طلعنا عالحرية / العدد 57

Page 1

‫حرية كرامة مواطنة‬

‫العدد ‪57‬‬ ‫‪2015 / 10 / 15‬‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع‬ ‫داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعات السورية يف الخارج‬


‫‪2‬‬ ‫ثورة عن ثورة ‪ ..‬بتفرق!‬ ‫افتتاحية بقلم رامي العاشق‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫غابت أصوات الذين اتهموا الثورة السورية عن املشهد متا ًما بالتزامن‬ ‫مع غياب بشار األسد منذ بدء العدوان الرويس عىل سوريا‪ ،‬العدوان‬ ‫الذي برره النظام وأتباعه‪ ،‬وح ّمله قيم ًة وطني ًة عليا ألنه يدافع عن‬ ‫وجودهم‪ ،‬حتى وصل األمر بخطيب الجامع األموي يف العاصمة‬ ‫“الروس ّية” دمشق أن يعاهد سيادة الرئيس املفدى بطل ترشين‬ ‫“بوتني” بحمل البندقية والدفاع عن روسيا يف حال تعرضها لخطر‬ ‫خطيب تع ّهد بحمل البندقية للدفاع‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ومل تقف املهزلة عند‬ ‫ٍ‬ ‫عن بلد آخر ومل يفعلها يف بلده! بل تعدّتها لتصل إىل شبيحة النظام‬ ‫من غري السوريني ً‬ ‫أيضا‪ ،‬فهاهم يخرسون بعد أن أرهقوا أسامعنا‬ ‫الخارجي‪ ،‬واتهام الثورة بجلبه‪،‬‬ ‫بخطبهم الرنانة عن رفض التدخل‬ ‫ّ‬ ‫وهاهم يصفقون له ويعتربونه إنجا ًزا يضاف إلنجازات األسد التي‬ ‫مل تبدأ بقتل نصف مليون سوريّ وترشيد عرشة ماليني‪ ،‬ومل تنتهي‬ ‫باستجالب العدوان الرويس ليقصف املدنيني واألطفال‪.‬‬ ‫يتحججون‬ ‫وكانوا‬ ‫حتّى أولئك الذين كانت مواقفهم مائع ًة تجاه الثورة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بأي يشء ليك يته ّربوا من الوقوف مع الشعب السوري‪ ،‬خرسوا متا ًما‬ ‫اليوم‪ ،‬فمع انطالق الحراك الفلسطيني‪ ،‬تع ّرت ّ‬ ‫كل مواقفهم‪ ،‬فهاهو‬ ‫ديني “انتفاضة األقىص” رغم وجود‬ ‫الحراك الفلسطيني يخرج باسم ّ‬ ‫رصحا من رصوح العلامنية‬ ‫أصبح‬ ‫إمكان ّيات أخرى‪ ،‬وال أظنّ أن األقىص‬ ‫ً‬ ‫يف الوطن العريب‪ ،‬وهاهو بدون قياد ٍة وبدون أيديولوجيا‪ ،‬وبدون‬ ‫برنامج سيايس واقتصاديّ ‪ ،‬بل إنه لجأ إىل العنف كأسلوب عمل‬ ‫اتيجي للدفاع عن نفسه ابتدا ًء من عمليات الدهس أو الطعن وما‬ ‫اسرت ّ‬ ‫تالها‪ ،‬وليس خاف ًيا عىل أحد ارتهان الفصائل الفلسطين ّية إىل هنا أو‬ ‫بكل الفصائل التابعة‪ ،‬هاهي ّ‬ ‫هناك‪ ،‬بد ًءا من حامس وفتح؛ وانتها ًء ّ‬ ‫كل‬ ‫“مشاكل” الثورة السورية التي تذ ّرعوا بها؛ واضحة أمامنا يف الحراك‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬ومل يجرؤ أحدهم عىل التحدّث عنها‪ ،‬فهنا العد ّو واضح‪،‬‬ ‫ّ‬

‫وال مصالح معه ّإل من تحت الطاولة‪ ،‬أ ّما مع األسد ففوق الطاولة تقلب‬ ‫الحقائق ويصبح السقوط بطولة!‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطيني‬ ‫الشعبان‬ ‫يقاوم‬ ‫‪،‬‬ ‫ين‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫إي‬ ‫رويس‬ ‫بني عدوان إرسائييل‪ ،‬وعدوان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسوري تحالف اليوم املعلن من الذين كتموا تحالفهم تق ّي ًة‪ ،‬وطاملا‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬فهذا يعني‬ ‫أن إرسائيل بكل ق ّوتها مل تستطع إبادة الشعب‬ ‫ّ‬ ‫بالرضورة‪ّ ،‬أن تحالف إيران وروسيا األسد مع إرسائيل لن يقيض عىل إرادة‬ ‫الشعب السوريّ مهام كان‪.‬‬

‫مصدر الصورة انرتنت‬

‫كلمة‬

‫للنشر أو مراسلة فريق التحرير‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬ ‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫‪freedomraise@gmail.com‬‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫ليىل الصفدي‬

‫معاون رئيس التحرير‬ ‫نصار‬ ‫أسامة ّ‬

‫‪twitter.com/freedomraise‬‬

‫املحرر الثقايف‬ ‫رامي العاشق‬

‫محرر القسم الكوردي‬ ‫مريال بريوردا‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫هبة الفلسطينيين‬ ‫عن ّ‬ ‫ماجد كيالي‬

‫العدد ‪- 57 -‬‬

‫الفلسطيني الراحل يارس عرفات يف مقره يف رام‬ ‫الله من أواخر ‪ 2011‬إىل أواخر ‪ ،2004‬أي إىل‬ ‫لحظة رحيله للعالج يف فرنسا حيث تويف‪.‬‬ ‫بديهي ان هذه أقدار الفلسطينيني‪ ،‬التي ال ميكن‬ ‫لهم ّ‬ ‫التدخل يف مساراتها‪ ،‬مع ذلك فقد كان ميكن‬ ‫لهم التقرير يف مسألتني‪ ،‬أوالهام‪ ،‬إدراك أنه ال‬ ‫يوجد انتفاضة إىل األبد‪ ،‬طاملا أنه ال ميكن هزمية‬ ‫ارسائيل‪ ،‬يف هذه الظروف‪ ،‬ومن معركة واحدة‬ ‫أو بالرضبة القاضية‪ .‬مبعنى أنه كان األجدر‬ ‫بالفلسطينيني الترصف يف الحالني باعتبار أن لكل‬ ‫ظاهرة‪ ،‬ومنها االنتفاضة‪ ،‬بداية ونهاية‪ ،‬وأن األفضل‬ ‫تنظيم الرتاجع‪ ،‬يف حال تغريت الظروف‪ ،‬أو يف حال‬ ‫استنفذت الطاقة الكفاحية عند الشعب املعني‪،‬‬ ‫بدال من ترك األمور للظروف أو ألمثان مجانية‪.‬‬ ‫وثانيتهام‪ ،‬تحصني االنتفاضة من االستدراج إىل‬ ‫املربع الذي يتيح إلرسائيل استخدام أقىص ما يف‬ ‫طاقتها من عنف‪ ،‬ويسهل لها استخدام أعتى ما‬ ‫يف ترسانتها الحربية ضدهم‪ ،‬باعتبار أن ذلك ال‬ ‫يؤدي إىل كرس الجامعات العسكرية فقط‪ ،‬وإمنا‬ ‫يؤدي إىل كرس املجتمع الفلسطيني‪ ،‬أيضاً‪ .‬وطبعا‬ ‫فإن هذا مل يحصل يف االنتفاضة األوىل‪ ،‬لكنه حصل‬ ‫يف االنتفاضة الثانية لألسف‪ ،‬تحت غطاء موجة‬ ‫العمليات التفجريية التي اندلعت آنذاك‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬تأيت الهبة الشعبية الفلسطينية يف ظروف‬ ‫غري مواتية‪ ،‬أيضا‪ ،‬ال عربيا وال دوليا‪ ،‬فعىل الصعيد‬ ‫الدويل ال توجد الظروف التي ميكن ان تسمح‬ ‫للفلسطينيني باستثامر تضحياتهم وبطوالتهم يف‬ ‫انجازات سياسية متحققة‪ ،‬فهذا لن يسمح به ال‬ ‫اوباما وال بوتني‪ ،‬وال أي أحد آخر‪ ،‬يف ظروف خراب‬ ‫املرشق العريب‪ ،‬الدولتي واملجتمعي‪ ،‬من لبنان إىل‬ ‫اليمن مرورا بالعراق وسوريا‪ ،‬مع هذا االنقسام‬

‫الطائفي ـ املذهبي الناجم عن مداخالت ايران‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬وانقسام الوضع العريب‪ ،‬واالرتداد‬ ‫عن معاين ثورات “الربيع العريب”‪ ،‬يبدو أن‬ ‫الفلسطينيني سيفتقدون أي إسناد عريب‪ ،‬ولو عىل‬ ‫املستوى السيايس أو النظري‪.‬‬ ‫عىل ذلك فإن الفلسطينيني‪ ،‬وبخصوص الهبة‬ ‫الشعبية الحالية‪ ،‬معنيون بتحصينها إزاء ثالثة‬ ‫تحوالت‪ ،‬األول‪ ،‬انزياحها نحو العسكرة‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫سيقوض تحولها إىل انتفاضة شعبية‪ .‬والثاين‪ ،‬عدم‬ ‫اإلنجرار إىل إطالق صواريخ من غزة‪ ،‬ألن هذا‬ ‫سيضعهم إزاء حرب إرسائيلية مدمرة‪ .‬والثالث‪:‬‬ ‫الحؤول دون طغيان الفصائل‪ ،‬ألن األجدى أن‬ ‫تستثمر هذه يف تنظيم االنتفاضة ال يف احتكار‬ ‫قيادتها‪ ،‬حفاظا عىل طابعها الشعبي‪ ،‬ومنعا‬ ‫للتنافسات الفصائلية‪ ،‬ومن أجل متكني الشباب من‬ ‫التعبري عن ذاتهم‪ ،‬وتطوير حراكاتهم‪ .‬ففي عمر‬ ‫هؤالء الشباب ظهرت القيادات الحالية للحركة‬ ‫الوطنية الفلسطينية يف منتصف الستينيات أي‬ ‫قبل ‪ 50‬عاما‪.‬‬ ‫وباختصار فإن الفلسطينيني‪ ،‬يف هذه الظروف‬ ‫الصعبة واملعقدة‪ ،‬معنيون بانتهاج أشكال مقاومة‬ ‫تتمتع مبيزتني‪ :‬أوالهام تحييد اآللة العسكرية‬ ‫اإلرسائيلية أو كبح إمكان استخدامها بأقىص قدر‬ ‫من العنف ضدهم‪ ،‬ما أمكن ذلك‪ .‬وثانيتهام‪،‬‬ ‫أن متكن هذه املقاومة من تقوية املجتمع‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وضمنه تقوية كياناته السياسية‪،‬‬ ‫ال إضعافها‪ .‬أي ان الفلسطينيني بحاجة إىل‬ ‫مقاومة توجع إرسائيل أكرث مام توجعهم‪ ،‬وتعزز‬ ‫االنشقاقات وتنمي التناقضات يف مجتمع عدوهم‪،‬‬ ‫بدل أن تعزز متاسكه وتقوي وحدته‪.‬‬ ‫تحية لروح الحرية عند شابات وشباب فلسطني‪..‬‬

‫‪2015 / 10 / 15‬‬

‫مصدر الصورة‪ :‬إنرتنت‬

‫مقاالت‬

‫فاجأت اله ّبة او االنتفاضة الفلسطينية الجميع‪،‬‬ ‫مبن فيهم الذين كانوا يدعون إليها‪ ،‬ويتحمسون‬ ‫لها‪ ،‬أو الذين كانوا يخشونها أو يستبعدونها‪ ،‬فهذا‬ ‫هو حال الهبات أو االنتفاضات الشعبية‪ ،‬تأيت‬ ‫فجأة كحالة عفوية وانفجارية‪ ،‬وبدون أن تأخذ‬ ‫إذ ًنا من أحد‪.‬‬ ‫يف هذه الهبة‪ ،‬أو االنتفاضة‪ ،‬يثبت الفلسطينيون‬ ‫مجددا أنهم شعب حي‪ ،‬وشجاع‪ ،‬ويستعيص عىل‬ ‫اإلخضاع‪ ،‬رغم إمكانياته الضعيفة‪ ،‬ورغم الظروف‬ ‫الصعبة املحيطة به‪ ،‬كام يثبت بأن األساليب‬ ‫القمعية اإلرسائيلية‪ ،‬مل تفت عضده‪ ،‬ومل توهن‬ ‫عزميته‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬نحن اليوم إزاء حالة نهوض وطني‬ ‫فلسطيني‪ ،‬من أهم سامتها‪ ،‬أوالً‪ ،‬أنها حالة نهوض‬ ‫شعبية وعفوية‪ ،‬أي من خارج األجندة الفصائلية‪،‬‬ ‫بل ورمبا تتجاوزها‪ .‬وثانياً‪ ،‬أنها ذات طابع شمويل‪،‬‬ ‫بحيث أنها شملت معظم مدن الضفة الغربية؛‬ ‫فعدا القدس‪ ،‬مثة أيضاً‪ ،‬الخليل ورام الله ونابلس‬ ‫وبيت لحم وقلقيلية وجنني وطوباس وأريحا‪.‬‬ ‫وثالثا‪ ،‬أنها رسيعة وساخنة ومبادرة بطريقة عملها‬ ‫ودينامياتها‪.‬‬ ‫بيد أن مشكلة الفلسطينيني‪ ،‬مع تضحياتهم‬ ‫وبطوالتهم‪ ،‬أن تصاريف القدر تعاندهم‪ ،‬إذ غالباً‬ ‫ما تأيت انتفاضاتهم‪ ،‬أو ه ّباتهم‪ ،‬يف ظروف صعبة‪،‬‬ ‫وغري مواتية‪ ،‬عىل الصعيدين العريب والدويل‪ .‬هذا‬ ‫حصل‪ ،‬مث ًال‪ ،‬إبان االنتفاضة األوىل (‪1987‬ـ‪،)1993‬‬ ‫إذ شهدت هذه الفرتة حرب الخليج الثانية‪ ،‬مع‬ ‫احتالل نظام صدام للكويت‪ ،‬األمر الذي نجم عنه‬ ‫تف ّكك النظام العريب‪ ،‬كام شهدت انهيار االتحاد‬ ‫السوفييتي السابق‪ ،‬مع هيمنة الواليات املتحدة‬ ‫كقطب أوحد عىل النظام الدويل‪ ،‬فإزاء هذين‬ ‫الحدثني اعتربت منظمة التحرير ضمن معسكر‬ ‫الخارسين‪ ،‬وهذا ما تم تثبيته يف رشوط انعقاد‬ ‫مؤمتر مدريد للتسوية‪ ،‬وتالياً يف مضامني اتفاق‬ ‫أوسلو (‪.)1993‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬االنتفاضة الثانية (‪2000‬ـ ‪ )2004‬مل يكن‬ ‫ّ‬ ‫حظها أفضل من األوىل‪ ،‬إذ حصل خاللها الهجوم‬ ‫اإلرهايب عىل نيويورك وواشنطن (ايلول ‪،)2001‬‬ ‫ما أدى إىل اندالع الحرب الدولية عىل اإلرهاب‪،‬‬ ‫وتاليا‪ ،‬تغري كل املعادالت الدولية واإلقليمية‪،‬‬ ‫السيام بعد الغزو االمرييك ألفغانستان (‪،)2002‬‬ ‫ثم العراق (‪ .)2003‬ومعلوم أنه تبعا لهذه‬ ‫املناخات‪ ،‬ومع طغيان أشكال العمل املسلح عىل‬ ‫االنتفاضة‪ ،‬والسيام وفق منط العمليات التفجريية‪،‬‬ ‫استطاعت إرسائيل أن تروج لوصم االنتفاضة‬ ‫باإلرهاب‪ ،‬وبالتايل عزل ومحارصة قيادتها‪ ،‬أمام‬ ‫نظر العامل‪ .‬وهكذا تم فرض الحصار عىل الزعيم‬

