Issue 10 Volume 45

Page 15

‫‪September 26, 2012‬‬

‫‪ 27‬تشرين الثاني‪2012 ،‬‬

‫‪ . 15‬اجتماعيات‬

‫الطبيب‪ ...‬و�شرف الإن�سانية‬

‫رامي حسان دياب‬ ‫طالب طب في اجلامعة‬ ‫األميركية‪ ،‬سنة ثانية‬

‫استهوتني مهنة الطب ودراسة‬ ‫العلوم الطبية منذ مطلع عهدي‬ ‫بالدراسة اجلامعية‪ ،‬ولعل أكثر ما‬ ‫شدني إلى التعلق بهذه املهنة‬ ‫هي الناحية اإلنسانية التي‬ ‫متيزها عن غيرها من العلوم‪ .‬وها‬ ‫أنا اليوم ورغم أنني ما أزال تلميذا ً‬ ‫يحبو في دراسة الطب‪ ،‬فقد بدأت‬ ‫أشعر بأن أهم ما مييز هذه املهنة‬ ‫هو كونها ترتكز على قواعد‬ ‫أخالقية وسلوكية تنبثق من‬ ‫اإلميان بإنسانية اإلنسان‪ ،‬ورمبا كان‬ ‫ذلك انطالقا ً من اعتبار أن اإلنسان‬ ‫هو املقياس األساس لألشياء‬ ‫وجميعها كما يقول أبو الطب‬ ‫الفيلسوف اليوناني أبوقراط‪.‬‬ ‫من هنا بات الواجب اإلنساني‬ ‫يفرض على كل من يرغب في‬ ‫دراسة علوم الطب‪ ،‬أن يتحلى‬ ‫بأكبر قدر من الشعور والتقدير‬

‫نحو أخيه اإلنسان‪ ،‬فكيف إذا‬ ‫كان هذا اإلنسان مريضا ً يحتاج‬ ‫إلى من يتكفل مبعاجلته والعناية‬ ‫به ودرء خطر املرض عنه‪ .‬وتبدو‬ ‫أهمية ذلك حينما نرى أن اهتمام‬ ‫اإلنسان في عاملنا اليوم‪ ،‬هذا‬ ‫العالم التي تسيطر عليه املادة‪،‬‬ ‫بات يقتصر على املظاهر املادية‬ ‫لإلنسان‪ .‬األمر الذي بات يفرض‬ ‫على الطبيب التحلي بالنزعة‬ ‫األخالقية وإعادة الكرامة إلى‬ ‫القيمة اإلنسانية لتكون مرادفا ً‬ ‫الهتمامه بالنزعة العلمية‪.‬‬ ‫ويبدو أن هذا اجلانب اإلنساني في‬ ‫مزاولة مهنة الطب هو ما متيز‬ ‫به األطباء العرب بحيث أطلقوا‬ ‫على الطبيب اسم “احلكيم” ذلك‬ ‫أن احلكمة هي اكتشاف العلم‬ ‫بالتعلم والتجارب ألن احلقيقة‬ ‫في الطب غاية ال تدرك‪ ،‬كما‬ ‫يتبني لنا في كتاب “القانون في‬ ‫الطب” الذي صنفه ابن سينا‬ ‫والذي اعتبر املرجع األساسي‬ ‫لتدريس الطب في اجلامعات‬

