Souriatna issue 113

Page 6

‫حما�س والنظام ال�سوري‬

‫الملف ‪. .‬‬ ‫سوريتنا | السنة الثالثة | العدد (‪ / 17 | )113‬تشرين الثاني ‪2013 /‬‬ ‫أسبوعية تصدر عن شباب سوري مستقل‬ ‫‪6‬‬

‫خ�صــومة وم�صــالح حلفــاء‬

‫ياسر مرزوق‬

‫ص��راع ف��ي العالم كل��ه دفعت‬ ‫لي��س هن��اك من‬ ‫ٍ‬ ‫ش��عوبه م��ن التكاليف م��ا دفعت��ه وتدفعه الش��عوب‬ ‫العربي��ة ف��ي صراعه��ا م��ع اس��رائيل والحقيق��ة أن‬ ‫الحياة نفس��ها تعطلت في س��بيل توفير وتوجيه أكبر‬ ‫ق��در من الم��وارد لضرورات الص��راع‪ ،‬تعطلت التنمية‬ ‫االقتصادي��ة وتحمل��ت الجماهي��ر‪ ..‬تعط��ل التط��ور‬ ‫االجتماعي وتحمل��ت الجماهير‪ ..‬تعطلت الديمقراطية‬ ‫وتحمل��ت الجماهي��ر‪ ..‬تعطلت قضايا التح��رر الثقافي‬ ‫والفك��ري وتحمل��ت الجماهير‪ ..‬بل تحمل��ت الجماهير‬ ‫أعباء فادحة في مجاالت الخدمات العادية بدون صرخة‬ ‫ألم‪ ،‬بل بدون أنة شكوى في كثير من األوقات‪.‬‬ ‫الم��وارد هائل��ة والجماهير العربي��ة راضية منها‬ ‫بأق��ل القلي��ل وم��ع ذلك فهذا كل��ه ال يكف��ي وال يدرأ‬ ‫الشلل والتناقض والخلط والعجز عن الحركة والفعل‪.‬‬ ‫دخ��ل الوط��ن العرب��ي إل��ى السياس��ة م��ن باب‬ ‫ضي��ق وحيد هو الصراع مع االس��تعمار ومن ثم العدو‬ ‫الصهيون��ي‪ ،‬هك��ذا ج��اءت سياس��ته مفصول��ة ع��ن‬ ‫االصالح الديني أو التنوير أو الثورة الصناعية أو الثورة‬ ‫العلمي��ة‪ ،‬فهناك قبل كل ش��يء االفتق��ار إلى تطوير‬ ‫قي��م إيجابي��ة‪ ،‬اجتماعي��ة واقتصادي��ة وإيديولوجية‪،‬‬ ‫وأبناء المنطقة هم ضد اسرائيل‪ ،‬إال أنهم ليسوا على‬ ‫بين��ة مما هم عليه تحديداً‪ ،‬كم��ا أنهم ال يعرفون من‬ ‫هم بالضب��ط‪ ،‬كأوطان وجماعات‪ ،‬وعل��ى ماذا ينبغي‬ ‫أن تترك��ز هويته��م الوطنية وهذا في��ه قدر كبير من‬ ‫الحيرة ف��ي عالم حديث خياراته جدي��دة عليهم وغير‬ ‫مجربة من قبل‪ ،‬إال أنها مرفوضة منهم بالقدر ذاته‪.‬‬ ‫وقد عم��دت النخ��ب الثقافية في العال��م العربي‬ ‫على اس��تمداد تعريف الذات من تعريف الخصم بحيث‬ ‫يصير إبقاء الخصم على قيد الحياة الوس��يلة الوحيدة‬ ‫للتأك��د من يق��اء الذات واس��تمرارها‪ ،‬وهو ما ركز كل‬ ‫الجهد على ش��تم ه��ذا الخصم وفي خ��وض المعارك‬ ‫الدونكيش��وتية مع��ه بعي��داً ع��ن الحري��ات والتنمية‬ ‫والتنوير‪.‬‬ ‫ويبق��ى النم��وذج الس��وري من��ذ ع��ام ‪1970‬‬ ‫األكث��ر نفعي��ة وبراغماتية ف��ي التعامل م��ع القضية‬ ‫الفلس��طينية‪ ،‬فقد استطاع األس��د من خالل سياسته‬ ‫ً‬ ‫وخاصة في أسس��ها‬ ‫في الصراع العربي االس��رائيلي‪،‬‬ ‫النظري��ة‪ ،‬بالتعبي��ر ع��ن إحس��اس المواط��ن العربي‬ ‫البس��يط لي��س ف��ي س��وريا فق��ط‪ ،‬اتجاه اس��رائيل‬ ‫والغرب‪ ،‬واستثمار اإلحساس المتراكم بالهزيمة‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك فش��ل ف��ي عدم تج��اوز الخط ال��ذي يفصل بين‬ ‫النظري��ة المتهورة والتح��رش العملي‪ ،‬وق��د اعتمدت‬ ‫سياس��ته على قراءة الواقع واالس��تفادة م��ن الصراع‬ ‫إلرساء حكمه وحكم عائلته‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ومنذ‬ ‫أن وق��ع األس��د على اتفاق فصل القوات مع اس��رائيل‬ ‫في أي��ار عام ‪ ،1974‬حافظ األس��د عل��ى الهدوء على‬ ‫امتداد الحدود‪ ،‬وأش��عل الحرائق ف��ي األقطار العربية‬ ‫المجاورة‪.‬‬ ‫اس��تغل األس��د الص��راع العرب��ي االس��رائيلي‬ ‫لضمان س��يطرة المؤسسة العس��كرية على مقدرات‬ ‫الب�لاد‪ ،‬وبالتال��ي س��يطرة طبق��ة الضب��اط العلويين‬ ‫عل��ى س��وريا‪ ،‬في عملية بع��ثٍ للطوائف العس��كرية‬ ‫التي حكمت العالم اإلس�لامي بدءاً من القرن العاش��ر‬ ‫فصاع��داً‪ ،‬وقد أسس��ت تلك الطوائف‪ ،‬الت��ي كانت لها‬ ‫صيغة دينية واضحة‪ ،‬س�لاالت كان ينتقل فيها الحكم‬ ‫بالوراثة من األب إلى ولده‪ ،‬وقد كتب «برنارد لويس»‬

