رأي
ﺑﺎﻤﺴﺎرات اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ وﰲ إﻃﺎر اﻟﻮﻓﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ« دون ﺗﻤﺮ ٍد أو ﺗﻈﺎﻫﺮ ودون ﺗﺪﺧﻞ ﻗﻮى ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻳﺒﺪو أﻧﻬـﺎ اﺧﺘﺎرت ذﻛﺮى اﻻﺳـﺘﻘﻼل ﻟﺘﻌﺒﺚ ﰲ اﻤﺸﻬﺪ ،وﺗﻌﻄﻞ اﻟﺤﻮار اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل إرﺑﺎﻛﻪ. وﻟﻘﺪ َ ـﱪ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻴﻮن ﻋﲆ ﻣـﺪار اﻟﻌﺎﻣﻦ ﺧ ِ َ اﻤﺎﺿﻴﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟـﺎت ،ﻓﻤﺎ ﺟﻨﻮا ﻣﻨﻬﺎ إﻻ ﺗﻌﻄـﻞ ﻣﺼﺎﻟـﺢ اﻤﻮاﻃﻨـﻦ ،وﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﺴـﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،واﻹﺳـﺎءة إﱃ اﻟﻨﻈـﺎم اﻟﻌﺎم ،وﻟﻌﻞ ﻫـﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وﻣﺎ ﺗﺨﻠﻠﺘـﻪ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻋﻼت أﻓﻀﺖ ﻣﺴﺎر واﺿﺢ ودﺳـﺘﻮري ﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع، إﱃ ٍ وﻳﺤـﱰم اﻟﻨﻈـﺎم اﻟﻌـﺎم ،وﻫـﻮ اﻟﺤـﻮار ﻷﺟـﻞ
ﻣﻨﻰ ﻋﺒﺪاﻟﻔﺘﺎح mona.a @alsharq.net.sa
ﻋـﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣـﻦ اﻣﺘﺜـﺎل اﻤﺠﺘﻤﻌـﺎت اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﰲ ﺑﻠﺪاﻧﻨـﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ ﻷﺣﻜﺎم ﻣﺘﻐـﺮات اﻟﺤﻴـﺎة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، وﺗﺤﻮﻟﻬﺎ إﱃ ﻃﻮر اﻟﺘﻐﻴﺮ واﻟﺘﺸـﻜﻴﻞ ﻤﻮاﻛﺒﺔ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺤﺪاﺛـﺔ ،إﻻ أﻧّﻪ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﰲ اﻷذﻫﺎن ﺑﻌﺾ روﻣﺎﻧﺴـﻴﺔ اﻟﻬـﺪوء واﻷﺟـﻮاء اﻤﻔﺘﻮﺣـﺔ ﻋـﲆ أﺣﻀـﺎن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ. ﻓﺎﻟﻘﺮى واﻟﻬﺠﺮ واﻟﺒﻮادي ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻫﻲ اﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﺒﻌﺾ أﺳﺒﺎب اﻟﺤﻴﺎة إذا ﻣﺎ ﻗﻴﺲ ﺣﺠﻢ ﻫﺬا اﻹﻧﺘﺎج ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻣـﻦ ﻣﺪﺧـﻼت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫـﻲ اﻟﺰراﻋـﺔ واﻟﺮﻋﻲ ،وﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣـﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﻨﺎت ﻧﻔﺴـﻴﺔ وﺗﺮوﻳﺤﻴـﺔ ﻋﻤﺎدﻫﺎ ﻫﻮاء ﻧﻘﻲ ﻣﻦ اﻤﻠﻮﺛﺎت وﻣﻨﺎﻇﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺧﻼﺑﺔ. ﻗﺒـﻞ ﺛﻼﺛﺔ أﻋـﻮام ﻗﻤﺖ ﺑﺈﺟـﺮاء ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺻﺤﻔﻲ ﻹﺣـﺪى اﻟﺼﺤﻒ اﻟﺴـﻌﻮدﻳﺔ ﻛﺎن ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻫﻮ ﺗﻼﳾ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺴـﻌﻮدﻳﺔ .ﻛﺎن ذاك اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺴﺘﻨﺪا ً ﻋـﲆ دراﺳـﺔ ﻗﺎم ﺑﻬـﺎ أﺣـﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜـﻦ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﻦ ﰲ ﺟﺎﻣﻌـﺔ اﻤﻠﻚ ﻓﻴﺼـﻞ ﺗﻮﺻﻞ ﻓﻴﻬـﺎ إﱃ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﺗﻼﳾ اﻤﺠﺘﻤـﻊ اﻟﺮﻳﻔـﻲ ،وﺗﻘـﺎرب أﻧﻤﺎﻃـﻪ ﻣـﻊ اﻷﻧﻤـﺎط اﻻﺳـﺘﻬﻼﻛﻴﺔ اﻟﺤﴬﻳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ارﺗﻔﺎع اﻟﺪﺧﻮل وﺗﻄﻮر وﺳـﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﰲ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺜﻘﺎﰲ واﻟﻌـﺎدات اﻻﺳـﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﻟـﻸﴎ اﻟﺴـﻌﻮدﻳﺔ .وﺑﻌﺪ أن أﺛﺒـﺖ اﻟﺒﺎﺣـﺚ ﻓﺮﺿﻴﺘﻪ رﻓـﻊ ﺗﻮﺻﻴﺎﺗـﻪ إﱃ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻹﺣﺼـﺎءات اﻟﻌﺎﻣـﺔ ﻹﻋـﺎدة اﻟﻨﻈـﺮ ﰲ اﻟﺘﻘﺴـﻴﻤﺎت
