سياسات إيوا ء فقراء الحضر

Page 1

‫سياسات إيواء فقر الحضر‬ ‫‪Policies For Sheltering Urban Poor‬‬ ‫‪4‬ـ ‪ 1‬مقدمة‪:‬‬ ‫في منتصف الربعينات ‪ ،‬استطاع بعض البــاحثين فــي مجــال الســكان التنبـؤ بمــا قــد يحــدث‬ ‫خل لـ الخسـمون السـنة القامـة ‪ ،‬فـي سـوق السـكان بـدول العـالم الثـالث ‪ ،‬وقـد حـذر هـؤلء‬ ‫الباحثون من تفاقم وانفجار المشكلة‪.‬‬ ‫تشــارلز أبراهــامز )‪ (Charles Abrems‬والمهنــدس المعمــاري حســن فتحــي يعتــبران مــن‬ ‫أوائل الباحثين الذين فطنوا لبدء مشكلة الســكان فــي الــدول الناميــة ‪ .‬وقـد أصــبح ‪ ،‬تشــارلز‬ ‫أبراهـــامز فـــي كتـــابه الشـــهير "نضـــال ال نـســـان للمســـكن" ) ‪Man's Struggle For in‬‬

‫‪ ،an)Urbanizing world, 1964‬مشكلة المناطق السكنية ‪ ،‬وبعض مدن جنوب شــرق‬ ‫آسيا ‪ ،‬وذلك في الفترة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية الخمسينات‪.‬‬ ‫وقد حلل أبراهامز مشكلة السكان من خل لـ عدة عوامل أهمها ‪ :‬مواد البناء المستعملة فــي‬ ‫تشييد المسكن ‪ ،‬الراضـي الل زـم ة لقامـة المسـكن ‪ ،‬التكلفـة القتصـادية للوح دة السـكنية ‪،‬‬ ‫ملكيـــة الراضـــي ‪ ،‬والتشـــريعات البنائيـــة الـــتي تتحكـــم فـــي تشـــييد المنـــاطق الســـكنية وقــد‬ ‫أســتخلص عــدة نتائــج ودراســات مختلفــة نتيجــة تعمقــه فــي دراســة الســكان فــي دول العــالم‬ ‫الثالث ومن أهمها‪ :‬إن المجتمعات الحكومية السكنية التي شيدت ‪ ،‬لم تحقق حــتى الشــروط‬ ‫البنائيه الصحيحة ‪ .‬إوان المشاركة الشعبية في البناء تسمح بإسكان عدد أكبر بتكلفــة أكــثر‬ ‫انخفاضاً ‪ ،‬وفي نفس الوقت تهيئ فرص عمل لعدد كبير من اليدي العاملة‪.‬‬ ‫أما على النطاق العربي ‪ ،‬فقد لفت نظر المهندس حسين فتحي مشــكلة الســكان فــي الريـف‬ ‫المصـــري ‪ ،‬وبــدأ فـــي دراســـة وســيلة ل نـشـــاء وحــدة ســـكنية منخفضـــة التكـــاليف ‪ ،‬لتـــواكب‬ ‫احتياجات الطبقات محدودي الدخل وقد حاول المهندس حسن فتحي في عام ‪1945‬م بنــاء‬ ‫قرية " القرنة الجديدة الـتي تقـع علـى شـاطئ النيـل بصـعيد مصـر ‪ ،‬قريبـاً مـن معابـد الكرن ك‬

‫‪1‬‬


‫الفرعونيـــــة بمدينـــــة القصـــــر ‪ ،‬وقــــد نشـــــر أراءه فـــــي كتـــــابه الشـــــهير "عمـــــارة الفقـــــراء "‬ ‫‪ ، Architecture the poor ,1973‬حيث أعتمد على عدة مبادئ لحل مشكلة السكان ‪.‬‬ ‫أوًل ‪ :‬اســتخدام م ـواد البنــاء المتــوفرة بالطبيعــة كمــادة أساســية للتشــييد ‪ ،‬وخاصــة الطــوب‬ ‫الطيني المجفف في الشمس‪.‬‬ ‫ثانيــا‪ :‬العتمــاد علــى القــاطنين أنفســهم لتشــييد مســكنهم ‪ ،‬والبعــد عــن شــركات المقــاولت‬ ‫المتخصصة ‪ ،‬ومن هنا ظهرت فكرة المشاركة الشعبية فــي البنــاء ‪.‬ثالثــا‪ :‬الهتمــام بالعوامــل‬ ‫والظروف المناخية وتطويعها في تكوين وتشكيل المسكن‪.‬‬ ‫وكـانت المشــكلة الساســية كمــا يحــددها حســن فتحــي هــي " أن المعمــاريين " لــم يكونـ وا قــد‬ ‫تعودوا على استخدام المواد المحلية‪ ،‬فإن ذلك ل يـدرس فـي الجامعـات ‪ ،‬ول مـدارس العمـارة‬ ‫في البلدان المتقدمة ‪ ،‬أو في العالم الثالث ‪.‬وفي كتابــة الخيــر " الطاقــات الطبيعيــة والعمــارة‬ ‫التقليدية ـ ‪1988‬م لخص حسن فتحي أراءه عن العمارة كالتالي‪:‬‬ ‫"إن أكــثر النــاس تــأث ارً هــم الــذين تضــطرهم حــاجتهم إلــى اســتهل كـ تلــك البضــائع المنتجــة‬ ‫صناعيا‪ ،...‬فقد أدت الخيرات التي تراكمت عبر آلف السنين إلى تطوير ل نـمــاط بنــاء قليلــة‬ ‫التكـاليف توظـف فيهـا المـواد المتـوافرة محليـاً والقـدرة علـى تهيئـة المنـاخ الملئــم باسـتخدام‬ ‫الطاقــة الــتي توفره ا البيئــة الطبيعيــة المحليــة ‪ ،‬وتنظيــم لفراغــات المعيشــة والعمــل بحيــث‬ ‫تتوافقان والمتطلبات الجتماعية وكانت هذه العمارة على درجة عالية من التعبير الفني"‪.‬‬ ‫كما يتضح في أعمال المهنـدس حسـن فتحـي الـدور الـذي يمكـن للعمـارة التقليديـة أن تلعبـه‬ ‫في تحسين البيئة السكنية والمعيشية للطبقات الفقيرة في العالم الثالث ‪ .‬وكمنظر وممارس ة‬ ‫للتصميم والتخطيـط الـبيئي ‪ ،‬بنـي حسـن فتحـي نهجـه معتمـداً علـى مجموع ة المبـادئ تؤكـد‬ ‫قيمــة العمــارة التقليديــة وكيفيــة تطبيقهــا فــي عديــد مــن الحــالت أهمهــا أن الشــكل المعمــاري‬ ‫يجـــب أن يتقـــرر تبعـــاً لعتبـــارات روحيـــة ‪ ،‬وفنيـــة ‪ ،‬ومناخيـــة ‪ ،‬واجتماعيـــة ‪ ،‬إضـــافة إلـــى‬ ‫العتبارات الوظيفية وال نـشائية ومواد ال نـشاء وهو يرك ز علـى أهميـة إدخـال بعـض العوامـل‬ ‫الخرى كالمل ئـمة ما بين العناصر المختلفة‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫وكانت الستجابة الرئيسية لراء شــارلز ابراهــامز وحســن فتحـي ‪ ،‬أتــت علــى يــد جـون تيرن ر‬ ‫)‪ (john F.C.Turner‬الــذي لحــظ فــي عــدد البلــدان الناميــة ‪ ،‬أن ســكان المســتقطعات‬ ‫الحضرية غير المخططة ‪ ،‬قادرين أن يحلوا بأنفسهم جـزءاً مهمـا مــن مشـكلة الســكان وقـد‬ ‫أشرف جون تيرنر على عدداً من المشروعات المعمارية في ليما ) بيرو( بين عام ‪1957‬ـ ـ‬ ‫‪ ، 1965‬وقـــد بنــــى أفكــــاره أساســــاً مــــن ملحظــــة غــــزو واضــــعي اليــــد لمدينــــة ليمــــا‬ ‫) بيــرو ــ أمريكــا الجنوبيــة( وقـد نشــر تلــك الراء فــي كتــابين شــهيرين " الســكان بواســطة‬ ‫النـاس" ) ‪(Housing by people,1976‬و " الحري ة فـي البنـاء " ‪Freedom to build,‬‬

‫‪ "1972‬وفـي هــذين الكتــابين يرك ز تيرن ر إلــى الــدور الــذي ينبغــي أن تقــوم بــه الحكومـات ‪،‬‬ ‫مؤكداً أوًل على الحكومات إيجاد تشريع بأسرع ما يمكن لشغالت الراضي غيــر الشــرعية ‪،‬‬ ‫حيث أن السكان لن يقوموا بتحسين مساكنهم إل عنــد إعطــائهم ســندات ملكيــة رس مية ‪ ،‬أو‬ ‫طريقـــــــــــة شـــــــــــرعية لتمكينهـــــــــــم بالقبـــــــــــاء بالراضـــــــــــي الـــــــــــتي يقطنـــــــــــون بهـــــــــــا‬ ‫)‪ (Security of Tenure‬ثـــم ثانيـــا مســـاندة مبـــادرات واضـــعي اليـــد الـــتي تتمثـــل عـــادة‬ ‫استثمارات إوامكانيات يجب تنميتها إواكمالها ‪ .‬ثالثاً تشجيع البناء بالجهود الذاتية أو تشــييد‬ ‫مباني معينة رابعاً إعطاء حرية البناء للقاطنين للتعبير عن احتياجاتهم وعادتهم فــي تشــييد‬ ‫المسكن‪.‬‬ ‫وعلى ذلك طبقاً لراء تيرنر يجب أن يكـون هنــاك تقســيم عمــل واضــح ‪ ،‬فالســكان يتحملــون‬ ‫العبــء الساســي فــي تشــييد وتحســين مســاكنهم ‪ ،‬ويشــمل ذلــك أيضـاً المرافــق المهمــة مثــل‬ ‫تغذية المياه ومرافق المجاري ‪ .‬وتقوم الجهات الحكومية بالمساندة في صورة مساعدة فنيــة‬ ‫للخطط النمطية ‪ ،‬أو المساعدة عن طريق قروض طويلة الجل وبشــروط أدنـى مـن معــدلت‬ ‫الفائدة في سوق المال ‪ ،‬علــى أن تقـوم المؤسســات الكــبرى فـي القطــاع الحــديث بال نـجــازات‬ ‫التي ل يمكن أن يقوم بها القاطنين ‪ ،‬مثل البنية التحتية‪.‬‬ ‫وفي أوائـل السـبعينات ‪ ،‬كـانت هنـاك محـاولت أخـرى فـي جنـوب شـرق آسـيا ‪ ،‬للتغلـب علـى‬ ‫مشـــــكلة الســـــكان للطبقـــــات محـــــدودي الـــــدخل ومــــن أهمهـــــم دراســـــات "دايفيـــــد ديـــــور"‬ ‫‪3‬‬


‫)‪ (D.Dwyer,1975‬وشـــالوموه أنجـــل )‪ (Shlomo Angle al 1977‬وجيفـــري بــــاين‬ ‫)‪(Geoffrey payne 1977‬حيـــث تنـــاولوا دراســـة مســـتقطنات واضـــعي اليـــد أو آليـــات‬ ‫السكان بها ‪ ،‬وقد توصلوا إلى مبادئين أساسين ‪ ،‬أولهما الجهــات الحكوميــة لهــا دور فعــال‬ ‫فــي تنشــيط أو عــدم تنشــيط آليــات الســكان الهامشــي ‪ ،‬وثانيهمــا أن عمليــة إزالــة إواعــادة‬ ‫تــوطين القــاطنين فــي مســتقطنات بشــرية جديــدة ‪ ،‬يمكــن أن يخلــق مجتمــع غيــر متجــانس‬ ‫اقتصادياً واجتماعياً وثقافيا وحتى منتصف السبعينات ‪ ،‬أثبتــت آراء البــاحثين ســالفي الــذكر‬ ‫‪ ،‬أن مســتعمرات واضــعي اليــد ليــس بالضــرورة عــالم مــن الســقوط وال نـحطــاط ‪ ،‬بــل الطبقــات‬ ‫الفقيرة يتوفر لها الموارد المهمة ‪ ،‬منها الــذكاء وتجميــع مـواد البنــاء والقــدرة علــى التنظيــم ‪،‬‬ ‫وعلى توفير الجهد الل زـم للقيام ببناء مساكنهم بأنفسهم‪.‬‬ ‫في أوائل الثمانينات ‪ ،‬قام بعض الباحثين ‪ ،‬مثل جبلرت وبيتر وورد )‪Alan Gilbert and‬‬

‫‪ (peter ward, 1985‬بدراســـة لســـلوب ومفهـــوم البنـــاء الـــذاتي بعـــدة دول فـــي أمريكـــا‬ ‫الل تـينية مثل مدينة برازيليا وبوجوتا ومكسيكو ‪ ،‬وتوصل أن البنـاء الـذاتي يقـوم بـدور فعـال‬ ‫في المستقطنات البشرية الل رـسمية ‪ ،‬بشرط توافر السبل والوسائل التي تساعد على تنشيط‬ ‫وتشــجيع القــاطنين للقيــام بــه ‪ ،‬وأن الجهــات الحكوميــة لهــا دور فعــال فــي إمكانيــة أو عــدم‬ ‫إمكانية تنشيط هذا السلوب من البناء‪.‬‬ ‫وفي نفس الوقت ‪ ،‬ل ينبغي تشجيع ســاكني واضــعي اليــد غــزو الراضــي المتاخمــة للمــدن ‪،‬‬ ‫ول ينبغــي أن تــترك المشــاركة الشــعبية لتعمـــل فــي عشــوائية بحجـــة ال كـثــار مـــن مخــزون‬ ‫السكان ‪ ،‬ولكن يجب توجيه وترشيد والتحكم في حجم ساكني واضعي اليد‪.‬‬ ‫وفي أواخـر الســبعينات ‪ ،‬ظهـرت عــدة آراء مختلفـة ‪ ،‬تخـالف آراء جـون تيرن ر وتنقـذه بشـدة‬ ‫وقد ظهر هذا النقـد فـي عـدة أبحـاث ومؤلفـات ‪ ،‬منهـا علـى سـبيل المثـال آراء " رود بيرج ز"‬ ‫‪ ،Rod Burgcss,1978‬ضــد أســلوب البنــاء الــذاتي ومفهــوم المشــاركة الشــعبية ‪ ،‬وحـتى‬ ‫مفهوم مكونات السكان في العالم الثالث ) أنظر الفصل الثالث ‪3‬ـ ‪.(2‬‬

