عدد الجمعة 21 كانون الاول 2012

Page 10

‫‪10‬‬

‫مقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاالت‬

‫اجلمعة (‪ )21‬كانون الأول (‪ ) 2012‬م ‪ -‬ال�سنة (‪ - )20‬العدد (‪)2161‬‬

‫�سامل الفالحات‬

‫الهواوشة والروابدة واملسامرة وأبو حطب‬ ‫تعال واجمعني بعدنان الهواو�شة واخوانه؛‬ ‫لأتعلم منهم العلم احلي اليقظ النافع ال العلم‬ ‫الباهت التاع�س املتثائب‪.‬‬ ‫ون� �ق ��ول �إن مل ت���س�م�ع��وا ن���ص�ح�ن��ا ف �خ��ذون��ا‬ ‫بدمنا وحلمنا وتعبنا وراحتنا ومر�ضنا و�صحتنا‬ ‫وا�سرتيحوا واريحونا‪.‬‬ ‫ال ميلك �إال ل�سانا وطنياً �صادقاً ن�س�أل اهلل ان‬ ‫يكون خال�صا لوجهه الكرمي‪ ،‬خ��ذوا أ�ه��ل عدنان‬ ‫واوالده وا�صدقاءه وحمبيه ورفاقه جميعاً ولكنا‬ ‫ذلك الرجل يا �أمني املركز اال�صالحي‬ ‫يا �أمني الأمن العام‬ ‫يا �أمني ال�سيا�سة‬ ‫يا �أمني احلكم‬ ‫يا �أمني الق�ضاء‬ ‫يا �أمني النقباء‬ ‫أ�ن �ت ��م م���س�ـ�ت� أ�م�ن��ون ف�ل�ا ت���ض�ي�ع��وا االم ��ان ��ة‪،‬‬ ‫واالمانة ثقيلة وعظيمة (انا عر�ضنا االمانة على‬ ‫ال�سماوات واالر���ض واجل�ب��ال ف�أبني ان يحملنها‬ ‫وا�شفقن منها‪.)..‬‬ ‫لو اردت �أن تبحث عن مري�ض مفقود لذهبت‬ ‫اىل امل�ست�شفيات‪.‬‬

‫اجلاهل والعاقل وال�صغري والكبري �إن ذكر له‬ ‫مري�ض توهم �أنه يف امل�ست�شقى على �سرير �شفاء‪،‬‬ ‫و�إن ذكر جمرم توقع �أنه بني يدي الق�ضاء �أو يف‬ ‫ال�سجن‪ ،‬و�إن ذكر له �سارق توقع �أنه حتت مطاردة‬ ‫ال�شرطة �أو ب�ين اي��دي�ه��م‪ ،‬ول��و ��س� أ�ل��ت ع��ن م ��ؤذن‬ ‫لأ�شاروا اليك نحو امل�سجد فطنة وجوده‪.‬‬ ‫* م �ق �ل��وع ع�ي�ن م�ل�ت�ه�ب��ة ي���ض�م��ه ال���س�ج��ن ال‬ ‫امل���ش�ف��ى؟ ه��ل ه ��ذا م �ع �ق��ول؟ م �ت ��أمل م �ت ��أوه على‬ ‫�صربه وق��وة احتماله ال يجد �سامعاً وال من�صفاً‬ ‫وال مغيثاً‪.‬‬ ‫* متوجعون م��ن ال�ف��اق��ة واحل��اج��ة وامل�ع��ان��اة‬ ‫يخرجون اىل ال�ط��رق��ات‪ ،‬يرتب�ص بهم ال َع�س�س‬ ‫وت �ت��وع��ده��م ال �� �ش��رط��ة ل�ت�ن�ف�ي��ذ ال�ق�ب����ض عليهم‬ ‫وزجهم يف املعتقالت‪.‬‬ ‫ي�ق��ول��ون �إن رغ �ب��ات امل �ل��وك �أوام � ��ر‪ ،‬و�أوام� ��ر‬ ‫امللك للتنفيذ الفوري‪ ،‬لكن الدنيا تغري‪،‬ت ولعل‬ ‫ف�صيحاً يقول لك هذا تطبيق امللكية الد�ستورية‬ ‫الذي تطالبون به‪ ،‬فمن مينع متتع ه�ؤالء بحقهم‬ ‫يف احلرية �أي ملك ال نعرفه خلف هذا امللك؟‬ ‫‪Salem.falahat@hotmail.com‬‬

‫د‪.‬عبدالعزيز ابو�صقر‬

‫إنكم بأعيننا‬ ‫م��ن نافلة ال�ق��ول �أن أ�غ�ل��ى ج��وارح الإن���س��ان هي‬ ‫عينه‪ ،‬ودرج على �أل�سنة النا�س و�صف ما حتبه ب�أنه‬ ‫«حبة العني»‪.‬‬ ‫ولقد �سمى النبي �صلى اهلل عليه و�سلم العينني‬ ‫«احلبيبتني»‪ ،‬و�أخ�ب�ر �أن اهلل تكفل ب ��أن يعو�ض من‬ ‫�صرب على فقدهما باجلنة‪.‬‬ ‫واملغرتب عينه ترنوا دوماً �صوب وطنه‪ ،‬حتى �إذا‬ ‫و�سنت عينه تلفت قلبه‪ ،‬كما قال القائل‪:‬‬ ‫وتلفتت عيني فمذ خفيت عنها الطلول تلفت‬ ‫القلب‬ ‫ون�ح��ن نتابع �أخ �ب��ار أ�ه�ل�ن��ا هالنا وراع �ن��ا ‪-‬نحن‬ ‫املغرتبني‪ -‬ما يجري يف بلدنا‪ ،‬وخ�صو�صاً ما �أ�صاب‬ ‫بع�ض ال�شباب يف عيونهم‪ ،‬وق��د �سرت ه��ذه البلوى‬ ‫من �شمال اململكة �إىل جنوبها‪ ،‬فبعد �أن فقد الدكتور‬ ‫ع�م��اد �صالح عينه اليمنى يف مدينة امل�ف��رق �شمال‬ ‫اململكة‪ ،‬يفقد عدنان الهواو�شة عينه الي�سرى يف بلدة‬ ‫ذيبان جنوب اململكة‪.‬‬ ‫فهل هذه موقعة «ذات العيون» اجلديدة؟‬ ‫ي��روي لنا ال�ت��اري��خ أ�ن��ه عندما ��س��ار خ��ال��د لفتح‬ ‫الأن� �ب ��ار ج �ع��ل ع �ل��ى م �ق��دم �ت��ه الأق� � ��رع ب ��ن ح��اب����س‪،‬‬ ‫ف �ح��ا� �ص��ره��ا امل �� �س �ل �م��ون وق ��د حت���ص��ن أ�ه� ��ل الأن �ب ��ار‬ ‫وخندقوا على �أنف�سهم و�أ�شرفوا من ح�صنهم‪ ،‬وعلى‬

‫ج�ن��وده��م � �ش�يرزاد‪ ،‬ف�ط��اف خ��ال��د ب��اخل�ن��دق‪ ،‬و�أن�شب‬ ‫القتال‪ ،‬و�أو�صى رماته �أن يق�صدوا عيون جي�ش العدو‪،‬‬ ‫فرموا ر�شقا واح��دا‪ ،‬ثم تابعوا ف�أ�صابوا �أل��ف عني‪،‬‬ ‫ف�سميت تلك الوقعة «ذات العيون» وت�صايح القوم‪:‬‬ ‫«ذهبت عيون �أهل الأنبار»‪ ،‬واليوم يتنادى العقالء‪:‬‬ ‫«ذهبت عيون دعاة الإ�صالح من �أبناء الأردن»‪.‬‬ ‫م�ؤ�سف حقاً �أن يحدث ه��ذا يف بلد فيه ثالثني‬ ‫جامعة‪ ،‬وم��ن �أع�ل��ى دول املنطقة يف ن�سبة التعليم‪،‬‬ ‫ف ُيعتدى فيه على الأرواح واملمتلكات‪ ،‬والأم��ن غائب‬ ‫ف�لا ينت�صر ل �ه ��ؤالء‪ ،‬وال ي�ع��رف اجل�ن��اة وال يعاقب‬ ‫املذنبون وال «العني بالعني»‪ .‬وم��ا �أح��د ك��ان يخطر‬ ‫بباله �أن ي�سجن عدنان الهواو�شة ويوثق ب�سريره يف‬ ‫امل�ست�شفى‪ ،‬وهو فاقد عينه حمتاج �إىل الدواء‪ ،‬يف زمن‬ ‫حقوق الإن�سان‪ ،‬وع�صر الإ�صالح املزعوم‪.‬‬ ‫و�إنه لأمر معيب �أن ال يُنقل لأف�ضل امل�ست�شفيات‪،‬‬ ‫و ُتقدم له الرعاية الطبية الالزمة والعالج املنا�سب‪،‬‬ ‫والأردن موئل طب العرب‪ ،‬وتنت�شر م�ست�شفياته من‬ ‫�أفغان�ستان �شرقاً �إىل غزة غرباً‪ ،‬فهل يعجز �أن ي�سارع‬ ‫�إىل عالجه؟ و�إذا ب��ريء فليعلق على �أع��واد امل�شانق‬ ‫على جرميته ال�ن�ك��راء التي ارتكبها يف ح��ق الوطن‬ ‫ببيعه مقدرات البلد‪.‬‬ ‫�إن فقد العظماء عيونهم يف �سبيل احلق قدمي‪،‬‬