اﻹﺣﺼﺎﺋﻴـﺔ اﻤﻌﺘﻤﺪة ﻋﲆ أﺳـﺎس ﺗﻘﺴـﻴﻢ اﻤﺠﺘﻤﻌﺎت إﱃ ﺣﴬﻳﺔ ورﻳﻔﻴـﺔ وﺑﺎدﻳﺔ ،وﻃﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﰲ وﺿﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎﻳﺰ ﺑﻦ اﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ واﻟﺤﴬﻳﺔ. ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ ّ إن ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳـﺔ ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ ﻣﻘﺪورﻫﺎ إﺛﺒـﺎت ﻓﺮﺿﻴﺘﻬﺎ إﻻ ﻣـﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻠﻴـﻞ ﻋﻮاﻣﻞ ﴏاع اﻹﻧﺴـﺎن ﻣﻊ ﻣﺘﻐﺮات اﻟﺤﻴـﺎة اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ .وﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺗﺘﻄﻮر ﻳﻮﻣﺎ ً ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻧﻈﺮا ً ﻟﺘﺴـﺎرع ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺤﻴﺎة وﺗﺼﺎﻋﺪ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﴫﻳـﺔ اﻟﺘـﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻛﺘﺴـﺎح ﻛﻞ ﻇﻮاﻫـﺮ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ .ﻧﺸـﻂ اﻻﻫﺘﻤـﺎم ﺑﻬﺬا اﻤﻮﺿـﻮع ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ اﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻤﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﻘﺪ اﻷﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻤﺎﴈ، وﺑﺪأ ﻳﺘﺰاﻳﺪ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﺤﻮظ ﰲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﺮة. وأﻛﺜﺮ ﻣـﺎ وﺿﻌﺘﻪ ﻫﺬه اﻟﺪراﺳـﺎت ﻛﻬﺪف ﻣﺒﺎﴍ ﻫﻮ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺗﺄﺛﺮ اﻤﺪﻳﻨﺔ ﰲ ﺣﺎﻟـﺔ ﻧﺰوح أﻫﻞ اﻟﻘﺮى إﻟﻴﻬﺎ أو ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄﺛﺮ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺘﻐﻴﺮ أﻧﻤﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ إﱃ ﻣﺒﺪأ اﻟﺴـﻮق ،وﻣﻦ ﻣﻠﻜﻴﺔ وﺣﻴﺎزة اﻷرض اﻤﺴﺘﻐﻠﺔ ﰲ اﻷﻧﺸـﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻧﺸـﺎط زراﻋﻲ ورﻋـﻮي ،إﱃ اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻴﻬـﺎ ﺑﺎﻟﺒﻴﻊ أو اﻹﻳﺠﺎر ﻣﺎ ﺗﺴـﺒﺐ ﰲ ﺧﻠﻖ ﻫﺠـﺮة إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ إﱃ اﻤﺪﻳﻨﺔ اﻤﺼﻨﻔﺔ ﺑﻨﺸـﺎﻃﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻌﺎﱄ ،ﺣﻴﺚ
ﻣﺠـﺎﻻت اﻟﻌﻤﻞ اﻤﻔﺘﻮﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﻀﻴﻖ ﺑﺎﻤﻨﺎﻓﺴـﺔ ﻋﲆ أﺳﺎس اﻟﺘﺨﺼﺺ. وﻛﻐـﺮه ﻣﻦ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ ﰲ ﻛﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣـﻊ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ ﺑﻘﺎﻟﺐ ﻋﻠﻤﻲ ﺑﺤـﺖّ ، ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻫﺘﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺮدود اﻗﺘﺼﺎدي ﻛﺒﺮ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻗﺘﺤﺎم ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺎت اﻟﻨﻔﺴـﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻹﻧﺴـﺎن اﻟﺮﻳﻒ اﻟﺘﻲ ﻳُﻌﻬﺪ ﺑﻬـﺎ إﱃ ﺟﻬﺎت أﺧﺮى أﻛﺜﺮ ﺗﺨﺼﺼـﺎ ً ﰲ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ .وﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻀﻴﻔﻪ ﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤـﺎع ﻫﻮ ّ أن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺒﺴـﻴﻄﺔ اﺧﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺎﻧﺪﻣﺎج اﻟﻘﺮﻳﺔ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﴫﻳﺔ ﺳـﺎﻫﻢ ﺑﺸـﻜﻞ ﻛﺒﺮ ﰲ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﱰﻛﻴﺒـﺔ اﻷﴎﻳﺔ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺣﻴﺎة اﻷﴎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. وﻧﺮى ﺑﺸـﻜﻞ ﻋﺎم ّ أن أﻫـﺎﱄ اﻷرﻳﺎف ﰲ أي ﻣﻜﺎن ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟـﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ ﻣﺎﴈ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ ،ﻻ ﻳﺘﺤﴪون إﻻ ﻋﲆ ﻫﻮاﺋﻬﺎ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮوﻧﻪ اﻟﻨﻘﺎء ﻋﻴﻨﻪ، ﺑﺤﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻠﺢ ﻷن ﺗﻜﻮن ﻣﻨﺘﺠﻌﺎت ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ .وﻟﻢ ﻳﺪر ﺑﺨﻠﺪ ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎزﺣـﻦ اﻷواﺋﻞ ّ أن اﻟﻬﺠﺮة ﻛﻤﻔﻬﻮم ﻋﺎم ﻟﻦ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﺣﺪﻫﻢ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﻮﻧﻮﻫـﺎ ،ﻛﻞ ﻣﻨﻬـﺎ ﻳﺤﻤﻞ اﻧﺘﻤﺎ ًء ﻟﻘﺒﻴﻠـﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﺻﻮرة ﻃﺒﻖ اﻷﺻﻞ ﻟﻠﻘﺒﻴﻠﺔ اﻷم.
