طلعنا عالحرية / العدد 28

Page 1

‫العدد ‪28‬‬ ‫‪2013 /5/ 16‬‬

‫صوَر سوريا‪..‬‬

‫ووجوه القتلة السافرة‬ ‫كتائب "الجيش الحر" إذ تتفرّغ لإلغاثة‬

‫قوى املعارضة واملناطق املحررة‬ ‫الهجوم اإلسرائيلي وتداعياته‬

‫في سهل الغاب‬ ‫عبيدٌ وأحرار على‬ ‫ضفتي العاصي‬ ‫مبادئ ثقافة‬ ‫التسامح‬ ‫وقود الثورة الذي‬ ‫ال ينضب‬


‫‪2‬‬

‫كلمة‬

‫بقلم‪ ..‬ليلى الصفدي‬

‫كان الإن�سان القدمي قبل ن�شوء احل�ضارة الإن�سانية هدف ًا‬ ‫وفري�سة للإن�سان الآخر متام ًا مثل �أي حيوان بري‪ ..‬ومع‬ ‫ن�شوء القبائل الأوىل وحماولتها ب�سط �سيطرتها على مناطق‬ ‫نفوذها كان القب�ض على �إن�سان من قبيلة �أخرى ال يحتمل‬ ‫م�آل �آخر غري قتله والتهامه‪ ..‬وكان �أكل القلب خ�صو�ص ًا‬ ‫و�صب الدم الطازج يف قعر جمجمة الفري�سة و�شربه عالمة‬ ‫على االنت�صار واال�ستحواذ‪ ،‬واعالن ًا بانتقال قوة الفري�سة‬ ‫اىل خ�صمها ‪ ..‬ملتهمها‪..‬‬ ‫مثل هذا الإعالن متام ًا ن�شهده اليوم يف حادثة االلتهام‬ ‫القبيحة التي قيل �أنها يف حم�ص و�أن منفذها من رجاالت‬ ‫اجلي�ش احلر‪ !..‬لكن عو�ض ًا عن �أ�سطورة انتقال القوة ف�إن‬ ‫ما ن�شهده هنا انتقا ًال رمزي ًا وواقعي ًا للأخالق واخل�صال‪..‬‬ ‫وتقم�ص ًا مثري ًا ل�شخ�صية ال�شبيح يف �أ�سو�أ مالمح انحطاطها‬ ‫والتي ثار ال�شعب ال�سوري من �أجل �إ�سقاطها‪.‬‬ ‫لي�ست هذه للأ�سف حادثة يتيمة و�إن كانت متطرفة يف‬ ‫ب�شاعتها‪ ،‬فحوادث االنتهاك �أ�صبحت �ش�أن ًا يومي ًا لبع�ض‬ ‫الكتائب املقاتلة ومل يعد هناك جماال للتغا�ضي عنها �أو‬ ‫ال�سكوت عليها فقد باتت تهدد فع ًال ب�إلغاء الفارق وامل�سافة‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫بني القاتل وال�ضحية‪ ..‬بني نظام جزار وثورة �شعب‪.‬‬ ‫كلنا نذكر الفتة الزبداين الرائعة "و�أنت تقاتل عدوك…‬ ‫انتبه… �أن تتخ�صل بخ�صاله"‪ ،‬وقد رفع �أهلنا الثائرين‬ ‫الالفتات تلو الالفتات يف حماولة للإبقاء على الفارق ويف‬ ‫�إ�صرار للت�أكيد على روح الثورة الإن�سانية‪ ..‬ثورة الأمل‪..‬‬ ‫ثورة احلرية والكرامة‪..‬‬ ‫و�إذا كان البع�ض يرى من مربرات لهذه االنتهاكات ب�إرجاعها‬ ‫�إىل هول ما يفتعله النظام من تدمري وقتل وجمازر‪ ..‬من‬ ‫اغت�صاب و�إذالل‪ ،‬ف�إننا نقول �أن هذا هو التحدي الأكرب �أمام‬ ‫ثورتنا‪ ،‬وهذا هو اجلهاد الأعظم‪� ..‬أال نتحول �إىل قتلة رغم‬ ‫كل الأمل‪ ..‬و�إال نتماهى مع عدونا‪� ..‬صحيح قد يكون املقدم‬ ‫على مثل هذه الأفعال قد عانى الأهوال‪ ..‬ومن يده باملاء لن‬ ‫يفهم بالت�أكيد �شعور من يده يف النار‪ ،‬لكن اذا ر�ضينا بهذا‬ ‫املنطق ف�إىل �أين �سوف ن�صل‪� ..‬ألي�س هذا انت�صار ًا للنظام‬ ‫القاتل ولنهجه الهمجي؟!‬ ‫جهادنا اليوم وحتدياتنا يف ان نبقى على �إن�سانيتنا‪ ،‬و�إال‬ ‫نن�سى �أننا قد خرجنا نن�شد العدل واحلرية ال الظلم والقمع‪،‬‬ ‫الت�سامح ال االنتقام‪ ..‬القانون ال �شريعة الغاب‪...‬‬


‫‪3‬‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫صوَر سوريا ووجوه َ‬ ‫القتلة السافرة‬ ‫زياد ماجد‬ ‫مل ي�سبق حلرب �أو لثورة �أو ملجازر �أن �شاهدها املتابعون‬ ‫"مبا�شرة" عرب مئات �ألوف الأفالم وال�ص َور‪ .‬الثورة‬ ‫ال�سورية هي احلدث الأ ّول امل�ص ّور بهذه الكثافة‪� ،‬إن يف‬ ‫تفا�صيله الأكرث م�أ�ساوية �أو يف امل�سحات الف ّنية والإبداعية‬ ‫التي ترافق �أحداثه وتط ّوراته‪ .‬كما �أنه احلدث الأكرث‬ ‫ُعر�ضة للمتابعة الب�صر ّية بكامريات �أ�صحابه‪ ،‬متظاهرين‬ ‫ومقاتلني وقتلى وقتَلة ومواطنني �صحاف ّيني ي�شهدون البهاء‬ ‫�أو الأهوال‪.‬‬ ‫و�إن كان لهذا الأمر ف�ضيلة‪ ،‬قائمة يف الأر�شفة وحماية‬ ‫ال�شهادات والتوثيق وحفظ الإجنازات وبناء ذاكرة الغد‪،‬‬ ‫و�إن كان له بع ٌد �س ُيفيد يوم ًا يف درا�سة �أطوار الت�أريخ‬ ‫بال�صوت وال�صورة ومعنى العمل املواطني – الإعالمي و�أثر‬ ‫الهواتف املحمولة وعد�ساتها ومواقع التوا�صل االجتماعي‬ ‫على الكتابة ال�سيا�سية واالجتماعية‪ ،‬ف�إن جوانب مقلقة‬ ‫وخطرية (ومحُيرّ ة) تنبعث منه �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫من هذه اجلوانب مث ًال �أننا يف احلالة ال�سورية �أمام ا�ستثناء‬ ‫نرى فيه وجوه املجرمني املبا�شرين ون�سمع �أ�صواتهم وبع�ض‬ ‫اّ‬ ‫واجللدين وهو يع ّذبون �أو‬ ‫ال�سجانني‬ ‫حواراتهم‪ .‬نرى‬ ‫ّ‬ ‫يغت�صبون �أو يقتلون‪ .‬نراهم وهم ُيحاورون ال�ضحايا‪ .‬نرى‬ ‫الق ّنا�صة وهم ينتظرون طرائدهم‪ ،‬ونرى بع�ضهم يتّ�صل‬ ‫ب�أهل و�أقارب ّ‬ ‫م�شرك ًا املت َ​َّ�صل بهم مبا‬ ‫مب�شر ًا مبا �سيفعل ِ‬ ‫ميار�س �أو مبا ينوي ممار�سته‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬تبدو الأهوال �أمور ًا حم ّلية "عائلية" نكاد نعتاد‬ ‫متابعتها‪ ،‬ينفّذها قتَلة بوجوه "�أليفة" ت�شبه الوجوه التي‬ ‫ن�صادفها يف احلياة اليومية‪ .‬وهكذا ُي�صبح الق ّنا�ص احتمال‬ ‫جا ٍر ُيقيم يف مبنى مقابل‪ ،‬واملغت�صب احتمال بائع قهوة‬ ‫التقينا ابت�سامته ذات �صباح‪ ،‬واملعذِ ب �أ�سراه بال�سكاكني‬ ‫احتمال قريب لزميل يف العمل �أو لب ّواب مدر�سة الأوالد‪.‬‬ ‫واملخيف يف الأمر �أن هذا االنك�شاف التام ملالمح القاتل‬ ‫اليومي‪ ،‬ع�سكري ًا كان �أم عن�صر خمابرات �أم �ش ّبيح ًا �أم‬

‫مدني ًا حامل �سالح‪ُ ،‬ي�ص ّعب ال�شفاء يف املقبل من الأ�شهر �أو‬ ‫ال�سنوات من لعنات العنف‪ .‬ذلك �أن ما ُيعرف و ُيروى �شعبي ًا‬ ‫بعد احلروب �أو الثورات ال يدخل عاد ًة يف تفا�صيل القتل‬ ‫ومنفّذيه‪ .‬فمع تو ّقف العنف �أو "�إبرام ال�صلح" يختفي القتَلة‬ ‫املجهولو الوجوه بني النا�س وال َيعرف كرثة خارج دوائرهم‬ ‫ما فعلوا‪ .‬و�إن نالت املحاكمات من بع�ضهم‪ ،‬يتح ّول الباقون‬ ‫اىل "مواطنني عاد ّيني" �أو يحملون يف دواخلهم ذكريات‬ ‫و�أمرا�ض ًا و�أ�سرار ًا قد يروونها يوم ًا �أو يطويها الن�سيان‪.‬‬ ‫فيبقى بذلك الق ّنا�ص يف خم ّيلة النا�س خملوق ًا جمهو ًال ال‬ ‫عيون له وال �أ�سماء علم‪ ،‬ويبقى وا�ضع العبوة النا�سفة م�سخ ًا‬ ‫ال جمال لو�صفه‪ ،‬والذابح بال�س ّكني �شبح ًا ي�ستحيل اعتباره‬ ‫�شبيه ًا باملا ّرين على الر�صيف املقابل‪.‬‬ ‫�أما هنا‪ ،‬يف �سوريا‪ ،‬فال ميكن التك ّهن مبا �ستنتجه ثقافة �ص َور‬ ‫القاتل وال�ضحية على حد �سواء‪ .‬هي التجربة الأوىل التي‬ ‫نرى فيها وجوه القتَلة "اليف"‪ .‬نرى املوت يتد ّفق من �أفواه‬ ‫و�أيادٍ و�أ�صوات‪ ،‬ونراه يهبط فردي ًا �أو جماعي ًا من �أ�شخا�ص‬ ‫ميكن ل�سور ّيني �أن يعرفوهم و�أن يعرفوا �أماكن عي�شهم‪.‬‬ ‫ويف نزع القناع عنهم ما ُينهي فر�ض ّيات بقائهم يف املتخ ّيل‬ ‫اجلمعي كائنات جمهولة ت�صعب مالم�سة تفا�صيل وجوهها‬ ‫والتن ّبه اىل كلماتها والتطبيع املُفرت�ض الالحق يف احلياة‬ ‫اليومية مع ذويها‪.‬‬ ‫�ص َور �سوريا هي �إذن يف جوانب منها �أكرث من �شهادات‬ ‫وتوثيق وت�أريخ ومادة درا�سة‪ .‬هي مر�آة لبع�ض ما ميكن �أن‬ ‫ُيخرجه جمتمع يف حلظة انفالت العنف الذي زرعه النظام‬ ‫على مدى �أربعني عام ًا فيه‪ .‬وهي مترين على جتاوز الدمار‬ ‫الإن�ساين‪ ،‬مبعنى �أنها مترين على الت�سامح (امل�ستقبلي)‬ ‫املطلوب مع �أطفال القتَلة ال�سافري الوجوه‪ ،‬ولي�س معهم هُ م‪.‬‬ ‫وهي بذلك حماولة �شاقة للر�ؤية بالعقل �أ ّو ًال و�آخر ًا‪ ،‬ولو من‬ ‫خلف الدموع �أو الذهول‪ ،‬اىل �أن تُتيح الأزمنة القادمة ر�ؤي ًة‬ ‫بطي �صفحة دموية مر ّوعة اىل الأبد‪...‬‬ ‫من خلف افتخا ٍر ّ‬


