العدد:80

Page 5

‫العدد ‪ 80‬آب ‪2013‬‬

‫حتقيق‬

‫‪5‬‬

‫احلراك الثقايف السوري يف ظل األزمة ما بني العقم الفكري وتسجيل املواقف‬ ‫ •فراس الهكار‬

‫  •بيكاسو‪ -‬إلـ غيرنيكا (من أرشيف اإلنترنت)‬

‫إن النتاج الفكري الحقيقي هو ذاك الذي يفرزه‬ ‫تالقح األفكار ليؤسس لحالة ثقافية إنسانية خالدة‬ ‫بالدرجة األولى‪ ،‬أما اللون الواحد فهو مقيت ينتج‬ ‫عنه «عقم فكري»‪ ،‬والركود يتحول إلى آسن‪ ،‬ينقل‬ ‫الثقافة بعد فترة وجيزة إلى مرحلة الموت السريري‪.‬‬ ‫إن ما كان يحدث من إرهاصات ثقافية في المجتمع‬ ‫لم يتخط الفقاعات اإلعالمية من خالل العناوين‬ ‫البراقة والبحث عن األمجاد الشخصية بعيداً عن‬ ‫التفكير في بناء جيل متماسك‪ ،‬ويبقى السؤال هل‬ ‫اختلفت االيديولوجيا عن العناوين المطروحة على‬ ‫مدى عقود من الزمن؟ أم أنها بقيت جامدة وكل‬ ‫ما يخالفها ُمحرم؟ فماذا يعني أن تمنع رواية من‬ ‫التداول؟‪ ،‬أو تحجب موقعاً إلكترونياً؟‪ ،‬تنغلق فكرياً‬ ‫وتنفتح اقتصادياً‪ ،‬أال يخلق هذا حالة عدم توازن‪،‬‬ ‫بين مقومات تكوين المجتمع المتماسك الذي تسعى‬ ‫لجعله مجتمعاً مثالياً على كافة الصعد؟‪.‬‬ ‫ما يحدث اآلن في المدن التي عادت إلى زمن ما‬ ‫قبل الدولة‪ ،‬هو تكرار لما كان يحدث على أيامها‪،‬‬ ‫ولكن بتطرف أكثر‪ ،‬دون التفكير بالحفاظ على‬ ‫خصوصية المجتمع المتنوع‪ ،‬إال أن حالة الفوضى‬ ‫العارمة والصخب ال تسمح بتحقيق ذلك‪.‬‬ ‫«تحوالت» استطلعت آراء أدباء ومثقفين سوريين‬ ‫حول تأثير األزمة واألحداث الدامية في سورية‬ ‫على الحركة الثقافية واألدبية‪.‬‬ ‫خواتمي‪ :‬المشهد لم ينضج بعد‪!..‬‬ ‫قالت األديبة سوزان خواتمي‪( ،‬روائية سورية)‪« :‬بداية‬ ‫أتحفظ على استخدام عبارة «األزمة السورية»‪ ،‬للداللة‬ ‫على «الثورة السورية»‪ ،‬أما عن تأثير «الثورة السورية»‬ ‫على الحراك الثقافي فمن المبكر االستدالل على نتائج‬ ‫قاطعة وفقاً لوضع حافل بالمتغيرات اليومية والذي ُينتج‬ ‫منطقياً حالة من رد الفعل‪ ،‬يصعب تقييمها كقيمة إبداعية‬ ‫مؤثرة أو حقيقية»‪.‬‬

‫«العالقة بني املثقف‬ ‫السوري واحلركة‬ ‫السياسية الفاعلة شبه‬ ‫مقطوعة»‬ ‫وترى خواتمي‪« ،‬إن العالقة بين المثقف السوري والحركة‬ ‫السياسية الفاعلة (إن كان ثمة فعل) شبه مقطوعة‪،‬‬ ‫وتقتصر على المثقف المطيع والراضي والمؤيد للسلطة‬ ‫(في حاالت ضيقة) الناقد لها بشكل سطحي‪ ،‬وهذا األمر‬ ‫متاح ألسماء بعينها تمتلك منب اًر مدعوماً من المخولين‬ ‫على الفعل الرقابي‪ ،‬فسوريا تفتقر إلى المؤسسات الثقافية‬ ‫المستقلة‪ ،‬الوضع األمني لم يكن يتيح مثل هذا التسيب»‪.‬‬ ‫وتضيف خواتمي‪« ،‬إن المنبر الثقافي والصورة الثقافية‬ ‫والمنتج الثقافي السوري في العموم لم يشكل بنية واضحة‬ ‫وحتمية لصنع متغيرات مؤثرة بشكل مباشر في الجماهير‪،‬‬ ‫وهذا ال ينفي تأثيرها غير المباشر عبر أقالم كانت‬ ‫تكتب من منافيها وأخرى حاولت صنع نوافذ من خالل‬ ‫ثورة االتصاالت‪ ،‬لكنها لم تحقق اإلطاللة المطلوبة على‬ ‫نطاق واسع وكبير من الشباب‪ ،‬فحتى خدمة اإلنترنت‬ ‫غير متاحة للجميع»‪.‬‬ ‫وتتابع الروائية حديثها‪« ،‬إن ما ذكرته آنفاً يخص حالة‬ ‫المثقف السوري وتأثيره على «الثورة السورية»‪ ،‬أما عن‬ ‫«الثورة السورية» وتأثيرها في المثقف السوري‪ ،‬فبالطبع‬ ‫فتحت «الثورة» مجاالت ال بأس بها للشعور بالحرية‪،‬‬ ‫وكسرت حاجز الخوف والرهبة‪ ،‬وأتاحت ألقالم عدة‬ ‫استعادة مجد الكلمة والتنفيس عن حالة من الكبت تعود‬ ‫إلى تاريخ كامل من قواميس الحذر‪ ،‬وانتقاء الكلمة‬ ‫المناسبة في المكان المناسب‪ ،‬هذه األقالم ظهرت وأعلنت‬ ‫بأريحية عن مواقفها الواضحة سواء في الكتابة المقالية‬ ‫اليومية (في صحف الخارج طبعاً) أو في النصوص‬ ‫المسرحية‪ ،‬أو في األعمال الموسيقية والغنائية وبعض‬

‫  •سوزان خواتمي‬

‫«تعزيز ثقافة‬ ‫املواطنة املبنية على‬ ‫حقوق االنسان»‬ ‫األفالم السينمائية القصيرة‪ ،‬وربما سنرى الحقاً أعماالً‬ ‫تلفزيونية سينمائية درامية»‪.‬‬ ‫وتضيف األديبة‪« ،‬تحدت «الثورة» احتكار الدولة‬ ‫ومحاصرتها للمنتج الثقافي السوري‪ ،‬وتحدت أيضاً‬ ‫المثقف التقليدي‪ ،‬بما يمكن تسميته ثقافة جديدة خاصة‬ ‫«بالثورة» ال تتعلق بالمثقفين بل بالثقافة نفسها‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.