أوكسجين العدد ( 79 ) السنة الثانية - الجمعة 11/10/2013

Page 12

‫سياسة‬

‫التحالف السوري التركي بين القبول والرفض‬

‫أوكسجين | جواد أسود‬ ‫ميكــن اختصــار موقــف الرافضــن ألي تحالــف‬ ‫ســوري تــريك‪ ،‬أو أي تقــارب بينهــا‪ ،‬بعلّتــن أو‬ ‫هاجســن يرددهــا املتشــامئون وهــا‪ :‬قضيــة‬ ‫لــواء اســكندرون‪ ،‬وشــبح الخالفــة العثامنيــة‬ ‫القــادم مــن الشــال‪ .‬إال أن مراجعــة تاريخيــة‬ ‫مبســطة للوضــع توصلنــا إىل النتائــج التاليــة‪،‬‬ ‫فيــا يتعلــق بقضيــة اللــواء؛ عاشــت العالقــات‬ ‫الســورية الرتكيــة مرحلــة مــن الحــرب البــاردة‬ ‫خــال حكــم حافــظ األســد‪ ،‬الــذي كان يســعى‬ ‫مــن خــال متســكه بشــعار اســتعادة لــواء‬ ‫اســكندرون واســتعداء تركيــا؛ ألهــداف ال‬ ‫عالقــة لهــا بالوطنيــة واملقاومــة‪ ،‬وإمنــا لغايــات‬ ‫أخــرى منهــا رصف نظــر الســوريني عــن تخاذله‬ ‫أمــام ارسائيــل يف ‪ 1967‬وحتــى ‪ ،1973‬وعــدم‬ ‫قدرتــه عــى اســرجاع األرايض املحتلــة‪ ،‬فجعــل‬ ‫مــن قضيــة اللــواء بـــؤرة توتــر لــرف األنظــار‬ ‫عــن اســتعادة الجــوالن وليعطــي إيحــا ًء وطنيـاً‬ ‫بأنــه رجــل الحقــوق‪ .‬ثــم يتحمــل مســؤولية‬ ‫ســقوط الجــوالن بيــد ارسائيــل‪ .‬ولوجــود نســبة‬ ‫مــن العلويــن مبنطقــة اللــواء تتيــح لــه اللعــب‬ ‫عــى الوتــر الطائفــي واســتاملتهم بحجــة‬ ‫أنهــم مقهــورون مغيّبــون مــن قبــل الحكومــة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬وإبقائهــم خــزان دعــم يف مرحلــة‬ ‫يحتاجهــا إليهــم يف الداخــل الســوري فيــا‬ ‫لــو اضطــر إىل حــرب مذهبيــة داخــل ســوريا‪،‬‬ ‫وهــذا مــا حصــل والدليــل مع ـراج أورال‪ .‬ولــو‬

