني كثيراً ف��ي أمور البيت ،ويريحني في عملي، أم��ا اآلن بات يخ��اف الخروج من المنزل».
األطفال رجال إنق��اذ غامروا بحياتهم إلنقاذ بعضهم
«محم��د» 30عام��اً ،مع ّل��م في مدرسة حاس ،يروي لـ «زيتون» ما حدث ف��ي ذلك اليوم ،يقول: «أطنان من المتفجرات تس��قط عل��ى تجم��ع م��دارس مل��يء بالطالب الصغار ،إجرام تعدّى الخي��ال والوص��ف ،ال أدري من أين أب��دأ ،كان الط�لاب يبكون ويس��تنجدون ب��اهلل ويصرخون «يا اهلل»« ..يا اهلل» ،يتراكضون هن��ا وهن��اك ،والطائ��رة ف��ي السماء مازالت ترمي ،لكن إنقاذ األطف��ال كان أهم م��ن حياتنا، رغ��م حال��ة الفوض��ى العارمة والخوف م��ن الخطر المحدق بنا جميع��اً ،ف�لا صوت يعل��و على صوت الصواري��خ ،بدأنا بإخراج الطالب ،ولكن!! ،إلى أين نذهب بهم؟ ،النعرف ..ولكننا مع ذلك نخرجهم باتجاه المجهول ،ومع التنفيذ الثالث والرابع هنا كانت المج��زرة الحقيق��ة ،فالط�لاب منتش��رون ف��ي الش��وارع يتراكضون بش��كل عش��وائي، وعندها س��قطت المظلة ،وفي هذا التنفيذ سقط العدد األكبر من الش��هداء ،وانقسم األطفال فمنه��م من تحوّل إلى أش�لاء، ومنه��م م��ن أُصي��ب ،ولك��نّ المؤ ّث��ر أكثر م��ن ّ كل هذا ،هو كيف تحوّل القسم المتبقي من الطالب إلى «رجال إنقاذ». يُتاب��ع «محم��د» (وش��عور بالنش��وة والحزن واأللم والفخر ً وبادية ممتزج��ة ف��ي صوت��ه، ً ومصحوبة بدمعةٍ على وجه��ه، مُحتَبَس��ة ف��ي عين��ه)« :ب��دأ الكبي��ر منه��م يحم��ل الصغير ويذهب به نح��و األمان»« ،لقد كانوا رج��ا ًال وأثبت��وا جدارتهم ووعيه��م رغ��م صغر س��نّهم وبراءتهم». ويضي��ف« :راح الكثي��ر م��ن الطالب ما بين ش��هيد وجريح، أيضا الكادر التدريس��ي س��قط الكثي��ر منه��م ش��هداء»« ،لقد تغي��رت حالة ومش��اعر الطالب كثيراً بعد تلك المجزرة ،وأصبح الكثي��ر منهم يعان��ي حالة من الخوف وفوبيا األصوات العالية، حتى صوت الدراجة النارية بات يرعبهم ،جلهم ال يس��تطيعون اآلن الخ��روج م��ن المن��زل من ش��دة الخوف والحالة النفس��ية الصعبة التي يعانون منها» .
أهوال المجزرة
«حس��ام»28 ،عاماً ،شاهد على المج��زرة ،وأح��د المتطوعي��ن إلنق��اذ األطف��ال ي��وم مج��زرة حاس ،ق��ال :إن ذلك اليوم كان أق��رب إل��ى أن يوص��ف بي��وم «الحش��ر» ،أطفال صغ��ار كانوا
8
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
هدفاً ألحدث القناب��ل وأكثرها تدمي��راً ،حالة م��ن الذهول من فق��دان الوع��ي انتابتن��ي7 ، مظالت على تجمع مدارس ،أمر ال يُصدّق . وأضاف قائ ً ال :من المواقف التي أث��رت ب��ي ف��ي تلك المج��زرة والت��ي لن أس��تطيع نس��يانها، وخ�لال مس��اعدتي ف��ي إنقاذ األطف��ال ،وجدن��ا في الش��ارع جث��ة طفل��ة ب��دون رأس ،هن��ا فقدت توازني ولم أعد أستطيع المحافظة على هدوء أعصابي، وب��دأت بالب��كاء والص��راخ كاألطفال. واس��تطرد «حس��ام» قائ�لاً: «أدعو اهلل أن ّ يتلطف بنا ،صورة الم��رأة التي س��قطت ش��هيدة ه��ي وصهرها أثن��اء بحثها عن أطفاله��ا في المدرس��ة ،وصور أش�لاء األطف��ال وبكاؤه��م وخوفه��م ،..تداف��ع ..جن��ون.. ه��روب نحو الحي��اة ،لن تذهب م��ن مخيلت��ي ،ل��م نخ��رج من المدارس حتى خ��رج آخر طفل منها ،ش��عرنا بق��وة أمدّنا اهلل به��ا ،كان يخي��ل ل��ي عندم��ا أحم��ل أي طف��ل وأخرج��ه إلى األمان أنن��ي أنقذ طفلي ،ولكن بعد االنتهاء م��ن عملية اإلنقاذ دخل��ت المش��فى لم��دة ثالث��ة أي��ام ،ج��راء التع��ب واإلره��اق والحالة النفسية الصعبة ..نحن الكبار ل��م نحتمل هذه المناظر فكيف بهؤالء األطف��ال الصغار التي اختبرت قواهم واحتمالهم طائ��رات الغ��در الروس��ي واألسدي.
رغ��م الج��راح ..رس��الة من أطف��ال حاس ملؤه��ا األمل
واإلصرار
«مي��س» ،طالب��ة ف��ي الص��ف الس��ادس ف��ي مدرس��ة حاس االبتدائي��ة ،وه��ي م��ن مدينة كفرنب��ل ،أرس��لت للعال��م كله عموماً ولإلرهابيين «بش��ار» و «بوتين» تحديداً ،برس��الةٍ عبر «زيتون» ،قال��ت فيها« :أطفال س��وريا قُصف��وا واليزال��ون بأح��دث الطائ��رات ،بينم��ا هم جالس��ون على مقاعد الدراسة، حتى اآلن ال أُص��دّق أنّه يوجد ف��ي الك��ون رج��ل ل��ه قل��ب، يقت��ل 30طف�ل ً ا ،إن��ه وح��ش وليس من جنس البش��ر ،صور الش��هداء واألش�لاء المتناث��رة هن��ا وهن��اك ،كان��ت فظيع��ة وقاس��ية ج��داً بما ال يس��تطيع عقل احتمالها ،لقد تأثرت كثيراً وبكيت بشدةٍ وبحرقة ،ودخلت المش��فى من ش��دّة تأ ّثري بيد الطال��ب المقطوعة الممس��كة بحقيبت��ه المدرس��ية ،حتى في لحظات��ه األخي��رة ل��م يتخل��ى عنه��ا ..نعم نح��ن خائفون من الطائ��رات ،ولكنن��ا لن نس��مح لهم ب��أن يقضوا عل��ى أحالمنا ومس��تقبلنا ..وس��ندرس برغم كل الظروف ..وس��نصبح أطباء لن��داوي جراحن��ا العميق��ة، وس��يُصبح من��ا مهندس��ون ليعيدوا م��ا دمّرته طائراتهم.. ولن تُخيفنا أو تُثنينا الطائرات والصواري��خ ..نح��ن ش��رارة الثورة ،نحن مَن أش��عل فتيلها عب��ر أطف��ال درعا ،وسنس��تمر على نفس الطري��ق حتى ننال الحرية والعلم والعُال معاً».
تحقيق
�شتاء جديد يف ح�ضرة خميمات النزوح
كان��ت الس��نوات الماضية خير ش��اهد على معان��اة النازحين الس��وريين في المخيمات، مآس وك��وارث ،وها هو ذا بما س��جلته م��ن ٍ ش��تاء جديد يُقبل حام ً ال ف��ي طياته الكثير م��ن تفاصي��ل المعان��اة والقه��ر ،وقصص كثيرة تروي صراع الحياة والموت في سوريا عموم��اً ،أما هن��ا في المخيم��ات حيث يرقد الطفل في فراش��ه ليس��تيقظ صباحاً على ف��راش قد غرق ف��ي مياه األمط��ار ،أو ربما
خاص زيتون م��ع أول عاصف��ة مطرية ضربت المخيمات في شهر تش��رين األول الماض��ي، رص��دت «زيت��ون» أحوال أكث��ر م��ن 21مخيم��اً من تجم��ع مخيم��ات الش��مال السوري ،حيث يقطن نحو 170أل��ف ن��ازح ،والتق��ت العدي��د م��ن األهال��ي للوق��وف واإلداريي��ن عل��ى أوض��اع المخيم��ات ومعان��اة واحتياجاته��ا األهالي ومتطلباتهم.
مش��كلة الص��رف الصحي ووعورة الطرقات
«محمود رجب» من سكان القاطع الجنوبي في مخيم أطمة ،ق��ال ل��ـ «زيتون»: «كاف��ة الطرق في المخيم أصبح��ت مج��ار للص��رف الصح��ي بع��د أن س��لط األهال��ي تصريف خيامهم للطرق��ات ،وه��ذا ب��دوره ي��ؤدي لح��وادث يومي��ة
اقتلعت العواصف خيمته قبل أن يحل صباح اليوم التال��ي ،ليعيش األطف��ال قبل الكبار ن��وع آخر ،صراع الب��رد والدفء، صراعاً من ٍ واألمل واليأس ،أمل في أن تنتهي مآسيهم ويأس من حياة كريمة هادئة كبقية شعوب العالم ،فيما لو اس��تمر الوض��ع على ما هو عليه حالياً ،الس��يما في ظل التعقيدات التي تطرأ يوماً بعد يوم ،ووسط النقص في كل شيء داخل المخيمات خصوصاً.