‫‪4‬‬


‫وخلصــة القــول ‪ ،‬أن المحــاولت الــتي بــذلت فــي الخمســين ســنة الماضــية ‪ ،‬قــد فتحــت إلــى‬ ‫الذهــان خطــورة إســكان الطبقــات محــدودي الــدخل ‪ ،‬وأن الحكومــات وحــدها ‪ ،‬ل أســتطيع‬ ‫مجابهة الطلب المتزايد على الوح دات الســكنية ‪ ،‬ويجــب مســاندة القطــاع الســكني الهامشــي‬ ‫في إطار تنظيمي وتخطيطي سليم للمحافظة على البيئة الحضرية‪.‬‬ ‫وتشكل الرقام المتعلقة بالمناطق الحضرية وأوضـاعها ‪ ،‬بــالطبع جانبـاً ذا حيويـة كــبرى مــن‬ ‫جوانب الظاهرة بأكملها والواقع المقلق هو أنه في غضــون العقــد الماضــي وح ده ‪ ،‬كــان مــن‬ ‫المتــوجب تــأين المــاوري والهياكــل الساســية ‪ ،‬لعــدة إضــافي مــن الســكان بلــغ حـوالي نصــف‬ ‫مليار نسمة يعيشون في مدن العالم النامي‪.‬‬ ‫والسؤال الن ‪ ،‬كيف تمكنـت الحكومـات والبلــدان مـن مواجهـة هــذا الطلـب الواسـع النطــاق ؟‬ ‫فقــد شــكل كــل مــن الفتقــار إلــى المـوارد والكـوادر المهــرة ‪ ،‬إلــى جــانب العتمــاد علــى النظــم‬ ‫التشريعية والدارية العميقـة ‪ ،‬عقبـتين ضـخمتين كـان مـن المتـوجب علـى حكومـات البلـدان‬ ‫الناميــة التغلــب عليهمــا ‪ ،‬فــي ســياق ســعيها لمجابهــة التحــدي الناشــئ عــن المســتوطنات‬ ‫البشــرية وبـوجه عــام يمكــن القــول أن إن الثغــرة قــد ازدادت أتســاعاً بســبب ديناميــات الطلــب‬ ‫وبطئ النظم المؤسسية الوطنية والدولية في التصدي لها بأسلوب مناسب‪.‬‬

‫‪4-2‬ـ المحاولت المختلفة ليواء فقراء الحضر‪:‬‬ ‫إن لكــل منطقــة ســكنية ســرطانية تاريـخ خــاص ‪ ،‬وطريقــة مــا تكــونت مــن خل لـهــا أحياؤهـ ا‬ ‫السرطانية ‪ ،‬غير أن الطريقة الغلب شيوعاً هي الغزو المفاجئ )‪ (Gilbert,A1984‬الــتي‬ ‫أدت فــي نهــايته إلــى ثبــات وتكــثيف المســتوطنات البشــرية )‪(Housing Consolidation‬‬ ‫وخاصــة منــاطق واضــعي اليــد بأمريكــا الجنوبيــة ـ ـ مثــل الباريـادا حــول مدينــة ليمــا ) بيــرو(‬ ‫ومدينة مكسيكو ) المكسيك(‪.‬‬ ‫وأصبحت طريقـة الغـزو نمطـاً تقليـدياً مــن الحلـول العاجلـة ليـواء مــن ل مــأوى لهــم ‪ ،‬والـتي‬ ‫أطلــق عليهــا فيمــا بعــد البنــاء بــالجهود الذاتيــة )‪ (Self-help Housing‬والواقــع إن النمــط‬ ‫السرطاني من المساكن ‪ ،‬أدى إلى المزيد من الخبرات المهنية لدى المتخصصين فــي مجــال‬ ‫‪5‬‬


‫السكان فلم يصبح البناء مجرد علقــة بيــن خـبير وعميـل ‪ ،‬بـل أيضـاً علقــة ينعكــس عليهــا‬ ‫التغيرات الجتماعية والقتصادية والسياسية لمجتمع ما‪.‬‬ ‫كمــا أدى هــذا إلــى مزيـد مــن الرشـ اد والسترشـ اد إلــى الكيفيــة ‪ ،‬وليــس نوعيــة المســكن ‪،‬‬ ‫واختلف حجم المستعمرات السرطانية من مكان إلى آخر ‪ ،‬ومن بلد إلى آخر ‪ ،‬حيث يــتراوح‬ ‫السكان بمنطقة سرطانية بمدينة فاس بين ‪2500‬إلى ‪ 3000‬نســمة ‪ ،‬إلــى منــاطق ســكنية‬ ‫غيــر رس مية فــي مدينــة القــاهرة مــن ‪ 30000‬ـ ـ ‪ 40000‬نســمة ومدينــة الســكندرية مــن‬ ‫‪ 15000‬إلــى ‪ 40000‬نســـمة ‪ ،‬وغالبيـــة تلـــك المنـــاطق تنتشـــر علـــى أطــراف المدينـــة أو‬ ‫بالمناطق النائية بالمدينة وتعتبر مستعمرات وخصائص واضعي اليد ) ‪(Squatter areas‬‬ ‫مثاًل آخر للتعديات التي نمت بها تكوين الحياء السرطانية‪.‬‬ ‫والجزء الثاني يتناول تحليــل الدراسـات الــتي تمـت ليـواء فقـراء الحضــر ‪ ،‬ويـبرز السياســات‬ ‫والبرامــج المختلفــة الــتي ُأتبعــت للتغلــب علــى مشــاكل ســاكني وضـع اليــد بمــدن دول العــالم‬ ‫الثالث‪ ،‬والجدير بالذكر أن تلك البرامج والسياسات طبقت بتلك الدول فــي الــوقت تــم تحليلهــا‬ ‫ل حسـب طبيعـة إوامكانيــات‬ ‫وتقويمها لتواكب التغيرات الجتماعية والقتصـادية والسياسـية ك ً‬ ‫كل بيئة على حدي‪.‬‬

‫‪2-4‬ـ إزالة المناطق الرديئة )‪:( Slnm Clearance‬‬ ‫في منتصف الخمسينات ‪ ،‬أجمع عدد ليس بقليل من الباحثين لمشكلة ســاكني واضــعي اليــد‬ ‫بــدول العــالم الثــالث )‪ (Abrams, C,1964‬إنهــا تحــوى عــدد كــبير مــن الخــارجين علــى‬ ‫القــانون ويتفشــى بهــا المــراض والوبئــة المزمنــة ‪ ،‬بــل إنهــا تتكــون مــن مجتمــع يســوده‬ ‫التناقضــات الجتماعيــة والتفكــك الســري ‪ .‬وكـانت الراء إن تلــك المنــاطق تشــوه المنــاطق‬ ‫الحضرية وتساعد على تريفيها ‪ ،‬وتـؤدي إلــى زيـادة معــدلت الهجــرة إلــى المراكــز الحضــرية‬ ‫الكبرى ‪ .‬فإن برامج مثل إزالة المناطق الرديئة ‪ ،‬كانت هي السياسة الســائدة فــي معظــم دول‬ ‫العــالم الثــالث ‪ ،‬وكـانت تلــك السياســة تــبرر هــدم وه در المخــزون الســكني ‪ ،‬بحجــة أن تلــك‬ ‫المناطق المختلفة غير مناسبة فـي تـوفير الحتياجــات الساســية لمعيشــة ال نـســان ‪.‬وكـانت‬ ‫‪6‬‬


‫تهــدف تلــك البرامــج إلــى إزالــة منــاطق ســاكني واضــعي اليــد ‪ ،‬إواعــادة ترحيــل القــاطنين إلــى‬ ‫أماكنهم الصلية بالمناطق الريفية ‪.‬وفي نفس الوقت إقامة مناطق سكنية حكومية بــدًل مــن‬ ‫المناطق السكنية غير الرسمية‪.‬‬

‫وهذه السياسة استمرت لعدة سنوات قليلة في بعض دول العالم الثــالث وفشــلت فــي تحقيـق‬ ‫أهدافها لعدة أسباب من أهمها‪:‬‬ ‫ــ ال نـتشــار الســريع والمطــرد لمنــاطق ســاكني واضــعي اليــد علــى أطـراف المدينــة ‪ ،‬لــم يمكــن‬ ‫الحكومات من الحد من انتشار تلك المناطق‪.‬‬ ‫ـ ضعف المكانيات المادية والدارية للحكومـة المختلفــة فــي تــوفير البــدائل المناســبة ليـواء‬ ‫قاطني واضعي اليد‪.‬‬ ‫ـ اسـتحالة وقـف هجـرة النـازحين مـن المنـاطق الريفيـة إلـى المراكـز الحضـرية وبالتـالي عـدم‬ ‫القدرة في التحكم على انتشار المناطق السكنية غير الرسمية‪.‬‬ ‫ــ إزالـة المنـاطق السـكنية السـيئة يمكـن أن يـؤدي إلـى خلـل وع دم اسـتقرار الكيـان السياسـي‬ ‫والجتماعي لحكومات دول العالم الثالث‪.‬‬ ‫ـ ـ تــدخل بعــض السياســيين والنــاخبين لوقـف عمليــة ال زـالــة ‪ ،‬وذلــك اكتســاباً واســتر أضــاءا‬ ‫لصوات الطبقات محدودة الدخل أثناء ال نـتخابات البرلمانية‪.‬‬ ‫ل فـي معظـم دول العـالم‬ ‫ولذا فإن برامج إزالة المناطق المختلفة أو الرديئـة ‪ ،‬لـم تسـتمر طـوي ً‬ ‫الثالث ‪ ،‬وبدأت الحكومات تنظر بعين العتبــار للمتــداد الحضــري غيــر الرس مي وممــا ينتــج‬ ‫عنه من إسكان مخالف ‪ ،‬باعتبــاره قــد حـل مشــكلة السـكان بالنســبة لعــداد غفيــرة فـي فـترة‬ ‫بعينها‪.‬‬

‫‪4-2-2‬ـ البناء الذاتي )‪:(Self-help Building‬‬ ‫ركز جون تيرنر ) ‪ (1976‬في كتابه الشهير )‪ (Housing by pcople‬علـى أن اسـتغل لـ‬ ‫الموارد البشرية بمناطق ســاكني واضــعي اليــد ‪ ،‬بــأنه العنصــر الساســي فــي إنتــاج الوح دات‬ ‫الســكنية ‪ ،‬رغ م التحــولت الــتي عرفهــا المجتمــع ‪ ،‬ورغ م التطــور الــذي عرف ه قطــاع البنــاء‬ ‫‪7‬‬


‫والمقاولت العصرية ‪ ،‬ويرجع ذلك لكونه يشكل الوسيلة ال كـثر مل ئـمة لل وـضاع الجتماعية‬ ‫والقتصادية للقاطنين بمناطق واضعي اليد‪.‬‬ ‫وتساءل المهندس حسن فتحي )‪ (1973‬في كتابه الشهير " عمارة الفقراء" ما الــذي يمكــن‬ ‫أن ُيعلمــه لنــا الفلحــون أنفســهم بشــأن تنظيــم العمــل ‪ :‬كيــف تقــوم القــرى بتنظيــم نشــاطاتها‬ ‫للبنــاء فــي تلــك المــاكن الــتي لــم يمســها بعــد مقــاول البنــاء التجــاري ؟ إنهــا تتعــاون وعنــدما‬ ‫يكون هناك منزل جديد ينبغي بناؤه في قرية ‪ ،‬فإنه يتوقـع مــن كــل فــرد أن يمــد يــداً ويســاعد‬ ‫أف ـراد كــثيرون فــي العمــل وسـرعان مــا ينتهــي الــبيت ول يــدافع أجــر أي مــن هــؤلء الجي ـران‬ ‫المتعــاونين ‪ ...‬ورغ م هــذا ‪ ،‬فــإنه لــو أمكــن أن يجعــل النظــام التعــاوني للبنــاء نطاقـاً صــالحاً‬ ‫لذلك فسيكون له ميزات هائلة تفوق أي نظام يســتخدم البنــائين المحــترفين ‪ ،‬فــأوًل وقبــل كــل‬ ‫شــيء ‪ ،‬فــإن القريـة الــتي يبنيهــا ســكانها أنفســهم ســتكون كائن ـاً حي ـاً ‪ ،‬قــاد ارً علــى النمــو‬ ‫ومواصــلة الحيــاة ‪ ،‬وثانيــا ‪ ،‬فــإن القريـة المبنيــة تعاونيــا ســتكون أرخ ص كــثي ارً مــن القريـة‬ ‫المبنيــة بالعمــل المــأجور ‪...‬ولـو أمكــن جعــل النظــام التعــاوني التقليــدي صــالحاً للعمــل فــي‬ ‫ظروف غير تقليدية ‪ ،‬فمن الواضح أنه سيكون فـي المكــان توسـيعه وتطـبيقه علـى برنامــج‬ ‫للسكان الجماهيري‪.‬‬ ‫إن مبـــدأ البنـــاء الـــذاتي الـــذي يكمـــل سياســـة التهيئـــة العقاريــة ‪ ،‬بالضـــافة لكـــونه ُيحمـــل‬ ‫المواطنين جزء من عبئ مشــكلة الســكان ‪ ،‬فــإنه يســمح بإنتــاج أعــداد هائلــة مــن المســاكن‬ ‫بوتيرة مهمة تسمح بالحد والحيلولة دون توالد ظاهرة السكن غير الل ئـق من جهــة ‪ ،‬إواعــداد‬ ‫الوحدات السكنية بالســرعة الـتي تـواكب وتيــرة التزايـد العمرانــي الـذي تعرف ه مــدن دول العــالم‬ ‫الثالث من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وقد أبان الحماس الذي أظهره قاطني واضعي اليد بدول العالم الثـالث ‪ ،‬أن البنـاء الـذاتي لـه‬ ‫مزايــا أخــرى ‪ ،‬وبأهميــة كــبيرة ‪ ،‬وتتجلــى فــي تحريـك القتصــاد المحلــي وسـوق العمــل علــى‬ ‫مستوى المدينة ‪ ،‬والحي ذلك إن تزامن حركة البناء في عدة عمليات تجعل المدينة كلها فــي‬

‫‪8‬‬


‫حرك ة إنشــائية ديناميكيــة ‪ ،‬يحــدث فيهــا التهــافت علــى اليــد العاملــة ومـ واد البنــاء وخـدمات‬ ‫القطاعات الخرى المرتبطة بالتشييد‪.‬‬ ‫وتقييم وتحليل ديناميكية البناء الذاتي جاءت من عــدة بــاحثين المهتميــن بإســكان محــدودي‬ ‫الـــدخل بالعـــالم الثـــالث ومنهـــم ‪ :‬بيــتر وورد )‪ (peter ward,1982‬وآلــن جلـــبرت )‪Alan‬‬