‫ف��ي كتابه «الش��رق األوس��ط‪ :‬ألفا عام م��ن التاريخ»‬ ‫الصفح��ة «‪ »95‬حول واحدة من تل��ك الطوائف‪ ،‬وهي‬ ‫الس��لطنة المملوكي��ة في مصر‪ ،‬كتب يق��ول إنه «مع‬ ‫وفاة الس��لطان ورث ابنه التاج كزعيم رس��مي إلى أن‬ ‫يتم حس��م قضية وريثه الحقيقي»‪ ،‬وفي سوريا كان‬ ‫الوريث وفيًا لوصي��ة والده وتابع اللعب على تناقضات‬ ‫المنطقة تحت شعار المقاومة والممانعة‪.‬‬ ‫أت��ت الث��ورة الس��ورية لتخل��ط األوراق وتقل��ب‬ ‫التحالف��ات‪ ،‬وفي ملفنا اليوم إضاءة على نظام األس��د‬ ‫كنموذج لمقولة‬ ‫االبن وعالقته مع حماس بعد الثورة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن ال أعداء وال أصدقاء في السياس��ة‪ ،‬فالسياس��ة فن‬ ‫الحفاظ على المصالح‪ ،‬وعلى مسرح المأساة السورية‬ ‫يلع��ب كل الالعبين كل األدوار‪ .‬ويلعب كل العب الدور‬ ‫ونقيضه بين ليلة وضحاها‪.‬‬ ‫مؤخ��راً وم��ع صفق��ة تب��ادل األس��رى اللبنانيين‬ ‫المخطوفي��ن ف��ي أع��زاز والطياري��ن التركيين تولت‬ ‫كل م��ن تركيا وقطر مفاوضة الخاطفين الس��وريين‪،‬‬ ‫فيما تولى المدير العام لألمن العام اللبناني التواصل‬ ‫مع النظام الس��وري‪ ،‬ومع الخاطفين اللبنانيين‪ .‬وكان‬ ‫عراب الصفقة الرئيس الفلس��طيني ورئيس منظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية محمود عباس ألد خصوم النظام‬ ‫س��ابقاً‪ ،‬وغابت س��وريا وغ��اب الس��وريون‪ ،‬كما غابت‬ ‫حرك��ة حم��اس الحلي��ف التاريخي لما يس��مى بمحور‬ ‫الممانعة‪.‬‬