فض�ل ً ا عن اضط��رار معظم األهالي لعبور هذه السواقي الملوث��ة ،وه��ذا كله يُضاف إلى األم��راض واألوبئة التي سبّبتها ألطفالنا وستسبّبها إن بقي الحال هكذا». وأض��اف« :إن التكلف��ة التي تضعه��ا المنظم��ة ش��هرياً لس��حب الصرف الصحي من الحفر الفنية كفيلة على مدة أربعة ش��هر لتمديد ش��بكة صرف صحي لكامل المخيم، ّ تُح��ل المش��كلة»، وبه��ذا معتب��راً أن مش��كلة الصرف الصح��ي تُه��دّد وج��ود األهالي لما له��ا من مخاطر على صحّتهم. «عقي��ل حس��ين» طالب في الص��ف الثاني ،في مدرس��ة الحكمة بمخيم أطمة ،يقول: «أتمن��ى أن أعود إلى قريتي وأدرس ف��ي مدرس��تي، الطري��ق إل��ى مدرس��تي الجدي��دة وع��ر ،وأن��ا أج��د صعوبة في الوص��ول إليها،
فف��ي معظ��م األي��ام أصل إليها بثي��اب ملوّثة بالطين واألوس��اخ ،ولذل��ك كثيراً ما أمتنع عن الذهاب إليها». «كنانة عرف��ات» أحد عمال المخي��م وس��ائق صهري��ج مي��اه ،يق��ول :إن «مش��كلة الص��رف الصح��ي ،بات��ت من أصع��ب المش��اكل التي تواجهه��ا المخيم��ات حي��ث أصبح��ت الج��ور الفنية التي حفره��ا األهال��ي تط��وف وتج��ري مياهه��ا عل��ى الطرق��ات ،وت��ؤدي أحيان��اً إل��ى غ��رق بع��ض الخي��ام، ومع م��ا تعانيه الطرقات في المخيمات من وع��ورة كثيراً ما تؤدي لحوادث». ويضي��ف« :كن��ا ق��د طالبنا المنظمة الداعمة لمش��روع الص��رف الصح��ي ،بزي��ادة نق�لات الصهاري��ج لس��حب الجور الفني��ة ،لكن النقالت مازالت قليلة وغير قادة على تلبية االحتياجات».
مدي��ر مخي��م البني��ان المرص��وص ش��مال جس��ر الش��غور «عبد الجبار خليل» قال في حدي��ث لـ «زيتون»: إن «الطرق��ات أصبح��ت في المخي��م أكثر وعورة ،ولذلك بعد منتصف تشرين الثاني، بدأنا في المخيم وبدعم من جمعية البني��ان المرصوص بمش��روع تأهي��ل الطرقات وتعبيده��ا ،وه��و مش��روع في غاي��ة األهمي��ة وخاصة بع��د دخ��ول فصل الش��تاء، وسيش��مل المش��روع جميع الطرق الرئيس��ية والفرعية في المخيم». وف��ي ه��ذا الس��ياق ق��ال مراس��ل «زيت��ون» الذي زار تجمع مخيمات الش��مال :إن «مش��كلة وع��ورة الطرقات وإن ت��مّ تداركها في مخيم البني��ان المرص��وص فق��د بقي��ت كمش��كلة يعان��ي منه��ا أكثر م��ن 100مخيم آخ��ر ،فه��و مخي��م واحد من بي��ن كل تل��ك المخيم��ات، فض ً ال عن اس��تمرار مشكلة الص��رف الصحي في طرقات ّ تش��كل المخيم��ات ،والت��ي لألهال��ي صعوب��ات يومي��ة ومخاطر صحية.
المدارس والتعليم
باإلضاف��ة إل��ى س��وء وضع ووعورته��ا الطرق��ات واضط��رار األطف��ال ط�لاب الم��دارس لعب��ور الب��رك الطيني��ة ومج��اري الص��رف الصح��ي أثن��اء ذهابهم إلى مدارس��هم ،تق��ف العدي��د م��ن المش��اكل األخ��رى في وج��ه ط�لاب الم��دارس في المخيمات ،والتي تتصدّرها مش��كلة عدم وجود مركزية للمدارس ضم��ن القطاعات (أي بعده��ا ع��ن الكثير من
طالب القطاعات األخرى)، ً إضاف��ة النع��دام وس��ائل التدفئ��ة ،والنق��ص الحاد ف��ي الكت��ب المدرس��ية الش��هرية والمرتب��ات للمعلمين وغير ذلك. «فاطم��ة خن��وس» طالبة في الم��ر حل��ة االبتدائية، قالت لـ «زيتون»« :أخاف أن يمنعني الب��رد من القدوم إل��ى المدرس��ة ،خصوصاً أنه��ا بعي��دة ع��ن خيمتي، وأنن��ي أص��ل إليه��ا يومياً متجمّد ًة من البرد ،وأيضاً مبللة من الطين واألوساخ عل��ى الطرق��ات ،وما زلت ف��ي انتظ��ار ش��راء مظلة قبل هطول األمطار». عض��و مجل��س اإلدارة ف��ي تجم��ع أطم��ة «أحمد العم��ر» قال ل��ـ «زيتون»: «ف��ي القط��اع التعليم��ي ضم��ن المخي��م ،نقتص��ر ألبس��ط مقوم��ات العملية التعليمي��ة وه��ي الكت��اب المدرسي الذي لم نستطع تأمينه ،كما أن عدداً كبيراً م��ن المدرس��ين يعمل��ون كمتطوعي��ن ب�لا مرتبات من��ذ أكث��ر م��ن ع��ام ،أما التدفئ��ة فه��ي معدوم��ة تمام��اً ،وتخل��و الم��دارس م��ن أي وس��يلة تدفئ��ة عل��ى اإلط�لاق» ،مبيناً أن المنظم��ات تكتفي بطلب إحصائي��ات ومعلوم��ات وحسب.
مشكلة اإلغاثة واالستعدادات لفصل الشتاء
يق��ول «أحم��د العم��ر»: إن الس��نتين الماضيتي��ن شهدتا قلة في المساعدات الت��ي تخ��ص األلبس��ة الش��توية والبطاني��ات وحلي��ب األطف��ال ،وق��د أثقل ذلك كاهل العائالت الفقيرة التي ال تتمكن من تأمينها. وأضاف« :إن الدعم المادي يح��ول أم��ام أي مش��روع ّ وج��ل يخ��ص األهال��ي، م��ا نس��تطيع فعل��ه ه��و التواص��ل م��ع المنظمات والجه��ات المعنية وتقديم المعلوم��ات واإلحصائيات ع ّله��ا تأت��ي بنتيج��ة لصالحهم». مش��كلة نق��ص الخي��ام.. مش��كلة العائالت السورية والعراقية على حدّ سواء
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
9
حكايا «أحم��د العم��ر» كإداري ف��ي مخي��م أطم��ة ،عبّر عن مش��كلة نقص الخيام بقول��ه« :تتص��در أزم��ة نق��ص الخي��ام حاج��ات المخي��م ،حي��ث تَفِ��د العائالت يومياً إلى المخيم ف��ي ظ��ل موج��ات كبيرة م��ن الن��زوح ،حيث نضطر إليوائه��م مؤقت��اً ف��ي مساكن جماعية كالمساجد وغيرها ،ريثما يتم تأمين كمي��ات إضافي��ة ،كم��ا أن كميات المياه محدودة جداً في المخيمات». بينم��ا ق��ال مدي��ر مخيم البني��ان المرصوص «عبد الجبار خليل»« :إن الحاجة للخيام ازدادت مع موجات النزوح ،وإل��ى اآلن لم يتم تأمين الكميات الالزمة من الخيام». وأض��اف« :ه��ذه المعان��اة ذاته��ا عاش��تها العائ�لات العراقي��ة الت��ي وصل��ت لمخيم العمر ،شهر تشرين الثان��ي الج��اري ،حيث إلى اآلن لم يتم تأمين س��كن لهم ،وه��ي اآلن تقيم في مس��جد المخيم» ،مش��يراً إل��ى أن ع��دد العائ�لات العراقي��ة الواف��دة إل��ى المخيم هو 15عائلة. ه��ذا وعب��ر رصده��ا لمخيم��ات الش��مال طيلة
10
الفترة الماضي��ة ،تمكنت «زيتون» عب��ر مصادرها الخاصة ،من الحصول على إحصائي��ة دقيقة لألضرار واالحتياجات في مخيمات الشمال بما يخص الخيام والغرف التي تم إنش��اؤها مؤخ��راً ،والت��ي تصدّرت قائم��ة احتياجاتها الحاجة ً إضافة للعوازل المطرية، إلى حاج��ة هذه المخيمات لرص��ف الطرق��ات وإعادة تأهيلها من جديد. ووفق��اً لإلحصائية ،توجد 3994خيم��ة غير صالحة للس��كن عل��ى اإلط�لاق بحاج��ة الس��تبدال كلي، وأكث��ر م��ن 3849خيم��ة بحاجة إل��ى عملية إصالح تختلف م��ن خيمة ألخرى، وأكث��ر م��ن 8529خيم��ة و 2840غرف��ة بحاج��ة لعوازل مطرية. كم��ا يحت��اج 124مخيم��اً لرص��ف وتعبي��د وإع��ادة تأهي��ل طرقات��ه الترابية الت��ي تحوّلت إل��ى طرق طيني��ة تتوس��طها ب��رك مي��اه وعل��ى حافتيه مجار للصرف الصحي (في ظل مش��كلة الص��رف الصحي الس��ابقة الذك��ر) ،يضطر األهال��ي أثن��اء تنقله��م للم��رور عليه��ا يومي��اً والسيما طالب المدارس.
من تدمر �إىل تركيا ..رحلة الفرار من املوت وضحة عثمان «ه���دى» ف��ت��اة س��وري��ة من م��دي��ن��ة ت��دم��ر بمحافظة حمص ،تخرجت م��ن كلية الحقوق وعمرها 21عاماً، وتقدّمت لالمتحان المعياري ل��دراس��ة الماجيستير في ج��ام��ع��ة دم��ش��ق ،وحصلت ع��ل��ى أع��ل��ى ال���درج���ات في االمتحان المعياري ،واقتربت من تحقيق حلمها بدراسة ماجستير في القانون الدولي، وب��دأت بالفعل عام ،2011 ووصلت إلى مناقشة رسالة الماجستير في عام ،2011 لكن ظروف البالد حالت دون ذلك ،بسبب رفض موضوع الرسالة وازدياد االشتباكات على طريق دمشق -حمص، وعندها خابت آم��ال هدى وت��ب��دّدت أح�لام��ه��ا ،وك��ان الشيء الوحيد ال��ذي خفّف عنها ألمها هو حصولها على وظيفة مدير إداري في إحدى الهيئات العامة في مدينة وبمرتّب ممتاز. تدمر، ٍ إلاّ أن فرحة ه��دى لم تدم طوي ً ال ،فقد كانت مدينتها تدمر على شفى حفرة من ن��ار ،واالشتباكات وأص��وات ال��رص��اص تكاد ال تتوقف، فض ً ال ع��ن الشعور الدائم بالخطر ،وال��ذي تحوّل إلى حقيقة عندما سقطت قذيفة في المنزل المجاور لمنزل ه����دى ،وس��ق��ط ع���دد من الشهداء والجرحى ،واضطرت عائلة هدى للنزوح إلى حيٍّ آخر ،حيث تسكن أختها. وب���ع���د ع�����دة أي������ام م��ن االش��ت��ب��اك��ات المتواصلة بكافة أنواع األسلحة الثقيلة وال��خ��ف��ي��ف��ة وال��م��ت��وس��ط��ة، سيطر تنظيم داع��ش على مدينة تدمر ،وباتت المدينة هدفاً للطائرات. وف�����ي إح������دى ال��ل��ي��ال��ي الرمضانية ،وبعد اإلفطار بنصف ساعة ،بدأت الطائرات بالقصف ،وت��ع��رض منزل أختها للقصف ،وأُصيبت أختها األخ���رى وزوج��ه��ا وأطفالها ال��ث�لاث��ة ،ك��ان منظر أبناء أختها كمنظر أطفال صبرا وش��ات��ي�لا ،وك��ان��ت إص��اب��ة
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
أختها وزوج��ه��ا بليغة ،فما كان من عائلة هدى إلاّ أن استعانوا ببعض المعدات الطبية المتواضعة ومضوا بابنتهم وزوجها المُصابَين في الصحراء ،حتى تحسّنت حالتهما الصحية وهاجروا بعدها إلى أوروبا ،وهنا فقط بدأت الفكرة تجول في خاطر عائلة ه��دى ب��ال��خ��روج من سوريا نهائياً ،وبين مؤيدٍ وم��ع��ارض ل��ل��ف��ك��رة ،وبعد شهور من النزوح القسري ت��ح��ت ض��رب��ات ال��ط��ي��ران، تجرّعت خاللها العائلة المرار األكبر ،بدأت الرحلة.