‫كاظم عاي�ش‬

‫طوبى للغرباء الذين‬ ‫يصلحون ما أفسد الناس‬ ‫هم غرباء يف فهمهم ويف تفكريهم ويف �سلوكهم‪ ،‬غرباء‬ ‫بني اهلهم وجريانهم وا�صدقائهم‪ ،‬غرباء عن بيئتهم‪ ،‬يعي�شون‬ ‫مع النا�س ولكنهم يف احلقيقة يعي�شون عاملهم اخلا�ص الذي‬ ‫يتوقون اليه‪ ،‬هذه الغربة �ضرورية للتغيري؛ لأنهم اذا �ألفوا‬ ‫الواقع الذي ال يقبلونه ومتاهوا معه فلن ي�ستطيعوا �أن يغريوا‬ ‫فيه �شيئا‪ ،‬ه��م ال�غ��رب��اء ال��ذي��ن ا��ش��ار اليهم حبيبهم بقوله‪:‬‬ ‫«طوبى للغرباء الذين ي�صلحون ما �أف�سد النا�س»‪.‬‬ ‫يتواط ؤ� النا�س يف حياتهم الراكدة على كثري من املعاين‬ ‫وال �ع��ادات التي ال تنتمي اىل منظومة قيمهم وت�ك��ون دخيلة‬ ‫عليهم‪ ،‬من قبل اخل�صوم‪� ،‬أو تكون مما ابتدعته حياة الك�سل‬ ‫والدعة واخلمول‪ ،‬ومع طول الوقت ت�ألفها النفو�س فت�صبح‬ ‫مت�أ�صلة را�سخة ال ميكن التخلي عنها بب�ساطة وال حتى ببذل‬ ‫اجلهد‪ ،‬وهي من �صنف ما ا�شار اليه ال�ق��ر�آن‪( :‬فطال عليهم‬ ‫االم��د فق�ست قلوبهم)‪ ،‬وح�ين ي�أتي من يريد �أن يعيد الأم��ر‬ ‫اىل ن�صابه يواجه �صعوبة بالغة ومنطقا غريبا ( إ�ن��ا وجدنا‬ ‫�آب��اءن��ا على أ�م��ة و إ�ن��ا على آ�ث��اره��م مقتدون)‪ ،‬ويناق�ش القر�آن‬ ‫الأمر بقوله‪�( :‬أو لو كان �آبا�ؤهم ال يعقلون �شيئا وال يهتدون)‪،‬‬ ‫وه�ك��ذا يبدو �سلوك اال��ص�لاح غريبا و��ش��اذا ومرفو�ضا‪ ،‬وقد‬ ‫ي�صنف يف خانة ال�ع��دوان على املجتمع‪ ،‬وي��رق��ى اىل م�ستوى‬ ‫اجلرمية التي ت�ستحق العقاب يف نظرهم‪� ،‬أمل يقل قوم لوط‬ ‫لنبيهم‪�( :‬أخرجوا �آل لوط من قريتكم �إنهم �أنا�س يتطهرون)‬ ‫ف��أ��ص�ب�ح��ت ال �ط �ه��ارة يف ع��رف�ه��م ج��رمي��ة ت�ستحق ال�ن�ف��ي من‬ ‫املجتمع الذي غرق يف دن�س املعا�صي واالوحال‪ ،‬ومل يعد يطيق‬ ‫الطهارة والنظافة‪ ،‬حيث �أ�صبحت هي احلالة ال�شاذة املرفو�ضة‪،‬‬ ‫وهكذا �صار لوط غريبا يف جمتمعه‪ ،‬وما �أ�شبه اليوم بالبارحة‪،‬‬ ‫وما �أك�ثر ما يتكرر هذا النموذج يف حياة الب�شر‪ ،‬ومبقدار ما‬ ‫يغرق النا�س يف بعدهم عن ج��ادة احلق وال�صواب‪ ،‬مبقدار ما‬ ‫تكون املقاومة لال�صالح ودع��ات��ه‪ ،‬ومبقدار ما يكون الرف�ض‬ ‫واال�ستهجان واال�ستغراب من �سلوك امل�صلحني‪ ،‬فهم يحملون‬ ‫ال�سلم بالعر�ض‪� ،‬أو هم ظالميون �أو متخلفون �أو م�ستعجلون‬ ‫يف �أح�سن الأحوال‪ ،‬وهم على كل الأحوال مت�آمرون مند�سون‪،‬‬ ‫ي��ري��دون بث الفرقة واخل�لاف وي�ه��ددون الأم��ن‪ ،‬ويتطاولون‬ ‫على املجتمع ورم ��وزه‪ ،‬ويطيلون �أل�سنتهم على كباره الذين‬ ‫كربوا يف غياب الأج��واء ال�صحيحة وال�صحية التي تنمو فيها‬ ‫ال�ك��ائ�ن��ات ب�شكل طبيعي و� �س��وي‪ ،‬وه��م ك��ذل��ك ي��ري��دون العلو‬ ‫واال��س�ت�ح��واذ‪ ،‬واالن �ف��راد بال�سلطة ونهب امل �ق��درات؛ �أي �إنهم‬ ‫حتت كل الظروف يجب ان ينفوا ويحاربوا �أو يقتلوا �إذا لزم‬ ‫الأمر‪ ،‬فاحلفاظ على �أمن املجتمع ووحدته ومتا�سكه �أوىل من‬ ‫اال�ستجابه ملطالب ه�ؤالء الغرباء عنه‪.‬‬ ‫�إذاً ه��و ال�ث�م��ن ال ��ذي ي��دف�ع��ه ال�غ��رب��اء اذا ارادوا �إ��ص�لاح‬ ‫املجتمع‪ ،‬هو التدافع بني احلق والباطل‪ ،‬تلك ال�سنة املا�ضية‬ ‫يف حياة الب�شر وال بد من ان يت�ضارب احلق والباطل (كذلك‬ ‫ي�ضرب اهلل احلق والباطل ف�أما الزبد فيذهب جفاء و أ�م��ا ما‬ ‫ينفع النا�س فيمكث يف االر���ض‪ ،)..‬وهو ت�ضارب ال ي�سعى اليه‬ ‫امل�صلحون‪� ،‬إمن��ا ي�ب��د�ؤه يف ال�ع��ادة الفا�سدون املف�سدون‪ ،‬فهم‬ ‫يفتقرون اىل احل�ج��ة مل��واج�ه��ة احل��ق واه �ل��ه‪ ،‬وح�ين يفل�سون‬ ‫يف م�ق��ارع��ة احل�ج��ة باحلجة ي�ل�ج��ؤون اىل البط�ش والتنكيل‬ ‫وااليذاء‪ ،‬وحينها ي�ضطر �أ�صحاب احلق اىل الدفاع عن �أنف�سهم‬ ‫وبرناجمهم وق�ضيتهم؛ لأنه لي�س من املنطق �أن ي�ست�سلم �أهل‬ ‫احل��ق لأه��ل الباطل لينكلوا بهم دون �أن يحركوا �ساكنا؛ لأن‬ ‫ذلك لي�س من طبيعة احلياة والنا�س وفقد تعارف النا�س يف‬ ‫كل ع�صورهم واديانهم ومللهم وتوجهاتهم على �شرعية الدفاع‬ ‫عن النف�س يف مواجهة العدوان الظامل ايا كان م�صدره و�سببه‪.‬‬ ‫ال���س�ل�م�ي��ة وال �� �ص�بر واحل �ك �م��ة ك�ل�ه��ا م�ط�ل��وب��ة ح�ي�ن ي��راد‬ ‫اال�صالح‪ ،‬وهي االوىل واالجدر ان تتبع‪ ،‬لكن الباطل املنتف�ش‬ ‫امل �غ��رور ال ي�ت�رك ل �ه��ذه اال��س��ال�ي��ب م�ك��ان��ا ح�ين ي�ضيق ذرع��ا‬ ‫بامل�صلحني ومطالبهم‪ ،‬فيلج�أ اىل اال�ساليب العنيفة التي تولد‬ ‫ردود �أفعال م�شابهة‪ ،‬وعندها تكون اخل�سارة كبرية يف املجتمع‬ ‫والنا�س‪ ،‬ويدفع املجتمع ثمن �سكوته طويال عن االنحرافات‬ ‫التي تبد�أ �صغرية وتنتهي بف�ساد عري�ض ي�أكل كل �شيء‪ ،‬ولو �أن‬ ‫النا�س كانوا حرا�سا �أمينني على جمتمعهم ف�صححوا م�سارهم‬ ‫على الدوام‪ ،‬ملا لزمهم كل هذا العناء الذي ي�سببه اال�صالح بعد‬ ‫فوات الأوان وخراب العمران‪ ،‬وت�أ�صل ال�شر وتف�شي االمرا�ض‬ ‫واالوبئة ب�شكل ي�ستع�صي على اال�صالح الهادئ؛ لأن الفا�سدين‬ ‫الذين ا�ستمر�ؤوا و�ضع الف�ساد لن يتخلوا عنه بب�ساطة‪ ،‬ولن‬ ‫ي�سلموا رقابهم للم�صلحني ليحا�سبوهم على م��ا اق�ترف��وا‪،‬‬ ‫ف�ت�ك��ون م�ع��رك��ة ق��د ي�ك��ون ثمنها االرواح وامل�م�ت�ل�ك��ات ولكنها‬ ‫معركة ال بد منها يف النهاية؛ لأن البديل عنها �أ�سو أ� بكثري من‬ ‫اخل�سائر التي ترتتب على خو�ضها‪.‬‬ ‫ط��وب��ى للغرباء ال��ذي��ن قبلوا ال�ت�ح��دي وف��ارق��وا م��أل��وف‬ ‫النا�س‪ ،‬وا�ستعدوا للت�ضحية لأج��ل معتقدهم ولأج��ل وطنهم‬ ‫و�أمتهم‪ ،‬الذين ت�سامت نفو�سهم عن حياة ال��ذل ومل يطيقوا‬ ‫الف�ساد واال�ستعباد‪ ،‬ا�ستعدوا �أن يدفعوا الثمن الذي جنب عن‬ ‫دفعه الآخ��رون‪ ،‬هم خري النا�س‪ ،‬هم ملح االر���ض‪ ،‬هم الذين‬ ‫ي��رف��ع اهلل ب�سببهم ال �ب�لاء‪ ،‬وي�ن��زل الغيث م��ن ال�سماء‪ ،‬انهم‬ ‫الرجال الذين �صدقوا ما عاهدوا اهلل عليه الذين ال تلهيهم‬ ‫جتارة وال بيع عن ذكر اهلل‪ ،‬انهم ا�شرف اخللق وا�صدقهم‪ ،‬هم‬ ‫الذين ا�صطفاهم اهلل لرفع رايته و�أورثهم االر���ض‪ ،‬واورثهم‬ ‫ك��ذل��ك جنته ال�ت��ي وع��ده��م اي��اه��ا ي��وم يلقونه‪ ،‬فطوبى لهم‪،‬‬ ‫طوبى للغرباء الذين ي�صلحون ما �أف�سد النا�س‪ ،‬رغم ال�صعوبة‬ ‫وامل�شقة والثمن الباهظ‪ ،‬رغ��م احل��رج واالمل وامل�ع��ان��اة‪ ،‬رغم‬ ‫اخل��وف والتهديد وال�صخب ال��ذي ميار�سه الباطل �ضدهم‪،‬‬ ‫طوبى لهم طوبى لهم‪.‬‬

