طلعنا عالحرية / العدد 74

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫أنتم بخير؟‬ ‫ما هو سبب القصف؟!‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع داخل‬ ‫سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج‬


‫‪2‬‬

‫أنتم بخير؟‬ ‫ما هو سبب القصف؟!‬ ‫نصار‬ ‫افتتاحية بقلم أسامة ّ‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫يدعمنا تضامن األصدقاء واملح ّبني مع املجلة‬ ‫والعاملني فيها بعد تعرض مكتب طلعنا عالحرية‬ ‫يف الغوطة الرشقية للقصف بالطريان الحريب‪ ،‬كام‬ ‫تدعمنا أيضاً استفسارات املتابعني عن موعد‬ ‫اإلصدار القادم‪ ،‬واحتجاجات ق ّراء لعدم وصول‬ ‫املج ّلة مطبوعة ملناطقهم‪ .‬باإلضافة للتفاعالت‬ ‫والتعليقات عىل موقع وصفحات املجلة‪ .‬وال‬ ‫منلك غري الشكر واالمتنان ومبادلة املشاعر‬ ‫واملواقف لكل هؤالء‪.‬‬ ‫ليست املرة األوىل التي يتعرض فيها مكتب‬ ‫طلعنا عالحرية للقصف‪ ،‬وال نعرف إن كان‬ ‫مستهدفاً بذاته مع تجمع املؤسسات املدنية‬ ‫املجاورة‪ ،‬أم أنه جزء من حرب األسد وحلفائه‬ ‫عىل البلد وأهلها‪.‬‬ ‫بني أسئلة كثرية تتأكد من سالمة الجميع‬ ‫ومعنوياتهم‪ ،‬مي ّر سؤال بعد كل مناسبة مشابهة‪:‬‬ ‫(ما هو سبب القصف؟)!‬ ‫مل يعد يزعجنا أننا بالنسبة لكثري من أصدقائنا‬ ‫اإلعالميني ونشطاء حقوق اإلنسان يف العامل‬ ‫الغريب خاصة‪ -‬جزء من الوظيفة؛ يوثقون مآسينا‬‫ويتابعونها‪ ،‬وهم يف مكاتبهم ليقبضوا رواتبهم‪.‬‬ ‫ما هو سبب القصف؟‬ ‫سؤال بسيط وشائع‪ ..‬وغبي!‬

‫رغم أن اإلصابة مبارشة إال أن الجميع بخري‪ ،‬فام‬ ‫عدا إصابتني خفيفتني لطفلني من الجريان‪ ،‬مل‬ ‫تنجم عن الرضبة إال أرضار مادية‪.‬‬ ‫إصالح أو تغيري الشبابيك واألبواب وكثري من‬ ‫قطع األثاث‪ ،‬إزالة األنقاض وتنظيف الغبار‬ ‫والشحار‪ ،‬ترقيع خزانات املياه‪ ،‬إعادة وصل‬ ‫خطوط الكهرباء واملاء‪ ،‬إعادة ضبط الستااليت‬ ‫(أو جهاز االنرتنت إن وجد)‪ ..‬غسل كل يشء‬ ‫من الغبار ورائحة البارود‪ ..‬وغريها‪ ،‬مهام‬ ‫روتينية اعتاد عليها كل السوريني يف املناطق‬ ‫الخارجة عن سيطرة النظام‪ .‬وطاملا الخسائر يف‬ ‫املمتلكات‪ ،‬فنحن ‪-‬بفضل من الله‪ -‬بألف خري‪،‬‬ ‫وعليه العوض‪.‬‬ ‫ما هو سبب القصف؟‬ ‫وهل هناك أي يشء يف العامل ميكن أن يستدعي‬ ‫قصف مدرسة؟ أو مستشفى أو سوق شعبي‬ ‫أو جامع أو منطقة سكنية؟ أو مؤسسة تقدم‬ ‫الخدمات للسكان‪ ..‬أو مكتب مج ّلة!‬ ‫ما هو سبب القصف؟‬ ‫مل يعد يقترص طارحو مثل هذا السؤال عىل‬ ‫الصحافيني الغربيني أو املغرضني‪ ..‬بل من املمكن‬ ‫أن تسمعه من زمالء سوريني وثوريني! وأكرث من‬ ‫ذلك‪ ،‬فإنه من الشائع أن يع ّلل سكان املناطق‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫التي تتعرض لقصف مفاجئ أو غري اعتيادي من‬ ‫النظام‪ ،‬بأن األخري (أكل قتلة) عىل جبهة كذا‬ ‫كذا‪ ،‬وهذا ردّه!‬ ‫ً‬ ‫رهيب! يخرس النظام موقعا مبعركة عسكرية‪،‬‬ ‫فري ّد بقصف مدينة (قد) يكون فيها عسكر‪،‬‬ ‫لكنّ فيها سكاناً ليسوا عسكراً‪ .‬واألرهب أن يصل‬ ‫االستالب باملدنيني سكان املنطقة املقصوفة إىل‬ ‫أن يتفهموا سبب تعرضهم للقصف وخراب‬ ‫بيوتهم عىل رؤوسهم!‬ ‫ال يجعل شيوعُ قصف املدن عىل أهلها منه أمراً‬ ‫مباحاً وال نزيهاً‪ ..‬عىل اإلطالق‪ .‬فتكرار الخطأ‬ ‫ال يجعله صحيحاً أو طبيعياً‪ .‬وإمنا يجعله خطأ‬ ‫كبرياً‪ .‬أو خطأ شائعاً‪ .‬مهام كان مرتكبه‪.‬‬ ‫والقتال وإن كان البدّ‪ ،‬فيكون للمقاتلني‪ ،‬تقاتل‬ ‫من يقاتل‪ ..‬فقط‪ .‬وليس أهله أو من يسكنون‬ ‫منطقته‪ .‬أو حتى من يوالونه دون أن يشرتكوا‬ ‫يف القتال‪.‬‬ ‫ما هو سبب القصف؟‬ ‫ً‬ ‫األسوأ من السؤال أن نجد مربرا لطرحه‪ ،‬ونجتهد‬ ‫يف إيجاد جواب له‪.‬‬ ‫ما هو سبب القصف؟‬ ‫بسيط وشائع وغبي…‬ ‫ونذل!‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬

‫كلمة‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان‬ ‫نصار‬ ‫أنور البني‬ ‫أسامة ّ‬

‫قسم املرأة‬ ‫يارا بدر‬

‫رئيس التحرير ليىل الصفدي‬ ‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫‪twitter.com/freedomraise‬‬ ‫‪info@freedomraise.net‬‬

‫كاريكاتري‬ ‫الغالف‬ ‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫سمري خلييل سمري خلييل ‪ -‬هاين عباس‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫في خطورة قرار النصرة وأهميته‬ ‫‪3‬‬

‫ماهر مسعود‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫مقاالت‬

‫منطقياً وعقلياً وأخالقياً‪ ،‬ليس هناك أي جديد يف‬ ‫ّ‬ ‫و”فك ارتباطها بالقاعدة”‪،‬‬ ‫تح ّول جبهة النرصة‬ ‫فمن يصدِّق أن املنهج الرشعي والعقائدي لجبهة‬ ‫النرصة قد تغري بتغيري االسم‪ ،‬ال يختلف بتاتاً ع ّمن‬ ‫يصدُّ ق أن األسد قد يتحول ليصبح دميقراطياً‪ ،‬أو‬ ‫من صدَّق وقال سابقاً إنه “رئيس رشعي منتخب‬ ‫دميقراطياً”‪.‬‬ ‫لكن باملعنى السيايس والرباغاميت‪ ،‬فإن التغيري‬ ‫الذي قامت به النرصة ليس تغيرياً شكلياً‪ ،‬والقرار‬ ‫الذي اتخذته هو قرار هام عىل قدر ما هو‬ ‫خطري‪ ،‬وهو قرار يفتح األبواب عىل املجهول وغري‬ ‫املتوقع‪ ،‬ويزيد من خلط األوراق والتعقيدات‬ ‫الحاصلة عىل املستويني الداخيل والخارجي‪.‬‬ ‫رمبا يعلم الجميع‪ ،‬أن جبهة النرصة مل تقم بأي‬ ‫عمل إرهايب أو مقاتل خارج سوريا‪ ،‬وأن الغالبية‬ ‫العظمى من مقاتليها سوريون‪ ،‬وأن الوجهة‬ ‫األساسية لعمليات النرصة الحربية كانت ضد‬ ‫النظام السوري‪ ،‬وض ّد فصائل الجيش الحر‬ ‫أيضاً‪ ،‬وأن املناطق التي يقصفها العدوان الرويس‬ ‫األسدي هي مناطق سورية ليست خاضعة‬ ‫بالكامل لسيطرة النرصة‪ ،‬وأن الغالبية العظمى‬ ‫من الضحايا هم مدنيون‪ّ ،‬‬ ‫وجل التدمري الحاصل‬ ‫هو للمنشآت املدنية واملشايف واملدارس‪ ،‬كام أن‬ ‫جبهة النرصة تقيم التحالفات الصلبة مع غريها‬ ‫من الفصائل اإلسالمية املعتدلة وغري املصنفة‬ ‫إرهابياً ضمن “جيش الفتح” والجبهة الشاملية‬ ‫والجنوبية‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫وكل ما سبق يشري إىل أن النرصة مل تشكل ومل‬ ‫تكن منذ بدايتها خطراً عىل الخارج‪ ،‬بل كانت‬ ‫وما زالت‪ ،‬خطراً عىل الداخل السوري وحده‪،‬‬ ‫ورمبا كانت (قبل ظهور داعش عام ‪ )2013‬من‬ ‫أكرث أعداء النظام املفيدين له سياسياً وعسكرياً‪،‬‬ ‫ولكن يف هذا كله ما يحيل إىل أن السبب‬ ‫املوجب دولياً العتبار النرصة منظمة إرهابية؛ أي‬ ‫ارتباطها بالقاعدة‪ ،‬قد سقط اليوم‪ ،‬ويحيل أيضاً‬ ‫إىل أن مشكلة جبهة النرصة هي مشكلة سورية‬ ‫داخلية يقع عىل عاتق السوريني وحدهم حل ّها‪،‬‬ ‫وهي مشكلة “باقية وتتمدد” طاملا أن ا ُملس ِّبب‬ ‫األول للمشاكل املتعددة‪ ،‬وا ُملخرب األول واألكرب‬ ‫لسورية مستم ٌر عىل رأس السلطة‪ ،‬ومستقطب‬ ‫لكل أنواع الغزو واالحتالل واإلرهاب املمكنة‪.‬‬

‫من السذاجة السياسية مطالبة النرصة بتغيري‬ ‫عقيدتها‪ ،‬وهو ما يعلم الجميع أنها لن تتغري بج ّرة‬ ‫قلم أو بكشف الجوالين عن وجهه وإزالة حجابه‪،‬‬ ‫لكن من السذاجة والدناءة انتظار تصفيتها بالقوة‬ ‫عرب العدوان الرويس األسدي‪ ،‬وهو ما يتسابق‬ ‫عليه الكثريون من أهل املعارضة قبل املواالة‪،‬‬ ‫وهو أيضاً ما يعلم الجميع أنه لن يحصل قبل‬ ‫تحويل مدن بأهلها مثل حلب وإدلب إىل “مزارع‬ ‫بطاطا” عىل ما يتغنّى به موالو األسد املهللون‬ ‫لحصار حلب اليوم‪.‬‬ ‫رسالة الجوالين موجهة للداخل قبل الخارج‪ ،‬فهو‬ ‫يعلم متام العلم‪ ،‬أن االتفاق الرويس األمرييك‬ ‫قد يدفع الفصائل األخرى لالبتعاد عن النرصة‪،‬‬ ‫ورمبا يدفع مقاتليه للتخيل عنه واالنسحاب‬ ‫نحو الفصائل “املعتدلة” باملعيار األمرييك‪ ،‬وأن‬ ‫الضغط الشعبي سيتزايد ضدّه مع تزايد القصف‪،‬‬ ‫ا ُملست ّه ِدف للمدنيني قبل العسكر‪ ،‬يف مناطق‬ ‫انتشار الجبهة‪ ،‬وأن الدول الداعمة لن تتمكن‬ ‫من فتح فمها أمام الرشعية الدولية املستحصلة‬ ‫لقصف اإلرهاب القاعدي والداعيش‪ ،‬ولذلك‬ ‫فإن قرار النرصة يضع الداخل والخارج أمام‬ ‫استحقاقات جديدة‪ ،‬فمع التخيل عن القاعدة‬ ‫والبعد العاملي للنرصة (حتى ولو كان شكلياً)‪،‬‬

‫يو ِّرط الجوالين جميع الفصائل األخرى واألهايل‬ ‫معه يف مواجهة العدوان القائم واالتفاق األمرييك‬ ‫الرويس الجديد‪ ،‬ويسحب الذرائع؛ الشكلية أيضاً‪،‬‬ ‫التي يقدمها التحالف الدويل لقصف املناطق‬ ‫الواقعة تحت سيطرة املعارضة‪.‬‬ ‫باملعنى السيايس‪ ،‬ال يجب عىل املعارضة الوقوف‬ ‫يف الصف األمرييك الرويس األسدي ذاته‪ ،‬وهو‬ ‫املوقف الذي يشكك وال يرحب بخطوة النرصة‬ ‫باعتبارها خطوة شكل ّية‪ ،‬والذي يعترب يف العمق‬ ‫أن جميع الفصائل اإلسالمية هي فصائل إرهابية‬ ‫البد من استئصالها بالقوة‪ ،‬وهذا بالضبط ما يقوله‬ ‫األسد وحلفاؤه للغرب وللسوريني أيضاً‪.‬‬ ‫قليل من َّ‬ ‫التحل باملسؤولية األخالقية والسياسية‬ ‫تجاه من تبقى عىل قيد الحياة يف سوريا ال يرض‪،‬‬ ‫فإن كانت النرصة مشكلة كبرية للثورة‪ ،‬وهي‬ ‫كذلك‪ ،‬فهذا ال يعني االستنجاد بجميع أعداء‬ ‫الثورة الستئصالها مبن فيها ومن هي بينهم ومن‬ ‫يعانون منها أكرث من غريهم‪ .‬وأما العيش يف بحر‬ ‫املثاليات الثورية للمراقبني “الثوريني” يف الخارج‬ ‫والداخل‪ ،‬وكأن الثورة يف بداياتها السلمية‪ ،‬أو‬ ‫كأنها ثورة ضد نظام مالئيك مسامل ورشعي‪ ،‬فهذا‬ ‫ما نرتكه ملن يريدون إخراج الواقع من رأسهم‪،‬‬ ‫وعدم إخراج رأسهم من الواقع‪ ،‬وما يقع‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫جديد الفظاعة‬ ‫ُ‬ ‫شوكت عرز الدين‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫مقاالت‬

‫حدثان إرهاب ّيان؛ أحدهام يف مدينة “نيس”‬ ‫الفرنس ّية‪ ،‬والثاين يف مدينة “حلب” السور ّية‪:‬‬ ‫إرها ٌيب يقود شاحن ًة ويدوس “عد ّوه البعيد” من‬ ‫البرش ملسافة اثنني كيلو مرت‪ ،‬وزمن يتجاوز ثالث‬ ‫دقائق‪ ،‬وآخر يح ُّز عنق “عد ّوه القريب” ملدة‬ ‫تتجاوز ثالثني ثانية! فهل من جدي ٍد يف هذين‬ ‫الفعلني الفظيعني؟!‬ ‫الجديد جديدان؛ جديدٌ يف زمن فعل القتل الذي‬ ‫استهلكه القاتل‪ ،‬وجديدٌ يف غياب “مبدأ الهوية”‬ ‫أثناء تربير القتل يف الحادثتني! والفظاعة فظاعتان‬ ‫أيضاً؛ فظاع ُة القتل نفسه‪ ،‬وفظاع ُة تربيره!‬ ‫الجديدُ بهذا الفعل الفظيع هو استمرا ُر فعل‬ ‫القتل مع الزمن وكأنه “نشاط”؛ كاللعب والسباحة‬ ‫والعزف‪ ،‬يف حني كان القتل سابقاً‪ ،‬كحالة ال‬ ‫ٌ‬ ‫نقطة واحدة يف محور الزمن‪ :‬فقطع‬ ‫كنشاط‪،‬‬ ‫الرقبة بالسيف لحظة‪ ،‬وتفجري الجسد باآلخرين‬ ‫العاملي” لحظة‬ ‫لحظة‪ ،‬وصدم طائرة لربج “التجارة‬ ‫ّ‬ ‫كذلك‪ ..‬بينام ح ّز الرقبة لحظات متوالية! ودهس‬ ‫البرش كذلك!‬ ‫كزمن‬ ‫جديدُ الفظاعة وغرابته هو جديد القاتل‬ ‫ٍ‬ ‫مستم ٍر يف حالة القتل‪ .‬وينقلنا هذا الجديد من‬ ‫حال ٍة ناطقة بذاتها البشعة والفظيعة إىل “نشاطٍ ”‬ ‫يدوم لحظات عدّة ُمع ِّمقاً البشاعة والفظاعة‬ ‫ُ‬ ‫لحظي‬ ‫ففعل القتلِ بذاته‪ ،‬عاد ًة‪،‬‬ ‫لدرجة نوع ّية!‬ ‫ٌّ‬ ‫وحا ٌّيل وآ ٌّين يف خط الزمن املمتد إىل ما ال نهاية‬ ‫له‪ ،‬وليس ٌ‬ ‫فعل ممتدٌ ا ومستم ٌرا عىل هذا الخط‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فالقتل كفعل مستمر أو كنشاطٍ مع تغري الزمن‬ ‫يختلف عن القتل كحالة يف لحظة زمن ّية ُمقتطعة؛‬ ‫القتل الثاين نقطة يف خط الزمن‪ ،‬بينام القتل األول‬ ‫عدة نقاط مستمرة!‬ ‫ً‬ ‫من هنا‪ ،‬استوقفني جديد اإلرهاب مؤخرا! وينبع‬ ‫هذا الجديد من تناقضه مع ال ّلغة الراسخة واملقعدّة‬ ‫وعبت‬ ‫واملقوننة التي متاشت مع “القتل‪-‬اللحظة” ّ‬ ‫عنه ووضعت له القواعد‪ ،‬ولكنها مل تنتبه “للقتل‪-‬‬ ‫االستمرار” أل َّنه جديدٌ ! وكذلك ينبع الجديد من‬ ‫غياب “مبدأ الهوية” عن محاوالت التفكري يف هذا‬ ‫القتل الفظيع وتربيره والبحث يف أسبابه وإلقاء‬ ‫املسؤولية عىل أعداء أساسيني‪ .‬فطاملا َّأن ما هو‬ ‫ليس هو‪ ،‬أو اليشء ليس نفسه‪ ،‬سينتج عن غياب‬ ‫“مبدأ الهوية”‪ ،‬الذي يفيد الخروج من االختالط‪،‬‬ ‫تنامي حضور “مبدأ املخلوطة”! وهذا ٌ‬ ‫مبدأ ال‬ ‫ُيقيم املعرفة باليشء من جهة‪ ،‬و ُيذهب بطريقه‬

‫مسؤولية النفس الفرد ّية‬ ‫أدراج الرياح من جهة‪.‬‬ ‫وأل َّنه ال تقدم بدون فكرة‬ ‫الجديد‪َّ ،‬‬ ‫وألن التقدم ميكن‬ ‫ْأن يكون بالقتل والتدمري‬ ‫كام ميكن ْأن يكون بالوالدة‬ ‫َ‬ ‫والتعمري‪َّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫القتل كنشاطٍ‬ ‫مستمر وكفعل ممتد هو ٌ‬ ‫حالة‬ ‫جديدة وغريبة متقدمة عىل‬ ‫سابقاتها من أفعال القتل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال يجوز مث ًال بقواعد اللغة‬ ‫اإلنكليز ّية أن أقول‪ :‬أنا أدهس البرش اآلن وما‬ ‫زلت أدهسهم‪ ،‬أو أنا أح ُّز عنق فالن اآلن وما زلت‬ ‫أحزّه‪ ،‬أو أنا أقطع إصبعي اآلن وما زلت أقطعه‪.‬‬ ‫دهس وح ّز وقطع‪ ..‬انتهى الفعل بدون استمرار‬ ‫زمني كنقطة معزولة‪ .‬أما كلحظة غري ممتدة‬ ‫ّ‬ ‫زمانياً يجوز أن أقول وأعرب عن هذه األفعال‪ ،‬ولكن‬ ‫كفعل ونشاط مستمر ال يجوز ذلك ُلغوياً رغم‬ ‫حدوثه العيا ّين مؤخراً‪ .‬وأل َّنه ال وقائع تاريخ ّية تشري‬ ‫إىل عكس هذه املفارقة يف املايض‪ُ ،‬بنيت القاعدة‬ ‫ال ّلغو ّية عىل هذا الشكل‪ .‬أما اآلن‪ ،‬وبعد وقوع‬ ‫الحدثني‪ ،‬اعتقد أ َّنه يجب تصحيح القاعدة النحو ّية‬ ‫التي ال ُتجيز هذا التعبري؛ ألن هناك واقعتان‪ ،‬عىل‬ ‫زمني بفعل‬ ‫األقل‪ ،‬وقعتا وفيهام استمرار وامتداد ّ‬ ‫القتل و”نشاطه”‪ .‬وكتقريب للفكرة نجد ال ّلغة‬ ‫فاضل بني حاالت املوت وال بني‬ ‫العرب ّية مث ًال ال ُت ِ‬ ‫حاالت الوجود كذلك؛ فال نقول فالن أموت من‬ ‫فالن أو فالن أوجد من فالن! فال ّلغة بنت الوجود‬ ‫االجتامعي للبرش‪ ،‬و ُتعرب عن هذا الوجود‪ .‬وعندما‬ ‫منحى جديداً تتجاوب‬ ‫ينحو الوجود االجتامعي‬ ‫ً‬ ‫ال ّلغة مع الجديد وتسعى للقبض عليه ومتثيله‪.‬‬ ‫وكطرف ٍة عىل تجاوب ال ّلغة‪ ،‬تداول السور ّيون‬ ‫َ‬ ‫فعل “انتحروه” للقبض والتعبري عن واقعة قتل‬ ‫عب عن‬ ‫“محمود الزعبي” الذي قيل إ َّنه انتحر‪ ،‬ل ُي َ‬ ‫انتحاره بفعل فاعل هو سجانه!‬ ‫ال يجوز يف الفعل املستمر (‪ )continuous‬التعبري‬ ‫عن القتل ألنه فعل غري مستمر‪ ،‬فكيف صار‬ ‫مستمراً؟! هذا ما أدعوه جديد الفظاعة‪ .‬أي أننا‬ ‫أمام فعل مخالف ألوجه إنتاج البرش لوجودهم‬ ‫عرب آالف السنني‪.‬‬ ‫أما عن الجديد يف التعبري والتفكري عن الحادثتني يف‬ ‫مواقع التواصل االجتامعية االفرتاضية‪ ،‬فهو تفكري ال‬