قافلة الموت
ق��ررت عائلة ه��دى الذهاب إلى تركيا ،وعبرت العائلة مناطق سيطرة التنظيم، بطريقة التهريب ،بشاحنات كبيرة تحمل حمولة من الملح ،وتحت الملح تكدّس 48شخصاً من نسوة وأطفال ورج��ال ،في مكان ال يتجاوز طوله المترين ،وارتفاعه ال ي��ت��ج��اوز ال��م��ت��ر ،وفتحةٍ للتنفّس ال تتجاوز أبعادها 2سنتيمتر ط��ول ونصف سنتيمتر ع��رض ،وبعد 18 ساعة في شاحنات الملح، كادت تودي بحياة الكثيرين ممن بداخلها ،حتى أطلقوا عليها اس��م قافلة الموت، وصلت ه��دى وعائلتها إلى بلدة حزانو بمحافظة إدلب. لكن السعادة لم تكن حليف العائلة ف��ي ح��زان��و أيضاً، ففي عصر ال��ي��وم التالي لوصولها ت��ع��رّض المنزل ال����ذي م��ك��ث��ت ف��ي��ه عائلة هدى ،والكائن بجانب مقبرة البلدة ،لقصف من الطيران الحربي أدى لسقوط عددٍ كبير من الشهداء ،وأمضى أهالي البلدة ليلتهم في دفن
شهدائهم في مقابر جماعية تحت وط��أة القصف وعلى مرأى عائلة هدى ،وأدركت العائلة أن ال��ح��ظ السيء حليفهم في سوريا ،ولذلك ق���ررت ال��ف��رار م��ن ال��م��وت النفسي ،ووصلت تركيا في ش��ه��ر ش��ب��اط ع���ام ،2014 في ليلة من ليالي الشتاء ال��ق��ارس ،رأت فيها عائلة هدى برغم قسوة برودتها الخالص من الخوف والموت.
الحي��اة الجدي��دة والتأقل��م معها
عملت ه��دى ل��دى وصولها إلى تركيا في قطاف البصل، أخ شاب في ظل عدم وجود ٍ يُعيلها ،ث��م عملت م��دة طويلة مع والدتها في تزيين المالبس وتطريزها بالحرير والخرز ،على الرغم من عدم امتالكها خبرة سابقة بهذا العمل ،وك��ان العمل متعباً جداً لها ،واستمرت على هذا المنوال م��دة ع��ام ونصف، إلى أن طلب مكتب العالقات السورية التركية تسجيل شهادات الخريجين الجامعية، عندها ذهبت هدى وسجّلت لدى المكتب ،وحصلت على إث��ره��ا على فرصة العمل مع المكتب في مجال يشبه مجال دراستها. وبالرغم من قسوة الظروف، وع��دم سهولة التأقلم مع ال��ح��ي��اة ال��ج��دي��دة والبيئة الجديدة ،إلاّ أن هدى وعائلتها وج����دوا فيها خ�لاص��اً من طائرات الحقد األسدية. ه��دى ه��ي إح���دى الفتيات السوريات الحاصالت على شهادات جامعية ،وأجبرتهن ال��ظ��روف على العمل في مجاالت أخرى لتأمين قوتهن وقوت عائالتهن.
حوار
ابنة دير الزور ال�شاعرة �سمرية بدران لزيتون: بعد �أن انت�شر املوت يف الأزقة واحلارات� ،صار الهم �أكرب ومل يعد الكالم يفيد، ال�صدمة جففت احلرب ،وقد�سية الدم الذي �سال �أفقدنا القدرة على الكالم. من ضفاف الفرات الى مدينة غازي عينتاب ،رحلة قطعتها الشاعرة سميرة بدران أولى اللواتي وقفن على منبر الش��عر األنثوي في مدينتها ،لتروي قصة عش��تار التي س��كنتها حتى صوبت تفاصيل حياتها بما يتناسب وقدسية هذه اآللهة التي جعل منها الدارسون سيدة المتناقضات.
وع��ن مدينته��ا تق��ول :دير ال��زور المنس��ية من��ذ األبد، الطيب��ة ،الحنون��ة ،المؤثرة، والصام��دة ،النائي��ة كم��ا س��ماها الس��وريون ،تحزن، لبعدها عن المدن الحاضرة أخواته��ا ،لعل حزنه��ا توزع علينا نحن أهلوها بالتساوي، لي��س حزن��اً ماتق��رأه بي��ن كلمات��ي ،ربم��ا ه��و العتب ليس إال. بي��ن كل ه��ذا الزح��اموال��ركام الس��وري م��ن هي سميرة بدران؟
أنا امرأة َّ ملت الهمسَ والحبو. وآثرت الصراخ والعدو فاأللوان ماعادت هي األلوان وضفتي المعق��ودة على كتف الفرات يفصلن��ي عنه��ا ده��ر م��ن االنكسار وجيشٌ من الغدر والقطيعة أصرخ ..ألحيا َّ عل (هُبَلهم) يخرج من حيِّز خيبته معلناً شرف الهزيمة..
كي��ف تعرفت بن��ت الفراتالى عش��تار؟ من هو العراب ال��ذي دل��ك الى ش��ياطين الحب والشعر؟
من��ذ أن تجولت ف��ي عوالمها تلبّستني ،كان ذلك في بداية ش��بابي ،قرأتها طوي�ل ً ا حتى ارتوي��ت ،لك��ن قراءتي كانت تأخ��ذي دائم��اً إل��ى الخصب والب��ذل والعط��اء والربي��ع والجمال ..من هن��ا نمَت في داخلي حتى جعلتني هي.. أذك��ر أمس��يّة لي ف��ي حلب (نادي ش��باب العروبة) ألقيت قصيدة لي تغنيت بعشتارتي وس��بحت في عوالمها ..فوقف فن��ان تش��كيلي مش��هور قائ�ل ً ا :أقس��م أن عش��تار القرن العش��رين أمامي ..إنها تأس��رني وتدخلن��ي طائع��اً لعوالم عشتار البابلية. ً كنت أزداد زه��واً وتعلقا بها.. حت��ى أنن��ي ص��رت أص��وب تفاصيل حياتي بما يتناس��ب
وقدس��ية ه��ذه اآلله��ة التي جعل منها الدارس��ون س��يدة المتناقضات. أم��ا م��ن دفعن��ي القت��راف الكتابة والش��عر فأن��ا أرى أن ه��ذا ال��درب هب��ة وق��در ،إذ كتب��ت أول��ى قصائ��دي وأن��ا ف��ي االصف الس��ابع ،قبل أن أتج��ه اللته��ام كل م��ا تق��ع عليه عيناي من الش��عر قراءة وتذوق��اً ،لكن ف��دوى طوقان وهند هارون ونازك المالئكة كن مع��ي دائماً ،أم��ا محمود درويش ون��زار قباني فأهيئ طقس قراءت��ي لهما كل مرة حباً وش��وقا ،لي خط��ي الذي يختل��ف عنهم جميع��اً ويتفق معهم جميعاً.
تب��دو الرغب��ة جامحة فيكتابات��ك للحري��ة واالنعتاق م��ن موروث��ات المجتم��ع، ال��ى أي ح��د س��جنتك تلك التابوه��ات ،وكي��ف كيف��ت القصيدة لتقولي ماال يقال؟
كنت أول من وقفت على منبر الش��عر األنثوي ف��ي مدينتي الت��ي تنام على كت��ف الفرات وتجنح إلى البساطة والهدوء، ففي عام 1986وعلى مسرح المدينة الصغيرة ألقيت أولى قصائ��دي بجرأة ل��م يعهدها أهلوه��ا الطيب��ون ،نعم هي ج��رأة ،وقفت��ي ه��ذه كان��ت الخطوة األولى ف��ي االنعتاق من الكثير من القيود البالية، دع��م أس��رتي ل��ي واهتمام والدي ودعمه المس��تمر كان التميمة التي جعلتني أتخطى كل العقبات التالية. وألن الثق��ة الكبي��رة والدعم الق��وي مس��ؤولية واعتبرتها تكليفاً لي ،عملت على صقل موهبتي ووسعت في مساحة ثقافتي األدبية. كان يش��غلني اله��م الع��ام كثي��راً ،لك��ن ط��رق بع��ض األب��واب محظ��ورة ،ودخولها مخاطرة ،لذلك لففت خطابي ببع��ض الرمزي��ة ،وغ ّلف��ت صوت��ي بكثي��ر م��ن الخيال، خاص��ة وأنني تعرض��ت أكثر من مرة بعد بعض األمسيات
لالس��تجواب والمس��اءلة من قبل النظام الحاكم. أما ف��ي بن��اء القصي��دة فقد كن��ت أش��عر أن العم��ود كان قي��داً ثقي�ل ً ا ،لذل��ك اتجه��ت إلى ش��عر التفعيلة الذي كان يس��توعب كل ما أري��د البوح ب��ه بحرية ،رغ��م أنني كتبت الشعر العمودي أيضاً.