‫‪4‬‬

‫مقاالت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫كتائب "الجيش الحر" إذ تتفرّغ لإلغاثة‬ ‫رزان زيتونة‬ ‫كيف ميكن تف�سري ظاهرة قيام بع�ض الكتائب املُقاتلة يف‬ ‫عدد من املناطق املح ّررة يف �سوريا‪ ٬‬باالنخراط يف الأعمال‬ ‫اخلدمية واملدنية و�صرف �أموال طائلة عليها‪ ٬‬يف الوقت‬ ‫الذي ت�ستمر فيه املعارك على خمتلف اجلبهات يف تلك‬ ‫املناطق؟‬ ‫ً‬ ‫و�إذا كانت اجلهات الداعمة تهدف فعال �إىل م�ساعدة‬ ‫ال�سكان يف الأمور اخلدمية واحلياتية‪ ٬‬فلماذا �أُ ِوكلت تلك‬ ‫لبع�ض منها فقط‬ ‫املهمة للكتائب والألوية الع�سكرية ‪ -‬بل ٍ‬ ‫تخ�ص اجلهات املانحة ولي�س م�صلحة‬ ‫وبنا ًء على اعتبارات ّ‬ ‫الأهايل‪ -‬بد ًال من املجال�س املحلية واجلهات املدنية؟‬ ‫ما عالقة الكتائب بت�شغيل الأفران �أو ت�سيري موا�صالت‬ ‫عامة �أو الإ�شراف على املدار�س �أو الق�ضاء وغريها من‬ ‫�ش�ؤون املدنيني‪.‬‬ ‫املنطق يقت�ضي �أن ت�ص َرف الأموال املمنوحة للمقاتلني من‬ ‫�أجل تعزيز قوتهم الع�سكرية و�صمودهم على اجلبهة‪٬‬‬ ‫ولي�س لتعزير الفكر �أو التيار الذي تدعمه هذه اجلهة �أو‬ ‫تلك‪ .‬لكن ما يح�صل على �أر�ض الواقع يف بع�ض املناطق‬ ‫املحررة ينحى يف االجتاه املعاك�س متام ًا‪.‬‬ ‫وك�أنّ هناك من يعمل على بناء دويالت �صغرية متتلك املال‬ ‫وهم ال�سيطرة‪ .‬وهو وه ٌم لأن املناطق‬ ‫وال�سالح الذي مينحها َ‬ ‫املحررة التزال حتت احل�صار ويف قلب املواجهة‪ ،‬وخطر‬ ‫�إعادة االجتياح لي�س م�ستحي ًال‪ ،‬ولأنها حتت ال�ضربات‬ ‫الربية واجلوية ب�شكل يومي‪ ٬‬ولأن ن�سبة ال�سكان التي عادت‬ ‫�إليها بعد النزوح ال تزال ب�سيطة رغم الأرقام املبالغ فيها‬ ‫التي يتم تداولها‪.‬‬ ‫�إنّ �أي ًا من الأجهزة اخلدمية واملدنية التي عملت تلك‬ ‫بحال من الأحوال حتى‬ ‫الكتائب على ت�أ�سي�سها ال ي�صلح ٍ‬ ‫للبناء عليه يف املرحلة االنتقالية‪ .‬لي�س فقط الرجتالها‬ ‫و�شبه انعدام االخت�صا�صيني فيها‪ ٬‬واعتمادها على املال‬ ‫ال�سيا�سي الذي قد ين�ضب يف �أية حلظة لدى تغري ح�سابات‬

‫اجلهة املانحة‪ ،‬بل بالدرجة الأوىل لأنها �أق�صت من امل�شاركة‬ ‫فيها كل من ال ي�شبهها‪ ،‬حتى قلبت االختالف �إىل ما ي�شبه‬ ‫العداء الذي ميكن تلم�سه بب�ساطة من �أحاديث النا�س‬ ‫وا�صطفافاتهم‪.‬‬ ‫يف املقابل هناك الكثري من الكتائب والألوية التي ت�ساهم يف‬ ‫العمل اخلدمي واملدين‪ ،‬لكن بامل�شاركة مع املدنيني ولي�س‬ ‫ك�سلطة مفرو�ضة بقوة املال وال�سالح‪.‬‬ ‫جانب �آخر �أتاح للمقاتلني التدخل يف غري �ش�ؤونهم‬ ‫الع�سكرية‪ ٬‬هو �ضعف الأطراف املدنية الذي يعود من ناحية‬ ‫�إىل �ضعف‪ ٬‬و�أحيان ًا انعدام الدعم الذي مي ّكنها من �أداء‬ ‫الدور اخلدمي والإغاثي واملدين‪ ٬‬ومن ناحية �أخرى �إىل‬ ‫تناحر تلك الأطراف على �أتفه الأمور يف الوقت الذي جتمع‬ ‫فيه على ال�شكوى من واقع احلال ورغبتها يف تغيريه‪ ،‬لكن‬ ‫من غري تقدمي تنازالت �صغرية من �ش�أنها جمع تلك اجلهود‬ ‫لت�صب يف غاية واحدة وتتمكن من مواجهة ال�سلبيات التي‬ ‫�أ�صبحت �أمرا واقعا مع الوقت‪.‬‬ ‫يرى كثريون �أن الأمور �ستتغري يف امل�ستقبل خا�صة مع عودة‬ ‫ال�سكان ب�شرائحهم املختلفة �إىل مناطقهم‪ ٬‬لكن ذلك‬ ‫�سيقت�ضي حينها �إعادة البناء من نقطة ال�صفر اىل جانب‬ ‫التعامل مع كل ما �سينتج عن الو�ضع احلايل من عداءات‬ ‫بني كل من امل�ؤ�س�سات الورقية التي بنيت على �أر�ض متحركة‬ ‫وبقايا امل�ؤ�س�سات القدمية من عهد النظام وحتدي �إعادة‬ ‫بناء تلك امل�ؤ�س�سات على �أ�س�س �صحيحة قدر االمكان‪.‬‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫أفكار موجزة‬ ‫حول التفاهم‬ ‫الروسي األميركي‬ ‫عزمي بشارة‬ ‫‪ .1‬بد�أنا مرحلة جديدة هي مرحلة امل�ؤمتر الدويل حول �سورية‪.‬‬ ‫‪ .2‬يعني التفاهم الرو�سي الأمريكي اعرتا ًفا دول ًّيا �أن‬ ‫النظام ال�سوري لن يبقى‪ ،‬و�أن تغيريه يجب �أن يتم بحل‬ ‫�سيا�سي‪ ،‬لأن العودة �إىل ما كان غري ممكنة‪ ،‬وا�ستمرار‬ ‫الو�ضع احلايل قد ي�ؤدي �إىل انهيار �شامل‪.‬‬ ‫‪ .3‬كان من �ش�أن ا�ستخدام النظام للقوة الع�سكرية املفرطة‬ ‫من دون �سقف للعنف �أن يق�ضي على الثورة (وعلى �أي ثورة‬ ‫�سلمية �إذا مل ين�شق اجلي�ش عن النظام‪ ،‬و�إذا مل يح�صل‬ ‫تدخل خارجي)‪ .‬ولكن حتول الثورة �إىل ال�سالح (ببطولة‬ ‫نادرة ومن دون دعم خارجي يتجاوز دولتني عربيتني) منع‬ ‫النظام من الق�ضاء عليها‪ ،‬وم ّد يف عمر الثورة حتى اليوم‪.‬‬ ‫‪ .4‬ال يوجد حل �سيا�سي من دون تغيري النظام‪ .‬وكان‬ ‫بالإمكان التو�صل اىل ذلك مبكرا ولكن االحرتاب الذي‬ ‫يتحمل النظام م�س�ؤوليته قاد البلد �إىل ما ي�شبه احلرب‬ ‫الأهلية‪ ،‬مع الفرق �أن النظام ٌ‬ ‫طرف يف هذه احلرب‪ .‬وهذا‬ ‫بحد ذاته يحفظ للثورة �سمة الثورة على نظام‪ .‬وقد ا�ستخدم‬ ‫النظام الق�صف الوا�سع النطاق والقمع بالقتل والتعذيب مبا‬ ‫يف ذلك ارتكاب جرائم �ضد الإن�سانية‪.‬‬ ‫‪ .5‬ن�ش�أت يف الثورة ظاهرة التعددية الع�سكرية التي مل‬ ‫ت�سلم من ن�شوء ملي�شيات وارتكاب جرائم‪ ،‬وبرزت م�ؤخرا‬ ‫ظاهرة �أمراء احلرب‪.‬‬ ‫‪ .6‬انزلق االحرتاب اىل جمازر طائفية من �أ�سو�أ نوع كما‬ ‫جتلت م�ؤخرا يف قرية البي�ضا‪ ،‬التي مل تكتب ق�صتها بدقة‬ ‫بعد‪ ،‬والتي ب ّينت �أن الأكرثية غري املنظمة يف �سورية هي يف‬ ‫الواقع جمموعة �أقل ّيات ت�ستفرد فيها الأقلية املنظمة ع�سكريا‬ ‫يف تنظيمات فا�شية‪ .‬وهو منط عرفناه يف مناطق �أخرى يف‬ ‫العامل‪ .‬وهو منط يتعاطف معه الغرب حني يح�صل يف بلداننا‬ ‫(التي لن �أذكرها يف هذا ال�سياق)‪ .‬وكان من اخلط�أ الفادح‬

