عدد الاحد 1 نيسان 2012

Page 20

‫‪20‬‬

‫ال�صفحة الثقافية‬ ‫‪ ..‬بالتعاون مع‬

‫م�ؤ�س�سة فل�سطني للثقافة‬

‫الأحد (‪ )1‬ني�سان (‪ ) 2012‬م ‪ -‬ال�سنة (‪ - )19‬العدد (‪)1904‬‬

‫الروائي والقا�ص وال�سينمائي الكبري توفيق فيا�ض‪:‬‬

‫نبعي هناك يف «املقيبلة»‪ ..‬وبدونها أموت‬ ‫يف عام ‪� 1970‬صدرت جمموعة ق�ص�ص ق�صرية لكاتب فل�سطيني‬ ‫ك��ان ه�ن��اك يف فل�سطني‪ ،‬يكتب م��ن �أج��ل فل�سطني‪ ،‬وي�ج��اب��ه العدو‬ ‫ال�صهيوين‪.‬‬ ‫ع �ن��وان امل�ج�م��وع��ة (ال �� �ش��ارع الأ� �ص �ف��ر)‪ ،‬وال �ك��ات��ب ه��و (توفيق‬ ‫فيا�ض)‪ ..‬والطبعة الأوىل طبعت يف مطبعة احلكيم بالنا�صرة يف‬ ‫فل�سطني املحتلة عام ‪� ،1968‬صمم غالفها الفنان الفل�سطيني (عبد‬ ‫يون�س) املقيم يف الأر�ض املحتلة �أي�ضاً‪ ،‬وقد فعلت وح�سناً (دار العودة)‬ ‫حني حافظت يف الطبعة الثانية على الغالف نف�سه‪.‬‬ ‫وك��ان ب�ين ق�ص�ص املجموعة‪( :‬ال��راع��ي ح�م��دان) و(�أم اخلري)‬ ‫و(الفر�س) و(النبع) و(الكلب �سمور) و(ال�شارع الأ�صفر)‪.‬‬ ‫(توفيق فيا�ض) كان ينتظر �أن نذهب �إليه يف حيفا ويافا وعكا‪،‬‬ ‫وحني مل نفعل �صرخ يف (بيت اجلنون)‪ :‬يا للرهبة‪ ،‬ذهب ال�صيف‪ ،‬ومل‬ ‫تعد هناك طيور تغني‪ ..‬ماذا �أفعل وقد تركتني وحيداً؟!‬ ‫وبقي (الراعي حمدان) ي�صارع الذئاب‪ ،‬وي�شهد على ما فعلته‬ ‫(احل ّية) التي نفثت �سمها يف وع��اء اللنب التي علقته (�أم اخل�ير) يف‬ ‫زاوية القنطرة الغربية‪ ،‬و�شربت منه مع ابنها و�أحفادها وفتك ال�سم‬ ‫بهم جميعاً‪ ..‬ع��دا �أم اخل�ير ال��ذي وج��ده��ا ال�سم�سار ف��اق��دة الوعي‬ ‫متورمة الأطراف‪ ،‬وحني �صار على املوت �أن يتقدم منها‪ ،‬بد�أ ج�سمها‬ ‫يتحول �إىل جذع �شجرة‪ ،‬ويف �صباح اليوم التايل‪ ،‬كان برعمان �أخ�ضران‬ ‫يتفتحان حيث كان الو�شمان على غمازتيها‪ ،‬وقد �أخذا يكربان يوماً‬ ‫بعد يوم‪ ..‬ويتفرعان ‪..