Magazeen

Page 5

‫براعم مقتولة‬ ‫رزان عواد‬ ‫نسيم هادئ يداعب شعرها األسود الالمع تحت ضوء القمر‪،‬‬ ‫جمال قاتم يضفي ظالال رائعة على وجهها في وسط ظالم الليل‪،‬‬ ‫يُظهر عالمات االستفهام‪“ :‬لم يحدث كل هذا؟ لم تكرهني؟ مؤكد‬ ‫أنها توسوس في أذنه اآلن”‪.‬‬ ‫سارت بشرود إلى مكان ليس ببعيد‪ ،‬إلى بيت أخيها‪ ،‬حيث تعيش‬ ‫هي وأمها‪ ،‬حيث تعيش المشاكل وتحيا‪.‬‬ ‫لينا أين كنت إلى اآلن؟‬ ‫أمر ال يخصك! تجيبه وتذهب إلى غرفتها غير مبالية‪ ،‬واالم‬ ‫تقول له‪ :‬مؤكد في الجامعة‬ ‫في الجامعة؟ الساعة الثامنة ليال! تهدأ غضبه‪ ،‬بينما تنتظر‬ ‫زوجته حلول الليل وتبدأ توسوس‪ :‬لم تذهب أختك إلى الجامعة؟‬ ‫أأنت غبية إلى هذا الحد؟ لتتعلم‬ ‫أتظنني غبية؟ اعرف‪ ،‬لكن كلما ذهبت إلى الجامعة تدفع لها ماال‬ ‫عالوة على أنها تقيم في منزلها‬ ‫ماذا تقصدين؟‬ ‫تعود في منتصف الليل‪.‬‬ ‫تصمت بينما تسترق النظر إليه‪ ،‬وهي شبه مبتسمة‪ ،‬فيقاطعها‬ ‫بحنق‪ :‬ادخلي بالموضوع!‬ ‫لقد كبرت وامك تريد أن ترى أحفادها‬ ‫ولم ال تحضري أحفادها أنت؟‬ ‫بكت‪ ،‬ثم صمتت دون أن تتكلم طيلة تلك الليلة‪ ،‬وفي تلك األثناء‪،‬‬ ‫كانت لينا تشتعل غيظا‪ ،‬وتتلوى من شدة حنقها‪ ،‬تود لو انها تحلق‬ ‫بعيدا عن هذا المنزل‪ ،‬إلى مملكة في وسط السماء لطالما تخيلتها‬ ‫أجمل ما في الكون‪ ،‬ستدافع هناك عن المظلومين‪ .‬ولم ستدافع؟‬ ‫لن يكون هناك مظلومين‪ ،‬ألنها ستحكمها‪ .‬استغرقت في األحالم‪.‬‬ ‫أشرقت الشمس‪ ،‬وأنارت الدنيا بخيوطها الذهبية‪ ،‬صوت صراخ‪..‬‬ ‫بكاء‪ ...‬نحيب‪ ..‬جاء من البيت المجاور‪ ،‬ن ّغص نوم لينا‪ ،‬خرجت‬ ‫إلى حيث الناس متجمعين‪ ،‬أمها وأخيها والجيران‪ ،‬لم تستطيع‬ ‫أن تدس نفسها بينهم‪ ،‬الن رجال الشرطة كانوا يحيطون المكان‪،‬‬ ‫لكنها استطاعت ان ترى جثة‪ .‬شعرت بوخز في قلبها يؤلمها‪،‬‬ ‫أرادت االقتراب أكثر وأكثر‪ ،‬لكن يد أخيها أبعدتها‪ ،‬كانت يده‬ ‫ترتجف‪ ،‬ووجهه مسود‪ ،‬دخلوا جميعا المنزل فباشر أخوها‬ ‫بالكالم‪:‬‬ ‫لينا‪ ،‬لن تذهبي إلى الجامعة اليوم‬ ‫لم؟ ماذا حصل؟‬

‫ب��ك��ت‪ ،‬ث��م �صمتت‬ ‫دون �أن تتكلم‬ ‫طيلة تلك الليلة‬

‫لن تذهبي‪ .‬رأت االسوداد واالصفرار واالحمرار ممزوجين في‬ ‫وجه أخيها‪ ،‬لذا أردفت‪ :‬حسنا سأذهب غدا‬ ‫ال‪ .‬لن تذهبي في أي يوم!‬ ‫تلعثمت‪ ،‬لقد علمت بان هذا األمر سيحصل‪ ،‬لكنها لم تعلم بان هذا‬ ‫اليوم صار قريبا‪ ،‬حيث الشمس اختفت‪ ،‬أرادت أن تصرخ‪ ،‬أن‬ ‫تقنعه بالعزوف عن التحكم بها‪ ،‬لكنه أردف‪ :‬وجدت ابنة الجيران‬ ‫مقتولة! بكت األم‪ ،‬أما زوجته فقالت‬ ‫هللا يعلم ماذا فعلت حتى قتلوها‬ ‫اهتدي يا امرأة‪ ،‬أهلها بكوا عليها‬ ‫هذه مسرحية! األم تضرب كفيها ببعضهما‪ ،‬أما لينا فقالت بحزن‬ ‫على نفسها وعلى الفتاة‪:‬‬ ‫وما شأني بها؟‬ ‫جميعكن ضعيفات‪ ،‬ال تستطعن الدفاع عن‪...‬‬ ‫اصمت‪ ،‬أنت تقول هذا؟ لم أكن أظنك هكذا!‬ ‫تركته ودخلت غرفتها‪ ،‬وأحكمت إغالقها‪ ،‬بدأت تنزف دموع‬

‫‪www.thefreedomtheatre.org‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.