يقول البعض إن الشاعراتنس��ا ًء متم��ردات وجريئات، وإبداعه��ن انح��راف محرم، فال يحق لهن مايحق للرجل؟
ربم��ا ه��و الفه��م الخاط��ئ لإلب��داع ،الفه��م الخاط��ئ ل�لأدب ،والمقول��ة األزلي��ة (المرة مرة والرجل رجل) التي زرعت في ذات المرأة الشعور بالظل��م ،وف��ي ذات الرج��ل ُّ والتس��لط ،الم��رأة الغ��رور تحت الضوء الساطع من قبل الرجل ف��ي مجتم��ع ذكوري، كل ماتق��وم ب��ه محس��وب عليه��ا ومحاس��بة علي��ه ،إن دخول مج��ال األدب مثل كل المج��االت األخ��رى ال يختلف عنهم بشيء ،لكنه يتوجه إلى كل ش��رائح المجتمع ويتلقاه الجميع وهنا يبدأ التش��ريح و التقييم. الش��عراء يعتل��ون المناب��ر، يتغزل��ون ويوغل��ون ف��ي الوص��ف والتغن��ي ،وه��و أمر عادي في مجتمع يعتبر صوت المرأة ع��ورة ،فكيف بوقوفها على منبر!. قي��ل عني يوماً متمرِّدة رغم أني ل��م أدخ��ل ف��ي ميادين التغ��زل أو التغن��ي بالحبيب، وعانيت كثيراً حتى استطعت أن أج��د لي موط��ئ قدم في عالم يلغي النس��اء المبدعات الحقيقي��ات ،ويرف��ع م��ن نس��اء اليمتلكن الموهبة وال الثقافة لغاي��ات ترضي غرور المتثاقفي��ن القائمي��ن عل��ى األمر و القرار والسلطة.
هل س��اعدت الث��ورة علىايج��اد دوراً أكب��ر لحض��ور المراة ف��ي الحياة األدبية أم العكس وهل ترين كشاعرة وأديب��ة أن هنال��ك فرق��اً
حقيقي��اً بي��ن أدب نس��ائي وأخر ذكوري؟
الث��ورة أبع��دت الم��رأة ول��م تس��اعدها عل��ى اإلب��داع وتطوير الذات ،فحضور المرأة كان ف��ي النكب��ات والمج��ازر وتحمل��ت ال��دور األكب��ر في لملمة شتات أس��رتها ،إنهيار المجتمع بدءاً من األس��رة هو ما شغل النس��اء في سورية، همومه��ا كانت أكبر من نص أدب��ي تقدم��ه لمجتم��ع همه األكبر الحياة والوجود والخبز. في بداية الثورة حاكت بعض النس��اء األهازي��ج المحرضة والداعم��ة وأن��ا منه��ن ،لكن بع��د أن انتش��ر الم��وت ف��ي األزقة والحارات ،وعم الخراب كل بقع��ة في الوط��ن ،صار اله��م أكب��ر ولم يع��د الكالم يفيد ،الصدم��ة جففت الحبر، وقدس��ية ال��دم ال��ذي س��ال أفقدن��ا القدرة عل��ى الكالم، نتفٌ من العبارات تنسل بين حين وآخر ،ال تعبر عما يختنق في الصدور من وجع.
ما التفاصيل الصغيرة تلكالتي تفتقدينها وأنت بعيد ًة عن الفرات وسوريا؟
أفتق��د مكتبت��ي وه��و افتقاد مرٌّ للغاية ،ثم كل التفاصيل الصغي��رة والكبي��رة األخرى، لك��ن ما يطفئ ن��ار افتقادي، الغي��اب الذي أل��مّ بمجتمعي الصغير هناك ،ذه��ب الكثير من الصحب واألهل والجيران بين مهجر ومفق��ود ومعتقل وش��هيد ،وبات كل م��ا هناك ممجوج��اً بدونه��م ،ته��دأ النف��س ع��ن ش��وقها وتعاف النفس كل ما دونهم.
هل استمرت سميرة بدرانبالعم��ل الثقاف��ي ف��ي بالد اللج��وء وأي المواضي��ع هي التي تناولتها؟
هن��ا ف��ي تركي��ا كن��ت م��ن مؤسسي ملتقى حران األدبي وه��و يجمع جنس��يات األدباء المختلف��ة ،هدف��ه تقدي��م الحض��ارة االس�لامية واألدب العرب��ي بأبه��ى ص��ورة ،كما أنني أدي��ر المكت��ب الثقافي ف��ي هيئ��ة الس��وريين ف��ي أورفة ،وأس��اهم م��ع فريقي في بن��اء الجس��ور للمحافظة عل��ى األدب الس��وري ودع��م الثقاف��ة الثوري��ة ،ش��اركت بأمسيات ش��عرية في ذكرى انطالقة الث��ورة وأخرى لمنبر الش��ام في عينتاب عن حصار المدن ،وللحص��ار الخانق في دير الزور قمن��ا بحمالت لفك الحصار ولي قصائد بهذا.
ف��ي الختام ن��ود أن نفهمس��ر هذا الحزن ف��ي نصك؟ أهو بس��بب ذاك النهر الذي ظ��ل يفي��ض ب��كل تاري��خ اوجاعه؟
ب��ل ألن م��ا يحيط بنا يش��ي بكل هذا ،لعل الشفافية التي منحني إياها اهلل هي السبب، الفرات رغم مايوحي لآلخرين ب��ه من ح��زن إنما ه��و الفرح المقيم ،هو السكينة والهدوء الرباني المقدس. دير الزور المنسية منذ األبد، الطيب��ة ،الحنون��ة ،المؤثرة، والصامدة ،النائية كما سماها الس��وريون ،تح��زن ،لبعدها عن الم��دن الحاضرة أخواتها، لعل حزنها ت��وزع علينا نحن أهلوها بالتساوي ،خاصة وأن ه��ذا البع��د وما ترت��ب عليه م��ن طق��س متقل��ب ومن��اخ صحراوي ،أكسبنا متناقضات كثي��رة ومزاجي��ة تختلف عن أخوتنا في المدن األخرى. لي��س حزن��اً ماتق��رأه بي��ن كلماتي ،ربما هو العتب ليس إال.
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
11
ثقافة
االختباء خلف اجلائزة
ال��ذي وقّع��ه فنّان��ون إدانة لحص��ار درع��ا ومن��ع الغذاء عنها.
تُستخدم الجوائز الثقافيّة ألغراض سياسيّة متعدّدة ،فمنها لتعزيز مواقف لجماعات أو أفراد ،ومنها الستبعاد التركيز عن غيرها .وتختصّ األنظمة القمعيّة بابتداع جوائز وتكريمات تلمّعها ،وتمجّد رموزها ،وتحاول عبرها رسم صورة مغايرة للواقع ،إلى درجة إلغاء الحقائق ،وكتابة تاريخ آخر.
ويمنح الفنّان��ون المرضيّ عنه��م ،لي��س األوس��مة والجوائ��ز ب��ل الف��رص المتوالي��ة ،وبالطب��ع هذا ما يأخ��ذ حقوق غيره��م الذين يحرمون منها .فقد استولى – مث ً ال – أمي��ن الخياط على فرص��ة الظهور ف��ي معظم الحفالت التلفزيونيّة كقائد للفرق��ة الموس��يقيّة ،كم��ا ورّث (التوري��ث خصوصيّة أس��ديّة) قي��ادة الفرق��ة الموس��يقيّة الموضوع��ة دائم��اً أم��ام الكامي��رات إلى هادي بقدون��س الذي أثبت ب��دوره والءه ،ومازال يظهره ف��ي ّ كل مناس��بة ،ودون مناس��بة ،مُش��بّحاً في ّ كل لقاء ،عل��ى زمالئه الفنّانين أوّ ً ال وعلى الشعب دائماً ،فهو يه��دّد زم�لاءه المنتس��بين إلى النقابة اتّباعاً لمدرس��ة زهير رمض��ان ،وينزرع في وجه المتفرّج على الشاشة، فف��ي احتف��االت ما س��مّي بمهرج��ان المحبّ��ة (تحوّل اس��مه إلى باسل) كان يقود الفرق��ة في الالذقيّة ويطير في نفس اليوم إلى دمش��ق ليظه��ر ف��ي حف��ل منقول، أو ليس��جّل ،كأنّ��ه قائ��د
بشار فستق ّ المفكر الس��وريّ لم يح��ظ ج�لال ص��ادق العظ��م بأيّ تكري��م أو جائ��زة رس��ميّة، ب��ل العكس ،فق��د مّنع من العمل في بلده ،ومُنح غيره مم��ن ال يس��تحقّون الجوائز والتكريم��اتُ ، وفتح��ت لهم أب��واب الجامع��ات ووس��ائل اإلعالم.
بط��ول سلس��لة الصف��ات الت��ي يحمله��ا قبل اس��مه، فقد س��بق عمّه رفعت ،وال أحد يدري كي��ف ومتى وأين كانوا يحصلون على ش��هادة الدكت��وراه الت��ي صارت في س��ورية هز ً ال ،ومضرب مثل في الس��خرية مم��ن حملها وهو ال يفقه شيئاً.