‫‪3‬‬


‫من سوريا المفيدة إلى النظام السياسي المفيد‬

‫‪44‬‬

‫ماهر مسعود‬

‫العدد ‪53 -‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2015/ /10‬‬ ‫‪8 // 215 - 57‬‬

‫مقاالت‬ ‫لقاءات‬

‫تقوم عالقة الثورة السورية بالنظام وباملحيط‬ ‫اإلقليمي والدويل عىل القوة‪ ،‬ليس القوة مبعناها‬ ‫العسكري فحسب‪ ،‬بل بكل أنواع القوة التي‬ ‫تفرتض قوة السياسة والقوة العسكرية‪ ،‬وقوة‬ ‫اإلرادة والعزمية‪ ،‬قوة “الشعب” وقوة املصلحة‬ ‫الجمعية والفردية واملتبادلة للدول‪ .‬وكل ذلك‬ ‫بعيداً عن أي معنى أخالقي؛ استجدايئ أو متعايل‪،‬‬ ‫إنساين أو ديني أو علامين أو غريه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يتوضع التدخل الرويس األخري ضمن تدخالت‬ ‫ً‬ ‫كثرية جدا ج ّربها النظام السوري لكرس إرادة‬ ‫الثورة والقضاء عليها بالقوة‪ ،‬وهو مل يرتك قوة‬ ‫ذاتية أو خارجية إال واستخدمها لتحقيق هذا‬ ‫الهدف‪ ،‬لكن الفشل الذي أصابه عندما أطلق‬ ‫أول رصاصة وأجاب عىل شهداء درعا “بالقهقهة”‬ ‫يف مجلس الشعب‪ ،‬مازال يحارصه ويصيبه رغم‬ ‫كل التد ّرجات التي قام بها متذاكياً‪ ،‬من استجداء‬ ‫إرسائيل عرب ربط أمنها بأمن النظام‪ ،‬إىل إدخال‬ ‫حزب الله مبارشة يف الحرب لحامية الفرع السوري‬ ‫للنظام املقدس يف إيران‪ ،‬ثم إدخال امليليشيات‬ ‫الشيعية املضحوك عليها بالدين‪ ،‬إىل إدخال إيران‬ ‫ذاتها عرب قاسم سليامين “الجرنال املقهور يف درعا”‬ ‫وحرسه الثوري‪ ..‬وأخرياً اليوم مع الدخول الرويس‬ ‫املبارش‪ ،‬بعد كل الدعم الرويس الذي بدأ بالسالح‪،‬‬ ‫ومر مبجلس األمن‪ ،‬وانتهى بالسالح والجنود‬ ‫واالحتالل املبارش‪.‬‬ ‫ليس هناك أصدقاء للشعب السوري‪ ،‬ال بل إن‬ ‫دول كأمريكا والسعودية وقطر وغريها‪ ،‬كانوا‬ ‫يخشون‪ ،‬عىل طول خط الثورة انتصار الشعب‬ ‫السوري بالقدر نفسه الذي يرغبون فيه بإسقاط‬ ‫النظام‪ ،‬لذلك كان الرتدد والحرية‪ ،‬والدعم الجزيئ‪،‬‬ ‫واله ّبات األخالقية الكالمية دون التزام أخالقي أو‬ ‫سيايس أو عسكري واقعي‪ ،‬هو الحاكم ملواقفهم‬ ‫مجتمعني ومنفردين‪.‬‬ ‫كنا قد وصلنا مع التدخل اإليراين الثقيل‪ ،‬إىل‬ ‫مرشوع سوريا املفيدة إليران والنظام‪ ،‬أو السوريات‬ ‫املفيدة‪ ،‬تبعاً لتعدد السوريات املفيدة حسب كل‬ ‫طرف‪ ،‬وقد كان ذلك طريقاً موجهاً نحو التقسيم‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وعىل األقل‪ ،‬إن مرشوع سوريا املفيدة للنظام‬ ‫وداعميه‪ ،‬بدأ يحترض مع التدخل الرويس املبارش‬ ‫عىل عكس ما يبدو للوهلة األوىل‪ ،‬فسوريا املفيدة‬

‫ال تعني وال تفيد شيئاً إن سقط رأس النظام‪ ،‬سوريا املفيدة لإليرانيني والنظام وإرسائيل‪ ،‬لن‬ ‫وهو ساقط ال محالة‪ ،‬ليس ألن مجموع موازين تغري من واقعيتها بعد التدخل العسكري املبارش‬ ‫القوى العاملية مل تعد قادرة عىل إبقائه باملعنى للروس‪ ،‬ولكن ستغري من طبيعة واقعيتها فحسب‪،‬‬ ‫األخالقي والسيايس فحسب‪ ،‬بل ألنه بات مرضاً فالتدخل الرويس لصالح النظام مينع باملطلق الحل‬ ‫ألقرب املقربني له‪ ،‬وهم اليوم الروس املحكومني السيايس الذي صدّع الفروف رأس العامل وهو‬ ‫“ببطريرك شيوعي” ورجل مخابرات صغري‪ ،‬لن ينادي به احتياالً‪ ،‬والبحث عن حل سيايس عىل‬ ‫ينتج لروسيا سوى جنون عظمة وأوهام لن يطول طريقة النظام املعتمدة بوتينياً بالتامم والكامل‪،‬‬ ‫الوقت حتى تصطدم بصخرة الواقع السوري أي بتكسري الرؤوس‪ ،‬واإلبقاء عىل معارضة‬ ‫“صح ّية” مبواالتها‪ ،‬لن يفيض إال ملزيد من الحرب‬ ‫والرويس والعاملي‪.‬‬ ‫إن بوتني الذي يرى قزميته أمام الغرب‪ ،‬ويحاول األهلية ومتديدها ومتددها الكاريث عىل الجميع‪،‬‬ ‫االنتقام يف سوريا “كزوج مخدوع” من ليبيا إىل وهذا ال يعني إال زيادة يف الهجرة التي ُترعب‬ ‫أوكرانيا‪ ،‬مييض يف املستنقع الذي أرادته أمريكا أوروبا‪ ،‬وزيادة يف التطرف الذي ُيرعب الجميع‪،‬‬ ‫له بالضبط‪ ،‬وإن كان يستثمر السياسة الواقعية وتكاثر املتطرفني الروس والشيشانيني الذين يعتقد‬ ‫التي اعتمدتها أمريكا يف املنطقة‪ ،‬عرب قيامه بكرب بوتني “من كل عقله” أنه سيقيض عليهم يف سوريا‪.‬‬ ‫“براغي” النظام وفرضه كأمر واقع‪ ،‬فإن استثامره النظام السيايس املفيد‪ ،‬أي النظام الدميقراطي‬ ‫لن يؤيت ُأ ُكله عىل املدى املتوسط والبعيد‪ ،‬ألن التعددي‪ ،‬الشامل لسوريا‪ ،‬واملنخرط يف إعادة‬ ‫الدور الذي لعبته إيران وسوريا يف العراق عندما السياسة والسالم واالستقرار لسوريا يف محيطها‪،‬‬ ‫أغرقوا العراق باإلرهابيني‪ ،‬وحولوها ملستنقع ويف محاربة داعش بعد األسد‪ ،‬هو البديل الوحيد‬ ‫لألمريكان‪ ،‬ذلك الدور هو ما ينتظر بوتني ذاته‪ ،‬عن “سوريا املفيدة”‪ ،‬والوهم بأن نظام األسد قد‬ ‫ولكن من السعودية وأمريكا ذاتها‪ ،‬وبالتأكيد يكون مفيداً ألحد‪ ،‬أو ميكن إعادة هيكلته‪ ،‬ليس إال‬ ‫وه ًام لن يطول الوقت قبل أن يظهر مدى انفصاله‬ ‫مجمل العامل اإلسالمي السنّي‪.‬‬ ‫الواقعية األمريكية التي ج َّرت العامل معها إىل عن الواقع‪ ،‬مثلام كان متاماً منذ أربع سنوات‬ ‫إمكانية القبول بسوريا مقسمة‪ ،‬ومن ضمنها ونصف حتى اليوم‪.‬‬


‫هل نظام األسد أكثر إجرامًا‬ ‫من الكيان الصهيوني؟‬ ‫د‪ .‬عماد العبار‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫يف قلب إرسائيل حر ٌاك شعبي ضد جرمية بشعة‪،‬‬ ‫يف حني ّأن جرائم مامثلة تحدث يف كل ساعة بحقّ‬ ‫معارضني عىل األرض السور ّية دون أن يصدر موقف‪،‬‬ ‫ولو خجول‪ ،‬من املؤ ّيدين لنظام األسد عىل سبيل‬ ‫التعاطف مع الضح ّية‪ّ ،‬‬ ‫بغض النظر عن موقعها من‬ ‫الرصاع الدائر‪ ..‬هذه الحقيقة امل ّرة جعلت الجرمية‬ ‫اإلرسائيل ّية‪ ،‬التي حدثت قبل قرابة الشهرين‪ ،‬أصغر‬ ‫من أن تقارن يف وعي الثائر السوري مبا شهده من‬ ‫إجرام نظامه‪ّ ،‬‬ ‫ولعل التنديد الخجول الذي صدر‬ ‫من بعض اإلرسائيل ّيني فضح جرمية الصمت املخزي‬ ‫الذي نراه من الذين شاركونا املاء والهواء‪..‬‬ ‫ال ّ‬ ‫شك ّ‬ ‫وأن الكيان الصهيوين ال ميكن أن يكون‬ ‫أقل إجراماً من الكيان األسدي‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن‬ ‫الكيانات اإلحالل ّية بصورة عا ّمة‪ .‬تقوم الفكرة‬ ‫اإلحالل ّية عىل سياسة السيطرة عىل األرض بعد‬ ‫تفريغها من الناس‪ ،‬إن كان باإلبادة أو بالتهجري‬ ‫الداخيل أو الخارجي‪ ،‬وال يتو ّقف االستيطان اإلحاليل‬ ‫ّإل بحسب مقتضيات املصلحة واإلمكان ّيات‪ّ ،‬‬ ‫مم‬ ‫يعني ّأن التو ّقف قد يكون مرحلة مؤ ّقتة ليس ّإل‪،‬‬ ‫إذ ال نهاية فعل ّياً لفكرة االحالل ّإل بانتهاء الشعب‬ ‫الذي ُيراد إزالته لتوطني شعب آخر مكانه‪ ..‬يقودنا‬ ‫هذا الكالم إىل حقيقة اختالف الظرف الذي يعيشه‬ ‫نظام األسد ومؤ ّيدوه عن الظرف الذي مي ّر به الكيان‬ ‫الصهيوين‪ ،‬فاأل ّول يخوض وجامعته معركته الوجود ّية‬ ‫الحقيق ّية األوىل (واألخرية ّربا)‪ ،‬بينام يعيش الكيان‬ ‫الصهيوين مرحلة تاريخ ّية رمبا هي األفضل منذ تاريخ‬ ‫إعالنه‪ ،‬فهو يع ّد الكيان األكرث استقراراً يف منطقة‬

‫تخوض شعوبها ثورات وحروباً أهل ّية ودماراً هائ ًال‬ ‫عىل الصعيد االجتامعي واالقتصادي والعسكري‪..‬‬ ‫وليس هنالك أدىن شك من أنه لو تع ّرض الصهاينة‬ ‫إىل ما تع ّرض له النظام السوري فإ ّنهم سيقومون‬ ‫وإنا ّ‬ ‫مبثل ما قام به‪ ،‬ولن أقول أكرث‪ ،‬ال ليشء‪ّ ،‬‬ ‫ألن‬ ‫مخ ّيلتي ال تستطيع استيعاب ما هو أعظم ! وقد‬ ‫أظهرت األ ّيام األخرية ّأن هذا الكيان لن يتسامح‬ ‫مع أيّ انتفاضة حقيق ّية قد تزعزع استقراره أو‬ ‫تش ّكل عقبة يف طريق مرشوعه التاريخي‪ ،‬وأ ّنه‬ ‫سيواجه سكاكني الغاضبني‪ ،‬كام واجه حجارتهم‬ ‫الحي‪..‬‬ ‫من قبل‪ ،‬بالرصاص ّ‬ ‫تأخذ الرصاعات الداخلية الجذر ّية بشكل عام‬ ‫طابع الرصاعات الوجود ّية‪ ،‬وعادة ما يكون الرصاع‬ ‫إلزالة سلطة استبداد ّية أكرث دمو ّية من النضال‬ ‫ّ‬ ‫محتل خارجي (وهناك استثناءات بطبيعة‬ ‫لطرد‬ ‫الحال)‪ ،‬وهذا ال يعود لكون املستبد‪ ،‬أو أحد‬ ‫أطراف الرصاع الداخيل‪ ،‬أو جميعها‪ ،‬أكرث دمو ّية‬ ‫ّ‬ ‫الخارجي‪ ،‬بل يعود الختالف‬ ‫املحتل‬ ‫وإجراماً من‬ ‫ّ‬ ‫الظرف املحيط بهذا النوع من الرصاعات التي‬ ‫تكون إقصائ ّية بطبيعتها‪ ،‬حتّى أ ّنها ال ترتك خيارات‬ ‫مناسبة لرحيل زمرة االستبداد كام يحدث يف‬ ‫حالة االستعامر‪ّ ،‬‬ ‫مم يجعلها ُتخرج أبشع الغرائز‬ ‫الوجود ّية من النفس البرش ّية‪..‬‬ ‫يف النهاية علينا أن نذكر أن إجرام الصهاينة مل‬ ‫يتو ّقف عند حدوده النهائ ّية بعد‪ ،‬فام زال أمام هذا‬ ‫الكيان عقبة كبرية تتم ّثل يف الوجود الفلسطيني‬ ‫الذي يسعى جاهداً إىل إلغائه‪..‬‬