‬‬ ‫توفيق ال��ذي �أن�ت��ج قبلها رواي ��ة (امل���ش��وه��ون) وم�سرحية (بيت‬ ‫اجل �ن��ون) ك��ان ي�صرخ يف وج��ه االح �ت�لال ال�صهيوين ‪ ،‬غ�ير �آب��ه مبا‬ ‫يرتتب على ذلك من نتائج‪ ،‬واعتقلته �سلطات االحتالل‪ ،‬و�أ�صدرت‬ ‫عليه حكماً بال�سجن ثماين �سنوات بتهمة م�ساعدة اجلي�ش العربي‬ ‫امل�صري‪ ،‬وخ�لال تبادل الأ��س��رى بني م�صر وال�ع��دو ال�صهيوين عام‬ ‫‪� ،1974‬أبعدته �سلطات االحتالل �إىل م�صر‪ ،‬وخرج من م�صر �إىل بريوت‬ ‫ويف حقيبته ال�صغرية خمطوطة روايته (املجموعة ‪ ،)778‬و�أحداثها‬ ‫حدثت بالفعل‪ ،‬و�أبطالها (فوزي النمر) و(عبد حزبوز) و(يو�سف �أبو‬ ‫اخلري) و(فتح اهلل ال�سقا) الذين �شكلوا (جمموعة عكا) التي �ضربت‬ ‫م�صايف البرتول يف (كي�شوت) و(كريات جبني)‪ ،‬و(القطار) يف (بنيا‬ ‫مينا) و(�شارع الطنطورة) وم�ضخة املياه القطرية‪..‬‬ ‫التقى توفيق �شباب املجموعة يف املعتقل ال�صهيوين‪ ،‬وقام بتجميع‬ ‫مادة الرواية الوثائقية من �أفواههم‪(( :‬كنت ا�ستعيد احلوادث يف جو‬ ‫مكربات ال�صوت الزاعقة‪ ،‬وك��ان من ال�صعب كتابة املالحظات على‬ ‫ال��ورق‪ ..‬الكتابة تعني اع�تراف�اً تف�صيلياً مبا ح��دث‪ ..‬كنت �أ�سمع يف‬ ‫النهار‪ ،‬ويف الليل بعد �إطفاء الأ�ضواء‪ ،‬كانت (الربوجكتورات) وكان‬ ‫�ضوء املرحا�ض اخلافت؛ ي�سمحان يل بت�سجيل ما �أري��د ت�سجيله‪..‬‬ ‫كنت �أكتب بالعربية كلما اقرتب ال�سجان‪ ،‬وكان ينظر فال يلحظ غري‬ ‫الكتابة بالعربية‪ ،‬وخالل �أربع �سنوات كنت �أ�ستغل كل دقيقة ممكنة‪،‬‬ ‫ومل نلبث �أن نقلنا �إىل �سجن للمجرمني العاديني لأنهم �أرادوا �أن‬ ‫ي�ؤكدوا زعمهم ب�أننا (�إ�سرائيليون) ول�سنا عرباً‪ ،‬ن�صف ال�سجناء كانوا‬ ‫عرباً ون�صفهم الآخر يهوداً يراقبوننا با�ستمرار‪ ..‬وكنت �أه ّرب مادة‬ ‫روايتي الوثائقية خارج ال�سجن على دفعات‪ ..‬ويف القاهرة �أعدت كتابة‬ ‫الرواية‪ ،‬وحر�صت على �أن تكون وثائقية ‪))..‬‬ ‫عن رواي��ة (املجموعة ‪ )778‬حت��دث لنا توفيق فيا�ض يف اللقاء‬ ‫الأول الذي جمعنا يف دم�شق التي زارها للمرة الأوىل عام ‪ 1974‬بدعوة‬ ‫من احتاد الكتاب وال�صحافيني الفل�سطينيني ‪-‬فرع �سورية‪ -‬لاللتقاء‬ ‫برفاقه و�أهله‪..‬‬ ‫قال لنا يومها‪� :‬أري��د �أن �أرى املخيمات‪ ..‬خميم الريموك وخان‬

