Cumanana IV - ARA

‫يوليو ‪2021‬‬

‫العدد ‪4 :‬‬

‫كومانانا‬ ‫النشرة االفتراضية للثقافة البيروانية املوجهة إلي أفريقيا‬ ‫وزارة الخارجية‬

‫في سياق االستقالل‬

‫نفوذ شمال إفريقيا في البيرو خالل الفترة االستعمارية‬

‫وصفات‬

‫املنحدرين من أصل أفريقي وعملية‬

‫اإلسبانيات واملوريسكيات في القرن السادس عشر‬

‫النكهات البيروانية ذات التأثير األفريقي‬

‫االستقالل‬

‫ترجمة‪ :‬أحمد فكري‬

‫الصفحة ‪1‬‬

‫في سياق االستقالل والعقود األولي للجمهورية *‬ ‫بقلم كال من ‪ :‬ماريبيل أريلوسيا بارانتيس ‪ ,‬مؤرخة متخصصة في العبودية والهوية ‪,‬والجندرية & خيسوس كوسامالون أجيالر ‪ ,‬مؤرخ‬ ‫متخصص في التاريخ االجتماعي والديموجرافي للبيرو في الفترة من القرن الثامن عشر وحتي القرن العشرين‪.‬‬ ‫لقد امتدت حالة االحتجاجات والحركات السياسية واالجتماعية القوية في‬ ‫أواخر القرن الثامن عشر و واكبت حروب االستقالل ونضال الزعماء ‪ ،‬مما‬ ‫أوجد ً‬ ‫فرصا جديدة لتقويض العبودية‪ .‬بدء من عمليات الهروب ‪ ،‬واللصوصية‬ ‫ التي أتخذت حينها صبغة سياسية جديدة ‪ -‬إلى إمكانيات استخدام اللغة‬‫الليبرالية‪ .‬ومن الجوانب املثيرة لالهتمام ً‬ ‫أيضا إمكانية استخدام مسارات‬ ‫جديدة نحو الحرية والتقدم االجتماعي‪ .‬على سبيل املثال ‪ ،‬انضم العديد من‬ ‫األفارقة واملنحدرين من أصل أفريقي إلى القوات امللكية والوطنية تحت وعد‬ ‫بالحرية ‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذا لم يتحقق في جميع الحاالت‪ .‬وكما يري أندروز‬ ‫‪ ، )Andrews (2007: 98‬كان القرن الثامن عشر تجربة صعبة وكانت دروسها‬ ‫قاسية للسلطات اإلسبانية األمريكية ‪ ،‬ومن ثم أصبحت السياسة تجاه األفارقة‬ ‫واملنحدرين من أصل أفريقي أكثر تنوعا بمرور الوقت‪ .‬على سبيل املثال ‪ ،‬في نهاية‬ ‫القرن الثامن عشر ‪ ،‬تم دمجهم في القوات العسكرية امللكية ‪ ،‬مما أدى إلى إلغاء‬ ‫العديد من القيود ومنح العديد من املزايا‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬سرعان ما ارتبطت حركات‬ ‫االستقالل الوطني بالحرية وإلغاء العبودية ‪ ،‬وهو جانب ملحوظ في بعض‬ ‫املراجع‪ .‬على سبيل املثال ‪ ،‬في عام ‪ ، 1818‬ذكر نائب امللك في ليما في إحدي‬ ‫الرسائل أن عبيد ليما "اختاروا عالنية املتمردين والذين كانو ينتظرون الحرية‬ ‫علي أيديهم"‪.‬‬ ‫وكانت تسبق حروب اإلستقالل حالة من الخوف من الفوض ى الناتجة عن عدم‬ ‫السيطرة علي العبيد واحتمال اندالع االنتفاضات ‪،‬و ال سيما في عاصمة التاج‬ ‫امللكي اإلسباني ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وبغض النظر عن الشائعات والنوايا ‪ ،‬حافظت‬ ‫السلطات على ليما باعتبارها ساحة صلبة ‪Bonilla y Spalding, 1972; ( :‬‬ ‫‪. )Lynch, 1976; O’Phelan, 1988; Fisher, 2000; Basil, 1980‬‬

‫إمراءة محجبه من ليما‬ ‫فرانسيسكو "بانشو فييرو"‬ ‫(حوالي ‪)1840‬‬ ‫‪© Google Arts & Culture‬‬

