01 28 2373

Page 12

‫‪12‬‬

‫م���������������������ق���������������������االت‬

‫الأربعاء (‪ )24‬متوز (‪ ) 2013‬م ‪ -‬ال�سنة (‪ - )20‬العدد (‪)2373‬‬

‫فهمي هويدي‬

‫املقلق‬ ‫والفكاهي‬

‫ح�ين ق����ر�أت اخل�ب�ر ال���ذي ن�����ش��ره الأه�����رام ع��ن حب�س‬ ‫الدكتور حممد مر�سي بتهمة التخابر والتحري�ض على‬ ‫العنف‪ ،‬ثم وقعت على التكذيب الفوري له الذي �صدر عن‬ ‫املتحدث با�سم القوات امل�سلحة وعن النائب العام‪ ،‬قلت �إن‬ ‫الق�صة حتتمل قراءتني‪ ،‬الأوىل تثري التوج�س وتبعث على‬ ‫القلق والثانية فكاهية وتبعث على ال�ضحك‪ .‬الق�صة كلها‬ ‫حدثت قبل منت�صف ليلة الثالثاء ‪ 7/22‬ذلك �أن جريدة‬ ‫الأهرام �أفردت للخرب ال�صفحة الأوىل كلها‪ .‬وكان العنوان‬ ‫الرئي�سي ال��ذي و�ضع فوق «الرتوي�سة» تقديرا لأهميته‬ ‫حول �أمر �أ�صدره النائب العام بحب�س «مر�سي» ‪ 15‬يوما‬ ‫بعدما ا�ستمع �إىل ت�سجيالت لأربع مكاملات هاتفية �أجراها‬ ‫الرئي�س ال�سابق مع الرئا�سة الأمريكية ومر�شد الإخوان‬ ‫وحركة حما�س‪� ،‬إ�ضافة �إىل ابنه امل��وج��ود يف تركيا‪ .‬وما‬ ‫�أث��ار االنتباه �أنه بعد دقائق من ظهور اخلرب يف الطبعة‬ ‫الأوىل من اجلريدة وبثه على موقعها الإلكرتوين �أ�صدر‬ ‫املتحدث الع�سكري با�سم ال��ق��وات امل�سلحة بيانا �سريعا‬ ‫و�شديد اللهجة كذب فيه اخلرب «جملة وتف�صيال»‪ ،‬وقال‬ ‫�إن «الن�شر بهذه الطريقة ويف هذا التوقيت يهدف لإثارة‬ ‫البلبلة وتهييج ال���ر�أي العام لتحقيق �أغ��را���ض م�شبوهة‬ ‫خل��دم��ة ت��ي��ارات �سيا�سية معينة»‪ .‬وح�ين ي��دق��ق امل���رء يف‬ ‫العبارات يجد �أن املتحدث با�سم القوات امل�سلحة مل يكذب‬ ‫اخلرب ب�صورة قاطعة فح�سب‪ ،‬و�إمنا �شكك يف دوافع الن�شر‬

‫واعترب �أنها ت�ستهدف «تهييج الر�أي العام خلدمة �أغرا�ض‬ ‫م�شبوهة»‪� .‬أي �أنه �أ�شار بو�ضوح �إىل �أن وراء الن�شر �سوء‬ ‫ق�صد متعمد‪ ،‬ويف ال��ظ��روف ال��ع��ادي��ة ف����إن الأم����ر ميكن‬ ‫احتوا�ؤه باعتذار يعلنه رئي�س حترير الأه��رام الذي ن�شر‬ ‫الق�صة با�سمه‪ ،‬وبه ت�سوى امل�س�ألة‪ ،‬لكن ما حدث كان غري‬ ‫ذلك لأن رئي�س التحرير �أعلن على �شا�شة التليفزيون �أنه‬ ‫مت�أكد من �صحة اخلرب لأن��ه يثق يف م�صدره املوجود يف‬ ‫دائرة �صناعة القرار‪ .‬وحني راجعته هاتفيا ف�إنه كرر نف�س‬ ‫الكالم وقال �إنه نقل عن امل�صدر ذاته يف ال�سابق معلومات‬ ‫�أخرى غاية يف الأهمية ثبتت �صحتها ومل يكذب �أي منها‪.‬‬ ‫م��ن جانبي حتريت الأم���ر وت���أك��دت م��ن �صحة كالم‬ ‫الزميل عبد النا�صر �سالمة الذي كان ناقال للخرب ومل‬ ‫يكن من�شئا له‪ .‬وعلمت �أن اخلرب خرج من �أحد الأجهزة‬ ‫ال�����س��ي��ادي��ة امل��ه��م��ة‪ .‬وف��ه��م��ت م���ن ب��ع�����ض ر ؤ������س����اء حت��ري��ر‬ ‫ال�صحف �أن بع�ض الأخبار املثرية التي تن�شر بني احلني‬ ‫والآخر خا�صة بالإخوان �أو بحركة حما�س ت�أتيهم م�سربة‬ ‫من عنا�صر نافذة يف ذلك اجلهاز‪.‬‬ ‫هذا الكالم �إذا �صح ف�إنه ي�سلط ال�ضوء على جانب من‬ ‫ال�صورة مل يكن مرئيا من قبل‪� .‬أعني �أن احلدث بني لنا‬ ‫�أننا ب�إزاء جهتني �أو طرفني يف دائرة �صنع القرار واحدة‬ ‫�سربت اخل�بر بكل تفا�صيله‪ ،‬و�أخ���رى �سارعت �إىل نفيه‬ ‫جملة وتف�صيال مع الت�شكيك يف دوافع ن�شره‪.‬‬

‫ورغ���م �أن ال��ك�لام امل��ب��اح ينبغي �أن ي�سكت ع��ن��د ه��ذه‬ ‫النقطة‪� ،‬إال �أن تلك اخلال�صة ت�سرب �إلينا ال�شعور بالقلق‬ ‫�إزاء ظهور ذلك التباين يف الوقت الراهن وبهذه ال�سرعة‪.‬‬ ‫وهو قلق يدعونا �إىل الت�سا�ؤل عن طبيعة ووزن كل طرف‬ ‫وعن حقيقة دوافع �أحدهما يف �إطالق الفرقعة وم�سارعة‬ ‫الثاين �إىل تكذيب الكالم والت�شكيك يف براءة ن�شره‪� ،‬إىل‬ ‫حد القول ب���أن وراء الن�شر «دواف���ع م�شبوهة»‪ .‬ويف هذه‬ ‫احلالة ف���إن التحقيق مع رئي�س حترير الأه���رام ال يويف‬ ‫املو�ضوع حقه‪ ،‬وي�صبح ذرا للرماد يف العيون لأن التحقيق‬ ‫ينبغي �أن يتجه �صوب اجلهة التي �سربت اخل�بر‪ ،‬ولي�س‬ ‫الطرف الذي تورط يف ن�شره اعتمادا على ثقته يف مكانة‬ ‫ومعارف تلك اجلهة‪.‬‬ ‫هذا هو املقلق يف الأم��ر‪� ،‬أما الفكاهي وامل�ضحك فهو‬ ‫التفا�صيل التي ت�ضمنها اخلرب‪ ،‬والتي �إن دلت على �شيء‬ ‫ف���إمن��ا ت��دل على ت��ده��ور م�ستوى التلفيق م��ع اف�ترا���ض‬ ‫البالهة والغباء لدى القارئ واملتلقي‪.‬‬ ‫ذل����ك �أن ال��ق�����ص��ة حت��دث��ن��ا ع���ن رئ��ي�����س ق��ط��ع��ت عنه‬ ‫االت�صاالت وطلب منه التنحي ف�أعطاه الفريق ال�سي�سي‬ ‫ه��ات��ف��ه اخل��ا���ص ل��ك��ي ي��ت��ي��ح ل��ه �أن ي��ت�����ش��اور م��ع غ�ي�ره يف‬ ‫القرار‪ .‬ولكن الرئي�س املغيب عن الوعي ي�ستخدم الهاتف‬ ‫يف االت�صال بوا�شنطن لطلب التدخل الع�سكري ومبر�شد‬ ‫الإخوان لإ�شاعة الفو�ضى يف البلد وبحركة حما�س لدعم‬