‫مقاالت‬

‫بعد ميض أكرث من أربع سنوات عىل بدء الثورة‬ ‫السور ّية‪ ،‬تكون ق ّوات األسد قد فعلت بسوريا‬ ‫وشعبها ما مل يفعله ٌّ‬ ‫خارجي بشعوب املنطقة‪.‬‬ ‫محتل‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ولعل أكرث ما يدمي القلب أ ّننا ومنذ أن بدأت‬ ‫الثورة مل نعد نرى يف الكيان الصهيوين خطراً وجود ّياً‬ ‫حقيق ّياً‪ ،‬بعد أن جعل الكيان األسدي وجودنا‬ ‫مهب الريح خالل السنوات‬ ‫كشعب وأرض يف‬ ‫ّ‬ ‫املاضية‪ ،‬مع ّأن ّ‬ ‫الكل ُيجمع عىل ّأن املستفيد األكرب‬ ‫من عمل ّية تدمري األرض السور ّية ومتزيق شعبها هو‬ ‫ذلك الكيان املرت ّبص عىل حدودنا الجنوب ّية‪ ،‬والذي‬ ‫مل يو ّفر فرص ًة طيلة السنوات املاضية إال واستخدمها‬ ‫ّ‬ ‫التحض‬ ‫للمزايدة عىل شعوب املنطقة مبفاهيم‬ ‫والدميقراطية والحر ّيات‪ ،‬معتمداً عىل ما يجري‬ ‫من أحداث عنف وقمع عىل مقربة من حدوده‬ ‫الشامل ّية والجنوب ّية‪..‬‬ ‫كاد السوريُّ أن ينىس خالل الفرتة املاضية قض ّية‬ ‫رصاعه مع الصهاينة‪ ،‬وهذا ما ال يالم عليه السور ّيون‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬فام يجري عىل األرض يشيب لهوله‬ ‫الطفل‪ ..‬هذا إن نجا من سكني الذبح الطائف ّية أو‬ ‫الرباميل الطائشة أو مغامرات داعش وحالش وبق ّية‬ ‫العصابات املريضة والقاتلة‪ .‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل‬ ‫سادت بني الناس عىل األرض ويف وسائل التواصل‬ ‫االجتامعي عبارات يتندّر أصحابها عىل األيام التي‬ ‫كانوا يضعون فيها الصهاينة يف ق ّمة هرم اإلجرام‬ ‫والدمو ّية‪ ،‬بعد أن رأوا من حاكمهم األسديّ ما ال ع ٌني‬ ‫رأت من الحقد واإلجرام‪ ..‬ولألسف‪ ،‬فإن إرسائيل مل‬ ‫يعد لها مكان حقيقي عىل جدول أعاملنا ّ‬ ‫الهم‬ ‫ألن ّ‬ ‫واألمل صارا أكرب من بق ّية القضايا الكربى‪ ،‬فاألولو ّية‬ ‫اليوم هي إليقاف الحرب‪ ،‬وتضميد الجراح‪ ،‬وإخراج‬ ‫املهجرين‪ ،‬والبدء باإلعامر‪..‬‬ ‫املعتقلني‪ ،‬وعودة ّ‬ ‫ً‬ ‫وبينام كان السوريُّ ُيحدّث نفسه قائال‪ :‬إن إرهاب‬ ‫إرهاب آخر‪ ،‬وال حتّى إرهاب‬ ‫األسد ال يضاهيه‬ ‫ٌ‬ ‫الفلسطيني‬ ‫الصهاينة‪ ،‬أتاه خرب إحراق الطفل‬ ‫ّ‬ ‫“عيل دوابشة” عىل يد مستوطنني حاقدين يف‬ ‫الض ّفة الغرب ّية‪ ،‬لتعيد الحادثة إىل أذهان السور ّيني‬ ‫الطبيعة اإلجرام ّية لهذا الكيان وألبنائه العقائد ّيني‪..‬‬ ‫لكن‪ ،‬مل يكد مييض يوم واحد عىل الحادثة الرهيبة‬ ‫حتّى خرج إرسائيليون يف تل أبيب احتجاجاً عىل‬ ‫االعتداء‪ ،‬يف حني طلب وزير إرسائي ٌّ‬ ‫يل سابق بهدم‬ ‫بيوت القتلة املستوطنني‪ّ ..‬‬ ‫مم جعل السوريّ يعيد‬ ‫حساباته من جديد‪ ،‬فاملجازر البشعة التي تع ّرضت‬ ‫لها األكرث ّية املعارضة مل تستف ّز مشاعر “إخوتهم” يف‬ ‫الوطن‪ ،‬ال الصامتني منهم وال املن ّفذين لجرائم القتل‬ ‫والتعذيب واإلبادة‪ ..‬فقد كان من املؤمل أن يظهر‬

‫‪5‬‬


‫التدخل الروسي ‪ ..‬اسئلة يجب التوقف عندها‬

‫‪6‬‬

‫أبو القاسم السوري‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫مقاالت‬

‫يف ‪ 30‬أيلول قامت قوات الغزو الروسية بأوىل‬ ‫عملياتها‪ ،‬يف األرايض السورية‪ ،‬وطبعا هذا التدخل‬ ‫سيشكل مالمح مرحلة جديدة‪ ،‬فمرحلة ما قبل‬ ‫التدخل ليست كمرحلة ما بعدها وذلك ألسباب‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬روسيا دولة كربى ويجب أال نستهني باملقدرات‬ ‫التي متتلكها وخاصة يف املجال العسكري باإلضافة‬ ‫إىل دورها الدبلومايس العاملي‪.‬‬ ‫‪ - 2‬التزمت روسيا منذ بداية الثورة مبوقف‬ ‫مناهض للثورة وداعم للنظام ليس يف األقوال‬ ‫كام فعلت ما تس ّمى “دول اصدقاء سوريا” بل‬ ‫باألفعال الجادة عىل األرض‪.‬‬ ‫‪ - 3‬غياب الرؤية الواضحة لدى الدول التي تدعم‬ ‫قوى املعارضة‪ ،‬وخاصة لجهة العمل عىل إيجاد‬ ‫بديل حقيقي قابل للحياة يكون بدي ًال لنظام األسد‪.‬‬ ‫وبذلك ميكن القول إن روسيا تدخلت بهدف خلق‬ ‫واقع جديد ال تظهر بوضوح مالمحه لحد اآلن‪،‬‬ ‫وقد يتفق الجميع بأن روسيا لها مصالح متعددة‬ ‫يف سوريا منها أمن الطاقة وخطوط نقل الطاقة‬ ‫باتجاه اوروبا‪ ،‬باإلضافة اىل الهيبة واملكانة الدولية‬ ‫التي تسعى اىل استعادتها عىل املستوى الدويل‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل طموحها إلبقاء القاعدة العسكرية‬ ‫يف طرطوس وتوسيعها وحفظ موطئ قدم لها‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬باإلضافة إىل تخوف روسيا عموما‬ ‫من الثورات العربية والتخوف من متدد آثارها‬ ‫باتجاهات تعتربها روسيا تهدد مجالها الحيوي‪،‬‬ ‫وخوفها من عودة الجهاديني من مناطق روسية‬ ‫الذين دخلوا سورية اىل اراضيها وأن يشكلوا‬ ‫تهديدا لألمن القومي الرويس‪ ،‬وقد عرب بوتني‬ ‫بوضوح عن تخوفه من هذا األمر‪ ،‬وطبعا كل هذه‬ ‫األسباب ميكن ان تفرس ملاذا اتخذت روسيا قرارها‬ ‫بالتدخل املبارش وطبعا سيكون الجواب‪ :‬التدخل‬ ‫هو بهدف الحفاظ عىل املصالح الروسية‪ ،‬ولكن‬ ‫السؤال األهم ما هي األدوات والوسائل التي ترى‬ ‫روسيا بأنها كفيلة لتحقيق مصالحها؟ وطبعا هذا‬ ‫يحيلنا إىل السؤال التايل ماهي أهداف التدخل‬ ‫العسكري العمالنية عىل األرض؟‬ ‫هذا السؤال ستظهر تفاصيل إجابته خالل الفرتة‬ ‫القادمة من خالل تطورات أرض الواقع ولعل أهم‬ ‫مؤرشات ذلك هي ما ييل‪:‬‬ ‫‪ - 1‬حجم القوات التي ستقوم روسيا بإرسالها‬

‫إىل سورية‪ ،‬علام أن القوات التي تم إرسالها‬ ‫لحد اآلن هي فرقة ج ّوية تتألف من ‪ ٢٨‬طائرة‬ ‫مقاتلة‪/‬هجومية عىل ّ‬ ‫األقل‪ ،‬باإلضافة إىل ط ّوافات‬ ‫هجوم ّية وأخرى للنقل‪ ،‬وطائرات استطالع‪ ،‬وطائرة‬ ‫تضم عنارص من الفرقة‬ ‫تجسس‪ ،‬وق ّوات برية‬ ‫ّ‬ ‫‪ ٨١٠‬من مشاة البحرية‪ ،‬وعنارص محتملة من فرقة‬ ‫مشاة البحرية الـ ‪ ،٣٦٣‬ود ّبابات من نوع “‪T-‬‬ ‫‪ ،”90‬وناقالت جنود مد ّرعة من نوع “‪،”BTR-80‬‬ ‫واثنني من بطاريات مدفعية امليدان‪ ،‬وعدة آالف‬ ‫من الجنود‪ ،‬وصواريخ أرض‪ -‬ج ّو من نوع “‪SA-22‬‬ ‫‪ ،”Greyhound‬وهيكل قيادة وسيطرة مفرتض‪،‬‬ ‫وطبعا حجم هذه القوات لحد اآلن يؤرش إىل أن‬ ‫الهدف هو فقط تحسني وضع النظام ومساندته‬ ‫وليس قلب الطاولة بالكامل ضد القوات املعارضة‬ ‫للنظام‪ ،‬ولكن إذا ما قامت روسيا بزيادة كبرية‬ ‫وملحوظة يف عديد القوات وعدادها فلعل أهداف‬ ‫التدخل قد تتغري‪.‬‬ ‫‪ - 2‬بنك األهداف التي سيستهدفها الروس‪ ،‬فهل‬ ‫ستشمل األهداف فقط قوات تنظيم الدولة وجبهة‬ ‫النرصة اللتان تعتربان إرهاب ّيتني وفق التصنيف‬ ‫الغريب‪ ،‬أم إن االستهداف الرويس سيتوسع ليشمل‬ ‫قوات أخرى محسوبة عىل القوات املعارضة‬ ‫للنظام ‪.‬‬

‫‪ - 3‬هل الروس يهدفون من تدخلهم إىل تقديم‬ ‫الدعم للنظام إلبقائه والحفاظ عليه باعتباره الجهة‬ ‫التي ترى روسيا أنها قادرة عىل حفظ مصالحها؟ أم‬ ‫أن التدخل الرويس يهدف لخلق معادلة سياسية‬ ‫جديدة ترى روسيا أنها املعادلة القادرة عىل فرض‬ ‫حل سيايس يتناسب مع مصالحها‪.‬‬ ‫هناك العديد من التساؤالت التي يجب عىل جانب‬ ‫الثورة العمل رسيعا للبحث عن إجابات لها ألن‬ ‫اإلجابة عن هذه التساؤالت ستحدد طبيعة العمل‬ ‫السيايس الواجب عىل قوى الثورة عمله وبأقىص‬ ‫رسعة‪ ،‬ويف حال تبني أن التدخل الرويس ليس‬ ‫بهدف تعزيز النظام بشكل مؤقت‪ ،‬ولكن هدفه‬ ‫الحقيقي إنهاء الثورة وتصفية القوى العسكرية‬ ‫املعارضة للنظام‪ ،‬ففي مثل هذه الحال أعتقد أنه‬ ‫اصبح من الرضوري أن تدرك جميع الفصائل يف‬ ‫حينها ان الفصائلية لن تنفعها وسينطبق عليها‬ ‫املقولة الشهرية ُ“أكلت يوم ُأكل الثور االبيض”‬ ‫عاج ًال أم آج ًال‪ ،‬ولعل طرح مبادرة تشكيل جيش‬ ‫وطني بصبغة تقبل جميع أطياف الشعب السوري‬ ‫هو الحل الوحيد الذي سيكون متاحاً أمام هذه‬ ‫الفصائل‪ ،‬جيش يكون هدفه قيادة عملية تحرير‬ ‫وطني حقيقي‪.‬‬


‫دروز السويداء إلى أين؟‬ ‫في التداعيات االستراتيجيّة لتفجيري ‪/4‬أيلول‪2015 /‬‬

‫‪7‬‬

‫شوكت غرزالدين‬

‫النظام ك ّلام زادت املواطنة والوطن ّية عندهم‪.‬‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫حمق النظام تع ّقل األهايل‪ .‬وك ّلام نقصت هيبة النظام‬ ‫زادت هيبة األهايل‪ .‬وك ّلام نقصت الثقة بالنظام زادت‬ ‫ثقة األهايل بأنفسهم‪ .‬وك ّلام تراجعت العالقة مع‬

‫مقاالت‬

‫السوريّ وبني‬ ‫تتع ّرض العالقة القامئة بني النظام ّ‬ ‫السور ّية ذات األغلبية‬ ‫أهايل “محافظة السويداء” ّ‬ ‫الدرز ّية لتداعيات اسرتاتيج ّية ها ّمة‪ .‬وترتكز هذه‬ ‫التداعيات إىل نقطتني عىل األقل وهام‪ :‬انعدام‬ ‫السوريّ من قبل األهايل‪ ،‬وتبديد‬ ‫الثقة بالنظام ّ‬ ‫هيبته تدريجياً يف املحافظة عىل مدار ما يزيد‬ ‫عىل أربع سنوات ونصف‪.‬‬ ‫وبعدما تع ّرضت هذه املحافظة إىل تفجريين‬ ‫إرهاب ّيني غري متزامنني‪ ،‬يفصل بينهام ساعة تقريباً‪،‬‬ ‫وغري متو ّقعني‪ .‬وذلك عرص يوم الجمعة ‪/4‬‬ ‫أيلول‪ 2015/‬بات السؤال‪ :‬إىل أين تتجه العالقة‪،‬‬ ‫سؤاالً عملياً‪.‬‬ ‫السوريّ‬ ‫يشري التفجريان إىل تعاطي النظام ّ‬ ‫املختلف والجديد واإلرهايب مع أهايل السويداء‬ ‫والذي ّ‬ ‫تلخصه الجملة املشهورة “باملفخخات‬ ‫جيناكم”‪ .‬وقد راح ضحية التفجريين ما يزيد‬ ‫عىل أربعني قتي ًال وما يزيد عىل خمسني جريحاً‪،‬‬ ‫ناهيك عن األرضار يف املباين والسيارات وعن‬ ‫الجرح املعنوي والنفيس واالجتامعي‪.‬‬ ‫السوريّ وبني‬ ‫فإىل أين تتجه العالقة بني النظام ّ‬ ‫أهايل السويداء بعد التفجري ّين اإلرهاب ّيني؟ وال‬ ‫س ّيام َّأن الناس عموماً ال ت ّربئ النظام ْإن مل تكن‬ ‫تتّهمه باألصل‪ .‬هل مثة من تداعيات اسرتاتيج ّية‬ ‫تق ِّوض العالقة الراهنة بينهام؟ هل تتجه السويداء‬ ‫إىل التح ّرر من النظام وإسقاطه؟! اليشء الذي‬ ‫يعني‪ ،‬كام يعتقد األهايل‪ ،‬الحصار والقصف أسوة‬ ‫السور ّية التي ُأس ِق َطت التامثيل‬ ‫بباقي املناطق ّ‬ ‫فيها؟! أم إىل بقاء النظام واستقوائه وانتقامه‬ ‫وتصفياته؟! وبناء متاثيل جديدة؟! أم تبقى الحالة‬ ‫كام كانت قبل التفجريين؟! حالة املراوحة يف‬ ‫املكان التي ّ‬ ‫يلخصها املثل الشعبي‪“ :‬قاعد بحضنه‬ ‫وع ْب ِينتف بذقنه”‪ .‬أم تتّجه األهايل إىل “اإلدارة‬ ‫الذاتية”؟ أي استمرار عالقة واهية مع النظام‬ ‫حيث يقدِّم هو الطحني والكهرباء والرواتب‬ ‫واملحروقات كالدارج‪ ،‬وتقوم األهايل بإدارة‬ ‫شؤون عيشها وأمنها املح ّ‬ ‫يل فال تتع ّرض املحافظة‬ ‫للقصف والحصار وال يتع ّرض النظام للسقوط‬ ‫يؤسس لالنفصال‬ ‫فيها‪ .‬أم إىل “حكم ذايت” ّ‬ ‫والتقوقع الطائفي؟!‬ ‫نعلم َّأن التكهنات باألحداث املفردة احتاملية‬ ‫وميكن أن يحدث أي احتامل من االحتامالت‬