‫وفي أوقات سابقة فقد تم رصد العديد من الجهود األخري ‪ .‬فعلى سبيل املثال‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬خالل القرن السابع عشر في كوسكو ‪ ،‬فقد ألحق العديد من املنحدرين من‬ ‫أصل أفريقي والذين ُيطلق عليهم "املخلطين األحرار" بورش الحرفيين كمتدربين‬ ‫‪Tardieu‬‬ ‫لتعلم الحرف‪ .‬وذلك علي النحو الذي شرحه بشكل مفصل‬ ‫‪،‬فقد قام آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم واملالكين السابقين لهم قبل عقد التوثيق‬ ‫(‪)144-143 :1998‬بالحاقهم بهذه الورش الفنية‪ .‬وأشار ‪ ، Hall‬وهو بحار‬ ‫إنجليزي زار ليما عام ‪ ، 1821‬إلى أن النخبة في ليما كانت تعيش في رعب من‬ ‫ً‬ ‫ممكنا‪ « :‬إن االعتقاد الذي‬ ‫احتمال حدوث أعمال شغب ‪ ،‬وهو ما لم يعتبره‬ ‫انتشر و كان يرحب بفكرة الخوف املرض ي من العبيد من سكان املدينة والذين‬ ‫يفكرون في استغالل غياب القوات كي يتمكنو من القضاء بصورة جماعية علي‬ ‫السكان البيضمن خالل مذبحة كبري‪ .‬فبالنسبة لي ‪ ،‬ال أستطيع أن أصدق أن‬ ‫ً‬ ‫ممكنا ألن العبيد لم يكن لديهم وقت التخاذ مثل هذا اإلجراء ‪ ،‬ولم‬ ‫هذا كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يكن من عاداتهم االتحاد والعمل املشترك ‪ ،‬كونهم جميعا خدما ومشتتين في‬ ‫مدينة شاسعة ‪ ،‬مع وجود حاالت نادرة ً‬ ‫جدا من التعامل السري‪Contreras ( " .‬‬ ‫‪.)y Cueto, 2007: 53‬‬ ‫وقد تعاطف قائدا عمليات االستقالل ‪ ،‬خوسيه دي سان مارتين و سيمون‬ ‫بوليفار ‪ ،‬في البداية مع فكرة القضاء على العبودية من خالل تجنيد املئات من‬ ‫العبيد األفارقة واملنحدرين من أصول أفريقية كجنود تحت وعود بالحرية و في‬ ‫وقت الحق غير خوسيه دي سان مارتين و سيمون بوليفار من مواقفهم ‪،‬‬ ‫مطبقين تدابير تدريجية مثل "حرية البطون" وفي نفس الوقت أصدروا قوانين‬ ‫صارمة للسيطرة علي كافة السكان من االحرار و العبيد وكذلك لتوقيع العقوبة‬ ‫عليهم ‪ .‬وقد اتفق كل من سان مارتن وبوليفار على أن العبودية هي أحدي‬ ‫مورثات املاض ي االستعماري السيئة و املؤسفة ولكنه من الصعب القضاء‬ ‫عليها في ذلك الوقت (‪ Andrews ، 2007: 100‬؛ ‪ .)Aguirre ، 2005: 163‬ومع‬ ‫ذلك فقد استغل األفارقة واملنحدرين من أصول أفريقية الفرصة التي أتاحها‬ ‫هذا الظرف التاريخي الجديد وانضموا إلى كال الجانبين‪ .‬ومن هنا تساءل‬ ‫‪ Hünefeldt‬ما هو العنصر السياس ي املوحد لهؤالء العبيد؟ هل هو ‪ :‬األصل‬ ‫األفريقي؟ ام التجارب التي اكتسبوها من كونهم ً‬ ‫عبيدا ؟ أم االعتراف بكوننا‬ ‫"سود"؟ أم مزيج من كل ما سبق؟ ‪ .‬وقد قدم لنا هذا الطرح الذي يقول أن‬ ‫أولئك الذين قرروا أن يكونوا جنود امللك هم األفارقة الذين يتم وضع كمامة‬ ‫من الحديد علي أفواههم " األفارقة املكممون " ‪ ،‬في حين أن أولئك الذين وقفوا‬ ‫إلى جانب الجيوش امللكية كانوا من األفارقة املستعبدين واألحرار أيضا من ذوي‬ ‫الخبرة من الحرفيين ‪ ،‬واملقربين ‪ ،‬والتجار ‪ ،‬وخدم املنازل (‪.)271 :2010‬‬

