12
م���������������������ق���������������������االت
الأربعاء ( )24متوز ( ) 2013م -ال�سنة ( - )20العدد ()2373
فهمي هويدي
املقلق والفكاهي
ح�ين ق����ر�أت اخل�ب�ر ال���ذي ن�����ش��ره الأه�����رام ع��ن حب�س الدكتور حممد مر�سي بتهمة التخابر والتحري�ض على العنف ،ثم وقعت على التكذيب الفوري له الذي �صدر عن املتحدث با�سم القوات امل�سلحة وعن النائب العام ،قلت �إن الق�صة حتتمل قراءتني ،الأوىل تثري التوج�س وتبعث على القلق والثانية فكاهية وتبعث على ال�ضحك .الق�صة كلها حدثت قبل منت�صف ليلة الثالثاء 7/22ذلك �أن جريدة الأهرام �أفردت للخرب ال�صفحة الأوىل كلها .وكان العنوان الرئي�سي ال��ذي و�ضع فوق «الرتوي�سة» تقديرا لأهميته حول �أمر �أ�صدره النائب العام بحب�س «مر�سي» 15يوما بعدما ا�ستمع �إىل ت�سجيالت لأربع مكاملات هاتفية �أجراها الرئي�س ال�سابق مع الرئا�سة الأمريكية ومر�شد الإخوان وحركة حما�س� ،إ�ضافة �إىل ابنه امل��وج��ود يف تركيا .وما �أث��ار االنتباه �أنه بعد دقائق من ظهور اخلرب يف الطبعة الأوىل من اجلريدة وبثه على موقعها الإلكرتوين �أ�صدر املتحدث الع�سكري با�سم ال��ق��وات امل�سلحة بيانا �سريعا و�شديد اللهجة كذب فيه اخلرب «جملة وتف�صيال» ،وقال �إن «الن�شر بهذه الطريقة ويف هذا التوقيت يهدف لإثارة البلبلة وتهييج ال���ر�أي العام لتحقيق �أغ��را���ض م�شبوهة خل��دم��ة ت��ي��ارات �سيا�سية معينة» .وح�ين ي��دق��ق امل���رء يف العبارات يجد �أن املتحدث با�سم القوات امل�سلحة مل يكذب اخلرب ب�صورة قاطعة فح�سب ،و�إمنا �شكك يف دوافع الن�شر
واعترب �أنها ت�ستهدف «تهييج الر�أي العام خلدمة �أغرا�ض م�شبوهة»� .أي �أنه �أ�شار بو�ضوح �إىل �أن وراء الن�شر �سوء ق�صد متعمد ،ويف ال��ظ��روف ال��ع��ادي��ة ف����إن الأم����ر ميكن احتوا�ؤه باعتذار يعلنه رئي�س حترير الأه��رام الذي ن�شر الق�صة با�سمه ،وبه ت�سوى امل�س�ألة ،لكن ما حدث كان غري ذلك لأن رئي�س التحرير �أعلن على �شا�شة التليفزيون �أنه مت�أكد من �صحة اخلرب لأن��ه يثق يف م�صدره املوجود يف دائرة �صناعة القرار .وحني راجعته هاتفيا ف�إنه كرر نف�س الكالم وقال �إنه نقل عن امل�صدر ذاته يف ال�سابق معلومات �أخرى غاية يف الأهمية ثبتت �صحتها ومل يكذب �أي منها. م��ن جانبي حتريت الأم���ر وت���أك��دت م��ن �صحة كالم الزميل عبد النا�صر �سالمة الذي كان ناقال للخرب ومل يكن من�شئا له .وعلمت �أن اخلرب خرج من �أحد الأجهزة ال�����س��ي��ادي��ة امل��ه��م��ة .وف��ه��م��ت م���ن ب��ع�����ض ر ؤ������س����اء حت��ري��ر ال�صحف �أن بع�ض الأخبار املثرية التي تن�شر بني احلني والآخر خا�صة بالإخوان �أو بحركة حما�س ت�أتيهم م�سربة من عنا�صر نافذة يف ذلك اجلهاز. هذا الكالم �إذا �صح ف�إنه ي�سلط ال�ضوء على جانب من ال�صورة مل يكن مرئيا من قبل� .أعني �أن احلدث بني لنا �أننا ب�إزاء جهتني �أو طرفني يف دائرة �صنع القرار واحدة �سربت اخل�بر بكل تفا�صيله ،و�أخ���رى �سارعت �إىل نفيه جملة وتف�صيال مع الت�شكيك يف دوافع ن�شره.
ورغ���م �أن ال��ك�لام امل��ب��اح ينبغي �أن ي�سكت ع��ن��د ه��ذه النقطة� ،إال �أن تلك اخلال�صة ت�سرب �إلينا ال�شعور بالقلق �إزاء ظهور ذلك التباين يف الوقت الراهن وبهذه ال�سرعة. وهو قلق يدعونا �إىل الت�سا�ؤل عن طبيعة ووزن كل طرف وعن حقيقة دوافع �أحدهما يف �إطالق الفرقعة وم�سارعة الثاين �إىل تكذيب الكالم والت�شكيك يف براءة ن�شره� ،إىل حد القول ب���أن وراء الن�شر «دواف���ع م�شبوهة» .ويف هذه احلالة ف���إن التحقيق مع رئي�س حترير الأه���رام ال يويف املو�ضوع حقه ،وي�صبح ذرا للرماد يف العيون لأن التحقيق ينبغي �أن يتجه �صوب اجلهة التي �سربت اخل�بر ،ولي�س الطرف الذي تورط يف ن�شره اعتمادا على ثقته يف مكانة ومعارف تلك اجلهة. هذا هو املقلق يف الأم��ر� ،أما الفكاهي وامل�ضحك فهو التفا�صيل التي ت�ضمنها اخلرب ،والتي �إن دلت على �شيء ف���إمن��ا ت��دل على ت��ده��ور م�ستوى التلفيق م��ع اف�ترا���ض البالهة والغباء لدى القارئ واملتلقي. ذل����ك �أن ال��ق�����ص��ة حت��دث��ن��ا ع���ن رئ��ي�����س ق��ط��ع��ت عنه االت�صاالت وطلب منه التنحي ف�أعطاه الفريق ال�سي�سي ه��ات��ف��ه اخل��ا���ص ل��ك��ي ي��ت��ي��ح ل��ه �أن ي��ت�����ش��اور م��ع غ�ي�ره يف القرار .ولكن الرئي�س املغيب عن الوعي ي�ستخدم الهاتف يف االت�صال بوا�شنطن لطلب التدخل الع�سكري ومبر�شد الإخوان لإ�شاعة الفو�ضى يف البلد وبحركة حما�س لدعم