ّ إن أﺣـﺪ أﻛـﱪ اﻤﻮاﺿﻴﻊ إﺛﺎرة ﻳﻨﻄﻠـﻖ ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺼﺔ ﻟﻠﻤﻮاﺟﻬﺔ ﺑﻦ ﺳـﻜﺎن اﻤﺪن واﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻌ ﱡﺪ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـﻜﻞ ٍ آت ﻣـﻦ اﻟﺮﻳﻒ .ﻓﻠﻴـﺲ ﻛﻤﺜﻞ أﻳـﺔ ﻫﺠﺮة أﺧﺮى ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺰح اﻟﻨﺎس إﱃ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺎ وﻳﺴﺘﻮﻃﻨﻮﻧﻬﺎ؛ ﻓﻴﺄﺗﻲ اﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ ً ﻟﺪرﺟﺔ ﻳﺼﻌﺐ ﻣﻌﻬﺎ رؤﻳﺘﻪ ﺑﻮﺿـﻮحّ ، ﻓﺈن اﻤﻮاﺟﻬـﺔ ﻫﻨﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ ً ﻣـﺎ ﺗﻜﻮن ﴎﻳﻌﺔ وﻋﻨﻴﻔﺔ ﺗﺴـﺘﻬﻠﻚ ﻛﺜﺮا ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗـﺔّ . إن ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺠﺬب وﺗﺰﻳـﻦ اﻤـﺪن ﰲ اﻟﺬﻫﻨﻴـﺔ اﻟﺸـﻌﺒﻴﺔ ،أو اﻻﺳـﺘﻘﺒﺎح اﻤﺘﻌﻤـﺪ وﻏـﺮ اﻤﺘﻌﻤﺪ ﻟﻸرﻳـﺎف ،أﺣﺪث ﺑﺸـﻜﻞ آﺧﺮ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎت ﺟﺬرﻳـﺔ ﰲ اﻟﱰﻛﻴﺒﺔ اﻟﻨﻔﺴـﻴﺔ ﻟﻠﻤﻬﺎﺟﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ إﱃ اﻤﺪﻳﻨﺔ. وﺑﺎﻟﻨﻈـﺮ إﱃ ﺑﻌـﺾ اﻟﺨﺼﺎﺋـﺺ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻫﻠﻬﺎ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻫﻨﺎك ﺗﻐﻴﺮ ﻋﲆ ﻣﺴـﺘﻮى اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺴـﺎﻧﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﺤﻈﻰ ﺑﻪ اﻟﺮﻳﻔﻲ ﰲ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﻳﻔﺘﻘﺪه ﰲ اﻤﺪﻳﻨـﺔ .وﻫﺬه ﻫﻲ ﴐﻳﺒـﺔ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺎﻤﻈﺎﻫـﺮ اﻟﺤﴬﻳـﺔ ﻟﻠﺘﻄـﻮر ﰲ وﺳـﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎﻻت واﻤﻌﻴﻨﺎت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﰲ اﻟﺪﻋﻢ واﻤﺴـﺎﻋﺪة واﻤﺆاﻧﺴﺔ واﻟﱰﻓﻴﻪ اﺑﺘﺪا ًء ﻣـﻦ دﺧﻮل اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء إﱃ ﻇﻬﻮر أﺟﻬﺰة اﻟﺒﺚ اﻟﻔﻀﺎﺋﻲ إﱃ اﻹﻧﱰﻧﺖ وﻏﺮﻫﺎ ﻣﻦ وﺳـﺎﺋﻞ اﻟﺤﻴﺎة
ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ..ورﻗﺔ ﺣﻤﺮاء ﻓﻲ وﺟﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ؟
ِﺣﻮَ ار ِرﺋﺎﺳﻲ
ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺠﻮرﺷﻲ
ﺷﺎﻫﺮ اﻟﻨﻬﺎري shaher@alsharq.net.sa
ﻓﺎروق :أﻳﻪ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻧﺎ ،ﻳﻌﻨﻲ ﻣﻄﻮﻟﺘﺶ زﻳُﻬﻢ. ﻣﺮﳼ :وأﻧﺎ ﻣﺎﱄ ،ﻫﻤﻪ اﻟﲇ ﻗﺎﻟﻮﱄ. ﺣﺴﻨﻲ :ﻳﺎ ﺧﻴﺒﺘﻚ ،إﻧﺖ ﻋﻤﻠﺖ زﻳﻲ؟. اﻟﺴﺎدات :ﻣﺎ ﺗﻔﻜﺮوﻧﻴﺶ ،أﻧﺎ اﻟﲇ ﻣﻠﺤﻘﺘﺶ أﻋﻤﻞ ﺣﺎﺟﺔ. ﺟﻤﺎل :ﻣﺄﻧﺖ ﻛﻨﺖ ِﻣﺘﻔﺮﻋﻦ ﻗﻮي. اﻟﺴـﺎدات :إﻧﺖ ﻣﺎﺗﻔﺘﺤﺶ ﺑُﻘﻚ ﺧﺎﻟـﺺ ،دأﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﺑﺄﻤﻠِﻢ ﰲ »ﻧﻜﺴﺘﻚ«. ﺟﻤﺎل :ﻋﲆ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ زي اﻟﻌﺴﻞ. ﻓﺎروق :ﻣﺶ ﻋﺎرف ﻋﺠﺒﻬﻢ ﻓﻴﻚ أﻳﻪ!. ﺟﻤﺎل :وﻃﻨﻴﺘﻲ. اﻟﺴـﺎدات :ﻳﺎﺧﻮﻳـﻪ وﻃﻨﻴﺘـﻚ ﺑﻬﺪﻟﺘﻨـﺎ ﺑﻌـﺪك ،ﺛـﻢ أﻳﻪ »ﺣﺮﻣﻴﻬﻢ ﰲ اﻟﺒﺤﺮ« دي؟. ﻣﺒـﺎرك :دأﺣﻨﺎ ﺣﺎرﺑﻨﺎﻫﻢ ﰲ »ﺑﺎرﻟﻴـﻒ« ودوﻏﺮي ،وﻗﻌﻨﺎ ﻣﻌﺎﻫﻢ »ﻛﺎﻣﺐ دﻳﻔﻴﺪ«. اﻟﺴﺎدات :وإﻧﺖ ﻣﺎل أﻫﻠﻚ؟!. ﻣﺒﺎرك :ﻣﺶ ﺑﺮﺿﻪ أﻧﺎ ﺣﺎرﺑﺖ ﻣﻌﺎك؟. اﻟﺴﺎدات :ﻻ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ،اﻟﻜﻼم دا ﻣﺶ ﻣﻌﺎﻳﺎ أﻧﺎ. ﻓـﺎروق :إﻳـﻪ ﻳﻌﻨـﻲ ﺣﺎرﺑﺘـﻮ ،ﻣﺎﺣﻨـﺎ ﻛﻤـﺎن ﺣﺎرﺑﻨﺎ ﰲ ﻓﻠﺴﻄﻦ. اﻟﺴﺎدات :ﺟﺘ ُﻜﻢ ﺧﻴﺒﺔ. ﺟﻤﺎل :أﻧﺎ ﻟﻮﻻ »اﻟﻨﻜﺴﺔ« ﻛﺎن زﻣﺎن ﺑﻼد اﻟﻌُ ﺮب أوﻃﺎﻧﻲ. ﻣﺮﳼ :وأﻧﺎ ﻗﺒﻞ »اﻟﻮﻛﺴﺔ« ﻛﻨﺖ ﺑﺄﻗﻮل اﻟﻮﻃﻦ إﺧﻮاﻧﻲ. اﻟﺴﺎدات :اﺑﻌﺪ ﻳﺎ راﺟﻞ ،دأﻧﺘﻮ اﻟﲇ ﻗﺘﻠﻮﻧﻲ. ﻣﺮﳼ :وأﻧﺎ ﻣﺎﱄ ،أﻧﺎ ﻛﻨﺖ وﻗﺘﻬﺎ ﻋﻴﻞ. ﺟﻤـﺎل :آه ..