‫مقاالت‬

‫‪5‬‬

‫الرد على هذه الطائفية التي ان�صهرت يف جهاز الدولة‬ ‫(واملنظمة على النمط الع�سكرتاري الفا�شي)‪ ،‬باالجنرار‬ ‫�إىل طائفية �شعبوية غري منظمة مت�أثرة مبناخ �إقليمي يف‬ ‫العراق ولبنان واخلليج‪.‬‬ ‫‪ .7‬مت ّكن املجتمع ال�سوري امل�ضطهد واملقموع منذ عقود‬ ‫�أن ي�ستعيد كرامته ذاتيا و�أن يحرر �إرادته ب�شكل يثري‬ ‫الإعجاب‪ ،‬وال ي�ستطيع �أحد �أن ي�سلب ال�شعب ال�سوري‬ ‫هذا االجناز الذي حققه بت�ضحياته‪ .‬ولكنه مل يتمكن من‬ ‫�إنتاج تنظيم موحد بديل للنظام‪ .‬وهذا �أمر ُي�أ�سف عليه مع‬ ‫�أنه طبيعي �أن يح�صل بعد منط �شر�س كهذا يف قمع و�إذالل‬ ‫املجتمع مدة �أربع عقود كاملة‪.‬‬ ‫‪ .8‬كان من الطبيعي �أن يقود رف�ض النظام للإ�صالح‬ ‫مبكرا‪ ،‬واختياره «للحل الع�سكري» بقمع تطلعات النا�س‬ ‫للحرية باحلديد والنار �إىل االنق�سام العمودي الذي ح ّوله‬ ‫�إىل نظام جمازر‪ ،‬نظام ع�صابات طائفية فا�شية و�إىل‬ ‫التدخل الدويل لفر�ض احلل‪( .‬لقد �سبق �أن حذرنا من‬ ‫ح�صول هذا عدة مرات �إذا مل يتغري النظام ال�سلطوي الرث‬ ‫بالإ�صالح‪ ،‬وذلك يف ال�شهور الأوىل من الثورة‪ .‬وفعلنا بذلك‬ ‫ب�شكل منهجي)‪.‬‬ ‫‪� .9‬أهم العقبات �أمام تنفيذ منوذج احلل الدويل هي‪:‬‬ ‫�أ‌‪ .‬رف�ض ب�شار اال�سد التنازل عن �سلطاته حلكومة م�شرتكة‬ ‫كاملة ال�صالحيات‪ .‬ورف�ض الأجهزة الأمنية واجلي�ش‬ ‫�أن متنح والءها ملثل هذه احلكومة طاملا كان ب�شار الأ�سد‬ ‫موجودا‪ .‬وهذا يعني �أنها ال ميكن �أن تكون كاملة ال�صالحيات‬ ‫ما دام موجودا‪.‬‬ ‫ب‌‪ .‬عدم متكن الثورة ال�سورية من فرز ر�ؤية موحدة لطبيعة‬ ‫املرحلة االنتقالية‪.‬‬ ‫‪ .10‬املخاطر الكامنة يف احلل الدويل هي‪:‬‬ ‫ وقوع �سورية حتت الو�صاية الدولية‪.‬‬‫ فر�ض نظام حما�ص�صة طائفية‪.‬‬‫‪ .11‬ال ميكن الت�صدي لهذه املخاطر اذا مل يتفاهم‬ ‫ال�سوريون على �ضرورة تغيري نظام احلكم يف �سورية �إىل‬ ‫نظام دميقراطي تعددي‪ .‬لأن ا�ستمرار ال�صراع وحتوله �إىل‬ ‫�صراع بني جماعات �سوف ي�ستمر يف دفع كل طرف �إىل حتالف‬ ‫مع قوى خارجية �ضد الطرف الآخر‪ .‬وهذا بحد ذاته ال ميكن‬ ‫�أن ي�ؤدي �إال �إىل ت�سويات بو�صاية دولية تت�ض ّمن حما�ص�صات‪.‬‬

‫عن �صفحة املفكر العربي الدكتور عزمي ب�شارة‬


‫‪6‬‬

‫مقاالت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫قوى املعارضة واملناطق املحررة‬ ‫أسامة زين الدين‬ ‫منذ بدايات العام احلايل عندما مت ت�شكيل املجال�س‬ ‫املحلية يف �سوريا وو�ضع �آليات عملها كانت الر�ؤية هي‬ ‫حماولة �سد الفراغ الذي قد ين�ش�أ حال �سقوط النظام‬ ‫يف �سوريا‪ ،‬حيث مت و�ضع �آليات ب�سيطة ت�ستطيع من‬ ‫خاللها القوى املعار�ضة متمثلة باالئتالف التوا�صل‬ ‫واالدارة لت�صل �إىل كامل اجلغرافيا ال�سورية لإدارة‬ ‫بلد منهك من قعقعة ال�سالح وم�ساعدة النا�س على‬ ‫جتاوز حمنتهم التي خلفتها احلرب‪ .‬وبنف�س الوقت كان‬ ‫اجلي�ش احلر يخو�ض معاركه داخل الأرا�ضي ال�سورية‬ ‫ويحرر العديد من املناطق يف كافة املحافظات ال�سورية‬ ‫لنح�صل على م�ساحات خارج �سيطرة النظام تديرها‬ ‫القوى املعار�ضة‪ ،‬فما الذي حدث؟ املناطق املحررة‬ ‫اليوم تعاين من ح�صار النظام الأ�سدي على كافة مواد‬ ‫الإعا�شة والتموين والوقود وكل مقومات احلياة كعقاب‬ ‫على ثورتها وخال�صها من نظام القهر واال�ستبداد‪ .‬كما‬ ‫تعاين من تعامل االئتالف الوطني لقوى املعار�ضة من‬ ‫حيث عدم املتابعة حلالتها �إطالقا‪ ،‬فما ينق�ص هذه‬ ‫املدن املحررة مل يتكفل به االئتالف‪ ،‬ومل يبادر �إىل‬ ‫ت�أمني احتياجاتها من كافة املواد‪ ..‬بدءا بالطحني‬ ‫املادة اال�سا�سية للحياة يف كافة املدن ال�سورية‪.‬‬ ‫وال يخفى على �أحد اليوم �أن كل مدينة يتم حتريرها‬ ‫تتعر�ض لعقوبة احلرمان من كل �شيء‪ ،‬بدءا بالطحني‬ ‫والوقود و�صو ًال �إىل معظم املواد‪ ،‬والتي تدخل ب�شق‬ ‫االنف�س �إليها عرب طرق عديدة يلعب فيها جتار الدم‬ ‫دورا كبريا من حيث ا�ستغالل احلاجة والتحكم‬ ‫بال�سعر‪ ،‬يف حني �أن جميع القوى املوجودة يف هذه‬ ‫املدن مل تتلق ات�صاال واحدا من قوى االئتالف الوطني‬ ‫ليطمئن على حالة �سكان البلد �أو حماولة واحدة‬ ‫لإدخال مادة الطحني عرب �أي طريق لدعم �صمود‬

‫ال�سكان يف املدينة‪!!..‬‬ ‫وال�س�ؤال الذي ي�شغل بال النا�س هذه االيام‪ :‬هل ما قام‬ ‫به االئتالف حني دعا لت�شكيل جمال�س الإدارة املحلية‬ ‫كان جمرد توزيع لأدوار معينة حتى ال يغ�ضب �أحد؟!!‬ ‫وهل هي جمرد حالة من تقا�سم املنا�صب والديكور‬ ‫اجلميل لإقناع اخلارج بالقدرة على �صناعة نظام جديد‬ ‫مكان النظام القدمي؟!!‪ .‬فيما يقف كل من ح�صل على‬ ‫ح�صة على حدود �سورية بانتظار �سقوط �سفاح دم�شق‬ ‫ليدخل دخول الفاحتني ويجل�س على كر�سي ال�سيادة‬ ‫بينما العديد من الأطفال يخو�ضون معارك البطون‬ ‫اخلاوية وعتمة الليل وغالء الأ�سعار وانقطاع احلليب‬ ‫وتوقف معظم �آليات البلد‪. !!..‬‬ ‫هل عقد االئتالف اجتماعه ثم غادر اجلميع القاعة‬ ‫بانتظار اليوم املوعود؟!! هل يت�صل اع�ضاء االئتالف‬ ‫ببع�ضهم البع�ض؟ �أم �أنهم حتى مل يكلفوا �أنف�سهم‬ ‫عناء ت�سجيل الأرقام‪ ..‬هل تتجاوز لقاءاتهم عتبة‬ ‫الربوتوكول �إن وجدت ؟ وهل جتاوز االئتالف اخللل‬ ‫الذي وقع به املجل�س الوطني حني ترك الداخل غارقا‬ ‫بدمه وظل يهرول وراء وهم التدخل الأجنبي؟ حتى‬ ‫بدا غريبا جدا عن الواقع ال�سوري‪ .‬وهل عمل االئتالف‬ ‫هو جمرد احلديث ال�سيا�سي‪� ...‬أم �أن هناك واقع‬ ‫اقت�صادي ومعي�شي واجتماعي على الأر�ض ال يعني‬ ‫�شيئا لالئتالف؟!‪.‬‬ ‫هل �أ�صبحت عالقة قوى املعار�ضة يف اخلارج بالداخل‬ ‫ال�سوري هي جمرد الت�سلل �إىل داخل الأرا�ضي ال�سورية‬ ‫املحررة ل�سويعات قليلة اللتقاط بع�ض ال�صور ثم الهرب‬ ‫�سريعا خلارج احلدود وترك النا�س حتت وط�أة املوت؟!!‬ ‫�ألي�س اجلميع �شركاء بالأر�ض واجلوع واملوت؟ ام �أن‬ ‫ال�شراكة ال ت�شمل �سوى مواعني ال�سمن والع�سل‪ ،‬وحني‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫مقاالت‬

‫‪7‬‬

‫يقف االئتالف على احلياد وتنتظر‬ ‫املدن املحررة هبة �أحد املح�سنني‬ ‫العرب ليقدم بع�ضا من �أمواله كي‬ ‫ت�ستطيع املدينة �شراء بع�ض �أكيا�س‬ ‫الطحني‪ !..‬هل يحق ل�سكان هذه‬ ‫املدن �أن ي�سقطوا االئتالف كما‬ ‫ا�سقطوا النظام بدماء �أبنائهم‬ ‫و�أن يرفعوا كارت االنذار الأخري‬ ‫لكل القوى املوجودة باخلارج‪..‬؟‬ ‫�أن من الواجب ان تكون الأولوية‬ ‫للمناطق املحررة لتتابع حياتها بعد‬ ‫ما حلق بها من �ضيم النظام وما‬ ‫يلحق بها الآن من جتاهل االئتالف‪،‬‬ ‫و�أن يطالب ه�ؤالء ال�سكان الب�سطاء‬ ‫جتاوز كل خالف فردي بني جميع‬ ‫القوى والرتكيز على الهدف العام‬ ‫وهو تعزيز ثبات كل منطقة نالت‬ ‫حريتها لكي ت�ستطيع ال�صمود‬ ‫وتقدم االئتالف ليتابع حالة املدن‬ ‫بعيدا عن املواقع االلكرتونية‬ ‫وااللت�صاق بالأر�ض ب�شكل فعلي‪.‬‬ ‫�سيظل ال�س�ؤال بر�سم كل من يف‬ ‫اخلارج ‪ .‬هل لكم عالقة بالثورة‬ ‫تتجاوز �صفحة االنرتنت �أم �أن‬ ‫العالقة عند هذا احلد فقط وال‬ ‫تتجاوز الدعاء لكل من هو بالداخل‬ ‫بالن�صر �أو ال�شهادة‪ ،‬و�أن قلوبكم‬ ‫معهم‪ .‬وان الأمل يعت�صركم على‬ ‫حالة الداخل‪ ،‬و�أنكم تتابعون‬ ‫الأو�ضاع �أوال ب�أول على �شا�شات‬ ‫جواالتكم الفاخرة ‪ ...‬كل تلك‬ ‫الكلمات ال�ساذجة يف ح�ضرة‬ ‫املوت‪!!...‬‬