‫ن�ش�أة حركة حما�س‪:‬‬ ‫عام ‪ 1987‬وبعد حادثة الش��احنة االسرائيلية في‬ ‫الس��ادس من كان��ون الثاني‪ ،‬اجتمع س��بعة من قادات‬ ‫اإلخوان المسلمين الفاعلين على األرض الفلسطينية‬ ‫وهم أحمد ياس��ين وابراهيم اليازوري ومحمد شمعة‬ ‫ع��ن مدينة غ��زة‪ ،‬وعب��د الفت��اح دخان ع��ن المنطقة‬ ‫الوس��طى‪ ،‬عب��د العزيز الرنتيس��ي عن خ��ان يونس‪،‬‬ ‫وعيس��ى النش��ار عن مدينة رفح‪ ،‬وصالح شحادة عن‬ ‫منطقة الشمال‪ ،‬واعتبر هذا االجتماع إعالنًا عن ميالد‬ ‫الحرك��ة‪ ،‬وقد أصدرت حماس بيانه��ا األول عام ‪1987‬‬ ‫إبان االنتفاضة الفلس��طينية الت��ي اندلعت في الفترة‬ ‫من ‪ 1987‬وحتى ‪.1994‬‬

‫ثم ص��در ميث��اق الحركة في أغس��طس ‪،1988‬‬ ‫الذي نصت المادة الثانية منه على أن «حركة المقاومة‬ ‫اإلس�لامية جن��اح م��ن أجنح��ة اإلخ��وان المس��لمون‬ ‫بفلس��طين‪ .‬وحرك��ة اإلخ��وان المس��لمين تنظي��م‬ ‫عالم��ي‪ ،‬وهي كب��رى الحركات اإلس�لامية في العصر‬ ‫الحدي��ث‪ ،‬وتمت��از بالفه��م العميق‪ ،‬والتص��ور الدقيق‬ ‫والش��مولية التامة لكل المفاهيم اإلسالمية في شتى‬ ‫مجاالت الحي��اة‪ ،‬في التصور واالعتقاد‪ ،‬في السياس��ة‬ ‫واالقتص��اد‪ ،‬ف��ي التربي��ة واالجتم��اع‪ ،‬ف��ي القض��اء‬ ‫والحكم‪ ،‬في الدعوة والتعليم‪ ،‬في الفن واإلعالم‪ ،‬في‬ ‫الغيب والش��هادة وفي باقي مج��االت الحياة» وبالتالي‬ ‫ف��إن ارتباطها به��ا يعتبر ارتباطا فكري��ا وعضويا كما‬ ‫صرح بذلك مرشدو الجماعة المتعاقبين‪.‬‬ ‫وتتميز حماس عن منظمة التحرير الفلس��طينية‬ ‫وحرك��ة فت��ح ايديولوجي��اً بأنه��ا تعتب��ر القضي��ة‬ ‫الفلس��طينية صراع��اً بي��ن طرفي��ن عل��ى أرض غير‬ ‫قابل��ة للتقس��يم‪ ،‬أولهما لديه الح��ق ويمكن أن تكون‬ ‫ل��ه القوة‪ ،‬والثان��ي لديه القوة وال يمك��ن أن يكون له‬ ‫الحق وتنظر إلى إس��رائيل على أنها جزء من مش��روع‬ ‫«استعماري غربي صهيوني» يهدف إلى تقطيع العالم‬ ‫العربي وتقس��يمه نصفين لي��س بينهما اتصال على‬ ‫األرض‪ ،‬وتؤم��ن بالجه��اد بوصف��ه الوس��يلة الوحيدة‬ ‫لتحرير فلس��طين‪ ،‬أما عن عملية الس�لام بين العرب‬ ‫وإس��رائيل الت��ي انطلقت رس��مياً في مؤتم��ر مدريد‬ ‫ع��ام ‪ 1991‬فهي بحس��ب الحركة أقيمت على أس��س‬ ‫خاطئ��ة‪ ،‬كما تعتبر اتفاق إع�لان المبادئ بين منظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية وإسرائيل والذي وقع عام ‪1993‬‬ ‫ومن قبله خطابات االعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق‬ ‫المنظم��ة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء‬ ‫على دولة إس��رائيل تفريطا بحق العرب والمس��لمين‬ ‫في أرض فلسطين التاريخية‪.‬‬

‫الهيكل التنظيمي‪:‬‬ ‫ف��ي األس��اس تعتمد حرك��ة حماس ف��ي قيادتها‬ ‫على مس��مى إسالمي وهو «مجلس الشورى» المؤلف‬ ‫من س��بعين عضواً يمثلون الحركة في فلسطين وفي‬ ‫الخ��ارج‪ .‬ولكن الض��رورات األمنية الت��ي تنفي القدرة‬ ‫على عق��د اجتماعات دورية لمجلس الش��ورى‪ ،‬حصر‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.