من قلب الحدث مذكرات النقيب أحمد شوشان

Page 184

‫‪3‬‬

‫بعد التحكم في العمل المسلح تتم مناقشة حق الجبهة الإ سلامية في النضال السياسي من أجل‬

‫دولة جزائر ية في إطار المبادئ الإسلامية‪ .‬و يخي ّر عناصر الجيش الإسلامي للإنقاذ المشاركين في استتباب‬

‫الأمن بين الالتحاق بالجيش الجزائري أو الانتقال إلى الحياة المدنية‪.‬‬ ‫‪ 4‬و ربما غير ذلك من الشروط التي لم أطلع عليها‪.‬‬

‫كانت هذه المبادرة مؤشرا واضحا على التوجه الجديد لقيادة المخابرات في التعامل مع الأزمة و ل كن‬

‫رفضها من طرف الدوائر الاستئصالية في القيادة العسكر ية كان ينذر ب حرب طاحنة بين خصمين تقليديين‬

‫داخل المؤسسة العسكر ية يمثل فيه الفر يق العماري ضباط الجيش الفرنسي السابقين خلفا لنزار خالد من‬ ‫موقعه كقائد أركان للجيش و بصفته الضابط الأعلى رتبة بينما يمثل فيه اللواء محمد مدين بقايا ضباط جيش‬

‫التحرير من موقعه كمدير عام للاستعلامات و الأمن و المستأثر في خزانته بالصندوق الأسود للدولة الجزائر ية‬ ‫ال طائرة‪ .‬و قد دا مت هذه ال حرب ال صامتة م نذ ا ستقالة ا لرئيس ل مين زروال و لم ت ضع أوزار ها إ لا ب عد‬ ‫المعركة الأخيرة التي اجتثت جميع ضباط الجيش الفرنسي السابقين من الجيش الوطني الشعبي و ملحقاته‬

‫بما في ذلك مدير ية الدرك و لم يبق منهم في المواقع الرسمية للجيش سوى اللواء قنايز ية الذي كان مهمشا من‬

‫طرف نزار خالد و محمد العماري و الذي ع ُي ّ ِن لاحقا كوزير منتدب للدفاع‪.‬‬

‫و أعتقد أن مدني مزراق كان ضحية لحدا ثة سنه و جه له بشخ صية شركائه في ال صفقة و طبي عة‬

‫طا سين من ق يادات الت يار‬ ‫العلا قة بين ق يادات ال جيش و و ظائفهم في سلم الم سؤولية ع لى غرار باقي الغ ّ‬

‫الإسلامي‪ .‬فقد بلغني أن مفاوضاته لم تقتصر على صاحب العرض الأول بل تعدته إلى خصمه الذي مثله‬ ‫العميد شر يف فضيل الذراع الأيمن للفر يق محمد العماري و العميد اسماعين لعماري الذي انحاز إلى قيادة‬ ‫الأركان رغم أنه الرجل الثاني في جهازالم خابرات طمعا في الإدارة العامة للجهاز في ظل تغول الفر يق محمد‬

‫الع ماري ع لى الجم يع‪ .‬فأ ْعفَى مدني مزراق ب سلوكه ا لأحمق صاحب ال عرض ا لأول من التزاما ته و تن كر‬ ‫الفر يق محمد العماري عل نا للتفاوض ا لذي جرى بي نه و بين ممثل يه و قال عبر شاشة التلفز يون الر سمي لا‬

‫خيار للجيش الإسلامي غير الاستسلام أو القتل‪.‬‬ ‫و لم أجد تفسيرا غير هذا لإعلان مدني مزراق الهدنة من طرف واحد و بدون قيد و لا شرط و‬

‫التمسك بها رغم استهداف مواقعه من طرف محمد العماري بالأسلحة المحرمة دوليا‪ ،‬مما جعل مدير المخابرات‬ ‫يقرر توظيف هذه الهدنة بكل حر ية و ارتياح و بدون التزامات من أي نوع في مشار يع تزكية الرئيس‬

‫عبد العز يز بوتفليقة منذ تر شحه الأول للرئاسة‪ .‬أما مدني مزراق فقد خرج من الصفقة بخفي حنين رغم‬ ‫الشقشقة التي أحدثها في حملات الاستحقاقات الرئاسية لاحقا و قد تجاذبه في نظري شعوران‪ :‬الأول هو‬ ‫‪184‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.