نموذج من التعامل الدبلومايس لرسول الله نج�ران إقليم كبري بني اليمن والحج�از ،دخلت إليه النرصانية منذ القرن الرابع للميلاد وكان يعترب أهم كريس لألرثوذكسية الرشقية يف جزيرة العرب ،ثم تعرض أه�ل نجران لغزو ذو نواس اليه�ودي الذي أحرق املؤمنني م�ن املسيحيني بالنار، وفيهم نزلت س�ورة الربوج وفيه�ا قصة أصحاب األخدود ،وقد بل�غ عدد الشهداء منهم نحو أحد عرش ألفاً ،وكان ذلك عام 524م أي قبل والدة الرسول الكريم بنحو نصف قرن. وق�د أوىل النبي الكريم اهتمام�ا ً بالغا ً ألهل نجران ،وقد اس�تقبل النبي الكريم يف السن�ة السابع�ة وفد نصارى نجران وكانوا نحو خمسني ش�خصا ً عىل رأس�هم السي�د العاقب ،وأق�ام الوفد يف مسجد النبي الكريم خمسة عشر يوما ً يأكلون من ثمارها ويرشبون من مائها وينتجعون أرضها ،ومع أن القوم لم يدخلوا يف اإلسالم ولم يقروا بنبوة رس�ول الل�ه ،ولكن النبي الكريم أكرمهم واس�تمع إليهم وأبلغهم رس�الته ،ثم كتب لهم كتابا ً بالغ األهمية صار فيما بعد أحد أهم الوثائق التاريخية يف الحريات الدينية وتعزيز املشرتك وحسن الجوار. ويف نهاي�ة مقامهم باملدينة طلبوا من النبي أن يرس�ل فيهم رجلاً أميناً ،فقال ألرس�لن معكم رجالً أمينا ً حق أمني ،فاس�ترشف لها الناس واختار رس�ول الله أبا عبيدة بن الجراح سفريا ً مقيما ً فيهم ،وقال هذا أمني هذه األمة.
190