من قلب الحدث مذكرات النقيب أحمد شوشان

Page 157

‫لقاءاتي مع معنيين بالعمل المسلح في سجن البرواقية‬ ‫ال سجن أع ظم الم حن ال تي يم كن أن يت عرض ل ها الإن سان ال شر يف لأن ها مج مع الأ ضرار و بوت قة‬

‫الآ لام‪ .‬فال سجن ي صيب ال كريم بالبأ ساء بحرما نه من أه له و ما له و جا هه و وط نه و ي صيبه بال ضراء ب ما‬ ‫يتعرض له من التعذيب والأمراض المزمنة وسوء التغذية و يصيبه بالزلزلة في عقيدته و فكره و مشاعره‬

‫تحت وطأة القهر وشماتة الأعداء وع جز الأصدقاء‪ ...‬و المحظوظ من وفقه الل ّه إلى اغتنام الفرصة للتعلم من‬ ‫هذه التجر بة القاسية والاستفادة من ح ُل ْو ِها وم ُ ّر ِه َا‪ .‬وكان مما خف ّف عليّ وطأة السجن لقائي بكثير من‬

‫العناصر التي ساهمت في تفجير العمل المسلح‪ ،‬فاستطعت الحصول على تفاصيل كثيرة زادتني اطلاعا على‬ ‫ما كان يجري في كواليس الجماعات المسلحة مما ساعدني على تشخيص دقيق للأزمة الدمو ية التي أهل كت‬

‫ال حرث و الن سل في الجزا ئر وعل ّمت ني أن الق ضايا العا مة لا يم كن ف هم تفا صيلها بع قل وا حد و لا ال شعور‬ ‫بحقيقتها بقلب واحد‪ .‬و كان من بركات هذه التجر بة عليّ‪ ،‬موقفي الثابت من النزاع المسلح الذي تجنبت‬

‫التورط فيه عن اقتناع تام بمآلاته رغم قر بي الدائم من بوتقته و لظاه‪ .‬و المقام لا يتسع ولا يسمح بذكر‬

‫جميع من التقيت بهم لأنهم مئات‪ .‬و ل كنني سأكتفي بمن في شهادتي عليه عبرة لغيره‪.‬‬

‫أحمد الود‪ 9‬طالب متخصص في الطب على باب التخرج ترك الجامعة و لب ّى نداء الجهاد إلى جانب‬

‫المسلمين المستضعفين في أفغانستان ضد الشيوعيين‪ .‬و شهد له من عرفوه بالشجاعة و الصدق‪ .‬و كان أول‬ ‫من بو يع سنة ‪ 1991‬كأمير للجماعة الإ سلامية المسلحة المكلفة من طرف الحالمين بالخلافة الراشدة ممن‬

‫عرفوا بعد ذلك بالأفغان العرب ثم القاعدة في القرن الواحد و العشرين‪.‬‬

‫التقيته في سجن البرواقية وكان بيني و بينه نقاش جاد وكلام طو يل ذو شجون عن مسائل متعددة‬

‫استفدت منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ )1‬أن هذا ال شاب ق طع م شوار درا سته والت حق بالج هاد الأف غاني مقتن عا ب حق ال شعب‬

‫الأفغاني المسلم في الدفاع عن حريته و استقلاله و عاد من أفغانستان بعد سقوط النظام الشيوعي‬ ‫ليلتحق بأنصار المشروع السياسي في الجزائر دون تعصب لحزب بعينه‪ .‬و ل كنه بعد اعتقال أن صار‬

‫الجبهة في شهر جوان ‪ 1991‬بو يع بالإمارة على الجزائر يين الأفغان بتوصية من رؤوسهم المتواجدين‬

‫إلى ذلك الحين في مضافة أسامة بن لدن بأفغانستان‪ ،‬و الذين أقنعوه فيما بعد بأن صناعة الجهاد‬ ‫حكر عليه هو و رفاقه و لا ينبغي ترك رايته للمغرورين بالسياسة أمثال عبد القادر شبوطي و السعيد‬

‫مخلوفي‪ .‬و لذلك انخرط مع زملائه في عملية تعبئة داخل صفوف الجبهة الإسلامية لسحب البساط‬ ‫من تحت أرجلهما ثم انتقل للتخطيط لعمليات عشوائية يأخذ بها المبادرة و يفرض الأمر الواقع‬ ‫‪157‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.