‫علي العتوم‬

‫هّ‬ ‫ال قتلتَ مجندات‬ ‫كافرات ال محمديات‬ ‫طاهرات !!‬ ‫جاءتنا الأخبا ُر الفاجعة �أن اجلي�ش امل�صريّ (الهُمام) قد �أبدى �شجاعة‬ ‫فائقة يف قتل �أرب ٍ���ع م��ن ح��رائ��ر امل��ن�����ص��ورة‪ ،‬وه���نّ ينكر َن على ق��ائ��د االن��ق�لاب‬ ‫ال�سي�س خيانته للعهد بالغدر برئي�س م�صر الدكتور‬ ‫اخل�سي�س‪ ،‬عبد الفتاح ِّ‬ ‫حممد مر�سي الذي انتخبه ال�شعب انتخاباً ح ّراً نزيهاً‪ ،‬ويطال ْبنه بالعدول عن‬ ‫هذه النذالة التي ال تعرفها �أخ� ُ‬ ‫لاق الرجال ال�صادقني يف �أيِّ بلدٍ من بلدان‬ ‫ّ‬ ‫املتح�ضر‪.‬‬ ‫العامل‬ ‫بتعجبٍ ‪ :‬ه��ل قتل اجلي�ش امل�����ص��ري ط���وال هذا‬ ‫ ‬ ‫وق��د ت�ساء ْلنا ُّ‬ ‫الع�صر ه��ذا ال��ع��دد م��ن امل��ج��ن��دات ال��ي��ه��ودي��ات النج�سات يف م�ستعمرات �أب��ن��اء‬ ‫�صهيون التي بنوْها على �أر�ضنا الط ّيبة يف غزة �أو النقب �أو القد�س‪� ،‬أو وهنّ‬ ‫ي�شار ْكن اجلي�ش اليهودي يف االعتداء على �أ�صقاع م�صر‪ ،‬ويُلقني باحلمم املهلكة‬ ‫على �أهلها يف بور�سعيد �أو امل َ َطريّة �أو الإ�سماعيلية �أو بحر البقر ؟!‬ ‫ ‬ ‫وهل اعترب ع�ساكر هذا اجلي�ش (الأ�شاو�س) �أن �أرواح اليهود �أو‬ ‫اليهوديات‬ ‫مقدّ�سة‪ ،‬و�أرواح امل�سلمات الطاهرات جن�سة على مذهب املا�سونية العاملية‬ ‫التي حت��رك مراكز القوى يف بالدنا العربية يف م�سرح خيال الظل من وراء‬ ‫�ستار‪ ،‬ولذلك �أقدم بجر�أ ٍة (و�شجاعة) على هذا العمل الدينء الذي ال يدل على‬ ‫�أدنى قدر من معاين الرجولة وال�شهامة التي هي �ألزم ما تكون للجيو�ش احلرة‬ ‫يف تعاملها حتى مع �أعدى �أعدائها بالن�سبة لأخوات الرجال �أو ربّات احلِجال ؟!‬ ‫�أيقتل �أيها (الأبطال املغاوير) الرج ُل ال�شريف �أمّه �أو �أخته �أو‬ ‫ ‬ ‫بنته‪� ،‬أو �أي��ة واح��دة من ه���ؤالء من بنات دينه ووطنه وجن�سه‪ ،‬بال ذن��بٍ جنته‬ ‫�سوى �أن��ه��ا تقول لهذا الع�سكري ال��ذي ���س��دّد ُف�� ّوه��ة بندقيته �إىل �صدرها �أو‬ ‫ر�أ�سها �أو محُ ّياها ‪ :‬داف ْع عن حِ مى دينك وحدود وطنك‪ ،‬وكنْ ح ّراً‪ ،‬ه ّمك الأول‬ ‫والأخري حماية �شعبك وتراب �أر�ضك من اليهود الأجنا�س والأمريكان املالعني‬ ‫ال��ذي��ن ي��ري��دون��ك �أن ت��ك��ون ع�صاً غليظ ًة ب�أيديهم ت�شدخ ر�ؤو�����س مواطنيك‬ ‫الطيبني من الن�ساء قبل الرجال ؟!‬ ‫ه��ل ق����ر�أت �أي��ه��ا اجل��ي�����ش (املِ���ق���دام) و���ص��اي��ا ال��ر���س��ول �صلى اهلل‬ ‫ ‬ ‫عليه و�سلم وخلفائه العظام جليو�شهم الغازية‪:‬ال تقتلوا طف ً‬ ‫ال وال امر�أ ًة‪ ،‬وال‬ ‫تقطعوا �شجرة وال تهدموا �صومع ًة‪ ،‬وال تذبحوا �شيخاً وال بقرة‪ .‬وه�ؤالء هم يف‬ ‫تتوجه �إليهم هذه اجليو�ش الفاحتة‪ ،‬فكيف �إذا كان‬ ‫عِ داد �أعداء امل�سلمني الذين ّ‬ ‫و�صى بهم من امل�سلمات العفيفات اللواتي هنّ عون لهذه اجليو�ش على‬ ‫ه�ؤالء امل ُ َ‬ ‫تنفيذ مهماتها النبيلة‪� ،‬أم �أنكم ل�ستم من هذه الثقافة امل�سلمة يف �شيء‪ ،‬و�أنكم‬ ‫غربا ُء عنها‪ ،‬فثقافتكم ثقافة الغرب وال�شرق ال�ضالة ؟!‬ ‫ ‬ ‫ه��ل ط��اب��ت نفو�سكم �أي��ه��ا (الأُب������اة)‪ ،‬ي��ا (حُ ��م��اة ال��دي��ار) الذين‬ ‫انت�صرمت على اليهود بعد �أن حررمت �سينا وفل�سطني من احتاللهم املُ��ذِ ّل‪� ،‬أن‬ ‫تت�شاجعوا وت�سرتجلوا على ر ّب��ات اخل��دور اللواتي ُي َن ّ�ش أْ� َن يف احللية‪ ،‬وهن يف‬ ‫اخل�صام غري مبيناتٍ ‪ ،‬فرتيقوا دماءهنّ الطاهرة يف �شوارع مدينة املن�صورة‬ ‫البا�سلة ال��ت��ي م��ا ع��رف �أه��ل��ه��ا �إ ّال ق��ت��ال الأع�����داء‪ ،‬وط��رده��م م��ن ف��وق ترابها‬ ‫الطهور يف حروبها مع �أعداء الإ�سالم احلنيف من ال�صليبني يف العهد الغابر‬ ‫وامل�ستعمرين يف الع�صر احلا�ضر‪ ،‬ف�شوّهتم بذلك‪ ،‬وجهها النا�ضر بعد �أن �شوّه‬ ‫ُ‬ ‫اهلل وجوهكم الكاحلة و�أخالقكم الواطية بهذه الفعالت اخلا�سية ؟!‬ ‫ ‬ ‫و�إذا كان اهلل عز وجل يقول‪َ (:‬منْ َق َت َل َنفْ�ساً ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س‪� ،‬أو َف�سا ٍد‬ ‫ّا�س جَ مِ يعاً)‪ ،‬ور�سوله الكرمي يقول ‪ :‬اجلنة حرام على‬ ‫يف الأَ ْر ِ�ض َفك� مَّأنا َق َت َل الن َ‬ ‫من هراق مل َء محِ ْ جَ ِم د ٍم بغري حقّ ‪ ،‬ولو من غري م�سلم‪� ،‬أو كما قال‪ ،‬فكيف �إذا‬ ‫توحد اهلل وتدعو �إليه وتلتزم ب�أمره من �أخوات‬ ‫م�سلم‪ ،‬بل من م�سلمة ّ‬ ‫كان من ٍ‬ ‫عائ�شة وفاطمة وخديجة‪ ،‬ر�ضوان اهلل عليهنّ جميعاً ؟! ف�أين �ستذهبون وقد‬ ‫�أرقتم من الدماء الطاهرة ال قطراتٍ معدود ًة‪ ،‬بل �سيو ًال دافقة‪ّ ،‬‬ ‫وقطعتم �أ�شال ًء‬ ‫من �أج�ساد �شريفة و�أو�صالٍ عفيفة ؟! �أين تذهبون غداً من غ�ضب اجل ّبار وهو‬ ‫يقول عنكم ملالئكته‪(:‬و ِق ُفوهُ ْم‪� ،‬إ َّن ُه ْم م َْ�س�ؤُو ُلو َن) ؟!‬ ‫�أيها القتلة املجرمون‪ ،‬ماذا ينفعكم عند اهلل غدا‪ ،‬و�أنتم يف هذه‬ ‫ ‬ ‫الدنيا ت�أمترون ب�أوامر قوّادكم اخلونة ركائبِ بني �إ�سرائيل ؟! هل �سيدافع‬ ‫عنكم اليهود والأمريكان �أو ه���ؤالء ال�� ُق��وّاد الأذ ّالء يف ي��و ٍم يف ّر فيه (امل��ر ُء من‬ ‫�أخيه‪ ،‬و�أمه و�أبيه‪ ،‬و�صاحبته وبنيه‪ ،‬وف�صيلته التي ت�ؤويه)‪� ،‬إذ ( ِل ُك ِّل امْ رِئٍ مِ ْن ُه ْم‬ ‫َي ْو َمئِذٍ َ�ش ْ�أ ٌن ُي ْغنِيهِ)‪ ،‬حِ يال تلك النار التي �ستتلقاكم غداً ك�أنها الوح�ش املفرت�س‬ ‫تتل َّم ُظ الزدراد زبائنها‪ ،‬من �أمثالكم‪ ،‬وهي تقول على الدوام‪(:‬ه َْل مِ نْ َمزِيدٍ )؟!‬ ‫ ‬ ‫م����اذا ���س��ت��ق��ول��ون غ�����داً‪ ،‬وق���د مَ��� ُث���لَ���تْ �أم��ام��ك��م ه������ؤالء احل��رائ��ر‬ ‫ال�شريفات‪ ،‬وهنّ يطالبنكم بدمائهن الزكية ؟! �أعندكم غداً ما تدفعونه من‬ ‫دية �أو قِ�صا�ص �إزاء هذا احلق الوا�ضح ؟! �أو هل لكم هناك من ُخ ّلة و�شفاعة‬ ‫مال وال َب ُنو َن‪� ،‬إ ّال َمنْ �أتى َ‬ ‫يف حم�ضر‪،‬ال َي ْن َف ُع فِي ِه ٌ‬ ‫ِيم ؟! نعم‪ ،‬ماذا‬ ‫اهلل ِب َق ْلبٍ َ�سل ٍ‬ ‫�ستقولون لهنّ ‪ ،‬وهنّ ي َِ�ص ْحنَ يف وجوهكم البا�سرة‪،‬‬ ‫ويقلْنَ ‪ :‬يا ربَّنا‪ُ ،‬خ ْذ لنا بحقنا من ه�ؤالء ال َغ َدرَة املجرمني �أتباع اليهود‬ ‫والأمريكان‪ ،‬وتالمذة كل فا�سدٍ وفا�سقٍ ‪� ،‬أو ملحدٍ وجاحدٍ ؟!‬ ‫�أيّها الع�ساك ُر ال َق َتلَ ُة َّ‬ ‫وال�شبِّيح ُة ال َّذبِّيحَ ُة‪� ،‬ألي�س عيباً عليكم‪� ،‬أن‬ ‫ ‬ ‫تد ِّن�سوا وج َه مدينة املن�صورة الأب ّية بقتل بناتها الطيبات بد ٍم بارد‪ ،‬وهي املدينة‬ ‫التي �أ���س��رت على �أر�ضها قائ َد احلملة ال�صليبية الأخ�ي�رة الفرن�سي (لوي�س‬ ‫ال يف دار ابن لقمان‪ ،‬يقوم عليه َّ‬ ‫وزجتْه ذلي ً‬ ‫الطوا�شِ ي �صبيح‪ ،‬وهزمت‬ ‫التا�سع)‪َّ ،‬‬ ‫الغزاة الفرن�سيني‪ ،‬كما جاء يف قول ال�شاعر ‪:‬‬ ‫ي�س �إذا جِ ْئ َت ُه‬ ‫ُق ْل ِل ْل َف َر ْن�سِ ِ‬ ‫يح‬ ‫ ‬ ‫مَقا َل ِ�صدْقٍ مِ نْ َق ُ�ؤولٍ َف ِ�ص ْ‬ ‫َق ْد �سا َق َك ا َ‬ ‫حلينْ ُ �إىل �أ ْده ٍَم‬ ‫يح‬ ‫ ‬ ‫�ضا َق ِب ِه عَنْ ناظِ َري َْك ال َف�سِ ْ‬ ‫و ُك ُّل � ْأ�صحاب َِك �أ ْودَعْ َت ُه ْم‬ ‫ ‬