‫ُيقيم معرفة لغياب “مبدأ الهوية” يف هذا التفكري‪.‬‬ ‫فبدالً من اإلشارة إىل النفس الفرد ّية التي قامت‬ ‫بالفعل‪ ،‬يتم اإلشارة إىل النظام السوريّ واإليرا ّين‬ ‫والرويس مث ًال‪ ،‬أو إىل دين القاتل أو طائفته أو‬ ‫ّ‬ ‫جنسيته‪ .‬فاليشء هو نفسه أو ما هو هو؛ أي “أ‬ ‫هي أ” يف الصيغة الرمز ّية‪ ،‬وليس خفياً َّأن هذا‬ ‫املبدأ ٌ‬ ‫أرسطي يتجاوز عمره األلفية الثانية‪.‬‬ ‫مبدأ‬ ‫ٌّ‬ ‫ولكن غيابه يؤكد غياب مسؤولية النفس الفرد ّية‬ ‫التي طاملا أكد عليها دين الله الواحد؛ اليهودية‬ ‫واملسيحية واإلسالم‪ .‬ويؤكد أيضاً عىل االختالط؛‬ ‫اليشء الذي يق ِّوض إمكانية املعرفة وإمكانية‬ ‫الحكم املعريف وإمكانية تحميل املسؤولية فيبقينا‬ ‫يف االختالط ضائعني‪.‬‬ ‫وهذا يؤسس ملامرسة جدي ِد الفظاعة هذا‪،‬‬ ‫والتأقلم معه عن طريق التغذية الراجعة‪ .‬ونالحظ‬ ‫ِ‬ ‫فيه ذهاب الخوف والقرف والخجل وتنامي الفخر‬ ‫واالعتزاز بالفعل الفظيع‪.‬‬ ‫هنا ال أناقش القتل عموماً‪ ،‬بل جديده‪ ،‬وال أناقش‬ ‫التعذيب‪ ،‬بل فعل القتل كفعل مستمر يتناقض‬ ‫مع إنتاج الحضارة اإلنسانية التي مل ُتبح التعبري‬ ‫عنه قب ًال لغيابه يف املامرسة‪ ،‬وما ظهوره اآلن إال يف‬ ‫سياق “ما بعد حدايث” جديد كل الجدة عام ألفناه‬ ‫سابقاً‪ .‬إ َّنه التحول من الحالة إىل النشاط!‬ ‫بالطبع لسنا هنا يف سياق تطوير اللغة وجعلها‬ ‫عب عن حاالت الحارض الجديدة‪ ،‬ولكننا نؤرش إىل‬ ‫ُت ِّ‬ ‫منو الفظاعة الجديد‪ ،‬غري املألوف يف تاريخ البرش‪،‬‬ ‫ونؤرش عىل ضحالة النظارات التي نضعها ونرى‬ ‫األمر الفظيع والبشع يف جديده رؤية منط ّية تنتمي‬ ‫للربوباغندا الحضارية‪ ،‬بدون رفع قيمة اإلنسان‬ ‫فوق جميع القيم كغاية أوىل‪.‬‬


‫تصورها‬ ‫عن أشياء ال يمكن‬ ‫ّ‬ ‫عماد العبار‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬

‫مل تكن احتامالت التعذيب غائبة يف األصل عن حسابات‬ ‫املتهم‪ ،‬بل اتضح أ ّنها كانت أداة يف يده‪ ،‬وهو الذي‬ ‫أختار أن يكون يف مكانه ذاك عىل كريس التعذيب‪،‬‬ ‫ل ُيظهر أمام األمريكيني الذين يشهدون مذبحه‪ ،‬الوجه‬ ‫الحقيقي ألمريكا؛ أمريكا املستعدّة لفعل ذات األفعال‬ ‫الوحش ّية التي تعيب عىل اآلخرين فعلها‪ ،‬إن شعرت‬ ‫بالتهديد‪ ..‬فقد تفعل ذلك مع مواطنيها إن تطلب‬

‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫باملتخصص التابع لليس آي إي‪..‬‬ ‫التعذيب الوحشية‪ ،‬مم ّثلة‬ ‫ّ‬

‫مقاالت‬

‫‪ ،Unthinkable‬هو اسم لفيلم أمرييك صدر يف العام‬ ‫متخصص‬ ‫قصة خبري عسكري أمرييك‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،2010‬ويحيك ّ‬ ‫باملتفجرات والقنابل الذر ّية‪ .‬يعتنق اإلسالم‪ ،‬بعد أن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كان منتدبا للعمل يف بالد إسالمية متف ّرقة كالعراق‪،‬‬ ‫وأفغانستان‪ ،‬وإيران‪ .‬ويعتنق معه نظرة عموم العامل‬ ‫اإلسالمي تجاه وطنه األم‪ ،‬أمريكا‪.‬‬ ‫يق ّرر الرجل االنتقام من أمريكا‪ ،‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل‬ ‫و إظهار الوجه الحقيقي لها‪ ،‬فيقوم بتجهيز ثالث قنابل‬ ‫نووية يوزعها عىل ثالث واليات أمريكية‪ ،‬بهدف إيقاع‬ ‫ثم يقوم يوسف‪ ،‬وهو االسم‬ ‫أكرب عدد من الضحايا‪ّ ..‬‬ ‫الجديد لألمرييك بعد اعتناقه لإلسالم‪ّ ،‬‬ ‫ببث تسجيل‬ ‫يعلن فيه لألمريكيني عن اعتناقه لإلسالم‪ ،‬وعن ّ‬ ‫خطته‪،‬‬ ‫وعن مطالب محددة سيعلن عنها يف وقت الحق‪..‬‬ ‫متخصص يف التعذيب النتزاع‬ ‫ُيعتقل الخبري‪ ،‬و َيحرض‬ ‫ّ‬ ‫االعرتاف منه حول أماكن وجود القنابل قبل قدوم‬ ‫موعد انفجارها‪ ،‬و يبدو الفيلم‪ ،‬للوهلة األوىل‪ ،‬كام‬ ‫ٌ‬ ‫كالسييك تقدِّم فيه هوليود اإلسالم كمثال‬ ‫فيلم‬ ‫لو أ ّنه ٌ‬ ‫للوحشية‪ ،‬و ُتظهر أمريكا كضح ّية تنترص يف آخر املطاف‪،‬‬ ‫املوجهة‪.‬‬ ‫كام هو معتاد يف هذا النوع من األفالم ّ‬ ‫لكنّ النصف الثاين من الفيلم يأيت صادماً‪ ،‬ومخالفاً‬ ‫للتوقعات‪ ،‬فبينام يعتقد املشاهد ّأن املتّهم هو الذي‬ ‫وقع يف قبضة املخابرات األمريكية‪ ،‬يظهر له بعد‬ ‫ذلك ّأن العكس هو الصحيح‪ ،‬متاماً! إذ يتّضح ّأن‬ ‫ِّ‬ ‫املخطط لسري األحداث‪ .‬و ُتظهر‬ ‫املتّهم “اإلرهايب” هو‬ ‫مجريات التحقيق‪ ،‬الذي يتحول تدريجياً إىل تعذيب‬ ‫تقصد عدم التخ ّفي يك ُيسهّل‬ ‫وحيش‪ّ ،‬أن الرجل قد ّ‬ ‫مهمة العثور عليه‪ ،‬وأ ّنه كان يعلم جيداً باملصري الذي‬ ‫أتم االستعداد لذلك أيضاً‪..‬‬ ‫ينتظره‪ ،‬وكان عىل ّ‬ ‫تتصاعد وترية التعذيب‪ ،‬ويبدأ تقطيع أصابع املتهم‬ ‫الواحد تلو اآلخر‪ ،‬مع جرعات متناوبة من الكهرباء‬ ‫واإلرهاق‪ ،‬وبق ّية مامرسات التعذيب التي تجري عىل‬ ‫متخصص يف انتزاع االعرتافات‪ ،‬واألعضاء أيضاً‪..‬‬ ‫يد خبري‬ ‫ّ‬ ‫القصة؛‬ ‫محور‬ ‫يشكل‬ ‫ته‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بوحش‬ ‫هذا‪،‬‬ ‫التحقيق‬ ‫ومشهد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ففيه يظهر املتهم مستعدا جيدا لتل ّقي أش ّد أنواع‬ ‫التعذيب‪ .‬يظهر أيضاً وجه أمريكا امليضء‪ ،‬ممث ًال‬ ‫بعميلة اإلف يب آي‪ ،‬والتي تعجز عن إيقاف آلة‬

‫األمر‪ ،‬بعد نزع صفة املواطنة عنهم‪ ،‬وانتزاع كامل‬ ‫حقوقهم الدستورية واإلنسانية معها‪..‬‬ ‫تطلب العميلة من املتهم إثبات جدّيته‪ ،‬وصدق‬ ‫ادّعاءاته املتع ّلقة بتلك القنابل‪ ،‬ويح ّقق لها ذلك‪،‬‬ ‫ولكنّ ذلك سيك ّلف سقوط ‪ 53‬ضح ّية‪ ،‬بينهم أطفال‬ ‫ونساء‪ .‬وهنا ينقلب الوجه األمرييك الناعم إىل وجه‬ ‫آخر‪ ،‬وحيش وعنيف‪ .‬متسك العميلة بيدها سكني‬ ‫الذبح وتبدأ بغرز رأسها يف جلد اإلرهايب‪ ،‬الضح ّية هنا‪..‬‬ ‫وهنا يحدث حوار تختلط فيه األدوار بني املجرم‬ ‫والضح ّية‪ .‬يقول املجرم “الضح ّية”‪:‬‬ ‫أتقولون إنني همجي؟ إذاً ماذا تكونون أنتم؟‬ ‫وتنتظرون منّي الحزن عىل موت ‪ 50‬مدين؟ وأنتم‬ ‫تقتلون هذا العدد يف كل يوم‪...‬‬ ‫ّمثة مشاعر متخ ّبطة ال ب ّد ّ‬ ‫وأن تشعر بها إن شاهدت‬ ‫القصة قبل الثورات العربية؛ ال ب ّد وأ ّنك تق ّمصت‬ ‫ّ‬ ‫ثم مل تلبث‬ ‫الشخصية األمريكية املهدّدة باإلرهاب‪ّ ،‬‬ ‫أن تق ّمصت شخصية اإلرهايب الذي ح ّوله التعذيب‬ ‫ثم تفاعلت مع من متثل الوجه‬ ‫الهمجي إىل ضح ّية‪ّ ،‬‬ ‫القانوين ألمريكا‪ ،‬ثم عدت إىل ّ‬ ‫صف الضح ّية “املجرم‬ ‫سابقاً” وتعاطفت معه يف وجه من مي ّثل آلة التعذيب‬ ‫األمريك ّية‪ ،‬ثم اكتشفت من السياق ّأن الوحش‬ ‫املتخصص بالتعذيب ما هو يف األصل سوى سجني‬ ‫مالحق‪ ،‬وال ميلك الخيار‪ ،‬وال يستطيع تبدي ًال‪..‬‬ ‫ولكن حني تعيد مشاهدة الفيلم يف عرص الثورات‪،‬‬ ‫تحديداً بعد مرور أكرث من خمس سنوات عىل الثورة‬ ‫السورية‪ّ ،‬‬ ‫فإن التفاعل عىل املستوى الشعوري لن‬ ‫يكون كام كان عليه يف امل ّرة األوىل‪ ..‬ومن غري املمكن‬ ‫أن مت ّر عىل أحداثه بدون مقارنة مع الواقع املرعب‪..‬‬ ‫فيام سبق‪ ،‬كان ملشاهد التحقيق والتعذيب الهوليودية‬ ‫تأثري مهول عىل من مل يعاين تجربة االعتقال يف أقبية‬ ‫املخابرات السور ّية‪ ،‬أو مل ي َر‪ ،‬أو يقرأ شيئاً عنها‪ .‬لكن‬ ‫بعد الثورة السورية أصبحت تلك املشاهد‪ :‬ال يشء‪،‬‬ ‫حرفياً! مقارنة مبا جري ويجري يف سوريا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هل كان أسوأ مشهد رأيناه يف الفيلم املؤثر هو مشهد‬ ‫تقطيع األصابع؟ أم قطع العضو الذكري للمتهم؟ أم‬ ‫اللسعات الكهربائ ّية واإلرهاب النفيس؟‬ ‫أليست هذه املشاهد نذراً يسرياً ّ‬ ‫مم رأته أعني األمهات‬ ‫واآلباء عىل أجساد أوالدهم بعد استالمهم للجثامني‪،‬‬ ‫أو ما بقي منها؟‬ ‫فهل ننىس عالمات الحقد عىل جسد الشاب غياث‬ ‫مطر‪ ،‬و آثار الهمجية عىل جسد الطفل حمزة‬ ‫رسبت‬ ‫الخطيب‪ ،‬وما رأيناه يف آالف الصور التي ّ‬ ‫لضحايا أقبية الشيطان‪..‬‬ ‫أم ّأن أقىس املشاهد كان مشهد ذبح زوجة املتهم أمام‬

‫عينيه؟ أم محاولة قتل أطفاله كخيار أخري؟‬ ‫هل نذكر هنا مشهد الرجل الحلبي الذي كانت عنارص‬ ‫من جيش األسد يساومونه عىل رؤية أطفاله‪ ،‬مقابل‬ ‫السامح لهم باغتصاب زوجته‪ ،‬وكيف كان يجيبهم‬ ‫بعبارة تعجز هوليود عن اإلتيان مبثلها‪“ :‬مريت روحي‪..‬‬ ‫بنت عمي وتاج رايس”‪ ...‬إىل أن ُقتل سح ًال بني األقدام‪..‬‬ ‫أم نذكر‪ ،‬عىل سبيل املقارنة الالشعورية‪ ،‬آالف اللوايت‬ ‫اغتصنب يف أقبية التعذيب‪ ،‬أو أثناء املداهامت‪ ،‬أو‬ ‫اللوايت قتلن بعد اغتصابهنّ أمام أعني اآلباء و األ ّمهات‪،‬‬ ‫أم نذكر كيف ُذبح العرشات من أطفال الحولة‪،‬‬ ‫ومثلهنّ يف مجزرة بانياس‪ ،‬وأكرث من هذا العدد يف‬ ‫مجزرة الكياموي يف الغوطة الرشق ّية؟!‬ ‫بأن هوليود قد فقدت جزءاً‬ ‫ال مناص من االعرتاف ّ‬ ‫كبرياً من متابعيها يف رشقنا الحزين‪ ،‬ومل يعد ملشاهدها‬ ‫القاسية تلك القدرة عىل رفع منسوب األدرينالني يف‬ ‫عروقنا‪ .‬لقد فقدت أجسادنا ميزة القشعريرة أمام‬ ‫هول املشهد‪ .‬حتى شعور الحقد الذي كان ينتابنا‬ ‫تجاه مم ّثل ّ‬ ‫الرش‪ ،‬أو آلة التعذيب‪ ،‬مل يعد كام كان‬ ‫يف السابق‪..‬‬ ‫لألسف‪ ،‬ما حدث يف سوريا تجاوز حدود الخيال‬ ‫القصة‬ ‫امي يف هوليود‪ .‬فالتعذيب‪ ،‬الذي ت ّربره ّ‬ ‫اإلجر ّ‬ ‫بالخطر الوجودي الذي يهدّد الشعب األمرييك ككل‪ ،‬مل‬ ‫يكن له ما ي ّربره عىل اإلطالق يف حالة شعب مل يطلب‬ ‫بادئ األمر أكرث من اإلصالح ومزيد من الحريات‬ ‫السياس ّية‪ ،‬فكان التعذيب املمنهج موجهاً ض ّد أكرث ّية‬ ‫الشعب للحفاظ عىل فئة حاكمة‪ ،‬وليس للحفاظ عىل‬ ‫القصة‪...‬‬ ‫استقرار الشعب أو األ ّمة‪ ..‬كام يف ّ‬ ‫ولكن‪ّ ،‬مثة مفارقة غريبة يف تشابه مآالت التعذيب‪..‬‬ ‫ّمثة نهايات متشابهة جمعت بني ما ال ميكن تص ّوره يف‬ ‫القصة وبني األشياء التي ال ميكن تص ّورها يف الواقع؛‬ ‫ّ‬ ‫القصة الهوليودية أفلح التعذيب الجسديّ ‪،‬‬ ‫ففي‬ ‫ّ‬ ‫والنفيس‪ :‬ذبح الزوجة ومحاولة قتل األطفال‪ ،‬يف انتزاع‬ ‫ّ‬ ‫االعرتاف مبكان القنابل النووية الثالث‪ّ .‬إل ّأن املتّهم‬ ‫استطاع االنتصار عىل ّ‬ ‫جلده آخر األمر‪ ،‬فقد انتحر قبل‬ ‫أن ُينتزع منه االعرتاف بوجود القنبلة الرابعة‪ ،‬والتي‬ ‫للقصة‪..‬‬ ‫يصل عدادها إىل الصفر مع اللحظة األخرية ّ‬ ‫سقط التعذيب‪ ،‬وانترص اإلرهايب‪ ،‬أو الضح ّية‪ ،‬ال فرق!‬ ‫وكذلك األمر يف املذبحة السور ّية‪ ،‬فلقد أفلحت أصناف‬ ‫التعذيب‪ ،‬التي مورست يف ظلامت أقبية املخابرات‪،‬‬ ‫يف انتزاع الكثري من االعرتافات من أجسا ٍد عىل حا ّفة‬ ‫املوت‪ ،‬لكنّ آلة جهنّم أوصلت عدّاد القنبلة البرش ّية إىل‬ ‫الصفر أيضاً‪ ..‬كانت تلك لحظة انتهاء الثورة السلم ّية‬ ‫تم معها قطع شعرة معاوية‪ ،‬بل و أطرافه أيضاً‪..‬‬ ‫التي ّ‬ ‫قصتنا‪ ،‬فنحن نعيشه اليوم‪..‬‬ ‫أ ّما ما تب ّقى من ّ‬

‫‪5‬‬


‫اإليكونيميست‪:‬‬

‫‪6‬‬

‫“دمشــق المدينة األس ــوء للعيش في العالم”‬ ‫هل هي الشــام حقًا؟!‬ ‫يارا شامية‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫مقاالت‬

‫حني تتجول يف شوارع دمشق ترى وجوه األهايل‬ ‫قاسية قلقة‪ ،‬وعابسة ال تبتسم ليشء‪ .‬فمدينة‬ ‫الياسمني غدت مدينة أشباح ميلؤها الذعر‬ ‫والخوف‪ ،‬ويسود يف أجوائها صوت القذائف‬ ‫ودوي الطائرات الحربية‪ ،‬تكبلها الحواجز األمنية‪،‬‬ ‫وتخنقها زحمة مرورية واكتظاظ سكاين هائل‪.‬‬ ‫حيث تقدر الحواجز بنحو ‪ 300‬حاجز موزعة‬ ‫مبختلف أنحاء العاصمة‪ ،‬فض ًال عن قيام النظام‬ ‫بإغالق عدة طرقات رئيسية توجد فيها أفرع أمنية‬ ‫تابعة لها‪ ،‬ما خ ّلف أزمات نقل حقيقية‪.‬‬ ‫يف السياق ذاته تقول “رميا” طالبة جامعية تقطن‬ ‫حي امليدان‪“ :‬احتاج ساعتني يك أصل لكليتي يف‬ ‫املزة” حيث تبدأ رحلتها بباص “هرشو” الذي ال‬ ‫يلبث أن يقف يك يتهافت الركاب عليه‪ ،‬وقلة منهم‬ ‫يحظى بكريس للجلوس‪ ،‬ثم يعرقل طريقه حاجز‬ ‫جامع الحسن‪ ،‬الذي يسبب فوىض كبرية نتيجة‬ ‫حساسة من جهة‪ ،‬وألنه‬ ‫متركزه بعقدة مرورية ّ‬ ‫كائن تحت جرس امليدان من جهة أخرى‪.‬‬ ‫بعد ذلك عليك أن تقطع حاجز الشويكة‪ ،‬ما‬ ‫يستغرق قرابة النصف ساعة‪ ،‬وصوالً لشارع خالد‬ ‫بن الوليد الشديد االزدحام‪ ،‬إىل أن يصل الباص‬ ‫لجرس فيكتوريا‪ ،‬فيصبح االمر أكرث سهولة‪.‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬يعاين سكان دمشق من أزمات‬ ‫معيشية تتعلق بالهجرة وغالء األسعار؛ فمع تدهور‬ ‫اللرية السورية تراجع متوسط رواتب املوظفني إىل‬ ‫نحو ‪ ،70$‬يف حني تحتاج األرسة السورية ملئتي‬ ‫دوالر بالحد األدىن لتعيش “بالكفاف” ناهيك عن‬ ‫تكاليف السكن؛ فإن كانت األرسة مهجرة تحتاج‬ ‫بني ‪ 100‬إىل ‪ 200‬دوالر شهرياً أجرة شقة فقط‪.‬‬ ‫السيد أبو محمد نزح مع أطفاله الثالثة من حي‬ ‫القابون‪ ،‬يقول‪“ :‬طلعنا من بيتنا بالتياب اليل‬ ‫علينا” ويضيف‪“ :‬استأجرت شقة مبساكن برزة بـ‬ ‫‪ 60‬ألف” عل ًام أن دخله ال يتجاوز الـ ‪ 90‬ألف‪،‬‬ ‫يقول أبو محمد‪“ :‬هالبلد صفيت للحرامية وبس”!‬ ‫وعند سؤاله عن ظروف معيشته يجيب‪“ :‬ساترها‬ ‫الله‪ ..‬شو الحل؟ أرخص من هيك بيت ما يف‪ ..‬والله‬

‫اللحمة من سنة ما فاتت بيتي‪ ..‬والديون عم ترش‬ ‫مني”‪.‬‬ ‫أما أبو هاين فنزح من دوما مع خمسة أوالد وأم‬ ‫مصابة بشظايا قذيفة وقعت قرب داره‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫“سكنت بغرفة يف بساتني الرازي‪ ..‬الفريان ما‬ ‫بتسكنها”! تلك الغرفة مل تسلم من “إصالحات‬ ‫األسد”‪ ،‬يضيف أبو هاين‪“ :‬قالوا يف تنظيم‪ ..‬طلعونا‬

‫بدون أي تعويض‪ ..‬وصفيت أنا وعيلتي بالشارع”‪“ ..‬ما‬ ‫يف أرسع منهم باله ّد بس ليعمروا بدهم مليون سنة”‪.‬‬

‫تنظيم! وأي تنظيم ذاك الذي يلقي مبئات النازحني‬ ‫للطرقات؟ وهل حقاً الوقت مناسب للتنظيم أم‬ ‫هو إعادة توزيع دميوغرايف للسكان مبا يتناسب مع‬ ‫أهواء النظام السوري؟ ملا مل يكن التنظيم يف املزة‬ ‫‪ 86‬مث ًال؟ الجواب مبنتهى البساطة برسم العصبة‬ ‫الطائفية‪ ،‬واألكرث سخفاً جواب محافظ دمشق برش‬ ‫الصبان‪ ،‬يف حديثه إلذاعة دمشق عن هذه املسألة‪،‬‬ ‫قال إن “أغلب أهايل بساتني الرازي لديهم أقرباء‬ ‫باملزة شيخ سعد‪ ،‬بإمكانهم أن يقطنوا عندهم‪.‬‬ ‫حال أبو محمد وأبو هاين هي حال ‪ 12‬مليون‬ ‫مهجر سوري نزحوا من املناطق الساخنة ألخرى‬ ‫أكرث هدوءاً‪ ،‬ليلقوا مصريهم عىل أيدي تجار ال‬ ‫يهمهم سوى تكديس خزائنهم املرتعة مبزيد من‬ ‫األموال‪ ،‬يف ظل إهامل كامل من النظام السوري‬ ‫لهذه الكارثة اإلنسانية‪ .‬عل ًام أن مبقدوره حدها‬ ‫مبرسوم يضبط أجار العقارات‪.‬‬ ‫يحاول السكان التأقلم مع هذه الظروف القاسية‪،‬‬ ‫وكثري منهم يعتمد‬ ‫عىل معونات من‬ ‫الجمعيات الخريية‬ ‫إضافة للمساعدات‬ ‫الدولية التي تصلهم‬ ‫مرسوقة‪ ،‬حتى يف‬ ‫اآلونة االخرية عمدت‬ ‫الحكومة السورية‬ ‫لتبديل ما تبقى لهم‬ ‫من منتجات دولية‬

‫بأخرى وطنية من النخب العارش بحجة دعم‬ ‫املنتج الوطني!‬ ‫الهم الوحيد ألهايل دمشق؛ حيث‬ ‫ليس الغالء هو ّ‬ ‫تستمر معاناتهم من نقص اإلمدادات يف الطاقة‬ ‫الكهربائية‪ ،‬فقد تصل ساعات التقنني لـ ‪ 16‬ساعة‬ ‫يف اليوم‪ ،‬أي يقترص وقت الكهرباء عىل ‪ 8‬ساعات‪،‬‬ ‫اثنتني منهم بعد منتصف الليل‪.‬‬ ‫ذلك بسبب فقد النظام السيطرة عىل معظم آبار‬ ‫النفط والغاز الطبيعي‪ ،‬ما أثر سلباً عىل إنتاج‬ ‫البالد من الطاقة الكهربائية التي تراجعت بشكل‬ ‫كبري‪ ،‬مخلفة وراءها مشكالت كبرية‪ ،‬السيام يف‬ ‫القطاع الصناعي‪ ،‬فاضطرت املصانع أن تعتمد عىل‬ ‫مولدات تعمل بالوقود‪ ..‬كل هذا ساهم بارتفاع‬ ‫أسعار املنتجات مبختلف أنواعها‪.‬‬ ‫ما يزيد الحال سوءاً هو تقنني املياه لساعات‬ ‫طويلة وأحيانا أليام‪ ،‬نتيجة إيقاف املعارضة ضخ‬ ‫مياه نبع الفيجة كورقة ضغط عىل النظام السوري‬ ‫لتلبية مطالبها‪.‬‬ ‫أما عىل أطراف العاصمة فقد يستمر قطع املياه‬ ‫طيلة فصل الصيف‪ ،‬كام هو الحال يف بلديت صحنايا‬

‫وجديدة عرطوز‪ ،‬فيعتمد األهايل هناك عىل صهاريج‬ ‫مياه تعبأ من األبار و ُتباع لهم بأمثان باهظة‪.‬‬

‫يف ظل هذه الظروف القاسية يعيش سكان دمشق‬ ‫التي صنفت سنة ‪ 2015‬أسوأ مدينة يف العامل‪ ،‬وفقاً‬ ‫لرتتيب صادر عن مجموعة اإليكونوميست‪ ،‬بعد‬ ‫أن كانت من أكرث املدن أماناً‪.‬‬


‫المجلس المحلــي بمحافظة ريف‬ ‫دمشــق ينجز حملة ناجحة لرش‬ ‫المبيدات الحشــرية‬

‫‪7‬‬

‫عمر الخطيب‬

‫ بدأت الحملة منذ شهر تقريباً يف ‪ 10‬حزيران والجهة القامئة‬‫عليها هو مجلس محافظة ريف دمشق‬

‫ ما هي نشاطات حملة “الصحة للجميع” بشكل عام أم‬‫أنها تقترص عىل رش املبيدات الحرشية؟‬ ‫ نشاط الحملة يقترص عىل رش املبيدات الحرشية للصحة‬‫العامة للقضاء عىل الحرشات الضارة والناقلة لألوبئة واألمراض‬ ‫بنوعيها الطائرة والزاحفة ‪.....‬البعوض ‪ ،‬الذباب ‪ ،‬الرصاصري‪....‬‬ ‫إلخ‬

‫ ما الدواعي لحملة الرش؟ وهل هناك من مخاطر‬‫صحية حقيقية؟‬ ‫من دواعي عملية الرش الوقاية من انتقال األمراض من خالل‬ ‫الحرشات الطائرة والزاحفة‪.‬‬ ‫قمنا بعملية الرش كواجب انساين بداية‪ ،‬ونحن ال نعيش يف‬ ‫العرص الحجري‪ ،‬فلدينا الخربات واملثقفني الجامعيني‪ ،‬وعىل‬ ‫مستوى عال من الوعي ملخاطر انتقال األوبئة وتداعياتها ‪،‬‬ ‫وبعملنا هذا نوفر الكثري‪ :‬أجور طبابة‪ ،‬أمثان أدوية‪ ،‬فنحن‬ ‫محارصون‪ ،‬والحصول عىل الدواء أصعب بكثري من تأمني‬ ‫املبيدات‪ ،‬واألهم من ذلك الحد من معاناة االهايل‪ ،‬وهذا‬ ‫يعكس اهتاممنا بصحة االهايل الذين يعانون ظروف معيشية‬ ‫قاسية‪ ،‬تحت حصار جائر وعىل مرأى العامل الذي يدعي‬ ‫التحرض‪.‬‬

‫ تلقينا عبارات الشكر واالمتنان من أهايل الغوطة‬‫بعبارات تثلج القلب‪.‬‬

‫‪ -‬ماهي أبرز املعوقات التي تواجه الحملة؟‬

‫ أكرب املعوقات هي عملية تأمني املواد والتي طلبنا‬‫من بعثة األمم املتحدة تأمينها مستقب ًال ضمن‬ ‫حمالت دعم األمم املتحدة وهذا ما ال نعلم أنه‬ ‫سيتم أم ال‪.‬‬ ‫السؤال‪ :‬هل قمتم بعمل مثل هذه الحملة يف‬ ‫أوقات سابقة ومتى كانت؟‬ ‫ قمنا يف العام املايض برش املبيدات الحرشية‬‫للصحة العامة بالتعاون مع مكتب الخدمات املوحد‬ ‫يف الغوطة الرشقية واملجلس املحيل ملدينة دوما‬

‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫‪ -‬متى بدأت الحملة وما هي الجهات القامئة عليها؟‬

‫ كيف كانت ردود أفعال املواطنني تجاه الحملة‬‫حتى اآلن يف املناطق التي متت تغطيتها؟‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬

‫أنجز مجلس محافظة ريف دمشق حملة ناجحة موسعة‬ ‫لرش املبيدات الحرشية قام بها املجلس لتغطية كامل بلدات‬ ‫الغوطة الرشقية تحت مسمى “حملة الصحة للجميع” ‪،‬‬ ‫لالطالع عىل التفاصيل قمنا بإجراء مقابلة مع السيد م‪ .‬سمري‬ ‫بويضاين عضو مجلس محافظة ريف دمشق ورئيس مكتب‬ ‫املجالس املحلية يف الغوطة الرشقية واملدير اإلداري يف املجلس‬ ‫املحيل ملدينة دوما‪.‬‬

‫الغوطة ‪ ،‬وبصعوبة كبرية وأسعار مرتفعة‪.‬‬ ‫وقد قام السيد سمري برشح آلية العمل حيث قال‪:‬‬ ‫ يتم إذابة (خلط) املبيد الحرشي وهو خاص‬‫بالصحة العامة باملاء ويضاف إىل خزان املياه‬ ‫الخاص بالرش الرذاذي املقطور بآلية الجرار‬ ‫واملتصل ميكانيكياً به من خالل محور متصل‬ ‫بحركة الجرار ومضخة الضغط ‪ ،‬للحفاظ عىل حركة‬ ‫محور الدوران داخل الخزان لضامن دميومة عملية‬ ‫املزج ألن املواد السائلة معلقة قابلة للرتسب عند‬ ‫ركودها ‪ ،‬وتبدأ عملية الرش من قبل عامل ذوي‬ ‫دراية بخطورة سمية املواد عند تعرضهم إليها‬ ‫مبارشة ‪ ،‬ويتم عملهم ضمن رشوط امن صحي‬ ‫بحاميتهم من خالل تدريبهم وتعليمهم لطريقة‬ ‫الرش ‪ ،‬إضافة الرتدائهم قفازات مطاطية وكاممات ‪،‬‬ ‫ودهن املناطق املكشوفة من وجوههم مبادة عازلة‬ ‫كالفازلني ‪ ،‬ومينح كل عامل ليرتاً من الحليب وبيضة‬ ‫واحدة عند قيامه برش صهريج واحد ‪ ،‬ويطلب إليه‬ ‫االستحامم مبارشة بعد االنتهاء من عملية الرش‪.‬‬ ‫يكون الرش بساعات الفجر األوىل أو ساعات قبيل‬ ‫الغروب إىل الليل وذلك للحفاظ عىل الرذاذ أكرب‬ ‫وقت ممكن يف أماكن الرش ‪ ،‬يك ال يتبخر بالحرارة‬ ‫العالية الناتجة عن أشعة الشمس املرتفعة ‪ ،‬ويتم‬ ‫تحديد أماكن الرش الرئيسية ‪:‬‬ ‫محيط املدارس واملشايف والنقاط الطبية واملقابر‬ ‫واملصارف املطرية وغرف التفتيش (الريكارات)‬ ‫وضفاف األنهار والحدائق واملساحات الخرضاء‬

‫ضمن البلدات واملدن واألشجار داخل املدن‬ ‫والبلدات ‪ ،‬وكذلك حاويات القاممة واملكبات‬ ‫الرئيسية ونقاط تجميع القاممة ‪ ،‬ونشرتط عادة‬ ‫عىل املجالس املحلية يف البلدات القيام بحمالت‬ ‫نظافة وإزالة القاممة وترحيلها قبل رش املبيدات‪.‬‬ ‫ونجري عادة بعض اللقاءات مع األهايل لنتلقى‬ ‫مالحظاتهم وردود أفعالهم تجاه األمر‪.‬‬

‫ ما هي املتطلبات الالزمة لدميومة هذا‬‫العمل؟‬ ‫ يتطلب االستمرار بهذا العمل الدعم املادي بسبب‬‫ارتفاع تكاليف وأمثان املبيدات‪ ،‬ومثن املازوت‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل أجور العامل‪.‬‬

‫ كم تكلفة هذه املبيدات؟ وكيف يتم تغطية تكاليف‬‫الحملة مالياً؟‬

‫ كيف يتم الحصول عىل املواد واملبيدات الحرشية‬‫بالرغم من الحصار عىل الغوطة؟‬ ‫‪ -‬يتم الحصول عىل املبيدات الحرشية برشائها من خارج‬

‫تقارير‬

‫ كلفة عملية رش املبيدات الحرشية للصحة العامة يف بلدات‬‫الغوطة الرشقية حوايل ‪ $ 13500‬للمرة الواحدة والتي يفرتض‬ ‫تكرارها كل ‪ 15‬اىل ‪ 20‬يوما وملدة ‪ 4‬اشهر هي أشهر الصيف‪.‬‬ ‫و يتحمل مجلس محافظة ريف دمشق تكاليف الحملة كاملة‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫منظمات حقوق اإلنسان‬ ‫السورية‬ ‫قبل الثورة‬ ‫ّ‬ ‫المركز السوري للدراسات واألبحاث القانونية‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫بدأ الحراك الفع ُّ‬ ‫يل ملنظامت حقوق اإلنسان يف سورية‬ ‫يف أواخر الثامنينيات حيث‪ ،‬تأسست لجان الدفاع‬ ‫عن الحريات الدميوقراط ّية وحقوق اإلنسان من قبل‬ ‫مجموع ٍة من النشطاء كانوا مبعظمهم من أصولٍ‬ ‫بعنف شدي ٍد‪،‬‬ ‫ماركس ّية‪ ،‬وقابلت السلطة هذا التح ّرك ٍ‬ ‫فشنّت حملة اعتقاالت بحقِّ النشطاء شملت نحو‬ ‫سبعني ناشطاً‪ ،‬وأحالت سبعة عرش منهم إىل محكمة‬ ‫أمن الدولة العليا االستثنائية وأصدرت عليهم أحكاماً‬ ‫ترتاوح بني ثالث سنوات وعرش سنوات‪.‬‬ ‫فكان هذا درساً واضحاً إلرهاب السوريني بعدم التفكري‬ ‫مطلقاً بحقوق اإلنسان‪ .‬وقد استوعب السوريون هذا‬ ‫َّ‬ ‫ولعل‬ ‫حقيقي‪..‬‬ ‫الدرس القايس‪ ،‬وتوقف أيُّ نشاطٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫النشاط الوحيد الذي استم َّر هو محاولة بعض املحامني‬ ‫استغالل فرصة إحالة املعتقلني إىل محكمة أمن الدولة‬ ‫يف أواسط التسعينيات‪ ،‬من بينهم نشطاء لجان الدفاع‬ ‫عن الحريات الدميوقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬ونشطاء‬ ‫أحزاب سياسية أخرى مثل حزب العمل الشيوعي‬ ‫والحزب الشيوعي السوري “جناح رياض الرتك”‬ ‫وجامعة اإلخوان املسلمني‪ ،‬فشكلوا مجموع ًة للدفاع‬ ‫عن املعتقلني يف أواسط التسعينيات‪ ،‬كان الباحث مع ّد‬ ‫هذا امللف واحداً منهم‪ ،‬دون أن نستطيع اإلعالن عن‬ ‫وجودنا كمجموع ٍة منظمة‪.‬‬ ‫تأسيس منظمتني خارج‬ ‫تم‬ ‫ويف أواخر التسعينيات َّ‬ ‫ُ‬ ‫سوريا تعنيان بالوضع السوريّ ‪ ،‬وهام اللجنة السورية‬ ‫لحقوق اإلنسان يف لندن عام ‪ 1997‬التي كان مجلس‬ ‫إدارتها من خلفية إسالمية‪ ،‬واللجنة العربية لحقوق‬ ‫اإلنسان عام ‪ 1998‬التي كان مق ّرها فرنسا أسستها‬ ‫السيدة اللبنانية “فيوليت داغر” وكان الناطق باسمها‬ ‫السيد “هيثم مناع” السوري‪ ،‬وكان مبجلس إدارتها‬ ‫التونيس السيد “املنصف املرزوقي” والسوري “نارص‬ ‫خلفيات قوم ّية‬ ‫غزايل” ومعظم أعضائها كانوا من‬ ‫ٍ‬ ‫ويسار ّية‪ .‬وقد اهتمت اللجنة بالوضع السوريّ بشكلٍ‬ ‫خاص بسبب أن الناطق باسمها كان سورياً‪ ،‬مع‬ ‫ٍّ‬ ‫اهتاممها بأوضاع حقوق اإلنسان يف العامل العر ّيب ك ّله‪.‬‬ ‫واقترص وجود منظامت حقوق اإلنسان يف سوريا‬ ‫عىل املذكورين فقط حتى نهاية عام ‪2000‬؛ حيث‬ ‫ٌ‬ ‫حقيقي يف املجتمع السوري بعد وفاة‬ ‫نشاط‬ ‫اشتعل‬ ‫ٌّ‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬وتاق الشعب‪ ،‬والس ّيام النشطاء‪ ،‬للتح ّرر‬ ‫من السجن الذي يعيشون فيه‪ ،‬فانطلقوا لتأسيس‬ ‫فتم تأسيس عدة منتديات تعقد‬ ‫ٍ‬ ‫مجموعات فاعلة؛ َّ‬ ‫علني حول األوضاع السورية‪ ،‬كان‬ ‫نقاش‬ ‫جلسات‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫أشهرها منتدى جامل األتايس ومنتدى عضو مجلس‬ ‫الشعب رياض سيف باإلضافة ألكرث من عرشة أخرى‬