‫انت�صار كل ّية الهند�سة ‪ :‬بنكهة ع�صري الليمون‬

‫إلى شكاوى املرضى والتبصر‬ ‫آنذاك‪ .‬و كما جتدر اإلشارة في‬ ‫مبعاناتهم‪ ،‬بل تراهم يسارعون‬ ‫هذا اجملال أيضا ً إلى ما جاء على‬ ‫إلى إعطاء الوصفة الطبية دون‬ ‫لسان الطبيب الرازي املعروف‬ ‫شرح أو حتليل أو نصح أو إرشاد‬ ‫بجالينوس العرب قبل أكثر من‬ ‫كاف للمريض‪ ،‬بل و رمبا عدم‬ ‫ألف عام وهو الذي ظل حجة‬ ‫ٍ‬ ‫الطب بال منازع على مدى عصور االلتفات إلى املعاناة النفسية‬ ‫طويلة حتى أن جامعة برنستون للمريض وبخاصة من يشكو من‬ ‫في الواليات املتحدة توجت إحدى مرض عضال‪ .‬لذلك ال بد لنا من‬ ‫التذكير مبا جاء في قسم أبقراط‪:‬‬ ‫مبانيها بصورة له‪ .‬قال الرازي‬ ‫“إذا أنا وفيت بهذا القسم يحق‬ ‫بحبه على املرضى‬ ‫الذي اشتهر ّ‬ ‫لي أن أهنأ باحلياة وبالفن الذي‬ ‫والرأفة بهم “ينبغي للطبيب‬ ‫شرفت باالشتهار به بني الناس‪،‬‬ ‫أن يوهم املريض أبدا ً بالصحة‬ ‫واثق متاما ً وأن أعطي نصيبا ً من التعاليم‬ ‫وير ّجيه بها وإن كان غير ٍ‬ ‫بذلك‪ .‬فمزاج اجلسم تابع ألخالق األخالقية ألبنائي وتالميذي الذين‬ ‫قبلوا بهذا العهد‪ ،‬وأن أحافظ عل‬ ‫النفس” وهذا ثابت من وجهة‬ ‫حياتي بطهارتي وتقواي”‪.‬‬ ‫الصحة النفسية كونه يرفع‬ ‫حقا ً أيها الطبيب‪ ،‬إنك إذا ما‬ ‫الروح املعنوية للمريض‪.‬‬ ‫تشرفت مبزاولة مهنة الطب‪ .‬فإن‬ ‫أود اإلشارة في اخلتام إلى أن‬ ‫هذا الشرف إمنا يعود أساسا ً إلى‬ ‫ما حذا بي إلى التطرق ألهمية‬ ‫وجوب إميانك بإنسانية أخيك‬ ‫اجلانب اإلنساني في مزاولة‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫الطب هو ما تردد أمامي وتناهى‬ ‫إلى سمعي عن عدم اكتراث‬ ‫الكثير من األطباء في لبنان‬ ‫والدول العربية باالستماع‬

‫فارس طراد‬ ‫متطوع‬ ‫كاتب‬ ‫ّ‬ ‫بطريقة طريفة ومميزة قررت اجملموعة‬ ‫التي فازت بأغلبية املقاعد النيابية‬ ‫وكافة املقاعد الوزارية التابعة لكلية‬ ‫الهندسة والعمارة من االحتفال‬ ‫بانتصارها عبر توزيع منشورات تدعو‬ ‫من خاللها كافة الطالب إلى االجتماع‬ ‫أمام مبنى ‪ Bechtel‬واالستمتاع بكوب‬ ‫من عصير الليمون الطازج مع الفائزين‪.‬‬ ‫لذلك وبعد املشاركة في احتفال رفع‬ ‫العلم اللبناني توجه نهار األربعاء‬ ‫‪ ،٢٠١٢/١١/٢١‬عدد من الطالب إلى‬ ‫مبنى ‪ Bechtel‬حيث ألقى جاد دميان‬ ‫خطابا ً سريعا ً شدد من خالله على‬ ‫أهمية الفوز هذه السنة و ألوّل مرّة‬ ‫بعد أكثر من ‪ ١٥‬سنة‪ ،‬مؤكدا ً بأن هذا‬ ‫االنتصار سيعزز من خالل املشاريع التي‬ ‫سيسعى الفائزون إلى حتقيقها‪ .‬بعد‬ ‫ذلك عمد الطالب إلى توزيع العصير‬ ‫على املشاركني وساد االحتفال جو‬ ‫من املرح والضحك‪ .‬عسى أن يكون‬ ‫هذا االنتصار بنكهة عصير الليمون‬ ‫يحمل مسؤولية‬ ‫في مكانه‪ ،‬أي أن ّه ّ‬ ‫كبيرة للمحتفلني في امتحان اإلجناز أو‬ ‫السنة القادمة‪.‬‬ ‫الفشل في ّ‬