ﻋﲆ أﻳﺎﻣـﻲ ،ﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﺑﻨﻐﻨﻲ ﻤـﴫ ،واﻟﻮﺣﺪة، واﻟﺴﺪ اﻟﻌﺎﱄ. اﻟﺴـﺎدات :اﻷﻏﺎﻧـﻲ ﻣﻨﻔﻌﺘـﺶ ،ﻣـﻊ إﻧﻲ ﻛﻨـﺖ ﻋﺎﻟﺮﺑﺎﺑﺔ ﺑﺄﻏﻨﻲ . ﻣﺮﳼ :اﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺣﺮام ،اﻧﺘﻢ ﻣﻠ ُﻜﻮﻣﺶ ﻣُﺮﺷﺪ؟!. ﻓﺎروق :إﻧﺖ ﻳﺎ ﺟﻤﺎل ﺧـﺬت ﻋﺎﻟﺠﺎﻫﺰ ،دأﻧﺎ اﻟﲇ رﺑﻴﺖ ﰲ »ﺛﻮﻣﺔ« و«ﻋﺒﻮﻫﺎب«. ﺟﻤﺎل :ﺑﺲ ﻣﻐﻨﻮش ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻬﻢ ،إﻻ ﻣﻌﺎﻳﺎ. اﻟﺴـﺎدات :ﻟﻮ ﻋﺎﻷﻏﺎﻧـﻰ »ﺣﻠﻴﻤﻮ« واﻟﺒﻨـﺖ »ﻧﺠﺎة« ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺸﻌﻠﻠﻦ ﻓﱰﺗﻲ. ﻣﺒـﺎرك :أﻧﺎ ﻣﻔﻴـﺶ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻏﻨﺎﱄ ،ﺑﺲ ﻣـﺶ ﻓﺎﻫﻢ ﻟﻴﻪ ﻣﺎ
ﻛﺎﻧﺘﺶ أﻏﺎﻧﻴﻬﻢ ﺑﺘﺜﺒﺖ؟. ﻣﺮﳼ :إﻧﺖ ﻛﻨﺖ ﻋﺪو ﻟﻠﺸﻌﺐ. ﻣﺒﺎرك :ﻳﺎ روح ﺧﺎﻟﺘﻚ ،أﻣﺎل ﺳـﻴﺎدﺗﻚ ﻣﴩف ﻣﻌﺎﻧﺎ ﻫﻨﻪ ﻟﻴﻪ؟. ﻣﺮﳼ :ﻫﻨﻪ ﻓﻦ؟. ﻓﺎروق :ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻧﺎ. ﻣﺮﳼ :واﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻟﻴﻪ ،أﻧﺎ راﺟﻊ ﻟﻠﺤﺎﴐ ،واﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻣﺒـﺎرك :اﻟﻠـﻪ ﻳﻘﻄﻌﻚ ﺿﺤﻜﺘﻨـﻲ ،دي ﺳـﻜﺔ اﻟﲇ ﻳﺮوح ﻣﺮﺟﻌﺶ. ﺟﻤﺎل :أﻧﺎ ﻟﺴﻪ ﻋﺎﻳﺶ ﰲ ﺿﻤﺎﻳﺮﻫﻢ. اﻟﺴـﺎدات :ﻫﻤﻪ ﻛـﺪه ،ﻋﺎﻃﻔﻴـﻦ ،ﺑﺲ ﻟـﻮ ﻣﻜﻨﺘﺶ ﻣُﺖ ِ وﺳﻄﻴﻬﻢ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺘﻠﻮك. ﻣﺒـﺎرك :ﺑـﺲ »ﻗﺘﻠﺘـﻚ« ﺟـﺎت ﺑﻔﺎﻳـﺪة ،داﺣﻨـﺎ ﺗﻮﻋﻴﻨﺎ وﻣﻌﺪﻧﺎش ﻧﺨﺮج ﺑﺪون ﺣﻤﺎﻳﺔ ،ودروع. ﻣﺮﳼ :أﻣﺎل أﻧﺎ ﺧﻠﻌﻮﻧﻲ ﻟﻴﻪ؟. ﺟﻤﺎل :إﻧﺖ ﻣﺎ ﻛﻨﺘﺶ ﻣﺤﺴﻮب. ﻣﺮﳼ :ﻟﻴﻪ دأﻧﺎ اﻤﻨﺘﺨﺐ اﻟﴩﻋﻲ اﻟﻮﺣﻴﺪ وﺳﻄﻴﻜﻢ. ﻣﺒﺎرك :أﻫﻲ »ﴍﻋﻴﺘﻚ« دي ﻫﻴﻪ اﻟﲇ ﺟﺎﺑﺘﻚ اﻷرض. ﻣﺮﳼ :أﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﻧﺎوي أﻫﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ وأﺑﻨﻴﻪ ﺛﺎﻧﻲ. ﻓﺎروق :رﺑﻨﺎ ﻳﻬﺪك ،ﻣﺎﺗﺒﻨﻲ ﺟﻨﺒﻴﻪ. ﻣﺮﳼ :ﺑﺲ ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ أﻛﺜﺮه ﺣﺮام. ﺟﻤﺎل :أوﻋﻪ ﺗﻜﻮن ﺗُﻘﺼﺪ اﻷﻫﺮام. ﻣﺮﳼ :ﻛﻨﺖ ﻋﺎﻳﺰ أﺳﻮﻳﻬﺎ ﺑﺎﻷرض. اﻟﺴﺎدات :روح إﻟﻬﻲ ﻳﻨﺘﻘﻢ ﻣﻨﻚ؟. ﻣﺮﳼ :ﺗﻔﺘﻜﺮ ﻣﺶ ﺣﺮﺟﻌﻮﻧﻲ؟. ﻣﺒﺎرك :ﻗﻞ ﻟﻠﺰﻣﺎن أرﺟﻊ ﻳﺎزﻣﻦ. اﻟﺴﺎدات :آه ﻟﻮ أﻗﺪر أرﺟﻊ ﺳﺎﻋﺔ واﺣﺪة ﺑﺲ. ﺟﻤﺎل :ﻛﻨﺖ ﺣﺘﻌﻤﻞ إﻳﻪ ﻳﺎ ﻓِ ﺘﻚ؟. اﻟﺴﺎدات :ﻣﺎ ﻛﻨﺘﺶ أﺣﴬ اﺣﺘﻔﺎﻻت. ﻣﺮﳼ :ﺣﺘﻰ ﻟﻮ اﻤﺮﺷﺪ أﻣَﺮك؟. اﻟﺴﺎدات :وﻫﻮ ﺣﻴﺤﻮش ﻋﻨﻲ اﻟﺮﺻﺎص؟. ﻓﺎروق :أﻧﺎ ﻣﺶ ﻧﺪﻣﺎن ﺧﺎﻟﺺ ،ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﺎغ ﺳﻠﻴﻢ. ﺟﻤﺎل :ﻃﺐ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻌﻴﻨﻚ ﻳﺎ ﻣﻠﻚ. ﻣﺮﳼ :اﻤﻬﻢ أﻧﺎ ﻣُﺖ ،وأﻻ أﻳﻪ؟. ﻣﺒﺎرك :إﻧﺖ ﻣﺖ ،ﺑﺲ ﻓﺘﻨﺘﻚ ﻋﺎﻳﺸﺔ.
gorashi@alsharq.net.sa
ﺗﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻦ اﻟﺘﴫﻳﺤﺎت اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ أن ﻓﺠﺮﻫﺎ أﻋﲆ ﻣﺴﺆول ﰲ ﻫﺮﻣﻴﺔ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺘﻮﻧﴘ .ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺪأت اﻵن، أﻃﻠﻘﻬﺎ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻷول رﺋﻴﺲ اﻷرﻛﺎن اﻟﺴﺎﺑﻖ رﺷﻴﺪ ﻋﻤﺎر ،وأدﱃ ﺑﻬﺎ ﰲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻣﺴﺎء ﻟﻘﻨﺎة اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺴﺤﺐ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺬﺑﺬﺑﺎت. ورﻏﻢ ﻣﺮور ﺣﻮاﱄ اﻟﺸﻬﺮ ،ﻓﺈن اﻟﺒﺎب ﻻ ﻳﺰال ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ أﻣﺎم ﺗﺄوﻳﻼت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﺗﺠﺎﻫﺎت اﻤﺆوﻟﻦ. ﺗﺴﺘﻤﺪ أﻗﻮال اﻟﺠﻨﺮال أﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﻮاﻧﺐ ،أوﻻ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ،وﺛﺎﻧﻴﺎ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ ،وأﺧﺮا اﻟﺴﻴﺎق اﻟﺬي ﻗﻴﻠﺖ ﻓﻴﻪ. اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻋﺴﻜﺮي ﺗﺪرج ﰲ اﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ أﻋﲆ ﻗﻤﺔ اﻟﺴﻠﻢ اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ داﺧﻞ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺘﻮﻧﴘ، وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن ﻋﺎﻳﺶ أﺑﺮز اﻟﺘﻄﻮرات واﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ اﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻤﺪة ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ أرﺑﻌﻦ ﻋﺎﻣﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ أﺷﺒﻪ ﺑﺬاﻛﺮة ﻫﺬه اﻤﺆﺳﺴﺔ ،وﻣﻦ ﺑﻦ أﻫﻢ ﻛﻮادرﻫﺎ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ واﻤﺆﺛﺮة ﻃﻴﻠﺔ اﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﰲ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم .وﻧﻈﺮا ﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻮﻗﻌﻪ ،وﺣﺠﻢ اﻷﴎار اﻟﺘﻲ ﻟﺪﻳﻪ ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻨﺬ أن ﺻﻌﺪ ﻧﺠﻤﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼل اﻷﻳﺎم اﻷﺧﺮة ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺼﺎﻋﺪ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﺜﻮرﻳﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد ،وﺑﺎﻷﺧﺺ ﺑﻌﺪ رﺣﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﲇ ،ﻣﻴﺎﻻ إﱃ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﻈﻬﻮر ،وﻣﺤﺎﻓﻈﺎ ﻋﲆ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﻤﻮض اﻤﻘﺼﻮد .ﻟﻬﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺨﲆ اﻟﺠﻨﺮال ﻋﻦ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﺤﻔﻆ ،وﻳﻔﺼﺢ ﻋﻦ آراﺋﻪ ﺣﻮل اﻷوﺿﺎع اﻷﻣﻨﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد ،ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ أن ﻳﺮﺑﻚ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وﻳﺸﺪ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺮي وراء اﻟﺴﺘﺎر ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺪﻗﺔ واﻷﻫﻤﻴﺔ .ﻟﻘﺪ ﻓﻜﺮ ﻛﺜﺮا ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻜﻠﻢ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﻛﺎن ﻳﺪرك ﻣﺎ ﻳﻘﻮل وﻳﻌﻠﻢ ﺟﻴﺪا اﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺳﺘﱰﺗﺐ ﻋﲆ أﻗﻮاﻟﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﻤﻦ ﻳﻮﺟﻪ رﺳﺎﺋﻠﻪ اﻟﻮاﺿﺤﺔ أو اﻤﺸﻔﺮة ،وﻫﻮ ﻻ ﺗﺰال اﻟﺼﻮرة اﻟﺮاﺋﺠﺔ ﻋﻨﻪ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﺠﻤﺎﻫﺮ ،ﻓﺈذا ﺑﻪ ﻣﺘﺤﺪث ﺟﻴﺪ ،ﺑ ّﻠﻎ أﻓﻜﺎره ﺑﺴﻼﺳﺔ ووﺿﻮح،
واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﺻﻞ إﱃ ﻋﻤﻮم اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻦ ،ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ دون اﻟﺴﻘﻮط ﰲ ﺷﻌﺒﻮﻳﺔ ﻣﺴﻔﺔ ،ﻓﺄﻗﻨﻊ ﻛﺜﺮﻳﻦ ،وﺣﴩ آﺧﺮﻳﻦ ﰲ زواﻳﺎ ﺣﺎدة وﻣﺘﻌﺪدة. اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي أﻛﺴﺐ ذﻟﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻫﻮ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻪ اﻟﺘﻲ ﻓﺎﺟﺄت اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻛﺎن ﺧﻄﺎﺑﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺎﺋﺪ ﻋﺴﻜﺮي ﺣﺎول ﻃﻴﻠﺔ اﻟﺤﻮار أن ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﲆ ﴐورة إﺑﻌﺎد اﻟﺠﻴﺶ ﻋﻦ اﻟﺸﺄن اﻟﺴﻴﺎﳼ .