كم��ا أُنش��ئت جوائ��ز ومهرجانات ومَعارض باسم ابن حاف��ظ األس��د ،الذي ال يمتلك أيّة صفة رسميّة ،أو قيمة فكريّة ،سوى أنّه مات بحادث س��يّارة كان يقودها بسرعة كبيرة .فصار باسمه جوائ��ز لإلب��داع والتف��وّق، وتحوّلت أس��ماء مهرجانات ومعاه��د ومس��ابقات وجمعيّات إلى اس��مه ،وصار ش��هيداً ،وتندّر الس��وريّون
كذل��ك األوس��مة الت��ي لطالم��ا مُنح��ت بأش��كال مش��وّهة ،فقد نال فنّانون أوس��مة رفيعة ألنّهم كانوا ينفّذون ما تريده الس��لطة، ويرتبط��ون ارتباط��اً وثيق��اً باألجه��زة األمنيّ��ة مث��ل دريد لحّ��ام ،أو إلس��كاتهم كالس��يّدة منى واصف ،بعد مش��اركتها ث��مّ انس��حابها ممّا عرف ف��ي بداية الثورة الس��وريّة بـ «بيان الحليب»
الفرقة الموس��يقيّة الوحيد في س��ورية وال أحد س��واه، وبمستوى فنّيّ مخجل من شدّة تدنّيه. وقد ظهر في تس��جيل وهو يعزف مقطوعة كالس��يكيّة معروف��ة ،ل��م يس��تطع المختصّ��ون حص��ر ع��دد النشازات التي أصدرها. يتس��ابق أمث��ال ه��ؤالء إلى مدي��ح رئيس��هم والمطالبة ب��أن يَقت��ل أكث��ر ،كأنّم��ا ينقص��ه ه��ذا ،ويعطيه��م المناص��ب الت��ي تتي��ح لهم الظه��ور أكث��ر ،كأنّم��ا ال ذاك��رة للن��اس! فعندم��ا يطال��ب نج��دت أن��زور كما طالب أحمد حسّ��ون (مفتي األسد) بالمزيد من القصف، ماذا ينتظ��ر بالمقابل ممّن يُقصف��ون الي��وم؟ ه��ل س��يعامل الن��اس والتاري��خ أمث��ال ه��ؤالء معاملة أخرى
غي��ر بقيّ��ة أف��راد العصابة القاتلة؟. ّ كل الجوائ��ز واألوس��مة والمهرجان��ات ل��ن ترفع من قيمة المجرمي��ن قيد أنملة، ل��ن تبيّ��ض صفحاته��م المطليّة بالع��ار والدم ،عار الخيان��ة ودم الس��وريّين، ول��ن تمح��ي آث��ار وقوفهم ف��ي صفّ القاتل كش��ركاء، وس��تصير هذه الجوائز أد ّلة إضافيّ��ة عل��ى الش��راكة، كذل��ك ل��ن يفي��د العصابة الحاكم��ة أن تق��ف معه��ا وتش��جعها فئة تدّعي الفنّ أو اإلنس��انيّة وه��ي تطالب بالمزي��د م��ن القت��ل ،فئ��ة تس��تدعي االحتالل وتطبّل وتزمّ��ر له ،وتخدع نفس��ها بأن تعتق��د بأكبر أخطاء في أن تاري��خ البش��ريّة ،وهي ّ الشعوب قد تُهزم أو تنسى أو تموت.
الوثيقة واخليال عن دم�شق "عني ال�شرق" المحرر الثقافي المزي��ح الفنّيّ في األحداث واالنتق��االت الزمكانيّ��ة والنظ��ر والش��خصيّات إل��ى المس��ألة م��ن زواي��ا جدي��دة بالتن��اول التوثيقيّ والفنت��ازيّ يجع��ل رواي��ة «عي��ن الش��رق» للكات��ب السوريّ «إبراهيم الجبين» عم ً ال يبحث بجدّ عن الرواية الس��وريّة الجدي��دة الت��ي تنبت مع الثورة السوريّة. تنطل��ق الرواي��ة بش��كل جليّ م��ن اعتب��ارات الثورة الس��وريّة ،وبنظ��رة ثوريّة إل��ى الواقع الح��يّ ،فالنظر بعين جديدة إل��ى ما اعتدنا عليه ،وس�� ّلمنا ب��ه ،أو ما لم ننتب��ه إلي��ه أص�ل ً ا ،وكأنّنا أم��ام تغري��ب بريش��تيّ
12
روائ��يّ ،يض��ع «الجبي��ن» مجريات ل��م َ تناقش ،ويعيد قراءتها طارحاً المسألة أمام المتلقّي. فما ه��ي القصّة الحقيقيّة للمدع��و «كام��ل أمي��ن ّ يش��كل ثابت» ،الذي كاد أن حكومة س��وريّة ،ثمّ أُعدم ف��ي منتص��ف الس��تينيّات، باعتب��اره «كوهي��ن» وقيل بأنّه جاسوس يعمل لصالح إس��رائيل؟ وماه��يّ عالقة المدعو «علي أحمد س��عيد» المع��روف ب��ـ «أدوني��س» بالمخابرات السوريّة؟؟ كما يعي��د قراءة ي��وم موت «حاف��ظ أس��د» ليحقّق فيه، ويورد تفاصيل عائليّة جرت ضمن العائلة تكشف مسائل تس��تدعي إع��ادة النظ��ر
في بنيته��ا ،كأنّم��ا يطالب الكاتبُ القارئَ بالتساؤل. وتب��دو مق��درات «الجبي��ن» اإلعالميّ��ة وخبرت��ه جليّ��ة في تتبع الحدث ،واإلمس��اك المش��وّقة بالمفاص��ل اليوميّ��ة للمجري��ات اإلخباريّ��ة .م��ع أنّ��ه يترك الغم��وض ليل��فّ حقائ��ق أخرى ،ال يكش��ف م��ا أصبح معروف��اً في قضيّة ُفرش��ت إعالميّ��اً وقضائيّاً ،كاغتيال «رفي��ق الحري��ري» رئي��س وزراء لبن��ان األس��بق ،قب��ل خروج القوّات الس��وريّة من لبن��ان ع��ام ،2005ويت��رك الروائ��ي «إبراهيم الجبين» لن��ا الكثي��ر م��ن المس��ائل
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
لنح ّله��ا ،وباألص��ح لنعي��د التفكي��ر فيه��ا ،ونتخ ّلى عن س��طح الخب��ر وعناوين��ه لنغ��وص في بني��ة األنظمة وعالقاتها. تمن��ح الحبك��ة البوليس��يّة للعدي��د من األح��داث متعة وتش��ويقاً للق��ارئ ،ولك��نّ المسائل المع ّلقة والمتروكة للقارئ تزيد في المش��اركة، وترف��ع القيم��ة الفكريّ��ة، إذ تفت��رض إعم��ال العق��ل والخي��ال اس��تكما ً ال للبح��ث ف��ي المس��ائل العدي��دة المطروحة ،قديمها وحديثها، عبر عشرات الشخصيّات. نبع الم��كان الرئيس��يّ في الرواي��ة هو مدينة دمش��ق
«عين الش��رق» لكنّ دمشق ليس��ت مكان��اً فق��ط ،فهي تاريخ ،أي زمان ،لذلك تعود الرواي��ة إل��ى ال��وراء مئ��ات السنين أحياناً ،ثمّ ترجع إلى األمس القريب ،أو إلى اآلن، وألن المكان دمش��ق ّ تمكنت ّ الرواي��ة م��ن االنتق��ال إلى المدن السوريّة ،لتكشف ما يجري في ّ كل العالم. في دمش��ق التاريخ في ّ كل م��كان ،فكيف في س��جنها!؟ س��تجد في زنزان��ة ما هناك «ابن تيميّة» ،وستجد بذور الث��ورة وأس��بابها ،وتلم��س لحظة ُكتب فيها على جدارن درعا «إجاك الدور يا دكتور... ارحل».
ثقافة
انحبا�س الأمطار ،والزراعة حتت رحمة ال�سماء
«مر تش��رين الثاني وما زال��ت التربة حمراء ،وال زلنا ننتظ��ر الغيث من اهلل حتى نس��تطيع حرث حقولنا» بهذه الكلمات يعبر عبد المنعم الخطيب أحد فالحين قرية الجدار في ريف ادلب الجنوبي عن تأخر تس��اقط المط��ر لهذا الع��ام ،ويتخوف الخطي��ب عل��ى مصي��ر الزراعة والمواس��م في حال لم يتس��اقط المطر خالل األس��ابيع الثالثة المقبلة ،ويقول إن األمر ينذر بأزمة زراعية. وسيم درويش وتش��هد س��ورية والمنطقة عموماً انحباس��اً لألمطار لم تشهده منذ سنوات طويلة، وق��د يك��ون تأثي��ره كارثياً على المزارع السوري السيما ف��ي ظ��ل تراج��ع القط��اع الزراع��ي جراء الح��رب التي تشهدها البلد. ال أساس��ياً وتعد األمطار عام ً في استقرار اإلنتاج الزراعي والحيوان��ي عل��ى الس��واء، وتغير موعد هطول األمطار أو تأخ��ره وقلته��ا ق��د يؤدي إل��ى صعوبات زراعية خاصة بالنسبة للمحاصيل الزراعة المحلية البعلية ،حيث يمكن أن تهطل األمطار في موسم الحصاد ما يجعل المحاصيل قابلة للتعفن والتلف. ووس��ط ترق��ب المزارعي��ن لمنخف��ض ج��وي يحم��ل بع��ض األمط��ار ف��ان حالة م��ن القل��ق تنتابه��م عل��ى محاصيلهم خش��ية انعكاس تقلب��ات الطق��س المتكررة بي��ن الحار والبارد على إنتاج األش��جار المثم��رة والنباتات والخض��راوات ،م��ا يجع��ل
حصيلة تعبهم طيلة موسم كام��ل ف��ي مه��ب الري��اح، السيما وأن القطاع الزراعي بش��كل ع��ام كان ق��د تأثر ف��ي الس��نين الس��ابقة من س��يء الى أسوء الى حد دفع بالكثير م��ن المزارعين الى تعطي��ل أراضيهم وتوقفهم عن الزراعة.
ل��ن تك��ون هن��اك زراع��ات شتوية مروية كما السابق
الم��زارع عبد ال��رزاق كنجو م��ن مدين��ة س��راقب وه��و يش��رف عل��ى زراع��ة أرضه من��ذ أكثر من ثالثين س��نة قال: «يق��ال باألمث��ال الش��عبية (أيلول دنَبَهُ مبلول) أي أن المط��ر يبدأ في آخ��ر أيلول، وه��ا هو يمر تش��رين األول وتش��رين الثان��ي ولم تنزل سوى مطر ًة واحدة ،لم تفيد البذار ألنها غي��ر كافية ،بل ق��د تتس��بب ه��ذه المطرة بتعف��ن الب��ذار تحت األرض إن لم تكن الس��قاية سقاية إنبات. وبالنسبة لشجر الزيتون فهو
يحت��اج لمط��رة عل��ى األقل قب��ل القطاف لك��ن القطاف ش��ارف عل��ى االنته��اء ولم يهط��ل المطر ،لكن الس��نة ال يوجد حم��ل وال قطاف وال موس��م أو حتى ربع موس��م للزيتون». ويضي��ف كنج��و« :برمي��ل المازوت المك��رر والرديء بـ ( )٦٥ألف ليرة سورية لذلك ل��ن تك��ون هن��اك زراع��ات مروية ش��توية كما السابق، مث��ل الع��دس والحم��ص والقمح والكمون واليانسون والف��ول وه��ي محاصي��ل تحتاج للمطر بشكل ضروري لينب��ت الب��ذر ،وه��ذا يعني أن الم��زارع صاحب األراضي المروية سيخس��ر ف��ي هذا الموس��م ،أم��ا األراض��ي البعلي��ة فس��يموت زرعه��ا طبعاً إن لم يرحمنا اهلل». المهن��دس الزراع��ي «خالد الخطي��ب» و أح��د المهتمين بالزراع��ة ف��ي ري��ف ادل��ب الجنوبي قال لـ «زيتون»: «إن المن��اخ الس��ائد ف��ي محافظة ادلب هو مناخ جاف يت��راوح مع��دل األمطار فيه م��ا بي��ن ( )500 – 490م��م س��نويا ،وكان من المفترض ف��ي الحال��ة الطبيعي��ة أن يهط��ل حوال��ي ( )15%م��ن نس��بة األمطار السنوية في مث��ل ه��ذه الفترة م��ن كل عام ،وه��ذه النس��بة مهمة للمزارع كون ه��ذه األمطار الخريفي��ة تتمي��ز بقدرته��ا عل��ى تأمين مرق��د جيد من الح��رارة والرطوب��ة لب��ذار المحاصي��ل الش��توية الت��ي
تزرع ف��ي مثل ه��ذا الوقت ومنه��ا البقولي��ات والقم��ح والشعير». ويضيف الخطي��ب« :معظم المحاصي��ل الزراعي��ة ف��ي منطقتن��ا وخاصة األش��جار تحتاج لمعدل مطري سنوي مابي��ن ( )500 300-م��م وبالتال��ي ال يمكنن��ا وص��ف الوض��ع بكلم��ة «كارث��ة» أو «جف��اف» ف��ي منطقتن��ا حالي��اً ،رغ��م م��ا النع��دام األمط��ار المبكرة م��ن تأثير س��لبي وبش��كل كبي��ر على المحاصيل الشتوية.