‫غري املحصورة‪ ،‬ولكن هذا ينطبق عىل التك ّهن‬ ‫بالحدث املفرد املحدّد‪ ,‬أما بالسريورة‪ ،‬أي العملية‬ ‫التاريخية والعقلية‪ ،‬فالتكهن جائز وميكن له ْأن‬ ‫يحدّد الخطوط العامة للعمل ّية واملسار العام‬ ‫ال بالتفصيل‪ .‬فمث ًال تو ّقع الكثريون من أبناء‬ ‫املحافظة وبناتها تصفية “وحيد البلعوس” أل َّنه‬ ‫تحدّى النظام‪ ،‬ولكن مل يتك ّهنوا باملكان والزمان‬ ‫والكيف ّية‪ .‬فأىت التفجريان كمفاجأة بالزمان واملكان‬ ‫والكيف ّية ولكن باملتو ّقع باستهداف “البلعوس”‪.‬‬ ‫راوحت العالقة بني النظام وبني أهايل السويداء‬ ‫فعلياً بني الحياد السلبي تجاه النظام وبني الحياد‬ ‫اإليجايب‪ .‬فلم تنحز كلياً له ومل تنحز كلياً للثورة‪،‬‬ ‫والدليل هو عدم تقديم الجند واملال لكليهام‪.‬‬ ‫وميكن تصنيف السويداء بأنها فقط مواالة كالم ّية‬ ‫للنظام ومنارصة كالم ّية للثورة‪ .‬وقد بدأ النظام‬ ‫منذ سنة تقريباً بفقدان هيبته األمن ّية وبفقدان‬ ‫الثقة فيه تدريجياً‪ .‬وهنا نالحظ التناسب العكيس‬ ‫بني هيبة النظام وبني هيبة األهايل؛ فكلام ق ّلت‬ ‫هيبة النظام زادت هيبة األهايل‪ .‬وكذلك كلام‬ ‫انعدمت الثقة بالنظام زادت ثقة األهايل بنفسها‪.‬‬ ‫إ َّنها حالة من “توازن الخوف”؛ فالنظام يخاف‬ ‫األهايل الذين يخافون بطش النظام‪.‬‬ ‫تأيت هذه األسئلة عىل خل ّفية حالة عاشتها‬ ‫املحافظة منذ اإلنتخابات الشكلية األخرية عندما‬ ‫قام “البلعوس” وجامعته بإطالق رساح أحدهم‬ ‫من قبضة فرع األمن العسكري وسبقها االعتداء‬ ‫عىل خيمة االنتخابات أمام مبنى املحافظة‬ ‫باملدينة‪ .‬وقبلهام ّ‬ ‫التدخل لفك امللتحقني بالخدمة‬ ‫العي”‪.‬‬ ‫العسكر ّية واالحتياط من معسكر “س ّد ّ‬ ‫وبعدها محاوالت عديدة ومتك ّررة إلطالق رساح‬ ‫بعض العسكر ّيني املطلوبني الذين تم إلقاء القبض‬ ‫عليهم عىل الحواجز أو التحقوا بفعل “العفو‬ ‫الرئايس”‪ .‬وبعدها إطالق رساح أحدهم من فرع‬ ‫األمن الجنا ّيئ كانوا قد لفقوا له تهمة جنائ ّية‪.‬‬ ‫ناهيك عن تكسري حاجز الجو ّية ورضب ضابط‬ ‫باألمن الجنا ّيئ يف قرية “الرحى” إ ّبان الخطف‬ ‫املضاد الذي قامت فيه جامعة “البلعوس”‪،‬‬ ‫ورضب ضابط من األمن الجويّ عىل حاجز الجو ّية‬ ‫أثناء تسليم مخطوفني اثنني وب ّراد ْيهام‪.‬‬ ‫وطاملا َّأن األمور تخرج عن سيطرة النظام فقد‬ ‫عمل عىل الر ِّد أمنياً كاملعتاد وذلك من خالل‬

‫ترويج تهمة اإلرهاب وتهمة العاملة إلرسائيل‪،‬‬ ‫وعمل عىل إشعال الفتنة الدّرز ّية‪-‬الدّرز ّية والفتنة‬ ‫الدّرز ّية‪-‬الحوران ّية والفتنة الدّرز ّية‪-‬البدو ّية‪ ،‬ولجأ‬ ‫إىل التعامل األمني والتصفيات واملالحقات وأخرياً‬ ‫رمبا يتّجه إىل حصار املحافظة وقصفها‪.‬‬ ‫وميكن تلخيص الرأي العام يف السويداء بأنّ‬ ‫املحافظة غري قادرة عىل االستغناء عن النظام‬ ‫الذي يتح ّكم بالطحني واملاء والكهرباء واالتصاالت‬ ‫واملحروقات‪...‬وال يريد الرأي العام نفسه ْأن مي ّد‬ ‫ّ‬ ‫التخل‬ ‫النظام بالجند واملال وكذلك ال يريد منه‬ ‫عن حامية السويداء من اإلرهاب املزعوم‪ .‬معادلة‬ ‫متناقضة نعم ولكنها واقع ّية فلطاملا اجتمعت‬ ‫املتناقضات واقع ّياً‪.‬‬ ‫ُذ ِعر النظام من ردّة الفعل الغاضبة والفوضوية‬ ‫والشعب ّية وبدأ الفربكة اإلعالمية الكاذبة واالنكفاء‬ ‫عن املواجهة املبارشة واللجوء إىل مواجهة غري‬ ‫مبارشة بأيا ٍد درز ّية‪.‬‬ ‫ّمثة تداعيات اسرتاتيج ّية تطال العالقة مع النظام‬ ‫وال تطال العالقة بالشعب السوري والوطن‬ ‫السوري‪ .‬فقد رفض دروز السويداء التقسيم‬ ‫واالنفصال عن الوطن األم وعملوا عىل تكريس‬ ‫الوحدة واالستقرار ورفض مج ّرد الدعوات للحكم‬ ‫الذايت وما شابه ذلك‪.‬‬ ‫فتاريخ دروز السويداء الوطني املرتبط بقضايا‬ ‫املنطقة ‪-‬كقضية مقارعة االستعامر واالنتداب‬ ‫واالحتالل وقضية فلسطني وقضية الوحدة العربية‬ ‫ يؤ ّكد أن دروز السويداء ُمك ِّون اجتامعي أصيل‬‫السوريّ وليسوا ُمك ِّوناً‬ ‫من ُمك ِّونات الشعب ّ‬ ‫سياسياً عىل اإلطالق ِّ‬ ‫وأن ما ُي ِّثل طموحهم هو‬ ‫الدولة الوطنية الدميقراطية بالصيغة الفدرالية ال‬ ‫املركز ّية‪.‬‬ ‫َّإن وطنية دروز السويداء وعروبتهم أهم من‬ ‫طائفيتهم بدليل عدم تنسيقهم مع دروز آخرين‬ ‫يف وطنيات مجاورة كاألردن ولبنان وفلسطني عرب‬ ‫تاريخهم الطويل يف سوريا وبالرغم من املحاوالت‬ ‫الكثرية املحمومة‪.‬‬ ‫إننا أمام معادلة معكوسة بالسويداء؛ فك ّلام زاد‬


‫اللوبي النسوي السوري ٌ‬ ‫ترف أم حاجة؟‬ ‫رامي العاشق‬

‫‪8‬‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫ّ‬ ‫مستقل غري حز ّيب ملتزم باملشاركة‬ ‫سيايس‬ ‫“لويب‬ ‫ّ‬ ‫املتساوية للمرأة والرجل يف جميع عمليات صنع‬ ‫السيايس يف سوريا وعىل جميع املستويات‪،‬‬ ‫القرار‬ ‫ّ‬ ‫يؤمن أعضاؤه ّ‬ ‫بأن الدميقراط ّية ال ميكن أن تبنى‬ ‫من دون االحرتام والتنفيذ الكامل لحقوق املرأة‬ ‫كحقوق عامل ّية لإلنسان‪ ،‬ومبادئ املساواة الكاملة‬ ‫الخاصة والعا ّمة”‬ ‫بني املرأة والرجل يف الحياة‬ ‫ّ‬ ‫هكذا يع ّرف اللويب النسويّ السوريّ بنفسه‬ ‫الرسمي عىل شبكة االنرتنت‪ ،‬اللويب‬ ‫عىل موقعه‬ ‫ّ‬ ‫تأسس قبل عام وبضعة أشهر‪ ،‬وقابل نائب‬ ‫الذي ّ‬ ‫األممي إىل سوريا ّ‬ ‫مؤخ ًرا يف جنيف‪ ،‬ما زال‬ ‫املبعوث‬ ‫ّ‬ ‫السيايس للمرأة السورية‪ ،‬ويرى‬ ‫يعمل عىل الدور‬ ‫ّ‬ ‫يف ذلك أولو ّية ورضورة تتيح الوصول إىل كافة‬ ‫الحقوق الح ًقا‪ .‬ولكن؛ هل هناك نتائج سيحققها‬ ‫هذا اللويب يف أوج القتل اليومي؟ هل سيدخل يف‬ ‫رصاعات كباقي التشكيالت السياسية وانشقاقات‬ ‫أم سيستمر؟ هل سيعمل يف اإلغاثة؟ وهل الوجوه‬ ‫النسو ّية املعروفة ذاتها ستبقى كام هي؟‬

‫أدا ُة ضغط وليس حز ًبا سياس ًيا‪.‬‬

‫رميا فليحان‪“ :‬اللويب أداة ضغط تريد العمل عىل‬ ‫ّ‬ ‫كل القوى السياس ّية لدعم متثيل النساء ومشاركتهنّ‬ ‫السيايس دون أيّ خندقة لصالح جهة دون‬ ‫بالعمل‬ ‫ّ‬ ‫أخرى‪ ،‬هدفنا دعم املشاركة السياس ّية للمرأة أينام‬ ‫كانت‪ ،‬وضامن وجود املساواة وحقوق اإلنسان‬ ‫وحقوق النساء يف ّ‬ ‫كل أوراق القوى السياس ّية‪ ،‬لويب‬ ‫سيايس يقف عىل مسافة واحدة من الجميع وليس‬ ‫حز ًبا سياس ًّيا”‪.‬‬

‫الحزب السيايس أيديولوجي‪.‬‬

‫خولة غازي‪“ :‬هناك فرق بني فكرة األحزاب‬ ‫واملنظامت أو الجمعيات‪ ،‬ففي األحزاب ينبغي أن‬ ‫تكون للكوادر القناعات األيدلوجية ذاتها والهدف‬ ‫والتوجه ذاته‪ ،‬بينام يف املنظامت ليس من الرضورة‬ ‫أن يكون ذلك”‪.‬‬

‫تقارير‬

‫األحزاب السياس ّية القامئة عىل أساس النوع‬ ‫االجتامعي أحزاب عنرصية بالرضورة‪.‬‬

‫هند ّ‬ ‫مجل‪“ :‬لسنا مع األحزاب التي تتش ّكل عىل‬ ‫أساس جندري‪ ،‬قومي‪ ،‬عرقي‪ ،‬ديني‪ ،‬أو طائفي‪.‬‬ ‫أل ّنها بالتايل ستكون أحزا ًبا عنرص ّية بالرضورة‪ ،‬وهذا‬ ‫غري ممكن يف سوريا دولة املواطنة والدميقراط ّية‬ ‫التي نسعى إليها‪ ،‬ولكن ميكن أن تكون هناك‬

‫تنظيامت سياس ّية ذات أكرث ّية نسائ ّية‪ ،‬وقيادتها‬ ‫نسائ ّية تأيت عن طريق االنتخاب كام يف السويد”‪.‬‬

‫لدينا أجندة واضحة‪ ،‬اللويب ال يعمل يف اإلغاثة‪.‬‬

‫تش ّكلت ّ‬ ‫منظامت ومجموعات عديدة بعد الثورة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املنظمت النسو ّية التي‬ ‫وكانت هناك مجموعة من‬ ‫يتوحد معها‬ ‫سبقت اللويب‪ ،‬ومل يدخل اللويب بها ومل ّ‬ ‫ومل يدمج مشاريعه معها‪ ،‬تقول دينا أبو الحسن‪:‬‬ ‫السيايس‪ ،‬وال توجد‬ ‫متخصص يف التمكني‬ ‫“اللويب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حتّى اآلن مجموعة أخرى تعمل عىل هذا الهدف‪،‬‬ ‫بق ّية املنظامت النسو ّية لها اختصاصاتها األخرى‪،‬‬ ‫ونحاول العمل مع بعضها بشكل متكامل‪ ،‬بحيث‬ ‫نستفيد من خربتها ونتبادل اآلراء واملعلومات‪ ،‬لدينا‬ ‫أيضا عضوات ّ‬ ‫ً‬ ‫منضمت إىل منظامت نسو ّية أخرى‪،‬‬ ‫وأرى ّأن دمج املشاريع سوف يشتّت الجهود‬ ‫خاصة مع اختالف األهداف‪،‬‬ ‫ويبطئ سري العمل‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫اللويب ال يعمل يف اإلغاثة مثل‪ ،‬وال يف املشاريع‬ ‫التنمو ّية‪ ،‬نحن نعمل يف مجال جديد نسب ًيا ولدينا‬ ‫أهداف بعيدة املدى”‪ .‬تؤ ّكد رميا فليحان‪“ :‬لدينا‬ ‫أجندة واضحة‪ ،‬هدف واحد ال غري وهو املشاركة‬ ‫السياس ّية للنساء ومتكينهنّ لهذا العمل وضامن‬ ‫وجود حقوقهنّ عىل أوراق القوى السياسية اآلن‬ ‫ويف املستقبل‪ ،‬يف الدستور واملؤسسات”‪.‬‬

‫ّ‬ ‫كل حقوق النساء أولو ّية‪ ،‬ولكنّنا بعد األرقام‬ ‫أدركنا حجم املشكلة‪.‬‬

‫تضيف فليحان‪ّ :‬‬ ‫“كل حقوق النساء أولو ّية‪ ،‬لكنّنا‬ ‫السيايس بسبب الواقع‬ ‫رأينا أن نبدأ بالتمكني‬ ‫ّ‬ ‫السيايس املرتدّي للتمثيل النسويّ عقب الثورة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجود نساء فاعالت اليوم يف أماكن صنع القرار‬ ‫ويف القوى السياس ّية والحزب ّية واملجالس املحل ّية‬ ‫سيضمن وجود حقوق النساء يف املرحلة االنتقال ّية‬ ‫والدستور وسوريا املستقبل” بدورها أبو الحسن‬ ‫تقول‪“ :‬نحن ندرس أسباب ضعف املشاركة‬ ‫السياس ّية‪ ،‬ونستطلع من األحزاب والت ّيارات عدد‬

‫املشاركات ومستوى املشاركة‪ ،‬متهيدًا للقيام بالدور‬ ‫الحقيقي ل ّلويب وهو الضغط من أجل مشاركة‬ ‫نسائية أكرب‪ ،‬عندما بدأنا العمل قبل نحو سنة‪،‬‬ ‫مل تكن هناك إحصائ ّيات حول املشاركة السياس ّية‬ ‫للمرأة‪ ،‬وعندما بدأت األرقام تتّضح بعد اتصالنا‬ ‫باألحزاب املختلفة وجم ِعنا للمعلومات‪ ،‬أدركنا‬ ‫حجم املشكلة ومدى حاجتنا لتوجيه جهودنا‬ ‫وتركيزها يف مجال محدد”‪.‬‬

‫حتمي!‬ ‫الكوتا أمر‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫مجل‪“ :‬التمييز القائم عىل أساس‬ ‫تتحدّث‬ ‫الجنس ال يزال عائ ًقا أمام مشاركة املرأة رسم ًّيا يف‬ ‫عملية ا ّتخاذ القرار‪ ،‬ومشاركتها يف املوارد املاد ّية‬ ‫والسياس ّية‪ ،‬والكوتا هي تخصيص نسبة من املقاعد‬ ‫للنساء يف الربملان والوزارات واألحزاب‪ ،‬وهذا‬ ‫األمر غري مقبول يف دولة املواطنة‪ ،‬ولكنّنا نسعى‬ ‫إليها كحل مؤقت فقط لحني الوصول إىل نظام‬ ‫دميقراطي حقيقي” وتضيف غازي‪“ :‬الكوتا أمر‬ ‫حتمي يف الدول النامية‪ ،‬أو يف الدول التي تشهد‬ ‫ّ‬ ‫نزاعات للوصول إىل املناصفة بني النساء والرجال‪،‬‬ ‫ولكن هناك فرق بني أن تكون املرأة معدّة سل ًفا‬ ‫للعمل السيايس من خالل دورات عديدة يف هذا‬ ‫الخصوص وأن تكون مجرد ديكور”‪.‬‬