‫ِيح‬ ‫بِحُ ْ�سنِ َت ْد ِبري َِك ب َْطنَ ال�ضَّ ر ْ‬

‫َخ ْم ُ�سو َن �أ ْلفاً ال ُي َرى مِ ْن ُه ُم‬ ‫�إ ّال َقت ٌ‬ ‫ِيح‬ ‫ ‬ ‫ِيل �أ ْو �أ�سِ ٌ‬ ‫ري جَ ر ْ‬ ‫َف ُق ْل َل ُه ْم �إنْ � ْأ�ض َم ُروا َع ْو َد ًة‬ ‫يح‬ ‫ ‬ ‫لأِخْ ذِ ث�أ ٍر �أ ْو ِل َق ْ�صدٍ َ�صحِ ْ‬ ‫دا ُر ابْنِ ُلقْما َن على حالِها‬ ‫وا ْل َق ْي ُد باقٍ َّ‬ ‫ِيح‬ ‫ ‬ ‫والطوا�شِ ي َ�صب ْ‬ ‫اهلل �أك�بر‪ُ ،‬ي ُّ‬ ‫��ذل �أج��دادك��م يف هذه البلدة العظيمة الك ّفار‪ ،‬باعتقالهم �أو‬ ‫قتلهم‪ ،‬و�أنتم – �إن كنتم �أحفاد �أولئك الأجداد – تذلون �أبناءها وبناتها الأطهار‬ ‫بالقتل وال�سحل!!‬ ‫�أم�����ا �أن ّ‬ ‫ ‬ ‫���ت���ن‪� ،‬أخ����وا ِت����ن����ا امل�����س��ل��م��ات ال���ب���ط�ل�ات‪ ،‬ب���ن���ات امل��ن�����ص��ورة‬ ‫العظيمة‪:‬ال�صيدالنية �إ���س�لام علي عبد الغني علي‪ ،‬والطالبة هالة حممد‬ ‫متول فرحات ب��در‪ ،‬وف��ري��ال �إ�سماعيل ج�بر‪ ،‬فلكُنَّ ُ‬ ‫�أب��و �شعي�شع‪ ،‬و�آم���ال يّ‬ ‫اهلل‪،‬‬ ‫وغ��داً �أن نَُّ‬ ‫�ُتن يف ِرح��اب جنانه العُال مع ال�صديقات وال�شهيدات �أخ��وات النبيني‬ ‫واملر�سلني‪ .‬و�أمّ���ا �إخ��وان��ك��نّ ال��رج��ال ال��دع��اة �إىل اهلل‪ ،‬فلن ين�سوا ث���أرك��م مهما‬ ‫و�سيقت�صون لكن بعون اهلل من قتلتكنّ اخلبثاء‬ ‫مت��ادت الأح��ق��اب وال�سنون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قِ�صا�صاً عاد ًال (و َ​َ�س َي ْعلَ ُم الذينَ َظلَ ُموا �أَيَّ ُم ْن َقلَبٍ َي ْن َق ِلبُو َن)‪ ،‬و�إىل رحمة اهلل‬ ‫وجنان اخللد �أيتها الطيبات‪...‬‬

‫كاظم عاي�ش‬

‫تفاهمات كريي‪ -‬عباس‪ ،‬أوسلو جديدة‪ ،‬وتيه جديد‬ ‫م�����ا ت�������س���رب ح���ت���ى ال��ل��ح��ظ��ة‬ ‫ل���ل����إع���ل���ام م������ن ج���������والت ك��ي�ري‬ ‫وت��ف��اه��م��ات��ه م���ع رئ��ي�����س ال�سلطة‬ ‫ي����ن����ذر ب�����ال�����دخ�����ول �إىل م���رح���ل���ة‬ ‫جديدة من التيه وال�ضياع الذي‬ ‫تعاين منه الق�ضية الفل�سطينية‪،‬‬ ‫منذ �أن ج���اءت ال�سلطة ب��ن��اء على‬ ‫اتفاقيات �أو�سلو التي كانت خطوة‬ ‫���ص��ه��ي��ون��ي��ة ب��ام��ت��ي��از‪ ،‬ل��ل��ع��ب��ور �إىل‬ ‫م��رح��ل��ة �إ����ض���ع���اف الفل�سطينيني‬ ‫وانق�سامهم‪ ،‬وو�ضعهم يف حالة من‬ ‫ال�ضعف وابتزازهم ليقدموا املزيد‬ ‫من التنازالت مقابل ال �شيء‪.‬‬ ‫اخل��ط�ير يف ه���ذه التفاهمات‬ ‫واملفاو�ضات املحتملة انها جاءت يف‬ ‫ظرف عربي متهالك‪ ،‬فما يجري‬ ‫يف ���س��وري��ا وم�����ص��ر وال����ع����راق‪ ،‬لن‬ ‫يجعل العرب يف حالة يقدرون فيها‬ ‫على التما�سك وادارة مفاو�ضات‬ ‫مي��ك��ن �أن ت��ع��ي��د للفل�سطينيني‬ ‫ح��ق��وق��ا‪ ،‬ك��م��ا ان��ه��ا �ستفر�ض على‬ ‫ال�����دول ال��ع��رب��ي��ة ال���ت���زام���ات ك��ان��ت‬ ‫ت��رف�����ض��ه��ا ع��ل��ى ال������دوام‪ ،‬م���ن مثل‬ ‫اقامة عالقات طبيعية مع الكيان‬ ‫ال�صهيوين‪ ،‬وحت��م��ل تبعات الغاء‬ ‫حق العودة من توطني الالجئني‬ ‫يف دول اخل���ل���ي���ج‪ ،‬وامل�������س���اه���م���ة يف‬ ‫�����ص����ن����دوق ت���ع���وي�������ض ال�ل�اج���ئ�ي�ن‬ ‫ال�����ذي�����ن ي����خ����ت����ارون ال���ت���ع���وي�������ض‪،‬‬ ‫والتخلي عن ال�سيادة على القد�س‪،‬‬ ‫واالعرتاف بيهودية الدولة‪ ،‬بينما‬ ‫ي��ت��م جت��اه��ل م��و���ض��وع ال�لاج��ئ�ين‬ ‫امل��ق��ي��م�ين يف االردن‪ ،‬وب�����دال من‬ ‫ذلك تتم اال�شارة اىل كونفدرالية‬ ‫حم��ت��م��ل��ة‪ ،‬وع�ل�اق���ات ج��دي��دة ذات‬ ‫طابع اقت�صادي بني االردن و�سكان‬ ‫ال��ك��ي��ان غ�ير امل��ح��دد يف فل�سطني‬ ‫ودول����ة ا���س��رائ��ي��ل ال��ي��ه��ودي��ة‪ ،‬التي‬ ‫ت��ت��م�����س��ك ب��ال�����س��ي��ادة ع��ل��ى االر�����ض‬ ‫وباطنها واجل��و واحل���دود واالم��ن‬