أق��دم بع��ض الس��قايات الداعمة قبل موسم الزيتون
«بهج��ت الحس��ني» أح��د مالك��ي حق��ول الزيتون في قري��ة حزاري��ن ف��ي الريف الجنوبي لمحافظة إدلب قال لزيتون: «بالنسبة لمحصول الزيتون فموس��م ه��ذا الع��ام يعتبر خفيف��ا ،وترافق��ه م��ع قل��ة األمط��ار أدى النخف��اض اإلنت��اج بح��دود ( )% 70عن الس��نة الماضية ،وقد يسبب تأخر األمط��ار الخريفية في هذا العام على نمو األشجار، أما تأثي��ر تأخر األمطار على المواس��م فتعتب��ر األمط��ار الربيعية المؤثر الرئيسي في خصوبة الموس��م ونوعيته، وينطب��ق هذا ال��كالم على أشجار التين والزيتون ،ولكن لو هطلت األمط��ار المبكرة ل��كان أفض��ل لجمي��ع أنواع المزروع��ات .ش��خصيا أقوم ف��ي حالة الض��رورة بتقديم بع��ض الس��قايات الداعم��ة
قبل موس��م القط��اف أو في فت��رة الصيف من خالل الري بالصهاريج». وعن الحلول الواجب اتخاذها يق��ول الدكت��ور مج��دي الحس��ني« :دائما م��ا يمكن إج��راء حلول في المس��احات ذات الرقع��ة المس��احية الصغي��رة إذ يمك��ن تأمي��ن بعض السقايات الداعمة من خالل آب��ار الري والصهاريج، أما في حال كانت المش��اكل عل��ى المس��توى المناخ��ي العام فهذا يصعب من مهمة الجهات المعنية ،كما أنه في حال الجفاف أو قلة تس��اقط األمط��ار بش��كل كبي��ر فإن من ش��أنه التأثير حتى على تل��ك اآلب��ار ونس��بة المياه المتواجدة فيها». ال خطط مستقبلية تنتهجها إدارة مدين��ة ادل��ب أو الحكومة الس��ورية المؤقتة للتخفي��ف م��ن ح��دة معاناة الفالحي��ن باس��تثناء توج��ه بع��ض المنظم��ات وخاصة المهتم��ة بالش��ق الزراع��ي منه��ا بدع��م زراع��ة القمح وتقدي��م ق��روض حس��نة تس��ترد الق��روض من خالل ش��راء القمح من الفالحين و بأس��عار أعلى مما هو سائد ف��ي موس��م التس��ويق ،أو مح��اوالت بع��ض المجالس المحلية ف��ي محافظة إدلب تقديم منح زراعية بس��يطة ومتواضعة كسراقب وبنش ال تغني وال تسمن من شيء.
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
13
منوعات
"كان لنا جريان و�أهل" غسان شعبان
�أحمد ابن ال�ساد�سة �أمام احلرب خاص زيتون ٌ ٌ وعميقة هي اجلروح التي ُفتح��ت يف اجل�سد ال�سوري ،لكن �أكربها كب�يرة هي اخل�سائر التي مُنيت به��ا �سوريا، و�أعمقها تلك التي تكمن منتظرة فر�صة تبلورها يف امل�ستقبل ب�شكل خطري ..الأطفال ال�سوريون. ولأن الطف��ل لوح��ة التقاط ح�سا�سة وبي�ض��اء يف احلالة العادية فهو ي�ضاعف تل��ك الإمكانية لديه يف احلروب والأزمات ليخزنها على �شكل بذور ور�ؤى و�صدمات نف�سية قابلة للت�ضخم ومالزمته لت�شكل �شخ�صيته امل�ستقبلية. يق��ول الطبي��ب مض��ر حب��ار أخصائي ف��ي الطب النفس��ي أن التعام��ل م��ع األطف��ال ورضوضه��م النفسية غاية في التعقيد والصعوب��ة وذلك بس��بب ع��دم ق��درة الطف��ل على التعبي��ر ع��ن مخاوف��ه ناهي��ك وانفعاالت��ه، ع��ن األه��ل المنش��غلين بحماية حياة أطفالهم أو ً ال والعاجزين ثانياًعن متابعة أطفاله��م ومالحظته��م السيما في ظروف الحرب. أحمد طفل في السادس��ة م��ن عم��ره اعتق��ل أب��وه على أح��د حواج��ز النظام في مع��رة النعم��ان قبيل تحريرها ،أثناء عودته من عمله ،وأحمد ككل أطفال العال��م متعل��ق بابي��ه، رافقه ف��ي مظاهراته يوم الجمعة وهتف معه للحرية على أكتافه. وألحمد جس��م صغير وهو قصير نسبياً بين أبناء جيله ول��ه لس��ان بلي��غ وكلمات واضح��ة وقوي��ة ،قلة من أقران��ه الذي��ن يملك��ون مث��ل هذه المق��درة ،ذكي ومفرط بنشاطه الجسدي والفكري ،فقلما يس��كت أو يتوقف عن طرح األس��ئلة والتعليقات. تقول أمه لقد تغيير كثيراً بع��د اعتقال وال��ده ،وصار
14
يخ��اف م��ن أي رجل مس��لح ويعتبره خطرٌ عليه ،يختبئ كلم��ا رأى أحده��م ويق��ول: (سيعتقلوني مثل أبي) ،كما ص��ار عنيداً وعدواني��اً وقلقاً وتراف��ق نش��اطه م��ع رغبة باالنطواء أحياناً. وعن ذلك يق��ول االخصائي في علم النفس جالء خطاب: «ق��د تصاح��ب الصدم��ات ح��االت من الفوبي��ا (مخاوف مرضية) مزمنة من األحداث أو األش��خاص أو األش��ياء الت��ي تراف��ق وجوده��ا م��ع وق��وع الحدث مث��ل الجنود، صف��ارات اإلن��ذار ،األصوات المرتفعة ،الطائرات ...وفي بعض األحي��ان يعبر الطفل عن هذه الح��االت بالبكاء أو العن��ف أو الغض��ب والصراخ أو االن��زواء ف��ي حال��ة م��ن االكتئاب الشديد. عن مواقف أحمد من خسارة وال��ده يقول عم��ه :لم يبك حي��ن أخب��روا والدت��ه أن زوجها قد توفي في الس��جن تح��ت التعذيب ،لك��ن عيناه التائهتي��ن كانتا تبحثان عن معنى ذلك طوال الوقت. ويضيف العم :نزحت أمه الى القرى المحيطة من مدينتها س��راقب م��ن خوفه��ا عليه، وفي الن��زوح عان��ى الطفل من تهميشه في ظل فوضى الضي��ق ،ل��ذا فه��و ال يح��ب النزوح ،كما اضطر الى ترك
المدرسة ،ولم تعد دروس أمه مرغوبة لديه. ورغ��م م��رور أكث��ر م��ن عامي��ن عل��ى خب��ر وفاة وال��ده إال ان��ه م��ا ي��زال يذكر والده ويقارن حياته بالحي��اة الت��ي يمك��ن أن تك��ون عليه ل��و أن والده كان موج��ودا كم��ا تقول أمه لـ «زيتون». وتتابع :أحم��د رجل البيت متمس��ك بمفاتي��ح أبيه، فه��و ال��ذي يتس��وق لن��ا حاجاتن��ا ،وق��د يتش��دد بخروج��ي م��ن البي��ت ويس��أل كثيراً عن الغرباء وم��ا يري��دون ،ل��ه رأي ال يمك��ن تج��اوزه ،يعب��ر بش��كل مح��رج ل��ي ع��ن محبته وكراهيته. وتنهي بقوله��ا :بعد وفاة جدته التي كانت األقرب له بعد أبيه قررت اللجوء الى تركي��ا على أم��ل أن أوفر له مكان��اً أكثر أمن��اً ،منذ اس��بوع أنتظر أن��ا وأحمد عل��ى الح��دود الس��ورية التركي��ة فرص��ة للدخول بشكل غير شرعي ،نقيم في خيم��ة أقامها المهرب لمن يعلقون على الحدود مثل اآلالف من السوريين، لنا ف��ي كل ليل��ة محاولة دخول ،فش��لت كلها حتى األن ،في ظروف غاية في البرد والتشرد والضياع.