‫ماذا قدّم اللويب فعل ًّيا عىل أرض الواقع؟‬

‫تجيب خولة غازي‪“ :‬ال ميكن يف سنة ونصف‪،‬‬ ‫ويف ظل الظرف القتايل عىل األرض‪ ،‬أن تنصف‬ ‫عمل اللويب وال أيّ عمل مدين آخر‪ ،‬فلغة السالح‬ ‫هي السائدة‪ ،‬كام ّأن املناطق التي خرجت عن‬ ‫سيطرة النظام تحكمها فصائل إسالم ّية متشدّدة‬ ‫تجعل عمل املرأة صع ًبا‪ ،‬ويف بعض األحيان شبه‬ ‫مستحيل”‪ ،‬أ ّما رميا فليحان فتقول‪“ :‬استطاع اللويب‬ ‫أن يتواصل مع القوى السياس ّية السور ّية‪ ،‬وأن يعقد‬ ‫اجتامعات ها ّمة عىل مستوى قيادات تلك القوى‪،‬‬ ‫موضوعي للمشاركة النسائ ّية‬ ‫ويضعها أمام نقد‬ ‫ّ‬ ‫فيها‪ ،‬كام تواصل مع بعض املجالس املحل ّية يف‬ ‫الداخل‪ ،‬ويقوم بإجراء دراسات علم ّية منهج ّية‬ ‫ستنرش قري ًبا‪ ،‬ستفيد يف الحالة التقييم ّية للواقع‬ ‫واقرتاح الحلول‪ ،‬واستطاع التواصل مع مجموعات‬ ‫عمل نسو ّية يف داخل سوريا لتقييم االحتياجات‬ ‫عىل مستوى التمكني‪ ،‬كام أقام ورشات عمل‬ ‫متكين ّية ً‬ ‫أيضا‪ ،‬والتقى بجهات دبلوماس ّية رفيعة‬ ‫املستوى‪ ،‬عىل مستوى األمم املتّحدة والعامل‪ ،‬وقدّم‬


‫‪9‬‬

‫العدد ‪- 57 -‬‬ ‫‪2015 / 10 / 15‬‬

‫إمكان ّيات العمل السيايس النسايئ‬

‫تقول خولة غازي‪“ :‬العمل يف ّ‬ ‫ظل الخراب والدم‪،‬‬ ‫حتى ولو كان بطيء النتائج‪ّ ،‬إل أ ّنه أفضل من‬ ‫الركون إىل فرضية ّأن ال يشء يجدي يف الحرب‪،‬‬ ‫عمل الناشطني وخاصة من هم عىل األرض يتبع‬ ‫قاعدة املمكنات يف ّ‬ ‫ظل القبضة األمن ّية والقبضة‬ ‫الدين ّية يف بعض املناطق” وترى رميا فليحان أن‪:‬‬ ‫“هناك إمكان ّية داخل القوى السياس ّية وداخل‬ ‫املجالس املحل ّية‪ ،‬وهناك ضغط لتمثيل النساء‬ ‫بالعمل ّية السياس ّية واألحزاب الناشئة” أ ّما دينا أبو‬ ‫الحسن فتقول‪“ :‬قد تبدو أهدافنا طموحة للغاية‬ ‫يف الظروف الحال ّية‪ ،‬ولكنّها مرشوعة وطبيع ّية‬ ‫ولن يقوم مجتمع سليم دون تحقيقها‪ .‬واجهنا‬ ‫اعرتاضات كثرية خالصتها ّأن أهدافنا بعيدة عن‬ ‫الواقع‪ ،‬ولكنّنا ال نعمل فقط من أجل الواقع الحايل‪،‬‬ ‫بل من أجل املستقبل ً‬ ‫أيضا‪ .‬قد ال نرى اليوم الذي‬ ‫تحظى فيه املرأة بكافة حقوقها السياس ّية وغريها‪،‬‬ ‫لكن من واجبنا العمل لريى أبناؤنا وبناتنا هذا‬ ‫اليوم ويعيشوا هذا الواقع”‪.‬‬

‫تقارير‬

‫وجهة نظرنا حول املشاركة النسائية‪ ،‬وعن سوريا أبو الحسن‪“ :‬لدينا عدة مشاريع تشمل زيارات‬ ‫لصنّاع القرار يف عدة دول ضمن حملة الضغط‬ ‫املستقبل كام يراها اللويب”‪.‬‬ ‫واملنارصة‪ ،‬وحمالت موجهة للنساء يف سوريا‪،‬‬ ‫مهم يخص املشاركة‬ ‫كم عدد الشابات تحت عمر ‪ 30‬يف اللويب؟‬ ‫كام نعمل حال ًّيا عىل بحث ّ‬ ‫دينا أبو الحسن‪“ :‬ال أعرف العدد بالتحديد‪ ،‬السياسية‪ ،‬وسوف يعلن عن تفاصيله يف نهاية‬ ‫وأستطيع القول إن أغلب عضوات اللويب يف العام أو أوائل العام املقبل”‪.‬‬ ‫الثالثينات أو األربعينات من العمر‪ ،‬مع وجود‬ ‫عدّة شابات يف العرشينات‪ ،‬نحن بحاجة للجميع اإلسالم ّيات وحقوق اإلنسان والدميقراطية‬ ‫والتوجهات‪ ،‬ونستفيد من واملساواة‬ ‫عىل اختالف األعامر‬ ‫ّ‬ ‫وجود ومشاركة وخربة الجميع‪ ،‬والباب مفتوح سوريا حسب رؤية اللويب هي دولة مد ّنية‬ ‫يتم من دميقراط ّية تعدّد ّية ملتزمة بحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫للراغبات‪ ،‬كان الرتشيح يف املرحلة األوىل ّ‬ ‫املؤسسات‪ ،‬وعددهن ‪ ،15‬ولكن التي قد تتعارض مع الرشيعة اإلسالم ّية يف بعض‬ ‫خالل العضوات ّ‬ ‫بعد إطالق صفحة اللويب عىل االنرتنت‪ ،‬أصبح النّقاط‪ ،‬هل هذا األمر جعل وجود اإلسالم ّيات ّ‬ ‫أقل‬ ‫بإمكان جميع الراغبات و(الراغبني) مراسلتنا يف اللويب؟ وهل سيصنع ً‬ ‫رشخا حقيق ّيا يف طبيعة‬ ‫السيايس؟‬ ‫مستقبلها‬ ‫لالنضامم إىل اللويب‪ ،‬بصفة “عضوات” للنساء عالقة املرأة السور ّية مع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مجل‪“ :‬لدينا عضوات إسالميات‬ ‫تقول هند‬ ‫السور ّيات و”أصدقاء اللويب” بالنسبة للرجال‪.‬‬ ‫متنورات يف اللويب ولكن نسبتهنّ قليلة” وتضيف‬ ‫رميا فليحان‪“ :‬اللويب له هو ّية دميقراطية واضحة‪،‬‬ ‫مشاريع جديدة‪.‬‬ ‫تن ّوه رميا فليحان‪“ :‬لدى اللويب خطط للتواصل وبابه مفتوح لجميع النساء املؤمنات بتلك‬ ‫والتنسيق وفتح باب التعاون والتشبيك مع الرؤية ّ‬ ‫بغض النظر عن توجهاتهنّ ‪ ،‬وال أعتقد ّأن‬ ‫املنظامت النسو ّية األخرى والقيام بجوالت عالقات اإلسالميات ض ّد الدميقراطية دامئًا‪ ،‬هذا تعميم‬ ‫عا ّمة‪ ،‬وتركيز وتوسيع عمل اللويب” وتضيف دينا غري دقيق‪ ،‬هناك شخص ّيات إسالم ّية مؤمنة‬

‫بالدميقراط ّية‪ ،‬ووجود الس ّيدة أسامء كفتارو يف‬ ‫اللويب خري دليل عىل هذا”‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫إيران‪ ..‬نموذج الدولة الفظيعة‬ ‫فادي محمد‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫مقاالت‬

‫ال ميكن الحديث عن وجود اجتامعي للبرش‪،‬‬ ‫عن اجتامع وتشارك وتعاون‪ ،‬حوار وحرية‬ ‫وكرامة أيضاً‪ ،‬بدون مقولة االختالف‪ ،‬بدون‬ ‫اإلقرار باختالف البرش وتنوعهم‪ ،‬خصوصية‬ ‫كل فرد إنساين‪ ،‬ومتيزه عن اآلخرين‪ ،‬اإلقرار‬ ‫بقدرته الظاهرة واملمكنة عىل التفكري‬ ‫واالستنتاج وإبداء الرأي واإلبداع أيضاً‪ ،‬اإلقرار‬ ‫أنه قادر أن يكون له فكره الخاص وشخصه‬ ‫املختلف‪ .‬ليس ذلك فحسب بل إن اجتامع‬ ‫البرش وتعاقدهم وتشاركهم وتعاونهم‪ ،‬بأمس‬ ‫الحاجة لهذا الفرد املختلف املميز –املمكن‬ ‫جدا– كام أنه ال وجود اجتامعي للبرش بدون‬ ‫هذا االختالف‪ ،‬التباين والتاميز بني مجموع‬ ‫أفراده‪ .‬مقولة املجتمع كائنة ضمن هذه‬ ‫الحيثية وناقصة جدا عند مداحل االستبداد‬ ‫الذي يسعى إللغاء االختالف محاوال إنشاء‬ ‫النسخ املتشابهة‪ ،‬املتامثلة حد التطابق‪.‬‬ ‫املجتمع الذي ليس هو مجموع أفراده‬ ‫كام علمتنا كل املدارس التافهة واملتيبسة‬ ‫ثقافياً‪ ،‬بل هو بالضبط رشكة وتشارك قوامه‬ ‫العالقات (خارجية‪ :‬عمل تبادل تجارة ‪...‬الخ‪،‬‬ ‫وداخلية حب وحوار وتبادل أفكار ومحبة‬ ‫وزواج وإنشاء أرسة وعائلة وتربية أطفال‬ ‫ورعايتهم‪ .)..‬ومبا أنه ال عالقة بني متشابهني‪،‬‬ ‫لزوم العالقة هو بوجود أفراد مختلفني‪،‬‬ ‫تكون مقوالت املجتمع واالجتامع البرشي‬ ‫والشعب ككتلة سياسية مرضوبة ومصادرة‬ ‫يف دول االستبداد‪.‬‬ ‫ورمبا كانت أشد أشكال املصادرة هي الدولة‬ ‫األمنية والدولة الدينية وتعبريهام األسطع‬ ‫منذ نهاية القرن العرشين هام سورية‬ ‫وإيران‪ .‬ويبدو من املنطقي االعتقاد أنه مع‬ ‫تهاوي النظام األمني يف سورية ونهاية هذا‬ ‫الفصل املحزن املخزي‪ ،‬العار الكبري يف تاريخ‬ ‫اإلنسان منذ بدء الخليقة‪ ،‬يبقى الخطر األكرب‬ ‫هو استمرار تلك الدولة الفظيعة عىل شعبها‬ ‫وشعوب املنطقة التي تسمى إيران‪ ،‬خطرية‬ ‫باستخدامها املعتقد لتشن حربا عىل اإلنسان‬ ‫عرب استنساخه عىل مدى عقود‪ ،‬دافنة كل‬ ‫إمكان لوالدة الفرد املفكر املبدع املحب‪،‬‬ ‫مستبدلة بذلك أفراداً متشابهني يلبسون‬ ‫العاممة ويعانون من عقدة الذنب ملقتل‬ ‫الحسني‪ ،‬محولني هذه العقدة إىل عدائية‬ ‫غري مسبوقة تجاه أقوام محيطة بهم‪ ،‬عدائية‬ ‫تصل حد الرغبة بالقتل والفتك مبجموع‬

‫أوقفوا الثورة‪ ..‬ودعونا نتفرج!‬ ‫نبيل شوفان‬

‫املسلمني يف العامل عدا الشيعة الذين هم‬ ‫مذهب الحرس الثوري فقط! أليست‬ ‫دولة ال تضاهى بالقبح تلك التي ترعى‬ ‫وتريب مواطنيها عىل اثم مل يرتكبوه‪ ،‬يخص‬ ‫حادثة مىض عليها ‪ 14‬قرنا من خالل تعزيز‬ ‫حضورها بالوجدان العام للناس ونقلها‬ ‫من ساحة الوهم إىل ساحة الضمري الواخز‬ ‫لصاحبه‪ .‬الرتكيز عليها باملدارس والجوامع‬ ‫وحتى الجامعات‪ ،‬تربية األطفال عىل أنهم مل‬ ‫ينارصوا الحسني عندما جاء إىل العراق‪ ،‬وأن‬ ‫من قتل الحسني هم جريانكم يف تلك البالد‬ ‫املحيطة بنا‪ .‬أليس هذا بالضبط هو املسعى‬ ‫لبناء الشخص الذهاين من خالل تعزيز‬ ‫الشعور بالذنب والتعويض بالعدائية؟‪ ،‬تلك‬ ‫العدائية التي يعززها الكبت املعمم والحياة‬ ‫املحارصة بالرقابات الدينية والسياسية‬ ‫والجنسية والتي تحول اإلنسان اىل كائن‬ ‫مكفوف‪ ،‬عاجز عن التفكري والنقد والحب‬ ‫واالهتامم باآلخر‪ .‬إن كل من كرب يف ظل‬ ‫حالة الكبت والخوف والشعور بالذنب ومل‬ ‫يستطع الخروج من دائرة الرتبية اإليرانية‬ ‫أمامه خيارين‪ ،‬إما أن يعرب عن عقدته‬ ‫املكبوتة بالعدوانية والحرب والجرمية‬ ‫وتعذيب اآلخرين‪ ،‬أو أن يعيش مكفوفا كئيبا‬ ‫عاجزا‪ .‬وال نعمم هنا فبالطبع ال ميكن ألعتى‬ ‫األنظمة إطفاء جذوة الحياة بالكامل‪ ،‬وهناك‬ ‫الكثري من اإليرانيني األحرار الذين امتلكوا‬ ‫جرأة التغيري وقمعوا بأحقر وسائل القمع‪.‬‬ ‫أليست تلك الحالة املوصوفة هي حال‬ ‫الحرس الثوري اإليراين‪ ،‬وأبو الفضل العباس‬ ‫وحزب الله‪ .‬فرغم أن التشكيلني األخريين‬ ‫ليسا إيرانيني‪ ،‬لكن ميكن القول إنهام مدارس‬ ‫إيرانية بالوكالة‪ .‬هؤالء املكفوفني العاجزين‬ ‫عن اإلنخراط يف بلدانهم‪ ،‬عن إقامة العقد‬ ‫االجتامعي واملشاركة يف بناء أوطانهم (حزب‬ ‫الله ُم ِّ‬ ‫عطل سيايس دائم يف لبنان‪ ،‬حجر‬ ‫عرثة أمام أي مستقبل‪ .‬السيستاين وزمرته يف‬ ‫العراق‪ ،‬الحوثيون يف اليمن‪ ،‬والجميع يقول‬ ‫بوالية الفقيه ويتلقى الدعم الالمتناهي من‬ ‫إيران‪ ،‬الالئحة السابقة مل تكن يوما إال تعبريا‬ ‫ضدياً عن أحالم الناس ومستقبل البالد)‪.‬‬ ‫مل يقدم هؤالء إال منوذجا واحدا‪ ،‬مقاتلني‬ ‫منتفضني عىل بالدهم‪ .‬أليس من الغرابة‬ ‫أن تقدم السياسة عىل أنها وعاء يرتاح فيها‬ ‫الذهاين؟ تلك هي إيران‪.‬‬