‫الصفحة ‪2‬‬

‫األجناس الثالثة أو املساواة أمام القانون‬ ‫فرانسيسكو السو دي لوس ريوس (حوالي ‪)1859‬‬ ‫متحف ليما للفنون‬

‫وقد كان لالنتماء إلى صف أي من الجانبين مزايا عديدة مثل االصفة العسكرية‬ ‫‪ ،‬وممارسة درجة معينة من السلطة ‪ ،‬وحق التنقل اإلقليمي ‪ ،‬وبعض من الدخل‬ ‫ الرواتب والحق التوافقي في الغنائم التي تأتي من النهب ‪ -‬والهيبة‪ .‬وكانت تبلغ‬‫نسبة الجنود من ذوي األصول األفريقية ما يقرب من نصف فرقة اللورد‬ ‫‪ Cochrane‬وثلثي جيش ‪ .San Martín‬وقد أشار الجنرال ‪ Miller‬في مذكراته إلى‬ ‫أنهم جنود يتميزون بشجاعتهم ومثابرتهم ووطنيتهم ( ‪ .)Tardieu ، 2004: 24‬وقد‬ ‫فر العديد من العبيد من املناطق الزراعية في إيكا وتشينشا وكانيتي لالنضمام‬ ‫ً‬ ‫إلى جيش سان مارتن الذي كان قد وصل حديثا‪ .‬على سبيل املثال ‪ ،‬شكل العبيد‬ ‫الذين فروا من مزرعة ‪ Caucato‬فرقة وطنية معروفة باسم "‪"Los infernales‬‬ ‫الرتدائها القبعات الحمراء والعباءات ‪ ،‬وتميزوا بشجاعتهم‪ .‬وأحد األسماء القليلة‬ ‫التي وصلت إلينا هو اسم إلديفونسو ‪ ، Ildefonso‬و هو أحد العبيد من منطقة‬ ‫تشينشا ‪ ، Chincha‬الذي أوكلت له مهام تجسسية على الساحل األوسط‪ .‬وقد‬ ‫تم إرسال إلديفونسو ‪ Ildefonso‬في مهمة إلى مدينة بيسكو ‪ ، Pisco‬حيث تم‬ ‫القبض عليه من قبل سالح الفرسان اإلسباني ؛ و بعد تعرضه للتعذيب ‪ ،‬ألقى‬ ‫ً‬ ‫بنفسه في البحر وهو يصرخ قائال بأنه يفضل "املوت ألف مرة من أجل قضية‬ ‫ً‬ ‫البالد بدال من طاعة اإلسباني"‪ .‬و بمجرد أن تم إنتشال جثته ‪ ،‬قام رفاقه بالسالح‬ ‫بدفنه كأحد األبطال (‪.)Tardieu ، 2004: 26‬‬ ‫وقد ضمت القوات امللكية ً‬ ‫أيضا املنحدرين من أصول أفريقية وذلك لجذب‬ ‫املزيد من العبيد واملحررين ‪ ،‬وقد وعدهم نائب امللك خواكين دي ال بيزويال‬ ‫‪ Joaquín de la Pezuela‬بالحرية مقابل خمس سنوات من الخدمة ضد‬ ‫األعداء‪" .‬سيتم كسوتكم و إطعامكم و دفع رواتبكم و ستصبحون في نفس‬ ‫املنزلة التي يحظي بها جنود الجيش الوطني"( ‪.)Tardieu ، 2004: 26‬‬