‫ال�شيح وخ��ان دن��ون وج��رم��ان��ا وال�سبينة‪ ...‬و�أن �أزور �أ��س��ر ال�شهداء‬ ‫وال�سجناء داخل الزنازين ال�صهيونية �أولئك �أ�شجع الرجال‪ ..‬وهكذا‬ ‫كان‪.‬‬ ‫وروى توفيق‪( :‬خرجت من وطني فل�سطني ‪-‬عام ‪� -1974‬ضمن‬ ‫عملية ت�ب��ادل لأ� �س��رى ح��رب ب�ين م�صر وال�ك�ي��ان ال�صهيوين‪ ،‬وكان‬ ‫خروجي �إبعاداً ق�سرياً ولي�س جمرد خروج فح�سب‪ ،‬وقد عرفت ذلك‬ ‫و�أنا ما �أزال داخل ال�سجن؛ اكت�شفت بعد اقتيادي من �سجن (�شطة) يف‬ ‫منت�صف الليل مقيداً ومع�صوب العينني ليقطعوا بي ال�صحراء باجتاه‬ ‫م�صر لت�سليمي للجي�ش امل�صري‪ ،‬رف�ضت وقاومت ولكن ورف�ضي ذلك‬ ‫كان دون جدوى‪ ...‬وحني ا�ستل ال�ضابط امل�صري �سكينه وراح يقطع‬ ‫قيدي البال�ستيكي املنغر�س يف مع�صمي‪ ،‬غ�ص�صت بالدمع‪ ،‬وتيب�س‬ ‫ل�ساين‪ ،‬وفقدت القدرة على الكالم‪ ..‬كانت حلظة من �أ�صعب حلظات‬ ‫حياتي‪ ،‬فقد عرفت �أنني �أ�صبحت بعيداً عن وطني‪ ،‬و�أنه �صار روائي‪،‬‬ ‫و�أن هذه اللحظة هي التي �ستغري تاريخ حياتي وجمراها‪)..‬‬ ‫وامل�ن��ا��ض��ل وال �ق��ا���ص وال ��روائ ��ي (ت��وف�ي��ق ف�ي��ا���ض) ول��د يف قرية‬ ‫(املقيبلة) ق�ضاء جنني عام ‪ 1938‬در���س يف مدينة النا�صرة املحتلة‪،‬‬ ‫وبعد الثانوية عمل موظفاً يف م�صلحة اجلمارك مبيناء حيفا التي‬ ‫بقيت ت�سكنه كما (املقيبلة) وجنني والنا�صرة وعكا وام الزينات‪ ،‬وهو‬ ‫يعود �إليها يف (وادي احلوارث)‪.‬‬ ‫يقول‪ :‬بد�أت كتابة (وادي احلوارث) منذ ذهابي �إىل بريوت بعد‬ ‫خروجي من املعتقل‪ ،‬املنطقة �أعرفها جيداً‪ ،‬ع�شتها يف كل تفا�صيلها‬ ‫وتفا�صيل �أهلها الذين كانوا يف (املقيبلة)‪ ،‬كنت كل �سنة �أذهب معهم‬ ‫�إىل منطقة (�سيدنا ع�ل��ي) ب�صحبة ال�شيخ امل�ع��روف با�سم (نعيم)‬ ‫ال�شيخ عبد الرحمن اجلرامنة رحمه اهلل‪ ،‬وه��و �شخ�صية عجيبة‬‫فع ً‬ ‫ال‪� ،‬شخ�صية وقورة‪ ،‬من خريجي الأزه��ر‪ ،‬وكان �صياداً ماهراً كان‬ ‫يبهرين بق�ص�صه عن البحر‪-‬‬ ‫عام ‪ 1949‬وكنا حتت االحتالل ن�شر (ال�شيخ نعيم) كتاباً للأطفال‬ ‫وبد�أ التدري�س و�أول مرة زرت (�سيدنا علي) كانت مع ال�شيخ نعيم‪.‬‬ ‫ب�ع��د ال���ص��ف ال�ث��ام��ن تعر�ضنا للقحط فكنت �أذه ��ب للعمل يف‬ ‫البيارات املجاورة لـ (�سيدنا علي) وكنت دائم التواجد هناك فعرفت‬ ‫املنطقة عن قرب‪ ،‬عاي�شتها‪ ،‬م�شيتها‪ ،‬عرفت ترابها و�أهلها لذلك مل‬ ‫تكن غريبة عني عندما كتبتها‪ ..‬امل�شكلة �أن ق�سماً كبرياً من النا�س‬ ‫ال يعرفون التاريخ‪ ،‬وادي احل��وارث هي ق�ضية تركيز الأرا�ضي التي‬ ‫بد�أت منذ عام ‪ 1934‬وهي متتد من منطقة (�سيدنا علي) و(ال�شيخ‬ ‫م�ؤن�س) لت�صل �إىل �أرا�ضي (�أم الزينات)‪ ..‬و�سميت (وادي احلوارث)‬ ‫لأن قبيلة بني حارثة �سكنت هذه املنطقة �إبان الفتح الإ�سالمي‪ ،‬جاءوا‬ ‫مع عمرو بن العا�ص‪� ..‬أج��زاء من �أرا��ض��ي وادي احل��وارث ا�شرتتها‬ ‫الوكالة اليهودية من عائلة �سر�سق اللبنانية ومن مالكني م�صريني‬ ‫و��س��وري�ين‪ ،‬والق�سم الأك�ب�ر م��ن �أرا� �ض��ي احل ��وارث �أع�ط��اه��ا املندوب‬ ‫ال�سامي (ه��رب��رت �صموئيل) للوكالة اليهودية باعتبارها �أرا�ضي‬ ‫�أمريية بال �سند ملكية‪ ،‬وع ّو�ض عرب الزيادات واجلرامنة والقدادرة‬ ‫الذين كانوا يعي�شون عليها ب�أرا�ضي بديلة ملدة ‪� 99‬سنة‪ ..‬على �أرا�ضي‬ ‫وادي احلوارث بنى ال�صهاينة م�ستعمرة (بتاج تكفا) ‪-‬ملب�س‪ -‬وحني‬ ‫رف�ض الأه��ايل اخل��روج من الأر���ض ا�ستخدم الربيطانيون كتيبتني‬ ‫من اجلي�ش الإنكليزي لإخ�لاء الأرا��ض��ي‪ ،‬وهناك وقعت �أول معركة‬ ‫مع اجلي�ش الربيطاين التي ا�ست�شهد فيها ‪� 60‬شاباً من احلوارث‪،‬‬ ‫ومت �إج�لاء ال�سكان بالقوة‪ ،‬جزء كبري من �أه��ايل املنطقة ج��اءوا �إىل‬ ‫(املقيبلة) وم��رج اب��ن عامر وال ي��زال��ون حتى الآن‪ ،‬و�أع�ط��وه��م منر‬ ‫الأر���ض التي �أُج��رت لهم ملدة ‪� 99‬سنة‪ ،‬وعندما قامت (�إ�سرائيل) مل‬ ‫تعرتف بقرار املحكمة الربيطانية و�أعادت م�صادرة الأر�ض‪..‬‬

