فكن�ت أن�ا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيني»( ،((23إنه لم يقل أنا البناء كله وإنما قال أنا لبنة يف البناء الكبري. إن احترام إنج�از اآلخرين والبناء عليه هو هدي األنبي�اء وهو يف الواقع مرتكز املوقف اإلسالمي يف حواره مع أهل الكتاب ،أصحاب الحضارة الدينية السابقة عىل اإلسلام ،وهو موقف احرتام كان من أقرب مظاهره أن املسلمني ظلوا يصلون نحو نصف عمر الرسالة صوب بيت املقدس قبلة أهل الكتاب يف إشارة واضحة للتكامل بني رساالت األنبياء وإخائهم. إن الغ�رب أصبح مع التط�ور الحضاري أكثر وعيا ً باس�تحقاق السالم الدويل، وه�و يوظف ه�ذه العالقة بكف�اءة يف عالقاته م�ع اآلخرين ،لقد تعل�م الغرب من قان�ون الحض�ارة؛ يف املايض عندما قال هتل�ر( :أملانيا فوق الجميع) أش�عل حربا ً عاملي�ة ولكن عندم�ا غريت أملانيا منطقها هذا ،وأعلن�ت (أملانيا مثل الجميع) قامت الوح�دة األوروبية ،وتحقق أعظم إنجاز وح�دوي يف العالم يف مطلع القرن الحادي والعرشين. وم�ع أن ه�ذه الحقيقة واضح�ة يف كتاب الله وه�دي األنبي�اء ،ولكنها لم تكن واضحة للعيان يف أي مرحلة من مراحل التاريخ كما هي اليوم ،بعد ثورة املعلومات واالتص�االت التي ع�ززت فكرة القرية الكونية ،وأكدت إخ�اء اإلنسان لإلنسان عىل الرغم من إرادة الحرب الباطشة التي تتناوب عىل إش�عالها يف األرض قوى متقابلة يف الشر من الرشق والغرب والشمال والجنوب ،ولك�ن أدنى قدر من الثقافة صار يدع�و اإلنس�ان إىل معرفة أخي�ه اإلنسان رشيك�ا ً ال بد منه لبن�اء األرض وتسخري خرياتها يف منافع العباد والبالد. إننا جريان عىل كوكب واحد ،وهذه حقيقة أكدها القرآن الكريم﴿ :يَا أَيُّهَ ا الن َّ ُ اس إِنَّا َخ َل ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَ َك ٍر وَأُنثَى وَجَ عَ ْلنَا ُك ْم ُش�عُ وبًا و ََقبَا ِئ َل ِلتَعَ ا َر ُفوا إ ِ َّن أ َ ْك َرمَ ُك ْم عِ ن ْ َد ال َّل ِه أَتْ َقا ُك� ْم إ ِ َّن ال َّل َه عَ لِي ٌم َخ ِبريٌ﴾ ،ورشحها السيد املسيح بقوله﴿ :اإلنسان أخو اإلنسان أحب أم كره﴾ ،ودلت لها حقائق العلم الحديث التي درست طبائع اإلنسان وحاجاته ( ((23صحيح مسلم ،ج ،7ص 64
184