‫منطق مقلوب ! (الر ّد على الون�ش و الدمية)‬ ‫ٌ‬ ‫هزار كنج‬ ‫متطوعة‬ ‫كاتبة‬ ‫ّ‬ ‫“الونش و الدمية”‪...‬قد يكون‬ ‫بيانية‬ ‫في هذه العبارة صورةٌ ّ‬ ‫مبتكرة و تصوير للواقع بخفّ ٍة و‬ ‫شك فيه هو أ ّن‬ ‫ذكاء‪ .‬إال أ ّن ما ال‬ ‫ّ‬ ‫فيها أيضا ً تشوي ٌه مفج ٌع ألصول‬ ‫التهذيب و اللياقة‪...‬إ ّن ما أحتدث‬ ‫بعنوان “الونش و‬ ‫عنه هو مقالٌ ُ‬ ‫الدمية” ن ُ ِشر في األوتلوك (عدد‬ ‫‪ 17‬تشرين األول)‪ .‬مقالٌ َش َح َنني‬ ‫حتسرا ً‬ ‫أسفا ً على‬ ‫شباب اليوم و ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َب ّ‬ ‫الشواذ قاعدة و‬ ‫على‬ ‫منطق قل َ‬ ‫ٍ‬ ‫القاعدة شواذ‪.‬‬ ‫لشاب فيه‬ ‫استهزاء‬ ‫في املقال‬ ‫ٍّ‬ ‫ٌ‬ ‫من اللباقة و االحترام لذاته و‬ ‫ست‬ ‫لصديقته ما دفعه حلمل ّ‬ ‫كتب دون أن يطلب مساعدتها‪.‬‬ ‫ولكن يبدو أنَّ لطافة ّ‬ ‫الشاب‬ ‫استفزَّت كاتبنا العزيز‪ ،‬فاستهزأ‬ ‫بالفكرة منتقدا ً ما أسماه‬ ‫الش ّبان إغراء ّ‬ ‫محاولة ّ‬ ‫الشابات‬ ‫من الناحية اجلسدية غافلني‬ ‫نواحي أخرى‪ ،‬مناديا ً باملساواة‪،‬‬

‫محقِّ را ً اجملتمعات ّ‬ ‫الشرقية و‬ ‫عاداتها البالية ‪،‬متسائال ً كيف‬ ‫ميكن المرأة ال حتمل كومة كتب‬ ‫مسؤولية وطن؟؟‬ ‫أن حتمل‬ ‫ّ‬ ‫العربية قد‬ ‫و كأ ّن مجتمعاتنا‬ ‫ّ‬ ‫السلبية‬ ‫خلت من ال ّتصرفات ّ‬ ‫حتى أصبحنا نتربّص بأطالل‬ ‫املالئح نريد تغييرها!! (يا عيب‬ ‫ّ‬ ‫الشوم)‪ .‬إ ّن األمور السلبية في‬ ‫ّ‬ ‫وطننا‪ ،‬لألسف الشديد‪ ،‬ال تُع ّد و‬ ‫الطائفية املتجذ ّرة‬ ‫ال تحُ صى‪ :‬من‬ ‫ّ‬ ‫املدرسي‬ ‫في العقول‪ ،‬إلى ال ّتسرّب‬ ‫ّ‬ ‫و عمالة األطفال‪ ،‬إلى رمي‬ ‫الطرقات و ما بني‬ ‫النّفايات على ّ‬ ‫هذه و تلك من مظاهر ال ّتخلّف‬ ‫احلقيقية‪ .‬أما األتيكات‪ -‬التي‬ ‫ّ‬ ‫“عربية”‬ ‫عادات‬ ‫زميلنا‬ ‫اعتبرها‬ ‫ّ‬ ‫“متخلِّفة”‪ -‬فلطاملا كانت من أبرز‬ ‫قي و لطاملا‬ ‫مظاهر احلضارة و الر ّ ّ‬ ‫الغربية‪.‬‬ ‫تباهت بها اجملتمعات‬ ‫ّ‬ ‫فكما على الصغير إجالل الكبير‬ ‫و مساعدته احتراما ً لعمره و‬ ‫تقديرا ً لضعفه‪ ،‬كذلك على‬ ‫الشاب احترام الفتاة و معاملتها‬ ‫بلطف و شهامة‪ .‬وذلك ال يعني‬ ‫ٍ‬ ‫أن يكون هو الونش و هي الدمية‬