‫ً‬ ‫و بعد ذلك وخوفا من مهاجمة سان مارتين ملدينة ليما ‪ ،‬جند نائب امللك ‪La‬‬ ‫‪ Serna‬عدد ‪ 1500‬من عبيد املدينة وضواحيها ‪ ،‬ووعدهم بحريتهم بعد ست‬ ‫سنوات من الخدمة (‪.)Anna، 2003: 227‬‬ ‫ً‬ ‫جديد حيث اكتسب األفارقة واملنحدرون من‬ ‫ومع ذلك ‪ ،‬فقد حدث سيناريو‬ ‫أصول أفريقية الحق في استخدام لغة جديدة تمكنهم من إجراءات التقاض ي‬ ‫في املحاكم ‪ ،‬بينما قام آخرون بأعمال شغب في العقارات مطالبين بالحرية أو‬ ‫الحق في معاملة أفضل‪ .‬و قد قام بدراسة هذا التغيير ‪ Aguirre‬وهو ما‬ ‫أعتبره "صحوة قانونية" لدى األفارقة واملنحدرين من أصول أفريقية ألنهم‬ ‫علموا ً‬ ‫جيدا أن حالتهم لم تكن "طبيعية" أو ال رجعة فيها ‪ ,‬وأنهم يستطيعون‬ ‫اللجوء إلى العدالة عندما تنتهك حقوقهم (‪ .)Aguirre، 1990: 152‬و من قبيل‬ ‫الصدفة بالنسبة ل ‪ ، Hünefeldt‬فإن النضال من أجل االستقالل قد حطم‬ ‫الهيمنة و السيطرة عليهم ومنحهم لغة جديدة للتقاض ي والتفاوض‬ ‫(‪.)1979b: 82‬‬ ‫وقد انتهزت مجموعة أخري من العبيد الفرصة لتحرير أنفسهم من خالل‬ ‫تشكيل ميليشيات غير منظمة أو تشكيل العصابات وقد تعلموا التفاوض‬ ‫مع رؤساء املليشيات املسلحة و عمليات السطو بمفردهم ‪ ،‬والتجول في‬ ‫األراض ي الوطنية وتحدي النظام الضعيف في السنوات األولي للجمهورية‬ ‫)‪ (Walker, 1990: 116-120; Aguirre, 2005: 165‬وكانت ضحاياهم من‬ ‫عامة الناس ومربي املاشية وجباة الضرائب والبيروقراطيين‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫املثال ‪ ،‬عميلة إغتيال العقيد التابع مليليشيا ت السانتا ‪Ángel González ،‬‬ ‫‪ del Riego‬والذي أغتيل ب ‪ 23‬طعنة علي يد مجموعة من عبيده ‪ ،‬مما أجبر‬ ‫قوات فرقاطة ‪ Monteagudo‬على التدخل‪ .‬وكذلك في عام ‪ ، 1835‬فقد‬ ‫قامت مجموعة من العبيد في ‪ Cañete‬بحمالت علي املزارع لتحرير العمال‬ ‫املستعبدين‪ (Walker, 1990: 124-125) .‬و بالكاد تذكرهم الوثائق املتاحة‬ ‫على أنهم رجال من قطاع طرق والقتلة والبلطجية ‪ ،‬ويمكننا اليوم أن نقول‬ ‫إنهم محررون ألنهم حاولوا القضاء على العبودية دون انتظار لقرارات الدولة‪.‬‬ ‫في الفترة األخيرة من حكم نائب امللك وحتي بداية الجمهورية ظهر العديد من‬ ‫املنحدرين من أصول أفريقية و الذين نشأوا واكتسبوا مكانتهم العامة في‬ ‫خضم تلك السنوات املضطربة‪ .‬وقد كان منهم علي سبيل املثال املوسيقيين‬ ‫والرسامين ومدرس ي الرقص واملثقفين ورجال الدين الذين عاشوا بين‬ ‫املجتمع االستعماري والجمهوري‪ .‬ومن أبرز هؤالء خوسيه مانويل بالديس‬ ‫‪( José Manuel Valdés‬موسيقي وطبيب وسياس ي) وخوسيه خيل دي‬ ‫كاسترو ‪( José Gil de Castro‬رسام بورتريه) وفرانسيسكو "بانشو" فييرو‬ ‫‪( Francisco “Pancho” Fierro‬رسام تقليدي)‪.‬‬ ‫* مقتطف من املقال األصلي ‪ .‬بعنوان تواجد املنحدرين من أصول‬ ‫أفريقية في البيرو في الفترة من القرن السادس عشروحتي القرن العشرين‬ ‫‪ ،‬وزارة الثقافة ‪ ، 2015 ،‬ص‪97-90 .‬‬