‫مما ال�شك فيه ان لكل حدث دافع‪ ,‬واذا قر�أنا الثورة ال�سورية‬ ‫كحدث فال بد لها من دافع ‪,‬ال اق�صد هنا الدوافع اخلا�صة‬ ‫بانطالق الثورة من ظلم وف�ساد و�سطوة امنية واوليغار�شية ومن‬ ‫ثم قتل وتعذيب‪ ...‬الخ‪ ،‬بل اق�صد بالدافع‪ :‬الوقود الذي يخلق‬ ‫الطاقة الالزمة ال�ستمرارية الثورة‪.‬‬ ‫ال ميكننا القول بان وقود الثورة هو وقود من نوع واحد‪ ،‬بل انه‬ ‫متبدل مبا يتكيف مع املرحلة التي مرت بها الثورة‪ .‬ففي بداية‬ ‫الثورة (�شرارة البدء) كان الدافع االقوى ال�شتعال ثورة ال�شعب‬ ‫ال�سوري هي عمليات القتل التي قامت بها قوات النظام يف‬ ‫درعا ما �أدى اىل خروج املجتمع ال�سوري من القمقم للتفاعل‬ ‫مع ن�سائم احلرية القادمة من اجلنوب‪ ،‬وبد�أ التظاهر ي�أخذ‬ ‫�شكله و�شخ�صيته ال�سورية عرب تلك التظاهرات التي كانت متلأ‬ ‫مواقع التوا�صل االجتماعي و�شا�شات التلفزيون والتي كان وقودها‬ ‫اال�سا�سي تعط�ش ال�شعب ال�سوري للحرية وبداية خلق مفهوم‬ ‫احلراك الثوري املدين الذي بد�أ مع الوقت يت�صاعد اىل ان‬ ‫ا�صبح منظما بفعل جتاوب عقلية النا�شطني ال�سوريني مع مراحل‬ ‫الثورة‪ .‬فكانت مظاهرات حماة م�شهدا مزروعا يف وجدان كل‬ ‫�سوري حتى االن ثم بد�أت االغاين الثورية ال�شعبية تر�سم مالمح‬ ‫املجتمع املدين القادر على التعبري بكل ب�ساطة وعمق عن مكنوناته‬ ‫الداخلية‪ ،‬اىل �ضغوط املجتمع املدين التي بد�أ ال�شعب يعرب عنها‬ ‫عرب االعت�صامات واال�ضرابات والوقفات االحتجاجية‪ ،‬عدا عن‬ ‫الن�شاطات املدنية االخرى التي تعك�س ابداع هذا ال�شعب يف خلقه‬ ‫لكل ما يرفد ثورته ويدفعها اىل االمام‪.‬‬ ‫لقد كانت بالهة النظام وقراراته االلتفافية يف مرحلة من‬

‫جلان التن�سيق املحلية بدرعا‬

‫التتمة في صفحة ‪13‬‬

‫وقود الثورة الذي‬ ‫ال ينضب‬ ‫زياد ابراهيم‬


‫‪8‬‬

‫مقاالت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫الهجوم اإلسرائيلي وتداعياته‬ ‫أبو القاسم السوري‬ ‫قام الطريان احلربي "الإ�سرائيلي" فجر يوم الأحد بق�صف‬ ‫مواقع داخل الأرا�ضي ال�سورية يف هجوم هو الثاين خالل‬ ‫‪� 48‬ساعة قالت "�إ�سرائيل" �أنه ملنع و�صول �أ�سلحة �إيرانية‬ ‫مر�سلة �إىل حزب اهلل‪ ،‬وبح�سب ما ذكرت "تل �أبيب" ف�إن‬ ‫الغارة ا�ستهدفت �شحنة كانت حتتوي على �صواريخ �أر�ض‬ ‫�أر�ض من نوع "فاحت ‪� 110‬إ�س"‪ ،‬وال تعترب هذه الهجمات‬ ‫الأوىل من نوعها فقد قامت �إ�سرائيل بعدة عمليات ع�سكرية‬ ‫وا�ستخباراتية �ضد �سورية قبل الثورة ك�ضرب موقع الكرب‬ ‫يف دير الزور عام ‪ ،2007‬بالإ�ضافة �إال �أن "�إ�سرائيل"‬ ‫قامت يف كانون الثاين ‪ 2012‬بالهجوم على قافلة �صواريخ‬ ‫م�ضادة للطائرات "ا�س‪�.‬إي ‪ ،"17‬يف جمرايا بريف دم�شق‪،‬‬ ‫والتي كانت يف طريقها حلزب اهلل‪ ،‬وبيدو �أن و�ضع نظام‬ ‫مما كان عليه عندما‬ ‫الأ�سد بات يف و�ضع �أكرث خطورة بكثري ّ‬ ‫وقعت الأحداث ال�سابقة‪ ،‬فهو الآن يقاتل دفاع ًا عن وجوده‪،‬‬ ‫يف مواجهة قوات الثورة املتمثلة باجلي�ش ال�سوري احلر‪،‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬ف�إن االعتداء "الإ�سرائيلي" ‪ ،‬هو �أ�صغر امل�شكالت‬ ‫التي يواجهها نظام الأ�سد‪ ،‬ولذا ميكن االفرتا�ض �أن ر ّد ًا‬ ‫�سوري ًا ع�سكري ًا لي�س من ال�سيناريوهات الواردة‪.‬‬ ‫وك�شفت �صحيفة "ه�آرات�س" الإ�سرائيلية‪ ،‬النقاب عن‬ ‫التقنية التي مكنت �سالح الطريان "الإ�سرائيلي" من‬ ‫الهجوم على �أهداف �سورية دون اخرتاق جمالها اجلوي‪،‬‬ ‫وبدقة عالية‪ ،‬ف�سالح اجلو اعتمد خالل الهجوميني‬ ‫الأخريين على منظومة "‪ ،" Stand Off‬وهو ما يعنى‬ ‫�إطالق ال�صواريخ من م�سافة بعيدة و�آمنة دون �أن تدخل‬ ‫الطائرات املغرية �ضمن جمال �إ�صابة �أنظمة الدفاع اجلوي‬ ‫امل�ضادة و"�إ�سرائيل" متتلك �صواريخ جو‪� -‬أر�ض موجهة‬ ‫ومزودة بكامريات خا�صة �أو جم�سات �إلكرتونية مثبتة‬ ‫على مقدمتها‪ ،‬مثل �صواريخ " فوفاى"‪ ،‬والتي تطلق عليها‬ ‫�إ�سرائيل ا�سم "الرمح ال�ضخم"‪ ،‬وهو من �إنتاج �شركة‬

‫"رفائيل" لل�صناعات الع�سكرية والأمنية "الإ�سرائيلية"‪،‬‬ ‫ويبلغ مداها ‪ 100‬كلم‪ ،‬ومالئمة لالنطالق من خمتلف‬ ‫الطائرات احلربية التي متتلكها "�إ�سرائيل" وعلى ر�أ�سها‬ ‫طائرات �إف ‪.15‬‬ ‫وت�أتي هذه الهجمات الع�سكرية التي قامت بها "�إ�سرائيل"‬ ‫يف �سياق الإ�سرتاجتية "الإ�سرائيلية" املو�ضوعة ملقاربة‬ ‫الو�ضع يف �سورية‪ ،‬فقد ر�سمت "�إ�سرائيل" منذ بداية اندالع‬ ‫الثورة يف �سورية عدد من اخلطوط احلمراء فيما يتعلق‬ ‫بالو�ضع ال�سوري‪ ،‬وي�أتي على ر�أ�س هذه اخلطوط احلمراء‬ ‫و�صول الأ�سلحة الكيماوية والأ�سلحة التقليدية اال�سرتاتيجية‬ ‫كال�صواريخ امل�ضادة للطائرات وال�سفن وال�صواريخ الطولية‬ ‫املدى �إىل �أيدي حزب اهلل �أو �أيدي املعار�ضة ال�سورية‪ ،‬وهذا‬ ‫ي�ستوجب �إعادة التذكري بامل�صلحة اال�سرتاتيجية العليا‬ ‫"لإ�سرائيل" يف حميطها الإقليمي‪ ،‬فاملعادلة احلاكمة يف‬ ‫حركة "�إ�سرائيل" الإ�سرتاتيجية يف البيئة الإقليمية ومن‬ ‫�ضمنها �سورية تنطلق من مزيد من تقوي�ض حزمة القدرات‬ ‫العربية يف دولها الرئي�سية من �أجل حتقيق املزيد من الأمن‬ ‫القومي "لإ�سرائيل"‪ ،‬ونتيجة لذلك �سيكون املحدد الرئي�سي‬ ‫ل�صياغة ال�سيا�سية "الإ�سرائيلية" جتاه �سورية هو العمل على‬ ‫املزيد من �إ�ضعاف �سورية ب�شكلها الكلي‪ ،‬وي�شكل العمل على‬ ‫ا�ستمرار الأزمة ال�سورية مبا ت�سببها هذه الأزمة من تفكك‬ ‫اجتماعي وانهيار اقت�صادي وخالف وطني وتدهور ع�سكري‬ ‫م�صلحة "�إ�سرائيلية" عليا وبذلك يكون النظام وبانتهاجه‬ ‫ل�سيا�سته احلالية يقدم اكرب خدمة يف تاريخ "�إ�سرائيل"‪،‬‬ ‫وذلك ب�إ�ضعاف وتفكيك �سورية‪.‬‬ ‫وال تقت�صر ت�صورات "�إ�سرائيل" ال�سيا�سية يف �إ�ضعاف‬ ‫�سورية وتفكيكها على املرحلة القريبة القادمة بل تتعداها �إىل‬ ‫امل�ستقبل الأبعد فـ "عوزي ديان" رئي�س جمل�س الأمن القومي‬ ‫"الإ�سرائيلي|" ال�سابق على �سبيل املثال يدعم فكرة تق�سيم‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫�سوريا لأنها �ست�صب يف م�صالح "�إ�سرائيل" يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬ويدعو �إىل انف�صال الأكراد و�إقامة‬ ‫دولة كردية يف �شمال �سوريا‪ ،‬ودرا�سة احتمال‬ ‫�إقامة حكم ذاتي للأقلية العلوية‪ ،‬م�شريا �إىل �أن‬ ‫ذلك مينح "�إ�سرائيل" الكثري من الفر�ص لتحقيق‬ ‫م�صاحلها يف املنطقة‪ .‬وت�شري بع�ض املعلومات �إىل‬ ‫�أن النظام عمد �إىل جتميع الأ�سلحة التقليدية‬ ‫املتطورة �ضمن الثكنات والقطع الع�سكرية الأكرث‬ ‫حت�صين ًا وموثوقية خوفا من وقوع هذه الأ�سلحة يف‬ ‫�أيدي اجلي�ش ال�سوري احلر �إذا بقيت �ضمن القطع‬ ‫الع�سكرية العادية التي ي�ستويل عليها اجلي�ش احلر‬ ‫بالتوايل‪ ،‬لذلك قام النظام بنقل هذه الأ�سلحة �إىل‬ ‫م�ستودعات الفرقة الرابعة واحلر�س اجلمهوري‪،‬‬ ‫وبذلك تكون "�إ�سرائيل" حققت �أهدفا عالية‬ ‫القيمة ع�سكريا من خالل الهجوم على م�ستودعات‬ ‫الفرقة الرابعة واحلر�س اجلمهوري‪.‬‬ ‫وباملجمل‪ ،‬ميكن القول �أن ال�ضربة الع�سكرية التي‬ ‫قامت بها الطائرات "الإ�سرائيلية" يف الأرا�ضي‬ ‫ال�سورية حتمل العديد من التداعيات لعل �أهمها‪:‬‬ ‫‪�" - 1‬إ�سرائيل" تهدف لتدمري �سوريا كدولة‬ ‫وتدمري مقدراتها الإ�سرتاتيجية بغ�ض النظر‬ ‫عمن يحكم �سوريا‪.‬‬ ‫‪� - 2‬إن �إعالن الواليات املتحدة خلرب وقوع‬ ‫الهجمة الأوىل قبل �أن تعلنها �أي جهة ي�ؤ�شر بكل‬ ‫و�ضوح �إىل �أن الهجوم مت ب�ضوء �أخ�ضر �أمريكي‪،‬‬ ‫لإر�سال �إ�شارات وا�ضحة مفادها �أن �أمريكا‬ ‫قادرة على فر�ض املعادالت ال�سيا�سية التي تنا�سب‬ ‫م�صاحلها �سواء ب�شكل ذاتي �أو من خالل حليفتها‬ ‫يف املنطقة "�إ�سرائيل"‪.‬‬ ‫‪� - 3‬إن �إ�سرائيل تطمئن لبقاء خمزون الأ�سلحة‬ ‫املهمة حتت �سيطرة نظام الأ�سد‪� ،‬أما �إذا انتقلت‬ ‫هذه الأ�سلحة �إىل �أيدي اجلي�ش احلر‪ ،‬فذلك‬ ‫يعترب اخرتاق ًا خلط احمر‪ ،‬لذلك ف�إن الهجوم‬ ‫يعطي ر�سالة وا�ضحة �أن حلظة �سقوط نظام‬ ‫الأ�سد باتت قريبة‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫‪9‬‬