‫بل ببساطة أن يكون الرّجل رجل‬ ‫و املَرأة إمرأة‪.‬‬ ‫صحيح أن الرجل و املرأة هما‬ ‫ٌ‬ ‫نصفا اجملتمع إال أنَّ املناداة‬ ‫باملساواة الكاملة بينهما جرمية‬ ‫بحق العدالة‪ .‬فكما أن املساواة‬ ‫بني الضريبة التي يدفعها الفقير‬ ‫و تلك التي يدفعها الغني أمر‬ ‫مناف للعدالة كذلك املساواة‬ ‫ٍ‬ ‫بني الرّجل و املرأة‪...‬إ ّن الرجل الذي‬ ‫يتذمر من حمل كومة كُتب‬ ‫ّ‬ ‫لتسع دقائق‪ ،‬غافال ً‪-‬أو متناسيا ً‬ ‫أمه “األضعف جسديّاً”‬ ‫رمبا‪ -‬أ ّن ّ‬ ‫حملته في رحمها تسعة أشهر‪،‬‬ ‫هو غير مؤهل حلمل مسؤولية‬ ‫مبسؤولية‬ ‫أسرة صغيرة‪ ،‬فكيف‬ ‫ّ‬ ‫وطن؟! فاملرأة لم تطلب يوما ً من‬ ‫الرّجل أن يحمل عنها جنينها‬ ‫أربعة أشهر مثالً‪ ،‬أو أن يتناوبا‬ ‫فتحمل هي األول وهو الثاني! بل‬ ‫هي حتمل و تُنجب و تُرضع و تُربي‬ ‫تع َبة و لكن‬ ‫و تسهر الليالي‪ِ ،‬‬ ‫ف ِر َحة ألنها تعطي من نفسها‬ ‫حتب‪.‬‬ ‫ملن ّ‬ ‫وقد يسخر من يقرأ هذه‬

‫الكلمات قائال ً “لو ع ِل َمت املرأة‬ ‫أ ّن باستطاعة الرّجل احلَمل و‬ ‫تطوعت لفعل ذلك‬ ‫اإلرضاع ملا ّ‬ ‫مبفردها‪ ،‬و لو استطاع الرّجل‬ ‫فعل ذلك حقًّ ا ً ملا تأ ّخر عن‬ ‫مساعدتها!” قد يكون ذلك‬ ‫صحيحا و قد ال يكون‪ ،‬و لكن في‬ ‫كلتي احلالتني فهو إقرار ٌ صريح‬ ‫بوجود اختالف بيولوجي ال مفر ّ‬ ‫منه بني اجلنسني‪ .‬و هذا االختالف‬ ‫لم يوجد فقط للتكاثر و إنمّ ا وُ ِجد‬ ‫كمل أحدهما‬ ‫لتوزيع األدوار و لِ ُي ِّ‬ ‫اآلخر‪.‬‬

‫مو ّحد‪.‬‬ ‫من الفساد و وطن قوي و َ‬ ‫إنَّ بِناء األوطان يبدأ بتربية صاحلة‬ ‫ألبناء اليوم الذين سيصبحون‬ ‫قادة الغد‪ ،‬و ال ّتربية الصاحلة تبدأ‬ ‫من األ ّم‪ .‬و ذلك ال يعني أ ّن دور األب‬ ‫و املدرسة و حتى اجملتمع ال أهمية‬ ‫لهم في هذه التربية و لكن يبقى‬ ‫الدور األساسي الذي ال غنى عنه‬ ‫لألم‪ .‬فهي التي تو ِّجه‪ ،‬وترعى‪،‬‬ ‫انقطاع‪ ،‬و دون‬ ‫وتهتم‪ ،‬وتُتابع دون‬ ‫ٍ‬ ‫ملل أو كلل‪.‬‬

‫ختاماً‪ ،‬إ ّن تضحيات النّساء في‬ ‫مختلف اجملتمعات هي تضحيات‬ ‫وإذا كانت نسبة النّساء من اليد عُ ظمى‪ ،‬وال يزال البعض يستكثر ُ‬ ‫تتخطى الرّبع‪ ،‬فهذا ال عليهن َّ القليل من االحترام و‬ ‫العاملة ال‬ ‫ّ‬ ‫التقدير!!! شكرا ً أمي و شكرا ً‬ ‫ميكن أن يكون نتيجة ما أسماه‬ ‫لكل إمرأة تربّي أوالدها على‬ ‫زميلنا “ممارسات تافهة”‪ ،‬إنمّ ا هو‬ ‫األخالق و القيم‪.‬‬ ‫نتيجة حقيقة يرفض كثيرون‬ ‫اإلقرار بها و هي أ ّن للنّساء دور ٌ‬ ‫أسما و أعظم بألف مرة من‬ ‫حكم الدول و هو التربية‪ .‬إن‬ ‫التربية الصاحلة و الشاملة من‬ ‫شأنها أن تضمن لنا جيال ً من‬ ‫الشباب الواعي و النَّزيه و هي‬ ‫بالتالي ضمانة ملؤسسات خالية‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.