‫فعثمان بن مظعون كان يف ج��وار الوليد بن املغرية‬ ‫ف��رد عليه ج ��واره‪ ،‬فلطمه ال�سفهاء حتى �أخ�ضرت‬ ‫عينه وفقدت ن��وره��ا‪ ،‬فقال له الوليد متهكماً‪�« :‬إن‬ ‫كانت عي ُنك ع َّما �أ�صابها لغن َّية‪ ،‬ولقد كنت يف ذمَّة‬ ‫منيعة»‪.‬‬ ‫ف �ق��ال ع �ث �م��ان ب ��ن م �ظ �ع��ون‪ »:‬واهلل إ� َّن عيني‬ ‫ال�صحيحة لفقرية �إىل مثل ما �أ�صاب �أخ َتها يف اهلل‪،‬‬ ‫و� يِّإن لفي ج��وار مَن هو �أع� ُّز منك و�أق��در يا أ�ب��ا عبد‬ ‫�شم�س»‪.‬‬ ‫وال�صحابي الكبري أ�ب��و �سفيان ب��ن ح��رب �سيد‬ ‫قري�ش قبل الإ� �س�لام فقد عينه يف غ��زوة الطائف‪،‬‬ ‫ولكنه قاد اجلند يف الريموك بعينه الأخرى الباقية‪.‬‬ ‫والأح�ن��ف بن قي�س فقد عينه �أربعني �سنة ومل‬ ‫ي َْ�شك لأحد‪.‬‬ ‫�إن ال��وط��ن ي��ا دك �ت��ور م �ع��اذ‪ ،‬وع��دن��ان وي ��ا �أي�ه��ا‬ ‫الأ��ش��راف ما ي��زال البلد بحاجة �إىل عيون حتر�سه‬ ‫وت�سهر عليه من الل�صو�ص والفا�سدين‪.‬‬ ‫و�إن ال��رج��ال ق��د ي�ف�ق��دون ع�ي��ون�ه��م‪ ،‬و ُي�ق�ت�ل��ون‬ ‫ولكنهم ال يهزمون‪ ،‬تكرم عيونكم‪ ،‬ومن أ�ج��ل البلد‬ ‫تهون العيون‪ ،‬وال نامت �أعني اجلبناء‪.‬‬ ‫‪a.abusagar@gmail.com‬‬