‫ت�شكيليون فل�سطينيون‬

‫�شيء ما‪!..‬‬

‫الدكتور �شفيق ر�ضوان‬

‫فابعثوا بزيت‪*...‬‬ ‫ب��ال��دم والأ� �ص �ف��اد وال�ق���ص��ف وال �ن �� �س��ف‪ ..‬ترت�سم‬ ‫خارطة الوطن‪ ،‬و�سحائب املقد�سي وال�ضفاوي والغزاوي‬ ‫واجلليلي‪ ..‬مثقالت بالدماء والعتمة‪..‬‬ ‫الأن � ��وار م�ط�ف��أة يف امل �ح��اري��ب‪ ،‬وال���ض�ح��اي��ا تعانق‬ ‫ال�ضحايا‪ ،‬والقيا�صرة و�سفراء لوي�س احلادي والع�شرين‬ ‫يف مم�ل�ك��ة � �ص�لاح ال��دي��ن ي�ط�ل�ق��ون ال�ك�ل�م��ات العارية‬ ‫ال�شمطاء ك��وج��ه امل��وم����س �أو ر�ؤو�� ��س الب�صل امل�سلوق‬ ‫والبي�ض الفا�سد‪ ،‬و�أمعاء اخلنازير‪..‬‬ ‫وال زيت يُ�سرج يف قناديله‪!!..‬‬ ‫يف الأخبار �أن كذا �ألفاً �شاركوا يف (م�سرية القد�س‬ ‫ال �ع��امل �ي��ة) ي ��وم �أم ����س الأول‪ ..‬و�أم ����س الأول ي�صادف‬ ‫الثالثني من �آذار (مار�س)‪.‬‬ ‫والثالثون من �آذار من كل عام ‪-‬منذ عام ‪-1976‬‬ ‫ي�صادف (ي��وم الأر���ض الفل�سطينية) داخ��ل ما ي�سميه‬ ‫االحتالل (اخلط الأخ�ضر)‪� ،‬أي الداخل الذي خرج من‬ ‫الكهف بعد �أن �أ�صاخ ال�سمع طوي ً‬ ‫ال لقرع الطبول التي‬ ‫كانت تدق له عن بعد ‪..‬‬ ‫�ألي�س هذا ع�صر الدفوف والطبول والأبواق‪..‬؟‬ ‫�ألي�ست �صاحبات الأق��راط واخلالخيل والف�ساتني‬ ‫امل �ط��رزة ب�ح�ب��ات امل��ا���س‪ ،‬وك��ل ال�ك�ل�م��ات اخل��ارج��ة على‬ ‫القانون‪� ..‬أهم من زهورنا املقطوعة الر�أ�س؟!‬ ‫م�شكورون �أيها ال�سادة وال�سيدات الذين م�شيتم �أول‬ ‫�أم�س‪� ،‬أو اعت�صمتم �أو الزمتم بيوتكم واكتفيتم بالفرجة‬ ‫على الف�ضائيات‪..‬‬ ‫ول�ك��ن �أل���س�ت��م معنا �أن ال�ضجة الإع�لام �ي��ة التي‬ ‫ا�شتعلت على (الفي�س بوك) و(تويرت) بني �أن�صار هذه‬ ‫وتلك وتلكم للفوز بلقب (حمبوبة العرب)‪ ..‬غطت على‬ ‫جثث ال��ورود التي �سجيناها وو�سدناها ال�تراب اليوم‬ ‫و�أم�س‪ ،‬وكل �أم�س و�شهر وعام يف القرن الذي ذهب �إىل‬ ‫حيث ذهبت كل القرون‪..‬؟‬ ‫�أمل ي��دف��ع متهتك م�ل�ي��ون دوالر م��ن �أج ��ل عيون‬ ‫(�صاحبة اجل�سد ال�صاروخي) ‪-‬كما ق��ال للف�ضائيات‬ ‫بعظمة ل�سانه‪ ،‬مناف�ساً �آخر �أوقف الأ�سماك على ذيولها‬ ‫من �أجل فالنة الفالنية‪ ،‬فيما القد�س ‪-‬زه��رة املدائن‬ ‫ومدينة اهلل‪ -‬م�صلوبة متوت كل يوم‪..‬‬ ‫بني ال�صوت وال�صدى م�سافة‪ ،‬وب�ين امل��اء والندى‬ ‫م�سافة‪ ..‬فابعثوا بزيت يُ�سرج يف قناديل القد�س وغزة‬ ‫والوطن الذي قطعوا ر�أ�سه وعلقوه يف ر�أ�س حربه‪.‬‬ ‫*عن ميمونة ‪-‬موالة النبي �صلى اهلل عليه و�سلم �أنها قالت‪:‬‬ ‫يا ر�سول اهلل �أفتنا يف بيت املقد�س‪ ،‬فقال‪� :‬أئتوه ف�صلوا فيه‪ ،‬ف�إن مل‬ ‫ت�أتوه فابعثوا بزيت يُ�سرج يف قناديله‪..‬‬