علي العتوم
هّ ال قتلتَ مجندات كافرات ال محمديات طاهرات !! جاءتنا الأخبا ُر الفاجعة �أن اجلي�ش امل�صريّ (الهُمام) قد �أبدى �شجاعة فائقة يف قتل �أرب ٍ���ع م��ن ح��رائ��ر امل��ن�����ص��ورة ،وه���نّ ينكر َن على ق��ائ��د االن��ق�لاب ال�سي�س خيانته للعهد بالغدر برئي�س م�صر الدكتور اخل�سي�س ،عبد الفتاح ِّ حممد مر�سي الذي انتخبه ال�شعب انتخاباً ح ّراً نزيهاً ،ويطال ْبنه بالعدول عن هذه النذالة التي ال تعرفها �أخ� ُ لاق الرجال ال�صادقني يف �أيِّ بلدٍ من بلدان ّ املتح�ضر. العامل بتعجبٍ :ه��ل قتل اجلي�ش امل�����ص��ري ط���وال هذا وق��د ت�ساء ْلنا ُّ الع�صر ه��ذا ال��ع��دد م��ن امل��ج��ن��دات ال��ي��ه��ودي��ات النج�سات يف م�ستعمرات �أب��ن��اء �صهيون التي بنوْها على �أر�ضنا الط ّيبة يف غزة �أو النقب �أو القد�س� ،أو وهنّ ي�شار ْكن اجلي�ش اليهودي يف االعتداء على �أ�صقاع م�صر ،ويُلقني باحلمم املهلكة على �أهلها يف بور�سعيد �أو امل َ َطريّة �أو الإ�سماعيلية �أو بحر البقر ؟! وهل اعترب ع�ساكر هذا اجلي�ش (الأ�شاو�س) �أن �أرواح اليهود �أو اليهوديات مقدّ�سة ،و�أرواح امل�سلمات الطاهرات جن�سة على مذهب املا�سونية العاملية التي حت��رك مراكز القوى يف بالدنا العربية يف م�سرح خيال الظل من وراء �ستار ،ولذلك �أقدم بجر�أ ٍة (و�شجاعة) على هذا العمل الدينء الذي ال يدل على �أدنى قدر من معاين الرجولة وال�شهامة التي هي �ألزم ما تكون للجيو�ش احلرة يف تعاملها حتى مع �أعدى �أعدائها بالن�سبة لأخوات الرجال �أو ربّات احلِجال ؟! �أيقتل �أيها (الأبطال املغاوير) الرج ُل ال�شريف �أمّه �أو �أخته �أو بنته� ،أو �أي��ة واح��دة من ه���ؤالء من بنات دينه ووطنه وجن�سه ،بال ذن��بٍ جنته �سوى �أن��ه��ا تقول لهذا الع�سكري ال��ذي ���س��دّد ُف�� ّوه��ة بندقيته �إىل �صدرها �أو ر�أ�سها �أو محُ ّياها :داف ْع عن حِ مى دينك وحدود وطنك ،وكنْ ح ّراً ،ه ّمك الأول والأخري حماية �شعبك وتراب �أر�ضك من اليهود الأجنا�س والأمريكان املالعني ال��ذي��ن ي��ري��دون��ك �أن ت��ك��ون ع�صاً غليظ ًة ب�أيديهم ت�شدخ ر�ؤو�����س مواطنيك الطيبني من الن�ساء قبل الرجال ؟! ه��ل ق����ر�أت �أي��ه��ا اجل��ي�����ش (املِ���ق���دام) و���ص��اي��ا ال��ر���س��ول �صلى اهلل عليه و�سلم وخلفائه العظام جليو�شهم الغازية:ال تقتلوا طف ً ال وال امر�أ ًة ،وال تقطعوا �شجرة وال تهدموا �صومع ًة ،وال تذبحوا �شيخاً وال بقرة .وه�ؤالء هم يف تتوجه �إليهم هذه اجليو�ش الفاحتة ،فكيف �إذا كان عِ داد �أعداء امل�سلمني الذين ّ و�صى بهم من امل�سلمات العفيفات اللواتي هنّ عون لهذه اجليو�ش على ه�ؤالء امل ُ َ تنفيذ مهماتها النبيلة� ،أم �أنكم ل�ستم من هذه الثقافة امل�سلمة يف �شيء ،و�أنكم غربا ُء عنها ،فثقافتكم ثقافة الغرب وال�شرق ال�ضالة ؟! ه��ل ط��اب��ت نفو�سكم �أي��ه��ا (الأُب������اة) ،ي��ا (حُ ��م��اة ال��دي��ار) الذين انت�صرمت على اليهود بعد �أن حررمت �سينا وفل�سطني من احتاللهم املُ��ذِ ّل� ،أن تت�شاجعوا وت�سرتجلوا على ر ّب��ات اخل��دور اللواتي ُي َن ّ�ش أْ� َن يف احللية ،وهن يف اخل�صام غري مبيناتٍ ،فرتيقوا دماءهنّ الطاهرة يف �شوارع مدينة املن�صورة البا�سلة ال��ت��ي م��ا ع��رف �أه��ل��ه��ا �إ ّال ق��ت��ال الأع�����داء ،وط��رده��م م��ن ف��وق ترابها الطهور يف حروبها مع �أعداء الإ�سالم احلنيف من ال�صليبني يف العهد الغابر وامل�ستعمرين يف الع�صر احلا�ضر ،ف�شوّهتم بذلك ،وجهها النا�ضر بعد �أن �شوّه ُ اهلل وجوهكم الكاحلة و�أخالقكم الواطية بهذه الفعالت اخلا�سية ؟! و�إذا كان اهلل عز وجل يقولَ (:منْ َق َت َل َنفْ�ساً ِب َغيرْ ِ َنف ٍْ�س� ،أو َف�سا ٍد