‫ماذا لو أوقفتم الثورة املسلحة؟ هل هناك ما سنخرسه؟‪،‬‬ ‫يف الحقيقة مل أعد أرى جدوى يف مثابرة القتال‪ ،‬كم غر ًميا‬ ‫جلب لنا األغراب وفرض علينا مغالبته ومقاتلته تباعًا؟ لقد‬ ‫تفجر السوريون‬ ‫نلنا حريتنا منذ السنة األوىل‪ ،‬انظروا كيف ّ‬ ‫ثقافة وكتابة وشجاعة واخرتاعات وفن والخ!‪ ،‬لكن قرا ًرا تم‬ ‫اتخاذه بأن تد ّمى أياديكم وهي تقتطف مثار ثورتكم‪ ،‬حسنا‪،‬‬ ‫األشواك عادة تتخشب بفعل الزمن وال داعي القتالعها قل ًعا‪،‬‬ ‫شبحا ميتًا لن‬ ‫أعني أن بشار سقط‪ ،‬فانتظروا نعيه‪ ،‬وال تقاتلوا ً‬ ‫تستطيعوا قتله مرتني‪.‬‬ ‫ما معنى أن يقصف النظام ‪ 60‬جند ًيا سور ًيا دربتهم‬ ‫ألف ممن تبقى‬ ‫أمريكا ليواجهوا ستني ألف داعيش‪ ،‬ومائة ٍ‬ ‫من زعران مشارب األرض النتنة الذين يقاتلون مع “أبو‬ ‫عجز تنظيم‬ ‫الرباميل”‪ ،‬ومعهم قطب العامل روسيا!‪ ،‬أمل ُي ّ‬ ‫داعش وحده األمريكان والحكومة العراقية يف العراق؟ ثم‬ ‫حي القدم ومخيم الريموك‬ ‫حارص بغداد ووصلت عنارصه ّ‬ ‫يف قلب العاصمة السورية دمشق؟ ما هذا االنتحار؟! وما‬ ‫معنى أن تخطف بقية عنارصكم جبهة النرصة؟ وأن يلومكم‬ ‫السوريون‪ ،‬ويسخر منكم الناشطون‪ ،‬ويتهمكم الضبابيون‬ ‫بالعاملة ألمريكا؟!‪.‬‬ ‫ملاذا القتال ومن تقاتلون؟ هل هناك ما تغشيه عنكم‬ ‫األبصار‪ ،‬املعركة ليست معركتنا واملعمعة ليست وغانا‪،‬‬ ‫تأت بداعش‪ ،‬بل فعلها بشار األسد ونوري املاليك‬ ‫الثورة مل ِ‬ ‫حني أطلقوا زعامء التنظيم من السجون‪ ،‬ال نحن قلنا أليب‬ ‫بكر ‪-‬املطلق رساحه من سجن أبو غريب‪ -‬أقم الخالفة‪ ،‬وال‬ ‫انتخبنا الجوالين بعد خروجه من صيدنايا‪ ،‬وال صمتنا عن‬ ‫“أخطاء” زميله بـ “القاووش” زهران علوش‪.‬‬ ‫يا سوريني‪ ،‬إن األسد باقٍ فقط ألنه يقاتل حريتكم‪ ،‬ألنه‬ ‫يحارب إىل جانب مخاوف العرب من امتداد ثورتكم‪ ،‬أوقفوا‬ ‫القتال عىل الجبهات ليستسلم تجار السالح‪ ،‬وتتحرك بالد‬ ‫التحالف ‪-‬الذي يفاوض حركة طالبان والقاعدة يف أفغانستان‬ ‫بعد سنني قتال‪ -‬لتقول لألسد‪ :‬انتهت مهمتك‪.‬‬ ‫تعرف دول التحالف أن بشار وجيشه أضعف من أن يساعد‬ ‫يف الحرب للقضاء عىل تنظيم الدولة اإلسالمية‪ ،‬وأنهم إن‬ ‫أبقوا عىل األسد املكسور يف دمشق؛ فسيضطرون إما للقتال‬ ‫إىل جانب روسيا وهذا ما مل يحصل تاريخ ًيا وال حتى يف‬ ‫الحرب العاملية الثانية وحضور هتلر‪ ،‬أو ملفاوضة البغدادي‬ ‫عىل خروجه اآلمن من القرص الجمهوري‪ ،‬لذلك سيكون‬ ‫خيارهم الوحيد املتب ّقي أنتم أهل األرض‪ .‬أوقفوا حمالتكم‬ ‫التي تحاول إقناعهم باعتدالنا ألن الغرب يعرف اعتدالنا أكرث‬ ‫مام نعرفه‪ ،‬تفرغوا للفرجة واخرجوا من لعبة الحرب التي‬ ‫افتعلها الجميع ّإل السوريني‪ ،‬التي برشنا بها بشار األسد بعد‬ ‫ثالثة أيام من متزيق صورة أبيه فوق نادي ضباط حمص‪ ،‬إن‬ ‫رائحة واقعة عاملية ثالثة حامية أو باردة أو ما بني بني ‪-‬مل‬ ‫يعد يهم‪ -‬هي الوحيدة التي متأل األجواء‪ ،‬لقد انترصت الثورة‬ ‫وال داعي ملحاربة كل جيوش العامل‪.‬‬


‫ثورة السوري ووجوده األصيل‬ ‫نوار عقل‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 56 -‬‬

‫مقاالت‬

‫ليست الكتابة بلغة فلسفية عن الشأن السوري‬ ‫إال محاولة ملقاربة البعد الداليل السحيق‪ ،‬لثورة‬ ‫أصيلة يف عمقها‪ ،‬مازالت ّ‬ ‫تسطر تاريخها يف وجه‬ ‫العامل‪ ،‬وعىل خيط رفيع بات يفصل بني الحياة‬ ‫واملوت أو بني الوجود والعدم تشقُّ دربها‪ .‬لذلك‬ ‫فإن الكتابة عن الثورة والشعب السوري كانبثاق‬ ‫لـــــ “وجود أصيل” هو تأكيد عىل عمق الثورة‬ ‫من جهة‪ ،‬وعىل حتمية انتصارها من جهة أخرى‪.‬‬ ‫مييز الفيلسوف األملاين مارتن هايدغر بني نوعني‬ ‫من الوجود‪ ،‬الوجود األصيل‪ ،‬والوجود الزائف‬ ‫أو املبتذل‪ .‬ويرتبط كل نوع من الوجودين‬ ‫مبفاهيم عميقة تعرب عن صلة مختلفة بالعامل‪.‬‬ ‫ذلك أن الوجود الزائف يعرب عن ميل عام‬ ‫لدى الناس بالفرار من العدم املاثل يف صميم‬ ‫الوجود‪ ،‬مبتعدين عن أية محاولة تقودهم اىل‬ ‫البحث عن معنى أصيل أو البحث عن ماهيتهم‬ ‫الحقيقية‪ ،‬وذلك بالسقوط بني الناس يف الحياة‬ ‫اليومية الزائفة‪ ،‬تقودهم التفاصيل واألحداث إىل‬ ‫اللغو والرثثرة‪ .‬فالسقوط هو الهروب من القلق‬ ‫والعزلة‪ .‬وما القلق إال حالة الخوف املطلق أمام‬ ‫العراء املطلق‪.‬‬ ‫فالوجود املفعم بالقلق الوجودي هو الوجود‬ ‫األصيل عند هيدغر‪ ،‬وأفراد قالئل هم الذين‬ ‫يختارونه‪ ،‬وهذا يعني قبولهم معايشة القلق‪،‬‬ ‫وذلك بهدف تأكيد ذواتهم وتأكيد تفردهم‬ ‫كأفراد يسعون ملعرفة حقيقتهم ومعرفة معنى‬ ‫وجودهم الخاص‪ ،‬وسيكشف لهم (القلق)‪ ،‬ال‬ ‫معقولية الوجود‪ ،‬وأن الحياة ال معنى لها‪ ،‬ولكن‬ ‫مع االستمرار بها فاإلنسان هو الذي مينح الحياة‬ ‫معناها والوجود معقوليته‪ ،‬والقلق بهذا املعنى‬ ‫يدفع اإلنسان إىل البحث عن ماهيته الحقيقية‬ ‫املحتجبة‪ ،‬وهو يف الفلسفة الوجودية صانع‬ ‫لنفسه عرب ذاته‪ ،‬وأن يكون اإلنسان هو ذاته‬ ‫فهذه صفة من صفات الوجود األصيل‪ ،‬غري أن‬ ‫الذات ال ميكن أن تكون هي نفسها إال اذا متتعت‬ ‫بالحرية‪.‬‬ ‫ضمن دالالت هذا املعنى الفلسفي‪ ،‬يخوض‬ ‫السوري غامر ثورته‪ ،‬ويتجىل البعد الحقيقي‬ ‫لقراره الخطري إزاء وجوده وحريته‪.‬‬ ‫كام أن القلق والبحث عن األصالة‪ ،‬ليس إال نتاج‬ ‫وعي تشكل وتفتح تدريجياً داخل العامل وعنه‪،‬‬ ‫لحظة يصل الكائن فيها حد الشعور باالنفصال‬ ‫وعدم االنتامء للمكان أو الزمان‪ ،‬حيث الصدفة‬ ‫زرعته وألقت به مندهشاً‪ .‬إن قلقاً وجودياً يعرتي‬

‫كل سوري حر‪ ،‬فيعيش تجربة العدم‪ ،‬مبعناها‬ ‫الفلسفي األنطولوجي داخل نفسه‪ ،‬وأمام العامل‪،‬‬ ‫فيعود لنفسه‪ ،‬يستشعر هذا النقص الفظيع‬ ‫بالحرية واإلرادة‪ ،‬ويكون وجهاً لوجه أمام فكرة‬ ‫العدم‪.‬‬ ‫تلك هي حال شعب كامل‪ ،‬وأي فلسفة للوجود‬ ‫أكرب من رصخة الوجود التي أطلقها السوري‬ ‫يف شعاره “املوت وال املذلة”‪ ،‬ضد كل الزيف‬ ‫واالبتذال وضد كل املحاوالت‪ ،‬واإلرصار‪ ،‬عىل‬ ‫تعيني وجود السوريني حسب مقياس الرثثرة‬ ‫واللغو‪ ،‬وتحديدهم بها‪.‬‬ ‫يعرب الشعب السوري يف ثورته عن أغنى‬ ‫وأعمق معاين الوجود‪ ،‬حيث يعيش السوريون‬ ‫عىل هاوية مفزعة وقلق حد العدم‪ ،‬ملقني يف‬ ‫العامل منفصلني عن كل ما عداهم وحيدين عن‬ ‫سواهم ال يجمعهم مع اإلنسانية من صفات‬ ‫سوى التفرج‪ .‬لكن املتفرج املرتقب ملوته املتأين‬ ‫املحتوم‪ ،‬والناظر إىل مصريه القادم بكل عبث‬ ‫الفاجعة وسخطها‪ ،‬دون أي أمل يف الخالص‪،‬‬ ‫يقلب املسألة ليضع اآلخر املتفرج يف حالة سقوط‬ ‫أخالقي وأنطولوجي‪ ،‬يف حالة وجود زائف مبتذل‪.‬‬ ‫فحني يسقط الطفل السوري يف العامل وحيداً‬ ‫مرضجاً بعذاباته‪ ،‬يسقط العامل معه‪ ،‬يلفظه‬ ‫البحر الذي أثقله الحمل عن كاهله‪ ،‬لريى العامل‬ ‫مرآة نفسه مجلوة‪ ،‬ويرى انعكاس صورته عىل‬ ‫جسده الغض ونفسه املخنوق‪ .‬يشء واحد قد‬ ‫تخلص السوريون منه‪ ،‬الدهشة‪ ،‬فالدهشة تفقد‬

‫أصليتها أمام التعود والتكرار‪ ،‬ليحل محلها شعور‬ ‫عميق بالعدمية تجاه كل يشء يف العامل‪ ،‬وتجاه‬ ‫كل املفاهيم اإلنسانية أو اإللهية‪ .‬فالسوري الذي‬ ‫يعيش قلقه يعرف متاماً كيف يكون كل يشء‬ ‫صامت أمام رصخته‪ ،‬وكيف يغدو كل صخب‬ ‫خواء أمام سكونه وصمته العتيق‪ ،‬ويدرك متاماً‬ ‫انفصاله الفظيع وغربته عن املكان وعن الزمان‪،‬‬ ‫مكانه وزمانه‪ ،‬حيث الهوة تشد حبل الفراغ‬ ‫السحيق بينه وبني العامل من حوله‪ ،‬حيث الصدفة‬ ‫دفعت به ليخوض تجربته الخاصة والفريدة يف‬ ‫الحرية والكرامة مؤرخاً لوجوده األصيل‪.‬‬ ‫يف زمان التقنية وثورة املعلومات والخرب الرسيع‪،‬‬ ‫زمن (التواصل االجتامعي)‪ ،‬عرص الصورة‬ ‫والسينام‪ ،‬وحقوق االنسان والعدالة والدميقراطية‪،‬‬ ‫عرص اكتشاف الفضاء السحيق من حولنا‪ ،‬يعيش‬ ‫السوري عزلته عن الزمان‪.‬‬ ‫يف مكانٍ ‪ ،‬حيث السامء تحارصه بكل أشكال‬ ‫املوت‪ ،‬نحراً وحرقاً‪ ،‬وتشظياً أو خنقاً‪ .‬يف بلد‬ ‫حوله‪( ،‬بالد العرب أوطاين)‪ ،‬ينفصل السوري عن‬ ‫الوطن ألن الوطن للقاتل وليس ألهله‪.‬‬ ‫إن القلق كشعور أصيل يرافق السوري الباحث‬ ‫عن الحرية وعن معنى أصيلٍ للوجود‪ ،‬يتجىل‬ ‫بعمق الرفض واليأس واالزدراء لكل العامل‬ ‫املتفرج عىل مذبحته‪ ،‬حيث يلج السوري قدره‬ ‫ويشق دربه مطمئناً للعدم‪ ،‬مزهواً بدمه القاين‪،‬‬ ‫مرتفقاً بنفسه املقطوع‪ ،‬صوب الخالص والحرية‬ ‫واألصالة‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫دعوة للشغب‬

‫‪12‬‬ ‫رامي العاشق‬ ‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫يصدر العدد ‪ 57‬من مج ّلة طلعنا عالحرية أل ّول مرة‬ ‫متخصص بشؤون الثقافة السورية بعد‬ ‫بقسم ثقا ّيف‬ ‫ّ‬ ‫الثورة‪ ،‬وإميا ًنا منّا مبصداق ّية االسم الذي تبنّيناه‪ ،‬نريد‬ ‫أن نخرج إىل الحر ّية ّ‬ ‫بكل ما تعنيه الكلمة‪ ،‬الثورة‬ ‫وكست الكثري من التابوهات‪ّ ،‬إل أ ّننا مازلنا‬ ‫سبقت‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫نصا وتطبيقا‪ ،‬لذلك أعلنها‬ ‫نعيش يف فقاعة املحظور ًّ‬ ‫االبداعي الجميل الذي‬ ‫دعو ًة للشغب‪ ،‬الشغب‬ ‫ّ‬ ‫ميكن له أن يخلق ثورة موازية عىل املستوى الثقايف‬ ‫نوع مختلف‪ ،‬مضادًّا‬ ‫واملجتمعي‪ ،‬وليكن شغ ًبا من ٍ‬ ‫للفوىض‪ ،‬وللنظام الشليل الثقايف السائد‪ ،‬ومساحةً‬ ‫وإبداعات مختلفة‪ ،‬وبا ًبا‬ ‫مفتوح ًة ألقالم جديد ٍة‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫نفتحه م ًعا لغ ٍد أجمل‪ ..‬ال يقف فيه الشغب‪ ،‬وال‬ ‫تنطفئ شعلته‪.‬‬ ‫أصدقايئ‪ ،‬زماليئ‪ ،‬وأستاذيت املبدعني‪ ،‬اقبلوا دعويت‬ ‫َ‬ ‫املوت مبا يعيش‬ ‫الصادقة واملح ّبة‪ ،‬ولنحارب م ًعا‬ ‫ويبقى‪ُ ،‬‬ ‫ولتكن هذه املساحة –مهام كانت ض ّيقة‪-‬‬ ‫مساحتنا وبيتنا «بيت الضيق الذي يسع ألف‬ ‫صديق» ولرنفع أصواتنا يف وجه الدمار والظلم‬ ‫والديكتاتور ّيات القامئة‪ ،‬ولنكتب م ًعا اسم غدنا‬ ‫الذي سيأيت قري ًبا‪ ،‬ونحنُ قد رسمنا مالمحه بأيدينا‬ ‫وعقولنا وقلوبنا‪.‬‬ ‫أصدقايئ املشاغبني‪ ..‬سنطلع م ًعا‪ ..‬إىل الحر ّية‬