‫ح�سن خليل ح�سني‬

‫د‪�.‬أحمد نوفل‬ ‫بصراحة‬

‫منبر السبيل‬

‫جناية العلمانيني‬ ‫ال �أري ��د �أن �أدخ ��ل يف تنظري أ�ك��ادمي��ي ع��ن العلمانية‬ ‫وتاريخها وتعريفها‪ ،‬فل�سنا بهذا ال�صدد‪ .‬لكن م��ا يلزمنا‬ ‫يف ه��ذه العجالة �أن ن�ع��رف �أن العلمانية ك��ان��ت ��ض��رورة يف‬ ‫الغرب‪� ،‬إزاء الكني�سة ودين كن�سي ورجال كهنوت ورجال دين‬ ‫و�إكلريو�س �أف�سدوا احلياة الغربية يف �أوروبا‪ ،‬و�آ�سيا الأوربية‪،‬‬ ‫�أق�صد بها رو�سيا‪ ،‬وجعلت احلياة جحيماً ال يطاق‪.‬‬ ‫فقد حكمت الكني�سة وحتكمت و�أحكمت حلقات الظلم‬ ‫على رق��اب النا�س وحاكمت العلماء و�أحرقتهم بالنار‪ ،‬وما‬ ‫جنا غاليليو غاليلي من م�صريه اجلهنمي الدنيوي �سنة‬ ‫‪ 1600‬وما بعدها بقليل �إال ل�سنه الكبرية‪ ،‬لكنه فر�ض عليه‬ ‫الإقامة اجلربية يف منزله حتى املوت‪ ،‬وال جمال للدخول يف‬ ‫التفا�صيل‪ ،‬فكل ما جرى لكوبرنيك�س �أو غاليليو وغريهم‪،‬‬ ‫�إمنا هو حقائق علمية كانوا روداه��ا و�أول مكت�شفيها‪� ،‬سواء‬ ‫كان ذلك القول بكروية الأر�ض �أو دورانها حول ال�شم�س �أو‬ ‫نفي �أن الأر�ض مركز الكون‪� ،‬أو �أي حقيقة علمية نا�صعة من‬ ‫هذا القبيل‪.‬‬ ‫قلت ال جمال للتف�صيل فهذا احلديث يطول ويطول‪،‬‬ ‫ولكن باخت�صار م��ا �سميت ال�ق��رون الو�سطى ق��رون الظلم‬ ‫وال �ظ�لام �إال لأن الكني�سة ك��ان��ت مت�سيدة فيها م�سيطرة‬ ‫مهيمنة‪ ،‬وخنقت اخللق و�ضيقت �سبل عي�شهم وتفكريهم‪،‬‬ ‫ومن اتهم بال�سحر فاحلرق م�صريه امل�ؤكد‪ ،‬وهذا �أ�سهل اتهام‬ ‫و�أقل داع كفيل ب�إل�صاقه ب�أي �أحد‪.‬‬ ‫وتدخلت الكني�سة يف الق�ضاء‪ ،‬بل كان هو �أداتها وذراعها‬ ‫يف ب�سط هيمنتها و�سيطرتها على النا�س‪ ،‬وكان الق�ضاة �أف�سد‬ ‫اخللق‪ ،‬و�أف�سدوا احلياة فوق ف�سادها‪.‬‬ ‫وكم �أزهقت من �أرواح على �أيدي هذا الق�ضاء الفا�سد‪،‬‬ ‫ول��ن ن�ت�ح��دث ع��ن ��ص�ك��وك ال �غ �ف��ران‪ ،‬وال االم �ت �ي��ازات التي‬ ‫�أعطاها ه��ؤالء لأنف�سهم‪ ،‬ولن نتكلم عن ت�أله البابوات وال‬ ‫كيف جعلوا الدين �سلماً وتبعاً وخادماً للأمراء الفا�سدين‪.‬‬ ‫وال كيف جرى حتالف �شيطاين بني م�صدري القوة وال�سلطة‬ ‫والنفوذ‪ :‬الدين وال�سيا�سة‪ ،‬كل هذا ال نريد اخلو�ض فيه وال‬ ‫الدخول يف معمعته‪ ،‬فهو حديث يطول من ناحية والعائد‬ ‫منه قليل‪.‬‬ ‫لكل هذا انتف�ضت �أوروبا على تغول الكني�سة وال�سلطة‬ ‫ال�سيا�سية وحق لها‪ ،‬وما كان لها �أن تنه�ض �إال بك�سر القيد‬ ‫الذي قيدت به الكني�سة �أيديها وعقولها وغ َّلتها عن احلركة!‬ ‫لكن ما دهانا نحن يف العامل الإ�سالمي حتى نعتقد �أن‬ ‫«العلمانية هي احلل» كما يطرزون ويزخرفون تقليداً �أعمى‬ ‫بال روية وال فكر ر�شيد؟‬ ‫هل �صادر الدين الإ�سالمي على العقل وحجر عليه �أن‬ ‫ينظر �أم أ�م��ره بذلك‪ ،‬واعترب «التفكري فري�ضة �إ�سالمية»‬ ‫كما ق��ال العقاد يف كتابه املعنون بهذا العنوان‪ ،‬وق��ال‪« :‬قل‬ ‫ان�ظ��روا م��اذا يف ال�سموات والأر� ��ض» وق��ال‪« :‬ق��ل ��س�يروا يف‬

‫الأر���ض ف��ان�ظ��روا‪�« »..‬أف�لا ي�ن�ظ��رون‪ »..‬بل �إن بع�ض �أو جل‬ ‫علماء العقيدة ال يقبلون بالتقليد يف العقيدة‪ ،‬ب��ل ال بد‬ ‫من �أن تقوم العقيدة على الدليل القائم بدوره على التفكر‬ ‫والتدبر والنظر‪.‬‬ ‫ف�ل�م��اذا �إذاً ن�ع��ام��ل الإ� �س�ل�ام كمعاملة امل�سيحيني �أو‬ ‫الن�صارى الدين امل�سيحي؟ ملاذا امل�ساواة بينهما مع �أن الفارق‬ ‫بينهما كما بني ال�سماء والأر���ض؟ �أق�صد بالدين امل�سيحي‬ ‫ال��ذي عبثت به يد الب�شر‪ ،‬ال الدين احل��ق ال��ذي �أن��زل على‬ ‫عي�سى عليه ال�سالم‪.‬‬ ‫�إن م��ا ي ��دور يف ال �ع��امل ال�ع��رب��ي والإ� �س�لام��ي إ�من ��ا هو‬ ‫حم�ض تقليد وتبعية �إن �أح�سنا ال�ظ��ن‪� ،‬أو عمالة وتنفيذ‬ ‫خم�ط��ط �إن �أ� �س ��أن��ا ال �ظ��ن‪ ،‬وي�ك�ف��ي ه ��ذا ق��دح �اً يف م��واق��ف‬ ‫العلمانية والعلمانيني‪.‬‬ ‫ويكفي العلمانية ��س��وء ذك��ر و��س��وء ط��ال��ع �أن �أول من‬ ‫ابتدعها يف العامل الإ�سالمي‪ ،‬وفر�ضها على جمتمعه و�شعبه‬ ‫باحلديد والنار والق�سر والقهر والإج�ب��ار م�صطفى كمال‬ ‫�أتاتورك اليهودي الدومني من يهود �سالونيك باليونان!‬ ‫ويكفي العلمانية �سوءاً و�ش�ؤماً �أنها يف التطبيق العملي‬ ‫منذ ثالثة �أرب��اع ق��رن‪ ،‬ومل تقد جمتمعاتها �إال �إىل مزيد‬ ‫من الفقر والدكتاتورية واخلراب‪ ،‬ويكفيها نكداً وغماً �أنها‬ ‫عمقت التبعية للغرب‪ ،‬فما غادرنا امل�ستعمر الغربي �إال بعد‬ ‫�أن اطم�أن �إىل �أن تركته من العلمانية ب�أيد �أمينة!‬ ‫والعلمانية العربية باملنا�سبة‪� ،‬إذ جتاوزنا �أنها و�صفة‬ ‫الغرب املفرو�ضة علينا بالإجبار والعنت والقهر والنار‪ ،‬فهي‬ ‫حمرو�سة بعني اال�ستعمار‪ ،‬ال يقبل عنها بدي ً‬ ‫ال مهما كلف‬ ‫الثمن �أو غلت الأ�سعار!‬ ‫�أما ر�أيتم �إىل جتربة اجلزائر عندما جنح الإ�سالميون‬ ‫يف ��ص�ن��ادي��ق االن �ت �خ��اب��ات‪ ،‬وه��ي ال��و��ص�ف��ة ال�سحرية لدين‬ ‫ال��دمي�ق��راط�ي��ة ال�ت��ي ي��دي��ن ب�ه��ا ال �غ��رب‪ ،‬وال يرت�ضي عنها‬ ‫ب��دي�ل ً‬ ‫ا‪ ،‬ف ��إن ه��ذا ال�غ��رب وفرن�سا حت��دي��داً ه��ددت �إن كنتم‬ ‫تذكرون ب��إع��ادة احتالل اجل��زائ��ر‪� ،‬إذا ا�ستمر الأم��ر وت�سلم‬ ‫امل�سلمون ال�سلطة!‬ ‫لقد ج��رى علمنة العامل العربي والإ�سالمي ب�صورة‬ ‫نتمنى معها �أن لو طبقت يف جمتمعاتنا علمانية الغرب على‬ ‫ما هي عليه من نقائ�ص! فقد كان القذايف ي�ستتيب من كان‬ ‫يطلق حليته‪ ،‬و�إال فهو معر�ض لل�سجن وما هو �أكرث و�أكرب‬ ‫من ال�سجن‪ .‬وهل كان القذايف �إال علمانياً ال دينياً ملحداً‬ ‫يحارب اهلل ويتطاول على قر�آنه؟ وهل كان بنعلي (هكذا) �إال‬ ‫علمانياً واحلبيب من قبله‪ ،‬ولقد حدثني من عمل يف ق�صر‬ ‫احلبيب �أن م�سبة الرب تعاىل اهلل والإ�سالم والر�سول كانت‬ ‫على ل�سانه كالرتنيمة يرتمن بها‪.‬‬ ‫وه��ل ك��ان ه ��ذان ال�ن�ع�لان �إال علمانيني م�غ��ال�ي�ين يف‬ ‫علمانيتهما وعمالتهما ل�ل�غ��رب؟ وه��ل ك��ان ع�ب��د ال�ك��رمي‬