‫‪ (Gilbert.A1983‬ورود بيرجـــ ر) ‪ (Rod Burgess, 1982‬وأخيــــ ارً فــــإن در لنــــدين )‬ ‫‪ (VanderLinden. 1992‬وأختلــف آراء كــل بــاحث فــي تقييــم ديناميكيــة البنــاء الــذاتي ‪،‬‬ ‫منهم المؤيدة مع بعض التحفظــات ‪ ،‬ومنهـم المعـارض للمبــدأ مـن أساســه ‪ ،‬حيـث أن البنـاء‬ ‫الذاتي مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع التغييرات القتصادية التي تحدث بالمجتمع ‪ ،‬بل ومرتبــط مــع‬ ‫التغيرات التي تحدث في آليات سوق السكان‪.‬‬ ‫وتحليــل ديناميكيــة البنــاء الــذاتي فــي عمليــات إســكان محــدودي الــدخل ‪ ،‬ل يمكــن أن يكــون‬ ‫شــمولياً وواقعيـاً دون التطــرق إلــى بعــض الســلبيات الــتي ل زالــت تشــويه وتعــوق تحســنه ‪،‬‬ ‫وارتقاءه وتطوره ‪ ،‬خاصة في مثـل هــذه العمليـات الــتي تعتــبر غالبيــة المســتفيدين منهـا مــن‬ ‫ذوي الدخل الضعيف والمحدود ‪ .‬واهم هذه السلبيات يمكن حصرها في عدة نقاط‪:‬‬ ‫ـ أن البناء الذاتي في عمليات إسكان محدودي الدخل يخلق وضعية مزمنة لعمليات التشــييد‬ ‫‪ ،‬وذلك راجع بالساس إلى ضــعف مـوارد المســتفيد الــتي مــن الممكــن أن يوظفهــا فــي البنــاء‬ ‫الشيء الذي يمده في مدة ال نـجاز‪.‬‬ ‫ــ البنــاء الــذاتي رغ م التطـوير المســتمر والمراقبــة الــتي يحظـى بهــا مــن معظــم حكومـات دول‬ ‫العالم الثالث ‪ ،‬ل زالت لم يرتق من ناحية جودة الهندسة المعمارية واحترام التصميم‪.‬‬ ‫ـ تحول البناء الــذاتي فـي معظــم مشــروعات الســكان المنظــم لمحــدودي الــدخل ــ مثــل برامــج‬ ‫خدمات ومواقع ـ إلــى الشـراف الــذاتي )‪ (Self management‬وليــس البنــاء الــذاتي الل زـم‬ ‫فالقاطنين أنفسهم قاموا بعملية الشراف على البناء وانشغلوا في توفير مـواد البنـاء الل زـم ة‬ ‫للمقاولين المستأجرين ‪ ،‬دون المشاركة في عملية البناء‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫ــ إن البنــاء الــذاتي فــي المنــاطق الريفيــة يصــل إلــى ذروتـه ‪ ،‬ويحقــق الهــداف المرج وة منــه‬ ‫وذلـك لصـغر حجـم العمــال المشـيدة‪ ،‬والتجــانس الجتمـاعي المتـوفر لـدى الريفييــن وتـ وافر‬ ‫الــوقت الل زـم للتشـييد ‪ .‬فحيـن البنـاء الـذاتي يفتقــد تلـك الخصـائص فـي المنــاطق الحضـرية‬ ‫الهامشية ‪ ،‬وذلك لعدم تجانس الطبقات الجتماعية القاطنة بالمناطق السكنية الل رـسمية‪.‬‬ ‫ـ ـ التحكــم فــي المكونــات الساســية للوحـدة الســكنية ـ ـ مثــل م ـواد البنــاء ـ ـ الرض مــن قبــل‬ ‫الحكومات أو المؤسسات الستثمارية أو أصحاب رؤوس المـوال ‪ ،‬يعتــبر العــائق الساســي‬ ‫أمــام منهــج البنــاء الــذاتي ‪ ،‬فبــدون الحصــول علــى تلــك المكونـات ل يمكــن إقامــة الوحـدة‬ ‫السكنية ‪ ،‬وعليــه فــإن تـوافر المكانيــات الماديــة ‪ ،‬يعتــبر مــن أهــم الولويـات لتحقيــق منهــج‬ ‫البناء الذاتي‪.‬‬ ‫لتطوير نهـج البنــاء الــذاتي وتعزي ز إيجابيــة واسـتدراك ســلبياته والتفكيـر فـي البـدائل الخــرى‬ ‫الممكنة ‪ ،‬يجب البحث على كل السبل الممكنة من أجل دعم وتحسين ظروف البناء وتكافــل‬ ‫السكان بينهم ‪ ،‬لضمان حياة كريمة للطبقـات محــدودي الــدخل فـي سـكن لئــق ‪ ،‬وفـي إطـار‬ ‫عمراني يتجانس مع مستوى الحي والمدينة‪.‬‬

‫‪4-2-4‬ـ الشراكة الشعبية ‪: Community participation‬‬ ‫تم استنباط مبدأ الشـراكة الشــعبية عــن طريـق النتائــج المستخلصــة مــن العديــد مــن البحـوث‬ ‫والدراســات الميدانيــة للعديــد مــن منــاطق ســاكني واضــعي اليــد )‪ (Squatters areas‬بــدول‬ ‫العالم الثالث‪.‬‬ ‫ول يوجد تعريف محدد لمعنى المشاركة ‪ ،‬إوان تعددت ‪ ،‬ولكنها في النهاية تعتمد على قــدرات‬ ‫ومجهود ال نـسـان ومـدى تعـاونه إوايجـابيته مـع الخري ن ‪ ،‬بمعنـى أنهـا تعتمـد علـى التعـاون‬ ‫ال نـساني والجتماعي بين طبقات المجتمع المختلفة‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫فــي الحقــل ‪ ..‬التعــاون فــي بنــاء وحـداتهم الســكنية ‪ .‬وبصــفة عامــة تــزداد درج ة المشــاركة‬ ‫الشـعبية بازديـاد المظـاهر الريفيـة وانخفـاض حجـم المجتمـع ‪ .‬وقـد بـدءها حسـن فتحـي فـي‬ ‫الربعينات في مشروع قرية القرنة بالقصر )حيث مشاركة الجماعة في بناء منازلهم(‪.‬‬ ‫وكما يوضح شكل ))‪4‬ـ ‪ (1‬تعتمد المشاركة الشعبية على الستفادة وتـوجيه الطاقــة الكامنــة‬ ‫للسكان من خل لـ محورين هامين‪.‬‬ ‫أوًل‪ :‬تــوجيه ال نـفــاق الفــردي فــي منــاطق ســاكني واضــعي اليــد للصــالح العــام حيــث إنهــاء‬ ‫تشكيل مورداً هاماً للتمويل ‪ ،‬وذلك عن طريق التبرع والمساهمة الختيارية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الستفادة من الوسـائل الــتي بــادر بهــا الهــالي فـي تـوطين أنفســهم بمنــاطق الســكان‬ ‫غيــر الرس مية ‪ ،‬بحيــث يمكــن دراســتها وتحليلهــا وتطويره ا للمســاهمة فــي تطــوير المعــايير‬ ‫النظريــة إلـــى أكـــثر واقعيـــة وعلميـــة لحـــل مشـــكلة إســـكان محـــدودي الـــدخل فـــي المنـــاطق‬ ‫الحضرية‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫رب السرة‬

‫اتخاذ القرار‬

‫أفراد العائلة‬

‫تطويع‬

‫أصدقاء‬ ‫أسلوب الحل‬

‫اتخاذ القرار‬

‫حوار بين‬

‫البناء‬ ‫المحلية‬

‫الجهات‬ ‫المعنية‬

‫مواد بناء‬ ‫تحويل‬

‫مصادر‬ ‫التمويل‬

‫خدمات‬

‫المجهود‬ ‫البشري إلى‬ ‫تمويل نقدي‬

‫شكل ) يوضح فكرة المشاركة الشعبية )‪(Community Participation‬‬

‫وتطــور مبــدأ المشــاركة الشــعبية ‪ ،‬بحيــث أصــبحت جــزء ل يتج ـ أز مــن الطــار الشــامل فــي‬ ‫تحســين المتــدادات العمرانيــة ‪ ،‬مــن حيــث الج ـراءات المتداخلــة والمتضــمنة علــى عمليــات‬ ‫التخطيط ‪ ،‬التشييد البرمجة والدارة ‪ ،‬وتشغيل وصيانة التجمعات شبة الحضرية ‪ .‬وعليه ثم‬ ‫وضع هيكل المشاركة الشعبية ) قاسم ‪ ،‬محسـن ‪ (1990‬للنهـوض بمسـتوى السـكان غيـر‬ ‫الرسمي واعتمد على السس التية‪:‬‬ ‫ـ ـ التعــاون والمشــاركة بيــن القطــاعين العــام والخــاص فــي تحســين البيئــة العمرانيــة لط ـراف‬ ‫المدن يخلق مزيج من النهج والخيارات ‪ ،‬بحيــث يتــم تســهيل المكانيــات والخــدمات مــن قبــل‬ ‫القطاع العام‪.‬‬ ‫ـ وضـع هيكــل إداري منظــم لتحديـد وتوزي ع المسـؤوليات للهياكـل الداريـة ــ سـواء العامـة أو‬ ‫الخاصــة أو كليهمــا ــ بحيــث يمكــن تحقيــق خيــارات مختلفــة للوصـول إلــى السياســات العامــة‬ ‫للتنميــة ‪ ،‬حــتى يمكــن بلــوغ مســتوى تســليم الخــدمات إلــى الكفــاءة المطلوبـة‪ ،‬بمعنــى إتاحــة‬ ‫الفرص ة أمــام الجمعيــات الهليــة )‪ (Non-government or ganization‬للمشــاركة فــي‬ ‫عملية اتخاذ القرار وتنظيم عملية التنمية‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫وحدة سكنية منتج نهائي‬

‫مواد‬


‫ــــ الطـــار القـــانوني للهيكـــل الداري للمشـــاركة لمتابعـــة مراحـــل التنميـــة المختلفـــة ‪ ،‬حيـــث‬ ‫المشاركة في التخطيط ) أولويات ـ أهداف ـ استراتيجيات( ضمان وتأمين استخدام المصادر‬ ‫الطبيعيــة ‪ ،‬المشــاركة فــي التنفيــذ والتحســين ‪ ،‬المشــاركة فــي ال نـشــطة القتصــادية لضــمان‬ ‫تحقيق المان القتصادي لطبقات محدودي الدخل‪.‬‬ ‫ـ ـ مشــاركة الم ـرأة ‪ ،‬مشــاركة فعالــة فــي عمليــة التنميــة ‪ ،‬حيــث أن الم ـرأة تمثــل مــورداً مهم ـاً‬ ‫للخدمات الساسية ‪ ،‬وقيامها ببناء وصيانة المأوى والهياكل الساسية يعتبر جــزء ل يتج ـ أز‬ ‫من عملية التنمية ‪ ،‬وبالتالي يلعب دو ارً فعاًل في خفض تكلفة الوحدة السكنية وتوفير جزء‬ ‫من الموارد المالية الل زـم ة للسـرة ‪ .‬فاسـتبعادها يعنـي حتمـاً هـدر عنصـر هـام مـن عناصـر‬ ‫الموارد البشرية للمشاركة والتنمية ‪ ،‬حيث أن المرأة تمثل نصف حجم المجتمــع بــدول العــالم‬ ‫الثــالث‪ ،‬لــذلك تقضــى الحاجــة بمشــاركة المــرأة ضــمن هيكــل المشــاركة بوصــفها مســاهمة‬ ‫ومنتفعة في آن واحد‪.‬‬ ‫إلـى أن هنـاك عـدى تحـديات تـواجه المشـاركة الشـعبية منهـا‪ :‬حداثـة عهـد المشـاركة تعرق ل‬ ‫حـتى الن مـن انتشـارها ‪ ،‬سـلبية بعـض الفـراد المشـاركين فيهـا ‪ ،‬وج ود علقـة طرديـة بيـن‬ ‫حجــم المشــاركة الشــعبية وبيــن المســتوى القتصــادي والجتمــاعي وفـترة القامــة والمســتوى‬ ‫التعليمــي للف ـراد ‪.‬ضــعف إيمــان الدارات الحكوميــة بمفهــوم المشــاركة الشــعبية ‪،‬غمــوض‬ ‫النصوص القانونية ‪ ،‬استمرار رواسب بعــض النضــم الــتي ترتبــط بعوامــل شــكل الدارة بشــكل‬ ‫السلطة ومراكز القوى‪ ،‬وأخي ارً مشكلة توفير مصادر التمويل‪:‬‬

‫‪ 4-2-4‬نواة المنافع ) ‪wet core):‬‬ ‫نتيجــة للدراســات والبحــاث ‪ ،‬الــتي تمــت بمنــاطق ســكاني واضــعي اليــد بــدول العــالم الثــالث‬ ‫‪،‬ظهــرت فكــرة نـواة المنــافع ‪ ،‬كمنهــج لضــغط النفقــات الــتي تمــدها الجهــات الحكوميــة لعامــة‬ ‫الشعب ‪ ،‬وخاصــة الطبقــات معــدومي الــدخل ‪ ،‬وذلــك ل نـشــاء مســتوطنات بشــرية بأقــل تكلفــة‬ ‫ممكنة بدًل من بناء المسكن الشعبي المتكامل‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫انتشرت فكرة نواة المنافع في عدة دول بالعالم الثالث ‪ ،‬وعلى سبيل المثال ل الحصر ـ تركيــا‬ ‫ــ الرجنــتين ــ المكســيك ــ البرازيـل ــ مصــر ‪ ...‬وغيره ا وتتلخــص هــذه الفكــرة بإنشــاء الجــزء‬ ‫المبلل بالوحدة السكنية ‪ ،‬وهو عبارة عن دورة مياه وجزء مخصــص لعــداد الطعــام)مطبــخ(‬ ‫ويتــم توصـيل المرافــق الساســية بواســطة مقــاولين متخصصــين وه ذه الفكــرة جــاءت نتيجــة‬ ‫الشواهد والبحاث لتطوير ونمـو منــاطق سـاكني واضـعي اليـد ‪ ،‬الــتي ُأتبعــت سياســية البنـاء‬ ‫خطــوة بخطــوة حســب المكانيــات القتصــادية والحتياجــات الجتماعيــة للقــاطنين ‪ .‬وأعتمــد‬ ‫أيضاً المنهج على أن الحكومات تقوم بتوفير الخدمات الساسية التي ل يستطيع القــاطنون‬ ‫أنفسهم توفيرها ‪ ،‬على أن يترك تكملة إنشاء المسكن للقاطنين أنفسهم بوحـدة نـواة المنــافع‬ ‫‪ ،‬وذلك حسب إمكانياتهم واحتياجاتهم الجتماعية‪.‬‬ ‫وتم تحديد مساحة قطعة الرض التي تقع بها وحدة نواة المنافع ‪ ،‬حسب ظــروف إوامكانيــات‬ ‫ومناخ كل مجتمع ‪ ،‬بل ومناخ كل دولة من دول العالم الثــالث ‪.‬وكـان يــتراوح مســطح الرض‬ ‫بين ‪80‬ـ ‪ 150‬مت ارً مربعاً وقـد روع ي فــي تلــك الفــترة أن يتــم تلصــق النـواتين المتجــاورتين‬ ‫لخفض تكلفة توصيل المرافق وتجميعها على وحدة صرف واحـدة خـارج مســطح القطعـتين ‪.‬‬ ‫وورعي أن يكون الجزء المبلل في إطار التصميم المتكامل للوحدة السكنية عند اكتمالها‪.‬‬ ‫ولكــن مــن العيــوب الــتي ظهــرت لتلــك الفكــرة عشـوائية البنــاء ‪ ،‬اختلف مـواد البنــاء ‪ ،‬وج ود‬ ‫تلوث معدي ‪ ،‬عدم إيجابية التقارب المكاني للمأوى ‪ ،‬وع دم وج ود طبيعــة خاصــة بهـا ‪ ،‬وقـد‬ ‫نتج عن ذلك إلى خلق مناطق سكنية سيئة جديدة بالمناطق الحضرية‪.‬‬