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
ال ي��كاد يخل��و من��زل ف��ي س��وريا من الموت ..اإلصابة.. االعتقال ..فقد األحبة ..النزوح والتش��رّد وفق��د الممتل��كات أو أحد هذه الخي��ارات ،فكيف إذا اجتمعت ع��دة خيارات في منزل واحد!؟. ٍ «زيتون» رص��دت إحدى هذه الحاالت التي تجسّ��دت بفقد األحبة والممتلكات والنزوح. «أب��و محم��د» م��ن مدين��ة س��راقب ،واحد من بين ثالثة إخ��وة ،دمّ��ر إج��رام األس��د منازله��م تدمي��راً كلياً ،وقتل أحده��م فبات��وا أخوي��ن م��ع بنات أخيهم الثالث بال مأوى. «غسان الخوجة» الملقب «أبو محمد» قال لـ «زيتون»« :كنا ثالثة إخوة أنا وحس��ين وعلي نسكن بجوار بعضنا ،تعرض بيت��ي للقص��ف أول م��رة م��ا تس��بب بدم��ار جزئ��يّ فيه، أم��ا في الم��رة الثاني��ة فأدى القصف إلى دمار منازلنا نحن الثالث��ة ،وكان أخ��ي حس��ين وعائلت��ه ف��ي منزلن��ا حينها، كان واقفاً أمام المنزل عندما ألق��ت المروحي��ة براميله��ا، فاستشهد هو وزوجته وابنته الصغيرة ،وترك لنا أربع بناتٍ أكبره��ن ال تتج��اوز الرابع��ة عشر من عمرها. ل��م تكتفِ الطائرة بقتل أخي وزوجته وابنت��ه ،وبينما نحن ف��ي ملج��أ قريب م��ن الحي، دمّ��رت بيوتنا نح��ن الثالثة، خرج��ت م��ن الملج��أ ألتفق��د الوضع فلم أرى س��وى الدمار والغب��ار ،ع��دت ولم أس��تطع إخبارهم باألمر بينما تتعالى ً مطالب��ة بالع��ودة أصواته��م للمن��زل ،وكان اللي��ل قد ّ حل والبرد يزداد وال س��بيل لنا إال البقاء في مكاننا. تابع «أب��و محم��د» والغصّة تملؤه« :لم يتبقَ لدينا شيء، منازلنا أصبح��ت ركاماً ،وكل ش��يء بداخلها بات رماداً ،أين س��نذهب ومعنا أربع طفالت أصبحن في ذل��ك اليوم أيضاً يتيمات األبوين! ،فقدنا أخينا وذهب تعب الس��نين كلها ،ما أصعب أن يأتي الليل وال تجد ل��ك مكاناً تنام فيه! ،وبعد أن كنا نعيش بس�لام وس��عادة ٍ ومع بعضنا البعض». واس��تطرد« :ق��ام أهال��ي المدينة ببن��اء منزل متطرف
ومتواضع لعائلتي ،عبارة عن غرفة وملحقاتها ،ال تتسع لنا ولبن��ات أخ��ي ،اللواتي ذهبن للعي��ش ف��ي بي��ت جده��ن، بينم��ا س��كن أخي عل��ي في منزل ألحد األهالي». «س��امر» ابن أب��و محمد ،ذو السبع سنوات ،يقول« :اشتقت لمنزلن��ا ولحيّن��ا وألصدقائي ف��ي الحي وأللعاب��ي ،أريد أن أع��ود إلى منزل��ي ،وألعب مع أصدقائ��ي ،وألع��ب بألعابي، متى سنعود؟». أما «أم محمد» فقالت« :أحسّ بالغرب��ة والوحدة ف��ي منزلنا الجدي��د ،ال��ذي ق��د نضط��رّ لمغادرت��ه ف��ي أيّ لحظ��ة كما غادرنا منزلن��ا فجأة ،كنا نعي��ش مع بعضن��ا ال نحسّ بالوحدة أبداً ،وكان لنا جيران نعيش كاألهل ،وكان ألوالدنا أصدقاء يلعب��ون معهم طيلة الوق��ت ،واآلن نحن وحدنا في من��زل بناه لن��ا فاعلي الخير، ٍ وأفكارن��ا مش��تّتةّ ، وكل يوم نعيش��ه أصعب من س��ابقه، فمن يعيش ف��ي منزله ليس كمن لم يبقى لديه شيء». «إس��راء» 11عام��اً ،ابنة أبو محم��د ،تق��ول« :أصبحت بال أصدقاء ،اش��تقت لصديقاتي ف��ي الح��ي ،وب��ات ص��وت الطائرة يشكل عقد ًة بالنسبة لي ،بمجرد أن أس��مع صوتها أُحسّ بالخوف والفزع». أما بنات الش��هيد «حس��ين»، ن��ور وفاطم��ة فق��د عبّ��رن بطريقتهم��ا عمّ��ا آل��ت إليه حالهم��ا« ،فاطم��ة» 14عاماً، ابن��ة حس��ين الكب��رى قالت: «فقدن��ا كل ش��يء أبي وأمي وأختي وحتى بيتنا ،وأصبحت تربي��ة أخواتي مس��ؤوليتي، عش��نا لفترة ف��ي بيت عمي، ث��م طلب��ت من��ه أن نذه��ب للعي��ش عن��د جدت��ي الت��ي تعوّضنا عن حنان أمنا. تبكي فاطم��ة بحرقة وتتابع: «ضاع كل ش��يء ،ال أستطيع نس��يان اجتماعاتنا وسهراتنا عندم��ا كان أعمام��ي يأت��ون إل��ى منزلنا ،ووال��دي وحياتنا وأصدقاؤن��ا ،ول��و للحظ��ة واحدة».
منوعات
لن�ستمع لأطفالنا.. الر�ض النف�سي لدى الأطفال ال�سوريني جراءاحلرب يتعرض الطفل الس��وري ألقسى أنواع الصدمات في تاريخ البشرية وذلك النعدام األمان سواء في منزله ومدرس��ته أو في الشارع أو بسبب تعرضه لمش��اهد العنف الشديد كالقصف والقتل إضافة الى خسارته ألحد والديه أو إخوته ناهيك عن النزوح والتشرد والفقر. تُعرّف الصدمة النفس��ية بأنها أعراض ما بعد التجربة الصادمة ,تحدث نتيجة لتجربة أو حدث صادم مما يسفر عنه الخوف الشديد أو اإلحساس بالعجز وهي حوادث شديدة أو عنيفة ومؤذية مه��ددة للحياة ,بحيث تحتاج هذه الحوادث إلى مجهود غير ع��ادي لمواجهتها والتغلب عليها أي أنها رد فعل طبيعي لتجربة غير طبيعية. كما تعرف أيضا بأنها «حالة فجائية طارئة غير متوقعة ،تكون فوق طاقة اإلنس��ان ،تؤثر عليه، بحيث يكون عاجزا عن التأقلم مع الواقع.
ياسمين محمد
ماه��ي الصدمات النفس��ية وكي��ف نع��رف ان طفلن��ا مصاب بها؟
يق��ول الطبي��ب النفس��ي مض��ر حب��ار لزيت��ون «إن أهم االضطرابات النفس��ية ش��يوعا ل��دى األطفال الس��وريين هي: اضطراب الرض ما بعد الصدمة واضطراب القلق العام والتبول الالإرادي.
وعن أعراض هذه الصدمات يقول حبار:
م��ن الع��وارض زي��ادة التعل��ق باألبوي��ن عل��ى نح��و ملح��وظ حدي��ث العهد ه��و دليل صدمة قل��ق ل��دى الطفل ،منه��ا أيضا قضم األظافر ورؤية الكوابيس.
ويضي��ف األخصائ��ي ف��ي الع�لاج والصح��ة النفس��ية الدكت��ور «خال��د الضعيف» لزيتون عن بعض األعراض األخرى:
يعتب��ر الخوف والقل��ق من أهم الع��وارض الت��ي تظه��ر عل��ى الطف��ل فاليقظة زائدة تس��بب صعوب��ة في التركي��ز وصعوبة بالنوم تسبب عصبية زائدة في حال اس��تمرارها مما تؤدي الى
تدني قدرة الطفل على التعلم. كذل��ك تظهر حالة م��ن اإلنكار عل��ى بع��ض األطف��ال الذي��ن يميل��ون الى إن��كار الواقع مثال كان يؤك��د طف��ل فق��د زميله على عودته غدا الى المدرس��ة كبعض الح��االت الت��ي ظهرت بين أطفال قرية حاس. كم��ا يمك��ن أن ينم��و الش��عور بالغض��ب الش��ديد والعصبي��ة الزائ��دة في البيت أو المدرس��ة وقد يعان��ي م��ن صعوبات في التركي��ز والتعل��م تظه��ر عند األطف��ال ف��ي الم��دارس أثناء الحروب. وتتراج��ع مق��درة الطف��ل على االنس��جام االجتماع��ي ف��ي محيط��ه ويتع��رض لصعوبات اجتماعي��ة تتعل��ق بتغيي��ر التصرفات والمش��اعر واألفكار عنده وبالتالي عدم القدرة على التفاعل بشكل ايجابي.
محاذي��ر تزي��د م��ن عم��ق الصدمة
يح��ذر الطبيب مض��ر حبار من رؤي��ة الطف��ل ألح��د والديه أو كليهم��ا ف��ي حال��ة خ��وف فهو يفتق��د بذل��ك الملج��أ اآلم��ن والطبيع��ي ال��ذي تع��ود علي��ه
لحمايت��ه وق��ت الش��دة ويجب أن يعل��م اآلب��اء أنه��م الق��دوة بالنس��بة ألبنائه��م ويفت��رض بهم أن يس��يطروا على مشاعر القلق والخوف أمامهم وان يبثوا روح األم��ل والش��جاعة فيه��م، وقيل قديما «من ش��به أباه فما ظل��م» ،كما يش��دد حب��ار على األبوين في ع��دم التحدث أمام الطفل ع��ن الح��وادث المؤلمة الت��ي تعرضت لها األس��رة في ظ��روف الح��رب الحالي��ة وعدم معاقبة الطفل جسديا في حالة التبول الالإرادي. ويشدد الطبيب حبار بان اإلطار الع��ام ل��كل الح��االت يقض��ي بتأمي��ن األساس��يات لألطف��ال وأهمها األمان ومن ثم المعيشة م��ن توفي��ر الطع��ام واللب��اس والدفء ،كذلك التعليم.
كي��ف أس��اعد طفل��ي عل��ى تخطي صدمته النفسية
ينص��ح الطبي��ب خال��د التركيز عل��ى التعام��ل م��ع الطف��ل بطريق��ة غي��ر لفظي��ة ،نتيجة النخفاض قدرتهم على التعبير فه��و ال يع��رف كي��ف يعبر عن آالمه وما يعانيه بصورة كلمات أو ألفاظ لغوية ويضي��ف :علين��ا أن نظه��ر ل��ه التقبل اإليجابي غير المشروط الن الطفل يش��عر برغبتنا في مس��اعدته كما يج��ب أن نبتعد قدر اإلمكان عن اقتحام الطفل في صورة مباشرة في اللحظات األولى للق��اء ،أي علينا أن نترك الطف��ل عل��ى س��جيته ف��ي أن يتح��دث عما ش��اهد أو ما حدث وعلين��ا أن ال نجبره أو نلح عليه بالحدي��ث عن ش��يء م��ا ،ومن الواجب علين��ا أن نعطيه األمان والثقة ع��ن طريق لمس يده أو
التربيت على كتفه ،وأن نسمح للطفل إكم��ال حديثه حتى ولو كان غير منطقيا.