‫‪� - 4‬إن م�س�ألة الثورة �أ�صبحت مركز ت�شابك وت�صارع للم�صالح‬ ‫الإقليمية والدولية‪ ،‬و�إن انعكا�سات الأزمة ال�سورية على املحيط‬ ‫الإقليمي �أ�صبحت لي�س مكان نقا�ش‪ ،‬بل �أ�صبحت �أمر ًا واقع ًا يفر�ض‬ ‫نف�سه على القوى الدولية ال�ستدراك املوقف قبل �أن تت�أزم الأمور‬ ‫�أكرث‪.‬‬ ‫‪� - 5‬أن الهجوم الإ�سرائيلي يخدم اال�سرتاتيجية العامة للنظام‬ ‫ال�سوري القائمة على �إظهار النظام باعتباره ركن ًا �أ�سا�سيا �ضمن‬ ‫بنية نظام �إقليمي م�ستقر وان �سقوط نظام الأ�سد �سي�ؤدي �إىل عدم‬ ‫ا�ستقرار يف املنطقة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬حرف الأنظار عما يحدث يف قرى ومدن حمافظة من حملة‬ ‫تطهري عرقية تقودها ع�صابات النظام و�شبيحته بحق املواطنني‬ ‫ال�سنة يف تلك املناطق ‪.‬‬ ‫وميكن ا�ستخال�ص �أن دخول العامل "الإ�سرائيلي" يف الأزمة ال�سورية‬ ‫ب�شكل مبا�شر �أعاد خلط الأوراق ب�شكل كبري قد ي�ضر بالثورة‬ ‫ال�سورية �إذ مل تبني ا�سرتاتيجية وا�ضحة للتعامل معها‪ ،‬واعتقد �أن‬ ‫�أهم حماور هذه اال�سرتاتيجية على امل�ستوى الداخلي‪ ،‬هي تعرية ما‬ ‫تبقى للنظام من �أوهام �أ�سطورة "املقاومة واملمانعة" لدى احلا�ضنة‬ ‫ال�شعبية املوالية له من خالل �شن حملة �إعالمية �شاملة تظهر �ضعف‬ ‫النظام وتخاذله يف الدفاع على ال�سيادة ال�سورية والأرا�ضي ال�سورية‬ ‫الطاهرة‪� ،‬أما على امل�ستوى اخلارجي فيجب العمل على �إقناع‬ ‫املجتمع الدويل �أن بقاء نظام الأ�سد بات يهدد اال�ستقرار الإقليمي‬ ‫وقد ي�ؤدي بقاءه �إىل ن�شوب �صراعات مذهبية وعرقية قد ت�شعل‬ ‫املنطقة‪ ،‬وبذلك نعري ادعاءات النظام ب�أنه يف حال �سقوطه ف�أن‬ ‫املنطقة �ست�شهد حالة من اال�ضطرابات وال�صراعات الإقليمية‪.‬‬ ‫حركة �شباب هنانو‬


‫‪10‬‬

‫مقاالت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫في سهل الغاب‬ ‫عبيدٌ وأحرار على ضفتي العاصي‬ ‫مصعب الحمادي‬ ‫هناك منطني خمتلفني جد ًا للحياة على‬ ‫�ضفتي العا�صي الغربية وال�شرقية يف �سهل‬ ‫الغاب بريف حماه‪.‬‬ ‫تنظر لل�ضفة الغربية فرتى ما�ضي �سوريا‬ ‫الأ�سود من خالل طيف احلكم الأ�سدي الذي‬ ‫ما يزال يظلل الأهايل هناك‪ .‬يف تلك القرى‬ ‫والبلدات �ستجد �سوريني من لونٍ واحدٍ فقط‪,‬‬ ‫�أبنا�ؤهم يجندون كالقطعان يف ع�صابات‬ ‫ال�شبيحة ليتوجهوا لقتل �أبناء بلدهم على امتداد الرتاب‬ ‫ال�سوري‪.‬‬ ‫احلياة على ال�ضفة الغربية مل تتغري‪ .‬فبالن�سبة لهذه‬ ‫ال�شريحة التي �أ�صبحت رهينة جرائم النظام فهي مل ترث‬ ‫من عائلة الأ�سد �إال الفقر واحلرمان‪ ,‬والعزلة عن العامل‬ ‫اخلارجي‪ .‬واملقربون املقربون هم من كانوا يح�صلون على‬ ‫فر�ص ٍة للتطوع يف اجلي�ش �أو املخابرات‪.‬‬ ‫واليوم‪ ,‬وعلى نف�س املنوال ال يجد الأهايل هناك من خيا ٍر‬ ‫�إال �إر�سال �أبناءهم �إىل فرق املوت الت�شبيحية كي يفوزون‬ ‫برغيف اخلبز‪ ,‬و�سط الأزمة االقت�صادية املتفاقمة يف‬ ‫البالد‪.‬‬ ‫هذه هي ب�صمات وعطاءات احلكم الطائفي الأ�سدي الذي‬ ‫ما يزال م�ستمر ًا على ال�ضفة الغربية لنهر العا�صي‪.‬‬ ‫ومن مميزات احلياة على هذه ال�ضفة هذه الأيام متدد‬ ‫ع�صا الت�أديب‪ ,‬وعلو �سيف التخوين‪ ,‬ومنو الراديكالية‬ ‫والتع�صب الأعمى على ح�ساب االنتماء الوطني‪ ,‬وذلك‬ ‫ل�ضمان عدم ح�صول �أي تغيري يف موقف الأهايل هناك‬ ‫حيال ما يح�صل يف بلدهم وليبقوا رهينة النظام يف عربدته‬ ‫وجرائمه‪.‬‬ ‫ولذلك جتد اجلماهري هناك تنقاد وراء قادتهم الدينيني‬

‫والع�سكريني كالعبيد‪ ,‬لي�س لهم ر�أي‪ ,‬وال قوام‪.‬‬ ‫�إنهم ما يزالون ينتمون ل�سوريا الأ�سد‪� ,‬سوريا الطائفة‪ ,‬ولي�س‬ ‫�سوريا الوطن التي تبنى على ال�ضفة الأخرى‪.‬‬ ‫فعلى ال�ضفة ال�شرقية لنهر العا�صي تتلقاك �سوريا امل�ستقبل‪,‬‬ ‫وموت ودمار‪,‬‬ ‫التي و�إن كانت تعاين ما تعانيه من‬ ‫ق�صف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�إال �أنها ولأول مرة منذ خم�سني �سنة ت�ضم بني جنباتها‬ ‫�سوريني �أحرار‪ ,‬ر�ؤو�سهم مرفوعة‪ ,‬و�آرا�ؤهم حرة‪ .‬كرامتهم‬ ‫ال ي�ساومون عليها‪ ,‬وحريتهم �أ�صبحت بني �أيديهم‪ .‬منهم‬ ‫من يقاتل بال�سالح‪ ,‬ومنهم من انطلق لبناء جمتمع مدين‪.‬‬ ‫و�إذا كان الأهايل يف ال�ضفة الغربية ينتمون للونٍ واحد‪,‬‬ ‫ف�إن ال�ضفة ال�شرقية حتفل بكل الأطياف والألوان ثقافي ًا‬ ‫واجتماعي ًا و�سيا�سي ًا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ول�ضيق املجال هنا �س�أتناول جانبا واحدا من احلياة الثقافية‬ ‫على ال�ضفة ال�شرقية لنهر العا�صي يف �سهل الغاب‪.‬‬ ‫ب�سيط عن جملتني ت�صدران يف‬ ‫�شرح ٍ‬ ‫�سوف �أحاول تقدمي ٍ‬ ‫تلك القرى الب�سيطة تعربان مب�ضمونهما عن حرية التعبري‬ ‫يف �أروع مظاهرها‪ ,‬ومبا يدعوا للأمل والتفا�ؤل مبا �ستكون‬ ‫عليه بالدنا بعد �إزاحة الطاغية‪.‬‬ ‫هاتني املجلتني هما‪( :‬جملة النور) و(جملة الدميقراطية)‪.‬‬ ‫ي�صدر (جملة النور) �شاب �سلفي متحم�س ا�سمه (�أبو‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫حنيفة) يرمي لن�شر القيم الدينية بني النا�س‪ ,‬ويتميز‬ ‫ب�شخ�صيته القوية ومقدرته على النقد‪ .‬فالويل والثبور لأيٍّ‬ ‫كان يف الثورة – حتى و�إن كان �ضابط ًا كبري ًا يف اجلي�ش احلر‬ ‫– �إن �أخط�أ ووقع حتت رحمة قلم �أبي حنيفة‪.‬‬ ‫ي�أخذ �أبو حنيفة على عاتقه مهمة الدفاع عن املدنيني �أمام‬ ‫جتاوزات الكتائب امل�سلحة واللجان الأمنية يف حال وقوعها‪.‬‬ ‫ولكن هجوميته الزائدة جتعل جملته غري مرغوبة متام ًا‬ ‫عند كل النا�س‪ .‬ف�أبو حنيفة ال ينتقد (جملة الدميقراطية)‬ ‫كمجل ٍة مناف�س ٍة فح�سب‪ ,‬بل ي�ستند لأدلته الدينية وال�شرعية‬ ‫ليقول ب�أن الدميقراطية بح ّد ذاتها كفر‪.‬‬ ‫وبروح رائعة من ال�سجال‬ ‫ت�صادم �أو ح�سا�سية‪,‬‬ ‫من دون‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫احلر‪ ,‬يرد �أ�صحاب (جملة الدميقراطية) ال�صاع �صاعني‬ ‫لأبي حنيفة‪.‬‬ ‫يركز حمررو املجلة بالأ�صل على تعزيز قيم الدميقراطية‬ ‫واحلريات واملجتمع املدين بني النا�س‪ .‬فهم �أقل هجومية‬ ‫خللفيات �أكادميية‬ ‫بكثري من �أبي حنيفة‪ ,‬وينتمي معظمهم‬ ‫ٍ‬