‫الصفحة ‪3‬‬

‫نفوذ شمال إفريقيا في البيرو خالل الفترة االستعمارية‬ ‫اإلسبانيات وااملوريسكيات في القرن السادس عشر*‬ ‫بقلم‪ :‬ليلى بارتيت‪ .‬كاتبة وعاملة اجتماع‬ ‫يبدو مجتمع ما قبل الفترة االستعمارية ‪ -‬منذ بداياته‪ -‬كمجتمع منقسم‪.‬‬ ‫ويستمر هذا االنقسام خالل الفترة االستعمارية وبعد مرحلة االستقالل‪,‬‬ ‫ً‬ ‫وسيتخذ هذا اإلنقسام أشكاال جديدة خالل فترة الجمهورية‪ .‬و قد عرقلت‬ ‫عملية الفصل بين الرابحين والخاسرين وكذلك األسس القانونية الداعمة لكال‬ ‫الفريقين ‪ -‬منذ مرحلة مبكرة‪ -‬العمليات الوظيفية الخاصة بالنظام‬ ‫االستعماري‪ .‬و يري العالم و املتخصص الفرنس ي ‪ - Bernardo Lavallé‬والذي‬ ‫ً‬ ‫نتفق معه ‪ -‬أن القرن الثامن عشر كان أكثر القرون تمثيال للصراعات العرقية‪،‬‬ ‫فقد عمت فيه االنتفاضات والحركات املختلفة التي تشهد على صعوبة املض ي‬ ‫قدما نحو عمليات تزاوج معقدة ومتنازع عليها‪.‬‬ ‫(‪)...‬‬ ‫إن موقف الغزاة في السنوات األولى ‪ ،‬ورفضهم النسبي الختالط األعراق‬ ‫وقدرتهم علي جلب النساء األوروبيات لضمان تشكيل مجتمع من أصل إسباني‬ ‫في البيرو هي عناصر مثيرة لالهتمام في هذا البحث‪ .‬ولكن مما ال شك فيه أن‬ ‫القضية الحاسمة هي أن "اإلسبانيات" األوائل الالتي قمن بهذه الوظيفة‬ ‫األساسية هم في الواقع من اإلماء املوريسكيات ‪ ،‬والالتي قد فضلهن الالتينيون‬ ‫على نساء الشعوب األصلية عند وصولهن إلى البيرو‪ .‬وهنا يجب البحث عن‬ ‫أسباب هذا التفضيل في تاريخ عالقة إسبانيا الكاثوليكية بفكرة اآلخر وفيما‬ ‫يطلق عليه "مشروع" املجتمع الذين أتوا به‪ .‬و تعد خصائص الوجود‬ ‫املوريسكي في البالد بمثابة محور هذا االبحث‪.‬‬ ‫أسبانيا في أمريكا‬ ‫من الضروري التأكيد على سمة أساسية‪ :‬وهي أن ما وصل من إسبانيا إلى أمريكا‬ ‫مع الغزو أبعد ما يكون عن التجانس‪ .‬فقد تميزت إسبانيا بعالقتها التي أمتدت‬ ‫ً‬ ‫لثمانية قرون مع حضارة األندلس الرائعة هذا أوال ‪ ،‬وما تلي ذلك فيما بعد من‬ ‫مفاوضات وصراعات ذات طابع سياس ي و عسكري بين ملوك الطوائف‬ ‫واملسيحيين‪.‬‬ ‫إن مفهوم اآلخر الذي جلبه الفاتح هو من مورثات عالقته مع الثقافة العربية‪.‬‬ ‫ويكفي للتأكد من هذا إلقاء نظرة سريعة على نصوص املؤرخين األوائل‪ .‬فعلى‬ ‫سبيل املثال ‪ ،‬يسمي ‪ Pedro Cieza de León‬معابد السكان األصليين "مساجد"‪.‬‬ ‫و ً‬ ‫أيضا يؤكد برنال دياز ديل كاستيلو ‪ Bernal Díaz del Castillo‬أن الرحلة‬ ‫االستكشافية التي قام بها ‪ Francisco Hernández de Córdoba‬حيث أطلق‬ ‫علي أول مدينة أزتيكية عظيمة مر بها وهو في طريقه إلى ‪ Tenochtitlán‬اسم‬ ‫"القاهرة الكبرى" ‪ ،‬ويقارن ‪ Cortez‬نفسه هذه املدينة األخيرة بغرناطة‪)...( .‬‬