‫إلى ذاتي‪ ..‬في زنزانة الحرية‬

‫ثقافة‬

‫يكاد العام الثالث مييض‪ ..‬ومازال النرس أسري‬ ‫الغربان‪.‬‬ ‫يف كل م ّرة‪ ،‬أو مناسبة‪ ،‬أو حتى جلسة خاصة‬ ‫طلب مني الحديث فيها عن وائل سعد الدين‪،‬‬ ‫ُي ُ‬ ‫أستشعر بالسياط عىل ظهر القلب‪ ،‬وينتابني يشء‬ ‫يشبه “الثورة” بعنفها ونزقها وطيبها وحنانها؛‬ ‫ألرصخ يف وجه الطرقات‪ ،‬وعابريها‪“ :‬وائل ليس‬ ‫ً‬ ‫معتقل‪ ،‬وليس الثائر الح ّر‬ ‫شاع ًرا‪ ،‬وائل ليس‬ ‫الج ّبار‪ ،‬وائل هو البقية الباقية من روحي يف‬ ‫الشام‪ ..‬دعوين وروحي”‪.‬‬ ‫أن تستحرض صحبة أعوام يف أسطر؛ هو فعل‬ ‫تشوبه العبثية‪ ،‬وإذا ما كان هذا العرض العبثي‬ ‫عىل مرسح الغربة‪ ،‬يف كواليس الوحشة واألمل‬ ‫ُ‬ ‫تبحث‬ ‫بإعادة خلق الوطن من الكلامت؛ فأنت‬ ‫عن مربرات لالنتحار‪ ،‬وال تقلق؛ فهي كثرية‬ ‫ومتوفرة عىل قارعة الطريق‪.‬‬ ‫أي وجع يحمل هذه الروح‪ /‬روحي؛ عىل الرصاخ‬ ‫يف فضاء يسكنه الجميع‪ ..‬إال وائل؛ برسالة لوائل؟‬ ‫رصخ الرسائل ً‬ ‫وهل ُت ُ‬ ‫أصل؟ هل تكفي حنجرة‬ ‫الغريب إلطالق رصخة تعرب جدار سجن يف الوطن؟‬ ‫وائل‪ ..‬أذكر جيدًا حني َ‬ ‫كتبت‪:‬‬ ‫باألمس‪ /‬وخ ّف َف يل وطئي‪ /‬قال عن‬ ‫“ه ّي َم َخطوي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫فعكست اليش َء‬ ‫وعي األبد ّي ْة‪/‬‬ ‫الخري و ّ‬ ‫رس الكونِ و ِ‬ ‫بض ّد اليش ِء‪ /‬وتج ّرحت بصويت املدن السور ّية‪ْ/‬‬ ‫َ‬ ‫ســأنبئك مبا ْمل أنبئْ أحدًا من ُ‬ ‫قبل‪ /‬وأمسكني‬ ‫قال‬ ‫ناحت ّ‬ ‫ْ‬ ‫كل‬ ‫العرش بكينا‪/‬‬ ‫كفي و طرنا‪ /‬وعىل‬ ‫ِ‬ ‫من ّ‬ ‫األلواح‪/‬‬ ‫لوحا من بني‬ ‫مالئكة الجنّة و النا ِر‪ /‬فأخرج ً‬ ‫ِ‬

‫وسج َل‪/..‬حر ّي ْة‪“ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫كتبت حينها‪ :‬ليتعلم الشعراء منك‪ ،‬أتعرف يا وائل؟‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ق ّلة من تعل ْ‬ ‫مت أن القصيدة روح الناس‪ ،‬وأنك‬ ‫إن مل تكتب عن وجع أرواح أهلك‪ ،‬فأنت َ‬ ‫لست‬ ‫شاع ًرا‪ ،‬ولو ُح َ‬ ‫عم الخراب يا‬ ‫ملت عىل أكتاف النقاد‪ّ .‬‬ ‫صاحبي‪ ،‬فسدت األغنية‪ ،‬والعود والحناجر‪ّ ،‬‬ ‫والرق‬ ‫واألصابع‪ ،‬فسد كل يشء إال امللح النائم ساد ّيا عىل‬ ‫جراح الفقد واالفتقاد‪ .‬مازال امللح يفعل فعله‬ ‫ّ‬ ‫املمض يف خواطرنا الكسرية!‬ ‫أتخ ّيل حني يفيض الشوق عن االحتامل‪ ،‬خطواتك‬ ‫املتثاقلة عىل درب ما‪ ،‬أحفظ خطواتك جيدًا‪،‬‬ ‫وتنفجر الفاجعة بوجهي‪ :‬أي درب بقي لتثاقلكام‬ ‫عليه؟ هل بقي ّمثة مأوىً يف دمشق؟ أتستقبلنا‬

‫فادي جومر‬ ‫الغوطة باسم ًة كام كانت؟ هل ّ‬ ‫ظل هنالك حارة‬ ‫“آمنة” يف باب توما لنختبئ فيها بلهاثنا وعيوننا‬ ‫املرتقبة عبور غيالن األمن؛ لنتابع رصخاتنا يف‬ ‫امليدان؟‬ ‫ُأغلقت الدروب يا وائل‪ ،‬ما عاد لنا ّإل التثاقل‬ ‫املرهق الخجل يف طرقات ليست لنا بح ًثا عن‬ ‫ُ‬ ‫وأعرف أ ّنك‬ ‫ندماء ال يتقنون فعل الحزن ضاحكني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هربت تار ًكا بلدي تحت نار أعدائها‪،‬‬ ‫تعرف أين‬ ‫هل ستلتمس يل عذ ًرا من خلف القضبان؟ أم أنك‬ ‫ستخرج باح ًثا عن نديم استطاع البقاء‪ ،‬وتعاقبني‬ ‫–كام عاقبتني بلدي– بالحرمان من البوح؟‬ ‫ُ‬ ‫غادرت دمشق‪ ،‬أيعقل أنه‬ ‫مل أسمع صو َتك مذ‬ ‫عقاب من نوع مبتكر؟ ال ُ‬ ‫أعرف حقاً إن َ‬ ‫كنت‬ ‫تسأل عن أخباري‪ ،‬إن كان ّ‬ ‫يشفع لحارضي‪،‬‬ ‫مايض‬ ‫ُ‬ ‫إن كان حضوري يغفر لغيايب‪ ،‬ال أعرف‪ ..‬وأخافُ‬ ‫أن أعرف‪ ،‬فأنا كأغلب املوىت‪ :‬ال أرغب بقراءة‬ ‫نعويت‪.‬‬ ‫وائل‪ ..‬يا بقية الثورة‪ ..‬والحرية‪ ،‬يا آخر ما يل يف‬ ‫عبث املوت وجنون القصف نعربه ضاحكني من‬ ‫فرط الحياة‪ ،‬يا أول الندماء حتى الظأم وآخر‬ ‫املرتوين بروح الندامى‪ ،‬يا ّ‬ ‫طفل العتيد املرتبك‬ ‫أمام الجامل وهو يدرك أنه هو من يربك الجامل‪،‬‬ ‫يا عيني املطرقة بانتظارك‪:‬‬ ‫أنتظر خروجك لتحاكمني‪ ،‬أستحق محاكمة قاسية‬ ‫حاسمة ال رحمة فيها‪ ،‬أنتظر يديك الشاهقتني‬ ‫لتكتب يل‪“ :‬أين أنت اآلن؟” فأجيبك “يف أملانيا”‪..‬‬ ‫وينتهي الحديث بقولك “وأنا يف الشام”!‪.‬‬


‫سورية حول العالم‬ ‫نشرة ثقافية‪ :‬نجاحات‬ ‫ّ‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬ ‫مصطفى تاج الدين الموسى‬ ‫يفوز بجائزة دبي الثقافية‬

‫كتّاب وصحافيون وفنّانون‬ ‫سوريون ينشرون في أهم‬ ‫الصحف األلمانية‬

‫أصدرت صحيفة “‪ ”TAZ‬األملانية إحدى أهم‬ ‫خاصا بتاريخ‬ ‫الصحف األملانية وأشهرها عددًا ً‬ ‫‪ 2-10-2015‬بعنوان‪“ :‬الالجئون يكتبون”‪ ،‬كتب‬ ‫فيه مجموعة من الكتاب والصحافيني السوريني‬ ‫منهم‪ :‬رامي العاشق‪ -‬كفاح عيل ديب – عبود‬ ‫سعيد – دعاء النبواين – كنان خداج – عيل قاف‬ ‫– حيان اليوسف – رامان خلف – يحيى األوس‬ ‫وغريهم‪ ،‬ويأيت هذا العمل يف سياق املشاريع‬ ‫األملانية التي تهدف للتعريف بالكفاءات‬ ‫السورية يف املجتمع األملاين من جهة‪ ،‬ويثبت‬ ‫جدارة مبدعينا من جهة أخرى‪ ،‬وينفي ما يشاع‬ ‫عن ذهابهم إىل أوروبا ليجلسوا بال عمل ويعيشوا‬ ‫عىل املساعدة‪ ،‬أو أنهم تخ ّلوا عن قض ّيتهم‪.‬‬

‫اختري رسام الكاريكاتري الفلسطيني السوري هاين‬ ‫ع ّباس سف ًريا ملؤسسة “‪United Sketches for‬‬ ‫‪ “ Freedom‬الدولية مم ّث ًل سوريا‪ ،‬املؤسسة‬ ‫الدولية التي مق ّرها فرنسا؛ اختارت ع ّباس‬ ‫ملساهمته الكبرية يف ترسيخ قيم الحرية من خالل‬

‫سعد حاجو يحصل على‬ ‫أرفع جائزة كاريكاتير‬ ‫سويدية‬

‫حصل الفنّان السوري سعد حاجو عىل جائزة‬ ‫“‪ ”EWK‬السويدية للكاريكاتري التي تع ّد أرفع‬ ‫جائزة كاريكاتري سويد ّية‪ ،‬ومنحت لجنة التحكيم‬ ‫الجائزة لحاجو عن مجمل أعامله‪ ،‬وكان الفنان‬ ‫السوري قد أقام عدّة معارض كاريكاتري يف السويد‬ ‫ويف عدّة دول أخرى للتعريف بقض ّية السوريني‬ ‫عن طريق الكاريكاتري والسخرية‪.‬‬

‫أوركسترا ألمانية تغنّي نشيد‬ ‫الفرح باللهجة السورية‬

‫أقيمت يف مدنية كولونيا األملانية حفلة موسيق ّية‬ ‫ألوركسرتا املاسيرتو “‪”Thomas Gebhardts‬‬ ‫عازف‬ ‫للموسيقا الكالسيكية التي تتألف من ‪ٍ 35‬‬ ‫مغن‪ ،‬ولكنها كانت بشكل مختلف هذه‬ ‫و‪ٍ 80‬‬ ‫املرة‪ ،‬إذ أن األوركسرتا يف ‪ 2015\10\3‬غنّت‬ ‫مع ‪ 15‬سور ًّيا نشيد الفرح لبتهوفن والذي كتب‬ ‫كلامته بالعربية الشاعر السوري فادي جومر‬ ‫بعد أن ترجمه املرتجم الفلسطيني‪-‬األملاين حكم‬ ‫عبد الهادي‪ ،‬حرض الحفل عدد كبري من األملان ّيني‬ ‫والعرب واستمعوا للمقطوعة العاملية بكلامت‬ ‫عرب ّية وباللهجة السورية‪“ :‬ا ّليل فرقنا هو ظلمنا \‬ ‫نحنا باألصل ضحكات \ إخوة إخوة إنتو ونحنا \‬ ‫بتجمعنا روح الحياة”‪.‬‬

‫عاصم الباشا يعلن عن “غبار‬ ‫اليوم التالي” بعد عشرين‬ ‫عامًا‬

‫أعلن الفنان التشكييل والكاتب السوري عاصم‬ ‫الباشا عن البدء بطباعة روايته “غبار اليوم التايل”‬ ‫بعد عرشين عا ًما من االنتظار‪ .‬الجدير بالذكر أنه‬ ‫بدأ كتابتها يف دمشق سنة ‪ ،1986‬وأنجزت عام‬ ‫‪ ،1996‬وأرادت إحدى دور النرش نرشها‪ ،‬لكنّ‬ ‫الرقابة طلبت حذف ‪ 24‬صفحة منها‪ ،‬فيها قصة‬ ‫الكاتب مع متاثيل “السيد الرئيس” التي كانت‬

‫سبب رحيله من سوريا‪ ،‬فرفض‪ ،‬وظلت تنتظر إىل‬ ‫اليوم‪ ،‬وستنرش يف اسطنبول الشهر القادم‪.‬‬

‫موسيقا سوريّة في ألمانيا‬ ‫وهولندا‬

‫وقف املوسيقي عامر شنايت‪ ،‬فلسطيني سوريّ ‪،‬‬ ‫عازف عود ومد ّرب فرقة جفرا‪ ،‬يف محكمة العدل‬ ‫قصته ويعزف موسيقاه‪ ،‬بعد أن‬ ‫الدولية‪ ،‬ليحيك ّ‬ ‫طاف هولندا بعوده وألحانه الرشقية‪ ،‬كذلك نبيل‬ ‫امللحن وعازف العود‪،‬‬ ‫أربعني‪،‬‬ ‫املوسيقي السوريّ ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بدأ مشواره يف أملانيا برسعة‪ ،‬بأكرث من ‪ 10‬حفالت‬ ‫متتالية يف أكرث من مدينة أملانية‪ ،‬رغم أنه فيها منذ‬ ‫عدة أشهر فقط‪.‬‬

‫زينة ارحيم تم ّثل سوريا في‬ ‫قمة النساء في العالم‬

‫اختريت الصحافية الزميلة زينة ارحيم من سوريا‬ ‫للمشاركة يف قمة النساء يف العاصمة الربيطانية‬ ‫لندن‪ ،‬الق ّمة التي تدعى إليها أهم الشخصيات‬ ‫النسائية يف العامل‪ ،‬وكانت زينة ارحيم قد فازت‬ ‫بجائزة (بيرت ماكلر) للصحافة الشجاعة واألخالقية‬ ‫العام املايض‪.‬‬

‫مسيرة ثالث سيدات سوريات‬ ‫في فرنسا‬

‫قامت جمعية مدينة تولوز الفرنسية لدعم سورية‬ ‫بجلسة نقاش يوم السبت ‪ 2015\10\10‬عنوانها‪:‬‬ ‫“الحرية يف مواجهة االستبداد”‪ ،‬موضوعها األسايس‬ ‫مسرية ثالث سيدات سوريات “فداء حوراين‪،‬‬ ‫ووجدان ناصيف‪ ،‬وضحى عاشور” أتت هذه‬ ‫الندوة يف سياق تكريم السوريات والسوريني‪،‬‬ ‫التكريم الذي أصبح شائ ًعا بعد الثورة‪ ،‬فهنا جائزة‬ ‫وهنا كتاب‪ ،‬وهناك رواية‪ ،‬أو فيلم‪ ،‬االنفجار‬ ‫السوري أصبح يثمر ً‬ ‫جامل حول العامل‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫اختيار هاني عبّاس سفيرًا‬ ‫لمؤسسة “‪United Sketches‬‬ ‫‪ ”for Freedom‬الدولية‬

‫رسوماته‪ ،‬يذكر ّأن هاين ع ّباس قد حصل العام‬ ‫املايض عىل أرفع جائزة كاريكاتري يف العامل وتم‬ ‫تكرميه يف األمم املتحدة‪.‬‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫فاز الكاتب السوري مصطفى تاج الدين املوىس‬ ‫بجائزة ديب الثقافية عن فئة القصة القصرية‪ ،‬عن‬ ‫مجموعته القصصية (اثنان وسبعون عاماً يف لوحة‬ ‫ٍتشكيل ّية) ويذكر أن املوىس قد حصل عىل عدة‬ ‫جوائز عىل صعيد سوريا‪ ،‬كام حصل عىل جوائز‬ ‫عربية مثل‪ :‬جائزة الشارقة لإلبداع العريب ‪2012‬‬ ‫عن مجموعته األوىل‪( :‬قبو رطب لثالثة رسامني)‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫نساء الموت المبكر‬