‫كتبت ال��رواي��ة قبل �أو�سلو‪ ،‬وعندما خرجوا علينا ب�شعار (غزة‬ ‫و�أريحا �أو ًال) قلت لهم‪ :‬ال‪ ،‬وادي احلوارث �أو ًال لأنها �أول قطعة �أر�ض‬ ‫�سيطر عليها الإ�سرائيليون بالقوة‪ ،‬لذلك علينا �أن نبد�أ منها‪ ،‬كل‬ ‫�سنتمرت اح ُتل من فل�سطني �أو ًال ولي�س غزة و�أريحا �أو ًال‪..‬‬ ‫مل يلتفت النا�س �إىل الرواية‪ ،‬يف الثمانينيات كانت هناك اتفاقية‬ ‫ثقافية ب�ين منظمة التحرير الفل�سطينية والباك�ستان ‪-‬يف فرتة‬ ‫حكم (ذو الفقار علي بوتو)‪ -‬و�أح��د بنود االتفاقية �إنتاج �سينمائي‬ ‫فل�سطيني باك�ستاين م�شرتك حول الق�ضية والثورة الفل�سطينية‪،‬‬ ‫وانتدبت لهذا العمل‪ ،‬وكتبت �سيناريو فيلم (حب ‪ ..‬موت ‪ ..‬حرية)‬ ‫امل��أخ��وذ عن رواي�ت��ي (وادي احل ��وارث)‪ ،‬فقد ت�صادف �أن كانت هناك‬ ‫كتيبة هندية باك�ستانية يف اجلي�ش الربيطاين‪ ،‬كلفت برتحيل �أهل‬ ‫وادي احلوارث‪ ،‬ولذلك ذهبت �إىل الباك�ستان وع�شت فيها �سبعة �أ�شهر‪،‬‬ ‫زرت فيها العديد من القرى والأماكن‪ ،‬وم�شيتها على قدمي‪ ،‬وبحثت‬ ‫عن �أ�شخا�ص �أحياء خدموا يف تلك الكتيبة‪ ،‬ووج��دت اثنني �أحدهما‬ ‫عمره ‪� 85‬سنة والثاين ‪� 90‬سنة‪ ،‬وبد�أت الفيلم من الباك�ستان من �أفراد‬ ‫الكتيبة الذين كان �أكرثهم يعمل يف �أرا�ضي املالكني الكبار يف الهند‬ ‫والباك�ستان قبل جتنيدهم يف اجلي�ش الربيطاين‪� ،‬سمعت منهما كيف‬ ‫مت جتنيدهم‪ ،‬و�أدخلتهم �إىل فل�سطني‪� ،‬إىل منطقة احلرم �أو (�سيدنا‬ ‫علي) مقابل قلعة (�أر��س��وف) ال�صليبية‪ ،‬وكيف انتهى الأم��ر به�ؤالء‬ ‫اجلنود �إىل القتال �إىل جانب الفل�سطينيني بعد �أن اكت�شفوا كذب‬ ‫الإنكليز‪ ..‬والفيلم توقف بعد �إعدام (بوتو)‪)..‬‬ ‫املنا�ضل والروائي والقا�ص وال�سينمائي توفيق فيا�ض الذي �أنتج‬ ‫بعدها (حبيبتي ملي�شيا) و(البهلول) و(حيفا والنور�س) و(ال�شيخ‬ ‫اليف امللك)‪ ..‬مل نعد نرى له جديداً‪..‬‬ ‫ويقول ه��و‪� :‬أن��ا يف حالة �أ�شبه بتجفيف الينابيع‪ ،‬جف نبعي يف‬ ‫الكتابة ال��روائ�ي��ة والق�ص�صية ب�سبب بعدي ع��ن الأر� ��ض وع��ن تلك‬ ‫املنطقة‪� ..‬أنا مثل عبد الرحمن منيف الذي توقف عن الكتابة عندما‬ ‫انتقل �إىل باري�س �أن��ا نبعي كله يف (املقيبلة)‪ ،‬دون الأر���ض الكاتب‬ ‫ميوت‪.‬‬