يح��دد الطبي��ب مض��ر أهم النصائ��ح التي يمكن لألهل القيام به��ا أثن��اء تعاملهم م��ع أطفاله��م المعرضي��ن للصدمات باالتي:
وزيادة االهتمام بفعاليات كانت في السابق أمرا «روتينيا» مثل االحتف��ال بعي��د مي�لاد الطفل والخروج في نزهات أو للتسوق أو لزيارة األقارب.
يج��ب أن نس��تمع ألطفالن��ا«االس��تماع الجي��د لألطف��ال وكلما ك��رر الطفل الحديث عن الصدم��ة م��ن خ�لال «التفريغ االنفعال��ي «كلما ق��ل تأثيرها علي��ه في المس��تقبل والتحدث م��ع الطف��ل بطريق��ة تدخ��ل الطمأنين��ة واألم��ان إل��ى قلبه واس��تخدام أي إجراء يعزز ذلك، وم��ن المه��م محادثته��م قبل الن��وم عن أف��كار ايجابية وعن طموحاته��م وأماله��م واإليحاء له��م ب��أن المس��تقبل أفضل، مبتعدي��ن ع��ن ذك��ر أس��باب الصدمة. 2عل��ى األه��ل اإلجاب��ة علىأس��ئلة الطفل بصدق وبساطة وأن ال نخف��ي عليهم الخس��ارة الت��ي لحقت بهم ب��ل نحفزهم على تجاوزها. 3يج��ب على األهال��ي تقليلتع��رض األطفال ال��ى األعالم وخاص��ة اإلع�لام الت��ي تظهر ب��ه مش��اهد العن��ف والقص��ف ألن��ه الطفل يس��تعيد بذاكرته الصدم��ة ،ويعتب��ر الطبي��ب «الطعيف» أن س��هولة الوصول لوس��ائل اإلع�لام ومقاط��ع الفيدي��و ع��ن طري��ق اإلنترنت التي تغذي العنف لدى األطفال أو تثي��ر الرع��ب لديه��م م��ن المش��اكل الت��ي ال يتنب��ه له��ا األهل ويقول: «لألس��ف اآلب��اء يتصفح��ون المواق��ع االلكترونية ونش��رات األخب��ار غي��ر مبالي��ن بش��عور أطفاله��م أو غي��ر مدركي��ن بتأثيره��ا عليه��م ،وحت��ى الع��اب األطف��ال االلكتروني��ة فكله��ا تحاكي الح��روب والقتل والعنف». 4مش��اركة األطف��ال بتنفي��ذبعض األنش��طة البسيطة كأن يش��اركوا أهاليه��م بالعم��ل أو مرافقته��م لذويه��م للتس��وق وتمكي��ن الطفل من ممارس��ة حيات��ه الطبيعية ق��در اإلمكان
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1| 144كانون األول 2016
15
عطر زيتون
رواية «الجوخي» للكاتب عبد العزيز الموسى ،تمت طباعتها بدار الشموس للدراسات والنشر والتوزيع عام .2002 وتعيد زيتون نشرها ..الجزء ()4 يتهي��أ ع��ادة إلي��اس ال��ذي ه��و الب��ك وم��راد وري��اض والقائمق��ام المتقاع��د أن يجتمعوا ليل��ة الجمعة واألحد من كل أسبوع عند صديقهم المحامي حسان. أطلق مراد عل��ى مجموعتهم «ش��لة الخيمة» لتأكيد س��مة البساطة والصفاء وبراءة ردود األفع��ال المنفلت��ة العفوي��ة البدوي��ة المب��رأة م��ن لوثات وتثعلب األسلوب الحضاري. يفترش��ون باحة دار المحامي الواس��عة الظليل��ة المس��يجة بالياس��مين المع��رش عل��ى الجدران وحول بركتها األنيقة في الصيف. البرك��ة التي تتوس��ط المكان مرصع��ة بتوريق��ات ن��ادرة تزي��د م��ن متعة تمل��ي دفق مائها وتفوح روائح زكية فوق أبهاء الدار العام��رة والحضور الذواقين المحترمين كما يردد مراد. حسان ،يستطيع كرجل حاذق محن��ك أن يخف��ي رغائب��ه ومواقف��ه عب��ر النقاش��ات والمشادات الكالمية متحصنا وراء ابتسامة مرحبة. ف��ي ح��االت ن��ادرة ،يتدف��ق لس��انه بالنش��اط إذا حض��ر وج��ه غريب عن ش��لة الخيمة مدل ً ال ع��ن هدوء مزاجه وكرم ضيافته. إذا غال��ى ف��ي تكل��ف الرحابة والكرم ،فليدفع آثار االس��تياء والمش��اعر اللئيم��ة الت��ي تتعامد ف��ي داخله كما يتهمه مراد ،بالس��ماحة واالبتس��امة الصف��راء يصرفه��ا قب��ل أن تشي بجوانياته وتفضحه. ويؤكد له مراد بدعابة أنه مهر م��ن يصف��د كالب��اً نابحة في أعماقه بكل هذه المغاالة في األريحية والحلم. على أن حسان ،ومهما تحايل، فلن يستطيع إخفاء االستعالء الم��وروث عن أم��ه التي يصر أنه��ا تركية األصل ،وكش��أن م��ن كان مثله ،فه��ي ما زالت تتمسك ببقية مباهاة متعالية بائ��دة خاص��ة نح��و زوجه��ا لتقزيم همته كموظف أميري
16
مح��دود ودون أن تمنح��ه أي اعتبار. هو أه��م األس��باب المضمرة وراء س��ر العالقة الوطيدة مع صاح��ب المغ��ارة لمش��اركته نفس األرومة م��ن جهة األم، لكن أم إياس بك المغارة أجرأ في االتهام المش��نع بكل من عل��ك الضاد فوق هذه األرض النجسة من وجهة نظرها.
ممتعض��ة ه��ل ه��ذه مدينة؟ هذه مزبلة. تش��فق أم إياس على نفس��ها أنه��ا احتمل��ت وحده��ا كل المعان��اة م��ع ه��ؤالء الهم��ج الرع��اع حت��ى زوج��ت ولدها بمن يشاركها هذا الهم ،ومن فوره��ا أوف��دت حفيدها عبد اهلل الصغير ابن إياس ليعيش لدى خالته في ضواحي أضنه.
حس��ان متفهم له��ذه األبعاد، له��ذا يجاه��د ليضف��ي عل��ى وضع��ه نض��ارة وترحيب��اً بالجمي��ع ويتقب��ل ع��ن طيب خاط��ر دعابات م��راد الواخزة المتهمة له في أصوله. ال لب��س أن أم إي��اس تركي��ة بدلي��ل ملكيته��ا حت��ى اآلن لعق��ارات يس��تثمرها صه��ر إي��اس ف��ي تركي��ا ،أم إياس تذك��ر دائم��ا بح��س متأن��ف وفوقية موروثة من س��يطرة الترك على البالد فترة طويلة، ولتؤك��د مش��اعرها المناكدة لهذه األرض ،فقد زوجت ابنها الوحيد إياس ه��ذا بامرأة من جلدتها. وعلى ذمة مراد أن والد إياس كان شماس��اً في كنيس��ة ثم أس��لم ليس��تجرها لل��زواج والتنعم بأمالكها. يضح��ك ذوو الخيم��ة له��ذه االس��تنتاجات ،ويعق��ب ه��ل تشكون؟ ها هو إياس بينكم، تلمس��وه ،أمه هي األخرى لم ت��رض بال��زواج من��ه إال ألنها م��ن يه��ود الدومنة م��ن أيام السالطين ،اس��ألوني عنهم، تلبس��وا اإلس�لام ولكنه��م ال يوادع��ون ،قل��ت لك��م هاكم الدليل على ما قلت وهم حتى الي��وم في تركيا وغي��ر تركيا أصحاب الشأن. زوج��ة إي��اس التركي��ة أيض��اً أقامت مع زوجها س��نتين في حماه ثم س��كنت حل��ب مع أم إي��اس .كان��ت زوج��ة إي��اس الموردة النزقة تغذي سخطها على الدوام بما تمرره حماتها عل��ى س��معها م��ن عب��ارات مترفّع��ة مس��تخفة بالن��اس والم��كان ،وتك��رر بمالم��ح
وبقلي��ل م��ن المحاكم��ة، وبكثير م��ن الطباع الحامضة، المعادية ،أعلنت��ا هي وكنتها لم��ا زارت ولده��ا ف��ي حماة، أنهم��ا ال تحتمالن ه��واء هذه المدني��ة ،وأكدتا أن والدة ابن إياس الثاني مشلو ً ال وإصابته بحمى دماغية إثر والدته بعد الحقن��ة المضاعف��ة المفعول التي أوصت عليها الزوجة قبل الوض��ع بإلح��اح وبتواط��ؤ مع الممرضة لتخفيف آالم الوضع التي عانتها مع عبد اهلل. هو جزء من لعنة هذه المدينة لهم��ا ،وطبعاً ل��ن تصطبر أم إياس وال زوجته بكل جاللهما أن تكون��ا أم��اً وج��دة لطف��ل مش��لول وف��ي حم��اة ! لم��ا تعاظم حسهما الحانق بالغبن وتحت ذريعة أنهما س��اعيتان لتطبيب��ه عند خاله في أزمير، جمعتا حوائجهما وسافرتا. لم يتأس إي��اس لمغادرتهما، ل��م يقلق ،ل��م يش��جعه أهل الخيمة على استرضائهما ،بل يغازل��ه وه��م ملتذ م��ن حين آلخر أن زوجته لن تعود لحماه ,وكلم��ا طال��ت فت��رة غيابها تأكد له هذا الوهم أكثر. مراد ،ال يسكت ،يتحرشون به إذا اصطنع الوقار ،يستمتعون أن يش��رّحهم تح��ت غ�لاالت س��اخرة ،يلت��ذون ،كأنم��ا ينظفهم من قذاراتهم ،يقوم بمهمة عامل مجارير. بل ب��ات م��ن س��مة الحيوية والرغب��ة األكي��دة الس��تمرار المتع��ة أال يخف��ي م��راد أي��ة فكرة تخطر ل��ه ،ومهما كانت جارحة ،دون تحفظ.
محلية اجتماعية ثقافية نصف شهرية مستقلة | السنة الثالثة | العدد 1 | 144كانون األول 2016
زيتون عضو الشبكة السورية لإلعالم المطبوع