‫يف مختلف املحافظات السورية‪ .‬وتنادى النشطاء‬ ‫الحقوقيون إلنشاء جمعي ٍة ُتعنى بأوضاع حقوق‬ ‫فتم تأسيس الجمعية السور ّية لحقوق‬ ‫اإلنسان‪َّ ،‬‬ ‫وتم تأسيس لجان إحياء املجتمع‬ ‫اإلنسان عام ‪َّ ،2001‬‬ ‫املد ّين‪ ،‬وظهر حر ٌاك يف النقابات املهن ّية‪.‬‬ ‫ومع هذا الحراك ابتدأ قمع السلطة السور ّية يتزايد‪،‬‬ ‫فشنّت حملة اعتقاالت شملت عرش ًة من رموز الحراك‬ ‫عىل ِّ‬ ‫كل املستويات وأحيلوا ملحكمة أمن الدولة‪ ،‬حيث‬ ‫أحكام بالسجن ملدد ترتاوح بني ثالث إىل‬ ‫صدرت بحقهم‬ ‫ٌ‬ ‫وتم إغالق املنتديات‪ ،‬وتهديد النشطاء‪.‬‬ ‫عرش سنوات‪ّ ،‬‬ ‫تم اعتقال الهيئة اإلدارية ملنتدى جامل األتايس‬ ‫والحقاً َّ‬ ‫الذين رفضوا إغالقه‪ ،‬وتش ّكلت هيئة الدفاع عن‬ ‫معتقيل الرأي والضمري‪ ،‬واللجنة الوطن ّية للدفاع عن‬ ‫معتقيل الرأي عام ‪ 2002‬عىل خلف ّية اعتقاالت ربيع‬ ‫تأسس املركز السوري للدراسات‬ ‫دمشق ‪ ،2001‬كام ّ‬ ‫واألبحاث القانونية الذي يرأسه الباحث يف عام ‪.2004‬‬ ‫وبعد أحداث مدينة القامشيل وانتفاضة األكراد يف‬ ‫تم تأسيس اللجنة الكردية لحقوق‬ ‫سوريا عام ‪ّ 2004‬‬ ‫اإلنسان يف سوريا (الراصد)‪ ،‬ومنظمة حقوق اإلنسان‬ ‫يف سورية‪ -‬ماف‪ ،‬ومنظمة الدفاع عن معتقيل الرأي يف‬ ‫سورية‪ -‬روانكة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مجموعة من املنظامت السورية التي‬ ‫كام ظهرت‬ ‫ُتعنى بحقوق اإلنسان يف أعوام ‪ ،2004-2006‬كاملنظمة‬ ‫العربية لحقوق اإلنسان‪ ،‬واملنظمة السورية لحقوق‬ ‫اإلنسان “سواسية”‪ ،‬والرابطة السورية لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫واملركز السوري للدفاع عن الصحافيني وحرية التعبري‪.‬‬ ‫وعادت لجان الدفاع عن الحريات الدميوقراطية‬ ‫وحقوق اإلنسان إىل النشاط بعد خروج أعضائها من‬ ‫السجن‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مبارش‬ ‫وكان لقمع السلطات السورية الشديد تأث ٌري‬ ‫بإبقاء النشاط يف حدوده الدنيا‪ ،‬واقترص فقط عىل‬ ‫إصدار البيانات وفضح انتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫مطلق‬ ‫وحيث إن السلطات السورية رفضت وبشكلٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ترخيص لجمعيات حقوق اإلنسان وقامت‬ ‫منح أيّ‬ ‫ٍ‬ ‫مبالحق ِة وتهدي ِد الناشطني فيها‪ ،‬فقد خلت هذه‬ ‫املنظامت من الهيكلية اإلدارية والتنظيم والشفافية‪،‬‬ ‫ومل يصل لها أيُّ متويلٍ ملنع السلطات ذلك وخطورة‬ ‫االتهامات التي ميكن أن توجه لها بسبب ذلك‪،‬‬ ‫وخصوصاً بعد قيام السلطة السورية بإغالق مركز‬ ‫تدريب حقوق اإلنسان الذي افتتحه االتحاد األورويب‬ ‫يف دمشق عام ‪ 2006‬واعتقال مديره‪.‬‬ ‫لذلك ميكن أن نقول إن وجود هذه املنظامت اقترص‬ ‫وأبحاث حول‬ ‫اسات‬ ‫ٍ‬ ‫عىل الوجود اإلعالمي وإجراء در ٍ‬

‫املجتمع السوري‪ .‬وكان النشطاء يتلقون تدريباً خارج‬ ‫سوريا وبشكلٍ شبه رسيٍّ من خالل ورشات عمل‬ ‫وورشات تدريبية تجريها املنظامت الدولية للنشطاء‬ ‫يف العامل العريب‪.‬‬ ‫وانتقل النشاط إىل خارج سوريا حيث تأسس املرصد‬ ‫السوري لحقوق اإلنسان يف لندن‪ ،‬ومركز دمشق‬ ‫لدراسات حقوق اإلنسان يف أمريكا‪.‬‬ ‫ورمبا املالحظة األهم يف نشاط منظامت حقوق‬ ‫اإلنسان التي ميكن الحديث عنها‪ ،‬هي تعدّد‬ ‫املنظامت‪ ،‬ليس بتعدّد أهدافها ونشاطها‪ ،‬وإمنا بتعدّد‬ ‫االتجاهات السياس ّية ملؤسسيها‪ .‬فقد كان موضوع‬ ‫حقوق اإلنسان يف سوريا يلقى اهتامماً عاملياً أكرب من‬ ‫السيايس‪ ،‬وكان محم ّياً نوعاً ما‪ ،‬ولو إعالمياً‬ ‫النشاط‬ ‫ّ‬ ‫مبتابعة النشاط‪ .‬لذلك بادرت األحزاب السياسية‬ ‫ملامرسة نشاطها بإنشاء منظامت حقوق إنسان أو‬ ‫االنخراط بها‪ ،‬وكان املعتقلون السياسيون السابقون يف‬ ‫طليعة املشاركني يف تأسيس منظامت حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫فكانت هناك املنظامت التي تتامهى مع فكرة القوم ّية‬ ‫العرب ّية‪ ،‬واملنظامت الكرد ّية التي تركز عىل أوضاع‬ ‫اإلسالمي‬ ‫األكراد فقط‪ ،‬واملنظامت التي يكون الدين‬ ‫ّ‬ ‫مرجعاً لعملها‪ ،‬واملنظامت التي كان ُّ‬ ‫كل أعضائها من‬ ‫اليساريني املاركسيني‪ ،‬فكان هناك متاي ٌز كب ٌري يف بيانات‬ ‫منظامت حقوق اإلنسان بخصوص االنتهاكات التي‬ ‫كانت تحدث يف سوريا حسب منشأ االنتهاك وشخصية‬ ‫املنتهك ضدّه ودينه وقوميته‪ ..‬وقد ظهر هذا التاميز‬ ‫خصوصاً يف أحداث املنطقة والعامل برضبة ‪ 11‬أيلول‬ ‫‪ 2001‬وحرب أفغانستان ودخول القوات األمريك ّية‬ ‫للعراق واالنتفاضة الفلسطينية الثانية ‪2000-2005‬‬ ‫والحراك يف لبنان بعد مقتل رئيس وزراء لبنان األسبق‬ ‫“رفيق الحريري” وحرب متوز وغريها‪ ..‬مثل الثورة‬ ‫الوردية يف جورجيا والثورة الربتقالية يف أوكرانيا‪..‬‬ ‫اعتقاالت كبرية‬ ‫يف عام ‪ 2006‬شنّت السلطة حملة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫شملت رموزاً من نشطاء املجتمع املدين وحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬كان كاتب هذه الورقة من بينهم‪ ،‬وصدرت‬ ‫أحكام تراوحت بني ثالث إىل خمس سنوات‪.‬‬ ‫بحقهم‬ ‫ٌ‬ ‫عىل أثر هذه الحملة تراجع نشاط منظامت حقوق‬ ‫اإلنسان إىل أدىن مستوى لها أمام هذا القمع‪.‬‬

‫الجزء الثاين من بحث أعدّه املحامي أنور‬ ‫البني مدير املركز السوري للدراسات‬ ‫واألبحاث القانونية‪ ،‬سيتم نرشه تباعاً يف‬ ‫طلعنا عالحرية عىل أجزاء‪.‬‬


‫اإلفالت من العقاب‬ ‫‪9‬‬ ‫المحامي‬ ‫إبراهيم محمد القاسم‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫لعل من أهم األسباب التي أدت إىل إندالع الثورة‬ ‫الشعبية يف سورية‪ ،‬هو االنتهاكات الجسيمة‬ ‫لحقوق اإلنسان يف سورية منذ اعتالء النظام الحايل‬ ‫لسدة الحكم يف ستينيات القرن املايض سيام بعد‬ ‫استالم حافظ األسد الحكم يف إنقالبه عام ‪1970‬‬ ‫والذي أسامه بالحركة التصحيحية‪ ،‬حيث شهدت‬ ‫فرتات حكمه املمتدة لثالثني عاماً العديد من‬ ‫الجرائم واالنتهاكات لحقوق اإلنسان سيام مجزرة‬ ‫حامة عام ‪ ،1982‬ومن ثم جاء ابنه بشار األسد‬ ‫ليكمل مسرية والده يف انتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وخالل العقود املاضية قام النظام بتحصني نفسه‬ ‫من خالل الدستور والقوانني التي منعت محاكمة‬ ‫رأس النظام إال بجرمية الخيانة العظمى كام‬ ‫منعت محاكمة عنارص األمن أذرع النظام مرتكبي‬ ‫االنتهاكات عن الجرائم التي يرتكبوها بحق‬ ‫املواطنني السوريني‪ ،‬مام يسمح لهم باإلفالت من‬ ‫العقاب‪.‬‬ ‫ومل تكن االنتهاكات التي ارتكبها النظام منذ ثورة‬ ‫آذار عام ‪ 2011‬شيئاً جديداً عليه‪ ،‬بل أضحت‬ ‫بشكل ممنهج وواسع النطاق وبشكل مفضوح‬ ‫أكرث فقط‪ ،‬لذلك أضحى جميع السوريني يأملون يف‬ ‫مالحقة ومحاسبة هؤالء املجرمني عن جرامئهم التي‬ ‫ارتقت لجرائم ضد اإلنسانية وجرائم حرب وجرائم‬ ‫إبادة جامعية‪.‬‬ ‫لذلك يعمل جميع ناشطي ومنظامت حقوق‬ ‫اإلنسان يف سورية والعامل لبدء محاسبة هؤالء عن‬ ‫جرامئهم‪ ،‬وتبدو حالياً اآللية القضائية املحتملة‬ ‫لهذه املحاسبة‪ ،‬هي اآللية القامئة عىل استخدام‬ ‫االختصاص العاملي للمحاكم الوطنية األوربية‪،‬‬ ‫وتفعيل اتفاقية مناهضة التعذيب يف هذه الدول‬ ‫يف ضوء تدفق مئات اآلالف من الالجئني السوريني‬ ‫إىل هذه الدول سيام أملانيا وفرنسا وغريها من‬ ‫دول أوربا وخاصة ممن هم أصحاب الجنسيات‬ ‫املزدوجة ما بني الجنسية السورية وجنسية أحد‬

‫دول أوربا‪ ،‬وبرأيي الشخيص تأيت أهمية هذه اآللية‬ ‫دون غريها لعدة أسباب‪ ،‬وأهمها أن اآلليات األخرى‬ ‫مغلقة األبواب حالياً أمام محاسبة هؤالء املجرمني‪.‬‬ ‫فاملحاكم الوطنية السورية غري قادرة عىل القيام‬ ‫بواجبها يف محاسبة هؤالء املرتكبني‪ ،‬أوالً ال توجد‬ ‫إرادة سياسية لدى النظام القائم يف سورية نحو‬ ‫هذا املنحى فليس من املعقول أن يحاكم النظام‬ ‫نفسه‪ ،‬سيام يف ظل تحصني نفسه من خالل‬ ‫الدستور والقوانني مبا يضمن له اإلفالت من العقاب‬ ‫كام ذكرنا أنفاً‪.‬‬ ‫وإنطالقاً من القاعدة الفقهية “ ال جرمية وال‬ ‫عقوبة بدون نص “ فال ميكن مالحقة أي من هؤالء‬ ‫املرتكبني وفق القوانني الجزائية السورية‪ ،‬ألنها‬ ‫ببساطة ال تتضمن نصوصاً قانونية تجرم جرائم‬ ‫الحرب والجرائم ضد اإلنسانية وجرائم اإلبادة‬ ‫الجامعية‪.‬‬ ‫ويضاف إىل ذلك قلة خربة األجهزة القضائية بهذا‬ ‫النوع من الدعاوى‪ ،‬حيث مل يشهد القضاء السوري‬ ‫عرب التاريخ محاكامت ملثل هذا النوع من الجرائم‪،‬‬ ‫وليس حال املحامني بأفضل من القضاة‪.‬‬ ‫وأما اآلليات الدولية كاملحاكم الدولية الخاصة “‬ ‫يوغسالفيا “ عىل سبيل املثال ‪ ،‬أو الدولية املختلطة‬ ‫“ محكمة لبنان الخاصة باغتيال رئيس الوزراء‬ ‫اللبناين األسبق رفيق الحريري “‪ ،‬فال ميكن االعتامد‬ ‫عليها بسبب املوقف الرويس والصيني املتعنت‬ ‫والرافض ألي إجراء قانوين ملحاسبة املجرمني يف‬ ‫سورية وذلك من خالل استخدامهم لحق النقض‬ ‫“الفيتو” يف مجلس األمن الدويل‪ ،‬ملنع إصدار أي‬ ‫قرار من خالل مجلس األمن بإنشاء محكمة دولية‬ ‫خاصة مبالحقة مرتكبي االنتهاكات الجسيمة‬ ‫لحقوق اإلنسان يف سورية‪.‬‬ ‫مل تصادق سورية عىل نظام روما األسايس للمحكمة‬ ‫الجنائية الدولية‪ ،‬لذلك ال ميكننا الركون إىل هذا‬ ‫الخيار الدويل اآلخر‪ ،‬ناهيك عن ذلك أن خيار إحالة‬

‫امللف السوري إىل هذه املحكمة سيواجه بالرفض‬ ‫السوري والصيني أمام مجلس األمن الدويل من‬ ‫خالل استخدامهام لحق النقض “الفيتو”‪.‬‬ ‫ملا سبق بيانه أعاله أجد نفيس كحال معظم‬ ‫الحقوقيني السوريني واملهتمني بالقضية السورية‪،‬‬ ‫داعمني لخيار تفعيل آلية االختصاص العاملي‬ ‫الشامل أمام املحاكم الوطنية يف أوربا‪ ،‬والتي لها‬ ‫باع طويل يف هذا النوع من املحاكامت‪ ،‬وخاصة‬ ‫من خالل الرتكيز عىل جرائم التعذيب يف املعتقالت‬ ‫السورية والتي ميكن لهذه املحاكم مالحقة‬ ‫مرتكبيها وفق اتفاقية مناهضة التعذيب وغريه من‬ ‫رضوب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية‬ ‫أو املهينة والتي تنطوي تحتها جميع دول أوربا‬ ‫وحتى سورية التي انضمت إليها علم ‪.2004‬‬ ‫وخاصة بعد تواجد مئات اآلالف ومن بينهم ضحايا‬ ‫ومرتكبي انتهاكات سوريني‪ ،‬أضحوا الجئني يف دول‬ ‫أوربا وكانت حصة أملانيا األكرب من هؤالء الالجئني‬ ‫السوريني الذين عانوا من انتهاكات من كافة أطراف‬ ‫النزاع املسلح يف سورية منذ سنوات‪.‬‬ ‫ويبقى التحدي األكرب أمام تفعيل هذا االختصاص‬ ‫العاملي هو مدى استعداد وجدية الدول األوربية‬ ‫يف مالحقة هؤالء املرتكبني وعدم االنتقائية يف‬ ‫محاسبتهم‪ ،‬والرتكيز عىل مرتكبي االنتهاكات‬ ‫املحسوبني عىل املتطرفني اإلسالميني واالبتعاد عن‬ ‫مالحقة باقي املرتكبني بحجة محاربة اإلرهاب‪،‬‬ ‫خاصة بعد التدخل الرويس واإليراين والتحالف‬ ‫الدويل يف سورية فيام يسمى محاربة اإلرهاب‪.‬‬


‫دور النساء السوريات بالتغيير‬ ‫‪10‬‬ ‫المحامية دعد موسى‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫عانت النساء السوريات طوال سنوات عديدة من‬ ‫التمييز والعنف والتهميش واإلقصاء الذي طالهن‬ ‫طوال عقود ماضية وال يزال حالهن يستمر سو ًء‬ ‫خالل هذه السنوات ‪.‬‬ ‫حيث ك ّرس الدستور السوري السابق والحايل‬ ‫الدور التقليدي للمرأة ضمن “ منظومة األرسة‬ ‫“ مبفهومها التقليدي ‪ ،‬فض ًال عىل النص عىل‬ ‫الخضوع للمرجعية الدينية ميا تتضمنه من متييز‬ ‫وإقصاء للمرأة وإخالل بحقوقها األساسية وال‬ ‫سيام حقها يف املساواة ‪.‬‬ ‫والقوانني السورية مليئة بالعديد من النصوص‬ ‫التمييزية (يف قوانني األحوال الشخصية ‪ ،‬و‬ ‫قانون العقوبات و قانون الجنسية وسواهم‬ ‫من الترشيعات املحلية والقرارات والتعليامت‬ ‫االدارية واملامرسات والسياسات الحكومية ‪)..‬‬ ‫حيث كرست قوانني األحوال الشخصية لجميع‬ ‫الديانات والطوائف‪،‬ذات املرجعيات الدينية‪،‬‬ ‫التمييز والعنف ضد النساء وأخضعهنت لقوامة‬ ‫ووالية الرجال وحرمت النساء السوريات مبجمل‬ ‫تلك الترشيعات من جميع حقوقهن وفيها متييز‬ ‫واضح يف قضايا الزواج والطالق وتعدد الزوجات‬ ‫والطاعة والوالية والوصاية وحضانة األطفال‬ ‫والنفقة والسفر والتنقل والعمل واملرياث ‪..‬‬ ‫ومنع قانون الجنسية النساء من حقهن يف‬ ‫منح الجنسية ألبنائهن‪ ،‬وأباح قانون العقوبات‬ ‫ارتكارب العنف بكافةاشكاله ضدهن (االغتصاب‬ ‫والتحرش والقتل بذريعة “ الرشف “‪)...‬ومنح‬ ‫فاعليها أعذاراً مخففة تشجعهم عىل ارتكاب‬ ‫املزيد من جرائم القتل والعنف بحق النساء‬ ‫دون الخشية من أي عقاب ‪.‬‬ ‫هذا التمييز يف القوانني السورية كان له تأثريا‬ ‫عميقا عىل حياة النساء وشعورهن بعدم األمان‬ ‫واالستقرار وعدم القدرة عىل تطوير الذات‬ ‫ورفع الكفاءة واملهنية وبالتايل شكل عائقا أمام‬ ‫مشاركتهن يف عملية اتخاذ القرار عىل كافة‬ ‫الصعد العامة والخاصة وأدى إىل عدم خلق بيئة‬ ‫مالمئة يف املشاركة السياسية‪.‬‬

‫كل ذلك أدى إىل ترسيخ الدور التقليدي للنساء‬ ‫وتعزيز الصورة النمطية مبوجب العادات‬ ‫واألعراف املحلية التي قرصت دورهن عىل املنزل‬ ‫وأباحت ‪ ،‬لويل أمر املرأة‪ ،‬تزويجها قرسياً كام‬ ‫اباحت لزوجها “ تأديبها “ مبوجب عادات متخلفة‬ ‫( تنتقص من حقوق وكرامة املرأة ) و تم ترشيعها‬ ‫قانوناً ‪،‬وبقيت قيم النظام األبوي وأحكامه تتحكم‬ ‫يف حياة النساء السوريات وحقوقهن بوصفها ً‬ ‫قيم‬ ‫دينية اجتامعية مقدسة‪.‬‬ ‫فض ًال عن ذلك تتعرض النساء ملختلف أوجه‬ ‫العنف الخاص والعام يف ظل االفتقاد لقانون‬ ‫يج ّرم العنف األرسي ‪.‬‬ ‫متت كل هذه املامرسات ‪ ،‬طوال عقود ‪ ،‬وتحت‬ ‫ستار “ علامنية زائفة “ واعتبارات “ حامية األمن‬ ‫القومي “ ومراعاة الديانات والتي كانت تستخدم‬ ‫كذريعة لقمع الحقوق والحريات كاف ًة وحقوق‬ ‫النساء خاصة‪.‬‬ ‫كل ذلك أثر عىل املشاركة السياسية للنساء وكان‬ ‫يتم تعيني النساء يف املناصب السياسية شكلياً‬ ‫من خالل اختيار النساء ملراعاة اعتبارات محددة‬ ‫اجتامعية أو دينية أو سياسية وبغض النظر عن‬ ‫مدى كفاءتهن و فعالية املنصب‪.‬‬ ‫خالل السنوات الخمس املاضية تحملت النساء‬ ‫العبء األكرب يف الحفاظ عىل األرسة ومتكينها من‬ ‫البقاء واالستمرار وبدالً من أن يتم العمل عىل “‬ ‫متكني “ النساء بادرت النساء إىل العمل فعلياً‬ ‫عىل “ متكني “ العائلة ككل لتعزيز قدرتها عىل‬ ‫االستمرار والحياة ‪ .‬وهو ما عرضهن أيضاً ألسوأ‬ ‫مامرسات العنف األرسي والعام وخاصة العنف‬ ‫الجسدي واالغتصاب و التحرش واالبتزاز لقاء‬ ‫الحصول عىل الخدمات اإلنسانية فض ًال عن دفع‬ ‫البعض إىل الخضوع ملامرسات الدعارة واالستغالل‬ ‫الجنيس واسوأ مامرسات وصور االتجار بالنساء ‪.‬‬ ‫حالياً تعقد اآلمال عىل النساء لدفع عملية‬ ‫التغيري وإحالل السالم بوصفهن أصحاب املصلحة‬ ‫الحقيقية يف صنع وبناء السالم والحفاظ عليه‬ ‫خالل اعوام ‪2014‬و‪ 2015‬نشطت العديد من‬