‫‪www.thaqafa.org‬‬ ‫من �أ�سبوع �إىل �أ�سبوع‪..‬‬

‫كنت يف القدس‬ ‫حممد �أبو عزة‬

‫�أول �أم�س ‪-‬كما يف كل يوم‪ -‬كنت يف القد�س‪..‬‬ ‫�أخذتني احل�شود التي م�شت �صوب (ال�شريعة) كما قبل‬ ‫نيف و�أربعني �سنة‪ ...‬وتركت امل�سرية ورائي وم�شيت �صوب‬ ‫(ج�سر اللبني)‪ ،‬ووجدتني يف (�أريحا)‪ ،‬ومنها �أخذت الطريق‬ ‫الأفعواين ال�صاعد �إىل (القد�س)‪.‬‬ ‫الأغوار من العقبة جنوباً �إىل �إربد �شما ًال على مييني‪،‬‬ ‫حمت�ضنة رف ��ات ال���ش�ه��داء م��ن ال�صحابة وال�ت��اب�ع�ين منذ‬ ‫معركة (م�ؤتة) و(تبوك) و(الريموك)‪�( :‬أب��و عبيدة وزيد‬ ‫بن حارثة وجعفر �أب��ي طالب وعبد اهلل بن رواح��ة‪ )..‬وكل‬ ‫املنارات ال�سامقة‪..‬‬ ‫وه��ا �أن��ا ف��وق (جبل امل�ك�بر)‪ ،‬حيث ك�بر امل�سلمون وهم‬ ‫ي�ستقبلون اخلليفة عمر بن اخلطاب (ر) وجبل الطوري‬ ‫(الثوري ن�سبة �إىل �أحد �أ�صحاب �صالح الدين الأيوبي الذي‬ ‫امتطى ثوراً حني مل يجد ح�صاناً قبل �أن ي�سقط �شهيداً)‬ ‫«ووقفت مع الواقفني‪� ،‬أجيل الطرف يف مدينة القد�س‪،‬‬ ‫حياً حياً‪ ،‬و�شارعاً �شارعاً‪ ،‬ومنز ًال منز ًال‪..‬‬ ‫ذل��ك ه��و ح��ي (م�ي���ش��ورمي) ال ��ذي ك��ان ي�سكنه اليهود‬ ‫القدامى بكل قاذوراتهم و�ضجيجهم و�شجارهم‪..‬‬ ‫وهناك باب اخلليل الذي ينفتح على القد�س اجلديدة‬ ‫ب�أحيائها التي كانت زاهرة‪..‬‬ ‫�أحياء (الطالبية) و(القطمون) و(البقعة)‪ ،‬البي�ضاء‬ ‫الوردية‪..‬‬ ‫وتلك مقربة (باب ال�ساهرة) التي ت�ضم رفات ال�صحابة‬ ‫الأوائ��ل الذين �شهدوا فتح بيت املقد�س مع ال�ف��اروق و�أبي‬ ‫عبيدة وابن الوليد وغريهم‪..‬‬ ‫وذل��ك ه��و امل�سجد الأق�صى بجالله وقد�سيته و�سناء‬ ‫بهائه ال��ذي �أذن فيه ب�لال احلب�شي ‪-‬م ��ؤذن الر�سول عليه‬ ‫ال�سالم بعد �أن ت�سلم عمر مفاتيح بيت املقد�س‪ ،‬ويومها بكى‬ ‫ال�صحابة واملجاهدون فقد تذكروا الر�سول العظيم لأن هذا‬ ‫�أول �أذان ي�ؤذنه بالل بعد وفاة النبي امل�صطفى وانتقاله �إىل‬ ‫الرفيق الأعلى‪..‬‬ ‫وتلكم ه��ي ال��رواب��ي التي ال ت��زال ت��ردد تعاليم ال�سيد‬ ‫امل�سيح بالدعوة �إىل احلق والعدل واملحبة وال�سالم‪ ،‬واملدر�سة‬ ‫ال�صالحية و�سائر املن�ش�آت التي �أقامها �صالح الدين الأيوبي‬ ‫بعد �أن ا�ستخل�ص القد�س من �أيدي ال�صليبيني‪..‬‬ ‫وهناك وهنا من الآث��ار والأ��س��وار وامل�ساجد والكنائ�س‬ ‫والأ��س��واق والفنادق وم��ا تغو�ص فيه ذاك��رة التاريخ ف�ض ً‬ ‫ال‬ ‫عن ذاكرة الإن�سان‪..‬‬ ‫ومن القد�س طوفت يف م�شارف جنوبي رام اهلل وبريزيت‬ ‫�شما ًال �إىل م�شارف بيت جاال وبيت حلم وبيت �ساحور جنوباً‪،‬‬ ‫وغرباً حتى بلدة (لفتا) و(بيت اك�سا)‬ ‫ث��م‪ ..‬ت��رك��ت �صوتي ه�ن��اك حيث ال�ظ�لال �أكث��ر تعانقاً‬ ‫م��ن الأه ��داب‪ ،‬ورج�ع��ت �إىل ال�ن�ه��ارات التي ال تدفئ �أحالم‬ ‫الغريب‪ ،‬واملراكب املثقوبة حيث ال ري�شة �أمتطيها يف اليم‬ ‫ال�صاخب‪..‬‬ ‫�شعر‬