‫مقاالت‬

‫‪11‬‬

‫كونهم خريجني وطالب جامعيني‪.‬‬ ‫يعترب �أ�صحاب (جملة الدميقراطية) جملة �أبي حنيفة‬ ‫جمرد كت ّيب ديني �أكرث منها جملة‪ ,‬وينتقدون ديكتاتورية‬ ‫�أبي حنيفة كونه املحرر الوحيد يف املجلة‪ ,‬و�إن حتت �أ�سماءٍ‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫واملزاج العام يف هذه املنطقة من �سهل الغاب مييل لقراءة‬ ‫جملة الدميقراطية‪ ,‬بينما ي�ستهز�أ عدد ال ب�أ�س به من الأهايل‬ ‫مبجلة �أبي حنيفة في�سمونها (جملة ال َن َور) ال (ال ُنور) لريتد‬ ‫�سحر النقد على ال�ساحر‪ ,‬حيث ي�ضحك �أبو حنيفة كلما همز‬ ‫أم�س‬ ‫�أحدهم بهذه الت�سمية معرب ًا عن تف ّه ٍم‬ ‫ٍ‬ ‫وتعاي�ش نحن يف � ّ‬ ‫احلاجة �إليه يف �سوريا امل�ستقبل‪.‬‬ ‫حق ًا ت�شعر و�أنت تتنقل بني القرى ال�شرقية ل�سهل الغاب‬ ‫باحلرية – تتنف�سها من �أعماق قلبك‪ ,‬وترى يف عيون النا�س‬ ‫كم هم �سادة‪ ,‬وكرام و�أحرار‪ .‬بينما كلما �أطلقت نظرك‬ ‫بعيد ًا غرب نهر العا�صي ال متلك �إال �أن ت�شعر بال�شفقة على‬ ‫�إخو ٍة لك ما يزالون يرزحون حتت نري الع�صبية والعبودية‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫مقاالت‬

‫مبادئ ثقافة‬ ‫التسامح‬ ‫الجزء األول‬

‫(عندما ت�سامح من ا�ساء اليك فانت ال تغري املا�ضي‬ ‫بل تغري امل�ستقبل) غاندي‬ ‫يرتهن تطور احل�ضارة الإن�سانية كما يرى الفيل�سوف‬ ‫الفرن�سي‪ ,‬كارل بوبر (‪ ,)Karl Popper‬بقدرة‬ ‫املجتمعات على مواجهة العنف االجتماعي‪ ,‬وجتفيف‬ ‫م�صادره‪ ,‬وتقلي�ص �آثاره �إىل احلدود الدنيا‪ .‬وي�شكل اليوم‬ ‫العمل على مواجهة العنف‪ ,‬وم�صادرة قدرته هاج�س‬ ‫احلياة الدميقراطية يف خمتلف م�ستوياتها‪ ,‬وجتلياتها‪.‬‬ ‫فالدول التي متار�س العنف‪ ,‬وتنتهج اال�ستبداد لن‬ ‫تتمكن �أبدا من التقدم خطوة واحدة يف م�سار احل�ضارة‬ ‫الإن�سانية‪.‬‬ ‫ومن �أجل بناء احلرية وت�أكيدها يرتتب على املجتمعات‬ ‫الإن�سانية �أن تواجه العنف وحتا�صره‪ ,‬وتقل�ص دوره‬ ‫يف املجتمع‪ ،‬لأن ذلك ي�شكل املنطلق اال�سرتاتيجي يف‬ ‫اجتاه بناء ال�سالم‪ ,‬الأمن‪ ,‬واحلرية‪ ,‬وتلك هي ال�شروط‬ ‫الأ�سا�سية يف بناء احل�ضارة الإن�سانية‪.‬‬ ‫لكن مواجهة العنف‪ ,‬والت�سلط‪ ,‬واال�ستبداد‪ ,‬ال ميكن �أن‬ ‫ت�أتي عرب القرارات النافذة‪ ,‬والقوانني ال�ضاربة‪ .‬فالعنف‬ ‫ال يواجه بالعنف‪ ,‬و�إمنا يتم ذلك عرب بناء الروح الإن�سانية‬ ‫املناه�ضة للعنف‪ ,‬والت�سلط‪ ,‬واال�ستبداد‪ .‬وهذا ما ي�ؤكد‬ ‫عليه "كارل بوبر"‪� ,‬إذ يرى ب�أن رف�ض العنف يجب �أن‬ ‫ينبع من داخل الأفراد �أنف�سهم يف امل�ستوى الأول‪ ،‬لأن‬ ‫�سعي احلكومات لن يفي �أبد ًا بالغاية‪ ,‬وهذا يتطلب وجود‬ ‫�أميان كبري من الأفراد برف�ض العنف يف خمتلف جتلياته‬ ‫ومظاهره‪.‬‬ ‫وت�أ�سي�س ًا على ما تقدم ف�إن بع�ض الدول‪ ,‬واحلكومات‬ ‫قد �أدركت هذه احلقيقة ب�أبعادها الإن�سانية‪ .‬فانطلقت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫تبحث عن ثقافة للت�سامح وال�سالم‪ ,‬عرب ت�أ�صيل قيمي‬ ‫لهذه الثقافة يف نفو�س ال�صغار وقلوبهم‪ .‬و�أ�صبحت اليوم‬ ‫الرتبية على قيم الت�سامح وال�سالم‪ ,‬ونبذ العنف �أولوية‬ ‫�إن�سانية‪ ,‬واجتماعية‪ ,‬وح�ضارية تنادي بها الأمم‪ ,‬وترفع‬ ‫�شعارها يف خمتلف جوانب احلياة املعا�صرة‪ .‬لقد �أدركت‬ ‫الأمم والدول ب�أن الرتبية على الت�سامح وقيمه وت�أ�صيل‬ ‫معانيه �سيوفر على الدول اجلهود الكبرية يف مواجهة‬ ‫العنف‪ ,‬والتطرف‪ ,‬والإرهاب‪ .‬ولن تكون الدولة ب�صدد‬ ‫دفع الفواتري الغالية جد ًا ال�ستخدام �أ�ساليب العنف يف‬ ‫مواجهة العنف عينه من �أجل املحافظة على الأمن العام‪,‬‬ ‫وال�سلم االجتماعي‪.‬‬ ‫ال �شك ب�أن �سوريا بلد ذو تنوع عرقي وديني وثقايف‪،‬‬ ‫وهذا التنوع يفر�ض علينا نحن ال�سوريني ‪� ،‬أن نفهم هذا‬ ‫الف�سيف�ساء على �أ�س�س املواطنة الكاملة والتعاي�ش ال�سلمي‬ ‫وقبول الآخر‪ ،‬واحلوار الهادئ للو�صول اىل م�شرتكات‬ ‫بعيدا عن العنف‪ .‬ومن هنا تتطلب الوطنية �أن نحتكم‬ ‫�إىل العقل الذي ا�شار اليه حممد عبده ‘‘العقل قوة من‬ ‫�أف�ضل القوى الإن�سانية‪ ،‬بل هي �أف�ضلها على احلقيقة‘‘‪.‬‬ ‫فـ ‘‘احلقيقة هي تلك التي تعمل‘‘‪ ،‬كما قال املفكر جون‬ ‫ديوي‪ ،‬وانتفاء العنف يعني التحرر من اخلوف‪ ،‬و�سبب‬ ‫اخلوف هو اخلوف من الآخر‪ ،‬وفقدان الثقة بني �أبناء‬ ‫البلد الواحد‪ .‬من هنا يجب التفكري بالعدالة يف كل ناحية‬ ‫من نواحي احلياة لتحقيق امل�صلحة الوطنية العليا‪.‬‬ ‫كما ميكن الت�أكيد على الأطراف الوطنية‪ ،‬ولي�ست‬ ‫الإرهابية �أو تلك التي �ساهمت يف املجازر اجلماعية او‬ ‫القتل العام‪ ،‬بانه ال ميكن حتقيق امل�صاحلة الوطنية على‬ ‫�أ�س�س طائفية �أو حزبية �أو �إرهابية ترف�ض الآخر‪ ،‬ومتار�س‬ ‫العنف حتت حجج علمانية �أو دينية‪ .‬فمن غري املعقول �أن‬ ‫تلتقي ثقافة العنف بثقافة ال�سالم‪ .‬ومن احلمق �أن نقول‬ ‫�أن ثقافة رف�ض طرف وطني معني طرفا وطنيا �أخر �أو‬ ‫�إلغائه يهيئ الأجواء للت�سامح وامل�صاحلة‪.‬‬ ‫_____________‬ ‫كرا�س من �إعداد مركز الت�آخي (‪ )Birati‬للدميقراطية‬ ‫�سنوافيكم به على �أجزاء‬ ‫واملجتمع املدين‪. ..‬‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫مقاالت ‪13‬‬

‫تتمة من صفحة ‪7‬‬

‫املراحل وقودا للثورة ال�سورية‪ ،‬كما كان خطاب‬ ‫ر�أ�س النظام وقودا من نوع اخر‪ .‬وعمليات االقتحام‬ ‫واملداهمات واالعتقاالت والتعذيب يف ال�سجون وقودا‬ ‫يدفع بالثورة للأمام‪ ،‬وكان العنف وقودا ذو فعالية ادى‬ ‫اىل بدء مرحلة مف�صلية يف حياة الثورة وهي مرحلة‬ ‫العمل امل�سلح‪.‬‬ ‫ان تغري الوقود الدافع للثورة يف كل مرحلة من املراحل‬ ‫ادى اىل تهادي الثورة يف م�شيها على طريق احلرية‪،‬‬ ‫فكانت يف وقت من االوقات متتلك من احليوية ما ميلكه‬ ‫�شخ�ص فتي‪ ،‬ويف وقت اخر متتلك من ال�شيخوخة ما‬ ‫ميلكه رجل طاعن يف ال�سن‪.‬‬ ‫اليوم و�صلت الثورة اىل مرحلة يكاد يكون فيها ال�صوت‬ ‫االعلى لل�سالح لوال بع�ض التغريدات التي تغردها‬ ‫ع�صافري احلرية يف ن�شاطها املدين املغيب عن اعالم‬ ‫ال�صحف وال�شا�شات العربية‪ ،‬حيث ا�صبحت اخبار‬ ‫املعارك الدائرة يف انحاء �سوريا هي اولوية لدى‬ ‫ال�صحفيني واالعالميني يف كل مكان‪ ،‬بينما عكفت‬ ‫و�سائل اعالم الثورة على اح�صاء الدمار واعداد‬ ‫املجازر وال�شهداء واجلرحى واملعتقلني‪.‬‬ ‫ويف ظل ثورة انتقلت اىل العمل امل�سلح ك�أمر مفرو�ض‬ ‫عليها للو�صول اىل الن�صر بات علينا اليوم البحث عن‬ ‫وقود هذا العمل امل�سلح ونرى ان كان الوقود املوجود‬ ‫لدينا قابال لال�ستمرارية ام ال‪.‬‬ ‫ان معظم الت�شكيالت الع�سكرية املقاتلة يف الثورة اليوم‬ ‫ت�ستخدم الدين واالعتقاد كوقود لعملها‪ ،‬وهذا النوع‬ ‫من الوقود ا�ستطاع الدفع من �أجل ا�ستمرار الثورة يف‬ ‫الفرتة املا�ضية واي�صالها اىل املرحلة احلالية‪ ،‬لكن هل‬ ‫ي�ستطيع اال�ستمرار يف العطاء؟‬ ‫اعتقد انه وبقراءة �سريعة للواقع احلايل للثورة ال�سورية‬ ‫ن�ستطيع االجابة بـ (ال)‪ ،‬ذلك �أننا و�صلنا اىل مرحلة من‬ ‫الفرقة والت�شرذم مل ت�صل اليها حتى تن�سيقيات الثورة‬ ‫ذات املرجعيات املختلفة‪ ،‬مع اال�شارة اىل ان خالف‬

