الوجه الآخر للجيش الوطني الشعبي يعتقد كثير من الناس أن الجيش الجزا ئري جيش علماني وم عادي للإ سلام .والمحزن أن الو قائع
والأحداث اليومية توهم الناس بهذا الانطباع .كيف لا وضحايا الأزمة فاقوا ر بع مليون قتيل خلال ثماني سنوات .وأنا لا أر يد أن أدخل في جدل فقهي عن العلمانية لأن هذا ليس مقامه ول كنني أر يد أن أثبت هنا ما كان قائما على أرض الواقع للتاريخ لأن ما سمعته عن الجيش بعد انفصالي عنه لا يعكس حقيقة ما
ث في الحكم على ذلك فأتركه لأهل الإختصاص. كنت أعيشه و أنا في الخدمة .أما ال ْب َ ّ
وأول ما أشهد به هو أن قانون الخد مة في الجيش المعتمد والذي اطلعت على نصوصه ليس فيه ما
يتعارض مع أحكام الشر يعة أو يدعو إلى مخالفتها .بل إنني لم أجد فيه ما يتناقض مع مكارم الأخلاق. أما فيما يتعلق ببروتوكولات الانضباط العسكري وتحية العلم وغيرها فإن حملها على طقوس الجاهلية من
شرك وعبودية لغير الل ّه وغيره من التأو يل لا يقوم على أساس معتبر لا شرعا ولا وضعا .ومع ذلك يبقى
ال جيش جزءا من ال شعب الجزا ئري ،ف يه الط يب والخب يث والانت هازي والمخ لص ،م ما يو جب ع لى الم صلح
الصادق في نظري أن يق ّدِر الأمور بميزان المصلحة والمفسدة لا بميزان ال كفر والإيمان. و لا بأس أن أستعيد مشهدا واحدا من تجربتي في هذه المؤسسة.
ع ندما التح قت بالأكاديم ية الع سكر ية لمخت لف الأ سلحة بشر شال سنة 1978كا نت م نارة م سجد
خالد بن الوليد التابع للأكاديمية هي الوحيدة في المنطقة لأن مسجد مدينة شرشال كان بدون مئذنة في حين كان مسجد الأكاديمية تحفة فنية رائعة .ورغم أنه كان مزودا بمكتبة إسلامية نفيسة أهداها الملك
فيصل رحمه الل ّه للمسجد إلا أن رواده من الطلبة كانوا قليلين جدا ،ولا يتجاوز عددهم أصابع اليد في بعض أوقات الصلاة .ول كن منذ أن تولى قيادة الأكاديمية المقدم حشيشي ز ين العابدين سنة 1977انطلق في
جزأرة شاملة لهذه القلعة الوطنية الخطيرة التي بقيت تحت هيمنة اللغة الفرنسية ومناهج التدريب الروسية
م نذ الا ستقلال وأط لق م شروع تعر يب الم ناهج و جزأرة ال تأطير ورد الاعت بار لمقو مات الهو ية الوطن ية في
م حيط الأكاديم ية المترا مي ا لأطراف فتزي ّن َت الأكاديم ية ب صور أب طال ثورة التحر ير المج يدة وأ قيم مت حف الجهاد في قلب الأكاديمية وانتشرت الآيات والأحاديث والأمثال الداعية إلى مكارم الأخلاق وشر يف الأف عال ،فت حررت ا لإرادات وا صطبغت علا قة الع سكر يين ببع ضهم ب صبغة الهو ية الوطن ية ب كل أبعاد ها
فازدحمت مدير ية التدريب بال كفاءات الوطنية الشابة من كل التخصصات عشرات الأساتذة والمهندسين والخبراء في جميع التخصصات التقنية جاءوا من المؤسسات الوطنية المدنية والعسكر ية ومن فرنسا وأمريكا
وبر يطانيا وألمانيا والرسامين والخطاطين وغيرهم جاءوا لأداء الخدمة الوطنية وتوظيف خبراتهم في جزأرة 124