‫السيول‬ ‫معني ب�سي�سو‬

‫عبد اهلل �أبو را�شد*‬ ‫ال�ف�ن��ان الت�شكيلي الفل�سطيني «�شفيق‬ ‫ر� �ض ��وان» م��ن م��وال �ي��د فل�سطني ع ��ام ‪،1941‬‬ ‫حا�صل على �شهادة الدكتوراه يف فل�سفة الفنون‬ ‫الت�شكيلية وع�ل��وم�ه��ا م��ن �أك��ادمي �ي��ة الفنون‬ ‫ال�سوفيتية مبو�سكو عام ‪ ،1989‬ع�ضو م�ؤ�س�س‬ ‫الحت ��اد ال�ف�ن��ان�ين الت�شكيلني الفل�سطينيني‬ ‫والعرب‪ ،‬عمل ك�أ�ستاذ حما�ضر يف كلية العمارة‪،‬‬ ‫ورئي�ساً لق�سم الفنون بجامعة درنة الليبية ما‬ ‫ب�ين ‪ ،1995-1992‬و�أ� �س �ت��اذاً م���س��اع��داً يف كلية‬ ‫الفنون اجلميلة والتطبيقية وق�سم الت�صميم‬ ‫الإي���ض��اح��ي بجامعة اخل��رط��وم يف ال�سودان‬ ‫ما بني ‪ ،1997-1996‬ثم عميدا لكلية الفنون‬ ‫اجل�م�ي�ل��ة ب�ج��ام�ع��ة الأق �� �ص��ى يف ق �ط��اع غ ��زة ‪،‬‬ ‫��ش��ارك يف العديد م��ن امل�ع��ار���ض والتظاهرات‬ ‫الفنية يف الوطن العربي والعامل‪ ،‬و�أق��ام عدة‬ ‫معار�ض فردية‪� ،‬أطروحته يف الدكتوراه حول‬

‫امل�ل���ص��ق الفل�سطيني ُت �ع��د م��رج �ع �اً م�ه�م�اً يف‬ ‫احلركة الفنية الت�شكيلية الفل�سطينية‪.‬‬ ‫�إن���س��ان ال �ث��ورة الفل�سطينية ه��و املفردة‬ ‫الأك �ث��ر ب� � ��روزاً وم��واك �ب��ة مل �ج �م��وع��ة جتاربه‬ ‫وم��راح��ل حياته الفنية‪ ،‬واملليئة باالجتاهات‬ ‫ال��واق �ع �ي��ة ال �ت �ع �ب�يري��ة ال ��رم ��زي ��ة‪ ،‬والقائم‬ ‫ع�ل��ى حت�شد العنا�صر وامل �ف��ردات داخ ��ل بنية‬ ‫التكوينات‪ ،‬ومغردة بف�ضاء احلرية املدرو�سة‬ ‫حليوية اخل��ط واللون وتباينه‪ ،‬ك�سمة الزمة‬ ‫ملجموع لوحاته يف ال�ف�ترة املحاكية مل�ؤثرات‬ ‫مكان الدرا�سة واملرحلة الزمنية التي عا�ش ما‬ ‫بني ظهرانيها يف مو�سكو‪.‬‬ ‫وقد واكبت جميعها �أي�ضاً م�سائل ق�ضيته‬ ‫ال��وط�ن�ي��ة الفل�سطينية ب ��إي �ق��اع��ات �إن�سانية‬ ‫عاملية‪ ،‬م�سجلة الأح��داث واملواقف ال�سيا�سية‬ ‫والن�ضالية لل�شعب العربي الفل�سطيني وقواه‬ ‫ال�شعبية �أج�م��ل تو�صيف‪ ،‬مال�صقة ملحطات‬ ‫الأم ��ل والأمل وي��وم�ي��ات ال �ث��ورة لفل�سطينية‬