‫و ً‬ ‫وفقا ملا يذكره املؤرخ البيرواني ‪ ، Nelson Manrique‬فإن جميع‬ ‫املوريسكيون الذين أتوا إلى أمريكا ‪ -‬مع قليل من االستثناءات ‪ -‬كانوا ينتمون‬ ‫إلى أصول متواضعة وأنه كان يوجد من بين الغزاة في ‪ Cajamarca‬شخص‬ ‫واحد فقط ويدعي ‪ Cristóbal de Burgos‬من أصول موريسكية واليوجد تأكيد‬ ‫ألي ش يء آخر‪ .‬ولكن‪ ،‬كما يشير املؤرخ ‪ ، Guillermo Lohman‬فإن إمكانية‬ ‫التأكيد علي وجود املوريسكيين في فترة نائب امللك يكاد يكون عملية مستحيلة‬ ‫ألن معظمهم كانو يحملون أسماء إسبانية‪ .‬أما أولئك الذين وصلوا علي مدار‬ ‫القرن السادس عشر فقد كانوا يعاملونهم معاملة العبيد ‪ ،‬و كان معظمهم من‬ ‫النساء‪.‬‬ ‫(‪)...‬‬ ‫كانت املوريسكيات ‪ -‬اإلماء ذات األصول املسلمة ‪ -‬في معظمهن من البربر‬ ‫القوقازييات و من اإلسبانيات بالوالدة ‪ ،‬والالتي بدلن ديناتهن إلى املسيحية و‬ ‫كانت لغتهم األم هي اللغة اإلسبانية‪ .‬و كانت املخلطات منهن قد ولدن في إسبانيا‬ ‫أو في مستعمرات قديمة‪ .‬وكانت اإلماء من كال النوعين والالتي صرن عشيقات‬ ‫و محظيات لالسبان كان من املعتاد أن يحصلن علي حريتهن بعد فترة وجيزة و‬ ‫كان من السهولة بمكان أن يحظين بمكانة بين اإلسبانيات ‪ ،‬فقد كان هذا األمر‬ ‫ً‬ ‫سهال ً‬ ‫نسبيا ً‬ ‫نظرا ملحل ميالدهن‪.‬‬ ‫(‪)...‬‬ ‫"ظل البعض منهن في مناصب هامشية ‪ ،‬كخدم ‪ ،‬وتولت اآلخريات منهن دور‬ ‫اإلسبانيات ‪ ،‬وأستطاع بعضهن الحصول علي درجات إجتماعية مرموقة "‬ ‫(‪ . )Manrique, óp. cit.‬وخير مثال على ذلك هو الحالة التي ذكرها املؤرخ‬ ‫خوسيه أنطونيو ديل بوستو ‪ . José Antonio del Busto‬فيما يتعلق بالسيدة ‪/‬‬ ‫دونا بياتريس دي سالسيدو ‪ Doña Beatriz de Salcedo‬و التي كانت موريسكية‬ ‫على الرغم من لقبها األخير‪ .‬و قد استشهد ‪ً Lockhart‬‬ ‫أيضا بنفس الحالة ‪،‬‬ ‫وأكد أنها جاءت إلى البيرو عام ‪ 1532‬كأمه وكان أسمها بياتريس‪ ,‬وكانت إحدي‬ ‫محظيات املشرف علي مدينة ‪ ، Pizarro‬السيد ‪ /‬غارسيا دي سالسيدو ‪García‬‬ ‫‪ ، de Salcedo‬والذي انتهى به األمر بالزواج منها ‪ ،‬وإضفاء الشرعية على وضعها‪.‬‬ ‫وأصبح أسمها بياتريس دي سالسيدو ‪ Beatriz de Salcedo‬و التي صارت أول‬ ‫متحدثة باللغة اإلسبانية عن سلسلة جبال األنديز‪ .‬وقد رافقت خليلها إلى‬ ‫كاخاماركا ‪ ,‬و حينها كان ال يزال اإلنكا أتاهوالبا ‪ Atahualpa‬مسجونا وتمكنت‬ ‫من إقامة صداقات مع أخوات ونساء اإلنكا و تروي هي بنفسها لقاءها بهن‬ ‫فتقول‪:‬‬