‫وح���ري���ة امل�����س��ت��وط��ن�ين يف اخ��ت��ي��ار‬ ‫ج��ن�����س��ي��ة ال����ك����ي����ان ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي‬ ‫غ�ير حم���دد امل���ع���امل‪ ،‬او اجلن�سية‬ ‫اليهودية‪.‬‬ ‫املفاو�ضات �ستبد�أ من ال�صفر‪،‬‬ ‫وب����دون ج����دول زم��ن��ي‪ ،‬ه���ذا يعني‬ ‫�أن ك��ل ال��ب��ط��والت ال��ت��ي اجرتحها‬ ‫امل��ف��او���ض��ون ال���ذي���ن ���ش��اخ��وا وه��م‬ ‫يجل�سون على ط��اول��ة املفاو�ضات‬ ‫�ستذهب �أدراج ال��ري��اح‪ ،‬ول��ن تكون‬ ‫هناك مرجعية ال�شرعية الدولية‬ ‫وال حتى الرباعية وال �أي �شيء‪ ،‬وقد‬ ‫يطالب ال�صهاينة بتغيري عواجيز‬ ‫امل��ف��او���ض��ات ال���ذي���ن ال ي�صلحون‬ ‫للمرحلة اجلديدة‪� ،‬أما اال�ستيطان‬ ‫ف�سيبقى على حاله يف امل�ستوطنات‬ ‫ال���ك�ب�رى وال���ق���د����س‪ ،‬ف��ق��ط بع�ض‬ ‫ب���ؤر اال�ستيطان الهام�شية ميكن‬ ‫جتميد العمل فيها لفرتة وجيزة‪،‬‬ ‫لتعود بعد ذلك على �أو�سع نطاق‪،‬‬ ‫�أم�����ا ال��ت��ن�����س��ي��ق الأم���ن���ي ف�سيبقى‬ ‫ع��ل��ى �أ���ش��ده‪،‬وب��امل��ن��ا���س��ب��ة ال يوجد‬ ‫تن�سيق ام��ن��ي‪ ،‬ه��ن��اك خطة �أمنية‬ ‫�صهيونية تنفذها اجهزة ال�سلطة‬ ‫ب����االج����رة‪ ،‬غ�ي�ر ق��اب��ل��ة ل��ل��ن��ق��ا���ش‪،‬‬ ‫ورغم كل هذا الب�ؤ�س‪ ،‬فان اليمني‬ ‫الإ���س��رائ��ي��ل��ي ي�ضغط ل��وق��ف ه��ذا‬ ‫التوجه نحو املفاو�ضات‪ ،‬مما يدفع‬ ‫نتنياهو ل��ل��ت أ���ك��ي��د ع��ل��ى ان االم��ن‬ ‫ه��و اال���س��ا���س يف ك��ل م��ا �سيجري‪،‬‬ ‫وهي عبارة مطاطة متتد لتتناول‬ ‫اج��راءات تتعلق باالر�ض وال�سكان‬ ‫واحلدود‪ ،‬وفوق كل ذلك‪� ،‬ستعر�ض‬ ‫ال��ت��ف��اه��م��ات ق��ب��ل اق����راره����ا على‬ ‫ال�����ش��ع��ب ال����ي����ه����ودي يف ا���س��ت��ف��ت��اء‬ ‫ع���ام‪ ،‬وه���ذا يعني م�����س�يرة طويلة‬ ‫وم�ضنية امام ال�شعب الفل�سطيني‬ ‫ال����ذي ل��ن ي�ستفتى ب��ال��ط��ب��ع على‬ ‫هذه التفاهمات‪ ،‬لأن �شيخ القبيلة‬ ‫ال��ع��ب�����س��ي م��ف��و���ض ح��ت��ى امل�����وت �أو‬

‫ال���ع���زل ب��ع��د ال��ت��وق��ي��ع ع��ل��ى ه��ذه‬ ‫امل���ؤام��رة اجل��دي��دة على فل�سطني‬ ‫االر����������ض واالن�����������س�����ان وال����ت����اري����خ‬ ‫وال�����ش��ه��داء وامل�����ش��ردي��ن وامل��ع��اق�ين‬ ‫واملحا�صرين‪.‬‬ ‫���س��ي��ق��دم ال�����ص��ه��اي��ن��ة حت�لاي��ة‬ ‫للفل�سطينيني‪ ،‬وه��ي االف���راج عن‬ ‫ب��ع�����ض ال�����س��ج��ن��اء ال���ذي���ن ام�����ض��وا‬ ‫�أكرث من ع�شرين �سنة‪ ،‬والذين ال‬ ‫ي�شكلون خطرا على ام��ن الدولة‬ ‫ال�������ص���ه���ي���ون���ي���ة‪ ،‬مب���ع���ن���ى ان����ه����م مت‬ ‫تدمريهم نف�سيا وج�سديا و�شاخوا‬ ‫يف ال�سجون‪ ،‬هذا باال�ضافة اىل مل‬ ‫�شمل بع�ض ال��ع��ائ�لات يف ال�ضفة‬ ‫وغزة‪ ،‬وهذه ت�ضحية كبرية وم�ؤملة‬ ‫يقدمها ال�صهاينة للفل�سطينيني‪،‬‬ ‫هذا باال�ضافة اىل اجللو�س معهم‬ ‫وتقدمي االبت�سامات وما تي�سر من‬ ‫النكات وم��ا ال يخفى على القارئ‬ ‫م���ن ���س��اب��ق االع���ط���ي���ات وال��ه��ب��ات‬ ‫ال���ت���ي ق��دم��ت��ه��ا دول�����ة ال�����ص��ه��اي��ن��ة‬ ‫ل��ل��م��ف��او���ض�ين ع���ن ط���ري���ق ليفني‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫ال����ع����ودة اىل امل���ف���او����ض���ات يف‬ ‫ه���ذه ال���ظ���روف وب���ه���ذه ال�����ش��روط‬ ‫ودون وج��ود مرجعية فل�سطينية‬ ‫ح��ق��ي��ق��ي��ة ل��ل�����ش��ع��ب ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي‬ ‫ه��و ن���وع م��ن االن��ت��ح��ار ال�سيا�سي‪،‬‬ ‫او اخل�����داع امل���اك���ر ال����ذي مت��ار���س��ه‬ ‫ال�����س��ل��ط��ة ال��ت��ي ف��ق��دت �شرعيتها‬ ‫رئي�سا وحكومة‪ ،‬وال �أريد ان �أذهب‬ ‫اىل التخوين والت�آمر‪ ،‬فهذا �سرياه‬ ‫ك���ل ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي�ين ب��اع��ي��ن��ه��م ان‬ ‫�سارت االمور على النحو الذي يتم‬ ‫ت��داول��ه وم���ا ر���ش��ح ح��ت��ى اللحظة‪،‬‬ ‫لقد �أو�صلتنا ال�سلطة التي يقودها‬ ‫اب��و م��ازن اىل حافة الهاوية‪ ،‬فهل‬ ‫�سي�ضحي بنف�سه ويقفز‪ ،‬ام يتنحى‬ ‫وي�ترك لل�شعب الفل�سطيني �إدارة‬ ‫����ش����ؤون ن��ف�����س��ه ب��ن��ف�����س��ه‪ ،‬وال�����ش��ع��ب‬