ّا�س جَ مِ يعاً) ،ور�سوله الكرمي يقول :اجلنة حرام على يف الأَ ْر ِ�ض َفك� مَّأنا َق َت َل الن َ من هراق مل َء محِ ْ جَ ِم د ٍم بغري حقّ ،ولو من غري م�سلم� ،أو كما قال ،فكيف �إذا توحد اهلل وتدعو �إليه وتلتزم ب�أمره من �أخوات م�سلم ،بل من م�سلمة ّ كان من ٍ عائ�شة وفاطمة وخديجة ،ر�ضوان اهلل عليهنّ جميعاً ؟! ف�أين �ستذهبون وقد �أرقتم من الدماء الطاهرة ال قطراتٍ معدود ًة ،بل �سيو ًال دافقةّ ، وقطعتم �أ�شال ًء من �أج�ساد �شريفة و�أو�صالٍ عفيفة ؟! �أين تذهبون غداً من غ�ضب اجل ّبار وهو يقول عنكم ملالئكته(:و ِق ُفوهُ ْم� ،إ َّن ُه ْم م َْ�س�ؤُو ُلو َن) ؟! �أيها القتلة املجرمون ،ماذا ينفعكم عند اهلل غدا ،و�أنتم يف هذه الدنيا ت�أمترون ب�أوامر قوّادكم اخلونة ركائبِ بني �إ�سرائيل ؟! هل �سيدافع عنكم اليهود والأمريكان �أو ه���ؤالء ال�� ُق��وّاد الأذ ّالء يف ي��و ٍم يف ّر فيه (امل��ر ُء من �أخيه ،و�أمه و�أبيه ،و�صاحبته وبنيه ،وف�صيلته التي ت�ؤويه)� ،إذ ( ِل ُك ِّل امْ رِئٍ مِ ْن ُه ْم َي ْو َمئِذٍ َ�ش ْ�أ ٌن ُي ْغنِيهِ) ،حِ يال تلك النار التي �ستتلقاكم غداً ك�أنها الوح�ش املفرت�س تتل َّم ُظ الزدراد زبائنها ،من �أمثالكم ،وهي تقول على الدوام(:ه َْل مِ نْ َمزِيدٍ )؟! م����اذا ���س��ت��ق��ول��ون غ�����داً ،وق���د مَ��� ُث���لَ���تْ �أم��ام��ك��م ه������ؤالء احل��رائ��ر ال�شريفات ،وهنّ يطالبنكم بدمائهن الزكية ؟! �أعندكم غداً ما تدفعونه من دية �أو قِ�صا�ص �إزاء هذا احلق الوا�ضح ؟! �أو هل لكم هناك من ُخ ّلة و�شفاعة مال وال َب ُنو َن� ،إ ّال َمنْ �أتى َ يف حم�ضر،ال َي ْن َف ُع فِي ِه ٌ ِيم ؟! نعم ،ماذا اهلل ِب َق ْلبٍ َ�سل ٍ �ستقولون لهنّ ،وهنّ ي َِ�ص ْحنَ يف وجوهكم البا�سرة، ويقلْنَ :يا ربَّناُ ،خ ْذ لنا بحقنا من ه�ؤالء ال َغ َدرَة املجرمني �أتباع اليهود والأمريكان ،وتالمذة كل فا�سدٍ وفا�سقٍ � ،أو ملحدٍ وجاحدٍ ؟! �أيّها الع�ساك ُر ال َق َتلَ ُة َّ وال�شبِّيح ُة ال َّذبِّيحَ ُة� ،ألي�س عيباً عليكم� ،أن تد ِّن�سوا وج َه مدينة املن�صورة الأب ّية بقتل بناتها الطيبات بد ٍم بارد ،وهي املدينة التي �أ���س��رت على �أر�ضها قائ َد احلملة ال�صليبية الأخ�ي�رة الفرن�سي (لوي�س ال يف دار ابن لقمان ،يقوم عليه َّ وزجتْه ذلي ً الطوا�شِ ي �صبيح ،وهزمت التا�سع)َّ ، الغزاة الفرن�سيني ،كما جاء يف قول ال�شاعر : ي�س �إذا جِ ْئ َت ُه ُق ْل ِل ْل َف َر ْن�سِ ِ يح مَقا َل ِ�صدْقٍ مِ نْ َق ُ�ؤولٍ َف ِ�ص ْ َق ْد �سا َق َك ا َ حلينْ ُ �إىل �أ ْده ٍَم يح �ضا َق ِب ِه عَنْ ناظِ َري َْك ال َف�سِ ْ و ُك ُّل � ْأ�صحاب َِك �أ ْودَعْ َت ُه ْم
ِيح بِحُ ْ�سنِ َت ْد ِبري َِك ب َْطنَ ال�ضَّ ر ْ
َخ ْم ُ�سو َن �أ ْلفاً ال ُي َرى مِ ْن ُه ُم �إ ّال َقت ٌ ِيح ِيل �أ ْو �أ�سِ ٌ ري جَ ر ْ َف ُق ْل َل ُه ْم �إنْ � ْأ�ض َم ُروا َع ْو َد ًة يح لأِخْ ذِ ث�أ ٍر �أ ْو ِل َق ْ�صدٍ َ�صحِ ْ دا ُر ابْنِ ُلقْما َن على حالِها وا ْل َق ْي ُد باقٍ َّ ِيح والطوا�شِ ي َ�صب ْ اهلل �أك�برُ ،ي ُّ ��ذل �أج��دادك��م يف هذه البلدة العظيمة الك ّفار ،باعتقالهم �أو قتلهم ،و�أنتم – �إن كنتم �أحفاد �أولئك الأجداد – تذلون �أبناءها وبناتها الأطهار بالقتل وال�سحل!! �أم�����ا �أن ّ ���ت���ن� ،أخ����وا ِت����ن����ا امل�����س��ل��م��ات ال���ب���ط�ل�ات ،ب���ن���ات امل��ن�����ص��ورة العظيمة:ال�صيدالنية �إ���س�لام علي عبد الغني علي ،والطالبة هالة حممد متول فرحات ب��در ،وف��ري��ال �إ�سماعيل ج�بر ،فلكُنَّ ُ �أب��و �شعي�شع ،و�آم���ال يّ اهلل، وغ��داً �أن نَُّ �ُتن يف ِرح��اب جنانه العُال مع ال�صديقات وال�شهيدات �أخ��وات النبيني واملر�سلني .و�أمّ���ا �إخ��وان��ك��نّ ال��رج��ال ال��دع��اة �إىل اهلل ،فلن ين�سوا ث���أرك��م مهما و�سيقت�صون لكن بعون اهلل من قتلتكنّ اخلبثاء مت��ادت الأح��ق��اب وال�سنون، ّ قِ�صا�صاً عاد ًال (و ََ�س َي ْعلَ ُم الذينَ َظلَ ُموا �أَيَّ ُم ْن َقلَبٍ َي ْن َق ِلبُو َن) ،و�إىل رحمة اهلل وجنان اخللد �أيتها الطيبات...