‫النا�شطني ال ميكن ت�شبيهه ابدا بخالف الع�سكريني‪.‬‬ ‫قر�أت يف احدى الفتات الثوار جملة تقول (كنا ن�س�أل‬ ‫عن املعتقل ب�أي فرع‪� ...‬صرنا ن�س�أل عن املعتقل ب�أي‬ ‫كتيبة)‪ .‬فمجمل اخلالف بني الكتائب الع�سكرية هو‬ ‫خالف باخللفية العقائدية لهذه الكتائب واالهداف‬ ‫التي ت�سعى اليها ومن خلفها داعميها‪.‬‬ ‫ومبا ان ا�ستمرار الثورة متعلق بنوع الوقود الذي يدفعها‪،‬‬ ‫فان الوقود الوطني واملرجعية الوطنية هو الوقود القادر‬ ‫على ا�ستمرار ت�صاعد جناحات الثورة ودميومتها‪ .‬فمن‬ ‫املمكن لأي �شخ�صني ان يختلفا يف اخللفية العقائدية‪،‬‬ ‫لكن ميكننا ان جنمع الكل حتت مظلة وطنية قادرة‬ ‫على العبور بهذه الثورة اىل �شط االمان‪.‬‬ ‫ما يريده ال�سوريون اليوم من كل مقاتل حمل �سالحه يف‬ ‫وجه الطغيان ان يكون قد حمل هذا ال�سالح لينت�صر ال‬ ‫ليموت‪ ،‬فثقافة الن�صر هي التي جتلب الن�صر وثقافة‬ ‫املوت ال جتلب اال املوت‪ ،‬والوقود الوطني ال ين�ضب فهو‬ ‫باقٍ ما بقيت �سوريا‪.‬‬

‫ع�ضو جلان التن�سيق املحلية‬ ‫تن�سيقية جديدة عرطوز البلد‬


‫‪14‬‬

‫مقاالت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫حجاج الشيعة‬ ‫حسن نصر اهلل‪ّ ...‬‬ ‫عمر األصيل‬ ‫ح�سن ن�صر اهلل يق�صف بيت اهلل احلرام‬ ‫ي�ش ّكل ح�سن ن�صر اهلل �أزمة عاطفية لعقالء ال�شيعة ممن‬ ‫يرف�ضون �إجرام النظام ال�سوري‪� .‬أزمة تعيد �إىل الأذهان‬ ‫�أزمة احلجاج بن يو�سف الثقفي عند �أهل ال�س ّنة‪ .‬ن�صر اهلل‬ ‫الذي ارتبطت �صورته اليوم ب�أمرين خمتلفني متناق�ضني‬ ‫وهما حماربة �إ�سرائيل وحماربة ال�شعب ال�سوري (�أو‬ ‫الوقوف بجانب النظام ال�سوري على الأقل(‪.‬‬ ‫ال �أتكلم هنا عن متطريف ال�شيعة �أو من يقفون بجانب‬ ‫النظام ال�سوري ويدعمونه طائفي ًا ولك ّني �أحتدث عن تلك‬ ‫الفئة التي مل تكن توافق على ت�صرفات النظام ورعونته‬ ‫حتى لو مل يكونوا يف �صف الثورة‪ .‬هذه الفئة كانت يف غالب‬ ‫الأحيان ّ‬ ‫تف�ضل عدم اخلو�ض يف تفا�صيل دعم حزب اهلل‬ ‫للنظام ّ‬ ‫وتف�ضل �أن تبقى بالعموميات وتتحدث عن رف�ضها‬ ‫لت�صرفات النظام لأنها كانت حتى اليوم حتاول عدم‬ ‫ت�شويه �صورة ن�صر اهلل يف خميلتها وذاكرتها‪ .‬ولكن اليوم‬ ‫وخ�صو�ص ًا بعد خطاب ن�صر اهلل الأخري واعرتافه جهار ًا‬ ‫نهار ًا بامل�شاركة يف احلرب �إىل جانب النظام مل يعد يف‬ ‫الإمكان �إبعاد �صورته عن امل�شهد‪ ،‬ومت خلق هذا ال�صراع‬ ‫وهذه الأزمة عند تلك الفئة من ال�شيعة‪ .‬فكيف ننتقد من‬ ‫وقف يف وجه �إ�سرائيل وحاربها‪ ،‬وكيف نعيب على من ا�سرتد‬ ‫بع�ض �أرا�ضينا منها ومن قدم ابنه �شهيد ًا لذلك و�أم�ضى‬ ‫�أيامه �صائم ًا قائم ًا‪.‬‬ ‫هذه الأزمة هي منوذج م�صغّر لق�صة احلجاج الذي ارتبط‬ ‫ا�سمه بالفتوحات العظيمة يف ال�سند والهند وتوحيد الدولة‬ ‫وعرف عنه ح ّبه للقر�آن والعمل عليه ولكن يف ذات الوقت‬ ‫ذاع �صيته كطاغية �سفّاك ًا للدماء قتل العباد و�أرهقهم‬ ‫وهاجم بيت اهلل احلرام وق�صف كعبته وقتل خيار‬ ‫ال�صحابة والتابعني‪.‬‬ ‫منوذج ن�صر اهلل ولو كان ال ينطبق على منوذج احلجاج �إال‬ ‫�أن فيه �شبه كبري‪ .‬فن�صر اهلل مل يقدّم ما قدمه احلجاج من‬

‫�إجنازات ولكنه باملقابل مل ي�صل مل�ستوى �إجرام احلجاج‪.‬‬ ‫االنعتاق من �أ�سر هذه ال�شخ�صية لي�س هين ًا فعوام ال�سنة‬ ‫والكثري من علمائها ما زال �أ�سري ًا حتى اليوم لإجنازات‬ ‫احلجاج وجند معظمهم يكررون عبارة "ال نحبه وال ن�سبه"‬ ‫ّ‬ ‫التي الت�صقت بكل �شخ�صية �سيئة يف التاريخ ولكنها حماطة‬ ‫بهالة من القد�سية ل�سبب �أو لآخر‪.‬‬ ‫اجلديد يف مثال ن�صر اهلل هو �أنه رمز للفكر ال�شيعي‬ ‫الذي يعتمد يف �أ�سا�سه على فكرة عدم اال�ستكانة للظامل‬ ‫ون�صرة املظلوم‪ .‬دخول ن�صر اهلل بهذا ال�شكل الوا�ضح‬ ‫الفا�ضح �سيغري من معامل عالقة �شيعة �سورية املعتدلني‬ ‫مع الثورة‪ .‬ال�شيعة ال�سوريون الذين كانوا ال يحبون النظام‬ ‫وال يحبون الثورة ب�شكلها احلايل (وبت�صوري ه�ؤالء ي�شكلون‬ ‫ن�سبة ال ي�ستهان بها من �شيعة �سورية واحلديث هنا عن‬ ‫ال�شيعة ولي�س عن العلويني) والذين كانوا يكنون االحرتام‬ ‫حل�سن ن�صر اهلل حتى اليوم �سيجدون �أنف�سهم م�ضطرين‬ ‫�إما على بغ�ض ن�صر اهلل وبالتايل االبتعاد �أكرث عنه وعن‬ ‫النظام الذي يدعمه �أو على تربير موقفه وبالتايل االقرتاب‬ ‫�أكرث من النظام‪ .‬مغامرة ح�سن ن�صر اهلل �إما �أن تك�سب‬ ‫النظام مزيد ًا من الت�أييد �أو على العك�س ت�صرف عنه بع�ض‬ ‫ال�صامتني‪ .‬هذا االعرتاف لي�س ه ّين ًا من �أبناء ال�شيعة‪،‬‬ ‫فال�س ّنة بعد مرور �أكرث من ع�شر قرون ما يزالون �أ�سريي‬ ‫�شخ�صية احلجاج‪ ،‬و�س�أجد بع�ض املعلقني على هذا املقال‬ ‫ممن يعرت�ض على ت�شبيه ن�صر اهلل باحلجاج ويقولون �إن‬ ‫احلجاج له ف�ضل كبري على الأمة‪.‬‬ ‫طاملا �أن مقيا�سنا هو ال�سيف والب�أ�س باحلرب ف�سيجد‬ ‫ال�سنة احلجاج �شخ�ص ًا عظيم ًا و�سيجد ال�شيعة ن�صر اهلل‬ ‫�شخ�ص ًا عظيم ًا ويف اللحظة التي يتحول فيها هذا املقيا�س‬ ‫�إىل دماء الأبرياء وحرمات العباد ف�سي�سقط ن�صر اهلل يف‬ ‫نف�س االختبار الذي �سقط فيه احلجاج‪.‬‬ ‫احلراك ال�سلمي ال�سوري‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫تنسيقيات‬

‫‪15‬‬

‫حملة "�شاركنا" يف مدينة الأتارب‬

‫من �أجل �إعادة الروح �إىل �شوارعها وحاراتها ومن �أجل‬ ‫حماولة ت�أمني �أب�سط مقومات احلياة الإن�سانية من تنظيم‬ ‫ونظافة انطلقت حملة "�شاركنا" يف مدينة الأتارب‪.‬‬ ‫بد�أت احلملة يوم ‪ 13-5-2013‬بهمة �شباب املدينة‬ ‫املتطوعني وجتمع ملتقى ال�شباب‪ ،‬حيث انطلقوا من احلي‬ ‫الغربي للمدينة �ضمن خطة عمل تهدف لتنظيم معظم‬ ‫ال�شوارع خالل �أربعة �أيام‪ .‬كما هدفت احلملة لن�شر الوعي‬ ‫والثقافة من خالل ل�صق وتوزيع برو�شورات تخ�ص البيئة‬ ‫ونظافة ال�شوارع‪.‬‬ ‫وقد قام املتطوعون بتوزيع اكيا�س القمامة على كل‬ ‫منزل يف املدينة‪ ،‬وجمعوا القمامة املنت�شرة يف ال�شوارع‬ ‫وخملفات الهدم والتدمري التي عممها النظام يف املدينة‪،‬‬ ‫كما مت �شحن القمامة اىل مكب االو�ساخ خارج املدينة‪.‬‬ ‫وقد جاءت هذه احلملة بعد جهود كبرية من قبل جتمع‬ ‫ملتقى ال�شباب ويف اعقاب تراكم الكثري من الأو�ساخ‬

‫وانت�شار الأمرا�ض كاجلرب وحبة حلب (الل�شمانيا)‬ ‫وغريهما‪.‬‬ ‫يذكر ان معظم امل�شاركني باحلملة هم من طالب‬ ‫وخريجي اجلامعات واملعاهد‪ ..‬والذين مل�سوا التق�صري‬ ‫الكبري من قبل املجل�س املحلي يف معاجله هذه الظواهر‪.‬‬