إذ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﺠﻨﺮال ﺑﻦ ﻋﲇ اﻟﺬي اﻧﻘﻠﺐ ﻋﲆ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻔﻀﻞ ﻋﻠﻴﻪ وﻧﻘﺼﺪ ﺑﻪ اﻟﺰﻋﻴﻢ ﺑﻮرﻗﻴﺒﺔ ،ودﺧﻞ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ ﻗﴫ ﻗﺮﻃﺎج ﻣﻘﺮ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ وﻣﻜﺘﺒﻪ ،ﻳﻌﺘﱪ اﻟﻔﺮﻳﻖ أول رﺷﻴﺪ ﻋﻤﺎر ﻫﻮ أول ﻋﺴﻜﺮي ﻳﺘﻮﺟﻪ إﱃ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﺎرج دواﺋﺮ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺑﺨﻄﺎب ﺗﻌﺮض ﻓﻴﻪ ﻷوﺿﺎع اﻟﺒﻼد ﺑﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﴫاﺣﺔ واﻟﺠﺮأة .ﻗﺎل ﻟﻬﻢ إن اﻟﺒﻼد ﰲ ﺧﻄﺮ ،وﺣﺪد ﻟﻬﻢ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻟﺬي ﺗﺘﺠﻪ إﻟﻴﻪ اﻟﺒﻼد وﻫﻮ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ اﻟﺼﻮﻣﺎﱄ ،وﺣﺪد ﻟﻬﻢ اﻵﻓﺎق .وﺑﻦ ﻟﻬﻢ أن اﻟﻮﺿﻊ ﺧﻄﺮ ،وأن ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﻋﲆ اﻟﺴﻄﺢ ﻳﺨﻔﻲ أﴎارا ﻛﺜﺮة. ﺛﺎﻟﺜﺎ :اﻟﺴﻴﺎق اﻟﻌﺎم ،ﻓﺘﴫﻳﺤﺎت اﻟﺮﺟﻞ وردت ﰲ ﻟﺤﻈﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻣﻦ ﻟﺤﻈﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﺴﻴﺎﳼ ،ﺗﻜﺎد ﺗﺴﻴﻄﺮ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻀﺒﺎﺑﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺜﻴﻒ ﻋﲆ اﻤﺸﻬﺪ اﻟﻌﺎم .ﻳﻀﺎف إﱃ ذﻟﻚ أن اﻹرﻫﺎب أﺧﺬ ﻳﻄﺮق أﺑﻮاب ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﴍ ،ﻣﺴﺘﻐﻼ ﴏاﻋﺎت اﻟﻨﺨﺐ اﻟﺤﺰﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺎد ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ. ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﺰاب ﺗﺮﻏﺐ ﰲ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ أﺑﻮاﺑﻪ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﺑﻌﺪ أن أﺣﻜﻢ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻏﻠﻘﻬﺎ ﻤﺪة ﺳﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ .ﻟﻜﻦ ﻣﻦ أﺳﻌﻔﻪ اﻟﺤﻆ ﻓﻮﺿﻊ أﻗﺪاﻣﻪ داﺧﻞ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻨﻔﻮذ ،اﺧﺘﻠﻄﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﺒﻞ ،ووﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺮﺿﺔ ﻻﻧﺘﻘﺎدات اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ اﻧﺘﻈﺎر إﺿﻌﺎﻓﻪ ورﺑﻤﺎ إﺳﻘﺎﻃﻪ ،وذﻟﻚ ﺑﻬﺪف ﺧﻼﻓﺘﻪ. ﻗﺎل اﻟﺠﻨﺮال ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺛﻢ اﺧﺘﻔﻰ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻢ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻪ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻪ اﻟﺴﺎﺑﻘﻦ ،ﻟﻜﻦ ﺟﺎءت