كاظم عاي�ش
تفاهمات كريي -عباس ،أوسلو جديدة ،وتيه جديد م�����ا ت�������س���رب ح���ت���ى ال��ل��ح��ظ��ة ل���ل����إع���ل���ام م������ن ج���������والت ك��ي�ري وت��ف��اه��م��ات��ه م���ع رئ��ي�����س ال�سلطة ي����ن����ذر ب�����ال�����دخ�����ول �إىل م���رح���ل���ة جديدة من التيه وال�ضياع الذي تعاين منه الق�ضية الفل�سطينية، منذ �أن ج���اءت ال�سلطة ب��ن��اء على اتفاقيات �أو�سلو التي كانت خطوة ���ص��ه��ي��ون��ي��ة ب��ام��ت��ي��از ،ل��ل��ع��ب��ور �إىل م��رح��ل��ة �إ����ض���ع���اف الفل�سطينيني وانق�سامهم ،وو�ضعهم يف حالة من ال�ضعف وابتزازهم ليقدموا املزيد من التنازالت مقابل ال �شيء. اخل��ط�ير يف ه���ذه التفاهمات واملفاو�ضات املحتملة انها جاءت يف ظرف عربي متهالك ،فما يجري يف ���س��وري��ا وم�����ص��ر وال����ع����راق ،لن يجعل العرب يف حالة يقدرون فيها على التما�سك وادارة مفاو�ضات مي��ك��ن �أن ت��ع��ي��د للفل�سطينيني ح��ق��وق��ا ،ك��م��ا ان��ه��ا �ستفر�ض على ال�����دول ال��ع��رب��ي��ة ال���ت���زام���ات ك��ان��ت ت��رف�����ض��ه��ا ع��ل��ى ال������دوام ،م���ن مثل اقامة عالقات طبيعية مع الكيان ال�صهيوين ،وحت��م��ل تبعات الغاء حق العودة من توطني الالجئني يف دول اخل���ل���ي���ج ،وامل�������س���اه���م���ة يف �����ص����ن����دوق ت���ع���وي�������ض ال�ل�اج���ئ�ي�ن ال�����ذي�����ن ي����خ����ت����ارون ال���ت���ع���وي�������ض، والتخلي عن ال�سيادة على القد�س، واالعرتاف بيهودية الدولة ،بينما ي��ت��م جت��اه��ل م��و���ض��وع ال�لاج��ئ�ين امل��ق��ي��م�ين يف االردن ،وب�����دال من ذلك تتم اال�شارة اىل كونفدرالية حم��ت��م��ل��ة ،وع�ل�اق���ات ج��دي��دة ذات طابع اقت�صادي بني االردن و�سكان ال��ك��ي��ان غ�ير امل��ح��دد يف فل�سطني ودول����ة ا���س��رائ��ي��ل ال��ي��ه��ودي��ة ،التي ت��ت��م�����س��ك ب��ال�����س��ي��ادة ع��ل��ى االر�����ض وباطنها واجل��و واحل���دود واالم��ن
وح���ري���ة امل�����س��ت��وط��ن�ين يف اخ��ت��ي��ار ج��ن�����س��ي��ة ال����ك����ي����ان ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي غ�ير حم���دد امل���ع���امل ،او اجلن�سية اليهودية. املفاو�ضات �ستبد�أ من ال�صفر، وب����دون ج����دول زم��ن��ي ،ه���ذا يعني �أن ك��ل ال��ب��ط��والت ال��ت��ي اجرتحها امل��ف��او���ض��ون ال���ذي���ن ���ش��اخ��وا وه��م يجل�سون على ط��اول��ة املفاو�ضات �ستذهب �أدراج ال��ري��اح ،ول��ن تكون هناك مرجعية ال�شرعية الدولية وال حتى الرباعية وال �أي �شيء ،وقد يطالب ال�صهاينة بتغيري عواجيز امل��ف��او���ض��ات ال���ذي���ن ال ي�صلحون للمرحلة اجلديدة� ،أما اال�ستيطان ف�سيبقى على حاله يف امل�ستوطنات ال���ك�ب�رى وال���ق���د����س ،ف��ق��ط بع�ض ب���ؤر اال�ستيطان الهام�شية ميكن جتميد العمل فيها لفرتة وجيزة، لتعود بعد ذلك على �أو�سع نطاق، �أم�����ا ال��ت��ن�����س��ي��ق الأم���ن���ي ف�سيبقى ع��ل��ى �أ���ش��ده،وب��امل��ن��ا���س��ب��ة ال يوجد تن�سيق ام��ن��ي ،ه��ن��اك خطة �أمنية �صهيونية تنفذها اجهزة ال�سلطة ب����االج����رة ،غ�ي�ر ق��اب��ل��ة ل��ل��ن��ق��ا���ش، ورغم كل هذا الب�ؤ�س ،فان اليمني الإ���س��رائ��ي��ل��ي ي�ضغط ل��وق��ف ه��ذا التوجه نحو املفاو�ضات ،مما يدفع نتنياهو ل��ل��ت أ���ك��ي��د ع��ل��ى ان االم��ن ه��و اال���س��ا���س يف ك��ل م��ا �سيجري، وهي عبارة مطاطة متتد لتتناول اج��راءات تتعلق باالر�ض وال�سكان واحلدود ،وفوق كل ذلك� ،ستعر�ض ال��ت��ف��اه��م��ات ق��ب��ل اق����راره����ا على ال�����ش��ع��ب ال����ي����ه����ودي يف ا���س��ت��ف��ت��اء ع���ام ،وه���ذا يعني م�����س�يرة طويلة وم�ضنية امام ال�شعب الفل�سطيني ال����ذي ل��ن ي�ستفتى ب��ال��ط��ب��ع على هذه التفاهمات ،لأن �شيخ القبيلة ال��ع��ب�����س��ي م��ف��و���ض ح��ت��ى امل�����وت �أو
ال���ع���زل ب��ع��د ال��ت��وق��ي��ع ع��ل��ى ه��ذه امل���ؤام��رة اجل��دي��دة على فل�سطني االر����������ض واالن�����������س�����ان وال����ت����اري����خ وال�����ش��ه��داء وامل�����ش��ردي��ن وامل��ع��اق�ين واملحا�صرين. ���س��ي��ق��دم ال�����ص��ه��اي��ن��ة حت�لاي��ة للفل�سطينيني ،وه��ي االف���راج عن ب��ع�����ض ال�����س��ج��ن��اء ال���ذي���ن ام�����ض��وا �أكرث من ع�شرين �سنة ،والذين ال ي�شكلون خطرا على ام��ن الدولة ال�������ص���ه���ي���ون���ي���ة ،مب���ع���ن���ى ان����ه����م مت تدمريهم نف�سيا وج�سديا و�شاخوا يف ال�سجون ،هذا باال�ضافة اىل مل �شمل بع�ض ال��ع��ائ�لات يف ال�ضفة وغزة ،وهذه ت�ضحية كبرية وم�ؤملة يقدمها ال�صهاينة للفل�سطينيني، هذا باال�ضافة اىل اجللو�س معهم وتقدمي االبت�سامات وما تي�سر من النكات وم��ا ال يخفى على القارئ م���ن ���س��اب��ق االع���ط���ي���ات وال��ه��ب��ات ال���ت���ي ق��دم��ت��ه��ا دول�����ة ال�����ص��ه��اي��ن��ة ل��ل��م��ف��او���ض�ين ع���ن ط���ري���ق ليفني وغريها. ال����ع����ودة اىل امل���ف���او����ض���ات يف ه���ذه ال���ظ���روف وب���ه���ذه ال�����ش��روط ودون وج��ود مرجعية فل�سطينية ح��ق��ي��ق��ي��ة ل��ل�����ش��ع��ب ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي ه��و ن���وع م��ن االن��ت��ح��ار ال�سيا�سي، او اخل�����داع امل���اك���ر ال����ذي مت��ار���س��ه ال�����س��ل��ط��ة ال��ت��ي ف��ق��دت �شرعيتها رئي�سا وحكومة ،وال �أريد ان �أذهب اىل التخوين والت�آمر ،فهذا �سرياه ك���ل ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي�ين ب��اع��ي��ن��ه��م ان �سارت االمور على النحو الذي يتم ت��داول��ه وم���ا ر���ش��ح ح��ت��ى اللحظة، لقد �أو�صلتنا ال�سلطة التي يقودها اب��و م��ازن اىل حافة الهاوية ،فهل �سي�ضحي بنف�سه ويقفز ،ام يتنحى وي�ترك لل�شعب الفل�سطيني �إدارة ����ش����ؤون ن��ف�����س��ه ب��ن��ف�����س��ه ،وال�����ش��ع��ب
مقاس أمريكاني
ق����ادر ع��ل��ى ذل���ك واث���ب���ت ان���ه ق���ادر ع��ل��ى م��واج��ه��ة �أ���ص��ع��ب ال��ظ��روف، ول��ك��ن ب���دون �سلطة متكالبة على م�صاحلها اك�ثر مما هي حري�صة ع��ل��ى وط���ن م��ب��ت��ل��ى ب��ه��ك��ذا ف��ئ��ة ال ع�لاق��ة لها بال�سيا�سة ،ف�ضال ان يكون لها �صلة بالوطنية. امل����ع����ن����ي ب�����امل�����ف�����او������ض�����ات ه��و منظمة التحرير ولي�س ال�سلطة ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي��ة ،ول��ك��ن��ن��ي ت��ع��م��دت احلديث عن ال�سلطة ،فاملنظمة مل يعد لها دور ،وه��ي غ�ير م��وج��ودة مبعناها احلقيقي ،ه��ي خمتطفة م���ن ق��ب��ل م��ت��ن��ف��ذي��ن ال يختلفون ك��ث�يرا ع��ن زع���ام���ات غ�ير �شرعية يف ع��امل��ن��ا ال��ع��رب��ي ،وه���ي م��ره��ون��ة مب�����ص��احل��ة وط��ن��ي��ة ال ت���ري���د لها امريكا وال ا�سرائيل ان ترى النور، لأن��ه��م ي��ري��دون ان تتم امل�صاحلة ع��ل��ى ���ش��روط��ه��م ه���م ،ول��ي�����س على �����ش����روط ال�������ش���ع���ب ال��ف��ل�����س��ط��ي��ن��ي واخ����ت����ي����ارات����ه احل��������رة ،ول�ل�ا����س���ف ا����س���ت���ج���اب���ت ال����ق����وى امل���ت���ن���ف���ذة يف ال�شعب الفل�سطيني لإرادة العدو ال�صهيو�أمريكي ،وو�ضعت الكثري م��ن العقبات يف طريق امل�صاحلة، الن���ه���ا وج������دت يف ه�����ذا ال�����س��ل��وك حت��ق��ي��ق��ا ل��رغ��ب��ات��ه��ا وم�����ص��احل��ه��ا، وه���ي ل��ي�����س��ت وط��ن��ي��ة ب��ال�����ض��رورة، بل هي خارج �سياق املنطق والعقل وال��دمي��ق��راط��ي��ة وال��وط��ن��ي��ة وك��ل امل����ع����اين وامل���ع���اي�ي�ر ال���ت���ي ت���ع���ارف ع��ل��ي��ه��ا ال��ب�����ش��ر امل��ت��ق��دم��ون منهم واملتخلفون.
أصل حكاية ثورة مصر م�شكلتنا �أننا حلمنا ب�أن هناك ع�صرا جديدا ت���وزع فيه ث���روة ب�لادن��ا ب�شكل ع���ادل علينا ب���د�أ.. وي��ع��ت��ل��ي امل�����ص��ري��ون ال��وظ��ائ��ف يف ب��ل��ده��م ب�شكل دمي���ق���راط���ي وم��ن�����ص��ف ..م�شكلتنا �أن���ن���ا حلمنا باختفاء زوار الفجر واملتن�صتني واملتج�س�سني .. وحلمنا ب���أن يكتب كل منا ما �شاء دون خوف من رقيب او ح�سيب اال يف حدود القانون .. حلمنا بدولة قوية وم�ستقلة ال تتبع �أح��دا وم��ت��ق��دم��ة نتباهى ب��ه��ا ..وع�شنا يف ه���ذا احللم �شهورا طويلة ..حتى �صدقنا �أحالمنا وجتذرت فينا ..وفج�أة اكت�شفنا اننا نعود لأب�شع مما كنا علينا ..و�أك�ث�ر ظلما وج���ورا مم��ا ك���ان .وك����أن ما ح���دث يف 25ي��ن��اي��ر 2011ث���ورة �شعبية خال�صة ..وك�أن اجلي�ش واملخابرات وال�شرطة و�أمن الدولة ورج����ال �أع��م��ال و�أع��ل�ام م��ب��ارك ان�����ص��اع��وا لإرادة ال�شعب واحرتموها..وك�أن امريكا احرتمت رغبة �شعبنا يف التحرر من قيودها ..لكن االحداث ت�ؤكد انهم ما ان�صاعوا الرادة ال�شعب بل جعلوا ال�شعب ين�صاع الرادت���ه���م وي�����ص�ير ج���زءا م��ن لعبتهم يف ترميم نظام مبارك ولي�س �إ�سقاطه ..حينما لعبوا على �أمنياته يف التحرر م��ن اال�ستبداد ورم��وزه و�أع��وان��ه و�أدوات�����ه ..ف���راح ال�شعب ي��ه��در ويحطم قيود ا�ستبداد مبارك وع�صابته ..وه��و ال يدري ان��ه ج��زء م��ن خمطط كبري �أط��راف��ه ت��ت��وزع بني املخابرات الغربية وامل�صرية وقيادات يف اجلي�ش وال�شرطة ،واعالميني لرتميم نظام مبارك عرب اق��ت�لاع ال��ر�أ���س وا�ستبدالها ب أ���خ��رى م��ع احلفاظ على اجل�سد كامال ،وذل��ك ا�ستباقا لثورة �شعبية ع��ارم��ة غ�ير حم�سوبة تطيح باجلميع وت�ؤ�س�س مل�صر القوية احلرة امل�ستقلة ..