‫قا�سم ال�شيعي ال�شيوعي �إال علمانياً مغالياً ك��ذل��ك؟ وهل‬ ‫كان حافظ الأ�سد وابنه الف�شار �إال علمانيني مغاليني حاربا‬ ‫الإ� �س�لام بكل م��ا �أوت�ي��ا م��ن ق��وة‪ ،‬ومعهما ال�غ��رب العلماين‬ ‫ورو�سيا العلمانية؟ وهل كان مبارك �إال علمانياً كارهاً لدين‬ ‫الإ�سالم حماداً له حمارباً بكل ما �أوتي من �إمكانات‪ ،‬والغرب‬ ‫كان ظهرياً له؟ ما لكم كيف حتكمون؟ وهل حكام الإمارات‬ ‫الآن �إال كذلك؟ وهل جمالتهم �إال كذلك وقنوات كل دول‬ ‫النفط؟!‬ ‫والآن تتوج العلمانية مكارمها �أو مكارهها مبا يح�صل‬ ‫يف بلدان «الربيع العربي» من انقالب على الثورة �أو ثورة‬ ‫م �� �ض��ادة ل �ل �ث��ورة وع �ل��ى ال �ث ��ورة‪ .‬وه ��ل تت�سلح ه ��ذه ال�ق��وى‬ ‫املعروفة املربط �إال بالكذب والإ�شاعة والبلطجة والعنف؟‬ ‫ملاذا ترف�ضون االحتكام �إىل ال�شعب و�إىل ال�صناديق؟ و�أنتم‬ ‫�أ� ً‬ ‫صال ترف�ضون االحتكام �إىل �شرع اهلل فما احلكم �إذاً؟ هل‬ ‫�أنتم اخل�صم واحلكم؟ ومن �أنتم وما �أنتم لوال الدعم الغربي‬ ‫املطلق املفتوح لكم؟ هل لو �سحب عنكم الغطاء يكون لكم‬ ‫وزن؟ وملاذا ت�ستعينون بفلول مراكز القوى من زمن مبارك‬ ‫العميل؟ �أال يديركم يف م�صر خلية �إدارة الأزمة املكونة من‬ ‫يهود �إ�سرائليني و�أمريكان؟‬ ‫من ي�ضخ لكم الأموال من دول اخلليج التابعة لأمريكا‬ ‫وتبثون الإ�شاعات �أن الإ�سالم و�صفة �أمريكية؟‬ ‫و�أ�سمع من �إحدى املحطات التابعة للنظام ال�سوري �أن‬ ‫�أمريكا تريد دول��ة دينية �إ�سالمية يف �سوريا! وه��ي تخوف‬ ‫العامل وبع�ض القوى املحلية مبثل هذا الكالم‪.‬‬ ‫�إن جناية العلمانية والعلمانيني طيلة ث�لاث��ة �أرب��اع‬ ‫القرن تهون �أمام حماوالت �إف�ساد «الربيع العربي» وحتويله‬ ‫�إىل خ��ري��ف مت�ساقط ال�ث�م��رات والأوراق منعدم الن�ضرة‬ ‫والقدرة واخل�ضرة‪� ،‬أقول هذا �أخطر من ثالثة �أرباع القرن‬ ‫من اجلناية على جمتمعنا‪.‬‬ ‫ه��ل ك��ان الع�سكر ال��ذي��ن دم��روا تركيا �إال علمانيني؟‬ ‫وه��ل ك��ان ب��روي��ز م�شرف ال��ذي دم��ر باك�ستان �إال علمانياً؟‬ ‫وهل كان رموز منظمة التحرير التي تعمل الآن على الإيقاع‬ ‫الإ�سرائيلي �إال علمانيني؟ و�سلوا يا�سر عبد يا�سر والزمرة‬ ‫ه��ل ه��م ق��وى دي�ن�ي��ة ظ�لام�ي��ة‪� ،‬أم ق��وى علمانية تنويرية‬ ‫بزعمهم تتبع املحتل وتخدم املحتل؟‬ ‫�إذا ا�ستقر الو�ضع يف م�صر وك�شفت الأوراق‪� ،‬سنكت�شف‬ ‫حجم جناية ه�ؤالء على م�صر طيلة العقود الفائتة‪.‬‬ ‫دع ��وا ال���ش�ع��ب ي�ن�ع�ت��ق م��ن رب�ق�ت�ك��م‪ ،‬ك �ف��وا ع��ن ف��ر���ض‬ ‫هيمنتكم‪ ،‬ك�ف��وا ع��ن ت�ف��ردك��م بال�سلطة‪ ،‬ك�ف��وا ع��ن املقولة‬ ‫القذرة نحن �أو الطوفان‪� ،‬إما �أن نديرها و�إما �أن ندمرها‪.‬‬ ‫�آن ال �ت �ح��رر م��ن �أ� �ض ��راب ب���ش��ار وال�ب�رادع ��ي و»ع �م��رو‬ ‫ليفني»‪ ..‬دعوا ال�شعب العربي ينه�ض وي�صلح ف�سادكم‪� ،‬آن‬ ‫�أن تن�صرفوا‪.‬‬

‫د‪ .‬با�سل برقان (*)‬

‫الطب النووي ال يحتاج إىل مفاعل نووي بدون جدوى اقتصادية وبيئية‬ ‫ي �ب��دو ج�ل�ي�اً ت��وج��ه ه�ي�ئ��ة ال�ط��اق��ة ال��ذري��ة الأردن� �ي ��ة �إىل‬ ‫الإع �ل��ام ب �ق��وة‪ ،‬وب��ا��س�ت�ث�م��ار ال ن ��دري ع��ن قيمته امل��ادي��ة من‬ ‫موازنة الهيئة لعام ‪ 2012‬التي تبلغ ‪ 16‬مليون دينار‪ .‬فاملحاولة‬ ‫تلو الأخ��رى لتلميع و�صقل امل�شروع ال�ن��ووي الأردين بعد �أن‬ ‫�أث �ب��ت االق�ت���ص��ادي��ون وال�ب�ي�ئ�ي��ون والأك��ادمي �ي��ون واملهند�سون‬ ‫وال �ق��ان��ون �ي��ون وج �م �ي��ع الأردن � �ي� ��ون ف���ش��ل ه ��ذا امل �� �ش��روع من‬ ‫النواحي العلمية واالقت�صادية والبيئية وال�صحية والقانونية‬ ‫والإن�شائية وال�سيا�سية‪.‬‬ ‫�إن امل �ق��اب �ل��ة ال �ت��ي ن �� �ش��رت يف ��ص�ح�ي�ف��ة ال� � ��ر�أي ب �ت��اري��خ‬ ‫‪ 2012/9/30‬مع مدير مركز املفاعل النووي البحثي يف جامعة‬ ‫العلوم والتكنولوجيا ه��ي �إح��دى امل�ح��اوالت لتلميع امل�شروع‪،‬‬ ‫فالإيحاء ب�أن هنالك مفاع ً‬ ‫ال يف كندا �سيغلق يف عام ‪ ،2015‬و�أن‬ ‫مفاعل الهيئة �سيحل مكانه ه��و ك�لام غ�ير دق�ي��ق وال ا�سا�س‬ ‫له من ال�صحة‪� ،‬إال يف خميلة هيئة الطاقة الذرية ومديرها؛‬ ‫حيث �إن املفاعل الكندي يخدم القارة الأمريكية ولي�س ال�شرق‬ ‫الأو�سط الذي يتعامل مع مفاعالت �أقرب مثل الذي يف تركيا‬ ‫وبولندا وبريطانيا‪� .‬إن حماولة الإقناع �أن امل�شروع مهم جداً يف‬ ‫جمال الطب النووي‪ ،‬و�أن امل�شروع هو احلل والرتياق ملر�ضى‬ ‫ال�سرطان هو غري واقعي‪ ،‬ولي�س �إال مزيداً من الت�ضليل؛ كون‬ ‫املفاعل يف العلوم والتكنولوجيا لن ي�ستطيع انتاج اال بع�ض‬ ‫املواد امل�شعة‪ ،‬التي ال ت�شكل �أكرث من ع�شرة باملائة من ا�ستهالك‬ ‫الأردن م��ن ه��ذه امل ��واد‪ .‬والعجيبة الأك�ب�ر الت�صريح م��ن هذا‬ ‫املدير �أنه ال «خطورة �إطالقاً» من املفاعل البحثي!!‬ ‫�إن هيئة الطاقة ال��ذري��ة ت�ضلل �صانع ال�ق��رار يف الأردن‬ ‫وجميع الأردن �ي�ين‪ ،‬حيث ت�صرح ت��ارة �أن ا�سترياد الأردن من‬ ‫النظائر امل�شعة «يتطلب ع��ادة ف�ترة ت�سليم طويلة» (ال��ر�أي‬ ‫‪ )2012/1/25‬وتارة �أخرى �أن املفاعل لي�س له «خطورة �إطالقاً»‬ ‫(الر�أي ‪ )2012/9/30‬وهذا كله ت�ضليل م�ستمر خمالف للواقع‬ ‫واحلقائق والتاريخ �أثبت زيف هذا الكالم ومن يتعامل بهذه‬ ‫املواد �أدرى بها يا �أيتها الهيئة‪ .‬ف�إن التاريخ يثبت �أن املفاعالت‬ ‫البحثية تن�صهر‪ ،‬و�أول حادثة ان�صهار كانت يف املفاعل البحثي‬ ‫ب��والي��ة أ�ي��داه��و الأمريكية ع��ام ‪ 1955‬ال��ذي �أدى اىل ان�صهار‬ ‫ن�صف ن ��واة امل�ف��اع��ل وت �ل��وث املنطقة امل�ح�ي�ط��ة‪ .‬ول�ك��ن حل�سن‬ ‫حظهم �آن��ذاك �أن املفاعل يبعد ‪ 29‬كم عن أ�ق��رب جتمع �سكاين‬ ‫(ولي�س ‪ 3‬كم مثل مفاعل العلوم والتكنولوجيا) (‪.)1‬‬ ‫وقد تبعه �أول وفيات من املفاعالت التجريبية ويف نف�س‬ ‫الوالية الأمريكية عام ‪ 1961‬ومن مفاعل بحثي ا�ستطاعته ‪3‬‬ ‫ميغاوات (وهو �أ�صغر من مفاعل الرمثا) الذي ت�سبب بتدمري‬ ‫ال�ب�ن��اء‪ ،‬ب��الإ��ض��اف��ة اىل خ�سائر ب � ��الأرواح‪ .‬وق��د مت دف��ن �أي��دي‬ ‫العاملني يف مدفن للنفايات النووية خارج قبور اجلثث؛ ل�شدة‬ ‫تعر�ضها للتلوث الأ�شعاعي (‪.)2‬‬ ‫ويكرث التاريخ ب�سرد االن�صهارات املتوالية للمفاعالت‬ ‫النووية البحثية والوفيات مروراً يف مفاعل �سانتا فيه يف والية‬ ‫كاليفورنيا الأمريكية (‪ )3‬وحتى العديد من الأحداث اخلطرة‬ ‫ل�ع��وام‬ ‫القاتلة وامل�ل��وث��ة ال�ت��ي مت ت�صنيفها والإع�ل�ان عنها ل� أ‬ ‫‪ 2005‬وحتى ‪ 2008‬يف ال�سبعون خمترباً ومفاعل بحثي بالدول‬ ‫الأوروب�ي��ة املتحدثة بالفرن�سية (‪ .)4‬وه��ذا كله يثبت ت�ضليل‬ ‫هيئة ال�ط��اق��ة ال��ذري��ة امل�ستمر ع��ن �أخ �ط��ار امل���ش��روع وب��وج��ود‬ ‫ال�ب��دائ��ل النظيفة الأردن �ي��ة الأرخ ����ص م��ن ال�ط��اق��ة امل�ت�ج��ددة‬ ‫الأردنية والغاز الأردين وال�صخر الزيتي الأردين‪.‬‬