‫مقاس أمريكاني‬

‫ق����ادر ع��ل��ى ذل���ك واث���ب���ت ان���ه ق���ادر‬ ‫ع��ل��ى م��واج��ه��ة �أ���ص��ع��ب ال��ظ��روف‪،‬‬ ‫ول��ك��ن ب���دون �سلطة متكالبة على‬ ‫م�صاحلها اك�ثر مما هي حري�صة‬ ‫ع��ل��ى وط���ن م��ب��ت��ل��ى ب��ه��ك��ذا ف��ئ��ة ال‬ ‫ع�لاق��ة لها بال�سيا�سة‪ ،‬ف�ضال ان‬ ‫يكون لها �صلة بالوطنية‪.‬‬ ‫امل����ع����ن����ي ب�����امل�����ف�����او������ض�����ات ه��و‬ ‫منظمة التحرير ولي�س ال�سلطة‬ ‫ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي��ة‪ ،‬ول��ك��ن��ن��ي ت��ع��م��دت‬ ‫احلديث عن ال�سلطة‪ ،‬فاملنظمة مل‬ ‫يعد لها دور‪ ،‬وه��ي غ�ير م��وج��ودة‬ ‫مبعناها احلقيقي‪ ،‬ه��ي خمتطفة‬ ‫م���ن ق��ب��ل م��ت��ن��ف��ذي��ن ال يختلفون‬ ‫ك��ث�يرا ع��ن زع���ام���ات غ�ير �شرعية‬ ‫يف ع��امل��ن��ا ال��ع��رب��ي‪ ،‬وه���ي م��ره��ون��ة‬ ‫مب�����ص��احل��ة وط��ن��ي��ة ال ت���ري���د لها‬ ‫امريكا وال ا�سرائيل ان ترى النور‪،‬‬ ‫لأن��ه��م ي��ري��دون ان تتم امل�صاحلة‬ ‫ع��ل��ى ���ش��روط��ه��م ه���م‪ ،‬ول��ي�����س على‬ ‫�����ش����روط ال�������ش���ع���ب ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي‬ ‫واخ����ت����ي����ارات����ه احل��������رة‪ ،‬ول�ل�ا����س���ف‬ ‫ا����س���ت���ج���اب���ت ال����ق����وى امل���ت���ن���ف���ذة يف‬ ‫ال�شعب الفل�سطيني لإرادة العدو‬ ‫ال�صهيو�أمريكي‪ ،‬وو�ضعت الكثري‬ ‫م��ن العقبات يف طريق امل�صاحلة‪،‬‬ ‫الن���ه���ا وج������دت يف ه�����ذا ال�����س��ل��وك‬ ‫حت��ق��ي��ق��ا ل��رغ��ب��ات��ه��ا وم�����ص��احل��ه��ا‪،‬‬ ‫وه���ي ل��ي�����س��ت وط��ن��ي��ة ب��ال�����ض��رورة‪،‬‬ ‫بل هي خارج �سياق املنطق والعقل‬ ‫وال��دمي��ق��راط��ي��ة وال��وط��ن��ي��ة وك��ل‬ ‫امل����ع����اين وامل���ع���اي�ي�ر ال���ت���ي ت���ع���ارف‬ ‫ع��ل��ي��ه��ا ال��ب�����ش��ر امل��ت��ق��دم��ون منهم‬ ‫واملتخلفون‪.‬‬

‫أصل حكاية ثورة مصر‬ ‫م�شكلتنا �أننا حلمنا ب�أن هناك ع�صرا جديدا‬ ‫ت���وزع فيه ث���روة ب�لادن��ا ب�شكل ع���ادل علينا ب���د�أ‪..‬‬ ‫وي��ع��ت��ل��ي امل�����ص��ري��ون ال��وظ��ائ��ف يف ب��ل��ده��م ب�شكل‬ ‫دمي���ق���راط���ي وم��ن�����ص��ف ‪ ..‬م�شكلتنا �أن���ن���ا حلمنا‬ ‫باختفاء زوار الفجر واملتن�صتني واملتج�س�سني ‪..‬‬ ‫وحلمنا ب���أن يكتب كل منا ما �شاء دون خوف من‬ ‫رقيب او ح�سيب اال يف حدود القانون ‪..‬‬ ‫حلمنا بدولة قوية وم�ستقلة ال تتبع �أح��دا‬ ‫وم��ت��ق��دم��ة نتباهى ب��ه��ا ‪ ..‬وع�شنا يف ه���ذا احللم‬ ‫�شهورا طويلة ‪ ..‬حتى �صدقنا �أحالمنا وجتذرت‬ ‫فينا ‪ ..‬وفج�أة اكت�شفنا اننا نعود لأب�شع مما كنا‬ ‫علينا ‪ ..‬و�أك�ث�ر ظلما وج���ورا مم��ا ك���ان‪ .‬وك����أن ما‬ ‫ح���دث يف ‪ 25‬ي��ن��اي��ر ‪ 2011‬ث���ورة �شعبية خال�صة‬ ‫‪..‬وك�أن اجلي�ش واملخابرات وال�شرطة و�أمن الدولة‬ ‫ورج����ال �أع��م��ال و�أع��ل�ام م��ب��ارك ان�����ص��اع��وا لإرادة‬ ‫ال�شعب واحرتموها‪..‬وك�أن امريكا احرتمت رغبة‬ ‫�شعبنا يف التحرر من قيودها ‪ ..‬لكن االحداث ت�ؤكد‬ ‫انهم ما ان�صاعوا الرادة ال�شعب بل جعلوا ال�شعب‬ ‫ين�صاع الرادت���ه���م وي�����ص�ير ج���زءا م��ن لعبتهم يف‬ ‫ترميم نظام مبارك ولي�س �إ�سقاطه‪ ..‬حينما لعبوا‬ ‫على �أمنياته يف التحرر م��ن اال�ستبداد ورم��وزه‬ ‫و�أع��وان��ه و�أدوات�����ه‪ ..‬ف���راح ال�شعب ي��ه��در ويحطم‬ ‫قيود ا�ستبداد مبارك وع�صابته ‪ ..‬وه��و ال يدري‬ ‫ان��ه ج��زء م��ن خمطط كبري �أط��راف��ه ت��ت��وزع بني‬ ‫املخابرات الغربية وامل�صرية وقيادات يف اجلي�ش‬ ‫وال�شرطة‪ ،‬واعالميني لرتميم نظام مبارك عرب‬ ‫اق��ت�لاع ال��ر�أ���س وا�ستبدالها ب أ���خ��رى م��ع احلفاظ‬ ‫على اجل�سد كامال‪ ،‬وذل��ك ا�ستباقا لثورة �شعبية‬ ‫ع��ارم��ة غ�ير حم�سوبة تطيح باجلميع وت�ؤ�س�س‬ ‫مل�صر القوية احلرة امل�ستقلة ‪ ..‬اال ان رغبة �أمريكا‬ ‫يف اظ��ه��ار اجل��ان��ب ال��دمي��ق��راط��ي ل��ه��ذا التحول‬ ‫جعلها تقبل باجراء انتخابات حرة يف م�صر رغم‬ ‫علمها ب���أن �أي جلوء لل�صندوق يف م�صر �سيجلب‬ ‫اال���س�لام��ي�ين لل�سلطة ‪ ..‬ومل���ا ج���اء اال���س�لام��ي��ون‬ ‫لل�سلطة وجن��ح��وا ع�بر ارب��ع��ة انتخابات متتالية‬ ‫‪ ..‬اتبعت نف�س اال�سلوب الذي مار�سته لالطاحة‬ ‫بنظام مبارك اب��ان اي��ام ال��ث��ورة الثمانية ع�شر ‪..‬‬ ‫طوال عام كامل هي عهد الدكتور حممد مر�سي‬ ‫حتى تخلعه يف ‪ 30‬يونيو مبا يبدو للوهلة االوىل‬ ‫وك���أن��ه ث���ورة �شعبية‪ ،‬وم���ع التعمق نكت�شف انها‬ ‫مرفو�ضة �شعبيا ن��ظ��را لكونها ث���ورة فوتو�شوب‬ ‫�صنعتها و�سائل االع�ل�ام وعنا�صر اج��ه��زة االم��ن‬ ‫واجلي�ش وامل��خ��اب��رات التي ا�س�ست حركة «مت��رد»‬ ‫الهالمية‪ .‬وعموما وعام بعد عام و�شهر بعد �شهر‬