اال ان رغبة �أمريكا يف اظ��ه��ار اجل��ان��ب ال��دمي��ق��راط��ي ل��ه��ذا التحول جعلها تقبل باجراء انتخابات حرة يف م�صر رغم علمها ب���أن �أي جلوء لل�صندوق يف م�صر �سيجلب اال���س�لام��ي�ين لل�سلطة ..ومل���ا ج���اء اال���س�لام��ي��ون لل�سلطة وجن��ح��وا ع�بر ارب��ع��ة انتخابات متتالية ..اتبعت نف�س اال�سلوب الذي مار�سته لالطاحة بنظام مبارك اب��ان اي��ام ال��ث��ورة الثمانية ع�شر .. طوال عام كامل هي عهد الدكتور حممد مر�سي حتى تخلعه يف 30يونيو مبا يبدو للوهلة االوىل وك���أن��ه ث���ورة �شعبية ،وم���ع التعمق نكت�شف انها مرفو�ضة �شعبيا ن��ظ��را لكونها ث���ورة فوتو�شوب �صنعتها و�سائل االع�ل�ام وعنا�صر اج��ه��زة االم��ن واجلي�ش وامل��خ��اب��رات التي ا�س�ست حركة «مت��رد» الهالمية .وعموما وعام بعد عام و�شهر بعد �شهر
د.دمية طارق طهبوب
الديمقراطية
�سيد �أمني /م�صر
ويوم بعد يوم يثبت التاريخ ان« :قفا» عدد كبري م��ن ن��خ��ب �أم���ن ال���دول���ة مب�صر ي����زداد ع��ر���ض��ا .. واخالقهم تزداد حقارة. ويثبت التاريخ �أن �شعب م�صر هو الوحيد يف الكون التي «ث��ار» قدميا على «ال��واىل العثماين» فا�ستبدله بـ»الوايل االلباين» ..وان م�ؤ�س�س جي�ش م�صر العظيم ..ه���و �أح���د ال�ضباط الفرن�سيني تعرف عليه وايل اال�سكندرية �صدفة �أثناء ذهابه للتطوع يف اجلي�ش الإي��راين فقدمه ملحمد علي. ورغم ان احلملة الفرن�سية ق�صفت البيوت بالقنابل واق��ت��ح��م��ت االزه����ر ب��اخل��ي��ول وح��رق��ت امل�صاحف وهتكت اعرا�ض النا�س و�سلبت اموالهم ،واب��ادت � 70ألف م�سلم يف عكا وابتدعت ا�سلوب القتل على اخلازوق ..اال ان نخب امل�صريني تنا�سوا ذلك ومل يعلق يف ذهنهم �سوى املطبعة ،وراح��وا يحتفلون باالحتالل الفرن�سي مع ان املطبعة كانت �ستدخل م�صر عن طريق الدولة العثمانية .ويثبت التاريخ �أن «اح��م��د ع��راب��ي» البطل امل�����ص��ري الأول ال��ذي ق��اوم االح��ت�لال الربيطاين مل�صر وم��ع ذل��ك ظل امل�صريون ل��ردح طويل من الزمن يعتربونه هو �سبب احتالل م�صر ،وكان حاكم الزقازيق يتجه يف ك��ل ���ص��ب��اح ل��ب��ي��ت اح��م��د ع��راب��ي ليب�صق على وجهه .ورغ��م ان غايل با�شا «وال��د بطر�س غايل» رئ��ي�����س وزراء م�صر يف ال��ع��ه��د امل��ل��ك��ي واف���ق على ق��ان��ون «دان��ل��وب» لتغريب م�صر ،وم�سح هويتها العربية واال�سالمية اال انه بعد ثورة 1952مل يتم الوقوف �ضد متدد ا�سرته بل ورث ابنا�ؤه الوزارات املتعاقبة يف م�صر كابرا عن كابر .ورغم ان تاريخ ال�شعب امل�����ص��ري ي أ������س��ف ب�شدة ملحاكمة دن�شواي ال�شهرية واتخذوها كدليل على وح�شية االحتالل الربيطانى مل�صر ..اال ان من يجب ان يدان هم الق�ضاة امل�صريون الذين ق�ضوا باعدام الفالحني االب��ري��اء ،وللأ�سف ت��ر�أ���س الق�ضاة بطر�س غايل و�أح��م��د فتحي زغلول با�شا ،الأخ الأك�بر للزعيم �سعد زغلول!! هل بعد ذلك كالم .ويف �صباح يوم 4 فرباير 1942ورغبة من بريطانيا يف حماية ظهر وجودها يف م�صر اثناء جمابهة اجلرنال االملاين روميل القادم ملحاربتها من بلدان املغرب العربي، وج���ه امل���ن���دوب ال�����س��ام��ي ال�بري��ط��اين ���س�ير مايلز المب�سون ان���ذارا للملك ” �إم���ا القبول بت�شكيل النحا�س للوزارة �أو التنازل عن العر�ش” مع ان حزب الوفد الذي كان يتزعمه النحا�س مل يح�صل على االغلبية التي جتعله ي�شكل احلكومة وكان خطابه االع�لام��ي ل��ل��داخ��ل ي�صدر نف�سه وك أ���ن��ه
العنف يف �سيناء .وحني يتم ذلك كله خالل ثالثني دقيقة ي��دخ��ل عليه الفريق ال�سي�سي لكي ي��خ�بره ب����أن املكاملات �سجلت ب�أمر من النيابة (املق�صود �أن النائب العام الذي عينه الدكتور مر�سي هو الذي �أ�صدر �أمرا م�سبقا بت�سجيل جرمية مل تقع ،ي�ستخدم فيها هاتف وزير الدفاع!). وح�سب ال�سيناريو الفكاهي ف����إن ه��ذه امل��ك��امل��ات هي التي بني عليها اتهام الرئي�س بالتخابر والتحري�ض على العنف ومن ثم حب�سه 15يوما يف الق�صة .حت�شي�شة �أخرى حتدثت ع��ن ات��ف��اق ب�ين ال�سفرية الأمريكية وب�ين نائب املر�شد خ�يرت ال�شاطر على �أن ينتقل ال��دك��ت��ور مر�سي مبجرد رفع التحفظ عنه لإدارة الدولة بجاللة قدرها من م�سجد رابعة العدوية!! التح�شي�شة الثالثة حتدثت عن تدفق ال�سالح �إىل م�صر لتنفيذ املخطط ال��ذي دعا �إل��ي��ه ال��دك��ت��ور مر�سي وا�ستخدم يف ذل��ك ه��ات��ف الفريق ال�سي�سي� .إىل غري ذلك من الأفكار التي تك�شف عن فقر يف اخليال �أقنعني ب�أن �سيناريوهات بع�ض عنا�صر الأجهزة ال�سيادية ال تختلف ك��ث�يرا عما يتم ت��داول��ه يف جل�سات الأن�����س والفرف�شة .الأم��ر ال��ذي يدعونا �إىل مطالبتهم بتغيري «ال�صنف» لكي يخرجوا علينا ب�أفكار �أكرث ر�صانة واتقانا ،ورواي��ات يتوافر لها احلد الأدن��ى من التما�سك والإقناع.