‫‪14‬‬

‫سرى ع ّلوش‬

‫العدد ‪2015 /10 / 15 - 57 -‬‬

‫املرأة التي ال تعرف عن الحب أكرث من وقوعها‬ ‫فيه؛ ليست أكرث من طفلة منطية وساذجة‪ ،‬تفكر‬ ‫كيف ترفع نفسها وتقف عىل قدميها ويف كل مرة‬ ‫تسقط أكرث‪ ،‬وتصل إىل أعامق مل تصلها من قبل؛ هذه‬ ‫صورتها النمطية حتى يف عينيها‪ .‬املرأة املهووسة‬ ‫بالعاطفة واملتكربة عىل املنطق والكبرية عليه‪،‬‬ ‫جرحا‬ ‫تصهل كحصان يبيك حني يفتح لها أحدهم ً‬ ‫جديدًا‪ ،‬وتفضل الصرب عىل كرس قلبها مرة واحدة‬ ‫أخرية لتضع حدًا لهذا العذاب‪ .‬املرأة الشديدة الذكاء‬ ‫والحرص التي يكرهها رجلها ويلقي عليها اللوم دامئًا‬ ‫إذا تعطل خط السري‪ ،‬أو انقطعت الكهرباء‪ ،‬أو مات‬ ‫رس يف لعبة الورق أمام آخرين‪ ،‬فقط‬ ‫أحدهم‪ ،‬أو خ َ‬ ‫ألن الحب يعني له أال ترى شيئًا أو تقرتب من الخط‬ ‫الذي يجب أال تقطعه‪.‬‬ ‫املرأة الصغرية عىل الرصاخ والحزينة كأرجوحة ال‬ ‫تلمسها الريح‪ .‬تنظر يف املرآة لرتى شبح امرأة أخرى‬ ‫ينهال عليها الصرب بالسياط‪ ،‬فتأكل أملها وتحاول أال‬ ‫متوت‪ .‬كل امرأة تبحث عن قلبها بني أضالع رجل‪،‬‬ ‫وكل امرأة تقطع إشارات املرور الحمراء غري عابئة‬ ‫بالقناص الذي يرتقبها منذ أن ولدت ليطلق عليها‬ ‫رصاصة تحتفل بعدها القبيلة‪ ،‬وكل امرأة رفعت‬ ‫صوتها فوق صوت الباطل املحق السائد عنوة‬ ‫وقالت ال‪ ..‬هي تلك املرأة‪.‬‬

‫النساء الصامدات كحائط مكسور‪،‬‬ ‫والواضعات كل منهن قلبها تحت قدمي رجل‬ ‫نسيها بسبب االزدحام السكاين‪ ،‬املهمالت كصفقة‬ ‫مؤجلة‪ ،‬واملنسيات كغرفة الصف الثاين يف املدرسة‬ ‫اإلبتدائية‪ ،‬الواقعات يف الحب عىل أقدامهن أشجا ًرا‬ ‫ال تثمر ومع ذلك ال متوت‪ .‬النساء الوحيدات مهام‬ ‫ازدحمت حياتهن بالرضورات‪ ،‬ال عدالة تنصف‬ ‫أحالمهن من أظافر الذين ال يعرفون الرحمة‪ ،‬وال‬ ‫قانون يرفع من قدرهن بقدر برشيتهن‪ ،‬وال دين‬ ‫يؤمن بأحقيتهن بحياة كالحياة‪.‬‬ ‫عقيامت نحن‪ ،‬مل نتزوج ومل ننجب‪ ،‬ومل نعرف‬ ‫العشق إال من طرف واحد‪ ،‬وهكذا أصبحت‬ ‫عانسا أو مطلقة‪ ،‬محض فريسة لكالم‬ ‫واحدتنا ً‬ ‫الناس أو للرجال امللولني بطبعهم والباحثني يو ًما‬ ‫بعد يوم عن فريسة جديدة‪ .‬ينهرنا العامل دامئًا‬ ‫عن البحث عن أنفسنا ويحكمنا بالعيب والحرام‬ ‫واملنهي عنه‪ .‬كل يشء يحدث لنا مسكوت عنه‬ ‫ألن الفضيحة سيدة املوقف وعقرب البوصلة التي‬ ‫يسري خلفها الجميع‪.‬‬ ‫حامالت وزر أنوثتنا نولد‪ ،‬ومطالبات بالتكفري‬ ‫عنها وإخفائها هر ًبا من أعني الناس‪ ،‬وهكذا فإن‬ ‫مل نكن عفيفات عىل طريقة السائد دامئًا‪ ..‬نصري‬ ‫عاهرات حتى وإن ثبت العكس‪ .‬أحالمنا عار‪،‬‬

‫أفكارنا عار‪ ،‬أوجاعنا عار‪ ،‬صورنا عار يخىش منه‬ ‫األب واألخ والزوج‪ .‬منسيات نحن كدم الشهداء‪،‬‬ ‫كساق جثة مفقودة‪ ،‬كخشبة سفينة أكلها البحر‪،‬‬ ‫منسيات يا الله وال ذنب لنا‪ .‬تتهاوى أرواحنا‬ ‫صباحا وتسقط من أجسادنا عىل بالط املنازل لكنّ‬ ‫ً‬ ‫أحدًا ال يرفعها ويساعدنا عىل االلتصاق بها مجددًا‬ ‫كروتني برشي يصفق له الجميع‪.‬‬ ‫نساء املوت املبكر نحن؛ تلدنا الصدفة ونتبعها‬ ‫لتحط بنا عىل أول رصيف تحمل الريح ضيوفه‬ ‫العابرين‪ .‬نرفع أجنحتنا ونبدأ بالطريان إىل أقرب‬ ‫قفص يحمينا صاحبه من رشور أصحاب األقفاص‬ ‫األخرى دون أن ندرك أن األقفاص جميعها‬ ‫متشابهة‪ ،‬وأن قل ًبا ال يتسع لدموعنا املسفوحة‬ ‫رسا كل ليلة لن يتسع ألي يشء آخر‪ .‬منيض حياتنا‬ ‫ًّ‬ ‫واقفات خلف األبواب بانتظار صدفة جديدة‬ ‫تضع جناحني لرجل القفص عله يبيك مثلنا‪ ،‬أو‬ ‫يسمي القفص بيتًا وميأله مبا استطاع من األحالم‪.‬‬ ‫أوالدنا يكربون‪ ،‬يصبحون أكرب منا‪ ،‬يتعلمون امليش‬ ‫وصناعة الوعود للجميالت اللوايت سيصدقنهم‪.‬‬ ‫يصبحون رجاالً بأقفاص يرتكون الحدائق خارجها‪،‬‬ ‫وحني نهرم من االنتظار نرتك بناتنا واقفات‬ ‫عىل حد غيمة قريبة من األرض‪ ..‬ريثام تلدهن‬ ‫الصدفة‪ ،‬وتعلمهن الطريان‪ ..‬إىل أسفل!‪.‬‬

‫ثقافة‬ ‫لوحة للفنانة مروة النجار‬


‫إذ نعيش هناك على فيسبوك‬

‫‪15‬‬

‫باسل مطر – مرشوع سالمتك‬ ‫‪www.salamatech.org‬‬

‫‪Odai Al Zoubi‬‬

‫العدد ‪2015 / 10 / 15 - 57 -‬‬

‫===================‬

‫‪Tammam H Hunaidy‬‬

‫حب مدهش ٍة‬ ‫قص َة ٍّ‬ ‫أفضل ما قدّم ُت ُه لهذه الثورة ّ‬ ‫وربا بسببها‪ ،‬وهذا يشء مام ق َّد َم ْت ُه‬ ‫عشتُها خاللَها‪ّ .‬‬ ‫هي يل!‬ ‫===================‬

‫‪Faraj Bayrakdar‬‬

‫املبارزة وفق األعراف عرب العصور فيها يشء من‬ ‫النبل‪ ..‬لألسف مل ُتتَح لشعبنا‪ ،‬وال يل‪ ،‬أي مبارزة‬ ‫من هذا النوع‪ ..‬أقول ذلك رغم قناعتي أنني ميكن‬ ‫أن أسقط من أ ّول جولة‪.‬‬ ‫===================‬

‫تيسري خلف‬

‫حني يصفق القاتل للقتيل‬ ‫القتلة املجرمون الذين وقفوا ضد حرية الشعب‬ ‫السوري باملال والسالح والرجال‪ ،‬طوال خمس‬ ‫سنوات‪ ،‬وأرسلوا ميليشياتهم ومراسليهم الحربيني‬ ‫ليك يلفقوا القصص ويتسرتوا عىل املجرمني‬ ‫الحقيقيني‪.‬‬ ‫القتلة هم ذاتهم الذين يصفقون اآلن لفتية‬ ‫فلسطني املرضجني بدمائهم‪.‬‬

‫منوعات‬

‫الزال فيسبوك املنصة األكرث شعبية يف سوريا‪،‬‬ ‫والزال األكرث شعبية يف العامل‪ .‬وقد رافق‬ ‫فيسبوك السوريني يف ثورتهم منذ يومها األول‬ ‫منصة للتوثيق ونرشاألخبار وقناة للتواصل‬ ‫واالتصال مع ازدياد ترشدهم يف أصقاع مختلفة‬ ‫من األرض‪ .‬لكن ماهي سلبيات ذاك الفضاء‬ ‫الكبري العاج بالغرائب والعجائب؟‬ ‫أنت‬ ‫هل تتخيل مثال نرش صورة عن بطاقتك‬ ‫الشخصية عىل املأل؟ أو وضعها يف نافذة‬ ‫مفتوحة يستطيع الوارد والغادي أن يصل إليها‪،‬‬ ‫ويستخدمها يف أمر ما ال يحلو لك؟‪ ،‬يف بيتك‬ ‫الفيسبويك حقول كثرية تغريك بنرش الكثري‬ ‫من البيانات الحساسة عنك‪ ،‬كرقم هاتفك‪،‬‬ ‫وعنوان بريدك اإللكرتوين‪ ،‬وعنوانك‪ ،‬واملطاعم‬ ‫التي ترتادها يف ليلة ما‪ ،‬أو املدينة التي حطيت‬ ‫بها الرحال‪ ،‬أو الجامعة التي تدرس فيها‪ .‬قد ال‬ ‫تشكل هذه املعلومات فرادى أي خطر يذكر‬ ‫عليك‪ ،‬لكنها مجتمعة تبني صورة كاملة عنك‪،‬‬ ‫وعند وقوعها يف يد ال تريد لك الخري‪ ،‬قد ينتحل‬ ‫صاحبها شخصيتك ويسبب الرضر لك وملن‬ ‫تحب‪.‬‬ ‫البيت‬ ‫تشبه صفحتك عىل فيسبوك بيتك الذي تعيش‬ ‫فيه‪ ،‬يزورها الكثريون كل حني ويوم‪ ،‬وتعطي‬ ‫صورة عنك وعن منط تفكريك وتوجهاتك‪ ،‬وتيش‬ ‫بعالقاتك وقراباتك‪ .‬إن املقارنة بني بيتك وبني‬ ‫صفحتك عىل فيسبوك ليست مبالغة أبدا‪ ،‬لذلك‬ ‫عليك أن تتعامل معها من ذاك املنطلق‪ .‬اسمح‬ ‫فقط ملن تثق بهم باالطالع عىل مضمونها‪ ،‬وال‬ ‫تدع كل من هب ودب يعاين صورك وصور‬ ‫أبناءك وبناتك وأخوتك وأصدقاءك‪ ،‬وال تنرش‬ ‫عليها ما قد ييسء إليك‪ ،‬وحصنها جيدا حتى‬ ‫ال تقع بني أيدي ذوي النوايا السيئة أو الباحثني‬

‫عن املغامرة أو سبل ابتزاز اآلخرين‪ .‬فكر مليا‬ ‫بكل ما تحجم عن اطالع اآلخرين عليه من‬ ‫شؤون حياتك الخاصة وعملك وتعاطى معه‬ ‫عىل ذات الدرجة من الجديه يف بيتك االفرتايض‪.‬‬ ‫ال تجعل بيتك مكانا تعرض فيه ما ال تقبل أن‬ ‫تعرضه عىل جدران منزلك الحقيقي‪ ،‬وال تسمح‬ ‫ملن ال تأذن لهم بدخول منزلك الحقيقي‬ ‫بالولوج بسهولة إىل بيتك االفرتايض‪ .‬ال تضع يف‬ ‫بيتك ما يؤذي العني أو السمع‪ ،‬كام تفعل متاما‬ ‫يف بيتك‪.‬‬ ‫املجتمع‬ ‫هناك الكثري من الناس الطيبني يف هذا العامل ويف‬ ‫العامل الفيسبويك‪ ،‬لكن كرث آخرون ليسوا عىل‬ ‫ذات الخصال‪ .‬كثريا ما نجد أنفسنا بعد ردح من‬ ‫الزمن جز ًءا من مجتمع وهمي مل نخرته متاماً‪،‬‬ ‫أصدقاء ال نعرفهم‪ ،‬فتيات أو شبان‪ ،‬مشاهري‬ ‫وسوى ذلك‪ .‬يطلب آخرون صداقتنا فنلبي‬ ‫طلبهم دون التمعن فيهم ويف شخصياتهم‪،‬‬ ‫تتسع تلك الشبكة من العالقات‪ ،‬ومير يف رشيط‬ ‫األحداث لدينا أخبار‪ ،‬ومعلومات‪ ،‬وقصص‪،‬‬ ‫وطرف وشائعات ال نعرف مثينها من غثها وال‬ ‫صحيحها من كاذبها‪ ،‬ومع الوقت ال نستطيع‬ ‫متييز الحقيقة من غريها‪ ،‬ونعتقد أن هذا العامل‬ ‫هو الحقيقة التي ال تقبل الشك‪.‬‬ ‫ال تعد وال تحىص اآلثار السلبية عىل سلوكنا‬ ‫وفهمنا للواقع والتي مصدرها هذه الشبكات‪.‬‬ ‫ال ينفي كل هذا أهميتها ودورها الكبري يف‬ ‫تقريب الناس ونرش املعلومات واألخبار‪ ،‬لكن‬ ‫مسؤوليتنا كمستخدمني يف اختيار من نخالط‬ ‫وكيف ُنخضع ما نرى إىل قواعد املنطق قبل‬ ‫قبوله ليست بيسرية وال سهلة‪ .‬كثريا ما يؤدي‬ ‫األمر مبستخدمي فيسبوك إىل إدمان استخدامه‬ ‫واإلغراق يف حياة واهمة بعيدة عن الواقع‪،‬‬ ‫وهو أكرث تلك األخطار حدة وأصعبها عالجا‪.‬‬

‫ال يجوز أن متنعنا املرارة و الحسد من الفرحة‬ ‫بالحراك اللبناين و الفلسطيني‪ :‬كل كسب للحرية‬ ‫فيهام كسب لنا عىل املدى الطويل‪.‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬ال داعي إلخفاء الحسد‪ :‬ليتنا نحظى مبثل‬ ‫هذه السلطات التي تقمعهم‪ ،‬بدالً من نظام‬ ‫الرباميل الهمجي العبثي هذا‪.‬‬ ‫عىل السوري اليوم أن يتع ّلم كيف يفرح و يساهم‬ ‫يوسع هوامش الحرية يف العامل‪ ،‬من‬ ‫بأي حراك ّ‬ ‫لبنان إىل تركيا إىل فلسطني إىل أملانيا إىل أمريكا‪،‬‬ ‫كامتاً حسده يف الجد‪ ،‬و نارشه يف الهزل اللئيم امل ّر‬ ‫الصادق‪.‬‬ ‫ال يجوز أن نعتزل‪ ،‬و ان نسخر‪ ،‬من اآلخرين فقط‬ ‫ألنهم محظوظون مقارن ًة بنا‪ .‬هم أيضاً يتع ّرضون‬ ‫ملنظومات قمع منحطة وخسيسة‪ ،‬و من واجبهم‬ ‫علينا الدعم املعنوي‪ ،‬عىل أقل تقدير‪.‬‬ ‫فلنحسدهم برصاحة و بوضوح‪ ،‬و لنكن معهم يف‬ ‫الوقت نفسه‪.‬‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.