‫د‪.‬دمية طارق طهبوب‬

‫الديمقراطية‬

‫�سيد �أمني ‪ /‬م�صر‬

‫ويوم بعد يوم يثبت التاريخ ان‪« :‬قفا» عدد كبري‬ ‫م��ن ن��خ��ب �أم���ن ال���دول���ة مب�صر ي����زداد ع��ر���ض��ا ‪..‬‬ ‫واخالقهم تزداد حقارة‪.‬‬ ‫ويثبت التاريخ �أن �شعب م�صر هو الوحيد يف‬ ‫الكون التي «ث��ار» قدميا على «ال��واىل العثماين»‬ ‫فا�ستبدله بـ»الوايل االلباين»‪ ..‬وان م�ؤ�س�س جي�ش‬ ‫م�صر العظيم ‪..‬ه���و �أح���د ال�ضباط الفرن�سيني‬ ‫تعرف عليه وايل اال�سكندرية �صدفة �أثناء ذهابه‬ ‫للتطوع يف اجلي�ش الإي��راين فقدمه ملحمد علي‪.‬‬ ‫ورغم ان احلملة الفرن�سية ق�صفت البيوت بالقنابل‬ ‫واق��ت��ح��م��ت االزه����ر ب��اخل��ي��ول وح��رق��ت امل�صاحف‬ ‫وهتكت اعرا�ض النا�س و�سلبت اموالهم‪ ،‬واب��ادت‬ ‫‪� 70‬ألف م�سلم يف عكا وابتدعت ا�سلوب القتل على‬ ‫اخلازوق ‪..‬اال ان نخب امل�صريني تنا�سوا ذلك ومل‬ ‫يعلق يف ذهنهم �سوى املطبعة‪ ،‬وراح��وا يحتفلون‬ ‫باالحتالل الفرن�سي مع ان املطبعة كانت �ستدخل‬ ‫م�صر عن طريق الدولة العثمانية‪ .‬ويثبت التاريخ‬ ‫�أن «اح��م��د ع��راب��ي» البطل امل�����ص��ري الأول ال��ذي‬ ‫ق��اوم االح��ت�لال الربيطاين مل�صر وم��ع ذل��ك ظل‬ ‫امل�صريون ل��ردح طويل من الزمن يعتربونه هو‬ ‫�سبب احتالل م�صر‪ ،‬وكان حاكم الزقازيق يتجه‬ ‫يف ك��ل ���ص��ب��اح ل��ب��ي��ت اح��م��د ع��راب��ي ليب�صق على‬ ‫وجهه‪ .‬ورغ��م ان غايل با�شا «وال��د بطر�س غايل»‬ ‫رئ��ي�����س وزراء م�صر يف ال��ع��ه��د امل��ل��ك��ي واف���ق على‬ ‫ق��ان��ون «دان��ل��وب» لتغريب م�صر‪ ،‬وم�سح هويتها‬ ‫العربية واال�سالمية اال انه بعد ثورة ‪ 1952‬مل يتم‬ ‫الوقوف �ضد متدد ا�سرته بل ورث ابنا�ؤه الوزارات‬ ‫املتعاقبة يف م�صر كابرا عن كابر‪ .‬ورغم ان تاريخ‬ ‫ال�شعب امل�����ص��ري ي أ������س��ف ب�شدة ملحاكمة دن�شواي‬ ‫ال�شهرية واتخذوها كدليل على وح�شية االحتالل‬ ‫الربيطانى مل�صر ‪ ..‬اال ان من يجب ان يدان هم‬ ‫الق�ضاة امل�صريون الذين ق�ضوا باعدام الفالحني‬ ‫االب��ري��اء‪ ،‬وللأ�سف ت��ر�أ���س الق�ضاة بطر�س غايل‬ ‫و�أح��م��د فتحي زغلول با�شا‪ ،‬الأخ الأك�بر للزعيم‬ ‫�سعد زغلول!! هل بعد ذلك كالم‪ .‬ويف �صباح يوم ‪4‬‬ ‫فرباير ‪ 1942‬ورغبة من بريطانيا يف حماية ظهر‬ ‫وجودها يف م�صر اثناء جمابهة اجلرنال االملاين‬ ‫روميل القادم ملحاربتها من بلدان املغرب العربي‪،‬‬ ‫وج���ه امل���ن���دوب ال�����س��ام��ي ال�بري��ط��اين ���س�ير مايلز‬ ‫المب�سون ان���ذارا للملك ” �إم���ا القبول بت�شكيل‬ ‫النحا�س للوزارة �أو التنازل عن العر�ش” مع ان‬ ‫حزب الوفد الذي كان يتزعمه النحا�س مل يح�صل‬ ‫على االغلبية التي جتعله ي�شكل احلكومة وكان‬ ‫خطابه االع�لام��ي ل��ل��داخ��ل ي�صدر نف�سه وك أ���ن��ه‬

‫العنف يف �سيناء‪ .‬وحني يتم ذلك كله خالل ثالثني دقيقة‬ ‫ي��دخ��ل عليه الفريق ال�سي�سي لكي ي��خ�بره ب����أن املكاملات‬ ‫�سجلت ب�أمر من النيابة (املق�صود �أن النائب العام الذي‬ ‫عينه الدكتور مر�سي هو الذي �أ�صدر �أمرا م�سبقا بت�سجيل‬ ‫جرمية مل تقع‪ ،‬ي�ستخدم فيها هاتف وزير الدفاع!)‪.‬‬ ‫وح�سب ال�سيناريو الفكاهي ف����إن ه��ذه امل��ك��امل��ات هي‬ ‫التي بني عليها اتهام الرئي�س بالتخابر والتحري�ض على‬ ‫العنف ومن ثم حب�سه ‪ 15‬يوما يف الق�صة‪ .‬حت�شي�شة �أخرى‬ ‫حتدثت ع��ن ات��ف��اق ب�ين ال�سفرية الأمريكية وب�ين نائب‬ ‫املر�شد خ�يرت ال�شاطر على �أن ينتقل ال��دك��ت��ور مر�سي‬ ‫مبجرد رفع التحفظ عنه لإدارة الدولة بجاللة قدرها‬ ‫من م�سجد رابعة العدوية!! التح�شي�شة الثالثة حتدثت‬ ‫عن تدفق ال�سالح �إىل م�صر لتنفيذ املخطط ال��ذي دعا‬ ‫�إل��ي��ه ال��دك��ت��ور مر�سي وا�ستخدم يف ذل��ك ه��ات��ف الفريق‬ ‫ال�سي�سي‪� .‬إىل غري ذلك من الأفكار التي تك�شف عن فقر‬ ‫يف اخليال �أقنعني ب�أن �سيناريوهات بع�ض عنا�صر الأجهزة‬ ‫ال�سيادية ال تختلف ك��ث�يرا عما يتم ت��داول��ه يف جل�سات‬ ‫الأن�����س والفرف�شة‪ .‬الأم��ر ال��ذي يدعونا �إىل مطالبتهم‬ ‫بتغيري «ال�صنف» لكي يخرجوا علينا ب�أفكار �أكرث ر�صانة‬ ‫واتقانا‪ ،‬ورواي��ات يتوافر لها احلد الأدن��ى من التما�سك‬ ‫والإقناع‪.‬‬