‫الصفحة ‪4‬‬

‫"ألنني كنت أول امرأة تدخل هذه اململكة ‪ ،‬في كازامالكا‬ ‫‪ ، Casamalca‬فقد تعرفت عليهن وتعاملت وتحدثت‬ ‫إليهن‪ .‬أن هذه الشاهدة تعرف ذلك ً‬ ‫جيدا ألنها جلست‬ ‫معهن مرات عديدة‪ .‬و عاشت معهن ألنهن حرصن على‬ ‫أال تقيم هي مع رجال الجيش"‬ ‫و بعد أقامتها في كاخاماركا ‪ Cajamarca‬و في خوخا ‪ ، Jauja‬استقرت في ليما‬ ‫مع زوجها في منزل يقع في مقابل منزل الحاكم ‪ ،‬بالقرب من نهر ريماك ‪Rimac‬‬ ‫‪.‬و ً‬ ‫نظرا ألنه لم يكن من املسموح به للمسؤولين امللكيين أن يعملوا بالتجارة‬ ‫‪ ،‬فقد اهتمت إلى حد كبير بشؤون أعمال املشرف‪ .‬وقدعاشت هناك هذه‬ ‫األمه معاناة سيدها الذي تزوجها‪ -‬قبل موته ‪ -‬ليجعلها وريثة ملنصبه‬ ‫عندالهنود‪ .‬وأصبحت بياتريس دي سالسيدو ‪ – Beatriz de Salcedo‬و التي‬ ‫ً‬ ‫استثناء في جزر الهند الغربية‪ :‬فهي املرأة‬ ‫كانت تحمل لقب "دونيا" ‪-‬‬ ‫املوريسكية الوحيدة في تاريخ أمريكا التي كان لها ما يعرف اإلنكوميندا‬ ‫‪- encomienda‬وهو عبارة عن نظام عمل إسباني يكافئ به الغزاة‪ . -‬لكن ‪Del‬‬ ‫‪ Busto‬ينسب إليها ميزة أخرى‪ :‬وهي كونها أنها أول من زرعت القمح في البيرو‪،‬‬ ‫وذلك بعد تمكنها من الحصول علي بعض حبوب القمح الكاملة ‪ -‬داخل‬ ‫عبوات الدقيق التي كانت قد وصلت من إسبانيا ‪ -‬و التي لم تنجح عمليات‬ ‫الطحن السيئة من طحنها‪ .‬و في شأن آخر فهناك وثيقة رسمية موقعة من‬ ‫‪ Viceroy Conde de Nieva‬تؤكد أن النبالء القشتاليين لم يكن لهم الفضل‬ ‫في إدخال ا زراعة القمح في البالد ‪ ،‬ولكن هذا الفضل يعود إلي اإلماء‬ ‫املوريسكيات‪ .‬لكن هذا األمر يبدو شائكا ألن جميع النساء اإلسبانيات الالتي‬ ‫وصلن إلى البيرو قبل عام ‪ - 1537‬سواء كن مورسكيات أم ال ‪ -‬يدعين نفس‬ ‫الشرف‪.‬‬ ‫(‪)...‬‬ ‫مع مرور السنين ‪ ،‬تضاءل وجود املورسكيين ‪ .‬و لكن آثارهم موجودة ففي‬ ‫عام ‪ 1554‬كانت لوسيا دي هيريرا ‪ Lucía de Herrera‬تعمل في منصب كبير‬ ‫لدي القائد فرانسيسكو هيرنانديز جيرون‪Francisco Hernández Girón‬‬ ‫قائد ثورة ‪1554‬وفي عام ‪ 1560‬قدمت محاكم التفتيش العديد من‬ ‫املوريسكيين إلى املحاكم العادية‪.‬‬

‫سيدة محجبة‬ ‫استديو ‪( Muñíz y Charton‬حوالي ‪)1869‬‬ ‫(ج) متحف ليما للفنون‬

‫عندما انتهى الغزو ‪ ،‬احتلت البالد أقلية متطرفة من املهاجرين البيض والكريول‪.‬‬ ‫ألفا ‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ً 250‬‬ ‫لم يتعدي عددهم أكثر من ‪ً 150‬‬ ‫ألفا من العبيد السود‬ ‫واملخلطين و الذين تصل نسبتهم إلى ‪ ٪ 5‬فقط من إجمالي السكان‪ .‬وتعتبر البيرو في‬ ‫عهد ‪ Viceroy Toledo‬هندية على نطاق واسع‪ .‬ولكن بحلول عام ‪ ، 1650‬كان‬ ‫هناك بالفعل العديد من "الطوائف" كالهنود‪ .‬و بشكل عام ‪ ،‬منذ القرن السادس‬ ‫عشر وحتي القرن الثامن عشر ‪ ،‬انخفض عدد السكان الهنود وازدادت حاالت‬ ‫التهجين املختلفة‪ .‬و استمرت هذه االنقسامات العرقية و الثقافية بعد اإلستقالل‬ ‫و حتي الوصول إلي الجمهورية‬ ‫* مقتطف من املقال األصلي ‪ ،‬املتوفربعنوان ‪، Mujer e Independencias‬‬