بطل حت��رر وطني .وتعالوا نقر�أ امل�شهد امل�صري الآن ق����راءة ج��ي��دة وع��م��ي��ق��ة وحم���اي���دة ..ورغ��م �أن الي�سار واملفرو�ض انه يدافع عن امل�ساواة بني النا�س ورف�ض االقطاع والتفاوت الطبقي ..اال ان ي�سار م�صر ابتدع امرا جديدا فهو حتالف مع االقطاع وتنا�سى امر التفاوت الطبقي ..بل �سارع رموزه ليقت�سموا مع الفا�سدين الغنائم .ورغم ان الليربالية تتباهى باحرتامها لكل دعائم احلرية ب��ك��ل ا���ص��ن��اف��ه��ا وان���واع���ه���ا ..اال ان��ن��ا جن���د زع��ي��م الليرباليني امل�صريني حممد ال�برادع��ي يتوىل من�صبه كنائب لرئي�س ،انقلب على ال�شرعية، وجنده وكل الليرباليني امل�صريني لي�س ي�صمتون على تكميم االفواه واغالق الف�ضائيات وال�صحف وقتل ال�صحفيني وحب�سهم ،ومراقبة احل�سابات االليكرتونية للمعار�ضني ..و�سحلهم واعتقالهم وتلفيق التهم لهم وقتلهم ..ب��ل هم ي�بررون لها ..ومنهم من زاد وطالب بالتو�سع فيها� .أما ال�سادة الذين دن�سوا ث��وب عبد النا�صر بانتمائهم اليه وهو منهم بريء نظرا لكونهم �شلة من االفاقني واالرزق��ي��ة واالمنجية بل والعمالء الع��داء عبد النا�صر ..فمن املفرو�ض انهم ي�ؤمنون بالوحدة العربية ..وبالق�ضية الفل�سطينية ..وم��ع ذلك حت��ال��ف��وا م��ع م��ن يعترب القومية العربية ه��راء فا�شيا يجب مقاومته ..مثل الربادعي الذي دمر العراق وعمرو مو�سى الذي دمر ليبيا ..وحتالفوا مع اعداء عبد النا�صر وم�شروعه مثل ال�سعودية والكويت واالم����ارات .نعم فامل�شاهد كلها هزلية يف م�صر ..وب��ط��والت��ن��ا يف اغلبها دون كي�شوتية والنماذج ال تعد وال حت�صى .انني اخل�ص اىل طرح �س�ؤال توجهه ىل زوجتي كل يوم و�صرت �أفكر فيه جديا :هل ي�ستحق هذا ال�شعب الن�ضال من �أجله؟ وهل �صحيح �أن من يتغطى بال�شعب عريان؟ �أقول لكهنة وعباد انقالب 30يونيو «الفا�شل باذن اهلل»: هل �سمعتم عن ثورة ت�ستمر خم�سة �ساعات فقط ؟ ..وهل �سمعتم عن ثورة مل يخد�ش فيها �شخ�ص واح��د ؟..وه��ل �سمعتم عن ث��ورة خططت لها كل �أجهزة الدولة ولي�س الثوار ؟ هل �سمعتم عن ثورة تقوم بها ال�شرطة و�أمن الدولة؟ هل �سمعتم عن «ثورة» يغت�صب فيها «الثوار» نحو « 180ثائرة» يف يوم واحد يف ميدان»الثورة» ؟ هل �سمعتم عن ثورة مدفوعة الأج��ر ؟ هل �سمعتم عن ث��ورة «�شعبية» تعزل رئي�سا منتخبا لت�أتي برئي�س معني ؟ وتلغي د�ستورا مقرا به �شعبيا وت�ستبدله بد�ستور كتبه �أ�شخا�ص ؟ هل مات العقل والعقالء؟!
ت�ساهم التعريفات يف تكوين القاعدة املعرفية للإن�سان وثبات الأ�شياء من حوله؛ لذا ف�إن �س�ؤال ع ّرف ما يلي من الأ�سئلة املتكررة يف امتحانات املدار�س؛ �إذ تقي�س ق��درة الطالب على التعرف على �شيء ما وحتديد معناه وخوا�صه ،وم��ع �أن العمر والعلم واخلربة قد يغري كثريا من التعريفات التي تعلمها االن�سان يف مرحلة معينة من عمره ،اال �أن وجودها يعطي �شيئا من الر�سوخ العلمي واالجتماعي ،ومن خاللها يعرف املرء كيف يتعامل مع ذاته وغريه يف احلياة اخلا�صة واالجتماعية العامة. ولكن يبدو �أن هذه احلالة مثالية و�أق��رب اىل التنظري ،و�أن القوة وال�سيطرة يف �شريعة الغاب متلك حق تغيري املفاهيم والتالعب بها و�إع��ادة �صياغتها وقولبتها ح�سب الأه��واء ،فالعلم حتى العلم مل يعد حقال بعيدا عن لعبة امل�صالح وال�سيطرة واحلكم! ن��رى ه��ذه احل��ال��ة ماثلة بو�ضوح يف االن��ق�لاب الع�سكري على الدميقراطية وال�شرعية يف م�صر ،ففي الوقت الذي ظلت �أمريكا حتاول �أن تعلمنا الدميقراطية ل�سنوات باعتبارها حبل النجاة وطريق التمدن ل�شعوبنا ،وا�ستحدثت لذلك برنامج تعزيز الدميقراطية Democracy Enhancementيف العامل ون�شرته يف ب�لادن��ا ،وع��رف��ت لنا ال��دمي��ق��راط��ي��ة على �أن��ه��ا «ح��ك��م ال�شعب لل�شعب ع��ن طريق الأغلبية التي متار�س احلكم مع الف�صل بني ال�سلطات» و�إذ بنا نتكت�شف عمليا �أنها ال �شيء من ذلك بتاتا ،و�أن الدميقراطية بب�ساطة هي ما تريده ومن تريده �أمريكا يف احلكم ،وغري ذلك �سف�سطة وهرطقة و�إرهاب ونكو�ص عن الأعراف الدميقراطية يجب تغيريه واالنقالب عليه لإنقاذ البالد وال�شعوب!!! وب��ه��ذا التعريفات وامل��م��ار���س��ات الأم��ري��ك��ي��ة امللتوية والزئبقية ت�صبح حماية ال��دمي��ق��راط��ي��ة ت�����س��ت��وج��ب ال��ق�����ض��اء ع��ل��ي��ه��ا ،لأن م���ن و���ص��ل��وا ل��ل��ح��ك��م ع���ن ط��ري��ق الدميقراطية هم «الأ�شخا�ص اخل��ط���أ» الذين يهددونها ويجب كمرحلة انتقالية ا�ستبدال ر�أي الأغلبية بالأقلية امل�ستعينة بالقوة لغر�ض فر�ض الأم��ن واال�ستقرار، ولو ا�ستدعى ذلك فر�ض الأحكام العرفية والطوارئ بعد �أن دخلت البالد يف التجربة الدميقراطية! يبدو ال�سيناريو م�ألوفا �ألي�س كذلك؟! هناك �سيناريو �آخر �أال ير�ضخ جزء من الأغلبية حلكم الأقلية واالنقالب على الدميقراطية والتدخالت ال�سافرة من الداخل واخلارج ،فتقوم بع�ض الأطراف التي ال تعتمد الو�سطية و�أ�سلوب احل��وار منهجا باللجوء اىل العنف كو�سيلة للدفاع عن حقوقها املغت�صبة؛ مما يدفع �أمريكا مرة �أخ��رى للتدخل على �أي الأح��وال لإيقاف العنف �أو الأ���س��و�أ ما ت�سميه ب��الإره��اب ،وه��ي تهمة لي�س لها تعريف �أي�ضا وتطلقها �أمريكا على كل ما ومن ال يعجبها ،وبالتايل ال خال�ص