‫بطل حت��رر وطني‪ .‬وتعالوا نقر�أ امل�شهد امل�صري‬ ‫الآن ق����راءة ج��ي��دة وع��م��ي��ق��ة وحم���اي���دة ‪ ..‬ورغ��م‬ ‫�أن الي�سار واملفرو�ض انه يدافع عن امل�ساواة بني‬ ‫النا�س ورف�ض االقطاع والتفاوت الطبقي ‪ ..‬اال‬ ‫ان ي�سار م�صر ابتدع امرا جديدا فهو حتالف مع‬ ‫االقطاع وتنا�سى امر التفاوت الطبقي ‪..‬بل �سارع‬ ‫رموزه ليقت�سموا مع الفا�سدين الغنائم‪ .‬ورغم ان‬ ‫الليربالية تتباهى باحرتامها لكل دعائم احلرية‬ ‫ب��ك��ل ا���ص��ن��اف��ه��ا وان���واع���ه���ا ‪ ..‬اال ان��ن��ا جن���د زع��ي��م‬ ‫الليرباليني امل�صريني حممد ال�برادع��ي يتوىل‬ ‫من�صبه كنائب لرئي�س‪ ،‬انقلب على ال�شرعية‪،‬‬ ‫وجنده وكل الليرباليني امل�صريني لي�س ي�صمتون‬ ‫على تكميم االفواه واغالق الف�ضائيات وال�صحف‬ ‫وقتل ال�صحفيني وحب�سهم‪ ،‬ومراقبة احل�سابات‬ ‫االليكرتونية للمعار�ضني‪ ..‬و�سحلهم واعتقالهم‬ ‫وتلفيق التهم لهم وقتلهم ‪..‬ب��ل هم ي�بررون لها‬ ‫‪..‬ومنهم من زاد وطالب بالتو�سع فيها‪� .‬أما ال�سادة‬ ‫الذين دن�سوا ث��وب عبد النا�صر بانتمائهم اليه‬ ‫وهو منهم بريء نظرا لكونهم �شلة من االفاقني‬ ‫واالرزق��ي��ة واالمنجية بل والعمالء الع��داء عبد‬ ‫النا�صر‪ ..‬فمن املفرو�ض انهم ي�ؤمنون بالوحدة‬ ‫العربية ‪ ..‬وبالق�ضية الفل�سطينية ‪ ..‬وم��ع ذلك‬ ‫حت��ال��ف��وا م��ع م��ن يعترب القومية العربية ه��راء‬ ‫فا�شيا يجب مقاومته ‪ ..‬مثل الربادعي الذي دمر‬ ‫العراق وعمرو مو�سى الذي دمر ليبيا ‪ ..‬وحتالفوا‬ ‫مع اعداء عبد النا�صر وم�شروعه مثل ال�سعودية‬ ‫والكويت واالم����ارات‪ .‬نعم فامل�شاهد كلها هزلية‬ ‫يف م�صر ‪..‬وب��ط��والت��ن��ا يف اغلبها دون كي�شوتية‬ ‫والنماذج ال تعد وال حت�صى‪ .‬انني اخل�ص اىل طرح‬ ‫�س�ؤال توجهه ىل زوجتي كل يوم و�صرت �أفكر فيه‬ ‫جديا ‪ :‬هل ي�ستحق هذا ال�شعب الن�ضال من �أجله؟‬ ‫وهل �صحيح �أن من يتغطى بال�شعب عريان؟ �أقول‬ ‫لكهنة وعباد انقالب ‪ 30‬يونيو «الفا�شل باذن اهلل»‪:‬‬ ‫هل �سمعتم عن ثورة ت�ستمر خم�سة �ساعات فقط‬ ‫؟‪ ..‬وهل �سمعتم عن ثورة مل يخد�ش فيها �شخ�ص‬ ‫واح��د ؟‪..‬وه��ل �سمعتم عن ث��ورة خططت لها كل‬ ‫�أجهزة الدولة ولي�س الثوار ؟ هل �سمعتم عن ثورة‬ ‫تقوم بها ال�شرطة و�أمن الدولة؟ هل �سمعتم عن‬ ‫«ثورة» يغت�صب فيها «الثوار» نحو ‪« 180‬ثائرة» يف‬ ‫يوم واحد يف ميدان»الثورة» ؟ هل �سمعتم عن ثورة‬ ‫مدفوعة الأج��ر ؟ هل �سمعتم عن ث��ورة «�شعبية»‬ ‫تعزل رئي�سا منتخبا لت�أتي برئي�س معني ؟ وتلغي‬ ‫د�ستورا مقرا به �شعبيا وت�ستبدله بد�ستور كتبه‬ ‫�أ�شخا�ص ؟ هل مات العقل والعقالء؟!‬