‫‪4-2-5‬ـ نواة المسكن )‪:(Core Housing‬‬ ‫تطورت فكرة نواة المنافع إلى إضافة مسطح مبنى لنواة المنافع في شــكل حجــرة أو حجرتيــن‬ ‫علـــى الكـــثر ‪ ،‬بواســـطة شـــركات المقـــاولت المتخصصـــة المختلفـــة ‪ ،‬علـــى أن يـــترك بـــاقي‬ ‫المسطح بقطعة الرض للبناء الذاتي بواسـطة القـاطنين ‪ .‬وقـد روع ي وج ود تصـميم مبـدئي‬ ‫لنواة المسكن على أن يستكمل باقي البناء بواسطة القاطنين حسب احتياجاتهم الجتماعيــة‬ ‫وقـدراتهم الماليــة ‪ .‬وتعتمــد فكــرة ن ـواة المســكن علــى بنــاء الخليــة الولـى للوحـدة الســكنية‬ ‫‪14‬‬


‫) غرفة ‪ +‬مطبخ ‪ +‬دورة مياه( والتي يبــدأ بهــا الســاكن ‪ ،‬حيــث ينمــو المســكن بعــد ذلــك مــع‬ ‫تطور حيـاة السـاكن واحتياجـاته ‪ ،‬أوًل علـى المســتوى الفقـي وثانيــا علــى المسـتوى الرأســي‬ ‫) أنظر الشكل ‪.(2-4‬‬ ‫إوان كــانت هــذه الفكــرة قــد تلشــت بعــض العيــوب لنوافــذ المنــافع إل أنهــا لــم تفــي بالهــداف‬ ‫المتوقــع منهــا لعــدة أســباب ‪ ،‬أوًل بســبب عــدم توافــق مفهــوم هــذه التجربـ ة مــع المفــاهيم‬ ‫والعـــراف الجتماعيـــة الســـائدة بالضـــافة إلـــى اســـتاتيكية هـــذه المفـــاهيم أمـــام ديناميكيـــة‬ ‫المتغيـرات علــى فئــة معينــة وزيـادة فــي الفاقــد القتصــادي فـي تكــاليف مـواد البنــاء والعمالــة‬ ‫الل زـمة ) حسن عبد الرؤوف علي وكامــل عبــد الناصــر أحمــد ــ ‪ .(1992‬ثالثــا‪ ،‬عــدم الــتزام‬ ‫القاطنين بالتصــميم المقــترح وتغيــره حســب احتياجــاتهم إوامكانيــاتهم الماديــة ‪ ،‬ممــا أدى إلــى‬ ‫تحول المجــاورات الســكنية والمواقــع المنفــذة بهــذا السـلوب إلــى مواقــع ذات مسـاكن ناقصــة‬ ‫التكوين ومشوهة الصـورة ‪ .‬رابعـًا‪ ،‬عــدم تـوافر المكانيــات الماديــة للقــاطنين ‪ ،‬ممــا أدى إلــى‬ ‫تكدس أفراد السرة ـ غالباً أكثر من خمسة أفـراد ــ فـي غرف ة واحـدة لفـترات ومنيـة كـبيرة ممـا‬ ‫نتـــج عنـــه مشـــاكل اجتماعيـــة بمـــرور الزمـ ن ‪ .‬خامســـًا‪ ،‬ردائـــة التهويــة والضـــاءة لغالبيـــة‬ ‫الوح دات المنفــذة بهــذا الســلوب ‪ ،‬لعــدم الــتزام القــاطنين بالتصــميم المقــترح أو نتيجــة ســوء‬ ‫استخدام مســطحات الراضــي الفضــاء‪ ،‬وذلــك لتربيــة الطيـور وخلفــه ‪ ،‬ممــا أدى إلــى تفشــي‬ ‫المراض والوبئة بتلك المجاورات السكنية‪.‬‬ ‫واســتمرت هــاتين الفكرتيــن ـ ـ ن ـواة المنــافع ونـ واة المســكن ـ ـ مســيطرة علــى معالجــة مشــكلة‬ ‫السكان لعـدة دول فـي العـالم الثـالث ‪ ،‬لفـترة تـتراوح بيـن خمسـة عشـر عامـاً حـتى عشـرون‬ ‫عاماً وقد رفضتها دول أخـرى مــن دول العــالم الثــالث ‪ ،‬واســتمرت فـي تطــبيق نظــام الســكان‬ ‫القتصـــادي الحكـــومي ‪ .‬فـــي حيـــن اســـتمرت دول أخـــرى فـــي تطـــبيق تلـــك الفكـــرة لنقـــص‬ ‫المكانيات المادية بها‪.‬‬ ‫هذا بالضافة إلى وجود آراء متضاربة لتلك النهج ‪ ،‬على أن هذه السياسة السكانية ســوف‬ ‫ينتج عنها تشجيع الهجرة من القرى والمدن الصغيرة إلــى المــدن العاصــمية ‪ ،‬وبالتــالي يــؤثر‬ ‫‪15‬‬


‫تــأثي ارً مباش ـ ارً علــى الــدخل القــومي للبلد ‪ ،‬هــذا بالضــافة إلــى وجـود رأي ثــالث ‪ ،‬بــان هــذه‬ ‫السياسة يمكن أن تؤدي إلى ظهور مجتمع مشوه يهدم كل النظم الجتماعية بالبيئة‪.‬‬ ‫ويرى علماء الجتماع وال نـثروبوليجي ‪ ،‬الذين ينهجون في دراســتهم نهجـاً بيئيـاً ووظيفيـاً ‪،‬‬ ‫أن تحليـل النظـم الجتماعيــة يتطلــب بالضـرورة ‪ ،‬فـي حالـة المجتمعــات المختلفــة والبسـيطة‬ ‫مراعاة إنشاء مجتمعات سكنية متجانسة من الناحية الجتماعية والفيزيقيـة لمكانيــة إحـراز‬ ‫تقــدم وتطــور فــي المجتمــع ‪ ،‬ومراعــاة العلقــات المتبادلــة بيــن ال نـســان والبيئــة ‪ ،‬واثــر هــذه‬ ‫العوامل البيئية على ال نـسان ‪ ،‬والنظم المختلفة من اقتصادية وسياسية ودينية وغيرها‪.‬‬

‫‪ 4-2-6‬الرتقاء والتحسين )‪:(Improvement & Upgrading‬‬ ‫نتيجة لدراسة المساوئ واليجابيات الناتجة من دراسة الفكرتين السابقتين ‪ ،‬ودراسة مناطق‬ ‫واضعي اليد‪ ،‬وطرق وسبل وفلسفة إنشــاؤهم لوح داتهم الســكنية بمـدن دول العــالم الثــالث ن‬ ‫ظهر نهج جديد يعتمد على البناء الذاتي ‪ ،‬وعلى الجهود البشرية والمشاركة الشعبية بحيث‬ ‫يمكــن الســتفادة مــن تلــك المكانيــات ‪ ،‬مــع التــوجيه العلمــي الســليم ‪ ،‬فــي تطــوير والرتقــاء‬ ‫بمناطق ساكني واضعي اليد‪.‬‬ ‫يعد منهج الرتقاء بالمنــاطق الســكنية غيــر الرس مية ومكونـاته ‪ ،‬مــن أهــم نطاقــات الهتمــام‬ ‫لسياسات العمارة والتخطيط ‪ ،‬مما يســتوجب بالضــرورة التعامــل مــع تلــك المنــاطق مــن خل لـ‬ ‫صياغة ‪ ،‬تحكم فيها العلقة ما بين المناطق السكنية بالمدينة " نسيجاً ومكونات" من جهــة‬ ‫والمنــاطق الســكنية غيــر الرس مية المتاخمــة لهــا مــن جهــة أخــرى ‪ ،‬ومـا يحيطهــا مــن واقــع‬ ‫عمراني معاصر‪.‬‬ ‫والرتقاء فــي مفهــومه الشــامل هــو تطــوير البيئــة الحضــرية فــي جميــع جوانبهــا ‪ ،‬فـي مجــال‬ ‫العلوم الهندسـية‪ ،‬بمعنـى تحسـين شـبكة البنيـة الساسـية مـن طـرق وشـبكات ميـاه وص رف‬ ‫صــحي وكهرب اء‪ ...‬الــخ وتحســين الفراغــات العمرانيــة وتشــكيل تـها ‪ .‬وفـي مجــال الجتمــاع‬ ‫يعنــي بالرتقــاء بال نـســان وسـلوكياته وعـ ادته وتقاليــده وفـي مجــال القتصــاد يعنــي تنميــة‬ ‫الدخول وتطوير العمال ال نـتاجية من أجل رفع مستوى المعيشة ‪ .‬ومن هنا يختلف مفهــوم‬ ‫‪16‬‬


‫الرتقاء باختلف التخصص ويكون الهدف هو تنمية المجتمع والفرد ‪ ،‬وبالتالي البيئة التي‬ ‫يعيش فيها ال نـسان بنشاطاته وممارسته المختلفة في ســيمفونية رائعــة متكاملــة بيــن الفكــر‬ ‫العمرانــي والجتمــاعي والقتصــادي والسياســي مــن أجــل الوصـول إلــى مفهــوم كامــل وشـامل‬ ‫لل رـتقاء‪.‬‬ ‫والرتقاء في معناه البسيط المجرد هو تحسين الوضع القــائم إلــى وضـع أفضــل منــه ويتميــز‬ ‫الرتقـــاء كأســـلوب للتعامـــل مـــع الحيـــاء الســـكنية غيـــر الرسـ مية ‪ ،‬أو المنـــاطق المتـــدهورة‬ ‫القائمة بأنه يحافظ على الكتلة العمرانية القائمة باعتبارها ثـروة قوميـة ذات قيمـة اقتصـادية‬ ‫) عطا ال ‪ ،‬هاني لويس ‪.(1992‬‬ ‫واستنبطت فكرة الرتقاء للمناطق السكنية غير الرسمية من طبيعة تكوين الليات السكانية‬ ‫للقاطنين بمناطق ساكني واضعي اليـد ‪ ،‬واسـتهدفت عمليـة الرتقـاء بـالنهوض بالمجتمعـات‬ ‫العمرانية الهامشية للستفادة منها فــي عمليــة التنميــة الشــاملة للبلد ‪ ،‬وتحســين المســتوى‬ ‫البيئي للقاطنين ‪ .‬ويمكن القول أن العديد من دول العالم الثالث اتجهت إلى ارتقاء المناطق‬ ‫السكنية المتدينة ‪ ،‬حفاظاً على الستقرار السياسي والجتماعي للبلد ) أنظر شكل ‪.(3-4‬‬ ‫وتتلخص أهداف الرتقــاء فـي التـي ‪ :‬كمشــروع للمحافظـة علـى الصـحة العامــة للمجتمــع ‪،‬‬ ‫النهوض بالمستوى القتصادي لتنمية المستعمرات السكنية غير الرس مية ‪ ،‬تحقيــق وتـوفير‬ ‫الخـــدمات والمـــان الجتمـــاعي للقـــاطنين ‪ ،‬تحويــل المســـتوطنات الســـكنية الســـرطانية إلـــى‬ ‫مستوطنات سكنية قانونية وذلك عن طريق إعطاء سند ملكية رسمي لل رـضي الواقعــة بهــا‪،‬‬ ‫وأخي ارً ارتقاء المناطق السكنية غير الرسمية يمكــن أن تــؤدي إلــى تحســين وزيـادة الوح دات‬ ‫السكنية ‪ ،‬مما يساعد على حل مشكلة إسكان محدودي الدخل‪.‬‬ ‫ومن أهم مميزات سياسة الرتقــاء والتحســين أنهــا تحــافظ علــى النظــام القتصــادي الموج ود‬ ‫بالمســتوطنات الســكنية غيــر الرس مية ‪ ،‬وتعطــي فــرص عمالــة مناســبة للقــاطنين ‪ .‬الحفــاظ‬ ‫على نظم السكان الموجودة بتلك المستوطنات السكنية أقل تكلفة ممكنة ‪ ،‬وبالتالي تســاعد‬ ‫القاطنين الحصول على أكــبر دخــل ممكــن داخــل المنطقــة الحفــاظ علــى المجتمــع مــن ناحيــة‬ ‫‪17‬‬


‫العلقات الجتماعية والتجانس بين أفراد تلك المجتمعات مما يساعد علــى عــدم تمــزق هــذه‬ ‫المجتمعات نتيجــة العشـوائية ‪ .‬تـوفر اليــدي العاملــة الرخيصــة التكلفــة للمنــاطق الصــناعية‬ ‫والتجارية ‪ ،‬وال نـشطة المختلفة المحيطة بتلك المستقطنات السكنية ‪ ،‬وبالتالي تحــافظ علــى‬ ‫وجود توفير فرص كافية للقاطنين ‪ .‬وأخي ارً ‪ ،‬تطويـع نظــم القتصــاد الهامشــي ‪ ،‬ممــا يســاعد‬ ‫على انتعاش الحالة القتصادية داخل التجمعات السكنية الل رـسمية‪.‬‬ ‫وفي نفس الوقت هناك عدة ســلبيات نتيجــة تطـبيق مبــداء الرتقــاء بالمنــاطق الســكنية غيــر‬ ‫الرسمية) ‪ (warb .p.1982,Soliman,1988‬ويمكن تلخيصها في التي‪:‬ـ‬ ‫ــــ مـــن خل لـ التجـــارب الســـابقة للقـــاطنين فـــي منـــاطق واضـــعي اليـــد ‪ ،‬أتضـــح أن القـــاطنين‬ ‫يتمتعون بالحرية التامة في نشأة المسكن ‪ ،‬طبقاً لحتياجاتهم وطبيعة البيئة الــتي يعيشــون‬ ‫فيهـــا ‪ ،‬وبالتـــالي كـــانت تلـــك المنـــاطق بعيـــدة كـــل البعـــد عـــن تـــدخل الجهـــزة الحكوميـــة أو‬ ‫المؤسســات الرس مية‪ ،‬فكــان هنــاك الحريـة الكاملــة للقــاطنين فـي تكـوين بيئتهــم ‪ .‬ولكــن مــع‬ ‫تدخل الجهات الحكومية بتلك المناطق ‪ ،‬سلب هؤلء القاطنون جزء مــن الحري ة فـي تكـوين‬ ‫مجتمعهم‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫الرتقاء بمناطق السكان غير الرسمي‬

