26
مجلة ، PsdMarocالعدد 2015/11 : 13
أطفال للبيع أحيانا و نحن نلتقط الصور ال نعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا ,بل ال ندرك حتى قيمة الصورة ماديا و ال معنويا ,لكن و في مقام اإلحتراف هناك مصورين يعرفون ان لهم موعدا مع التاريخ ,بحكم خبرتهم و تواجدهم في المكان الصحيح و اللحظة الصحيحة .الصورة هي بحال من األحوال وثيقة بصرية قوية جدا ,و لعل من أهم الصور في تاريخ اإلنسانية هذه التي أسوقها لكم مع المقال .و هي صورة لسيدة تعرض أوالدها للبيع بشيكاغو ( الواليات المتحدة األمريكية) سنة 1948بسبب الفقر .و هي لمصور مجهول ،من الناحية التقنية تبدو الصورة و كأنها ملتقطة بسرعة و بدون استعداد و هذا ما يبدو من حيث تكوين الصورة غير المتناسق و درجة ميالن الصورة ,لكن في مثل هذه الصور الصحفية إن شئنا القول تغطي الرسالة على التقنيات .لكننا و نحن ندرس الصورة نجد أنفسنا أمام ثالثة مكونات شكلت المعنى العام و هي :المكون األول ( األم ) و هي تخفي وجهها خجال و خوفا ,المكون الثاني ( األبناء األربعة ) و على وجوههم ابتسامة بريئة غير عابئين و ال مستوعبين لما هو مقبلون عليه ,المكون الثالث ( الالفتة ) التي تشير إلى عرض االطفال للبيع .إن العالقة بين جميع هذه المكونات هي تكاملية و ال يمكن اإلستغناء عن أحدها ,فصورة األم مثال مع أبنائها هي صورة عادية جدا لكن الذي يخلق الدهشة و الصدمة هنا و يكمل المعنى هي الالفتة و هي أقوى مكون في الصورة .و صورة الالفتة مع األبناء فقط قد تكون معبرة لكنها لن تكون قوية و صادمة ,و صورة الالفتة و االم دون وجود األبناء فلن يكون لها أي معنى ،إذن فالمصور كان موفقا جدا و هي يأثث لنا هذا المشهد اإلنساني المرعب و التاريخي المؤسف جدا .مما جعل الصورة قوية إلى حد كبير و ناجحة فنيا و إعالميا دون أدنى شك رغم بعض المالحظات البسيطة،حاولت هنا أن أقدم تحليال بسيطا حول مدى قوة رسالة هذه الصورة و هي محاولة ال أزعم أنها نقدية بقدر ما هي مقاربة فنية للصورة. عادل أزماط