‫الجمعيات والتجمعات النسوية يف التحضري‬ ‫لوقف العنف وإحالل السلم والعملية االنتقالية‬ ‫من خالل العمل عىل التحضري ملا يجب ان‬ ‫يتضمنه دستور دميوقراطي حساس للنوع‬ ‫االجتامعي يتضمن الحقوق التي ينبغي ان‬ ‫تتمتع بها النساء والنص عىل حق الحامية من‬ ‫العنف وعدم انتهاك حقوقهن بذرائع الدين‬ ‫او العرف االجتامعي وضوابط تضمن متكني‬ ‫النساء من املشاركة السياسيةوالنص عىل إنشاء‬ ‫جهات وهيئات معنية بكفالة املساواة ومتكني‬ ‫النساء والعمل عىل إزالة كل مظاهر التمييز‬ ‫‪.‬كام والتحضري لدراسات تتضمن جميع القوانني‬ ‫التمييزية وما يجب تغيريه إللغاء كافة اشكال‬ ‫العنف والتمييز ضد النساء السوريات‪ .‬وبشكل‬ ‫مواز تم تشكيل مبادرات نسوية من اجل السالم‪.‬‬ ‫لكن مثة الكثري من القيود والعوائق التي ال تزال‬ ‫تحد من قدرة النساء عىل أداء هذا الدور بسبب‬ ‫استمرار سياسة اإلقصاء التي يتعرضن لها وخالل‬ ‫مرحلة التفاوض تم تهميش دور املرأة وكان‬ ‫التمثيل النسوي يف جوالت جنيف املتعاقبة متثي ًال‬ ‫محدوداً ‪ ،‬شكلياً ‪ ،‬هامشياً ‪ ،‬غري مؤثر‪.‬‬ ‫وهنا نقول خالل هذه املرحلة يتعني أن يتعزز‬ ‫دور النساء لصنع السالم وتحقيق التغيري‬ ‫املطلوب والبد من العمل عىل إرشاك النساء يف‬ ‫فرق التفاوض بشكل متساو وتسيهيل مشاركتهن‬ ‫كمفاوضات وميرسات يف عمليات السلم وادراج‬ ‫قضايا النوع االجتامعي يف اجندات التفاوض‪.‬‬ ‫إن دور املرأة السورية يف تحقيق التغيري املنشود‬ ‫هو عمل متكامل مع دورها الجوهري واألسايس‬ ‫يف عملية العدالة االنتقالية وهنا البد من‬ ‫إرشاك النساء يف وضع برامج العدالة االنتقالية‬ ‫املراعية للنوع االجتامعي‪ ,‬حيث الميكن الحديث‬ ‫عن الدميوقراطية والعدالة االنتقالية ودستور‬ ‫دميوقراطي بدون إدماج قضايا املرأة والنوع‬ ‫االجتامعي يف كافة الوئاثق األساسية ألي مرشوع‬ ‫وطني‪.‬‬


‫معاناة السوريين في محاكم‬ ‫الميدان العسكرية‬

‫‪11‬‬

‫المحامي ميشيل شماس‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬

‫أخرياً‪ ،‬ويف ظل تزايد الدعوات املحلية والدولية‬ ‫الداعية إىل إعادة صياغة دستور جديد لسوريا‬ ‫مبا ينسجم واملواثيق العهود الدولية التي وقعت‬ ‫عليها سوريا‪ ،‬نأمل أن يتضمن الدستور السوري‬ ‫الجديد نصاً رصيحاً وواضحاً يحظر إنشاء املحاكم‬ ‫االستثنائية أو سن قوانني تضييق عىل حريات‬ ‫الناس ومتنعهم من اللجوء اىل القضاء‪.‬‬

‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫بعد أن سيطر حزب البعث عىل مقاليد الحكم‬ ‫يف سوريا يف انقالب أذار ‪ ،1963‬تفتقت عقلية‬ ‫نظام البعث عىل إنشاء املحاكم االستثنائية بدءاً‬ ‫باملحاكم العسكرية ومبحكمة أمن الدولة العليا‬ ‫التي ألغيت يف نيسان عام‪ 2011‬مروراً مبحاكم‬ ‫امليدان العسكرية وصوالً إىل محكمة اإلرهاب‪ .‬ويف‬ ‫هذه العجالة سأستعرض محاكم امليدان العسكرية‬ ‫التي ال تختلف عن محاكم التفتيش يف القرون‬ ‫الوسطى‪ ،‬باعتبارها املثال الصارخ عىل كم أفواه‬ ‫السوريات والسوريني واالعتداء عىل حرياتهم‬ ‫وحقوقهم ‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪ 1968 /17/8‬قررت القيادة القطرية‬ ‫املؤقتة لحزب البعث إنشاء محاكم امليدان‬ ‫العسكرية باملرسوم رقم (‪ .)109‬حيث نصت املادة‬ ‫األوىل منها عىل إحداث محكمة أو أكرث تسمى‬ ‫املحكمة امليدانية العسكرية‪ ،‬ونصت املادة الثانية‬ ‫منها عىل أن تتوىل هذه املحكمة النظر يف الجرائم‬ ‫الداخلة يف اختصاص املحاكم العسكرية واملرتكبة‬ ‫زمن الحرب أو خالل العمليات الحربية التي يقرر‬ ‫وزير الدفاع إحالتها إليها ‪ .‬والغريب أن هذه‬ ‫املادة جعلت رسيان اختصاص هذه املحكمة‬ ‫مبفعول رجعي اعتباراً من ‪ 5/6/1967‬وهو أمر‬ ‫يخالف مبدأ عدم رجعية القوانني املعروف‪.‬‬ ‫ومنحت املادة الثالثة منها وزير الدفاع حق تعيني‬ ‫قضاة املحكمة حرصاً من الضباط العسكريني‪.‬‬ ‫بينام منحت املادة الرابعة منها النيابة العامة فيها‬ ‫جميع اختصاصات النائب العام وقايض التحقيق‬ ‫العسكري‪ ،‬أي أنها تقوم بتحريك الدعوى ضد‬ ‫املتهم ومن ثم تقوم بالتحقيق مع املتهم وتصدر‬ ‫قراراها باتهام الشخص الذي تحاكمه وتحيله‬ ‫للمحكمة‪ ،‬وقرارها محصن ال يقبل أي طريق من‬ ‫طعن الطعن نهائيا‪.‬‬ ‫والخطري أن قانون املحكمة يف املادة الخامسة‬

‫منه أعفى أعضاء املحكمة من التقيد باألصول‬ ‫واإلجراءات املنصوص عليها يف الترشيعات النافذة‪،‬‬ ‫أي أن مكان انعقاد الجلسة وطريقة إدارة‬ ‫الجلسات واستجواب املتهمني وإصدار األحكام إمنا‬ ‫تخضع جميعها ملشيئة رئيس املحكمة‪ .‬والتسمح‬ ‫للمحامني باملرافعة أمامها كام التسمح ألحد‬ ‫رسي‪.‬‬ ‫مبراجعتها‪ ..‬وتعقد جلساتها بشكل ّ‬ ‫أما املادة السادسة فحصنت األحكام التي تصدرها‬ ‫املحكمة من الطعن فيها‪ .‬وجاءت املادة الثامنة‬ ‫من قانون املحكمة لتحرص أمر التصديق عىل‬ ‫أحكام االعدام برئيس الجمهورية‪ ،‬أما بقية األحكام‬ ‫فتخضع للتصديق من قبل وزير الدفاع‪ .‬ولكليهام‬ ‫الحق بتخفيض الحكم أو الغائه وحفظ الدعوى‪.‬‬ ‫وبعد التصديق عىل قرار املحكمة فإن القرار ينفذ‬ ‫فوراً سواء كان بالحبس أو االعدام‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لكيفية إحالة املتهمني إليها‪ ،‬فال‬ ‫يوجد معيار واضح‪ ،‬أو آليه محددة لألشخاص‬ ‫الذين تتم إحالتهم للمحاكمة أمامها‪ ،‬بل إن األمر‬ ‫مرتوك برمته لوزير الدفاع وحده الذي يحق له‬ ‫تقرير محاكمة من يشاء أمام محاكم امليدان سواء‬ ‫كان عسكرياً أم مدنيا وسواء كان سوريا أم أجنبياً‪..‬‬ ‫وغالباً ما تتم إحالة املتهمني إليها وفقاً لرأي‬ ‫األجهزة األمنية‪ .‬عل ًام أن الغاية من إنشاء هذه‬ ‫املحكمة بحسب مرسوم إنشائها هي محاكمة‬ ‫العسكريني فقط‪ ،‬دون املدنيني‪ ،‬ولكن النظام عمد‬ ‫اىل محاكمة املدنيني أمامها السيام منذ اندالع‬ ‫الثورة السورية ضده يف أذار عام ‪ ،2011‬فال قانون‬ ‫مينعه وال توجد قوة تقف بوجهه‪ ،‬وال مجلس‬ ‫شعب يطالب بإلغائها كونها مخالفة للدستور‬ ‫السوري نفسه وال محكمة دستورية تتجرأ عىل‬ ‫النظر بدستورية قانون هذه املحكمة أو غريها من‬ ‫القوانني الكثرية املخالفة للدستور السوري نفسه‪،‬‬ ‫يضاف إليها أن هذه املحكمة ال تحرتم إطالقاً أياً‬

‫من املواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‬ ‫والسيام تلك التي وقعت عليها سوريا كاإلعالن‬ ‫العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل يف الحقوق‬ ‫املدنية والسياسة‪ ،‬وال تتقيد أيضاً حتى بالحد‬ ‫األدىن ملعايري املحاكامت الدولية العادلة‪.‬‬ ‫ومنذ اندالع االحتجاجات املناهضة للنظام يف‬ ‫سورية أذار عام ‪ 2011‬متت إحالة عرشات اآلالف‬ ‫إىل هذه املحكمة من مدنيني وعسكريني‪ ،‬من قبل‬ ‫األجهزة األمنية مبارشة‪ ،‬ونظراً الكتظاظ سجن‬ ‫عدرا املدين وسجن صيدنايا العسكري باملعتقلني‬ ‫أمنياً واملوقوفني قضائياً‪ ،‬فإنه يتم إيداع األشخاص‬ ‫املحالني لتلك املحكمة يف داخل األفرع األمنية‬ ‫نفسها‪ ،‬حيث تتم محاكمتهم يف تلك الفروع‬ ‫ويقضون عقوبتهم فيها‪ .‬وألول مرة منذ تاريخ‬ ‫إنشاء هذه املحكمة تتم محاكمة نساء وفتيات‬ ‫أمامها‪ ،‬وهناك عدد من الفتيات والنساء مودعني‬ ‫يف سجن عدرا لصالح املحكمة امليدانية‪.‬‬ ‫وغايتي من الحديث عن محكمة “امليدان‬ ‫العسكرية “ هي تسليط الضوء عىل مدى‬ ‫خطورة استمرار هذا النوع من املحاكم يف العمل‪،‬‬ ‫ولتشجيع السوريني عىل االنخراط يف حملة ال‬ ‫تنتهي إال بإلغاء هذه املحكمة نهائياً‪ .‬وتعديل‬ ‫قوانني إنشاء املحاكم األخرى كمحكمة االرهاب‬ ‫واملحاكم العسكرية ‪ ،‬وكذلك تعديل القوانني التي‬ ‫تنتهك حرية االنسان أو تقيدها‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حلم ُمشتهى للسوري‪..‬‬ ‫المنفى ٌ‬ ‫وساحة لألشباح‬

‫يارا بدر ‪ -‬برلين‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫ليس هناك رمبا ما هو أصعب‪ ,‬وأكرث تعقيداً من‬ ‫سؤال الهو ّية الذي يطرحه املرء عىل نفسه‪ ,‬وبخاصة‬ ‫العاملون يف الشأن الثقايف أو املعريف العام‪ ,‬من ذاك‬ ‫الذي ُيطرح يف املنفى‪ ,‬ويف زمن الحرب‪ .‬حيث يغدو‬ ‫ثقل العوامل الخارجية املؤثرة يف السؤال تشويشاً عىل‬ ‫السؤال ذاته‪ .‬فام هي خصوص ّية الحالة الفرد ّية‪ ,‬ما‬ ‫هي رشط ّية املنفى وهل كان اختيار ّياً بهذه الدرجة‬ ‫أو تلك أو قرس ّياً بشكل كامل؟ وأيّ منفى هو؟ وأيّ‬ ‫ذاكرة للهو ّية لدى صاحب السؤال وأيّ اصطفاف‬ ‫معريف‪ ,‬أيديولوجي وأخالقي اتخذه املعني من الحرب؟‬ ‫واألهم ما هو نوع االرتباط ا ُملستمر باملكان واألفراد‬ ‫والثقافة األوىل؟‬ ‫بالتأكيد ال أدعي امتالك املعرفة الكاف ّية لتقديم‬ ‫طروحات نقد ّية عا ّمة عن وضع املثقفني السوريني‬ ‫يف املنفى‪ ,‬لكن أسمح لنفيس بتسجيل مالحظات عىل‬ ‫الهامش‪ ,‬وأعرتف أ ّنني مسكونة بدوري بذات ّية تجربتي‪.‬‬ ‫واع وبقرار حاسم‪ ,‬واخرتت البلد‬ ‫اخرتت املنفى بشكل ٍ‬ ‫حتى حيث سمحت يل ظروف بحر ّية ورفاه ّية هذا‬ ‫االختيار‪ ,‬كان ذلك يف صيف العام ‪ .2013‬آنذاك كنت‬ ‫أسرية لفكرة “االعتقال”‪ ,‬اغلقت باب منزيل واختبأت‬ ‫فيه‪ .‬أصابني هوس النظافة وترتيب املنزل كرد فعل ال‬ ‫إرادي عىل الحرب التي تقرتب رائحتها من العاصمة‬ ‫السورية دمشق‪ .‬كان األصدقاء يغادرون‪ ,‬يعتقلون‪,‬‬ ‫يختفون‪ ,‬ومل اشعر سوى بالضياع والحاجة إىل الخروج‬ ‫بعيداً ع ّ‬ ‫يل أستطيع رؤية املشهد بشكلٍ أوضح‪.‬‬ ‫عوامل مبارشة وغري مبارشة عدّة دفعتني للخروج‪,‬‬ ‫لوقت قصري كام أخربت نفيس‪ ,‬لكني يف الواقع مل‬ ‫ثم فعلت‪ .‬يف اليوم السابق لعوديت‬ ‫أرغب بالعودة‪ّ ,‬‬ ‫كان دافعي األبرز هو الرغبة بالخالص من رعب فكرة‬ ‫العودة الذي يأكلني ومينعني حتى من التن ّفس‪ ,‬ويف‬ ‫الوقت ذاته تصالحت مع إمكان ّية أن اعتقل‪ ,‬ليس‬ ‫لفعلٍ قمت أو مل أقم به‪ ,‬بل لحاجتي لالعتذار من‬ ‫األصدقاء الذين خ ّلفتهم ورايئ حني رحلت‪ .‬غدا يف‬ ‫ّ‬ ‫املتقطع عىل مدى سنتني تقريباً‪ ,‬يف‬ ‫عذاب العودة‬ ‫التعايش اليومي مع رعب هاجس االعتقال نوع من‬ ‫أنواع ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وشكل من عيش ُمشرتك مع ا ُملتعبني يف‬ ‫التطهر‪,‬‬ ‫الداخل الذين ال ميلكون رفاه ّية املغادرة إىل منفى ما‪,‬‬ ‫وحياة ما مختلفة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الحياة يف خارج حدود مساحة الخطر تتيح مجاال أوسع‬ ‫لعرض األفكار وحر ّية النقاشات‪ ,‬التي وصلت بكثري من‬ ‫األصدقاء السوريني إىل االصطدام والقطيعة أو التز ّيف‬ ‫نتيجة تعقيدات الرصاع السوري وقضاياه الفكر ّية ويف‬ ‫الوقت ذاته حجم مأساته اإلنسان ّية املر ّوع‪ .‬بالنسبة‬ ‫ُ‬ ‫ارتبطت بقضيتي التي عدّت من أجلها إىل سوريا‬ ‫يل‪,‬‬

‫بعد ّ‬ ‫عام عىل الغياب‪ ,‬واعية للسلطة ا ُملسطرية‬ ‫أقل من ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وقوانينها‪ ,‬ومحكومة يف كل لحظة يف خارج مساحة‬ ‫سيطرة هذه السلطة بعوديت إىل داخلها‪ ,‬لكن مع‬ ‫الوقت اقرتبت سلطات أخرى بأيديولوجيات مختلفة‬ ‫ال تقل عنفاً وتط ّرفاً من مجاالت حركتي ا ُملحدّدة يف‬ ‫دمشق‪ ,‬ازداد قلقي‪ ,‬اضطرايب‪ ,‬حذري وخويف‪ .‬وحدهم‬ ‫زمالء الكتابة يعلمون جيداً معنى مفردايت هذه‪.,‬‬ ‫إذ عىل سبيل املثال تكتب مقاالً بسيطاً عن عرض‬ ‫مرسحي وتخطئ أكرث من م ّرة يف اسم املمثل أو املمثلة‬ ‫عىل الرغم من ّأن بروشور العرض أمام عينيك‪ ,‬وقد‬ ‫شاهدت العرض وقرأت عنه كذلك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أجل‪ ,‬أتحدّث عن هذا املستوى التقني جدا من الكتابة‪,‬‬ ‫ظل ّ‬ ‫من محاولة الفعل‪ ,‬يف ّ‬ ‫كل ذاك االضطراب اليومي‬ ‫ً‬ ‫لشخص يحاول عرب اختياره الكتابة شكال للفعل أن‬ ‫يقدّم قوالً ورؤية ولو بسيطة ومحددة جداً‪ ,‬وهامش ّية‪,‬‬ ‫والتمسك بها‬ ‫وحتى عابرة‪ .‬يحاول اختيار مفرداته‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫والدفاع عنها‪ ,‬يف بلد يخ ّون فيه البعض بعضه إن مل‬ ‫يعترب الرقة ومناطق أخرى مناطق “ ُمح ّررة” يف حني‬ ‫أ ّنها ومن وجهة نظر القانون الدويل “خارجة عن‬ ‫سيطرة الحكومة السورية”‪ ,‬والقراءة املعكوسة تخ ّون‬ ‫البعض لدى البعض أيضاً‪ .‬ال يتعلق األمر مبا هو‬ ‫صحيح وما هو خاطئ بشكل ُك ّ‬ ‫يل عام‪ ,‬بقدر ما يتعلق‬ ‫بحساس ّيات االصطفاف السيايس الذي وبضغط عوامل‬ ‫الرصاع السوري غدا اصطفافاً أخالقياً يف مواضيع كثرية‪.‬‬ ‫سوريون آخرون اختاروا املنفى بشكلٍ غري واع‪ ,‬غادروا‬ ‫سوريا مع عام حراكها ا ُملجتمعي األ ّول بحثاً عن ملجئ‬ ‫مؤقت‪ ,‬صحفيون وكتّاب ورسامون وتقنيون خرباء يف‬ ‫مجال االتصاالت وباحثون اختصاصيون وقانونيون‬ ‫وسواهم‪ ,‬لكنهم غرقوا يف رعب “هاجس العودة”‬ ‫املوسوم باالعتقال‪ ,‬يحاولون بالدرجة األ ّوىل‪ -‬كام‬ ‫أعتقد‪ -‬تحديد تعريف للزمن‪ .‬الزمن لديهم زمن‬