‫على النطاق القومي‬

‫المحافظــــــة علــــــى الســــــتقرار‬ ‫السياسي والجتماعي للبلد‬

‫على النطاق المحلي‬

‫النهوض بمجتمع قائم‬

‫المحافظـة علـى البيئـة وبالتالـي‬

‫تنمية المجتمع اقتصاديا‬

‫على صحة وسلمة الجميع‬

‫القضاء عل ل ل ل ل ل ل ل ل للى الرمراض‬ ‫الرمعدية والرمزرمنة‬

‫تنميــــــة المجتمــــــع مــــــن خل لـ‬ ‫خدمات اجتماعية‬

‫خلــق بيئــة مناســبة‬

‫رمحاولللة تحقيللق تجانللس‬

‫توعيـــــــــــة دينيـــــــــــة‬

‫للجميع‬

‫اجترماعي للقاطنين‬

‫وتعليمية وثقافية‬

‫توجي ل ل ل ل ل لله التقتص ل ل ل ل ل للاد‬ ‫الهاشرمي‬

‫‪19‬‬

‫فتللح رمجال ت اتقتص للادية‬ ‫جديدة‬

‫القضاء عللى البطاللة بتقييلم‬ ‫استغل ل الرموارد البشرية‬


‫ـ مع تطبيق سياسة الرتقاء ‪ ،‬يتم تحويل المنـاطق السـكنية غيـر الرس مية مـن منـاطق غيـر‬ ‫قانونية إلى مناطق قانونية ‪ ،‬إلى أن تطبيق تلك التحول التشريعي يتطلب من القاطنين دفع‬ ‫مبـــالغ باهضـــة للحصـــول علـــى الملكيـــة القانونيـــة لل رـض ـ ي ‪ ،‬وتحمـــل تكـــاليف الخـــدمات‬ ‫المستحدثة ‪ ،‬ولمن غالبية القاطنين ليس عندهم القدرة على تحمل تلك التكاليف ولـذا ‪ ،‬يتــم‬ ‫استبعاد معدومي الدخل من بين القاطنين من الحصول على الخدمات وفي كثر من الحيان‬ ‫يتم هجرة أفقر طبقة من القاطنين خارج مناطق الرتقاء )‪.(peattie,L1982‬‬ ‫ـ مبدأ المشاركة في عملية الرتقــاء ليســت متجانســة كمــا يحــدث فــي منــاطق واضــعي اليــد ‪،‬‬ ‫حيث يفرض على القاطنين ‪ ،‬سياسية معينــة وثابتــة فـي سياســة الرتقــاء بالنســبة للمنــاطق‬ ‫الخاصة بهم‪.‬‬ ‫ـ مع تطبيق سياسة الرتقاء والتحسين يتم تعديل إواعادة تخطيط المنطقة المراد الرتقاء بها‬ ‫‪ ،‬مما يؤدي إلى إزالة العديد من المباني للوصول إلى التخطيـط المقــترح مــن الجهـة المنفــذة‬ ‫للمشــروع ‪ .‬ممــا ينتــج عنهــا إلــى تهــدم بعــض البنيــة وانتقــال قاطنيهــا إلــى مواقــع أخــرى ‪،‬‬ ‫وبالتالي يؤدي إلى تشويه المنطقة ككل‪.‬‬ ‫‪ 4-2-7‬برامج مواقع وخدمات ) ‪:(Sites and Servies programmes‬‬ ‫نتيجــــة لفكــــار جــــون تيرنـــ ر) ‪ (johh Turner,1976‬وتشــــارلز أبراهــــامز )‪Charles‬‬ ‫ع رـفـ ت ببرنامــج مواقــع وخـدمات )‪Sites‬‬ ‫‪ (Abrams.1964‬بــدأت تظهــر سياســة جديــدة ‪ُ ،‬‬

‫‪ (and Services‬مــن أجــل تلبيــة الحاجــات الحاليــة والمســتقبلية لمواجهــة الطلــب المتزايــد‬ ‫على الوحدات السكنية للطبقات محدودي الدخل بالمناطق الحضرية في البلدان النامية‪.‬‬ ‫وتعتمد هذه الفلسفة على توفير قطع الراضي الل زـمة للفقراء الحضر مع توفير الحد الدنى‬ ‫من الخدمات المختلفة لتلك المواقع وقد تم القبال على تلك الفكرة من البلدان النامية ليواء‬ ‫الفقــراء الحضــر وســاندت الفكــرة الجهــات المانحــة ووكالــة العــون المنظمــات الدوليــة فــي‬ ‫العتماد على تلك الفلسفة ‪ ،‬على حل جزء من مشاكل السكان في العالم الثالث‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫واســتمرت تلــك الفكــرة ســائدة ‪ ،‬لفــترة ليســت بقصــيرة فــي معظــم دول العــالم الثــالث‪ ،‬وذلــك‬ ‫بالعتماد على الجهود الذاتية للقاطنين ‪ ،‬في بناء مساكنهم بأنفســهم ‪ ،‬بعــد تزويـدهم بقطــع‬ ‫الراضي ‪ .‬واستندت هذه الفكرة على استغل لـ الطاقات الجديدة والمتجــددة فــي المســتوطنات‬ ‫البشرية غير الرسمية ‪ ،‬في التشييد إوانتاج مواد البناء حيث الهدف منها تقليل الحــد الدنــى‬ ‫من تكاليف الوحدة السكنية إوانشـاء عـدة مراكـز للتـدريب لتطـبيق هـذه الفكـرة وح ل المشـاكل‬ ‫المتعلقة بالراضي والتمويل المادي ‪ ،‬وقد تم حصر الراء والبحوث والتجارب لهذه الفكرة‪.‬‬

‫ضمن إطار ثلث محاور رئيسية‪:‬‬ ‫ــ خلــق أشــكال البنــاء والســكن فــي البنيــة الســكنية الصــحية والصــحيحة لتكــون ضــمن إطــار‬ ‫التنمية الحضرية والقليمية على مستوى مستوطنة ومدينة وقرية‪.‬‬ ‫ـ ـ تــوفير الم ـوارد ذات الصــلة بالســكان والهياكــل الساســية والم ـواد والتقنيــات بأقــل تكلفــة‬ ‫ممكنة‪.‬‬ ‫ــــ تكـــوين مؤسســـات وسياســـات الســـكان ‪ ،‬قـــادرة علـــى تـــوفير الطاقـــة المـــؤثرة والتركيبـــات‬ ‫المؤسســية والداريـة وربطهــا بــالتعليم والتمويـل ‪ ،‬بمــا فــي ذلــك تــوفر القــدرة الماليــة وآليــات‬ ‫التكلفة واللية المالية للقاطنين‪.‬‬ ‫وأســتمر البــاحثون طيلــة الربعــون عام ـاً الماضــية يقــدمون حلــوًل ل بديلــة تعطــي جميعهــا‬ ‫أهمية خاصة للبناء الذاتي والشراكة الشــعبية ‪ .‬وتبنــت منظمــة المــم المتحــدة للمســتوطنات‬ ‫البشـــرية ) المؤئــل( )‪ (Unchs-Habitat‬برنامـــج المواقـــع والخـــدمات ‪ ،‬مـــن أجـــل تلبيـــة‬ ‫الحاجــات الحاليــة والمســتقبلية للفق ـراء والحضــر ‪ ،‬الــذين يتزايــدون باســتمرار نتيجــة الهجــرة‬ ‫المتزايدة إلى المناطق الحضرية‪.‬‬ ‫واعتمـــدت تلـــك الفلســـفة علـــى عـــدة أســـس أوًل ‪ ،‬اســـتخدام إمكانيـــات إوادخـــار واســـتثمار‬ ‫)الوقت ‪ ،‬المال المهارة) الطبقــات الفقيــرة بمنــاطق واضــعي اليــد ‪ .‬ثانيــا ‪ ،‬تنشــيط جــزء مــن‬ ‫القطـــاع الخـــاص غيـــر المخطـــط ومســـاعدته علـــى تجـــاوز مرحلـــة التســـويق علـــى مســـتوى‬ ‫المؤسســات والصــناعات الصــغيرة ‪ ،‬وتـوجيه العائــد إلــى اســتثمار مــوجه وقـانوني ‪ .‬ثالث ـاً ‪،‬‬ ‫‪21‬‬


‫إيجاد مناخ من الثقة بيــن مختلــف الطــرف ) الجهــات الحكوميــة ــ الخصــائيين ــ القــاطنين(‬ ‫لتطبيق منهج الشراكة الشعبية في السكان ‪ ،‬باعتباره ا أحـد التقنيـات الـتي يمكـن الحصـول‬ ‫على أفضل عائد ممكن من الناس الذين يعيشون في مناطق تبدو فيها السلطات عاجزة‪.‬‬ ‫رابعًا‪ :‬تنشيط العلقات الحسنة بين المشاركين في صــورة برنامــج المســاعدة المتبادلــة ومـن‬ ‫ثم تحقيق النجاح للبناء بالجهد الذاتي ‪ .‬لو تـوافرت الكافيــة بمــا يجــب أن يفعلـوا لكــي يتقــدم‬ ‫المشروع في هذه الحالة يمكن للفراد الذين يعملون إطلقاً فــي مجــال البنــاء ‪ ،‬بمــا فــي ذلــك‬ ‫النساء ‪ ،‬بالجهد الذاتي يكون هناك بعض العمال المهرة كقوة عمل مساعدة أثناء فترة تنفيذ‬ ‫المشروع‪.‬‬ ‫خامسًا‪ :‬وحتى يتم نجاح البناء بالجهد الذاتي فل بد من إدارة فنية للمشروع قادرة على ربـ ط‬ ‫سلسلة من العمل بين المستفيدين وبين الجهــات المســؤولة ‪ ،‬حيــث أن تلــك الدارة تســتطيع‬ ‫توجيه إوارشاد المستفيدين فـي عمليـات البنـاء المختلفـة ‪ ،‬بـل وتكـوين مسـئولة عـن تقسـيم‬ ‫المشاركين إلى فرق عمل وتزويـدهم بالمعرف ة التقنيــة الل زـم ة ويقتضــي المشــروع وتنفيــذه‪،‬‬ ‫توزيع المسئوليات مع السلطات والهيئات الخاصة والمستفيدين من المشروع ‪ ،‬ممثليــن فــي‬ ‫اتحـادائهم وتنظيمـاتهم ‪ ،‬فيحـدد شـراء الراضـي والقـوانين الـتي تتحكـم فـي الملكيـة العقاري ة‬ ‫والبنـــاء واختيـــار المســـتفيدين وتغطيـــة الحتياجـــات الحاليـــة ‪ ،‬والـــبيع أو إجـــراءات إخلء‬ ‫المســتأجرين ‪ .‬كمــا يعــد ــ الدارة الفنيــة ــ إنشــاء وح دات إداريـة مــن قبـل الحكومـة المركزيـة‬ ‫والدارات المحلية التي تتولى على وجه الخصوص إدارة مشاريع خدمات ومواقع‪.‬‬ ‫سادســــا‪ :‬تــــدخل الجهــــات الحكوميــــة )‪ (Government Intervention‬أمــــ ارً ضــــرورياً‬ ‫لضــفاء صــفة الشــرعية علــى ســكان واضــعي اليــد ‪ ،‬إذا أن المبــادرات الخاصــة بالتنظيمــات‬ ‫الدينيــة والجمعيــات الخيريـة والتنظيميــة المحليــة لواضــعي اليــد ل يتــوفر لي منهــا الوسـائل‬ ‫الكافية لمواجهة تحديات الفقر في هذه المناطق ‪ .‬الجهات الحكوميـة ‪ ،‬هـي الجهـة الوحيـدة‬ ‫القادرة على تزويد فقراء الحضر ـ لتطبيق سياسة مواقع وخدمات ـ بالخدمات الساسية مثــل‬ ‫المياه ـ الكهرباء ـ المجاري ـ وهي خدمات ل يتســطيع الفقـراء أنفســهم توفيره ا ‪ ،‬وذلــك ل نـهــا‬ ‫‪22‬‬


‫تحتــاج مبــالغ طائلــة ‪ ،‬وفـي نفــس الــوقت ‪ ،‬تحتــاج إلــى تقنيــات عاليــة لتوفيره ا ‪ .‬الجهــات‬ ‫الحكوميـــة ‪ ،‬يمكـــن أن تـــوفر المكـــون الرئيســـي للمســـكن ‪ ،‬وهـ و الراضـــي الل زـمـ ة ل نـشـــاء‬ ‫الوحدات السكنية عليها ‪ ،‬حيث أن الدولة تحتكر وتتحكم فــي الملكيــة القعاريـة لل رـض ي فــي‬ ‫البلد وتعتبر أرض البناء مقوماً أساسياً لن وجودها يعني التغلب على العقبات التي تعــوق‬ ‫السر الحضرية الفقيرة عن تحسين ظروفها المعيشــية مــن جهــة ‪ ،‬وتســمح بتكلفــة أقــل مــن‬ ‫إنشاء الخدمات الساسية التي ل يمكن إيجادها بمثل هذه السرعة وبمثــل هــذه التكلفــة ‪ ،‬إذا‬ ‫حاولت السر بمفردها تهيئة هذه الخدمات من جهة أخرى ويعتبر المداد بالميــاه والتخلــص‬ ‫من الفضلت الدمية ‪ ،‬إوانشاء الطرق الرئيســية المؤديــة لهــذه المنــاطق‪ ،‬مقومـات أساســية‬ ‫أيضـاً سـواء بالنسـبة للسـكان أو بالنسـبة للخـدمات العامـة ) المطـافئ ــ الشـرطة ــ وخ دمات‬ ‫جمع القمامة(‪.‬‬ ‫وتـم تقييــم وتقــويم سياســة خــدمات ومواقــع فــي العديــد مــن مــدن دول العــالم الثــالث وأتضــح‬ ‫وجود عدة صعوبات تقابــل هــذه السياســة ‪ ،‬مــن حيــث المشــاكل الداريـة والماليــة ‪،‬وصـعوبة‬ ‫الهياكل القانونية والبيروقراطية بالضـافة إلــى ذلــك ‪ ،‬لـم تتمكـن أي مـن الـدول الناميــة علـى‬ ‫وجـه التحديــد مــن المتابعــة أي مــن القطــع أو المواقــع الــتي تقــع فــي نطــاق يكــاد يــدنوا مــن‬ ‫احتياجــات الســكان ‪ .‬وعمليـاً ترت ب علــى اعتمــاد هــذا النهــج عقبــة مكلفــة وواضــحة تــأثرت‬ ‫بمشاكل المستوطنات البشرية غير المحيطية أو يمكن تلخيص تلك العقبات كال تـي‪:‬ـ‬ ‫ـ تواجه الهيئات المعنية بسياسة خدمات ومواقع ‪ ،‬بعقبــات ماليــة خطيــرة ‪ ،‬حيــث ل تســتطيع‬ ‫تغطية نفقات المشروع حسب ماكان مخطط له وفي نفس الـوقت تقـل ال نـجـازات مـن ناحيـة‬ ‫العدد ) عــدد المسـاكن المنتجـة سـنويًا( عــن الطلـب الــذي يمكـن تغطيتــه وهكــذا فــإن الفئــات‬ ‫الــتي ل يمكنهــا دفــع المســتحقات ‪ ،‬ل يســتطيعون حــتى أن يــأملوا فـي أن تصــل إليهــم برامــج‬ ‫الخدمات والمواقع‪.‬‬ ‫ــ انخفــاض مســتوى الــدخل لمعظــم الســر الحضــرية الفقيـرة ‪ ،‬إوانفــاقه فــي المقــال الول عــن‬ ‫المآكـــــل والملبـــــس ‪ ،‬فـــــإن هـــــذه الســـــر ل تتمكـــــن مـــــن دفـــــع المبـــــالغ المطلوبــــة منهـــــم‬ ‫‪23‬‬