‫امل �ع��ا� �ص ��رة ‪ ، ،‬وت� �خ�ي�ر م��وا� �ض �ي��ع حت �م��ل يف‬ ‫مالحمها وهيئتها الت�شكيلية وال�شكلية ذات‬ ‫املالمح ال�سابقة الأمينة الجتاهاته الو�صفية‬ ‫امل�ت�ن��ا��س�ل��ة م��ن ال��واق �ع �ي��ة اال� �ش�تراك �ي��ة‪ ،‬لكن‬ ‫م��ع اق�ت���ص��اد يف ر� �ص��ف ال�ع�ن��ا��ص��ر الب�شرية‪،‬‬ ‫واختزالها يف حدود �شخ�صية واحدة �أو ثالثة‬ ‫يف ابعد احلدود‪ ،‬ومي ً‬ ‫ال يف تقنيتها نحو املالمح‬ ‫التعبريية الت�أثريية املعا�صرة والتجريدية‪،‬‬ ‫التي ُتعطي املوازنة ال�شكلية ما بني العنا�صر‬ ‫الرئي�سة والثانوية يف خلفيات اللوحات‪.‬‬ ‫�أهميته كفنان ال تقل عنها مكانته كباحث‬ ‫ف��ن ت�شكيلي ي�سعى ع�ل��ى ال� ��دوام يف ميادين‬ ‫الكتابة الفنية والبحث الأك��ادمي��ي التوثيقي‬ ‫واملعريف‪ ،‬و له �صوالت وجوالت وجتارب جيدة‬ ‫وطيبة يف توثيق الذاكرة الب�صرية الفل�سطينية‬ ‫ال�سيما يف ميادين املل�صق الفل�سطيني‪ ،‬و�أم�ست‬ ‫كتبه يف ميادينه و�سواه من املرجعيات املهمة‪،‬‬ ‫وقد تكون الوحيدة يف هذا امل�ضمار‪.‬‬

‫مل ي � �ت ��رك ال� ��� �س� �ي ��ل غ� �ي��ر احل� � �ب � ��ل وال � ��وت � ��د‬ ‫م� � ��ن ذل� � � ��ك ال� ��� �ش� �ع ��ب �أو م� � ��ن ذل� � � ��ك ال� �ب �ل ��د‬ ‫ه � � �ن� � ��ا ح � � � �ط � � � ��ام‪ ،‬ه � � �ن� � ��ا م� � � � � � ��وت‪ ،‬ه � � �ن� � ��ا غ� � ��رق‬ ‫ه � � � �ن � � ��ا ب � � � �ق � � ��اي � � ��ا رغ � � � � �ي � � � ��ف ع � � � ��ال � � � ��ق ب � �ي� ��د‬ ‫ت � �ل� ��ك ال � �ب � �ق � �ي� ��ة م � � ��ن �� �ش� �ع� �ب ��ي وم � � � ��ن ب� �ل ��دي‬ ‫م� � � � ��ا ب� � �ي� ��ن ب � � � � � ��اك وجم � � � � �ن� � � � ��ون وم � ��رت� � �ع � ��د‬ ‫ت � �ل � ��ك ال � �ب � �ق � �ي� ��ة م � � ��ن �� �ش� �ع� �ب ��ي ف � � � � ��ذاك �أب � � ��ي‬ ‫وت� � �ل � ��ك �أم � � � ��ي وم � � ��ا يف اخل � �ي � ��� ��ش م � ��ن �أح � ��د‬ ‫دم � � �س �ت�رع � ��� ��ش ق � �ل � ��ب الأر�� � � � � � � ��ض �� �ص ��رخ� �ت ��ه‬ ‫ي� � ��ا ن� � � ��ار ق� � ��د �� �ص� �ح ��ت الأم� � � � � � � ��وات ف ��ات� �ق ��دي‬ ‫ق�صة ق�صرية‬

‫يف ق�ص�ص ال�تراث �أن الثعلب ال��ذي ت�ستوطن الرباغيث‬ ‫جثته‪ ،‬يعمد �إىل جمع كتلة من ال�صوف �أو الوبر‪ ،‬يحملها يف‬ ‫فمه ثم يدخل النهر‪ ،‬ويبد�أ يف غم�س بدنه تدريجياً‪ ،‬فتهرب‬ ‫الرباغيث من ذيله �إىل ظهره‪ ،‬ثم �إىل عنقه فر�أ�سه‪ ،‬وتتجمع‬ ‫يف كتلة ال�صوف التي يحملها بفمه‪ ،‬وعند ذلك يرتك الكتلة‬ ‫يف املاء وينجو بنف�سه‪..‬‬ ‫�أفيكون الثعلب �أذكى منا‪ ،‬فال ن�ستطيع �أن نتبدع طريقة‬ ‫للتخل�ص من هذه الرباغيث ال�صهيونية؟!‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.