‫تن�سيقية مدينة الأتارب‬


‫‪16‬‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫تنسيقيات‬

‫يف ذكرى أول مظاهرة‬ ‫يف الباب لنا كلمة‬ ‫بخطى واثقة وعزمية مت�أججة تخطو‬ ‫ثورتنا العظيمة نحو عامها الثالث بهمم‬ ‫تعانق الآفاق ت�ست�شرف الغد مب�آق يحدوها‬ ‫الأمل بب�سمة تتفتق يف جنبات �أر�ض‬ ‫باتت تذخر بالأنني وا�ستحال �أبنا�ؤها‬ ‫�أك ّنة مثقلة باحلنني و�أج�ساد ًا مكفّنة‬ ‫بالرياح وال�شم�س والركام واملِزق والأدمي‪.‬‬ ‫عامان من عمر �أمتنا م�ضيا لكنهما مل‬ ‫ي�صرما ما جترع �شعبنا من مرار ومل يدمال‬ ‫ما تفتقت عنه اجلراح من عذابات‪.‬‬ ‫عامان من عمر �أمتنا اتخذ فيها الظاملون الر�صا�ص‬ ‫نابا ينه�ش حلوم الأبرياء لي�سوط بها الدماء مب�ستها�ض‬ ‫العظام‪ ،‬وا�ستقدموا �شذاذ الآفاق ليقت�سموا ما ّ‬ ‫ت�شظى من‬ ‫دماء و ُفتات و�شرايني َ‬ ‫ومزق من �أدمي الأبرياء‪.‬‬ ‫عامان �ألقيا ب�أهوال مل تنل من عزمنا وعزميتنا �إال ما يناله‬ ‫خنجر غادر يطعن خا�صرة رياح عاتية دومنا هوادة �أو عبث‬ ‫ذئب يحاول مبخلبه �أن يخم�ش وجه ال�سماء فما ناله �إال‬ ‫ال�سقوط والعياء‪.‬‬ ‫بالأم�س يا �أهلنا يف الباب جتاوزت الثورة عامها الثاين‬ ‫حيث �أبت مدينتنا �إال �أن تر�صع ب�أبنائها �صفحات �أيام‬ ‫الثورة ب�شباب و�شيوخ ون�ساء و�أطفال يزدهي الد ّر ب�أن يت�شبه‬ ‫بهم ويغار امل�سك من طيب وطهر دمائهم وترجتي ال�شم�س‬ ‫�أن تطاول هاماتهم وتفخر اجلنة �أن حتيط �أفئدتهم وهذا‬ ‫بع�ض ح�سن ظننا ب�ضيوف الرحمن‬ ‫�شبابنا يف كل ثغر يدر�ؤون املوت عن �أبنائنا ويلوون �أعناق‬ ‫العدا و�سواعدهم مازالت تك ُّد باملزيد من االنت�صارات‬

‫فكم من ركن للظلم قد هدّوا وكم من �أ�صنام تداعت حتت‬ ‫�أقدامهم ‪ ،‬تكبرياتهم تهز �ساح املعارك وهمهماتهم ت�سري‬ ‫يف نفو�س املعتدين ارتعا�شا ورعبا‬ ‫لي�س من العدل �أن نبخ�س �شباب اجلي�ش احلر حقهم‬ ‫من االمتنان بجريرة �شرذمة من ال�ضالني ممن ي�سمون‬ ‫�أنف�سهم جماهدين واجلهاد منهم براء‪� ,‬أو ثوار وهم‬ ‫�أبعد ما يكونون عن �أخالق الثورة‪� .‬أولئك متيزونهم‬ ‫ب�أعمالهم واليقني �أنّ اهلل ما �أعدمكم ب�صرية وال حكمة‬ ‫ف�سريوا لنهدم كل الأ�صنام التي تت�أله على النا�س وتت�سلط‬ ‫على الرقاب با�سم الثورة‪� ,‬سواء �سموا �أنف�سهم ثوار �أم‬ ‫جماهدين �أو حتت �أي عنوان �آخر وليثمر الفهم ال�صحيح‬ ‫لديننا د�ستورا ي�ضاهي د�ساتري الأمم الراقية وي�ساعد يف‬ ‫بناء �سوريا امل�ستقبل التي تت�سع لكل �ألوان الطيف ال�سيا�سي‬ ‫واالجتماعي ال�سوري‪.‬‬ ‫تن�سيقية الباب ‪ -‬حلب‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫مقاالت ‪17‬‬

‫الثورة‪ ..‬والطاقات َّ‬ ‫املعطلة‬ ‫صهيب سالمات‬ ‫هل ُيحب �أحدكم �أن تعود الثورة علينا َّ‬ ‫بال�شر؟!‬ ‫�أمل ي ُكن ال�سبب الرئي�سي لثورتنا هو النهو�ض ببلدنا‬ ‫وا�سرتداد كرامته امل�سلوبة؟!‬ ‫هل من املعقول �أن ُن ِّ‬ ‫عطل َّ‬ ‫كل طاقاتنا ونوقف �أ�سباب احلياة‬ ‫حتى تنتهي الثورة وي�سقط النظام؟!‬ ‫ملاذا نعترب نهاية الثورة انطالقة حلياتنا‪ ،‬ون�ضع ر�ؤو�سنا يف‬ ‫الطني حتى تلك اللحظة؟!‬ ‫ملاذا نحكم على �أنف�سنا باملوت مادام النظام موجود؟!‬ ‫�أمل يقل نبينا الكرمي �صلى اهلل عليه و�سلم‪�" :‬إذا قامت‬ ‫ال�ساعة على �أحدكم ويف يده ف�سيلة فليغر�سها" ت�أكيد ًا منه‬ ‫على موا�صلة �أ�سباب احلياة حتى يف �أ�صعب الظروف؟!‬ ‫* * *‬ ‫اندلعت الثورة التي �أردنا بها �أن ننه�ض ب�سوريا‪ ،‬وترتَّب‬ ‫عليها ظروف قا�سية و�أحوال �سيئة و�ضيق يف املعي�شة‪ ..‬ظنَّ‬ ‫النا�س �أنَّ ثورتنا �سوف حتقق �أهدافها يف غ�ضون �شهر �أو‬ ‫�شهرين �أو �سنة على الأكرث ويعود الو�ضع �إىل ما كان عليه‬ ‫�أو �أف�ضل وننعم بحياة �سعيدة!‪َّ ..‬‬ ‫فعطل الكثري من النا�س‬ ‫�أعمالهم وتوقفوا ريثما ي�سقط النظام وتنت�صر الثورة‪..‬‬ ‫وها نحن اليوم يف عامنا الثالث الندالع الثورة وال نعلم متى‬ ‫مينُّ اهلل علينا بالن�صر؟!‬ ‫�أنا ال �أتكلم بهذا الكالم من كوين مت�شائم‪ ،‬بل �أريد �أن‬ ‫�أ�ضع يدي على م�شكلة خطرية ت�ض ُّر على م�ستقبل الإن�سان‬ ‫ال�سوري وبالتايل على �سوريا‪ ،‬فالإن�سان هو ر�أ�س مال‬ ‫الدولة الناه�ضة وما �إن تعطل دور الإن�سان تعطل بناء‬

‫الدولة وزادت تخلف وتراجع‪ ..‬وانقلبت الثورة علينا‬ ‫بال�ضرر! فتعطيل الطاقات بعد هذا احلد هي م�شكلة‬ ‫خطرية يجب ان ننتبه لها‪..‬‬ ‫املزارع الذي ترك �أر�ضه دون �أن يفلحها خوف ًا من �سوء‬ ‫الظروف ومن �شبح املجهول؛ هو عاطل و�أر�ضه َّ‬ ‫معطلة‬ ‫وطاقاته َّ‬ ‫معطلة والنتيجة عطالة‪.‬‬ ‫العامل الذي �ساءت به احلال وتوقفت �أ�سباب رزقه‪..‬‬ ‫ف�أ�صبح يفكر يف �أن ي�ضع ر�أ�سه يف الطني حتى تنتهي هذه‬ ‫احلقبة املقيتة من الزمن‪ ،‬فاتَّخذ من الظروف مربر ًا لكي‬ ‫معطل وطاقاته َّ‬ ‫ي�ؤكد عطالته؛ هو عاطل ومعمله َّ‬ ‫معطلة‬ ‫والنتيجة عطالة‪.‬‬ ‫الطالب الذي ترك درا�سته لأن متابعتها �أ�صبحت ت�شكل‬ ‫خطر ًا على حياته‪ ،‬فركل الكتب جانب ًا وربط تعلم العلم‬ ‫باملدار�س واجلامعات واقت�صر على االنتظار‪ ..‬ن�سي ب�أن‬ ‫الوقت يداهمه‪ ..‬ون�سي ب�أن العلم ُي�ؤخذ وال ُيعطى‪ ..‬ون�سي‬ ‫�أن الدول تنه�ض بالعلم و�أنه ال مربر لإ�ضاعة حلظة واحدة‬ ‫يف غري طلب العلم؛ هو عاطل ودماغه َّ‬ ‫معطل وطاقاته‬ ‫َّ‬ ‫معطلة والنتيجة عطالة‪.‬‬ ‫تثاقلوا �إىل الأر�ض واتبعوا �أهواءهم وا�ستحبوا الك�سل على‬ ‫العمل ف�أ�صابهم العجز‪ ،‬وال نه�ضة مع العجز!‬ ‫من ا�ستطاع العمل فليعمل‪ ،‬من ا�ستطاع الذهاب اىل‬ ‫املدر�سة فليذهب‪ ،‬من ا�ستطاع الزراعة فليزرع‪ ،‬من‬ ‫ا�ستطاع الزواج فليتزوج‪ ..‬ف�أنتم الوطن ونه�ضته بهممكم‪.‬‬ ‫املعطلة يف ِّ‬ ‫جميع هذه الطاقات َّ‬ ‫ظل الثورة لي�ست كما يظنُّ‬ ‫البع�ض ب�أنها مو�ضوع �شخ�صي ال ي�ض ُّر وال ينفع �إال �صاحبه؛‬ ‫كل اخلط�أ يف هذا االعتقاد‪ ،‬فالعامل واملزارع والطالب‪...‬‬ ‫هم َمنْ يقع على عا ِتقهم بنا ُء �سوريا امل�ستقبل‪ ،‬ف�إن هم‬ ‫مل يدركوا دورهم الب َّناء‪ ،‬فم�صري �سوريا عقود �أخرى من‬ ‫االنحدار والتخلف‪.‬‬ ‫�شباب النه�ضة ‪ -‬بلدة ت�سيل‬


‫‪18‬‬

‫صور‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫أطفال حمص يعيدون صياغة الحياة‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪28‬‬

‫منوعات الثورة‬

‫‪19‬‬

‫الموناليزا السورية‪! ..‬‬

‫�أفقي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬نا�شط مدين من مدينة داريا ا�ست�شهد يف ثورة‬ ‫الكرامة‬ ‫‪� - 2‬أق�صد – مكان يقف عليه اخلطيب‬ ‫‪ - 3‬امر�أة �سورية حكمت مملكة تدمر – للم�ساحة‬ ‫(معكو�سة)‬ ‫‪ - 4‬الأر�ض الزراعية التي يجمع فيها احل�صاد‬ ‫عمودي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬من فناين �سوريا الأحرار‬ ‫‪ - 2‬جتمع ال�سوائل يف جوف البطن –‬ ‫من املقامات املو�سيقية‬ ‫‪ - 3‬من الأعراق الآ�سيوية – ماء عذب‬ ‫‪ - 4‬من حيوانات الرباري – �أعلى‬ ‫اجلبل‬ ‫‪ - 5‬يبعث – عملة �آ�سيوية‬ ‫‪ - 6‬بقايا اجلمر – حاجتي للزاد‬ ‫‪ - 7‬عملة �آ�سيوية – ماله مكانة رفيعة‬ ‫‪ - 8‬بحرية �سورية حمتلة – من‬ ‫الأقارب (معكو�سة)‬ ‫‪� - 9‬أماكن مبيت اخليول ‪ -‬انظر‬

‫(معكو�سة)‬ ‫‪ - 5‬مقطع مكتوب – رتبة لرجل دين م�سيحي – تائه‬ ‫(معكو�سة)‬ ‫‪ - 6‬اخلارجي الذي اغتال علي بن �أبي طالب‬ ‫‪ - 7‬م�صيبة كبرية – حمرتم‬ ‫‪ - 8‬يقتله‬ ‫‪ - 9‬مدون ونا�شط �سوري معتقل يف �سجون النظام‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.