أﺣﺪاث ﻣﴫ ﻟﺘﺬﻛﺮ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﻦ ﺑﺪور اﻟﺠﻴﺶ، وﺗﺠﻌﻞ اﻟﺒﻌﺾ ﻻ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪون إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﺳﺘﻨﺴﺎخ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻤﴫﻳﺔ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ زرﻋﻬﺎ ﰲ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ. ﻣﺎ ﻳﺠﺮي ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻫﻮ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺣﺮﻛﺔ ﺷﺒﺎﺑﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻔﺲ اﻻﺳﻢ ،أي »ﺗﻤﺮد« .ﻫﺬه اﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺣﺰﺑﻴﺎ ،ﺻﺎﻏﺖ ﻧﺺ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺈﻗﺎﻟﺔ اﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﺄﺳﻴﴘ واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﺗﻘﻮم ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺑﺠﻤﻊ اﻟﺘﻮاﻗﻴﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪو ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﺮدده ﻣﺼﺎدر ﻫﺬه اﻤﺠﻤﻮﻋﺔ أن ﻋﺪد اﻤﻮﻗﻌﻦ ﻗﺪ ﺷﺎرف اﻤﺎﺋﺘﻲ أﻟﻒ ﺷﺨﺺ .وﺳﺘﻜﻮن اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮﻋﺪ 25ﻣﻦ ﻳﻮﻟﻴﻮ ﻛﻠﺤﻈﺔ ﻓﺎرﻗﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ذﻟﻚ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺬﻛﺮى ﻋﻴﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ .وﺗﻔﱰض ﻫﺬه اﻤﺠﻤﻮﻋﺔ أن ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻋﺪة ﻣﺴﺮات وﺗﺠﻤﻌﺎت ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺒﻼد ﰲ ﺣﺎﻟﺔ »ﺛﻮرﻳﺔ« ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻨﺠﺢ ﰲ اﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ اﻟﺮاﻫﻦ ،اﻟﺬي ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻜﺜﺮﻳﻦ وﺻﻔﻪ »ﺣﻜﻢ اﻟﻨﻬﻀﺔ« ،رﻏﻢ أﻧﻪ اﺋﺘﻼف ﺣﺎﻛﻢ ﺗﻘﻮده ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﺑﻤﻌﻴﺔ ﺣﺰﺑﻦ آﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ذوي اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ. إذا ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮات ،ﺳﺘﺒﻘﻰ اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻤﻔﻘﻮدة اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻌﺪل اﻟﺼﻮرة ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺪﺧﻞ ﻗﻴﺎدة اﻟﺠﻴﺶ ،واﻧﺤﻴﺎزﻫﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﺮاك اﻤﺘﻮﻗﻊ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ إﺑﻌﺎد اﻟﺤﺎﻛﻤﻦ اﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ ،واﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﻢ ﺑﺂﺧﺮﻳﻦ .وﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺗﻌﻮد ﺻﻮرة اﻟﺠﻨﺮال رﺷﻴﺪ ﻋﻤﺎر ،ﻟﻴﺲ ﰲ ﺷﺨﺼﻪ، ﻷﻧﻪ أﺻﺒﺢ ﻣﻮاﻃﻨﺎ ﻋﺎدﻳﺎ ﻫﺬه اﻷﻳﺎم ،وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﺮك ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻳﻔﱰض أن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ رﻓﺎﻗﻪ. ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ؟ إذا اﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎت اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮﻧﴘ ﺳﺘﻜﻮن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻣﺴﺘﺒﻌﺪة ،ﻷن اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺘﻮﻧﴘ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﻴﺶ اﻤﴫي ،ﻟﻜﻦ رﻏﻢ ذﻟﻚ، ﻓﺎﻤﺆﻛﺪ أن ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﰲ ﻣﴫ ﻫﻮ أﺷﺒﻪ ﺑﺒﻄﺎﻗﺔ ﺣﻤﺮاء أﺧﺮﺟﺘﻬﺎ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﰲ وﺟﻪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ؟.
