مجلة الإدارة والسياسة الجزء الثاني

Page 41

‫الخسارة‪ ،‬والمخاطر التي سادت وميزت العقود األولى من الصراع حيث تقاطعت الظروف مع اللحظة الفارقة التي‬ ‫دخلت فيها النرويج على خط الصراع؟‬ ‫ففي أواخر السبعينات من القرن الماضي أصبح األمر أكثر وضوحاً في فقدان الفلسطينيين لألوهام المتعلقة بالبعد‬ ‫العربي‪ ،‬بحلول أواخر عام ‪ ،1978‬بدأ السادات ينتهج سياسة "ذات وجهين" فعلى حين ظل يتحدث عالنية مؤيداً‬ ‫الحقوق الفلسطينية‪ ،‬فإنه كان قد بدأ س اًر في إرسال رسائل مختلفة عن ذلك تماماً لإلسرائيليين‪ ...‬لقد استبعدت‬ ‫منظمة التحرير من قاموسي‪ ...‬واستطرد وايزمان "من هذا أفهم أنه لن يكون هناك دولة فلسطينية"‪ .‬فأجاب السادات"‬ ‫تماماً‪ ،‬ال دولة وعدد صغير من النقاط العسكرية القوية إلسرائيل" (فهمي‪ :1985،‬ص ‪ .)428‬وقد ساد تلك الفترة‬ ‫ايضاً شعارات التعنت في الموقف العربي والفلسطيني عبرت عنه الالءات الثالثة لقمة الخرطوم" ال صلح‪ ،‬ال‬ ‫اعتراف وال تفاوض"‪ ،‬التي أعقبت حرب حزيران ‪ ،1967‬وما تبعها من فورة امتزج فيها الحابل بالنابل تحت وطأة‬ ‫الهزيمة‪ ،‬وساد الضجيج في العمل والخطاب السياسي وحتى العسكري بمحاولة نشر التطرف للتستر على العجز‬ ‫والفشل ومحاولة محو آثار العدوان‪ ،‬إال أن دالالت أخرى كانت تتفاعل في ركن ما وسط هذا الضجيج‪ ،‬أسست‬ ‫لتوجه فلسطيني مثير لالهتمام بزغ من وسط هذا المعمعان تنبه إلى ضرورة تغليب صوت العقل ومراجعة‬ ‫الطروحات لتتالءم واالمكانيات المتاحة‪ ،‬ويمكن ألي متابع أن يرصد ثالث ظواهر هامة راحت تتبلور منذ تلك‬ ‫الفترة‪ :‬بداية انحسار الرفض باهتزاز األرض التي أنبتته‪ ،‬وبداية االهتمام باستخدام الشرعية الدولية سالحاً في‬ ‫المواجهة مع إسرائيل‪ ,‬وبداية انحسار األوهام الفلسطينية بشأن المحيط العربي( حوراني‪ :2000،‬ص ‪.)17‬‬ ‫إذاً هي الشرعية الدولية التي بدأ الفلسطينيون إدراك أهميتها كسالح فاعل في الصراع ضد االحتالل‪ .‬وبدأ المسعى‬ ‫الفلسطيني يرتكز في استراتيجيته بالبحث عن مشاركة في مشاريع التسوية السياسية حيث أدركت منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية أهمية الواقعية السياسية وقبولها باألمر الواقع من خالل اعترافاتها بالق اررات الدولية كأساس للتسوية‬ ‫السياسية للقضية الفلسطينية وكمدخل وحيد لفرض دورها كطرف مساو في معادلة الصراع‪ .‬تقاطعت خصائص هذه‬ ‫اللحظة السياسية مع الموقف األوروبي المنجذب بقوة للعب دور متقدم في القضية الفلسطينية أساس الصراع في‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬وبدت الفرصة سانحة أمام الموقف األوروبي العام لدفع منظمة التحرير الفلسطينية إلى مواقعه‬ ‫والزامها بشروطه‪ ،‬فاستجابت لهذه الفرصة بعقالنية‪ ،‬خطوة تلو الخطوة‪ ،‬وهي نظرية هنري كيسنجر وزير الخارجية‬ ‫األمريكي‪ ،‬في إطار سعيها لتدجين وترويض الخطاب والفعل الفلسطيني للوقوف على حقيقية قبول إسرائيل‪.‬وشهدت‬ ‫الساحة الدولية نشاطات هامة من شأنها دعم وتشجيع هذا التوجه لدى الفلسطينيين ودفعهم على المزيد من االنخراط‬ ‫في العمل الدبلوماسي حين أصدرت الجمعية العمومية لألمم المتحدة قرارها ‪ 3379‬في العاشر من تشرين الثاني من‬ ‫العام ‪ ،1975‬باعتبار الحركة الصهيونية حركة عنصرية‪ ،‬على الرغم من أن معظم الدول األوروبية صوتت ضد‬

‫‪ 494‬من ‪944‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.