‫�إن جميع املراكز الأردنية للطب النووي ‪-‬من قطاع عام‬ ‫�أو خا�ص‪ -‬تتعامل بعقود واتفاقيات �سنوية لتوريد هذه املواد‪،‬‬ ‫حيث ت�شحن ل�ل��أردن �ضمن برنامج وا��ض��ح �أ�سبوعي و�صول‬ ‫امل��واد �إىل مطار عمان يوم ال�سبت حيث يتم اال�ستالم الفوري‬ ‫لهذه ال�شحنات‪ ،‬مبوجب و�صول الطائرة �أر�ض املطار وبكفاالت‬ ‫جمركية �سنوية ي�صدرها الوكالء امل�ستوردين لإدارة اجلمارك‬ ‫كي يتم �إجناز معاملة التخلي�ص الر�سمية ثاين يوم بارتياح‪.‬‬ ‫ت�صل هذه ال�شحنات �إىل مواقعها �صباح يوم ال�سبت ويتم‬ ‫ا�ستخدامها طوال الأ�سبوع من قبل املراكز املعنية وحتى انتهاء‬ ‫فاعليتها يف نهاية الأ�سبوع‪ ،‬يف يوم اخلمي�س �أو حتى اجلمعة‬ ‫وم��ن ث��م يتم ا�ستالم ال�شحنه اللآحقة ي��وم ال�سبت‪ .‬و�إن �أي‬ ‫حاجة لأي �إ�ضافات طارئة على هذه ال�شحنات تتم قبل ‪� 48‬ساعة‬ ‫من �شحنها (يوم اخلمي�س �صباحاً) فت�صنع يف امل�صنع وت�شحن‬ ‫مع �شحنة يوم ال�سبت لت�صل �إىل مري�ض ال�سرطان خالل ‪48‬‬ ‫�ساعة من طلبها وهذه الفرتة كافية حلقنها ملري�ض ال�سرطان‬ ‫ح�سب �شهادة �أطباء االخت�صا�ص املوجودين يف مراكز الطب‬ ‫النووي كافة‪ ،‬وال يوجد حاالت طارئة ت�ستدعي طلب مثل هذه‬ ‫املواد خالل �ساعات؛ كون ال�سرطان مر�ضاً خبيثاً تتكاثر خالياه‬ ‫خ�لال أ�ي��ام و�أ�سابيع و�أ�شهر ولي�س خ�لال �ساعات‪ ،‬وال يوجد‬ ‫طارئ مثل اجللطة الدموية التي حتتاج �إىل عالج خالل دقائق‬ ‫�أو مثل التوقف عن التنف�س الذي يحتاج �إىل ثوان لعالجه‪.‬‬ ‫يبدو وا�ضحاً �أن هيئة الطاقة الذرية ال تدري عن م�صادر‬ ‫�شحن م ��واد ال�ط��ب ال �ن��ووي ل �ل��أردن ال�ت��ي ال تبعد �أك�ث�ر من‬ ‫�ساعات عن العا�صمة عمان!! ف�إن �أكرب م�صدرين للمواد امل�شعة‬ ‫امل�ستعملة بالطب ال�ن��ووي ت��أت��ي م��ن تركيا (�ساعتني ون�صف‬ ‫عن عمان بالطائرة) وبالإ�ضافة �إىل بولندا التي يوجد خط‬ ‫�سهل لعمان ورو�سيا وبريطانيا‪ .‬وهذه احلقائق تنفي الت�ضليل‬ ‫الوا�ضح من قبل الهيئة ب�أن «فرتة الت�سليم طويلة»‪.‬‬ ‫�أم��ا م��ا يخ�ص ا�ستعمال امل�صادر امل�شعة بالعالج ملر�ضى‬ ‫ال�سرطان ولقتل اخلاليا ال�سرطانية مثل الكوبالت �أو ال�سيزيوم‬ ‫�أو الراديوم �أو الإيريديوم وغريها‪ ،‬فيجب �أن يعلم اجلميع ما‬ ‫مل تعلمنا عنه الهيئة مبقالتها �أن هذه امل�صادر لها عمر طويل‬ ‫ج��داً ي�ت�راوح م��ن ‪� 25‬سنة �إىل ‪� 50‬سنة‪ ،‬ويتم ا�ستريادها مرة‬ ‫واحدة �أو مرتني فقط خالل عمر اجلهاز الذي تعمل مبوجبه‪.‬‬ ‫فقد مير على الأردن ‪� 25‬سنة ال حاجة نهائياً �إىل ا�سترياد مثل‬ ‫هذه امل�صادر!! فهل هي بهذه الأهمية ل�صرف ‪ 130‬مليون دوالر‬ ‫لإن�شاء مفاعل بحثي ليتم ت�صنيعها من خالله عندما نعلم ب�أن‬ ‫كلفة امل�صدر الواحد ترتاوح بني ‪� 5‬آالف دينار �إىل ‪� 35‬ألف دينار‪،‬‬ ‫وقد ي�ستورد الأردن فقط ع�شرة منها خالل الـ‪� 50‬سنة القادمة‪.‬‬ ‫ومب� ��ا �أن� �ن ��ا ن �ت �ك �ل��م ع ��ن ال �ك �ل��ف امل��ال �ي��ة وع� ��ن اجل� ��دوى‬ ‫الإقت�صادية‪ ،‬فنت�ساءل ف��وراً‪ :‬مل��اذا مل ت�صدر درا��س��ة اجل��دوى‬ ‫االقت�صادية لإن�شاء املفاعل النووي البحثي بقيمة ‪ 130‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬وبو�سط ‪� 30‬ألف طالب و�أكادميي وموظف يف داخل حرم‬ ‫جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردن�ي��ة (بالإ�ضافة اىل درا�سة‬ ‫تقييم الأثر البيئي ح�سب القانون الأردين وقبل البناء)؟ هل مت‬ ‫�أخذ موافقة الـ‪� 30‬ألف طالب وهيئتهم التدري�سية والتجمعات‬ ‫ال�سكانية امل�ج��اورة لبناء مثل ه��ذا املفاعل بقوة ‪ 5‬ميغاواط‪،‬‬ ‫وبوجود ق�ضبان اليورانيوم امل�شع داخله (ح�سب �أ�س�س الوكالة‬ ‫الدولية للطاقة النووية)؟ ما هو ذنب هذه الطلبة والأ�ساتذة‬ ‫وال�سكان �إن حدث �أي خط�أ يف جتارب يف هذا املفاعل ‪-‬ال �سمح‬

