الخسارة ،والمخاطر التي سادت وميزت العقود األولى من الصراع حيث تقاطعت الظروف مع اللحظة الفارقة التي دخلت فيها النرويج على خط الصراع؟ ففي أواخر السبعينات من القرن الماضي أصبح األمر أكثر وضوحاً في فقدان الفلسطينيين لألوهام المتعلقة بالبعد العربي ،بحلول أواخر عام ،1978بدأ السادات ينتهج سياسة "ذات وجهين" فعلى حين ظل يتحدث عالنية مؤيداً الحقوق الفلسطينية ،فإنه كان قد بدأ س اًر في إرسال رسائل مختلفة عن ذلك تماماً لإلسرائيليين ...لقد استبعدت منظمة التحرير من قاموسي ...واستطرد وايزمان "من هذا أفهم أنه لن يكون هناك دولة فلسطينية" .فأجاب السادات" تماماً ،ال دولة وعدد صغير من النقاط العسكرية القوية إلسرائيل" (فهمي :1985،ص .)428وقد ساد تلك الفترة ايضاً شعارات التعنت في الموقف العربي والفلسطيني عبرت عنه الالءات الثالثة لقمة الخرطوم" ال صلح ،ال اعتراف وال تفاوض" ،التي أعقبت حرب حزيران ،1967وما تبعها من فورة امتزج فيها الحابل بالنابل تحت وطأة الهزيمة ،وساد الضجيج في العمل والخطاب السياسي وحتى العسكري بمحاولة نشر التطرف للتستر على العجز والفشل ومحاولة محو آثار العدوان ،إال أن دالالت أخرى كانت تتفاعل في ركن ما وسط هذا الضجيج ،أسست لتوجه فلسطيني مثير لالهتمام بزغ من وسط هذا المعمعان تنبه إلى ضرورة تغليب صوت العقل ومراجعة الطروحات لتتالءم واالمكانيات المتاحة ،ويمكن ألي متابع أن يرصد ثالث ظواهر هامة راحت تتبلور منذ تلك الفترة :بداية انحسار الرفض باهتزاز األرض التي أنبتته ،وبداية االهتمام باستخدام الشرعية الدولية سالحاً في المواجهة مع إسرائيل ,وبداية انحسار األوهام الفلسطينية بشأن المحيط العربي( حوراني :2000،ص .)17 إذاً هي الشرعية الدولية التي بدأ الفلسطينيون إدراك أهميتها كسالح فاعل في الصراع ضد االحتالل .وبدأ المسعى الفلسطيني يرتكز في استراتيجيته بالبحث عن مشاركة في مشاريع التسوية السياسية حيث أدركت منظمة التحرير الفلسطينية أهمية الواقعية السياسية وقبولها باألمر الواقع من خالل اعترافاتها بالق اررات الدولية كأساس للتسوية السياسية للقضية الفلسطينية وكمدخل وحيد لفرض دورها كطرف مساو في معادلة الصراع .تقاطعت خصائص هذه اللحظة السياسية مع الموقف األوروبي المنجذب بقوة للعب دور متقدم في القضية الفلسطينية أساس الصراع في الشرق األوسط .وبدت الفرصة سانحة أمام الموقف األوروبي العام لدفع منظمة التحرير الفلسطينية إلى مواقعه والزامها بشروطه ،فاستجابت لهذه الفرصة بعقالنية ،خطوة تلو الخطوة ،وهي نظرية هنري كيسنجر وزير الخارجية األمريكي ،في إطار سعيها لتدجين وترويض الخطاب والفعل الفلسطيني للوقوف على حقيقية قبول إسرائيل.وشهدت الساحة الدولية نشاطات هامة من شأنها دعم وتشجيع هذا التوجه لدى الفلسطينيين ودفعهم على المزيد من االنخراط في العمل الدبلوماسي حين أصدرت الجمعية العمومية لألمم المتحدة قرارها 3379في العاشر من تشرين الثاني من العام ،1975باعتبار الحركة الصهيونية حركة عنصرية ،على الرغم من أن معظم الدول األوروبية صوتت ضد
494من 944