‫قـ ّدر للقاطنــن باللــواء االســــتفتاء عــى بقائهم‬ ‫تحــت الحكــم الــريك أو الحكــم الســوري ملــا‬ ‫رغــب واحــد منهــم باالنتقــال إىل الحكــم‬ ‫الســوري‪ ،‬ثــم مغازلــة األح ـزاب الكرديــة ذات‬ ‫الفكــر االنفصــايل ليدعمهــا يف تركيــا لقــاء عــدم‬ ‫مامنعتهــا لــه بالداخــل الســوري‪ ،‬ومــن مثــ ّذ‬ ‫دعمهــم عــن طريــق األقليــة العلويــة باللــواء‪،‬‬ ‫وهــذا مــا رصح بــه عالنيــة بالصــوت والصــورة‬ ‫معـراج أورال مــن خــال اجتامعاتــه مــع عبــد‬ ‫اللــه أوجــان ذو األصول العلويــة‪ .‬ولكن موقف‬ ‫تركيــا الصلــب تجــاه النظــام الســوري آنــذاك‬ ‫أجــر حافــظ األســد عــى الرتاجــع والتخــي‬ ‫عــن دعــم وحاميــة أوجــان‪ ،‬وبــدء التضييــق‬ ‫عــى األكـراد يف ســوريا أيضـاً‪ .‬إذن قضيــة اللواء‬ ‫هــي للمتاجــرة السياســية وليســت قضيــة‬ ‫مبــدأ‪ ،‬والدليــل أنــه بعــد أن توتــرت العالقــات‬ ‫مــع تركيــا نتيجــة موقفهــا الداعــم للثــورة‬ ‫الســورية؛ قــام النظــام بإعــادة طــرح قضيــة‬ ‫اللــواء مــن جديــد عــى املســتوى الشــعبي‬ ‫وعــن للــواء محافظــاً‬ ‫للتحريــض عــى تركيــا‪َّ ،‬‬ ‫ســورياً يقيــم بحلــب‪ .‬إذا ً أغلــب األقليــات يف‬ ‫الداخــل الســوري هــي ضــد التقــارب الســوري‬ ‫الــريك‪ .‬هنالــك مغالطــات كثــرة تشــوب الفكــر‬ ‫العــريب عنــد الكثرييــن ممــن ي ّدعــون أنهــم‬ ‫أصحــاب فكــر ومعرفــة‪ ،‬والذيــن متســكوا‬ ‫بشــعارات قوميــة ووطنيــة جوفــاء وتجاهلــوا‬ ‫حقائــق التاريــخ‪ ،‬مــن هــذه الحقائــق املغيّبــة‬

‫العدد (‪ )79‬السنة الثانية ‪ -‬الجمعة ‪2013\10\11‬‬

‫هــو مفهــوم الســلطنة العثامنيــة أو االحتــال‬ ‫العثــاين للوطــن العــريب‪ .‬ومــن يتتبــع‬ ‫التسلســل الزمنــي لتاريــخ املنطقــة يكتشــف‬ ‫أن الوطــن العــريب مل يكــن دولــة مســتقلة‬ ‫وجــاء العثامنيــون الحتاللهــا‪ ،‬بــل عــى العكــس‬ ‫بعــد انتهــاء العــر العبــايس عاشــت املنطقــة‬ ‫وتقســمت‬ ‫العربيــة رصاعــات وحــروب عديــدة ّ‬ ‫مــن خــال هــذه الفــوىض إىل دويــات صغــرة‬ ‫متناحــرة‪ .‬ولقــد ســاهم العــرب بازدهــار‬ ‫االمرباطوريــة العثامنيــة وبفتوحاتهــا رشقــاً‬ ‫وغربــاً‪ .‬فالتاريــخ يؤكــد أن العثامنيــن كانــوا‬ ‫فاتحــن ومل يكونــوا دولــة احتــال‪ .‬وبــدأت‬ ‫حكومــة مصطفــى كــال أتاتــورك الــذي غـ ّـر‬ ‫وجــه تركيــا ونحــى باتجــاه العلمنــة‪ .‬ومــن‬ ‫يتوهــم أن تركيــا تحلــم بإعــادة هــذا األســلوب‬ ‫مــن الحكــم فهــو جاهــل بالتطــور اإلداري‬ ‫والســيايس للحكومــات والشــعوب‪ ،‬بــل عــى‬ ‫العكــس‪ ،‬فرتكيــا متــارس أرقــى أنــواع التحــرر‬ ‫مــن خــال إتاحــة املجــال للفــرد أن يؤمــن‬ ‫وميــارس عبادتــه كــا يشــاء‪ ،‬دون أن تتدخــل‬ ‫الدولــة بالحظــر عليــه‪ .‬فالتحالــف الســوري‬ ‫الــريك هــو تحالــف بــن شــعبني مؤمنــن‬ ‫بالحريــة والعدالــة واالســتقالل‪ ،‬وليــس تحالــف‬ ‫بــن الســوريني الســ َّنة والعثامنيــن الســ َّنة يف‬ ‫تركيــا بهــدف إنشــاء دولــة الخالفــة ومضايقــة‬ ‫األقليــات‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.