ً تاريخيــا باســم "اليمــن البلــد الــذي كان يعــرف الســعيد" ،لــم يعــد كذلــك .لقــد تركــت ثــاث ســنوات مــن الحــرب الطاحنــة والجــوع والبــؤس هــذا البلــد علــى شــفا االنهيــار ،وزاد الوضــع ســوءاً بتفشــي الكوليــرا األســرع انتشــاراً فــي التاريــخ ،وأصبــح اليمــن معتمــداً كليــاً علــى المســاعدات .وباتــت األمــراض والمجاعــة حاليــاً تنافــس إطــاق النــار والقنابــل مــن حيــث كونهــا أكبــر األخطــار التــي تهــدد حيــاة المدنييــن ،مــا يســرع مــن تفاقــم األزمــة التــي وصفتهــا األمــم المتحــدة بعبــارة "أســوأ أزمــة إنســانية في العالم". يمكــن ســرد قصــة هــذا البلــد العربي األشــد فقراً من خالل اإلحصاءات :فقد مضى على النزاع المسلح أكثر من 1,200 ّ وخلف أكثر من 10آالف قتيل .وشهد البلد نحو 1.2 يوم، مليون حالة إصابة بالكوليرا ومرض الخناق ،واستفحال أمراض أخرى يسببها الفقر؛ هذا مع نقص مخزون الغذاء والوقود والمياه النظيفة والرعاية الصحية. لقد ولد أكثر من ثالثة ماليين طفل خالل الحرب ،يعاني مــا يقــارب مــن 1.8مليــون منهــم مــن ســوء التغذيــة الــذي يجعلهــم أكثــر عرضــة للعــدوى مــن مختلــف األمــراض. فضال ً عن كل هذا نزح حوالي مليوني شخص عن ديارهم. تقــول ميريتكســيل ريالنــو ،ممثلــة اليونيســيف فــي اليمــن: "ينشأ جيل كامل من أطفال اليمن ،وهم ال يعرفون شيئاً سوى العنف .ومن المرجح أن يحمل الناجون من الصراع ندوباً جسدية ونفسية لبقية حياتهم".
مشــاكل اليمــن متجــذرة .فقســم كبيــر مــن البــاد صحــراء قاحلــة ،والميــاه نــادرة ،وخاصــة التــي تحتاجهــا الزراعــة. وقــد اعتمــد اليمــن ،حتــى مــا قبــل الحــرب ،علــى الــواردات لســد الكثيــر مــن احتياجاتــه مــن المــواد الغذائيــة والوقــود والماء ،وتوقع الخبراء منذ فترة طويلة أن تكون صنعاء أول عاصمة يصيبها الجفاف. لقد أدى الصراع ،الذي بدأ بانقالب بطيء قام به المتمردون الحوثيون عام ،2015إلى خنق تدفق اإلمدادات التجارية، ً بعيدة ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع األساسية وجعلها عن متناول معظم المواطنين .كما منع الحصار البحري والجوي أحياناً وصول اإلغاثة اإلنسانية ،تاركاً حوالي 22 مليون يمني في حاجة للمساعدات. لغايــة اليــوم ،كانــت المملكــة العربيــة الســعودية ودولــة اإلمارات العربية المتحدة من أكثر الدول استجابة لدعوات تمويــل المســاعدات .ووفــق بيانــات األمــم المتحــدة ،فقــد وفرت الدولتان لجارتهما 55.7بالمئة من إجمالي التمويل المطلوب والذي بلغ 2.98مليار دوالر للعام .2018 لكن الوصول إلى أولئك العالقين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر .ولهذا فإن السالم ،وليس المعونة ،هو الحل الوحيد لألزمة في اليمنــن ،فمــع اســتمرار وتيــرة الحــرب ،يدفــع المواطنــون العاديون الثمن— . 62
زمن العطاء
أدى الصراع املسلح الذي إندلع يف مارس 2015إىل تدين الناتج املحيل اإلجمايل للفرد الواحد بنسبة 61باملئة عىل مدى ثالثة أعوام ،ما جعل أكرث من ثلثي سكان اليمن يعانون من الفقر األضرار التي ألحقت يف البنية التحتية حرمت ما يزيد عن نصف السكان من املياه النظيفة إرتفعت أسعار املواد الغذائية بنسبة 96باملئة خالل أعوام الحرب ،ما جعل 13مليون يمني عىل أبواب املجاعة