116
ملف العدد
العــدد 165 سبتمبــــر 2021
مقال
ضعــف ســلطة منظمــة التجــارة العامليــة وتعطــل التجــارة وسالســل القيمــة العامليــة للصناعــات التحويليــة ،وهــذه التوتــرات جتعــل مبــادرة حــوار " "UN@75 and Beyondذات أهميــة حاســمة ،فهــي تتيــح للــدول الصغــرى واجلهــات الفاعلــة مــن غيــر احلكومــات، فرصــة ممارســة تأثي ـ ًرا بنــا ًءا يف إعــادة تشــكيل النظــام الدولــي. الصعود اآلسيوي وحتوالت ميزان القوى االقتصادية لكــن صعــود الصــن الســريع لــن يكــون التحــول الوحيــد الــذي يجــري يف االقتصــاد العاملــي ،بــل إن مركــز الثقــل االقتصــادي ســيتحول مــن الغــرب إلــى الشــرق ،مصاح ًبــا الترتيــب اجلديــد ألقــوى عشــر اقتصــادات عامليــة عــام 2050م ،والتــي رصدهــا التقريــر علــى النحــو التالــي: الصــن ،الواليــات املتحــدة ،الهنــد ،إندونيســيا ،أملانيــا ،اليابــان، البرازيــل ،فرنســا ،اململكــة املتحــدة ،تركيــا .والالفــت يف التوقعــات دخــول تركيــا يف القائمــة ،ودخــول 3دول آســيوية وهــي الصــن والهنــد وإندونيســيا ،بجانــب اليابــان ،ليصبــح هــذا القــرن آســيوياً بامتيــاز يف ظــل مــا ســتحققه اقتصــادات دولهــا مــن معــدالت منــو وطفــرات تنمويــة عاليــة. وهكــذا مــن املتوقــع أن تتحــول القــوة االقتصاديــة العامليــة بعيــدًا عــن االقتصــادات املتقدمــة يف أمريــكا الشــمالية وأوروبــا الغربيــة واليابــان ،خاص ـ ًة أن منــو القــوى العاملــة مــن الســكان ســيتباطأ يف العديــد مــن االقتصــادات الكبــرى ،كمــا يف اليابــان وأملانيــا نتيجــة لضعــف النمــو الســكاني وســوف يســتمر هــذا التحــول علــى مــدار الســنوات املقبلــة ،حيــث جتــاوزت دول الـــ E7بالفعــل يف عــام 2014 م ،دول الـــ G7مبقيــاس معــدل القــوة الشــرائية.
الوضع االقتصادي لدول الشرق األوسط عام 2050
مــن املتوقــع أن الســعودية ومصــر ،مــع كل مــن تركيــا وإيــران ،ســتكون ضمــن أكبــر 32اقتصــا ًدا علــى مســتوى العالــم .ويتضــح مــن اجلــدول ثبــات ترتيــب الــدول إقليم ًيــا منــذ عــام 2014وحتــى عــام ،2030 حيــث حتتفــظ كل دولــة مبركزهــا ،يف حــن يتوقــع حتســن الترتيــب العاملــي لــكل دولــة صعــو ًدا ،بحلــول عــام 2050م ،باســتثناء إيــران ً أيضــا التــي ينخفــض ترتيبهــا عامليــا إلــى املرتبــة ،25لتصعــد قبلهــا مصــر يف الترتيــب. جــدول ( ) 4تطــور اقتصــادات أهــم دول الشــرق األوســط وترتيبهــا االقتصــادي حتــى عــام 2050
www.araa.sa
pwc.The World in 2050. February 2015
اآلثار المترتبة عىل اقتصادات دول الخليج
تتأثــر اقتصــادات دول اخلليــج العربيــة بالصــراع االقتصــادي بــن الواليــات املتحــدة والصــن ســل ًبا وإيجا ًبــا مــن خــال عــدد مــن القنــوات ،اهمهــا الضغــوط علــى أســعار النفــط ،خاصــة إذا مــا تضــرر االقتصــاد العاملــي وهبطــت معــدالت النمــو االقتصــادي ومــن ثــم انخفــض الطلــب علــى النفــط اخلــام وانخفــاض األســعار يف الســوق العامليــة ممــا قــد يؤثــر ســل ًبا علــى مســتويات االنتــاج يف الــدول اخلليجيــة ،كمــا ســتؤدي السياســات احلمائيــة إلــى ارتفاع األســعار يف معظــم الــدول ذات الشــراكة التجاريــة ،وباألخــص أمريــكا ،وبالنظــر إلــى أن دول اخلليــج تســتورد العديــد مــن الســلع ،إضافــة إلــى ارتبــاط عمالتهــا بالــدوالر ،فســينعكس ذلــك علــى مســتوى التضخــم يف دول اخلليــج ،ممــا ســيتطلب مجموعــة مــن السياســات التقييديــة ذات التأثيــر الســلبي واملعاكــس للنمــو ،وإذا مــا ارتفــع معــدل التضخــم يف أمريــكا بســبب الرســوم اجلمركيــة املرتفعــة ،واضطــر االحتياطــي الفيدرالــي إلــى رفــع ســعر الفائــدة ،فســيدفع دول املنطقــة إلــى رفــع معــدل فائدتهــا نظ ـ ًرا للحاجــة إلــى إبقــاء ربــط ســعر الصــرف بالــدوالر األمريكــي. أخي ـ ًرا قــد يــؤدي عــدم اليقــن واملخاطــر الناجمــة عــن النزاعــات التجاريــة إلــى خــروج رؤوس األمــوال مــن األســواق الناشــئة إلــى األســواق املتقدمــة األكثــر أما ًنــا واســتقرا ًرا ،حيــث مــن املمكــن أن تنخفــض وتيــرة تدفقــات رؤوس األمــوال إلــى منطقــة اخلليــج، وخاصــة يف ظــل ظــروف املنطقــة التــي تشــهد بعــض التوتــرات. اخلالصة الصــراع القائــم حال ًيــا بــن القطبــن االقتصاديــن الرئيســيني هــو صــراع علــى املصالــح والنفــوذ ،لكنــه تطــور طبيعــي مــع بــروز قــوى اقتصاديــة جديــدة وانحســار النفــوذ االقتصــادي للقــوى التقليديــة، وانــدالع الثــورة التكنولوجيــة احليويــة -الرقميــة األولــى وتأثيرهــا علــى حصــص الــدول يف اقتصــاد العالــم ،وكمــا أســفرت التطــورات االقتصاديــة بنهايــة احلــرب العامليــة الثانيــة عــن بــروز قــوى جديــدة، وإعــادة صياغــة النظــام االقتصــادي العاملــي ،وفــق مبــاديء بريتــون وودز ومؤسســاته متعــددة األطــراف ،فــإن العالــم يشــهد األن تقويــض مؤسســات النظــام الدولــي القائمــة وبــروز مبــادرات لصياغــة نظــام دولــي جديــد.
*أستاذ االقتصاد ـ جامعة املنوفية ـ مرص ـ واملستشار االقتصادي السابق لجامعة امللك عبد العزيز ـ جدة