‫مؤقت رغم استطالته‪ ,‬هو زمن يعرب يف انتظار العودة‪,‬‬ ‫وشبح التجربة الفلسطينية ُيعشعش يف أذهانهم يوماً‬ ‫بعد يوم‪ ,‬وال يجرؤون عىل البوح به‪.‬‬ ‫ارتبط الخارج‪ ,‬وليس املنفى‪ ,‬يف لحظاته األ ّوىل بالتح ّرر‬ ‫من الرقيب‪ ,‬الذي هو السلطة السورية الحاكمة منذ‬ ‫عقود‪ .‬فظهرت خطابات سياسية حادّة‪ ,‬متط ّرفة‪ ,‬ال‬ ‫ُتهادن‪ ,‬كام ظهرت أحكام نقد ّية قاسية‪ ,‬ولغة واكبت‬ ‫أعامل فن ّية تفيض بالعنف والقسوة‪ٌ ,‬‬ ‫فكل يحارب‬ ‫أشباحه‪ .‬يف حني بقي املثقفون الذين يعيشون يف‬ ‫سوريا أكرث وسط ّية يف اختيار مفرداتهم‪ ,‬أكرث اقرتاباً‬ ‫بالتخفي‬ ‫اتهم البعض‬ ‫من اللغة اإلنسان ّية الجمعاء وإن ّ‬ ‫ّ‬ ‫موقف سيايس‪ ,‬لكن‬ ‫تحت هذا الغطاء من اتخاذ‬ ‫ٍ‬ ‫البعض اآلخر نجا ومن أبرز هذه التجارب الناجحة‬ ‫أعامل ّ‬ ‫الخطاط السوري “منري الشعراين”‪.‬‬ ‫إ ّال ّأن الخارج كمفهوم يفقد خصوصيته ويتح ّول إىل‬ ‫وقت قصري‪ ,‬هو الوقت الذي يحتاجه ّ‬ ‫كل‬ ‫منفى بعد ٍ‬ ‫امروء للتن ّفس قبل أن تهاجمه أسئلة املعيشة اليومية‬ ‫(عنوان سكن‪ -‬دخل‪ -‬نظام الرضائب‪ )..‬وبالطبع‬ ‫أزمة اللغة التي هي يف وجه من أوجهها أزمة هو ّية‬ ‫بالرضورة‪ ,‬هي أكرث من وسيلة تواصل وسبيل اندماج‬ ‫يف مجتمع جديد‪ ,‬هي ثقافة جديدة وطريقة تفكري‬ ‫مختلفة ومنظار آخر إىل العامل‪.‬‬ ‫يقول املفكر الفلسطيني “إدوارد سعيد” عن “املثقف‬ ‫املنفي”‪( :‬يحيا املنفي يف حالة وسط‪ُ ,‬محارصاً بنصف‬ ‫ارتباط ونصف انفصال)‪ .‬لكن هذا املنفي ا ُملدرك لنفيه‪,‬‬ ‫كمنفي ولكال املكانني‪ ,‬األصل الذي حفظته‬ ‫واع لذاته‬ ‫ّ‬ ‫الذاكرة والجديد الذي حاول أن يرسم لشوارعه وأزقته‬ ‫خريطة يف الذاكرة‪ .‬إ ّال ّأن معظم السوريني اليوم‬ ‫عالقون يف مرحلة هي قبل املنفى‪ ,‬وبعد الخارج‪.‬‬ ‫يع ّرفها كثري منهم أو ُيشري إليها بوصفها مرحلة “صدمة‬ ‫االغرتاب” أو “صدمة اللجوء”‪ .‬أن تعي ذاتك كالجئ‪,‬‬


‫حين يصبح القبر حلمًا‬ ‫مريم الحالق‬

‫مريم الحالق‪:‬‬ ‫مد ّرسة ألكرث من ثالثني عاماً‪ ،‬ومدير مدرسة‪ .‬وهي والدة الشهيد الطبيب أيهم غزول‬ ‫الذي قىض تحت التعذيب بتاريخ ‪ 29‬ترشين الثاين (نوفمرب) عام ‪ ،2012‬بعد أربعة‬ ‫أيام من اعتقاله من حرم جامعة دمشق حيث تع ّرض للرضب ا ُملربح يف مقر ما ُيعرف‬ ‫بـ (االتحاد الوطني لطلبة سورية) يف مبنى كلية الطب البرشي بجامعة دمشق‪.‬‬ ‫قضت مريم أكرث من عامني وهي تبحث عن إثبات حول وفاة ولدها‪ ،‬ومحاولة‬ ‫استعادة جثامنه‪ ،‬دون فائدة تذكر‪ .‬تع ّرفت مريم عىل صورة ولدها الطبيب أيهم يف‬ ‫الصور املعروفة بـ”صور قيرص” التي تجاوزت ‪ 27‬ألف صورة ألكرث من ستة آالف شهيد‬ ‫سوري قضوا تحت التعذيب خالل الفرتة ما بني ‪ 2011‬و‪.2013‬‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬

‫حني أرى جنازة متر بالقرب من بيتنا‪،‬‬ ‫أتخيل امليت شاباً‪ ،‬تتبادر إىل ذهني‬ ‫أشكال موته‪ :‬هل كان مريضاً؟ هل‬ ‫أصابته رصاصة قناص؟ أم شظ ّية من‬ ‫قذيفة أراد قاذفوها العبث باألرواح؟‬ ‫أم استشهد وهو يقاتل األعداء أياً كانوا‪.‬‬ ‫أفكر أ ّنه رمبا مل يستشهد يف األقبية‬ ‫ا ُملعتمة تحت التعذيب‪ ،‬فهناك‪ ،‬ال‬ ‫ُيس ّلم املسؤولون جثامني من قتلوهم‬ ‫يف معتقالتهم‪ ،‬وتحت سياطهم‪ ،‬من‬ ‫قتلوهم وهم يستمتعون بأنينهم‬ ‫ورصخاتهم حني تئز الكهرباء يف‬ ‫أجسادهم‪ ،‬وحني تطقطق الفقرات‬ ‫يف رقابهم وظهورهم‪ ،‬وتظهر عالمات‬ ‫االنتصار عىل وجوههم حني يفارق‬ ‫الحياة أحد ا ُمل َعذبني!‬

‫أتخيل أ ّم هذا الشاب وهي ملتاعة‬ ‫الفؤاد ولكنها مطمئنة! فهو سيكون‬ ‫قريباً منها ولو يف قربه‪ ،‬فقد رأته‬ ‫وودعته‪ ،‬قد تكون عاتبته عىل رحيله‬ ‫املبكر؟ وعىل مغادرته الدنيا‪ ،‬والبد أنها‬ ‫قبلته قبلة الوداع األخري‪ ،‬األمر الذي مل‬ ‫تفعله أمهات الذين استشهدوا تحت‬ ‫التعذيب‪ ،‬فهنّ مل يرين أوالدهنّ ‪ ،‬مل‬ ‫يودعنهم‪ ،‬ومل يعاتبنهم‪ ،‬ومل يقبلنهم‪.‬‬ ‫هنّ يحلمن بقبور تضم أجساد‬ ‫أوالدهن‪ ،‬يذهنب إليها كلام فاض الحنني‬ ‫وازداد االشتياق‪ ،‬يحدثنهم عام جرى‬ ‫وما يجري يف غيابهم؟ يبحن لهم مبا‬ ‫يكتمونه عن أقرب الناس إليهن‪.‬‬ ‫ولكن الحلم يبقى حل ًام‪.‬‬ ‫أرأيتم كيف أصبح القربحلام‪ً.‬‬

‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫نتم‪.‬‬ ‫كمنفي‪ ,‬كغريب‪ ,‬وبالرضورة كال ُم ٍ‬ ‫م ّرد هذا السكون يف مرحلة الصدمة‪ ,‬عدّة عوامل أ ّولها‬ ‫طبيعة الرصاع يف سوريا والذي خرج عن كل التوقعات‬ ‫والحسابات بشكلٍ جنوين يصعب عىل السوري اليوم الوقف‬ ‫بشكلٍ ثابت ومستقر عىل أمره منه‪ ,‬فلم يعد العدو واحداً‪,‬‬ ‫ومل يعد للعدو أيديولوجيا واحدة‪ ,‬وغدا السؤال األكرث‬ ‫مرارة‪ :‬هل من يحارب عدوي صديقي؟ حتى ّأن قس ًام كبرياً‬ ‫من السوريني اليوم ال يواجهون أنفسهم بسؤال العودة‪.‬‬ ‫البعض يغرق يف مرارة استدامة الرصاع ُليقيم باالستناد‬ ‫اكتئاب‬ ‫مسلوب يف‬ ‫إليها عاملاً جديداً أكرث استقراراً‪ ,‬والبعض‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫وصفه “سعيد”‪( :‬مييل املثقف كمنفي ألن يكون سعيداً‬ ‫بفكرة التعاسة)‪ ,‬والبعض م ّمن هم أكرث قدماً يف زمن النفي‪,‬‬ ‫و ُيلحظ األكرث شباباً (سن الجامعة) واألكرث تقدّماً يف العمر‬ ‫(ما فوق الخمسني) قد ارتاحوا ضمناً لقرار االستقرار يف أرض‬ ‫غريبة‪ ,‬حيث يؤسسون لحياة مختلفة متاماً‪ ,‬وهو ّية جديدة‬ ‫رمبا‪ ,‬أو ّ‬ ‫ألن العمر أقرص حتى من حلم عودة ُمشتهى إىل‬ ‫تغي بفعل الحرب والتدمري العسكري وسياسات‬ ‫وطن ّ‬ ‫ٍ‬ ‫التخطيط الدميوغرايف الجديد وقواها الراديكالية املتصارعة‪,‬‬ ‫سجلتها سنوات العمر الذي‬ ‫تغيت صورة هذا الوطن كام ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منفي سوري محكوم بزمن ّية نفيه ومعرفته‪ ,‬فمنفيوا‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫البدايات ‪ 2011-2012‬غضبهم‪ ,‬مواقفهم‪ ,‬ورآهم ومخاوفهم‬ ‫ُمغايرة بهذه الدرجة أو تلك ملنفيي املرحلة األحدث ‪2015-‬‬ ‫‪ ,2016‬معرفة الحدث والعيش معه تفرز أشباحاً تهاجم ّ‬ ‫كل‬ ‫منفي بحسب خربته‪ ,‬البعض مرتبط بصورة عنرص األمن‬ ‫ّ‬ ‫الذي يقتل و ُيع ّذب حتى املوت يف األفرع األمن ّية‪ ,‬لكن‬ ‫البعض اآلخر مرتبط بهذا وبالفتى الذي حمل سالحاً ح ّوله‬ ‫حام ملظاهرة شعبية إىل قائد ميليشا صغري يحارب‬ ‫من ٍ‬ ‫دون أيّ أوراق يستخدمها يف الحرب سوى بندقية‪ ,‬والبعض‬ ‫مرتبط باالثنني وبذاك األسود القادم من ّ‬ ‫كل صوب ليقيم‬ ‫نظام حكم ال يعرتف بالسوري الذي رحل‪ ,‬وال يقبل بقاء‬ ‫السوري إ ّال عىل صورته وشاكلته‪ .‬هؤالء أهل الفئة األخرية‬ ‫أكرث املنفيني ُحزناً وافتقاداً لألمان‪ُ ,‬مج ّردون من رفاه ّية‬ ‫خطاب حاد وحاسم يتلونه وهم يف الخارج كام فعل‬ ‫امتالك‬ ‫ٍ‬ ‫من سبقوهم‪ ,‬مأسورون بشدّة تعقيدات الشأن السوري يف‬ ‫مختلف مستوياته‪ .‬يف الحقيقة هم “مطرودون”‪ُ “ ,‬م ّ‬ ‫تخل‬ ‫عنهم” و”منبوذون” أكرث منهم منفيون‪ّ ,‬‬ ‫مم ُيثقل عليهم‬ ‫بغضب أضايف‪ ,‬ويغدو التعاطي مع سؤال “الهو ّية” أكرث‬ ‫ٍ‬ ‫حدّة وقسوة‪.‬‬ ‫طرح السؤال ال ميكننا بالرضورة من تقديم إجابات‬ ‫نهائية‪ ,‬هي خريطة إشكال ّية ومتح ّولة محكومة مبآالت‬ ‫الوضع السوري أ ّوالً وأخرياً‪ ,‬وبخصوص ّية التجربة الفرد ّية‪,‬‬ ‫وبالزمن ّية‪ .‬لكن يف املقابل‪ ,‬وكام ّأن تلك البالد تعيش أقىس‬ ‫يؤسس رغم مثنه الباهظ يف‬ ‫شتائاتها مناخ ّياً‪ ,‬أؤمن ّأن هذا ّ‬ ‫لربيع أخرض بعد سنوات قحط طويلة‪.‬‬ ‫زمن الحرب‪ٍ ,‬‬

‫‪13‬‬


‫أمي‪ّ ,‬‬ ‫كل األمهات‬

‫‪14‬‬ ‫نبال زيتونة‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫هناك يف البلدة البعيدة القريبة‪ ،‬مازلت أراها‪،‬‬ ‫أعوامها الثامنون تد ّرج عىل مداخل الدار الكبرية‬ ‫متوجس ًة‬ ‫الواسعة‪ ،‬متف ّقد ًة أحوال األبناء واألحفاد‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫رش عصاب ٍة خربتها عىل مدى نصف قرن من الزمان‪،‬‬ ‫وملست بؤسها وحقدها الذي ّ‬ ‫تجل بأبشع صوره‬ ‫عىل مدى سنوات الثورة اليتيمة‪.‬‬ ‫هناك كانت أ ّمي‪ّ ،‬‬ ‫ككل األمهات‪ ،‬وهناك أمضت‬ ‫ردحاً من عمرها تحرس الغياب‪ ،‬غياب األبناء يف‬ ‫زمن ّ‬ ‫الذل والبحث عن موارد الرزق يف طول البالد‬ ‫وعرضها‪ .‬واليوم‪ ،‬يف زمن املداهامت لعنارص تلك‬ ‫العصابة الحاقدة‪ ،‬أ ّمي تحرس قبيلة من األبناء‬ ‫واألحفاد‪ ،‬تحرس ح ّياً تناثر قلبها عىل جنباته‪.‬‬ ‫أ ّمي تسهر الليل عىل املداخل‪ ،‬وتتابع أخبار‬ ‫األوالد وتح ّركاتهم من بعيد‪ ،‬هي التي اعتادت‬ ‫يف زمن مىض أال ّ‬ ‫تتدخل يف شؤونهم‪ ،‬لكن اليوم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫األمر مختلف متاماً‪ ،‬فالبيوت عُ رضة للمداهامت‪،‬‬ ‫مهب املوت واالعتقال والتغ ّييب‬ ‫والشباب يف‬ ‫ّ‬ ‫والتعذيب!‬ ‫استجمعت سنواتك الثامنني‪،‬‬ ‫أذكر ذلك اليوم‪ ،‬كيف‬ ‫ِ‬ ‫لر ّد كيد البندق ّية‪ ،‬كيف أمسكت بها مص ّوبة‬ ‫إىل صدرك‪ ،‬محش ّوة بغدرهم‪ ،‬لحامية أحفادك‪.‬‬ ‫أذكر كيف أصابهم الذهول‪ ،‬وعجزوا عن مداراة‬ ‫املوقف‪ ،‬ليس بدافع إنسانيتهم بالتأكيد‪ّ ،‬إنا ألوامر‬ ‫بعدم إطالق النار يف تلك البلدة‪ ،‬ويف ذلك الوقت‬ ‫املب ّكر من عمر الثورة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أتذك ّرك يا أ ّمي يف حافلة نقل الركاب‪ ،‬عىل‬ ‫حاجز “الك ّباس”‪ ،‬كيف انتزع عنرص النظام‬ ‫“الساندويش” من يد طفلك الجائع مع بداية‬ ‫الحصار عىل الغوطة الرشق ّية‪ ،‬رأيت قلبك يتناثر‬ ‫عىل إسفلت الشارع بعد أن رماها ذلك العنرص‬ ‫عىل األرض‪ ،‬وداستها أقدام العسكر‪ ،‬احتقنت‬ ‫روحك بالرصاخ من ّ‬ ‫مللمت بقايا طفلك‬ ‫ذل وأمل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫إىل صدرك‪ ،‬وأنت تدركني ّأن األمومة امتياز ميلء‬ ‫ْ‬ ‫سمعت رص َاخك الس ّيد ُة العذراء‪،‬‬ ‫باألمل‪ ،‬حينها‬ ‫فاستمرأت مرارتها‪.‬‬

‫أتذك ّرك يا أ ّمي عىل مداخل فروع األمن‪ ،‬ال يه ّمك‬ ‫الشتم واإلبعاد‪ ،‬تتطاولني عىل الجرذان املتس ّلحة‬ ‫املرصوصة عىل طول الطريق‪ ،‬ملعرفة خرب عن‬ ‫تخربك الر ّبة إيزيس عن رهبة العامل‬ ‫ابنك‪ ،‬مل‬ ‫ِ‬ ‫اآلخر وظلامته‪ ،‬ومخاطر الطريق إليه‪ ،‬لكنّك آثرت‬ ‫وكنت‬ ‫الرحلة وحيد ًة‪ ،‬إ ّال من أمومتك واألمل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫هناك‪ ،‬تحملني شيخوختك والعصا‪ ،‬تطوفني خلف‬ ‫املظاهرات السلم ّية لحامية أبنائك‪ّ ،‬‬ ‫كل أبنائك‬ ‫الخارجني من “قمقم” ّ‬ ‫الذل املهني‪ .‬مل تكن عصا‬ ‫الساحر‪ ،‬كام مل تكن عصا موىس املخ ّلص‪ ،‬التي شقّ‬ ‫بها البحر ليعرب قومه‪ ،‬كانت ع ّكازة آخر العمر‪،‬‬ ‫التي تعينك يف سنواتك األخرية مشفوعة بأمومتك‬ ‫الطاغية عىل ّ‬ ‫كل مقدّسات األنبياء والرسل‪.‬‬ ‫رأيتك هناك‪ ،‬تحرسني البيوت التي غادرها أبناؤك‬ ‫مطر عىل البلدات والقرى‪،‬‬ ‫يف زمن القصف ا ُمل ِ‬ ‫يتّسع حضنك ليتامهى مع األرض والقمح والرتاب‪،‬‬ ‫ومتت ّد يدك الحانية تلملم ما تب ّقى من حياة يف‬ ‫انتظار عودة الغائبني‪.‬‬ ‫أتذ ّكرك تحملني “الشحاطة” وترضبني عنارص األمن‬ ‫الذين داهموا بيتك يف منتصف الليل العتقال‬ ‫ابنك‪ ،‬لكنّ أمومتك ال تنام‪ ،‬ومل يكن لديك سالح‬ ‫يوازي همج ّيتهم‪ .‬يا أ ّماً ال تعدم وسيلة لحامية‬ ‫أبنائها‪ .‬وهناك كنت مشبوح ًة ومع ّلقة يف زنازين‬ ‫اعرتفت عىل نفسك بإدخال حليب‬ ‫ألنك‬ ‫ِ‬ ‫الطغاة‪ِ ،‬‬

‫األطفال إىل “دار ّيا” املحارصة‪ ،‬لتخليص ابنك من‬ ‫املوجهة إليه‪ ،‬فكان احتامل األمل الجز َء‬ ‫التهمة ّ‬ ‫األهم من أمومتك‪ ،‬أنت املقدّسة التي تتج ّرع األمل‬ ‫َّ‬ ‫خالصاً لألبناء‪.‬‬ ‫من ينىس صورك يف الحصار‪ ،‬عىل امتداد مدنٍ‬ ‫وبلدات بحجم عهر هذا العامل ومدى نزيفه‬ ‫ٍ‬ ‫زرعت حطام البيوت ليقتات أبناؤك‪،‬‬ ‫األخالقي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫غضبت “دمييرت” آلهة الطبيعة والنبات عند‬ ‫لتجدب األرض‪ ،‬أ ّما غضبك فأخصب‬ ‫اإلغريق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قوتاً‬ ‫ألبنائك الجائعني‪ .‬ومن ينىس وقع خطواتك‬ ‫ِ‬ ‫عىل دروب اللجوء‪ ،‬ته ّز ضامئر من ال ضامئر لهم‪،‬‬ ‫تحملني متاعك ّ‬ ‫دت‬ ‫الرث وحفن ًة من صغار‪ُ ،‬ج ِ‬ ‫رب طاملا‬ ‫عليهم بأمومتك الحانية تنتظرين رحمة ّ‬ ‫انتظرتها!‬ ‫مل تكوين “ديانا” الرومان ّية‪ ،‬أو “أرتيمس” اإلغريق ّية‬ ‫آلهة الصيد وحامية األطفال‪ ،‬ومل تحميل قوساً وال‬ ‫كنت األ ّم السور ّي َة العظيمة بعذاباتها‬ ‫جعبة سهام‪ِ ،‬‬ ‫وموتها وأملها والحياة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وختاماً أمت ّثل قول الكاتب اليوناين “دميرتي‬ ‫أفيريينوس”‪( :‬مقد ٌ‬ ‫ّسة ك ُّلها‪ ،‬حجراً حجراً‪ ،‬هذه‬ ‫األرض ٌ‬ ‫كوخ آلله ٍة سكنت معنا‪ ،‬نجم ًة نجمة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫روح‬ ‫وأضاءت لنا ليايل الصالة‪ ،‬مشينا حفاة‬ ‫لنلمس َ‬ ‫َ‬ ‫روح الهوا ِء‬ ‫وسنا عرا ًة لتُل ِب َسنا‬ ‫الروح‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫الحىص‪ِ ،‬‬ ‫بات الطبيع ِة)‪.‬‬ ‫ه‬ ‫إلينا‬ ‫نسا ًء ُي ِعد َْن‬ ‫ِ ِ‬


‫في الحصار أيضًا كنت‬ ‫أبحث عنك‬

‫بشرى البشوات‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫أرغب حقيقة يف معانقته لكنني مل أفعل كثرياً منذ‬ ‫سنوات الحصار‪.‬‬ ‫فالرشك الذي طاملا نصب لنا ووقعنا فيه تسعى‬ ‫دامئا حضارة الرجل إىل تجديده‪ ،‬وما علينا سوى أن‬ ‫نحسن الوقوع فيه‪.‬‬ ‫عب عن العالقة بني الرجل واملرأة كظاهرة‬ ‫ُي ّ‬ ‫اجتامعية من خالل مؤسسات وبنى اجتامعية‬ ‫وثقافية ودينية‪ ،‬تبدو فيها سطوة الرجل‪ ,‬وم ّرد‬ ‫سطوة االنتصار هذه إىل وهم التف ّوق وحسم‬ ‫مسألة الرصاع الزائف ألجله‪.‬‬ ‫يف سينام املخرج السويدي “انغامر بريغامن”‬ ‫وبلحظة ما يعرتف ممثلوه بجملة من الخطايا‪،‬‬ ‫االعرتاف بالخطيئة نتيجة الخروج إىل هذا العامل‪,‬‬ ‫واالعرتاف بنمو طفلة يف جسد امرأة‪ ،‬واالعرتاف‬ ‫األخري ّ‬ ‫بأن هذه املرأة رمبا متوت وقد فشلت يف‬ ‫الحب وضاق العامل عن احتضان أحد لها‪ .‬لكن‬ ‫يف الحصار يستمر إبقاء املرأة مشغولة البال غري‬ ‫مرتاحة بتواتر مقيت‪ ،‬عىل املرأة أن تتدّبر النجاة‬ ‫من تلك العاصفة ا ُمل ّ‬ ‫سمة “الحرب” التي قطعت‬ ‫كل ذلك اللحم وتركت كل أولئك النساء يف نزيف‬ ‫مستمر‪.‬‬ ‫يدخل حصار الغوطة سنته الرابعة تقريباً‪ ,‬ومل تنجح‬ ‫كل التقارير والربامج والتحقيقات التي أعدت عن‬ ‫الحصار‪ ،‬يف إيصال العمق والبعد اإلنساين الحقيقي‬ ‫ملعاناة النساء‪ ،‬فالرجل املتحفز واليقظ والفعال‪،‬‬ ‫الرجل الذي يقفز هنا ويقاتل هناك ويرفض أن‬ ‫يرتاجع‪ ،‬هو ذاته الذي نيس كيف يعانق الحبيبة‪.‬‬ ‫فالرجل الذي يبيك يف حضن أمه ويعانق أخته‪ ،‬ال‬ ‫يستطيع أن ميطر الحبيبة أو الزوجة ولو بنظرة‪،‬‬ ‫يف باطن العالقة يصري األمر مختلفاً‪ .‬هناك حقيقة‬ ‫ترصدها مقاربة مختلفة لعلم النفس‪ ،‬وهنا نتذكر‬ ‫رأي عام النفس األشهر “فرويد” من ّأن داخل‬ ‫اإلنسان يتك ّون من ثالث مستويات (الشعور‪-‬‬ ‫الال شعور‪ -‬والهذا)‪ ,‬فحني يذهب هذا العلم يف‬ ‫البحث بعيداً إىل ما “بعد الشعور”‪ ,‬يضعنا أمام‬

‫داللة صادقة تفيد ّ‬ ‫بأن القاع النفيس للرجل مغمور‬ ‫ً‬ ‫بالحرص ويضمر بعداً عقديا يف التعاطي مع املرأة‬ ‫الحبيبة‪ .‬فاملرأة التي أودعت روحه يف رحمها‬ ‫تحولت يف قاع نفسه إىل رمز للموت‪ ،‬فيموت‬ ‫ألجلها لكن ال يستطيع أن يعانقها‪ ،‬يف حني تبحث‬ ‫هي عن جسدها بني أجساد األخريات يف هذا‬ ‫البيت املحارص الذي يضج بالنساء‪ ،‬شقيقات وأم‪،‬‬ ‫وزوجات أخوة‪.‬‬ ‫نحن منيل إىل الوجع أكرث حتى لو حاربنا الرش‪،‬‬ ‫البرش مييلون إىل الترصف بغباء‪ّ ,‬‬ ‫كأن نترصف‬ ‫منطلقني مام نسميه دوافع عليا‪ ،‬ال ميكن أن يكون‬ ‫كل هذا الدمار هو دمار عشوايئ‪ ،‬إ ّنه تدمري ممنهج‬ ‫ويقصد منه قتلهاهي دون غريها‪ ,‬أي قتل املرأة‪،‬‬ ‫وعليه ّ‬ ‫فإن كل الخطابات التي هدفت إىل تقليص‬ ‫البؤس والفقر والنبذ وكل أشكال اإلقصاء التي‬ ‫مورست ضد املرأة هي خطابات جوفاء‪.‬‬ ‫تعيش املرأة تحت الحصار وخارجه‪ ,‬تعيش يف‬ ‫يتكشف يوماً‬ ‫الحياة حالة اغرتاب قصوى يف عامل ّ‬

‫بعد آخر عن كونه سجنها الكبري‪ ،‬يف هذا العامل‬ ‫تحولت املرأة إىل موضوع سلعي‪ ،‬أدرجها الرجل‬ ‫يف حضارة شاء أن تكون حضارته هو‪ ،‬بوصفها‬ ‫أحد أمثن األشياء عىل قامئة السلع وأجملها‪ .‬لتغدو‬ ‫املرأة كائن االغرتاب املضاعف‪ ،‬أوالً ألنها اغرتبت‬ ‫أحست باالغرتاب‬ ‫يف دنيا الرجال‪ ,‬وثانياً ألنها حني ّ‬ ‫وخالجها التوق إىل الحرية‪ ،‬راحت ترى إىل ذاتها‬ ‫كام إىل العامل بعني الرجال‪ ،‬مبفاهيمهم وتصوراتهم‬ ‫فهي كمن استعار مرآة الرجل يك ترى ذاتها‪ ،‬فام‬ ‫رأت سوى شبح توهمت أنه املرأة‪.‬‬ ‫يف الحرب ميوت الرجل رمبا مرة واحدة يف حرب‬ ‫اخرتعها هو وسيوقفها هو‪ ،‬فيام موت املرأة م ّرات‬ ‫مضاعفة‪ ،‬فال الحرب حربها وال السلم بيدها‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك تبيك املرأة دماً عىل زوج أو أخ أو ابن أو‬ ‫حبيب أو قريب‪ .‬يف عامل ال يعرف الحصار‪ ,‬لن‬ ‫ترسل األم أبنائها إىل الحرب‪ ،‬وستقول املرأة التي‬ ‫كانت يف الحصار لن أبحث عنك بعد اآلن‪ ،‬ألنك‬ ‫اآلن هنا‪ ،‬هنا‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫إعدامات ّ‬ ‫تطال مدنيين في منبج‪،‬‬ ‫والمعارك القتالية محتدمة‬

‫‪16‬‬ ‫شيخو‬ ‫كمال‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫تقارير‬

‫طالت سلسلة اإلعدامات التي ينفذها عنارص تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية ‪ 24‬مدنياً عىل األقل‪ ،‬من قرية البوير الواقعة عىل بعد‬ ‫عرشة كيلومرتات شامل غرب مدينة منبج‪ ،‬بحسب شهود نجوا‬ ‫من الحادثة‪.‬‬ ‫القرية كانت خاضعة لسيطرة قوات سورية الدميوقراطية قرب‬ ‫مدينة منبج يف محافظة حلب بشامل سوريا‪ ،‬لكنها تعرضت‬ ‫لهجوم وصف بأنه “عنيف ومباغت” شن ُه عنارص التنظيم يف‬ ‫التاسع والعرشين من شهر متوز‪/‬يوليو املايض‪ ،‬عىل عدة قرى يف‬ ‫ريف منبج الشاميل الغريب‪ ،‬ومت ّكن التنظيم مبوجبه من السيطرة‬ ‫لساعات عىل هذه القرى‪ ،‬إال انه رسعان ما انسحب إىل معقله‬ ‫بعد اشتباكات عنيفة مع قوات سورية الدميوقراطية واملجلس‬ ‫العسكري ملدينة منبج‪.‬‬ ‫اإلسالمية” بأنها‬ ‫وتتهم جهات محلية ودولية عنارص تنظيم “الدولة ّ‬ ‫تستخدم املدنيني دروعاً برشية يف معركة مدينة منبج الواقعة‬ ‫عىل طريق إمداداتها الرئيسية بني سوريا وتركيا‪ ،‬عىل أثر خسارتها‬ ‫أمام تقدم قوات سورية الدميقراطية بعد أن أعلنت األخرية معركة‬ ‫اإلسالمي‬ ‫الستعادتها يف ‪ 31‬أيار‪/‬مايو املايض من قبضة التنظيم ّ‬ ‫املتشد ّد والذي يسيطر عليها منذ بداية العام ‪.2014‬‬ ‫هدنة إنسانية‬ ‫وتلقى العمل ّية العسكر ّية التي تقوم بها قوات سورية الدميقراطية‬ ‫يف منبج دع ًام جوياً من طريان التحالف الدو ّيل ومبشاركة‬ ‫مستشارين عسكر ّيني من الواليات املتّحدة األمريك ّية‪.‬‬ ‫ويف الثالث والعرشين من شهر متوز‪/‬يوليو املايض‪ ،‬أعلنت قوات‬ ‫سورية الدميقراطية هدنة إنسانية ملدة ‪ 48‬ساعة‪ ،‬تفيض بجالء‬ ‫املدنيني والجرحى من املنطقة التي يسيطر عليها مقاتلو التنظيم‬ ‫والسامح بفتح “معابر آمنة” تتيح للسكان‬ ‫املحارصين مبركز منبج‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الفرار‪ ،‬يف مقابل ترك القوات بعبور عنارص التنظيم املصابني‬ ‫والجرحى إىل مدينة الباب املجاورة‪.‬‬ ‫بيد ّإن أمري منطقة الباب التابعة لسيطرة “تنظيم الدولة” رفض‬ ‫املبادرة‪ ،‬وأقرتح صيغة ثانية نصت عىل‪“ :‬فك الحصار عن املدنيني‬ ‫املرىض فقط مبنبج الذين يعانون من حاالت صعبة يف مدينة منبج‪،‬‬ ‫نحو مناطق قوات املجلس العسكري ملدينة منبج‪ ،‬مقابل‬ ‫ليتجهوا ّ‬ ‫أن يجري خروج جرحى التنظيم من املدينة”‪ ،‬كام نقلت إحدى‬ ‫صفحات “الفيسبوك” املقربة من التنظيم‪.‬‬ ‫ولدى لقائه مع “طلعنا عالحرية” أكد رشفان دريوش الناطق‬ ‫الرسمي للمجلس العسكري ملدينة منبج وريفها أن‪“ :‬املدنيني‬ ‫األبرياء يف منبج باتوا رهائن لدى التنظيم اإلرهايب من أجل‬ ‫توظيفهم لغايات التنظيم املتطرف‪ ،‬هذا األمر يكشف لنا مجدداً‬

‫نعتربهم جزءاً من مسؤوليتنا األخالقية‬ ‫والقانونية من أجل الحفاظ عىل حياتهم‪،‬‬ ‫مثل مسؤوليتنا األخالقية حيال قواتنا‬ ‫العسكرية الدفاعية”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتبعد مدينة منبج حوايل ‪ 40‬كيلومرتا فقط‬ ‫عن الحدود الرتك ّية‪ ،‬و‪ 80‬كيلومرتاً شامل‬ ‫رشق مدينة حلب‪ .‬وكان يبلغ عدد سكانها‬ ‫نحو ‪ 150‬ألف نسمة قبل اندالع النزاع‬ ‫ّ‬ ‫األخري‪ ،‬أما سيطرة “تنظيم الدولة” عليها‬ ‫فكان بتاريخ ‪ 23‬كانون الثاين‪/‬يناير من عام‬ ‫‪.2014‬‬ ‫وأكد درويش يف ختام حديثه ّ‬ ‫بأن قواته‬ ‫ملتزمة بقدر املستطاع بتأمني خروج آمن‬ ‫ألي مدين يرغب بالتوجه إىل املناطق‬ ‫املحررة‪ ،‬وقال‪“ :‬سنحمي كل من لديه‬ ‫ّ‬ ‫القدرة عىل الفرار من قبضة داعش‪ ،‬كام‬ ‫نعمل عىل تأمني حياتهم إىل جانب املهام‬ ‫العسكرية امللقاة عىل عاتقنا يف تحرير‬ ‫املدينة من رجس اإلرهاب” عىل حد‬ ‫تعبريه‪.‬‬ ‫ومت ّكنت هذه القوات والتي تشكل‬ ‫وحدات حامية الشعب الكردية عمودها‬ ‫الفقري‪ ،‬من دخول منبج‪ ،‬لكنها ال تزال‬ ‫تواجه مقاومة تحول دون طرد الجهاديني‬ ‫الذين يستخدمون يف مقاومتهم التفجريات‬ ‫االنتحارية والسيارات املفخخة‪.‬‬ ‫أن املدنيني يف هذه الحرب أصبحوا ورقة مقايضة بيد عنارص داعش”‪ .‬وبخسارة التنظيم مدينة منبج‪ ،‬يكون قد‬ ‫مدنيون عالقون‬ ‫اتيجي والوحيد ا ّلذي‬ ‫فقد املنفذ االسرت ّ‬ ‫وأضاف دريوش‪“ :‬أطلقنا املبادرة من أجل هذا الهدف سيام أننا يربط مناطق نفوذه يف سوريا والعراق مع‬ ‫ال نعترب أنفسنا يف حالة حياد تجاه حياة املدنيني وخالصهم‪ ،‬بل الحدود الرتك ّية‪ ،‬وا ّلذي كان مبثابة طريق‬

‫الرئييس للجهاد ّيني القادمني من‬ ‫العبور‬ ‫ّ‬ ‫الدول األوروب ّية وبق ّية أنحاء العامل‪.‬‬ ‫تزايد عد ّد الفارين‬ ‫وذكر ناشطون أن أكرث من ‪ 125‬ضحية‬ ‫سقطت جراء غارة نفذتها قوات التحالف‬ ‫يف قرية التوخار قرب منبج يف ريف حلب‬ ‫بتاريخ ‪ 19‬متوز‪/‬يوليو الجاري‪ ،‬غالبيتهم‬ ‫كانوا من النساء واألطفال‪.‬‬ ‫ودعا رئيس االئتالف الوطني املعارض أنس‬ ‫العبدة يف العرشين من الشهر املايض‪،‬‬ ‫التحالف الدويل إىل تعليق العمليات‬ ‫العسكرية بشكل فوري إلتاحة الفرصة‬ ‫للتحقيق املستفيض يف هذه الحوادث‪.‬‬ ‫وشد ّد العبدة يف رسالة خاطب فيها وزراء‬ ‫خارجية دول التحالف املجتمعني بالعاصمة‬ ‫األمريكية واشنطن يف العرشين من الشهر‬ ‫املايض‪ ،‬عىل أن “هذه التحقيقات ال يجب‬ ‫أن تفيض إىل مراجعة القواعد اإلجرائية‬ ‫للعمليات املستقبلية فحسب‪ ،‬بل أن‬ ‫تصب يف محاسبة املسؤولني عن مثل تلك‬ ‫االنتهاكات الجسيمة”‪.‬‬ ‫ويقدّر عدد املدنيني العالقني مبدينة منبج‬ ‫عند حدود مئة ألف‪ ،‬بحسب نشطاء‬ ‫وسكان من املدينة مت ّكنوا من الفرار إىل‬ ‫مناطق سيطرة قوات سورية الدميقراطية‪.‬‬ ‫واستطاع أكرث من خمسني ألف الفرار‬ ‫من قبضة التنظيم‪ ،‬وكشف العديد منهم؛‬ ‫أنه يوماً بعد يوم يزداد عدد الهاربني من‬ ‫املنطقة الخاضعة لسيطرة “تنظيم الدولة”‬ ‫عىل إثر اشتداد املعارك املحتدمة فيها‪.‬‬


‫نشرة اقتصادية‬ ‫وائل موسى‬

‫غرفة الصناعة‬ ‫السورية في اجتماع‬ ‫مع رئيس حكومة‬ ‫النظام لدعم إعادة‬ ‫اقالع المعامل‬ ‫المتوقفة‬

‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫أوردت صحيفة الثورة الرسمية لحكومة النظام‬ ‫السوري خرباً حول اجتامع الحكومة برئاسة‬ ‫املهندس عامد خميس رئيس مجلس الوزراء مع‬ ‫اتحاد غرف الصناعة وقد ذكرت فيه تركيز االجتامع‬ ‫عىل ما سمته بالشفافية والتكامل والتشاركية بني‬ ‫الحكومة والصناعيني لدعم واستمرار التنمية‬ ‫االقتصادية والصناعية يف املرحلة القادمة إىل جانب‬ ‫توطني الصناعات يف مناطق إنتاجها وتحقيق تكافؤ‬ ‫الفرص لكل الصناعيني وتفعيل املدن الصناعية يف‬ ‫حلب وحمص ودمشق وريفها وتقديم كل وسائل‬ ‫الدعم إلعادة إقالع املعامل املتوقفة جزئياً أو كلياً‪.‬‬ ‫وقد ورد يف نص الخرب عن أن االجتامع بحث االتجاه‬

‫املشرتك للقطاعني العام والخاص الستنهاض الواقع‬ ‫الصناعي وتعزيز املشاركة باتخاذ القرار االقتصادي‬ ‫وفتح قنوات مبارشة للتواصل مع الصناعيني‬ ‫ورجال األعامل وال سيام من «ساهموا يف الدفاع‬ ‫عن سورية»‪ .‬إضافة إىل «إلغاء االنتقائية» وتحقيق‬ ‫العدالة‪.‬‬ ‫إىل هنا نتوقف عن النقل من الصحيفة وضمن‬ ‫مراجعة رسيعة حول الواقع الصناعي يف سوريا‪،‬‬ ‫ومن باب التذكري فقط‪ ،‬وبعد مرور أكرث من‬ ‫خمسة أعوام عىل انطالق الثورة السورية وإرصار‬ ‫النظام الحاكم عىل اتخاذ سياسة التدمري ألجل‬ ‫الحفاظ عىل بقائه‪ ،‬فقدت سوريا خالل هذه‬

‫وبالعودة إىل الخرب يف صحيفة الثورة‪ ،‬ال يوجد أسئلة‬ ‫تطرح نفسها حول مصري هذه املصانع وأصحابها‪،‬‬ ‫فالجواب ورد يف نفس االجتامع من خالل التأكيد‬ ‫عىل التواصل مع الصناعيني ورجال األعامل ممن‬ ‫<<ساهموا يف الدفاع عن النظام السوري املجرم>>‪،‬‬ ‫أما عبارة «إلغاء االنتقائية» وتحقيق العدالة‪ ،‬فهي‬ ‫برسم املفرسين عىل أهواء النظام لتحقيق العدالة‬ ‫للمستفيدين من وجوده من تجار الدماء الذين‬ ‫ال يزالون يستغلون وجود النظام حتى آخر رمق‬ ‫لتحقيق مكاسبهم عىل حساب دماء وشقاء الشعب‬ ‫السوري متخذين من شعار النظام (األسد أو نحرق‬ ‫البلد ) ذريعة لهم‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬

‫الفرتة عدداً من الصعب احصاؤه من املنشئات‬ ‫الصناعية الكبرية واملتوسطة والصغرية التي كانت‬ ‫تحيي االقتصاد السوري وتدعم اسواقه الداخلية‪،‬‬ ‫فقد بات عىل سوريا استرياد أبسط الصناعات مثل‬ ‫األطباق الكرتونية املخصصة للبيض نتيجة توقف‬ ‫صناعتها‪ ،‬وتوقف عدد كبري من ورشات الخياطة‬ ‫ومصانع األلبسة وغريها الكثري من الصناعات‬ ‫املهمة واملؤثرة عىل الواقع املعييش‪ ،‬وبات أصحاب‬ ‫هذه املصانع بني مهجر والجئ‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫األمن الغذائي في خبر كان والنظام يطلق مشروع ًا لتشجيع‬ ‫الزراعة األسرية ويسعى لمنحة من برنامج األغذية العالمي‬

‫• توفر كميات كافية من الغذاء بنوعية جيدة‪.‬‬ ‫• توفر إمكانية الحصول عىل الغذاء الكايف لألفراد واألرس‪.‬‬ ‫• توفر رشوط التغذية الجيدة مبا فيها الوجبات املنتظمة‪،‬‬ ‫الصحية‪ ،‬املاء النظيف والرشوط الصحية‪-‬الصحة العامة‪.‬‬ ‫حذرت املنظمة الدولية من انهيار النظام الزراعي يف‬ ‫سوريا بسبب الحرب‪ ،‬إذ “ستدخل البالد يف مواجهة صعبة‬ ‫لتوفري الغذاء لسكانها ولسنوات كثرية”‪.‬‬ ‫وقدرت “الفاو” العجز يف القمح السوري يف ‪ 2015‬بنحو‬ ‫‪ 800‬ألف طن عن حاجة السوق املحلية‪ ،‬التي تقدرها‬

‫اقتصاد‬

‫مل تشفع آلة الحرب ملساحات سوريا الزراعية مام أدى‬ ‫إىل انخفاض كبري يف املساحات املزروعة انعكس عىل‬ ‫األسواق بنقص كبري يف املواد الغذائية حتى استدعت‬ ‫الحاجة إىل االسترياد لتعويض النقص‪.‬‬ ‫إال أن االسترياد ليس بكفيل دائم ملعالجة األزمة‬ ‫الغذائية‪ ،‬وتسعى الحكومة السورية إلطالق مرشوع‬ ‫يشجع عىل الزراعة األرسية وذلك بتمويل ‪ 5000‬أرسة‬ ‫يف السنة األوىل للمرشوع موزعة عىل ‪ 50‬قرية يف‬ ‫محافظات ريف دمشق وطرطوس وحلب والالذقية‬ ‫وحامة‪ ،‬وتظن حكومة النظام بأن مرشوعها كفيل‬ ‫بتأمني االكتفاء الذايت لألرس املحتاجة وبشكل خاص‬ ‫للعائالت شديدة الفقر وذوي الشهداء والعائالت التي‬ ‫تعيلها النساء‪.‬‬ ‫وتعريف األمن الغذايئ بحسب املنظمة العاملية‬ ‫للغذاء والزراعة (الفاو)‪ ،‬هو توفر اإلمكانية الفيزيائية‬ ‫واالقتصادية‪-‬االجتامعية لكافة البرش للحصول عىل‬ ‫الغذاء الكايف والصحي الذي يؤمن العنارص الغذائية‬ ‫الرضورية للقيام بفعاليات الحياة الصحية‪.‬‬ ‫فاألمن الغذايئ يتطلب توفر الجوانب التالية‪:‬‬

‫مؤسسة تجارة الحبوب السورية بنحو ‪ 3,2‬مليون‬ ‫طن‪.‬‬ ‫ويف بيان صحفي مشرتك صادر عن الفاو وبرنامج‬ ‫األغذية العاملي يف روما‪ 29 ،‬يوليو ‪ – 2016‬يف تقرير‬ ‫قدمتاه إىل مجلس األمن الدويل‪ ،‬حذرت منظمتان‬ ‫أمميتان من أن النزاعات الطويلة يف ‪ 17‬بلداً تسبب‬ ‫االنعدام الشديد يف األمن الغذايئ ملاليني الناس وتعيق‬ ‫الجهود الدولية للقضاء عىل سوء التغذية‪.‬‬ ‫ووفقاً لسلسلة جديدة من البيانات املوجزة الخاصة‬ ‫بسبعة عرش بلداً أعدتها منظمة األمم املتحدة لألغذية‬ ‫والزراعة (الفاو) وبرنامج الغذاء العاملي تأيت سوريا يف‬ ‫املرتبة الثانية حيث يحتاج ‪ 8.7‬مليون شخص‪ ،‬أي ‪37‬‬ ‫باملائة من عدد السكان قبل األزمة‪ ،‬إىل مساعدات‬ ‫غذائية وتغذوية ومعيشية عاجلة‪.‬‬ ‫يأمل النظام السوري يف سعيه للحصول عىل منحة من‬ ‫برنامج األغذية العاملي لتتميم مرشوعه املقترص عىل‬ ‫األماكن التي يستطيع الوصول إليها متجاه ًال دوره يف‬ ‫االخالل باألمن الغذايئ ومساهمته يف تجويع املناطق‬ ‫املحارصة‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫ّ‬ ‫الحاج صالح يبحث‬ ‫السوري ياسين‬ ‫ّ‬ ‫في “الثقافة كسياسة”‬ ‫طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬ ‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫ثقافة‬

‫“الثقافة كسياسة” عنوان الكتاب الفكري الجديد‬ ‫الحاج صالح‪ ،‬والصادر حدي ًثا‬ ‫للكاتب السوريّ ياسني ّ‬ ‫عن املؤسسة العربية للدراسات والنرش‪ ،‬وفيه‬ ‫يتناول املؤلف الدور املنوط باملثقفني ومسؤولياتهم‬ ‫االجتامعية يف زمن اإلستبداد والتسلط‪ ،‬ومن وصفهم‬ ‫بـ”الغيالن”‪ .‬جاء عىل غالف الكتاب الخارجي‪“ :‬الثقافة‬ ‫قوة سياسية مبا هي ثقافة‪ ،‬مبا هي شكل من أشكال‬ ‫العمل العام له شخصيته الخاصة وكرامته الذاتية‪ .‬من‬ ‫واجب املثقفني أن يتدخلوا يف السياسة يف كل وقت‪،‬‬ ‫يف أوقاتنا الدموية اليوم خاصة‪ ،‬وأن يقولوا كال ًما‬ ‫واضحا عن السلطة وعن السجن والتعذيب والعنف‬ ‫ً‬ ‫والتمييز والقتل واملنفى والكراهية والتحقري والتعصب‬ ‫والعنرصية”‪ .‬مضي ًفا‪“ :‬لكن هناك شيئاً واحداً أسوأ من‬ ‫أن يعمل املثقفون كسياسيني عمليني‪ .‬هو زعم املثقف‬ ‫بأن مجاله هو الفكر أو الفن‪ ،‬وأنه لن ( ُيل ّوث) نفسه‬ ‫بالسياسة وشؤونها‪ .‬يف مثل رشوطنا الراهنة‪ ،‬هذا‬ ‫املسلك اسرتاتيجية تربر الراهن دو ًما‪ ،‬وال تربر غريه‪.‬‬ ‫حني ُيقتل الناس بكل طريقة‪ ،‬حني ُيذ ّلون ويهانون‪،‬‬ ‫حني يحارصون و ُيج َّوعون وميوتون جوعًا‪ ،‬وحني يكون‬ ‫ذلك سياسة عامة شعارها هو (الجوع أو الركوع)‪،‬‬ ‫حني ُتغتَصب النساء واألطفال يف مقرات أجهزة األمن‪،‬‬ ‫حني ُيقتل املئات منهم بالغازات السامة خالل ساعة‪،‬‬ ‫حني يدفنون تحت أنقاض بيوتهم املقصوفة بالرباميل‬ ‫املتفجرة؛ فإن من يتعاىل حينها عىل السياسة فاقد‬ ‫لإلحساس ولإلنسانية ذاتها‪ ،‬ويغلب أن يكون هذا‬ ‫التعايل قناعًا لالنحياز إىل األوضاع القامئة‪ ،‬وهو يجرد‬ ‫نفسه من القدرة عىل إدانة قتلة آخرين إدانتهم‬ ‫واجبة‪“ :‬داعش” وأخواته‪ .‬هذا أصل بعض صمت‬ ‫الصامتني؛ تصمت ُلزمن طويل عىل قاتل تواليه‪ ،‬فال‬ ‫يبقى لك وجه للكالم عىل قاتل صاعد تعاديه”‪.‬‬ ‫ويرى صاحب كتاب “بالخالص يا شباب”‪ ،‬يف مؤلفه‬ ‫الذي جاء يف ‪ 288‬صفحة من القطع الكبري‪ ،‬وهو‬ ‫الكاتب الليربايل الدميقراطي‪ ،‬ذو التوجهات اليسارية‬ ‫غري األيديولوجية‪ ،‬وهو من الناقدين للنظام السوري‬ ‫واملتناولني لشأن اإلسالم السيايس‪ ،‬يرى أنه “ال ميكن‬ ‫للخوف أو لعواقب قول الحقيقة أن يكون مس ّو ًغا‬ ‫كاف ًيا لاللتزام مبح ّرمات ُيفرتض أن تحدّيها وانتهاكها‬

‫هو تعريف املثقف بالذات حتى قبل أن يكون واجبه”‪.‬‬ ‫مؤكدًا أن املوضوع “أهم من أن ُيسكت عنه من جهة‪،‬‬ ‫واملعنيون فئة يتمتع أفرادها بحصانة نسبية أكرب من غريها‬ ‫من جهة ثانية”‪ .‬من سرية ومسرية مثقف عضوي‪ُ ..‬يعد‬ ‫الحاج صالح من أبرز املثقفني السوريني‬ ‫الكاتب ياسني‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫والعرب العضويني ومن أكرث الكتاب تواصل مع الشباب‬ ‫عرب مواقع التواصل اإلجتامعي‪ .‬ومع اندالع الثورة السورية‬ ‫يف آذار‪ /‬مارس ‪ 2011‬اعترب من ّ‬ ‫منظري الحراك الشعبي‬

‫والحاج صالح سجني سيايس سابق يف‬ ‫السوري الرئيسيني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫معتقالت النظام السوري‪ ،‬حيث اعتقل سنة ‪ 1980‬بتهمة‬ ‫اإلنتامء إىل تنظيم شيوعي‪ ،‬وقىض يف السجن ‪ 16‬سنة‪ .‬وهو‬ ‫من مواليد الرقة ‪ ،1961‬وقد غادر العاصمة دمشق إىل‬ ‫ريفها وتحديدًا إىل الغوطة الرشقية بعد عامني من انطالقة‬ ‫الثورة‪ ،‬ليعيش حوايل ثالثة أشهر يف بلدة دوما الثائرة قبل‬ ‫أن ينتقل إىل مسقط رأسه (الرقة)‪ ،‬التي كان قد احتلها‬ ‫تنظيم “داعش” اإلرهايب ما أجربه عىل متابعة التخفي إىل‬ ‫أن غادر يف شهر ترشين األول‪ /‬أكتوبر ‪ 2013‬إىل اسطنبول‬ ‫حيث يقيم حال ًيا‪.‬‬ ‫وكان أن اختطفت زوجته الناشطة السياسية سمرية‬ ‫الخليل‪ ،‬والتي كانت قد قضت قبل الثورة أربعة سنني‬ ‫مبعتقالت األسد األب‪ ،‬يف التاسع من كانون األول‪ /‬ديسمرب‬ ‫‪ 2013‬مع رفيقتها الناشطة رزان زيتون وزوجها املحامي‬ ‫وائل حامدة‪ ،‬وصديقهم الناشط الحقوقي ناظم حامدي‪،‬‬ ‫وذلك من قبل معارضني متشددين يف مدينة دوما بالغوطة‬ ‫الرشقية‪ ،‬بسبب نشاطاتهم السلمية الداعمة للحراك‬

‫الثوري ضد نظام بشار األسد!‪.‬‬ ‫الحاج صالح يف العديد من الصحف واملجالت‬ ‫ينرش ّ‬ ‫العربية‪ ،‬وله تأثري واسع يف الساحة الثقافية السورية‬ ‫والعربية‪ .‬وكان أن ساهم يف بدايات العام ‪ 2012‬مع‬ ‫مجموعة من الكتاب والباحثني السوريني يف تأسيس‬ ‫“مجموعة الجمهورية لدراسات الثورة السورية”‪ ،‬التي‬ ‫تحولت إىل منرب ثقايف وفكري لتغطية الشأن السوري‬ ‫خالل سنوات الثورة‪ .‬وقد صدر له من الدراسات‬ ‫والكتب‪ ،‬دراسة بعنوان‪“ :‬سوريا من الظل‪ :‬نظرات‬ ‫داخل الصندوق األسود”‪ ،‬صدرت عام ‪ 2010‬عن دار‬ ‫جدار للثقافة والنرش‪ .‬ويف العام ‪ 2011‬صدر كتاب‬ ‫“أساطري اآلخرين‪ :‬نقد اإلسالم املعارص ونقد نقده”‪،‬‬ ‫عن دار الساقي البريوتية‪ ،‬والذي يساجل فيه تيارات‬ ‫اإلسالم السيايس ويطرح أسئلة استشكالية عن جملة‬ ‫القضايا الفكرية والسياسية واألخالقية التي يطرحها‬ ‫وضع (اإلسالم) يف العامل املعارص‪ .‬ويف العام ‪ 2012‬صدر‬ ‫له كتاب “السري عىل قدم واحدة” عن دار اآلداب‬ ‫البريوتية‪ ،‬وفيه يتناول قضايا متفرقة يف الشأن السوري‪،‬‬ ‫كنقد الخطاب الرسمي ومامرسات نظام األسد”‪ .‬ويف‬ ‫الحاج صالح‪ ،‬كتابه‬ ‫نفس العام (‪ )2012‬أصدر ياسني ّ‬ ‫األبرز “بالخالص يا شباب”‪ ،‬عن دار الساقي (بريوت)‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مستعرضا ‪ 16‬عا ًما من عمره قضاها يف معتقالت نظام‬ ‫طارحا فيه تأمالته العميقة التي راودته يف‬ ‫األسد األب‪ً ،‬‬ ‫املعتقل وبعد املعتقل‪ ،‬وكيف استطاع “ترويض وحش‬ ‫السجن” وتحويله إىل تجربة انعتاق حقيقية‪ ..‬انعتاق‬ ‫عرب الرصاع مع السجن ومع النفس ومع الغري‪ ،‬وعرب‬ ‫التعلم من الرفاق ومن الكتب‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫“وداعا للحياة‪..‬‬ ‫ً‬ ‫كمهنة‬ ‫قديمة”‪..‬‬ ‫للكردية‬ ‫السورية‬ ‫دلشان انقلي‬

‫صدور الترجمة‬ ‫التشيكية‬ ‫واية “رهائن‬ ‫لر‬ ‫الخطيئة”‬ ‫للسور ّي هيثم‬ ‫حسين‬ ‫التشيكية من رواية‬ ‫ورية التشيك النسخة‬ ‫يف مدينة براغ بجمه‬ ‫شيكية يانا برجيسكا‪،‬‬ ‫صدرت مؤخ ًرا‪،‬‬ ‫ني‪ ،‬برتجمة األكادميية الت‬ ‫ة” للسور ّي هيثم حس‬ ‫“نادي القلم التشييك‪”.‬‬ ‫يئ‬ ‫“رهائن الخط‬ ‫ريجي ديدجيك‪ ،‬رئيس‬ ‫عر والكاتب التشييك ي‬ ‫ظمة “مبادرة من أجل‬ ‫وتقديم الشا‬ ‫ي القلم التشييك” ومن‬ ‫رتجمة بالتعاون بني “ناد‬ ‫رتجمة التشيكية عن‬ ‫وقد صدرت ال‬ ‫ار عنوان مختلف يف ال‬ ‫التشيك‪ .‬كام تم اختي‬ ‫يف‬ ‫سوريا الح ّرة”‬ ‫“أين بيتك‪ ،‬خاتونة‪..‬؟!”‪.‬‬ ‫ار التكوين يف دمشق‪،‬‬ ‫هو‬ ‫و‬ ‫ية‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫لر‬ ‫ل‬ ‫يل‬ ‫العنوان األص‬ ‫درت سنة ‪ 2009‬عن د‬ ‫هائن الخطيئة” قد ص‬ ‫ها املختلفة‪ ،‬السياس ّية‪،‬‬ ‫وكانت رواية “ر‬ ‫ني سوريا وتركيا بأبعاد‬ ‫كالية الحدود الواقعة ب‬ ‫ن يرتهن لتلك الحدود‬ ‫وهي تعالج إش ّ‬ ‫صيات متع ّددة‪ ،‬منها َم‬ ‫ة‪ ،‬واالجتامع ّية‪ ،‬عرب شخ ّ‬ ‫وعة‪ .‬ويكون التقسيم‬ ‫الدين ّية‪ ،‬الفكر ّي‬ ‫ّ ى ك ّل العقبات املوض‬ ‫ط‬ ‫خ‬ ‫يت‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫وز‬ ‫جا‬ ‫تقيد بها‪ ،‬ومنها من يت‬ ‫ون عىل طريف الحدود‪.‬‬ ‫وي ّ‬ ‫ي‪ ،‬حيث األكراد موزّع‬ ‫ّ رشارة تقسيم اجتامع‬ ‫افظة الحسكة‪ ،‬ويقيم‬ ‫ّ‬ ‫الجغرايف‬ ‫نة عامودا ‪1978‬م مبح‬ ‫حسني من مواليد مدي‬ ‫ها‪ :‬رواية “آرام سليل‬ ‫والروا ّيئ هيثم‬ ‫عدد من األعامل‪ ،‬من‬ ‫اململكة املتحدة‪ .‬وله‬ ‫درت له عدة دراسات‬ ‫ب‬ ‫ربة‬ ‫حال ًيا يف أدن‬ ‫رعب” (‪ ،)2013‬كام ص‬ ‫ة” (‪ ،)2006‬و”إبرة ال‬ ‫األوجاع املكابر‬ ‫يف النقد الروا ّيئ‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫صدر حدي ًثا عن مؤسسة “بدرخان للطباعة والنرش يف العاصمة العراقية‬ ‫بغداد‪ ،‬ديوان شعر بعنوان “وداعًا للحياة‪ ..‬كمهنة قدمية” للشاعرة الكردية‬ ‫السورية دلشان‪.‬‬ ‫ووف ًقا لصحيفة “املستقبل” اللبنانية‪ ،‬فإن قارئ دلشان يشعر أنه أمام‬ ‫طفلة أمكنها بطريقة ما أن تقول شع ًرا رائ ًقا أو شاعرة وجدت نفسها بالغة‬ ‫من دون أن تقصد ولذلك فهي يف حالة حنني وبحث دائم عن الذكريات‬ ‫مرتبطة برائحة األمكنة‪ ،‬وتوغل يف ذاكرة الجغرافية والزمنية‪.‬‬ ‫ومام جاء عىل صفحة الغالف الخارجي للديوان بقلم الروايئ السوري خالد‬ ‫زمن طويل عرفت دلشان‪ ،‬مل أعد أذكر بالضبط متى تعرفت‬ ‫خليفة‪“ :‬منذ ٍ‬ ‫إليها لكنها كانت وال تزال رفيقتي املقربة‪ ،‬طوال سنوات كنت أنتظر أن‬ ‫تكتب شيئًا‪ ،‬لكنها كانت تخربين دو ًما عن رهبة الكتابة‪ ،‬كنت أصمت كعاديت‬ ‫إذا ال يليق أن تورط أحدّا بذلك األمل الذي يدعى كتابة‪ ،‬لذلك مل أفاجأ بها‬ ‫حني كرست يف النهاية حاجز الخوف ونفضت الغبار عن ذاتها املختبئة”‪.‬‬

‫أنجز الفنان التشكييل السوري دلدار فلمز‬ ‫مؤخ ًرا مجموعة رسومات حملت عنوان‪:‬‬ ‫“األمل السوري”‪ ،‬ودلدار من مواليد مدينة‬ ‫القامشيل ‪ ،1970‬وهو يقيم حال ًيا يف سويرسا‪،‬‬ ‫وله كتابات يف النقد التشكييل واألديب يف‬ ‫الصحافة العربية واملحلية‪ .‬وصدرت له عام‬ ‫‪ 2003‬مجموعة شعرية بعنوان “عاش باك ًرا”‪،‬‬ ‫وله النقد الفني كتاب بعنوان “تاريخ الرسم”‬ ‫صدر عام ‪ .2011‬وعمل يف عدد من األعامل‬ ‫الدرامية والسينامئية‪ ،‬كام صمم عدداً من‬ ‫أغلفة الكتب واملجالت‪.‬‬

‫‪2016 / 8 / 2‬‬

‫أطلق باحثون ومثقفون سوريون يف تركيا‬ ‫ً‬ ‫صارخا عىل كثافة ذلك الجدل املحيل ‪/‬‬ ‫قبل أيام‪ ،‬املوقع اإللكرتوين‬ ‫لـ”معهد العامل الدويل بدرج ٍة غري مسبوقة يف التاريخ‬ ‫للدراسات”‪ .‬و‬ ‫جاء يف تعريف املجموعة املعارص عىل األقل”‪.‬‬ ‫للموقعأنه“ ِمنَ “العالَم”‪:‬املوقع‬ ‫اإللكرتوين‪ ،‬وأشارت إدارة املوقع إىل أن املجال أمام‬ ‫راهنًا‪ ،‬إىل “العالَم”‪ :‬املعهد ا‬ ‫لبحثي‪ ،‬يف الخرباء واملختصني واألكادمييني واملثقفني‪،‬‬ ‫مرحل ٍة قريب ٍة قادمة‪ ،‬تكمن ٌ‬ ‫ثيمة أساسية السوريني والعرب وغريهم‪ ،‬للمشاركة‬ ‫لدى فريق العمل يف تأكيد‬ ‫جدل املحلية فيه‪ ،‬باللغتني العربية واإلنجليزية‪ ،‬من‬ ‫والعاملية بشكلٍ عام‪ ،‬وفيام يت‬ ‫علق بالوضع خالل نرش مقاالت وأوراق وأبحاث لهم‬ ‫السوري تحديدًا‪ .‬فإذ تتكش‬ ‫ف‪ ،‬تدريج ًيا‪ ،‬تتعلق باهتاممات املوقع‪ ،‬والتي أبرزها‬ ‫مُستتبعات مايجري يف سوريا‬ ‫منذ خمس إنجاز تر ٍ‬ ‫اكم معريف عن املوضوع السوري‬ ‫سنوات‪،‬‬ ‫سياس ًيا واقتصاد ًيا واجتامع ًيا وأمن ًيا تحديدًا‪.‬‬ ‫من جهة‪ ،‬وإقليم ًيا ودوليا من‬ ‫ً جه ٍة أخرى‪ ،‬وميكنكم زيارة موقع املعهد عىل الرابط‬ ‫يبدو مسار الثورة السورية‪ ،‬باضطراد‪ً ،‬‬ ‫مثال التايل‪http://alaalam.org/ar :‬‬

‫التشكيلي دلدار فلمز‬ ‫يرسم “األلم السوري”‬

‫العدد ‪- 74 -‬‬

‫باحثون يطلقون‬ ‫موقع “معهد‬ ‫العالم للدراسات”‬ ‫لرصد ما يجري في‬ ‫سوريا‬

‫‪19‬‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.