‫) لشراء الرض أو تكلفة الخدمات أو كليهمــا معـًا( فــي برامــج خــدمات مواقــع الــتي تقــدمها‬ ‫الهيئات البنائية العامة رغم كونها أقل في ســعرها مــن تلــك الــتي تعرض ها الهيئــات الخاصــة‬ ‫وأقــل مــن المســكن المكتمــل التشــطيب ونتيجــة لــذلك خــروج الفئــة الكـــثر فق ـ ارً مــن مخطــط‬ ‫خدمات ‪ ،‬تاركين أماكنهم ـ في نظير مبالغ متفق عليها وغالباً ما يطبق مبـدأ "إمـا كـل شـيء‬ ‫أوًل أو ل شــيء علــى الطل قـ ‪ ،‬حيــث إذا لــم تســتطيع الســر دفــع تكــاليف الســكان شــبه‬ ‫المخطط ‪ ،‬فهي تستبعد فو ارً من التمتع بهذا البرنامج ‪ .‬ومن ناحية أخرى تلك البرامــج ًتمنــع‬ ‫القاطنين بالمساكن القديمة عمل أي تحسين أو إضافات قد تبدو مناسبة إذا مــا ارتفــع دخــل‬ ‫السرة أو عدد أبنائها ‪ ،‬إل بعد دفع فاتورة الخدمات الخاصة ‪ ،‬أو خاصة بتحســين الخــدمات‬ ‫بالمنطقة‪.‬‬ ‫ــ أفــترض فــي برامــج خــدمات ومواقــع ‪ ،‬إن آليــات الســكان الموجـودة بمنــاطق واضــعي اليــد‬ ‫ســوف تســمر تعمــل بنفــس الليــة وبنفــس الســرعة ‪ ،‬ولكــن معظــم مشــاريع شــبه المخطــط‬ ‫اختلفت آلياته عن ما كان متوقع أن يحدث حيث أن التغيير العميق في المواقف المختلفة )‬ ‫دفع مقدم للحصول على قطعة أرض ـ دفع تكلفة أوليـة للمرافـق دفـع أقسـاط شـهرية لتغطيـة‬ ‫باقي تكلفة الرض ‪ ...‬الخ( أدى إلى أن يفرض التغير الطبيعي نفسه ‪ ،‬ممــا أدى إلــى خلــق‬ ‫عقبات مالية للقاطنين ‪ ،‬وهذا ما أدي إلى "مصـيدة الهيكـل المـالي " بـالرغم مـن إنشـاء عـدد‬ ‫المؤسســات والبرامــج التموليــة فــي معظــم دول العــالم الثــالث ‪ ،‬لتلبيــة الحتياجــات التموليــة‬ ‫للفق ـراء الحضــر ‪ ،‬ولكــن فــي أغلــب الحــالت ‪ ،‬وتبعـاً لضــآلة دخــول الســكان ‪ ،‬يكــون المبلــغ‬ ‫المدخر محدوداً جــداً ‪ .‬ويمكــن القـول أن نظــم تمويـل الســكان هــي فــي الواقــع نظــم حســابية‬ ‫نظرية ‪ ،‬إوانها ل تستجيب إل لمطالب نسبة محدودة من السكان‪.‬‬ ‫ـ إن البناء الـذاتي لــم يعمـل "بالشـكل الـذي رس م لــه ‪ ،‬حيـث اعترض ت هـذه السياســة عقبـات‬ ‫ســيكولوجية وماديــة لــدى فق ـراء الحضــر ‪ ،‬فكــثير مــن النــاس يــروا أن فــي صــورة المبــاني‬ ‫الحديثة على غرار نمط المجتمعات الســكنية الكــبيرة ‪ ،‬تعتــبر علمــة علــى تحــديث مجتمعهــم‬ ‫وتقديمه ولذا لجأ عدد كبير مــن القــاطنين بالبنــاء بالخرس انة المســلحة ‪ ،‬ممــا اســتلزم مهــارة‬ ‫‪24‬‬


‫فنيــة لقامتهــا ‪ ،‬وبالتــالي فقــد مبــدأ البنــاء الــذاتي قيمتــه أو تحــول إلــى الش ـراف الــذاتي أو‬ ‫مباشرة لجميع مراحل البناء من قبل المل كـ‪.‬‬ ‫عدم تجانس المل كـ الجدد ‪ ،‬حيث تم اختيار القــاطنين الجــدد تبعـاً للعديــد مــن المعــايير دون‬ ‫مراعاة التجانس الجتمـاعي والطبقـي لتلــك الفئـة الجتماعيـة ممـا أثـر علــى طريقــة التفـاهم‬ ‫والمعاشــرة فيمــا بينهــم ‪ ،‬وبالتــالي أثــر علــى مبــدأ الش ـراكة الشــعبية وأصــبح القــاطنين بتلــك‬ ‫المناطق من عدة ثقافات وعادات مختلفة ل تمط بعضها ببعض بصلة مشتركة‪.‬‬ ‫ـ ـ تتــداخل الجهــات المســئولة عــن المشــروعات شــبه المخططــة فــي العامــل الزمنــي ل نـهــا‬ ‫الوحدات السكنية ‪ ،‬أو وضع شروط بنائية متعنتة تجاه المل كـ الجدد في اســتكمال وحـداتهم‬ ‫السكنية ‪ ،‬وبالتالي سلب تلك الجهات المسئولة ‪ ،‬مبدأ الحريـة فـي بنـاء القـاطنين لوح داتهم‬ ‫السكنية طبقاً لظروفهم المالية والجتماعية‪.‬‬

‫‪ 4-3‬تناول المشكلة من خل لـ الستراتيجية العالمية للمأوى‪:‬‬ ‫في الونة الخيرة ‪ ،‬تركز الهتمام بالبحاث والدراسات في عــدة معاهــد ومـدارس متخصصــة‬ ‫في الســكان والمســتوطنات البشــرية للوصـول إلــى الســتراتيجية موح دة لتغطيــة متخصصــة‬ ‫فــي الســكان بــدول العــالم الثــالث وتوصـل مرك ز المــم المتحــدة للمســتوطنات البشــرية ‪ ،‬إن‬ ‫المستقطنات الهامشية ليست " هوة بل قاع" والحل لهذا التناقض الظاهري يكمن فــي تطــور‬ ‫المسـتوطنات البشـرية ‪ ،‬الـذي أتخـذ منـه فيمـا بعـد السـتراتيجية العالميـة للمـأوى حـتى عـام‬ ‫‪2000‬م‪.‬‬ ‫ولتطبيق سياسة الستراتيجية العالمية تتطلب العمل خل لـ إطارين‪:‬‬ ‫أوًل‪ :‬هو فهم ما تنطوي عليه المستوطنات البشرية من أهمية على أرفع مســتوى حكــومي )‬ ‫دور كل مســتوطنة فــي التنميــة القوميــة للبلد( وتعبئــة المـوارد إواعــداد اســتراتيجية تنســيقية‬ ‫تشـــمل جميـــع قطاعـــات المجتمـــع الحكومـــاتي المعينـــة والمحليـــة والمؤسســـات الماليـــة ‪،‬‬ ‫الجامعات القطاع الخاص وقطاع المجتمع المحلي ‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫ويمكن ضمن هذا الطار دون غيره فهم وتطــبيق بعــض المفــاهيم البتكاريـة وذات مضــمون‬ ‫مميز لمفهوم "التنمية القابلة للدارة" وقد كانت الستجابة مشجعة للغاية تجاه الستراتيجية‬ ‫العالميـة وخطـة عملهـا اللـتين أقرتهمـا الجمعيـة العامـة للمـم المتحـدة بالجمـاع فـي شـهر‬ ‫ديسمبر ‪ 1988‬غير أن الختيار الحقيقــي الــذي ينبغــي لهــا اجتيــازه يتمثــل فــي تأييــد ودعــم‬ ‫المجتمع الدولي والجهات المانحة والمتلقية على حد سواء‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬السؤال الساسي والمباشر يكمن في كيفية إنتاج المــأوى والهياكـل الساســية للسـكان‬ ‫الوافــدين إلــى مــدن العــالم النــامي الــذي يقــدر عــددهم بــأربعين مليــون نســمة ســنوياً وليســت‬ ‫الستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام ‪ 2000‬سوى مسعى يرمى إلى تطبيق تلك المفاهيم‬ ‫الجديــدة والنهــج الســتراتيجي لكـــثر احتياجــات المســتوطنات الخارجيــة البشــرية وضـوحاً‬ ‫وفوريــة فالســتراتيجية فــي صــميمها تســعى إلــى تمكيــن تعبئــة الم ـوارد البشــرية والماليــة‬ ‫الداخلية في حين أنه في استطاعة المعونات الخارجية ) ول سيما القروض( ـ بلغت الديون‬ ‫الخارجية لمصر حتى عــام ‪1992‬م ‪ 40 ،‬مليــار دولر ــ علــى المــدى الطويـل زيـادة تــدهور‬ ‫مستوى المديونية وهو الوضع المناقض للوضع الذي تسعى البلدان الُم دـيونة إلى بلوغه‪.‬‬

‫إن الستراتيجية تقدم فرص ممتازة لتوليد الليات مــن أجــل الحصــول علــى اســتجابة داخليــة‬

‫للطلــب المتعلــق بالمــأوى ‪،‬كمــا ويتناســب قطــاع الي ـواء مــع إســتراتيجيات الستعاضــة عــن‬ ‫الســتيراد بغيــة التقليــل مــن الـواردات المكلفــة وغيــر الضــرورية وتعزيـز الصــناعات المحليــة‬ ‫وتطــوير لتكنولوجيــا ومـ وارد البنــاء وتقنيــات التشــييد الــتي تتماشــى مــع الشــروط والظــروف‬ ‫المحلية ول يصح ذلك نظرياً فحسب إوانما من حيث التطبيق أيضًا‪.‬‬ ‫‪ 4-3-1‬إدارة المستوطنات البشرية ) ‪:(Human Settlements Administration‬‬ ‫إن " الدارة ضـــمن إطـــار المســـتوطنات البشـــرية هـــي ‪ ،‬مجموعـ ة مركبـــة مـــن الجـــراءات‬ ‫والعمال المتضمنة في عمليات تخطيط وبرمجــة وتنميــة المســتوطنات وتشــغيلها وصـيانتها‬ ‫فل تعمــل الدارة الكفــء للمســتوطنة علــى تحســين الوضـاع المعيشــية للقــاطنين فحســب ‪،‬‬ ‫إوانما تسهم أيضاً في تعزيز القدرات ال نـتاجية من خل لـ تأمين الخــدمات الساســية وترس يخ‬ ‫‪26‬‬


‫الروابط القتصادية ‪ ،‬ولذا كان لدارة المستوطنات البشرية دور مباشر في تحقيــق الهــداف‬ ‫القتصادية الوطنية‪.‬‬ ‫إوالــى جــانب ذلــك يمكــن رؤيــة إدارة المســتوطنات البشــرية ‪ ،‬بوصــفها إدارة تشــمل الغايــات‬ ‫المحليــة للنمــو القتصــادي وتســاعد بعــض خطــط التنميــة المحليــة فــي توليــد فــرص العمالــة‬ ‫لتعمــل علــى تحســين الــدخول ممــا يــؤدي إلــى زيـادة المـوارد المتاحــة للســتثمار الخــاص أو‬ ‫للستثمار العام المتولد عن الضرائب ‪ ،‬وبالتـالي تتسـع المجـالت أمـام النهـوض بمسـتويات‬ ‫السرة والمجتمع المحلي‪.‬‬ ‫غير إن الدارة المنهجية البشرية ما زالت غير معروفة في معظــم مــدن العــالم الثــالث ‪ ،‬ولـذا‬ ‫تناول العناصر المختلفة لتشغيل المسـتوطنات بوصـفها مســائل قطاعيـة مسـتقلة‪ ،‬فـي حيـن‬ ‫يعالج التنسيق الشامل تأسيساً على الستجابة لل زـمات بعد حلوها ول يوجد سوى محــاولت‬ ‫قليلة في مجال التخطيط المسبق أو التوزيع الموجه للموارد‪.‬‬ ‫ففي الواقع ما زالت غايــات التخطيــط الفيزيقــي ومـا يرم ي إلــى تحقيقــه غيــر مفهــومه وكـذلك‬ ‫التقنيات المتاحة لتطبيق نهج التخطيط في مجال إدارة المستوطنات في حالة غموض يخيل‬ ‫لصــانعي القــ اررات فــي أغلــب الحــالت ‪ ،‬أن مجــال تركيــز التخطيــط يقتصــر علــى الجــوانب‬ ‫المادية لتنمية المستوطنات مشي ارً بشــكل رئيسـي إلــى التوزيـع المنشــود لســتعمال الراضــي‬ ‫وشبكات النقل وهو ما عرف فيما بعد بالمخطط ال زـرق‪.‬‬ ‫وقد شاع هـذا النمـط التقليـدي مـن التخطيـط فـي دول العـالم الثـالث ‪ ،‬وأعيـد زرع ه فيهـا بعـد‬ ‫اســتيراده مــن المملكــة المتحــدة وبلــدان أوروبيــة وعربيــة أخــرى‪ ،‬فــي أعقــاب انتهــاء الحــرب‬ ‫العالمية الثانية ‪ ،‬وذلك عندما وج د فـي التخطيـط المرك زي العلج الرئيسـي لجميـع النـواقص‬ ‫الناشئة عن حـال المدينـة فـي المرحلـة السـابقة للحـرب غيـر أن هـذا النـوع مـن التخطيـط لـم‬ ‫يلبث عن فعالية إطلقاً لفتقاره للقــدرة علــى التحكــم بالعوامــل المســاهمة فــي إحــداث التغييــر‬ ‫فـالتخطيط والمشــاريع كــانت تعـد وترس م مـن قبـل مجموع ات أكاديميــة ‪ ،‬وأخـرى عاملـة لـدى‬ ‫وكالت التخطيط ‪ ،‬التي تفتقر إلى صلحية صنع القـ اررات إوالــى التــأثير علــى القــوى القائمــة‬ ‫‪27‬‬