‫ت�ساهم التعريفات يف تكوين القاعدة املعرفية للإن�سان وثبات الأ�شياء من‬ ‫حوله؛ لذا ف�إن �س�ؤال ع ّرف ما يلي من الأ�سئلة املتكررة يف امتحانات املدار�س؛ �إذ تقي�س‬ ‫ق��درة الطالب على التعرف على �شيء ما وحتديد معناه وخوا�صه‪ ،‬وم��ع �أن العمر‬ ‫والعلم واخلربة قد يغري كثريا من التعريفات التي تعلمها االن�سان يف مرحلة معينة‬ ‫من عمره‪ ،‬اال �أن وجودها يعطي �شيئا من الر�سوخ العلمي واالجتماعي‪ ،‬ومن خاللها‬ ‫يعرف املرء كيف يتعامل مع ذاته وغريه يف احلياة اخلا�صة واالجتماعية العامة‪.‬‬ ‫ولكن يبدو �أن هذه احلالة مثالية و�أق��رب اىل التنظري‪ ،‬و�أن القوة وال�سيطرة‬ ‫يف �شريعة الغاب متلك حق تغيري املفاهيم والتالعب بها و�إع��ادة �صياغتها وقولبتها‬ ‫ح�سب الأه��واء‪ ،‬فالعلم حتى العلم مل يعد حقال بعيدا عن لعبة امل�صالح وال�سيطرة‬ ‫واحلكم!‬ ‫ن��رى ه��ذه احل��ال��ة ماثلة بو�ضوح يف االن��ق�لاب الع�سكري على الدميقراطية‬ ‫وال�شرعية يف م�صر‪ ،‬ففي الوقت الذي ظلت �أمريكا حتاول �أن تعلمنا الدميقراطية‬ ‫ل�سنوات باعتبارها حبل النجاة وطريق التمدن ل�شعوبنا‪ ،‬وا�ستحدثت لذلك برنامج‬ ‫تعزيز الدميقراطية ‪ Democracy Enhancement‬يف العامل ون�شرته‬ ‫يف ب�لادن��ا‪ ،‬وع��رف��ت لنا ال��دمي��ق��راط��ي��ة على �أن��ه��ا «ح��ك��م ال�شعب لل�شعب ع��ن طريق‬ ‫الأغلبية التي متار�س احلكم مع الف�صل بني ال�سلطات» و�إذ بنا نتكت�شف عمليا �أنها‬ ‫ال �شيء من ذلك بتاتا‪ ،‬و�أن الدميقراطية بب�ساطة هي ما تريده ومن تريده �أمريكا‬ ‫يف احلكم‪ ،‬وغري ذلك �سف�سطة وهرطقة و�إرهاب ونكو�ص عن الأعراف الدميقراطية‬ ‫يجب تغيريه واالنقالب عليه لإنقاذ البالد وال�شعوب!!!‬ ‫وب��ه��ذا التعريفات وامل��م��ار���س��ات الأم��ري��ك��ي��ة امللتوية والزئبقية ت�صبح حماية‬ ‫ال��دمي��ق��راط��ي��ة ت�����س��ت��وج��ب ال��ق�����ض��اء ع��ل��ي��ه��ا‪ ،‬لأن م���ن و���ص��ل��وا ل��ل��ح��ك��م ع���ن ط��ري��ق‬ ‫الدميقراطية هم «الأ�شخا�ص اخل��ط���أ» الذين يهددونها ويجب كمرحلة انتقالية‬ ‫ا�ستبدال ر�أي الأغلبية بالأقلية امل�ستعينة بالقوة لغر�ض فر�ض الأم��ن واال�ستقرار‪،‬‬ ‫ولو ا�ستدعى ذلك فر�ض الأحكام العرفية والطوارئ بعد �أن دخلت البالد يف التجربة‬ ‫الدميقراطية!‬ ‫يبدو ال�سيناريو م�ألوفا �ألي�س كذلك؟!‬ ‫هناك �سيناريو �آخر �أال ير�ضخ جزء من الأغلبية حلكم الأقلية واالنقالب على‬ ‫الدميقراطية والتدخالت ال�سافرة من الداخل واخلارج‪ ،‬فتقوم بع�ض الأطراف التي‬ ‫ال تعتمد الو�سطية و�أ�سلوب احل��وار منهجا باللجوء اىل العنف كو�سيلة للدفاع عن‬ ‫حقوقها املغت�صبة؛ مما يدفع �أمريكا مرة �أخ��رى للتدخل على �أي الأح��وال لإيقاف‬ ‫العنف �أو الأ���س��و�أ ما ت�سميه ب��الإره��اب‪ ،‬وه��ي تهمة لي�س لها تعريف �أي�ضا وتطلقها‬ ‫�أمريكا على كل ما ومن ال يعجبها‪ ،‬وبالتايل ال خال�ص من �أمريكا ال بالدميقراطية‬ ‫وال بغريها وينقلب احل��ال اىل فو�ضى عامة ما مل يكن هناك خطة وح��زم ملواجهة‬ ‫خمطط االجنرار اىل العنف‪.‬‬ ‫امل�صداقية الأمريكية كما يقول املفكر نعوم ت�شوم�سكي يف كتابه احلرب اخلطرة‬ ‫‪Perilous War‬ت�ساوي �صفرا‪ ،‬فهي مف�صلة ح�سب احلاجة وامل�صلحة املتغرية‬ ‫لل�سيا�سة الأمريكية‪ ،‬وكذلك ما ت�سميه �أمريكا احلرب على الإرهاب‪.‬‬ ‫ولي�ست م�صر �أول دول��ة حت��اول �أمريكا �إلبا�سها ث��وب الدميقراطية باملقا�س‬ ‫الأمريكاين‪� ،‬إذ يقول ت�شوم�سكي �أنه يف عام ‪� 1980‬صرح توما�س كارثرز م�س�ؤول برنامج‬ ‫تعزيز الدميقراطية �أننا نريد �أن نن�شر الدميقراطية يف ال�شرق الأو�سط‪ ،‬ولكننا نخاف‬ ‫من فوز «الأ�شخا�ص اخلط�أ» فت�صبح الدميقراطية �أداة و�سالحا بيد من ال ي�ستحقها‬ ‫وال يقدرها!‪ ،‬ويف عام ‪ 2003‬خطب بو�ش �أمام ال�صندوق الوطني للدميقراطية قائال‬ ‫«�إن الواليات املتحدة تف�ضل اال�ستقرار على الدميقراطية يف بع�ض البلدان‪ ،‬وبهذا‬ ‫ميكن �أن ت�سمح للأنظمة الديكتاتورية باال�ستمرار! ففي �إدارة بو�ش دعمت وا�شنطن‬ ‫االن��ق�لاب الع�سكري على احلكومة املنتخبة يف فنزويال وا�ضطرت ل�سحب الدعم‬ ‫واالع�تراف باحلكومة ال�شرعية‪ ،‬بعد حالة الغ�ضب والرف�ض التي اجتاحت �أمريكا‬ ‫الالتينية ب�أ�سرها (وهذا در�س مل�صر �أن الثبات على املواقف مع زيادة ال�ضغط قد يغري‬ ‫امل�سار ويخرجه عن ال�سكة الأمريكية)‪.‬‬ ‫وي�ضيف ت�شوم�سكي �أنه يف نيكاراغوا عام ‪ 1984‬ملا علمت �أمريكا ب�أن مر�شحها‬ ‫لالنتخابات الرئا�سية وربيب ال�سي اي ايه لن ينجح‪ ،‬ن�صحته باالن�سحاب‪ ،‬وادعت‬ ‫�أن االنتخابات غري نزيهة‪ ،‬و�أعلنت حكومة ريغان �أن نيكاراغوا بلد ا�ستبدادي‪ ،‬وبذا‬ ‫ق�ضت على االنتخابات و�أوق��ف��ت تطبيق نتائجها‪� ،‬أم��ا يف ال�سلفادور فلعبت اللعبة‬ ‫الدميقراطية على �أ�صولها و�ضمنت ملر�شحها الفوز‪ ،‬ولكن بعد خراب ال�سلفادور وقتل‬ ‫�سبعني �ألف من مواطنيها واغتيال قادة الر�أي واملفكرين فيها‪.‬‬ ‫ول�ضمان جناح الدميقراطية باملقا�س الأمريكاين تقام االنتخابات على مراحل‬ ‫ملعرفة النتائج وال�سيطرة عليها �أوال ب����أول‪ ،‬واالن��ق�لاب عليها �سريعا اذا مل توافق‬ ‫امل�صلحة‪ ،‬وه��ذا بال�ضبط ما ح�صل يف اجل��رائ��ر ع��ام ‪ 1992‬عندما انقلبت احلكومة‬ ‫واجلي�ش بعد نتائج �صعود واكت�ساح اال�سالميني‪.‬‬ ‫بالت�أكيد ه��ذه لي�ست التجربة الأوىل للتدخل الأمريكي يف م�صر كما يقول‬ ‫املحلل ال�سيا�سي غلربت �آرت�شر يف كتاب احل��رب اخلطرة‪ ،‬ففي م�صر يف االنتخابات‬ ‫الربملانية عام ‪� 2005‬ضغطت �أمريكا على مبارك �أن يلون امل�شهد الدميقراطي قليال‪،‬‬ ‫ويك�سر حدة ال�سيطرة حلزبه على احلياة ال�سيا�سية‪ ،‬وكانت النتائج واال�ستطالعات‬ ‫الأولية ت�شري اىل تقدم اال�سالميني و�أنهم امل�ستفيد الأكرب من هذه الف�سحة؛ فجاءت‬ ‫الر�سالة من احلكومة امل�صرية لأمريكا با�ستخدام الفزاعة اال�سالمية تقول»�أنتم ال‬ ‫تريدون ه�ؤالء الأ�شخا�ص يف احلكم فدعونا نقوم باالنتخابات على طريقتنا» وفعال‬ ‫ا�ستجابت وا�شنطن و�سحبت مطالباتها‪.‬‬ ‫يقول املفكر �سامويل هنتنجتون �أن تطبيق الدميقراطية التي تدعولها �أمريكا‬ ‫ت��ع��اين م��ن ظ��اه��رة التناق�ض ‪ democracy paradox‬ففي ال��وق��ت ال��ذي‬ ‫ت�سمح‪ ،‬وهي التي متلك �أن ت�سمح �أومتنع‪ ،‬حتت رعايتها بن�شر الدميقراطية يف �أمريكا‬ ‫الالتينية و�أوروبا ال�شرقية و�آ�سيا ال�شرقية تظل متنعها عن ال�شرق الأو�سط‪ ،‬حفاظا‬ ‫على م�صاحلها يف م�صادر الرثوة والطاقة و�أمن ا�سرائيل؛ لأن الدميقراطية قد متكن‬ ‫«الأ�شخا�ص اخلط�أ» من الو�صول اىل احلكم! ومن هم «الأ�شخا�ص اخلط�أ» يف نظر‬ ‫�أمريكا؟! هم الذين ال ير�ضخون للأهداف االقت�صادية واال�سرتاتيجية الأمريكية‪.‬‬ ‫وب��ع��د ه���ذا ن��ري��د مل��ر���س��ي �أن ي�ستمر يف احل���ك���م؟! ال مي��ك��ن ب��ال��ط��ب��ع ف��ال��ث��وب‬ ‫الأم��ري��ك��اين للدميقراطية مل ينفع على مقا�سه‪ ،‬وه��و مل ير�ض �أن يغري قيا�ساته‬ ‫ليدخل فيه‪.‬‬ ‫�إذن م��ا ه��ي الدميقراطية بب�ساطة ودون تكلف وتقعر وكيف �سنع ّرفها لنا‬ ‫وللأجيال القادمة؟‬ ‫الدميقراطية ه��ي م��ا ت��راه �أمريكا وم��ن ت��راه منا�سبا لتطبيقها واال�ستبداد‬ ‫والديكتاتورية وال�سلطوية هم ما تقول عنهم �أمريكا �أنهم كذلك‪ ،‬وعلى ر�أي �إخواننا‬ ‫امل�صريني اللي يتجوز �أمي �أقوله يا عمي واللي عاوزاه �أمريكا نحطه الري�س!!!‬ ‫خ��اب ف�ألهم ب����إذن اهلل فالثورة ق��د تخبو وت�ضعف جُ‬ ‫وته�ض ولكنها والدة �إذا‬ ‫كان �إجنابها اجلديد مبني على جتاوز �أخطاء املا�ضي وتوحيد جهود كل املخل�صني‬ ‫وال�سيطرة على منابع الفتنة‪.‬‬ ‫مرحلة ال�ضحك واال�ستعباد اجلماعي لل�شعب العربي ولت ولن تعود‪ ،‬واملاليني‬ ‫يف ال�ساحات الذين يدفعون �أرواح��ه��م هم �شهادة لهذا امليالد اجل��دي��د‪ ،‬ال��ذي يقول‬ ‫�أ�صحابه لن نعي�ش على مقا�س �أمريكا‪� ،‬سواء �أكان يف �شكل جلباب �أم بدلة ر�سمية‪ ،‬ولن‬ ‫تلب�سنا وتنزع عنا �سرتها متى �أرادت‪.‬‬ ‫عنون روب��رت في�سك مقاله ال��ذي علق فيه على االنقالب الع�سكري يف م�صر‬ ‫تعري�ضا وا�ستخفافا بالع�سكر مت�سائال «متى ال يكون االنقالب انقالبا؟ عندما يحدث‬ ‫يف م�صر»‪.‬‬ ‫بعد الثورة الأوىل انت�شرت يف م�صر عبارة على اجلدران تقول « لي�س يف م�صر‬ ‫�شيء جديد‪ ،‬فامل�صرييون �صنعوا التاريخ كالعادة»‬ ‫كل من �آمنوا بالثورة على الظلم يوما م��ا‪ ،‬بحاجة �أن يروهم ي�صنعونه مرة‬ ‫�أخرى بعودة ال�شرعية‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.