‫و ختاما‬ ‫ال نريد التوقف هنا إلستحضار السمات الصعبة للتزاوج بين السكان ‪ ، Centro Virtual Cervantes ، 2016‬بالرابط االليكتروني التالي ‪:‬‬ ‫األصليين واإلسبان في البيرو منذ بداية عهد نائب امللك‪ .‬فاألمر يتعلق بمجتمع ‪https://cvc.cervantes.es/literatura/mujer_independencias/bartet01.htm‬‬ ‫طبقي للغاية يتسم بالطائفية وتعدد األعراق ‪ ،‬وهو التقسيم الطبقي الذي‬ ‫استمر في جميع أنحاء املستعمرة ولم يختف حتي مع االستقالل‪)...( .‬وبحلول‬ ‫عام ‪، 1570‬‬

‫الصفحة ‪5‬‬

‫وصفة‪ :‬البيكارونس‬ ‫العودة من جديد ‪،‬‬ ‫إلى الحي الذي غادرته ‪،‬‬ ‫الحرس القديم ‪،‬‬ ‫هم أوالد األمس‪.‬‬ ‫لم يعد هناك البيكارونس ‪،‬‬ ‫التي تصنهعا إيزابيل الطيبة ‪،‬‬ ‫كل ش يء ذهب ‪ ,‬كل ش يء‬ ‫على مر السنين‪.‬‬ ‫فيليبي بينجلو‬ ‫يعود من جديد إلي الحي ‪1934 ،‬‬

‫املكونات‬ ‫ ‪ 1‬كيلو من القرع العسلي‬‫ ‪ 750‬جرام من البطاطا حلوة‬‫ ‪ 10‬جرام من الخميرة الجافة‬‫ ‪ 650‬غرام من طحين الغير جاهز‬‫ ‪ 60‬جرام من السكر‬‫ ‪ 2‬مالعق كبيرة من اليانسون‬‫ ‪ 100‬مل من ماء القرع العسلي‬‫ ‪ 200‬مل من ماء ماء البطاطا الحلوة‬‫‪- 1‬ملعقة صغيرة من امللح‬ ‫التحضير‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫في إناء يتم وضع البطاطا الحلوة املقطعة إلى مكعبات‪ .‬يضاف إليها املاء ويطهى على نار متوسطة ملدة ‪ 10‬دقائق‪ .‬احتفظ بمياه الطهي‪ .‬و بعدها يتم هرس البطاطا‬ ‫الحلوة املطبوخة حتي تصل لدرجة املزيج‪.‬‬ ‫في وعاء آخر ‪ ،‬يضاف القرع العسلي املقطع إلى مكعبات‪ .‬يغطى باملاء ويطهى على نار خفيفة ملدة ‪ 10‬دقائق‪ .‬احتفظ بمياه الطهي‪ .‬و بعدها يتم هرس القرع املطبوخ‬ ‫ً‬ ‫معجونا‪.‬‬ ‫حتى يتشكل‬ ‫ن‬ ‫في وعاء آخر ‪ ،‬اخلط ‪ 200‬ملليلتر من ماء البطاطا (ساخن) و ‪ 100‬ملليلتر من ماء القرع (ساخن)‪ .‬و يضاف اليانسو والسكر البني وامللح والخميرة الجافة‪ .‬و يقلب‬ ‫الخليط‪ .‬صب ‪ 500‬جرام من هريس القرع العسلي و ‪ 300‬جرام من هريس البطاطا الحلوة و ييتم التقليب جديدا حتي يصير الخليط متجانسا ‪ .‬يضاف الدقيق غير‬ ‫ً‬ ‫الجاهز واملنخول مسبقا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يضرب و ُتخفق العجينة وتغطى ُوتحفظ في مكان دافئ ملدة ساعتين‪ .‬ثم انزع الغطاء واضرب العجين مرة أخرى‪ .‬غطيها واحتفظي بها في مكان دافئ ملدة ساعتين‬ ‫إضافيتين‪ .‬بمرور الوقت ‪ ،‬يجب أن يكون للعجين قوام متفتت‪.‬‬ ‫في كوب من املاء ‪ ،‬أضيفي ملعقة كبيرة من امللح ‪ ،‬واخلطيها واحتفظي بها‪ .‬يعمل هذا املحلول على تبليل األصابع ومنع العجين من االلتصاق عند االتعامل ‪.‬‬ ‫تقلى قطع العجين على نار متوسطة عالية‪ .‬انتظري حتى تنتفخ العجينة ‪ ،‬ثم اصنع ً‬ ‫ثقوبا باستخدام عود أسنان‪.‬‬ ‫يتم تقديم البيكارونس بعد تغطيته بالعسل‬