‫على بناء المستوطنة ‪.‬فهذه الخطط العمرانية ‪ ،‬على الرغم من مســتواها التقنــي المصــقول ‪،‬‬ ‫غيــر أنهــا لــم ترتبــط إل بصــلت واهيــة بــالواقع القتصــادي والجتمــاعي ‪ ،‬ولـم تشــمل علــى‬ ‫التمهيد للستشارات العامة ‪ ،‬كما ولم تقم بتوفير الوسائل المناسبة للتنفيذ‪.‬‬ ‫غير أن الخطط التقليدية أسهمت ـ بالرغم من خيبة المل واكبت نتائجهاـ في توضـيح مســار‬ ‫عمل المستوطنات الفردية ‪ ،‬إوادراك حدة مشاكلها ‪ ،‬والتعرف إلى الفرص التي توفره ا لعمليــة‬ ‫التنميــة ‪ .‬وفـي الحــالت الــتي أثبتــت فيهــا تنظيــم اســتعمالت الراضــي عــن فعاليــة ‪ ،‬تمكــن‬ ‫التخطيـط المـادي مـن ضـمان درج ة مـن النظـام فـي نمـو المسـتوطنة ومـن تطـوير التغييـرات‬ ‫غير المستهدفة ويعتبر إخفاق الخطط في إنجــاز بعــض المهــام وفـي تحقيــق أهــداف لــم تعــد‬ ‫من أجلها كتأمين النوعية الجيدة للمعيشة بالنسبة لجميع قاطني المستوطنات‪.‬‬ ‫النمـــو الســـريع وغيـــر المخطـــط للمســـتوطنات يعتـــبر مـــن الســـباب الـــتي أدت إلـــى الـــتراجع‬ ‫الملموس عن اعتماد التخطيط التقليدي للمستوطنات من قبل مقـرري السياســات والمهنييـن‬ ‫وذوي الختصاص‪.‬‬ ‫وبانحسار القبال على التخطيط الرئيسي ‪ ،‬تركز الهتمام في الكثير من دول العالم الثالث ‪،‬‬ ‫في العتماد على تطوير المستوطنات كإجراء لتطويق ال زـمة إوانتاج قطع المواقع والخدمات‬ ‫مــن أجــل تلبيــة احتياجــات فق ـراء الحضــر ‪ .‬ولســوء الخــط ‪ ،‬اتضــحت درج ة صــعوبة تــذليل‬ ‫المشــاكل الداريــة والماليــة المتعلقــة بتطــوير المســتقطنات ‪ ،‬والمشــاكل المرتبطــة بــالطرق‬ ‫القانونية والبيروقراطية في غالبية دول العالم الثالث‪.‬‬ ‫إواضــافة إلــى ذلــك ‪ ،‬لــم يتمكــن أي مــن الــدول الناميــة علــى وج ه التقريـب ‪ ،‬مــن إنتــاج قطــع‬ ‫المواقع والخدمات ذات الكلفة التي تقع ضمن المقدورية الماليـة علـى نطـاق يكـاد يـدنوا مـن‬ ‫احتياجات السكان وعليه ترتب على اعتماد هذا النهج عقبة مكلفة وواضحة تدثرت بمشاكل‬ ‫المستوطنات البشرية التي تقوم بها البرامج الحالية بتلبيتها‪.‬‬ ‫ل على نفــس درج ة الهميــة مثــل المـوارد البشــرية والطبيعيــة ‪،‬‬ ‫وقد أصبحت المعلومات مدخ ً‬ ‫والمالية ‪ ،‬في تنمية القتصاديات الحديثة ‪ .‬إن المعلومات بما لها من قيمة كسلعة أساســية‬ ‫‪28‬‬


‫وحـدها ‪ ،‬تنفــع أيض ـاً كمــدخل فــي إنتــاج مزيـد مــن الســلع والخــدمات التقليديــة والمعلومـات‬ ‫كعامل من عوامل ال نـتاج ‪ ،‬تزيد من ال نـتاجية وتخفض التكاليف ) دوريات تريب ‪.(1995‬‬ ‫ويؤكـد تقريـر قريـب العهــد أصــدرته اللجنــة القتصــادية لفريقيــا ‪ ،‬أن نقــص البيانــات الــتي‬ ‫تصف حالت ديمغرافيـة ‪ ،‬واجتماعيــة ‪ ،‬وبيئيــة ‪ ،‬واقتصـادية ‪ ،‬قـد عرق ل بدرج ة خطيـرة إدارة‬ ‫التنمية والخفاق في معالجة نقص البيانـات ل يـؤدي إلـى إبطـاء التنميـة القتصـادية فقـط ‪،‬‬ ‫بل يزيد أيضاً من الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة‪.‬‬ ‫ويقدر الخبراء الستشــاريون فــي مجــال المعلومـات أن مشــتريات التكنولوجيــا ل تمثــل ســوى‬ ‫نحو ‪ 20‬في المائة من التكلفة الجمالية لنظام المعلومـات ‪ .‬وذلــك بســبب تكــاليف التــدريب‬ ‫والتنفيذ وقد تتضاعف مثل هذه التكاليف ‪ ،‬ول سيما في المنـاطق الناميـة حيـث ثـم الشـروع‬ ‫في مشروعات متعددة تستخدم نظم للحواسب مختلفة المستويات‪.‬‬ ‫ل أن يعمــل عصــر المعلومـات علــى خلــق قــوى عاملــة مــن‬ ‫إواضــافة إلــى ذلــك ‪ ،‬يبــدو محتم ً‬ ‫طبقتين ‪،‬عمال ذوو مستوى عـالي مــن المعرف ة‪ ،‬ومحللـون ‪ ،‬ومنشــئو المعلومـات ‪ ،‬وطبقـة‬ ‫أدنــى مــن الطبــاعين علــى اللــة الكاتبــة ‪ ،‬ومجهــزي البيانــات والممكنيــن ‪ .‬ويبشــر التقســيم‬ ‫الناتــج عــن ذلــك بتســطيح التــدرج الهرمـ ي الســابق للعمــل ويخلــق تحــديات إداريــة جديــدة‬ ‫) دربارد تريب ـ ‪.(1995‬‬ ‫والواقــع أن القطــاع العــام هــو أكــبر جــامع للبيانــات بشــأن كافــة أنـواع ال نـشــطة الجتماعيــة‬ ‫ل عــن المعلومـات الطبيعيــة والديموغرافيــة ‪ .‬وع ن طريـق تشـجيع النشــر‬ ‫والقتصادية ‪ ،‬فضـ ً‬ ‫الحــر لمثــل هــذه المعلومـات ‪ ،‬تتـوفر للحكومـات وسـيلة فعالــة ُتحســن بهــا قــدرة اقتصــادياتها‬ ‫على المنافسة‪.‬‬ ‫أمــا بالنســبة للنطــاق المــالي والتمــويلي ‪ ،‬فقــد تــم اســتنباط نهــج جديــد إزاء تنظيــم التمويـل‬ ‫المحلــي ‪ ،‬وذلــك عــن طريــق إدخــال وتطــوير بعــض الســتراتيجيات الماليــة المبتكــرة الــتي‬ ‫بوسعها أن تحسن الدارة الحكومية والتمويل المحليين ‪ ،‬وينطوي معظم هــذه الســتراتيجيات‬

‫‪29‬‬


‫علــى مشــاركة القطــاع الخــاص والمجتمــع المحلــي فــي إدارة وتنظيــم المشــاريع ) لونـدرنو‪،‬‬ ‫مونيكا راميرز ـ ‪.(1995‬‬ ‫هناك ثلث مجالت رئيسية يكمل فيهــا القطاعــان العــام والخــاص بعضــها الخــر ‪ ،‬وه ي مــن‬ ‫وجهة النظر القتصـادية ‪ ،‬يسـاعد السـتعمار العـام فـي مجـال البنيـة الساسـية الجتماعيـة‬ ‫) أي في مجال الصحة والتعليم ( ‪ ،‬والحضرية ‪ ،‬في تنشيط إنتاجية القطاع الخاص ‪ ،‬وكلما‬ ‫كان الستثمار العام هادفاً ‪ ،‬كلما تعاظم أثره من حيث النمو القتصادي‪.‬‬ ‫ـ التكامل بين التمويل الـذي يقـوم بـه كـل مـن القطـاعين العـام والخـاص ‪ ،‬عنـدما يتـولى دفـع‬ ‫تكاليف مشروع يعتبر من قبيل الستثمار المشترك ‪ ،‬أو يساعد على مضــاهاة العتمــادات ‪،‬‬ ‫أو يســتخدم فــي برامــج الخصــخية‪ .‬وفـي مثــل هــذا الحــالت ‪ ،‬تســتخدم الم ـوارد العامــة رأس‬ ‫المال الخاص كقوة فعالة ‪ ،‬وغالباً ما يفضي هذا إلى تحسين كفاءة هذا الســتثمار والغــرض‬ ‫منه‪.‬‬ ‫مشــاركة المجتمعــات المحليــة فــي المشــاريع الصــغيرة ‪ ،‬ويقــوم المجتمــع المحلــي بتصــميم‬ ‫وتخطيط المشروع ‪ ،‬ويوفر له العمالة أو يشــرف علــى اسـتخدام المـوال العامــة وعلــى الرغ م‬ ‫من أن تأثير التمويل العام على القتصاد المحلـي ضـئيل ‪ ،‬فثمـة مسـألة جمـة عـن اسـتخدام‬ ‫تلــك الم ـوال العامــة ‪ ،‬نظ ـ ارً لن المجتمــع المحلــي معنــى بشــكل مباشــر بنجــاح المشــروع ‪،‬‬ ‫وملتزم بتحقيق كذلك في كيفية استخدام المال‪.‬‬

‫‪ 4-3-2‬نهج الجراءات التمكينية )‪:(Enabling Approach‬‬ ‫نهج التمكين يعتمد أساساً على الستغل لـ المثل للموارد الماديـة والبشـرية ‪ ،‬وتوجيهـاً لحـل‬ ‫مشــكلة الســكان والواقــع المــأوى ليــس ســوى عنص ـ ارً مــن العناصــر العديــدة للمســتوطنات‬ ‫البشــرية ‪ ،‬فــي حيــن يشــمل مــأوى ذوي الــدخل المنخفــض جانبـاً واحــداً مــن جـوانب الصــورة‬ ‫الشاملة للسكان‪ .‬ولذا ‪ ،‬أفضى التركيز بشكل استثنائي على هذه المســألة دون غيره ا إلــى‬ ‫تشــويه عمليــة اســتخدام الم ـوارد ‪ ،‬وصــرف أو تحويــل ال نـتبــاه عــن الحتياجــات الساســية‬ ‫للمستوطنات البشرية التي تستدعى الهتمام المنســق ‪ .‬إواذا كــان لبــد مــن تلبيــة احتياجــات‬ ‫‪30‬‬


‫المســـتوطنات ‪ ،‬فينبغـــي للهـــدف الرئيســـي الجـــراءات التمكينيـــة ‪ ،‬تهيئـــة أفضـــل الظـــروف‬ ‫المواتية للعـون الـذاتي والعـون المتبـادل عـبر مجموع ة مـن إجـراءات التمكيـن دعمـاً لبرامـج‬ ‫المستوطنات التي تقرر محلياً والمنظمة والمدارة ذاتيًا‪.‬‬ ‫ويتــوجب علــى إج ـراءات التمكيــن الســتجابة إلــى تحــديين رئيســيين الول ‪ ،‬كيفيــة معالجــة‬ ‫المشاكل المترتبة على وجود عدد كبير من الفقراء ‪ ،‬والثاني ‪ ،‬كيفية وضع التدابير المسبقة‬ ‫لتحقيــق الســتقل لـية الفعالــة للجماعــات المســتندة إلــى المجتمــع المحلــي ويســتحيل إيجــاد‬ ‫الحلول للتحــدي الول دون اعتمــاد نهــج إدارة مســبقة فــي حيــن أن مجــال التحــدي الثــاني ل‬ ‫تتــم إل مــن خل لـ تشــجيع المبــادرات المحليــة ‪ ،‬وفــي نفــس الــوقت‪ ،‬علــى نطــاق المســتوى‬ ‫المحلي‪.‬‬