‫اهلل‪ -‬كونه مفاعال بحثيا للتجارب وح��دث ت�سريب م�شع �أو‬ ‫حادث م�ؤذٍ؟ �إن الأ�شعة املت�سربة من احلادث �أو التلوث ال رائحة‬ ‫وال �صوت وال لون لها‪ ،‬فت�شع على املواطنني بدون �أن يدري �أحد‬ ‫منهم لت�سبب الطفرة اجلينية وال�سرطان!‬ ‫�أي��ن هي خطة ال�ط��وارئ الوطنية التي �سيدخل �ضمنها‬ ‫اجل�ي����ش وال��دف��اع امل ��دين وال���ش��رط��ة والأم ��ن وك��اف��ة ال ��وزارات‬ ‫وال �ب �ل��دي��ات وامل ��ؤ� �س �� �س��ات وال �ه �ي �ئ��ات؛ لت�ضمن �إخ�ل��اء ط�لاب‬ ‫اجل��ام�ع��ة يف ح��ال��ة ح ��دوث ط ��ارئ و�آالف ال���س�ك��ان املحيطني‬ ‫بجامعة العلوم وتكنولوجيا من �أهل الرمثا واحل�صن والنعيمة‬ ‫وحوارة و�شطنا وال�صريح؟‬ ‫ولنتكلم عن اجل��دوى االقت�صادية لهذا املفاعل البحثي‬ ‫من ناحية النظائر امل�شعة يف ت�شخي�ص الأمرا�ض وعالج مر�ض‬ ‫ال�سرطان‪ ،‬فبعد �أن علمنا �أن هيئة الطاقة الذرية �أغرقت الأردن‬ ‫بقر�ض قيمته ‪ 130‬مليون دوالر‪ ،‬ف�إنها يف الأثناء ترف�ض مبد أ�‬ ‫ال�شفافية لتعلم ال�شعب الأردين عن �سبب عدم �إحالة عر�ض‬ ‫مطابق وملفاعل مماثل قدم لهم من الأرجنتني‪ ،‬ولكن بقيمة‬ ‫‪ 86‬مليون دوالر! وكيف يوقع مثل هكذا عقد مل�شروع كبري بدون‬ ‫درا�سة اجلدوى االقت�صادية؟ وهل هذا الدين �سيغطى من �إنتاج‬ ‫النظائر امل�شعة امل�ستعملة يف عيادات ت�شخي�ص الأمرا�ض بالطب‬ ‫النووي؛ كون امل�ستح�ضرات امل�شعة امل�ستعملة بالعالج تعد على‬ ‫�أ��ص��اب��ع اليد ال��واح��دة؟ ول�ل�إج��اب��ة يجب �أن ن��درك �أن العقود‬ ‫ال�سنوية املربمة من قبل مراكز الطب النووي الإثني ع�شر‬ ‫بالأردن ترتاوح عقودها ال�سنوية الواحدة ما بني ‪� 30‬ألف دينار‬ ‫�إىل مائتي �ألف دينار‪ ،‬ولن يتجاوز جمموعها الكامل ال�سنوي‬ ‫‪ 750‬الف دينار‪ ،‬بينما �ستتجاوز الكلفة الت�شغيلية فقط للمفاعل‬ ‫املليون دينار �سنويا‪ ،‬ا�ضافة اىل توفر هذه املواد ب�أقل الأ�سعار‬ ‫ومب��وا��ص�ف��ات طبية ع��امل�ي��ة؛ ب�سبب طبيعة ب�لاده��ا امل���ص��درة‬ ‫التي تكت�سح �صناعتها �أ�سواق ال�شرق الأو�سط ب�أكمله جلودتها‬ ‫ورخ�ص �أ�سعارها‪.‬‬ ‫يبدو �أن املفاعل النووي البحثي �سينتج نوعان فقط من‬ ‫هذه النظائر امل�شعة؛ وهم‪ :‬اليود ‪ ،125‬والإيريديوم ‪ ،198‬و�إن‬ ‫ا�ستهالك عيادات الطب النووي من هاتني املادتني ال ي�شكل‬ ‫الع�شر (‪ 1‬على ‪ )10‬من جميع املواد امل�ستعملة‪ .‬وتبني �أن الهيئة‬ ‫تعتزم �إ�ضافة عن�صر ثالث (التكني�شيوم) ولكن عرب ا�سترياده‬ ‫من اخلارج‪ ،‬وختم ا�سم الهيئة عليه (فنعود لال�سترياد)!‬ ‫ف�إذا �أخذنا العمر الت�شغيلي لهذا املفاعل النووي البحثي‬ ‫يف جامعة العلوم وتكنولوجيا ال��ذي ل��ن يزيد على ‪ 60‬عاماً‪،‬‬ ‫فنجد �أن ا�ستهالك النظائر امل�شعة خالل الـ‪ 60‬عام يف الوطن‬ ‫لن يتجاوز ‪ 50‬مليون دينار‪ .‬ولو مت �إغالق باب اال�سترياد لهذه‬ ‫املواد‪ ،‬وبقي التوريد ح�صرياً للمفاعل البحثي الأردين (وهذا‬ ‫م�ستحيل ب�سبب اتفاقيات الأردن الدولية التي ت�شدد على فتح‬ ‫الأ�سواق) وقام املفاعل البحثي بال�سيطرة الكاملة على العقود‪،‬‬ ‫وبالتوريد خالل الـ‪� 60‬سنة القادمة ملبلغ العُ�شر من ‪ 50‬مليون‬ ‫دينار وبربح ن�سبته ‪ %100‬وه��ذا �أي�ضاً م�ستحيل؛ ب�سبب كلف‬ ‫الت�شغيل‪ ،‬فعائد اال�ستثمار فا�شل متاماً؛ كون �إجمايل الربح‬ ‫ملدة ‪� 60‬سنة �سيكون ‪ 5‬ماليني دينار فقط‪ ،‬مما يعني �أنه م�شروع‬ ‫خا�سر فع ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫(*) حزب اخل�ضـــــــر الأردين حتت الت�أ�سي�س‬