من �أمريكا ال بالدميقراطية وال بغريها وينقلب احل��ال اىل فو�ضى عامة ما مل يكن هناك خطة وح��زم ملواجهة خمطط االجنرار اىل العنف. امل�صداقية الأمريكية كما يقول املفكر نعوم ت�شوم�سكي يف كتابه احلرب اخلطرة Perilous Warت�ساوي �صفرا ،فهي مف�صلة ح�سب احلاجة وامل�صلحة املتغرية لل�سيا�سة الأمريكية ،وكذلك ما ت�سميه �أمريكا احلرب على الإرهاب. ولي�ست م�صر �أول دول��ة حت��اول �أمريكا �إلبا�سها ث��وب الدميقراطية باملقا�س الأمريكاين� ،إذ يقول ت�شوم�سكي �أنه يف عام � 1980صرح توما�س كارثرز م�س�ؤول برنامج تعزيز الدميقراطية �أننا نريد �أن نن�شر الدميقراطية يف ال�شرق الأو�سط ،ولكننا نخاف من فوز «الأ�شخا�ص اخلط�أ» فت�صبح الدميقراطية �أداة و�سالحا بيد من ال ي�ستحقها وال يقدرها! ،ويف عام 2003خطب بو�ش �أمام ال�صندوق الوطني للدميقراطية قائال «�إن الواليات املتحدة تف�ضل اال�ستقرار على الدميقراطية يف بع�ض البلدان ،وبهذا ميكن �أن ت�سمح للأنظمة الديكتاتورية باال�ستمرار! ففي �إدارة بو�ش دعمت وا�شنطن االن��ق�لاب الع�سكري على احلكومة املنتخبة يف فنزويال وا�ضطرت ل�سحب الدعم واالع�تراف باحلكومة ال�شرعية ،بعد حالة الغ�ضب والرف�ض التي اجتاحت �أمريكا الالتينية ب�أ�سرها (وهذا در�س مل�صر �أن الثبات على املواقف مع زيادة ال�ضغط قد يغري امل�سار ويخرجه عن ال�سكة الأمريكية). وي�ضيف ت�شوم�سكي �أنه يف نيكاراغوا عام 1984ملا علمت �أمريكا ب�أن مر�شحها لالنتخابات الرئا�سية وربيب ال�سي اي ايه لن ينجح ،ن�صحته باالن�سحاب ،وادعت �أن االنتخابات غري نزيهة ،و�أعلنت حكومة ريغان �أن نيكاراغوا بلد ا�ستبدادي ،وبذا ق�ضت على االنتخابات و�أوق��ف��ت تطبيق نتائجها� ،أم��ا يف ال�سلفادور فلعبت اللعبة الدميقراطية على �أ�صولها و�ضمنت ملر�شحها الفوز ،ولكن بعد خراب ال�سلفادور وقتل �سبعني �ألف من مواطنيها واغتيال قادة الر�أي واملفكرين فيها. ول�ضمان جناح الدميقراطية باملقا�س الأمريكاين تقام االنتخابات على مراحل ملعرفة النتائج وال�سيطرة عليها �أوال ب����أول ،واالن��ق�لاب عليها �سريعا اذا مل توافق امل�صلحة ،وه��ذا بال�ضبط ما ح�صل يف اجل��رائ��ر ع��ام 1992عندما انقلبت احلكومة واجلي�ش بعد نتائج �صعود واكت�ساح اال�سالميني. بالت�أكيد ه��ذه لي�ست التجربة الأوىل للتدخل الأمريكي يف م�صر كما يقول املحلل ال�سيا�سي غلربت �آرت�شر يف كتاب احل��رب اخلطرة ،ففي م�صر يف االنتخابات الربملانية عام � 2005ضغطت �أمريكا على مبارك �أن يلون امل�شهد الدميقراطي قليال، ويك�سر حدة ال�سيطرة حلزبه على احلياة ال�سيا�سية ،وكانت النتائج واال�ستطالعات الأولية ت�شري اىل تقدم اال�سالميني و�أنهم امل�ستفيد الأكرب من هذه الف�سحة؛ فجاءت الر�سالة من احلكومة امل�صرية لأمريكا با�ستخدام الفزاعة اال�سالمية تقول»�أنتم ال تريدون ه�ؤالء الأ�شخا�ص يف احلكم فدعونا نقوم باالنتخابات على طريقتنا» وفعال ا�ستجابت وا�شنطن و�سحبت مطالباتها. يقول املفكر �سامويل هنتنجتون �أن تطبيق الدميقراطية التي تدعولها �أمريكا ت��ع��اين م��ن ظ��اه��رة التناق�ض democracy paradoxففي ال��وق��ت ال��ذي ت�سمح ،وهي التي متلك �أن ت�سمح �أومتنع ،حتت رعايتها بن�شر الدميقراطية يف �أمريكا الالتينية و�أوروبا ال�شرقية و�آ�سيا ال�شرقية تظل متنعها عن ال�شرق الأو�سط ،حفاظا على م�صاحلها يف م�صادر الرثوة والطاقة و�أمن ا�سرائيل؛ لأن الدميقراطية قد متكن «الأ�شخا�ص اخلط�أ» من الو�صول اىل احلكم! ومن هم «الأ�شخا�ص اخلط�أ» يف نظر �أمريكا؟! هم الذين ال ير�ضخون للأهداف االقت�صادية واال�سرتاتيجية الأمريكية. وب��ع��د ه���ذا ن��ري��د مل��ر���س��ي �أن ي�ستمر يف احل���ك���م؟! ال مي��ك��ن ب��ال��ط��ب��ع ف��ال��ث��وب الأم��ري��ك��اين للدميقراطية مل ينفع على مقا�سه ،وه��و مل ير�ض �أن يغري قيا�ساته ليدخل فيه. �إذن م��ا ه��ي الدميقراطية بب�ساطة ودون تكلف وتقعر وكيف �سنع ّرفها لنا وللأجيال القادمة؟ الدميقراطية ه��ي م��ا ت��راه �أمريكا وم��ن ت��راه منا�سبا لتطبيقها واال�ستبداد والديكتاتورية وال�سلطوية هم ما تقول عنهم �أمريكا �أنهم كذلك ،وعلى ر�أي �إخواننا امل�صريني اللي يتجوز �أمي �أقوله يا عمي واللي عاوزاه �أمريكا نحطه الري�س!!! خ��اب ف�ألهم ب����إذن اهلل فالثورة ق��د تخبو وت�ضعف جُ وته�ض ولكنها والدة �إذا كان �إجنابها اجلديد مبني على جتاوز �أخطاء املا�ضي وتوحيد جهود كل املخل�صني وال�سيطرة على منابع الفتنة. مرحلة ال�ضحك واال�ستعباد اجلماعي لل�شعب العربي ولت ولن تعود ،واملاليني يف ال�ساحات الذين يدفعون �أرواح��ه��م هم �شهادة لهذا امليالد اجل��دي��د ،ال��ذي يقول �أ�صحابه لن نعي�ش على مقا�س �أمريكا� ،سواء �أكان يف �شكل جلباب �أم بدلة ر�سمية ،ولن تلب�سنا وتنزع عنا �سرتها متى �أرادت. عنون روب��رت في�سك مقاله ال��ذي علق فيه على االنقالب الع�سكري يف م�صر تعري�ضا وا�ستخفافا بالع�سكر مت�سائال «متى ال يكون االنقالب انقالبا؟ عندما يحدث يف م�صر». بعد الثورة الأوىل انت�شرت يف م�صر عبارة على اجلدران تقول « لي�س يف م�صر �شيء جديد ،فامل�صرييون �صنعوا التاريخ كالعادة» كل من �آمنوا بالثورة على الظلم يوما م��ا ،بحاجة �أن يروهم ي�صنعونه مرة �أخرى بعودة ال�شرعية.