من قلب الحدث مذكرات النقيب أحمد شوشان

Page 205

‫خرجت من الجزائر تجن ّبا لإراقة دم الجزائر يين فلا ترغموني على فعل ذلك خارج الجزائر‪ .‬وكان قادة رو يم‬ ‫حاضرا في هذا النقاش فقال‪ :‬أنا مع سي أحمد فيما قال و إذا حصل أي شيء لهذه العائلة فلا تقتربوا من‬

‫ساحتي أبدا‪.‬‬

‫و قد عرفت بعد ذلك أن قادة رو يم لم يعد في حاجة إلى الدخول إلى الجزائر بعد أن أدرجت‬

‫الجماعة السطو في عملياتها و اكتفى بتسو يق بضاعتها و مقايضتها مقابل السلاح في موريتانيا و أصبح من‬

‫أعيان البلد خاصة بعد أن تزوج ببنت سيد الأزواد في مالي على إثر عملية بطولية قام بها لإنقاذ نساء و‬

‫أطفال الأزواد العرب من الموت المحقق على أيدي طوارق مالي الصليبيين‪ .‬و قد دفعني الفضول للذهاب‬ ‫م عه في إ حدى المرات و كان من بين ال سلاح الم عروض ع لى الجما عة صاروخ م ضاد لل طائرات من نوع‬

‫(ستر يلا ‪ )2‬جلبه أحد الصحراو يين من معسكر البوليزار يو فلم أتمالك نفسي من الضحك (و شرّ البلي ّة ما‬

‫يضحك)‪ .‬فقلت لقادة رو يم‪ :‬الجزائر يون كلهم مساكين‪ ،‬فالجيش يشتري هذا الصاروخ بعشرات الآلاف‬ ‫من الدولارات من خزانة الدولة و يعطيه لقيادة البوليزار يو مجانا و بعد انتهاء صلاحيته يشتر يه الإسلاميون‬

‫الجزائر يون من البوليزار يو بعشرات الآلاف من الدولارات التي غنموها من خزانة الدولة أيضا‪ .‬و هكذا‬ ‫تدفع الجزائر ثمن الصاروخ مضاعفا دون استعماله و يتمتع الروس و الصحراو يون بذلك على حساب شعبنا‪.‬‬

‫أليس هذا من البلي ّات المضحكات‪ .‬فحاول الصحراوي الاحتجاج فقاطعته‪ :‬كم طائرة مغربية أسقطتم أنتم‬

‫ب هذه ال صواريخ طوال حربكم يا ر جل؟ ا حتفظ ب هذه ال خردة ع ندك و لا ت ستغفلوا ع باد الل ّ ه‪ .‬إن ل هذا‬ ‫ال صاروخ ورشة كام لة ل ضبطه ق بل الإط لاق و بدونها لا ي ساوي هذا ال صاروخ شيئا‪ ...‬و ن صحت قادة‬

‫رويم بعدم شراء الصاروخ فأخذ بنصيحتي و كان مصيبا في ذلك‪.‬‬

‫بعد استلامي ثمن السيارة من قادة رو يم صفيت الحساب مع الدليل عبد الرحمان و اتفقت مع‬

‫قادة رويم على تأمين نقلنا من الزو يرات إلى نواكشوط‪ .‬و قبل سفرنا وصل أمير الجماعة الإسلامية المسلحة‬

‫على منطقة الجنوب محمود أبوطالب نفسه و زارني هو و نائبه جلول حمادو و جرى بيننا حوار بخصوص‬ ‫تسليم عبد الحكيم و محمد طرودي اقتنع بعده محمود بصواب رأيي في الموضوع و شكرني على نصيحتي لهم‬ ‫بعدم شراء الصاروخ التالف فقلت له أنا مستعد لمساعدة أي جزائري في ما يحقق المصلحة و لو أن إمارة‬

‫الجماعة المسلحة كانت مخلصة في العمل بما تقتضيه المصلحة ل كنت من أنصارها و هذا موقف ثابت من كل‬ ‫الجزائر يين لن يتغير إن شاء الل ّه‪ .‬و ظهر لي أن كلامي أحرجه عندما قال‪ :‬سأبلغ القيادة ما سمعته منك إن‬ ‫شاء الل ّ ه‪ .‬و ل كن ني تبي نت الحقي قة ب عد أن ط لب من عي سى الان صراف لتح ضير جماع تة للانط لاق إ لى‬

‫الجزائر‪ .‬و لما اختلى بي قال‪ :‬إسمع يا سي أحمد‪ ،‬أنا متأكد من إخلاصك في نصرة الحق و إني أخشى أن‬

‫تقع في ما وقعنا فيه‪ .‬إننا لم نعد نعرف في هذه الجماعة عدونا من صديقنا و والل ّه لو أجد لي مخرجا أعذر فيه‬ ‫‪205‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.