ا ﺛﻨﻴﻦ 6رﻣﻀﺎن 1434ﻫـ 15ﻳﻮﻟﻴﻮ 2013م اﻟﻌﺪد ) (589اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
أﺷﺠﺎن اﻟﺘﻼﺷﻲ ﻓﻲ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻘﺮى واﻟﻬﺠَ ﺮ
اﻟﻌﴫﻳﺔ. إﻻ ّ أن ﻣـﺎ ﻳﺜﺮ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻌﺾ اﻟﺸـﺠﻮن ﻫﻮ أن ﻳﻀﻄـﺮ اﻟﻨـﺎس إﱃ اﻟﻘﺒﻮل ﺑﻤـﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﺼﻤـﻢ ﻣﻮاﻗﻊ ﻓﺮﻧﴘ وﻫـﻮ ﺗﺼﻤﻴﻤﻪ ﻤﻮﻗـﻊ إﻟﻜﱰوﻧﻲ ﻋﲆ اﻟﺸـﺒﻜﺔ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺗﻴﺔ ﻳﺤﻤﻞ اﺳـﻢ »ﻛﻦ ﺑﺨﻴـﻼً« ،ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻷزﻣﺔ اﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻤﻴﺔ وإﺳـﻘﺎﻃﺎﺗﻬﺎ وﺗﺄﺛﺮﻫﺎ ﻋـﲆ ﻃﺒﻮﻏﺮاﻓﻴـﺎ اﻤﺠﺘﻤﻊ .ﻫـﺬا اﻟﻔﺮﻧـﴘ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻣﻦ ﻫـﻮ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﻄﺎﺋﻲ ،وﻟﻢ ﻳﻤﺮ ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ »اﻟﺠﻮد ﺑﺎﻤﻮﺟـﻮد« أو »أﻧﻔﻖ ﻣﺎ ﰲ اﻟﺠﻴﺐ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻐﻴﺐ«. ﺻﻤﻢ اﻤﻮﻗﻊ ﻟﻴﻜﻮن أﻫﻢ أﻫﺪاﻓﻪ ﻫﻮ إرﺷﺎد اﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻦ إﱃ اﻟﺴـﺒﻞ اﻤﺘﻮﻓﺮة ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﻣﻦ ﻏﺮ ﺗﺒﺬﻳﺮ وﻣـﻦ ﻏﺮ ﺧﺠﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺮ ﺑﺎﻟﺒﺨـﻞ اﻟﺬي اﻋﺘﱪه رواد اﻤﻮﻗـﻊ ﻣﻴـﺰة إﻳﺠﺎﺑﻴـﺔ ﰲ ﻇـﻞ ﻇـﺮوف ﻫـﺬه اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳـﺔ .ﻛﻤـﺎ ﻳﺘﻴﺢ اﻤﻮﻗـﻊ ﻟـﺮواده اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﻴﺸـﺘﻬﻢ ﻧﻔﺴـﻪ ﻟﻜﻦ ﺑﻜﻠﻔﺔ أﻗﻞ ،ﻓﻴﻤﻜﻨﻬﻢ ﴍاء ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻬﻴﻪ أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻤﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﻦ اﻷﺳﻌﺎر واﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ اﻤﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﺴﻮق اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ ﺳـﻌﺮا ً إﺿﺎﻓﻴﺎ ً ﻋﲆ اﺳـﻤﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪﻫﻢ اﻹرﺷﺎدات اﻤﻮﺟﻮدة ﰲ اﻤﻮﻗﻊ ﻋﲆ اﻟﱰوﻳﺢ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻗﻀﺎء ﻋﻄﻼﺗﻬﻢ اﻷﺳـﺒﻮﻋﻴﺔ ﻛﻤـﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻌﻠﻮن دوﻣﺎ ً ﺳـﻮا ًء ﰲ اﻤﻨﺘﺠﻌﺎت أو أﻣﺎﻛـﻦ اﻟﱰﻓﻴﻪ اﻤﻨﺘﴩة ،وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ ً ّ ﺑﺘﺨﺮ أﻗﻠﻬﺎ ﺗﻜﻠﻔﺔ وأزﻫﺪﻫﺎ ﻗﻴﻤﺔ. وأﻫﻞ اﻤﺪن ﰲ اﻟﺬﻫﻨﻴـﺔ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﺑﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﺑﺨﻞ، وﻳﺤﻔـﻮن ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ اﻟﻴﻮﻣﻲ ﺑﻜﺜﺮ ﻣـﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﺗـﺆدي إﱃ اﻟﺠﻔﺎء وﻋـﺪم اﻤﻮدة .ﻫﺬا اﻟﺨـﻂ اﻟﻌﻤﲇ ﰲ اﻟﺘـﴫف اﻟﺮﺷـﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋـﲆ ﻣﺪﺧﻼت ﻣﺤﺪدة ﺗﻌﺘﻤـﺪ ﰲ ﻏﺎﻟﺒﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺮﺗﺒﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﰲ وﻗﺖ ﻣﻌﻦ ،ﻟﻢ ﻳﻐﺮﻫـﺎ اﻧﺘﻘﺎد أﻫﻞ اﻟﺮﻳﻒ اﻟﺬﻳـﻦ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﰲ رزﻗﻬﻢ ﻋـﲆ اﻟـﺰرع وﻧﻤـﺎء اﻟـﴬع .إﻻ ّ أن أﻫـﻞ اﻟﺮﻳﻒ اﻵن ﻣﺜـﻞ ﻏﺮﻫﻢ ﻳﺘﺄﺛﺮون ﺑﻤﺎ ﻳﺠـﺮي ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ أزﻣﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳـﺔ؛ ﻷﻧﻬـﻢ وﻛﻤـﺎ ﻳﻘﺎل ﰲ أﻏﻠـﺐ اﻟﺘﴫﻳﺤﺎت ﻋﻦ اﻷزﻣـﺔ «:ﻏﺮ ﻣﻌﺰوﻟﻦ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻳﺠـﺮي ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ«. إﻻ أﻧّﻪ ﺳـﻴﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﺟﻤﻞ ﻟﻮ دُﺷﻦ ