11 الثالثاء (� )1شوال -ال�سنة ( - )18العدد ()1699
ركن الفتوى
قناديل
فتاوى العيد
خري الزاد
�أجاب عليها :دائرة الإفتاء العام ال�س�ؤال :ما حكم قيام ليلة العيد؟ وهل هو منهي عنه قيا�س ًا على ليلة اجلمعة؟ منهي عنه، اجلواب :قيام ليلة اجلمعة لأنها ليلة جمعة ٌّ فقد نهى النبي �صلى اهلل عليه و�سلم �أن ُت َخ َّ�ص ليلة اجلمعة بقيام� ،أو ي َُخ َّ�ص يومها ب�صيام. �أم��ا قيام ليلة اجلمعة باعتبار �آخ��ر ك ��أن تكون �إحدى ليايل رم�ضان؛ فال ب�أ�س فيه ،وكذلك �صيام يوم اجلمعة �إذا وافق يوم عرفة �أو يوم عا�شوراء ،وال َّ �شك يف وجوب �صيامه خا�ص بيوم اجلمعة وليلتها، �إذا كان يف رم�ضان ،هذا احلكم ٌّ فال ُتقا�س عليه ليلة العيد؛ فهي ك�سائر الليايل من �أحياها فله �أجرها ،ومن مل يحيها فال ب�أ�س عليه. وقد جاء يف احلديث( :من قام ليلتي العيدين حمت�س ًبا هلل؛ مل ميت قلبه يوم متوت القلوب) رواه ابن ماجه ،ويقوِّي معناه ما ورد يف "املعجم الأو�سط" للطربا ِّ ين عن عبادة بن ال�صامت ر�ضي اهلل عنه �أن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم قال( :من �ص َّلى ليلة الفطر والأ�ضحى؛ مل ميت قلبه يوم متوت القلوب). �أم��ا �صيام يوم العيد ،فحرام �سواء يوم عيد الفطر �أم يوم عيد الأ�ضحى. ال�س�ؤال :هل ُي�سمح للمر�أة احلائ�ض �أن ت�صلي العيد �أو �أن حت�ضر اخلطبة ،وما املق�صود من ذلك؟ اجل � ��واب :ج ��اء يف ك�ت��ب ال���س�ن��ة ع��ن �أم ع�ط�ي��ة قالت: "�أمرنا ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم يف الفطر والأ�ضحى حل َّي�ض وذوات اخل��دور ،ولكن ا ُ �أن ُنخرج العواتق وا ُ حل َّي�ض يعتزلن ال���ص�لاة وي�شهدن اخل�ير ودع ��وة امل�سلمني" رواه البخاري وم�سلم. وذل ��ك لأن ��ص�لاة ال�ع�ي��د ك��ان��ت ت�ق��ام يف امل�صلى خارج امل�سجد ،وال ب�أ�س على امل��ر�أة احلائ�ض لو ذهبت �إىل امل�صلى لت�سمع الوعظ والإر�شاد؛ �إذ لي�س له حكم امل�سجد ،واحلكمة يف هذا ما ورد يف احلديث من ح�ضور اخلري ودعوة امل�سلمني. ويكون للن�ساء مكان خا�ص بهن. لكن ال ب��د م��ن التنبيه �إىل �أن��ه ال ي�ج��وز خ��روج املر�أة متربجة �إىل ه��ذا امل�شهد وال �إىل غ�يره؛ لقول اهلل تعاىل: رب َ ربج اجلاهلي ِة الأوىل{ (الأحزاب.)33 : جن ت ُّ }وال ت َّ �أما �إذا كانت �صالة العيد يف امل�سجد ،فلي�س للحائ�ض �أن حت�ضرها؛ لأن احلائ�ض يحرم عليها املكث يف امل�سجد. ال�س�ؤال :من هم الأرحام الواجب �صلتهم؟ اجل��واب :الأرح ��ام :هم الأق ��ارب من جهة الأب والأم؛ ف�ي��دخ��ل ف�ي�ه��م الأج� � ��داد واجل� � � �دّات ،والأع� �م ��ام والعمات، والأخوال واخلاالت. ال�س�ؤال :هل زيارة العيدين تكفي ك�صلة للرحم؟ اجلواب :ال�ضابط يف حتقيق �صلة الرحم �أمران: �أو ًال� :أن ال يكون الوا�صل قد اعتاد �أن ي�صل رحمه بعدد من الزيارات� ،أو ببع�ض املال والهدايا� ،أو بقدر من االت�صال واملحادثة ،ثم بعد ذلك يقطع هذا النوع من ال�صلة بالكلية، فحينئذ يقع هذا القاطع بذنب عظيم ،وكبرية من كبائر الذنوب؛ فقد قال النبي �صلى اهلل عليه و�سلم( :ال َيد ُْخ ُل الجْ َ َّن َة َقاطِ عٌ) متفق عليه .يعني :قاطع رحم .يقول العالمة اب��ن حجر الهيتمي رحمه اهلل -يف �ضابط قطيعة الرحم
بسام ناصر
املحرمة َ " :-ق ْط ُع ما �أَ ِل� َ�ف القريبُ منه مِ ن �سابق الو ُْ�صلَة والإح �� �س��ان لغري ع��ذر ��ش��رع��ي؛ لأن َق� ْ�ط � َع ذل��ك ي� ��ؤدي �إىل �إيحا�ش القلوب و ُنفرتها وت�أ ِّذيها" (ال��زواج��ر عن اقرتاف الكبائر). ثانياً� :ضابط العرف والعادة: .1ف ��إذا ك��ان ع��رف النا�س َي� ُع� ُّد َم��ن يقت�صر على زيارة رحمه يف العيد مق�صِّ راً؛ فينبغي عليه �أن يجتهد يف الزيارة مب��ا يدفع عنه ه��ذا التق�صري ،وي��رف��ع درج�ت��ه عند اهلل عز وجل ،خا�صة �إذا كان رحماً قريباً. � .2أم��ا �إذا كان العرف ال يعد من يكتفي بزيارة العيد مق�صراً ،وال يلحقه لوم وال عتاب؛ فال حرج عليه ،و�إن كان الأوىل بامل�سلم دائماً �أن ي�سعى �إىل الكمال ،و�أن يطلب الثواب عند اهلل ع��ز وج��ل ب��إك�ث��ار ال�صلة وال��زي��ارة ،ف ��إن �شق ذلك عليه فال �أق��ل من االت�صال الهاتفي ،وال�س�ؤال عن احلال، وامل�لاط�ف��ة ب��احل��دي��ث ،فالكلمة الطيبة ��ص��دق��ة .وق��د كان ال�سلف ال�صالح يعدون من ال ي�س�أل عن �إخوانه يف كل ثالثة �أيام مرة مق�صراً ،فكيف مبن ال ي�س�أل عن �أرحامه يف كل �سنة �إال مرة �أو مرتني .واهلل �أعلم. ال�س�ؤال :ما حكم التقبيل عند ال�سالم؟ اجلواب :كرث ال�س�ؤال يف الآونة الأخرية عن حكم تقبيل ال��رج��ال ل�ل��رج��ال ،وال�ن���س��اء للن�ساء عند ال�ل�ق��اء وال�سالم، والباعث على ه��ذا ال�س�ؤال ما يقال عن نقل ع��دوى بع�ض الأمرا�ض ب�سبب هذا التقبيل .ونخت�صر القول فنقول: �إن هذا التقبيل ِ -ب َغ ِّ�ض النظر عن مو�ضوع العدوى- لي�س م�ستحباً �شرعاً �إال يف حاالت ا�ستثنائية ،فقد َقا َل رَجُ ٌل للنبي �صلى اهلل عليه و�سلمَ :ي��ا َر�� ُ�س��و َل اهللِ� ،أَحَ � ُد َن��ا َي ْل َقى �صَ دِ ي َق ُه �أَ َي ْنحَ نِي َل ُه؟ َقا َل( :ال)َ .قا َلَ :ف َي ْل َت ِز ُم ُه َو ُي َق ِّب ُل ُه؟ َقا َل: ( َال)َ .ق��ا َل :يُ�صَ افِحُ ُه؟ َق��ا َلَ ( :ن� َع� ْم) رواه الرتمذي وقال: حديث ح�سن. وكان هذا هو حال ال�صحابة ر�ضي اهلل عنهم ،فعن �أن�س هلل �صَ َّلى بن مالك ر�ضي اهلل عنه قالَ " :كا َن �أَ ْ�صحَ ابُ ر َُ�سولِ ا ِ ُ اهلل َعلَ ْي ِه َو�آ ِل� ِه و ََ�س َّل َم ِ�إ َذا َت َ ال َقوْا َت�صَ ا َفحُ واَ ،و ِ�إ َذا َقدِ مُوا مِ ْن َ�س َف ٍر َتعَا َن ُقوا" رواه الطرباين� .أما ما اعتاده النا�س يف بالدنا من تقبيل مع كل م�صافحة؛ فهذا غري م�ستحب �شرعاً. ف ��إذا ترتب على ه��ذا التقبيل �إمكانية انتقال املر�ض
بالعدوى فقد �أ�صبح الأمر غري مباح �شرعاً؛ لأن النبي �صلى مر ٌ ِ�ض على م ُِ�صح؛ �أي :مَن اهلل عليه و�سلم نهى �أن ي��و َر َد مُ ْ كانت موا�شيه مري�ضة ال يخلطها عند ال�سقي مع املوا�شي ال�صحيحة. ف�إذا كان هذا يف حق املوا�شي ،فماذا يف حق النا�س؟! ولهذا نن�صح جميع املواطنني �أن يكتفوا عند ال�سالم يف العيد وغريه بامل�صافحة ،وهذا ما عليه كثري من ال�شعوب الإ�سالمية املتمدِّنة ،وكما يقال :املهم ما يف القلوب� ،أما �أن ُي َقبِّل الإن�سان �أخ��اه ويف قلبه �ضغينة �أو خم��اوف من نقل العدوى؛ فهذا لي�س من اللياقة يف �شيء. ولتكن هذه املنا�سبة بداية للإقالع عن عادة التقبيل �إال يف احلاالت اال�ستثنائية؛ كقدوم الغائب بعد �سفر طويل ،فقد قبَّل النبي �صلى اهلل عليه و�سلم جعفر بن �أبي طالب ر�ضي اهلل عنه بني عينيه عند قدومه من احلب�شة بعد �سنوات من هجرته �إليها .رواه �أبو داود .وحتى يف هذه احلاالت� ،إذا كان القادم قد جاء من بلد فيها وباء �أو مر�ض؛ فال داعي لهذا التقبيل. بقي �أن نقول� :إن ع��دوى الأخ�لاق ال�سيئة �أ�شد خطراً من عدوى املر�ض؛ فلنحذرهما جميعاً. ال�س�ؤال :ما حكم م�صافحة �أعمام الزوج ،وعدم لب�س احلجاب �أمامهم؟ اجلواب� :أعمام الزوج �أجانب على الزوجة ،ويحرم على الزوجة خلع احلجاب �أمامهم �أو م�صافحتهم. ال�س�ؤال :هل جتوز م�صافحة بنت العم �أو بنت اخلال؟ اجلواب :يحرم على امل�سلم �أن ي�صافح بنت عمه �أو خاله؛ لأنه يجوز له �أن يتزوجهما. ال�����س��ؤال :هل يجوز للمر�أة �أن ت�صافح �شقيق زوجها؟ اجلواب :يحرم على املر�أة �أن ت�صافح �شقيق الزوج؛ لأنه لي�س محَ ْ َرماً لها. ال�س�ؤال :هل يجوز للمر�أة �أن جتل�س مع �إخوان زوجها؟ اجل��واب :ال يجوز للمر�أة �أن جتل�س مع �إخ��وان زوجها، وال يجوز الدخول على زوجة الأخ واجللو�س معها بخلوة.