‫ملاذا ال نرد على‬ ‫بناء املستوطنات؟‬ ‫يف الأع � ��وام ‪1988‬م ح�ت��ى ‪1993‬م يف �أث �ن��اء‬ ‫االن�ت�ف��ا��ض��ة الفل�سطينية الأوىل ك�ن��ا �إذا ق��ام‬ ‫االحتالل اليهودي لفل�سطني بعملية �ضد �شعبنا‬ ‫مثل قيامه ببناء م�ستوطنة جديدة يف الأرا�ضي‬ ‫املحتلة نوجه للغا�صب املحتل �إنذارا ب�أننا �سنقوم‬ ‫بعملية موجعة �ضده يف �أي مكان من فل�سطني‪،‬‬ ‫ومل نكن ن�ستهدف املدنيني من اليهود رغم �أنهم‬ ‫حمتلون غا�صبون لأر�ضنا املقد�سة وملا مل يعر‬ ‫املعتدون �أدن��ى اهتمام لإنذاراتنا وكان ي�شرع يف‬ ‫عملية البناء كنا خالل �أي��ام نرد على عنجهيته‬ ‫وطغيانه بعمل ما �ضد م�ستوطناته وم�ستوطنيه‬ ‫وهكذا با�ستمرار؛ مما جعل ال�صهاينة يقيمون‬ ‫لنا ولإنذاراتنا وزن��ا‪ ،‬ولقد كانت حركة حما�س‬ ‫هي �أول من انتهج هذه ال�سيا�سة ومثلها فعلت‬ ‫حركة اجلهاد الإ�سالمي؛ مما جعل عملية بناء‬ ‫امل���س�ت��وط�ن��ات ت�ت�ع��ر���ض ل�ل�ت��وق��ف �أو ع�ل��ى الأق��ل‬ ‫ي�صيبها اجل �م��ود‪ ،‬و�أ��ص�ب��ح ال�صهاينة يخافون‬ ‫م��ن ردود أ�ف�ع��ال�ن��ا وت��اري�خ�ن��ا ي�شهد ل�سيا�ستنا‬ ‫تلك بالنجاح وع��رف اليهود معنى املثل القائل‬ ‫«العني بالعني‪ ..‬وال�سن بال�سن»‪ ،‬والآية القر�آنية‬ ‫الكرمية‪( :‬و�إن عدمت عدنا‪.)..‬‬ ‫ولهذا عجلت «�إ�سرائيل» يف توقيع اتفاقية‬ ‫�أو��س�ل��و يف ‪1993/9/13‬م‪ ،‬وح�صل ف��ورا ك��ل من‬ ‫القائدين �إ�سحاق رابني و�شيمون برييز ومعهما‬ ‫ال�ق��ائ��د الفل�سطيني يا�سر ع��رف��ات على جائزة‬ ‫نوبل لل�سالم‪ ،‬بينما حرم ال�سيد حممود عبا�س‬ ‫من ن�صيبه وقيمته ربع اجلائزة؛ ذلك لأن اليهود‬ ‫يرف�ضون �أن يت�ساووا معنا نحن الفل�سطينيني‪،‬‬ ‫وك��ان ب�إمكاننا �أن نح�صل على ن�صيب عبا�س‬ ‫ون�ت���س��اوى م��ع ال �ي �ه��ود‪ ،‬لكننا ر��ض�ي�ن��ا ب�سيا�سة‬ ‫ال�ت�ح�ق�ير ال �ت��ي مي��ار��س�ه��ا ال�ي�ه��ود والأم��ري �ك��ان‬ ‫�ضدنا‪ ،‬ول�سنا ن��دري مل��اذا ر�ضي ال�سيد حممود‬ ‫عبا�س بذلك الإهمال الذي مور�س �ضده‪ ،‬حيث‬ ‫ح��رم من ن�صيبه يف اجلائزة وق��د قيل يومذاك‬ ‫لأن عبا�س و أ�ب��و ع�لاء قريع كانا متعجالن وال‬ ‫يريدان �أن يفوتا الفر�صة؛ لأنهما كانا ومعهما‬ ‫ي��ا��س��ر ع��رف��ات ي�ع��رف��ون �أن «�إ� �س��رائ �ي��ل» ت��واف��ق‬ ‫على الثمن املقابل‪ ،‬لأنها كانت تريد �أن يحدث‬ ‫� �ص��راع ب�ين ف�ت��ح وح �م��ا���س‪ ،‬وك ��ان ال�ث�م��ن ال��ذي‬ ‫دفعته حركة فتح بعد �أن فقدت بو�صلتها �إث��ر‬ ‫وف��اة وا�ست�شهاد معظم قادتها الفاعلني �أمثال‬ ‫خليل ال��وزي��ر ( أ�ب��و ج�ه��اد)‪ ،‬و��ص�لاح خلف (�أب��و‬ ‫�إي��اد)‪ ،‬و أ�ب��و يو�سف النجار‪ ،‬وكمال ع��دوان‪ ،‬وقد‬ ‫كان الثمن باهظا وم�ؤثرا؛ حيث �أدى �إىل �ضعف‬ ‫حركة فتح واهتزاز مكانتها‪ ،‬وتعجلت حركة فتح‬ ‫يف قبول املعادلة ال�ضعيفة رغم �أن احلركة كانت‬ ‫ما ت��زال قوية وفاعلة؛ لكرثة �أع�ضائها الذين‬ ‫ي�شكلون �أغلبية يف �صف ال�ث��ورة الفل�سطينية‪،‬‬ ‫وبغياب قادتها الرواد الفاعلني قفزت ال�صاعقة‬ ‫البعثية ال�سورية واجلبهة ال�شعبية �إىل طليعة‬ ‫ال�صف الفل�سطيني‪ ،‬قبل �أن ي�صيبهما ال�ضعف‬ ‫بعد رحيل د‪.‬ج��ورج حب�ش و�أب��و علي م�صطفى‪،‬‬ ‫واختل ت��وازن حركة فتح بعد ا�ست�شهاد القائد‬ ‫امل�ؤ�س�س والتاريخي الزعيم يا�سر عرفات‪.‬‬ ‫بينما ا�ستمرت ح��رك��ة حما�س يف ال�صعود‬ ‫العتمادها �سيا�سة القيادة اجلماعة‪ ،‬فقد ت�أثرت‬ ‫ن�سبيا بعد ا�ست�شهاد زعيمها ال��روح��ي ال�شيخ‬ ‫�أحمد يا�سني‪ ،‬وقادتها الفر�سان �صالح �شحادة‬ ‫وع�ب��د ال�ع��زي��ز الرنتي�سي و�إ�سماعيل �أب��و �شنب‬ ‫ويحيى ع�ي��ا���ش‪� ..‬إل ��خ‪ ،‬لكنها هبت وق��ام��ت من‬ ‫كبوتها العتمادها �سيا�سة القيادة اجلماعية؛‬ ‫مما جعلها تت�صدر العمل الفل�سطيني املقاوم‪،‬‬ ‫وط��ورت من �سيا�سة املقاومة وت�سليحها مذكرة‬ ‫بذلك �سيا�سة فتح يف ال�سبعينيات‪ ،‬ح�ين كانت‬ ‫مت��ار���س ��س�ي��ا��س��ة ال�ت���ص�ن�ي��ع احل��رب��ي وت�ط��وي��ر‬ ‫�أ�سلوبها امل�ق��اوم املت�صاعد‪ ،‬ورمب��ا ك��ان غرورها‬ ‫باملركز القيادي للثورة الفل�سطينية �سببا يف ذلك‬ ‫االنفالت‪ ،‬ويكفي �أن يتزعمها من كانت له قولة‬ ‫��ش�ه�يرة‪ :‬يكفي �أن ت�ع��رف ي��ا �صديقي نتنياهو‬ ‫�أين ال أ�ع��رف كيف ي�ستعمل امل�سد�س!! و�ضحك‬ ‫نتنياهو من عظمة قادتنا وزعمائنا‪.‬‬ ‫ولقد �سمعنا �أم�س زعيم «�إ�سرائيل» اخلا�سر‬ ‫يف معركته �ضد غزة وهو يعلن البدء يف م�شروع‬ ‫ب �ن��اء ث�لاث��ة �آالف وح ��دة �سكنية ح ��ول مدينة‬ ‫القد�س؛ ع�ساه يعو�ض خ�سارته يف معركة غزة‬ ‫وي�ع�ي��د �إل �ي��ه مكانته امل �ف �ق��ودة‪ ،‬وه��و ب��ذل��ك ي��رد‬ ‫على انت�صار زعيمنا حممود عبا�س العائد من‬ ‫نيويورك وقد ح�صل على ك�أ�س ذهبي نادر‪ ،‬كان‬ ‫ب�إمكاننا احل�صول عليه قبل ع�شرين عاما قبل‬ ‫اتفاق �أو�سلو‪ ،‬حيث ح�صلنا على ع�ضوية مراقب‬ ‫يف الأمم امل�ت�ح��دة‪ ،‬بحيث نكون حم��روم�ين من‬ ‫الت�صويت �سلبا �أو �إيجابا يف قررات الأمم املتحدة‪،‬‬ ‫وبالطبع ممنوعني من �أن يكون لنا جي�ش و�إمنا‬ ‫�ستكون ل�ن��ا ق��وة �شرطية م�سلحة تكبح جماح‬ ‫�شعبنا‪ ،‬وت�سمح لنا فقط ب�أن نعرب عن م�شاعرنا‬ ‫ب�إقامة مظاهرة �شعبية نرفع فيها علمنا كما‬ ‫ي�سمح لنا برتديد بع�ض �شعاراتنا التي التخد�ش‬ ‫�أ�سماع عدونا واحلمد هلل على هذا الن�صر املبني‬ ‫ورمب ��ا ك��ان ه��ذا ه��و الن�صر ال ��ذي ك�ن��ا نتباهى‬ ‫برتديده يوم قامت ثورتنا يف ‪1965/1/1‬م «ثورة‬ ‫ثورة‪ ..‬حتى الن�صر» (ن�صر من اهلل وفتح قريب)‬ ‫�صدق اهلل العظيم‪.‬‬

‫‪Hussein.khalel@yahoo.com‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.