‫أوًل‪ :‬إجراءات التمكين على نطاق المستوطنة‪:‬‬ ‫تشمل تنمية المستوطنات البشـرية علـى العديـد مـن العناصـر المـؤثرة ــ الحكومـات المركزي ة‬ ‫وحكومــات الوليـــات و‪ /‬أو المحافظـــات والســـلطات والوكــالت الصـــغرى التابعـــة ‪ ،‬الحكومــة‬ ‫المحليــــة ‪ ،‬القطــــاع الخــــاص الرســـ مي وغيــــر الرســـ مي ‪ ،‬المجموعـــ ات غيــــر الحكوميــــة‬ ‫والمجموع ات المسـتندة إلـى المجتمـع المحلـي ‪ ،‬والسـر المعنيـة والفـراد ــ وليـس هنـاك مـن‬ ‫نمــــوذج شــــامل لدارة المســــتوطنات فاســــتراتيجيا التنميــــة والترتيبــــات المؤسســــية المعــــدة‬ ‫للمستوطنات البشرية ‪ ،‬ستستجيب إلى سياسة محددة وتبعاً لتغير الحتياجات والفرص‪.‬‬ ‫غير أن العنصـر المــؤثر الوحيــد علــى تلــك المتغيـرات ‪ ،‬هــو الــذي يتخــذ موقعـاً يســتطيع منــه‬ ‫الشراف على الصورة الشاملة لمتطلبات المستوطنات ‪ ،‬أل وهو الحكومـات المحليــة فالــدور‬ ‫الهام ‪ ،‬المنـاط بالحكومـات المركزي ة ‪ ،‬قـد يشـمل فـي تشـكيل السياسـات والولويـات وتمويـل‬ ‫مشــاريع ذات أهميــة وطنيــة والــدور الهــام ‪ ،‬كــذلك الــدور الموكـل إلــى القطــاع الخــاص ‪ ،‬قــد‬ ‫يتمثل في تنفيذ الجزء ال كـبر مـن عمليــة التنميـة العمرانيـة فـي المــدن ‪ ،‬يوازيهــا ذلـك الــدور‬ ‫المحوري المتمثل في الدارة الحضرية والذي ل يمكن إسناده إل للحكومات المحلية‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫فالحكومات المحلية ‪ ،‬وحدها هي القادرة على تثــبيت الجـراءات علــى مســتوى المــدن ضــمن‬ ‫إطار تنموي وطني ‪ ،‬وتقوم في الوقت نفسه بالستجابة لحتياجات المقيمين الحضر وتلبية‬ ‫رغباتهم ‪ ،‬ول سيما الغالبية الفقيرة‪.‬‬ ‫إواذا مــا أريـد للحكومـات تنفيــذ المهــام المنوطـة بهــا ‪ ،‬وينبغــي لهــا أن تحــوز علــى التكامــل‬ ‫والتناسق من الحكومـات المحليــة و‪ /‬أو المحافظــات بشــأن اتخــاذ القـ اررات وجميــع العائــدات‬ ‫وتوزيع الموارد البشرية ‪ ،‬والتعامل كشريك متعادل في كافة الجـوانب مـع الجهـات الحكوميـة‬ ‫الخرى ‪ .‬وناد ارً ما يكون الوضع على ذلك النحو في البلدان النامية‪ ،‬ولذلك يتم تناول مهــام‬ ‫الحكومات المحلية بشكل وا ٍ‬ ‫ف ‪.‬ـ‬ ‫وبوجه عام يمكن رؤية تلك المهام على النحو التالي‪:‬‬ ‫ـ التخطيط المستقبلي لهيكل المدينة الشامل ‪ ،‬ليس فقط مفهوم التخطيــط الرئيســي التقليــدي‬ ‫إوانمـا ضــمن مفهـوم التكهــن باتجاهـات التنميــة والتهيـؤ لتـوجيه تلــك ال تـجاهـات نحـو أنمــاط‬ ‫عمرانية قابلة للتنفيذ‪.‬‬ ‫ـ البرمجة المتكاملة للهياكل الساسية تدعيماً للتنمية وتوجيهها نحو ال نـماط المنشودة‪.‬‬ ‫ـ توليد العائدات لتجهيز الهياكل الساسية وتشغيلها وتأمين الخدمات‪.‬‬ ‫ـ تشغيل وصيانة الهياكل الساسية المادية والمرافق إواصلحها وتطويرها في المدن‪.‬‬ ‫ــ ضــمان صــحة وسـلمة المقيميــن الحضــر ورف اهيتهم مــن خل لـ تطــبيق إجـراءات تنظيميــة‬ ‫مناســبة وتقــع ضــمن القــدرة الماليــة لجميــع فئــات المجتمــع ‪ ،‬بمــا فيهــم الطبقــات معــدومي‬ ‫الدخل‪.‬‬ ‫وتوكل إلى الحكومة المحلية في بعض الحيــان مهــام إضــافية ‪ ،‬غيــر أن تلــك المدرج ة آنفــة‬ ‫الذكر هي المهام الساسية التي ينبغي الطلع بها إذا ما أريـد تســيير أعمــال المدينــة علــى‬ ‫نحو قابل للتنفيذ‪.‬‬ ‫وعلــى الرغ م مــن قيــام الكــثير مــن الحكومــات الوطنيــة حاليــا باكتســاب الجــزء الكـــبر مــن‬ ‫عائــداتها مــن المنــاطق الحضــرية ‪ ،‬غيــر أنهــا دائمــة النفــور مــن مســألة تعزيـز الحكومـات‬ ‫‪32‬‬


‫المحليــة وتأهيلهــا لتتخــذ الج ـراءات المعينــة وتجميــع الم ـوارد الل زـم ة للحفــاظ علــى المــدن‬ ‫وصيانتها لكي تلعب دور المراكز ال نـتاجية الكفء للسلع والخدمات‪.‬‬ ‫مــن بيــن النتائــج الناشــئة عــن ضــعف موقـع الحكومـات المحليــة مــا يتضــح فــي مؤسســات‬ ‫السلطة المحلية من عدد الموظفين أو شكوى موظفيها من نقص التــدريب ويـؤدي ذلــك إلــى‬ ‫ضعف فـي الداء وبالتـالي إلـى زي ادة وفـض تقليـص الصـلحيات والمـوارد الل زـم ة لتحسـين‬ ‫مهارات الموظفين وأدائهم ‪ .‬فل بد إزاء ذلك من وضع برامج تدريب موسعة ومكثفة إلــى حــد‬ ‫بعيد من أجل تطوير الدارة الحضرية والرتفاع بها إلى مستوى مقبول‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات التمكين على المستوى المحلي‪:‬‬ ‫فـــي الطريــق المقابـــل للجـــراءات علـــى مـــدى نطـــاق المســـتوطنات المشـــروحة ســـابقاً تقـــع‬ ‫الجراءات لتعزيز قدرات البرامج على المستوى المحلــي والمــدارة ذاتيـاً علــى عــاتق المجتمــع‬ ‫المحلي وهناك مبرران لشراك جماعات المجتمع المحلي وفرادي السر المعيشية في عملية‬ ‫الدارة الحضـــرية ‪ .‬أوًل يحـــق لجميـــع المـــواطنين بشـــكل أساســـي المشـــاركة فـــي القـــ اررات‬ ‫والعمــال الــتي يــؤثر فــي ظــروف معيشــتهم وبيئــة عملهــم وثانيــا‪ ،‬تحتــاج حكومـات الــدول‬ ‫النامية إلى تعاون إواسهامات من جانب المجتمعات المحلية لتكميــل المـوارد الشــحيحة الــتي‬ ‫بوسعها تأمينها مباشرة من أجل تنفيذ المهام المتعلقة بالتنمية الحضــرية وصـيانتها ويمكــن‬ ‫النظر لهــذا النهــج التمكينـي بوصـفة وسـيلة لخفــاء الطـابع الـديمقراطي إلـى عمليـة التنميــة‬ ‫ووسيلة لضمان التزام المواطنين بالقيام بدور فعال في عملية التنمية والسهام فيها‪.‬‬ ‫ولـــذا ينبغــــي لســــتراتيجيات المســــتوطنات التمكينيــــة القيــــام علــــى أســــاس تقســــيم جديــــد‬ ‫للمســؤوليات بيــن الجهــات الحكوميـــة والمجموعـ ات المســـتندة إلــى المجتمــع المحلــي‪ .‬إن‬ ‫المســؤوليات الرئيســية الموكلــة إلــى الحكومـات علــى مســتوى المســتوطنة تتمثــل فــي إدارة‬ ‫نموها‪ ،‬ولطالما سعت السلطات المعنية بالمســتوطنات للضـطلع بتلــك المســؤوليات ‪ ،‬غيــر‬ ‫أن ل يمكـــن أن تنـــاط إل بالحكومـــات‪ .‬أمـــا المهـــام الرئيســـية للمجموع ـ ات المســـتندة إلـــى‬ ‫المجتمع المحلي بهم رسميًا‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫غير أن استراتيجيات المستوطنات التمكينية تدرك وجود هذا التقسيم وتســعى لل نـتفــاع بــه ‪،‬‬ ‫والسماح لكل طرف من الطـراف المعنيــة بالقيــام بأفضــل مــا يمكــن القيــام بــه‪ .‬وضـمن إطــار‬ ‫هـــذا التقســـيم الجديـــد ل تقــوم الســـلطات بإنشـــاء مســـؤوليات جديـــدة ‪ ،‬ولكنهـــا تعيـــد تنظيـــم‬ ‫العمال الموكلة لكل من طرف من الطراف حتى تتمكن من مواصلة أعمال الدعم والتمكيــن‬ ‫لبرامج جماعات المجتمع المحلي التي تتقرر ذاتياً وتتصف بالدارة الذاتية والتنظيم الذاتي‪.‬‬ ‫وغالبـاً مــا ينظــر إلــى المشــاركة الشــعبية ووصـفها مجــرد عمليــة تــوفر العمــل للمقيميــن فــي‬ ‫المجتمــع المحلــي ‪ ،‬فــترى فــي هــذه الحالــة ‪ ،‬علــى أنهــا عمليــة تتضــمن قيــام الســكان بنــاء‬ ‫مساكنهم أو قيام مجموع ة مــن الفـراد بشــق ال نـفــاق لتمديــدات الصــرف الصــحي ‪ .‬غيــر أن‬ ‫ل بتخطــي ذلــك ‪ ،‬ويـرى أن المجتمــع المحلــي نفســه يعتــبر عنص ـ ارً مــن العناصــر‬ ‫هنــاك تحلي ً‬ ‫ل ‪ ،‬عنــد إجـراء مناقشــة‬ ‫المؤثرة في القتصاد القومي والقـ اررات المصــيرية ‪ .‬ويتضــح ذلــك مث ً‬ ‫جماعية بين الوكالة المستحدثة للمشروع بين قــاطني المســتوطنات مــن أجــل تعــديل الخطــط‬ ‫لتندرج فيها الرغبات المخططة للمستفيدين المستهدفين‪.‬‬ ‫فالمبدأ الذي يقوم عليه هذا المنهج يتمثل باقتران موافقة السكان على مشروع مــا وتـأهيلهم‬ ‫ل عما يلي ذلك من أعمــال تتعلــق بتحســين وصـيانة‬ ‫على المساعدة في عملية التنفيذ ‪ ،‬فض ً‬ ‫المباني والهياكــل الساســية ‪ .‬ويشــكل هــذا الحــافز العملــي ‪ ،‬فــي الغــالب ‪ ،‬المحــرك الرئيســي‬ ‫لسياسات الشراكة المجتمعية ‪ ،‬واستغل لـ والستفادة من أيادي المقيمين أنفســهم وذلــك مــن‬ ‫خل لـ منظمات الجوار والحي السكني ‪ .‬في هذه الحالة يضطلع كل مــن المقيميــن والوكـالت‬ ‫المعنية بدور استشاري وتنفيذي في العمليات الرامية إلى الفصاح عن احتياجات المقيميــن‬ ‫ورغباتهم‪.‬‬ ‫غيــر أن هــذا النمــط مــن الشـراكة المجتمعيــة ينطــوي ضــمناً علــى نقــل الســلطة مــن الجهــات‬ ‫المخططــة ويشــكل تحــدياً ناشــئاً عــن ســيطرة الخــبراء التقنييــن وعلــى ذوي الختصــاص ولـذا‬ ‫فإنه يوجد معارضة شديدة ضد هذا النهج وخاصة من الدارات الحكومية البيروقراطية‪.‬‬

‫‪ 4-4‬استنتاج‪:‬‬ ‫‪34‬‬


‫من خل لـ دراسة آليات السكان بالمناطق السكنية الل رـس مية فــي الــدول الناميــة ‪ ،‬اســتطاع‬ ‫المهتميــن بدراســة مشــكلة الســكان أن يستخلص ـوا عــدة مــداخل واتجاهــات مختلفــة لي ـواء‬ ‫الطبقات محدودى الدخل في مدن العالم الثالث‪.‬‬ ‫تلــك المــداخل والمفــاهيم اســتندت علــى ثلثــة معــايير رئيســية أوًل اســتغل لـ والســتفادة مــن‬ ‫أســلوب البنــاء الــذاتي الــذي أتبعــه القــاطنين بالمنــاطق الســكنية الل رـسـ مية ‪،‬وأعتــبر هــذا‬ ‫السلوب من السمات المميزة للطبقات المحدودة الدخل ليواء أنفسهم ‪ ،‬ثانيًا‪ ،‬الســتناد إلــى‬ ‫مبــدأ المشــاركة المجتمعيــة فــي تحســين الرتقــاء بالمنــاطق الســكنية الل رـسـ مية ‪ ،‬كوسـيلة‬ ‫لخفــض تكــاليف نفقــات التحســين مــن ناحيــة ‪ ،‬واســتغل لـ مبــدأ المشــاركة فــي تشــييد وشـيق‬ ‫البنية الساسية بالمناطق المتدهورة ‪.‬ثالثًا‪ ،‬استثمار المدخرات ـ سواء المادية أو البشــرية ـ ـ‬ ‫في تحسين مستوى المسكن ‪ ،‬وفي نفس الوقت ‪ ،‬تحسين مستوى المعيشة للقاطنين‪.‬‬ ‫بناًء على تلك المعايير ‪ ،‬تم استنباط أربعة مــداخل رئيســية ليـواء الطبقــات محــدودة الــدخل‪،‬‬ ‫وهي‪ ،‬نواة المنافع ‪ ،‬نواة المسكن ‪ ،‬الرتقاء والتحسين ‪ ،‬وأخي ارً مواقع وخ دمات إلــى أن تلــك‬ ‫المداخل لم تحقق النتائج المرجوة منهـا عنـد تطبيقهـا فـي المنـاطق شـبه المخططـة ) سـواء‬ ‫مشاريع خدمات ومواقع أو مشاريع الرتقاء والتحسين( ‪ ،‬ولـذلك لعـدة أسـباب تـم ذكره ا فـي‬ ‫مستهل هذا الفصل ولذا أتجه العديد من الباحثين في دراسة أوجه النقص فــي تلــك المــداخل‬ ‫‪ ،‬ومعرفة الجوانب السلبية بها وتم استنباط مبدأيين أساسيين لتطوير وتطويع تلك المــداخل‬ ‫على النطاق العالمي‪.‬‬ ‫أوًل‪ :‬إدارة المستقطنات البشرية ‪ ،‬عامل مؤثر وفعــال فـي ضـمان درج ة مــن النظـام فـي نمـو‬ ‫المستوطنات ‪ ،‬ومن تطويق المتغيـرات الغيــر مســتهدفة ‪ ،‬عــن طريـق وضـع سياســية إداريـة‬ ‫واضحة للمتابعــة والشـراف المســتمر علــى تنميــة المســتوطنات البشــرية الل رـس مية ‪ ،‬وذلــك‬ ‫طبقاً لخطط أنواع ال نـشطة القتصادية والجتماعية‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬تمكين الطبقات ذو الــدخل المحــدود علــى الحصــول علــى الســلع والخــدمات ليــس فقــط‬ ‫الخاصــة بالوح دات الســكنية ‪ ،‬ولكــن تلــك الســلع والخــدمات المتصــلة بكافــة أنـواع ال نـشــطة‬ ‫‪35‬‬


‫القتصـــادية والجتماعيـــة ‪ ،‬وذلـــك مـــن خل لـ الســـتفادة القصـــوى مـــن القطـــاع القتصـــادي‬ ‫الهامشي ‪ ،‬وتشجيع القطاع الخاص بالستثمار في تلك المناطق‪.‬‬ ‫إل أن نتائــج تلــك التحــول لــم يســفر عــن مــدى نجــاح أو فشــل تلــك ال تـجاهــات الجديــدة نحــو‬ ‫إيواء الطبقات محدودة الدخل فـي الــدول الناميـة ‪ .‬ولكـن مرك ز المــم المتحـدة للمسـتوطنات‬ ‫البشرية ‪ ،‬يحاول جاهداً في وضع استراتيجية عالمية مستندة على تلــك المبــدأين كمحاولـة‬ ‫للقضاء أو التغلب على حالة الفقر المدقع الذي تشهده العديد من مدن دول العالم الثالث‪.‬‬

‫‪36‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.