م��ن ث�م��رات ال�ت�ق��وى �أن اهلل يكفر ع��ن املتقني �سيئاتهم ،لأن �أعمال الرب والطاعات مكفرة للذنوب واخلطايا كما جاء عن النبي �صلى اهلل عليه و�سلم: ففي �صحيح م�سلم وغ�يره �أن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم قال" :ما من امرئ م�سلم حت�ضره �صالة مكتوبة فيح�سن و�ضوءها وخ�شوعها وركوعها؛ �إال كانت كفارة ملا قبلها من الذنوب ما مل ُي� ْوتِ كبرية وذلك الدهر كله". وع��ن �أب��ي هريرة ر�ضي اهلل عنه� ،أن ر�سول اهلل �صلى اهلل عليه و�سلم كان يقول" :ال�صلوات اخلم�س واجلمعة �إىل اجلمعة ورم�ضان �إىل رم�ضان مكفرات ما بينهن ما اجتنب الكبائر" .رواه م�سلم والرتمذي وابن ماجه. يقول اهلل تعال مبيناً �أن فعل التقوى والتزام �سبيل املتقني ،و�سيلة لتكفري ال�سيئات وحط اخلطايا والذنوبَ } :ذل َِك �أَ ْم ُر اللهَّ ِ �أَن َز َل ُه �إِ َل ْي ُك ْم َومَن َي َّتقِ اللهَّ َ ُي َك ِّف ْر َع ْن ُه َ�س ِّي َئا ِت ِه َو ُي ْعظِ ْم َل ُه �أَ ْج��راً{ (الطالق،)5: وبعد تكفري ال�سيئات يكون تعظيم الأج��ور ،والتي يكون �أعظمها �إدخ��ال املتقني اجلنة والفوز بالنعيم املقيم الذي ال �شقاء بعده �أبداً. من ثمرات التقوى ذلك النور الإمي��اين الذي ي��رزق اهلل به عباده املتقني ،فيفرقون به بني احلق والباطل ،والهدى وال�ضالل ،والنافع وال�ضار ،يقول تعاىل} :يا �أَ ُّيهَا ا َّلذِ ينَ �آ َم ُنواْ �إَن َت َّت ُقواْ اهلل ي َْج َعل َّل ُك ْم ُف ْر َقاناً َو ُي َك ِّف ْر عَن ُك ْم َ�س ِّي َئا ِت ُك ْم َو َي ْغ ِف ْر َل ُك ْم َواهلل ُذو يم{ (الأنفال.)29 : ا ْل َف ْ�ضلِ ا ْل َعظِ ِ يقول ال�شيخ ال�سعدي رحمه اهلل يف تف�سريه: "وقد رت ��ب اللهّ ع�ل��ى ال �ت �ق��وى م��ن خ�ي�ر الدنيا والآخ ��رة� ,شيئا ك�ث�يرا .فذكر هنا �أن م��ن اتقى اهلل ح�صل له �أربعة �أ�شياء ،كل واحد منها خري من الدنيا وما فيها: الأول :ال �ف��رق��ان وه��و ال�ع�ل��م وال �ه��دى الذي ي�ف��رق ب��ه �صاحبه ب�ين ال �ه��دى وال���ض�لال واحلق والباطل واحلالل واحلرام ،و�أهل ال�سعادة من �أهل ال�شقاوة. الثاين والثالث :تكفري ال�سيئات ومغفرة الذنوب، وكل واحد منها داخل يف الآخر ،عند الإطالق وعند االجتماع يف�سر تكفري ال�سيئات بالذنوب ال�صغائر، ومغفرة الذنوب بتكفري الكبائر. الرابع :الأجر العظيم والثواب اجلزيل ملن اتقاه و�آثر ر�ضاه على هوى نف�سه. التقوى هي الزاد الذي يتزود به امل�ؤمنون حتى يبلغوا غايتهم ،ويحققوا مق�صدهم ،ذلك �أن كل من ي�سلك طريق الآخرة فهو م�سافر �إىل ربه ،وال ي�صل �إال بزاد من التقوى.. فهنيئاً ملن وفقه اهلل للتزود بذلك الزاد والإكثار منه فانه به يجني كثرياً من خريات الدنيا والآخرة، يقول ت�ع��اىلَ } :و َت � � � َز َّودُواْ َف� ��إِ َّن َخ�ْي�رْ َ ال� � َّزا ِد ال َّت ْقوَى َوا َّت ُقونِ يَا �أُ ْوليِ الأَ ْلبَابِ {.
العيد ملن خاف يوم الوعيد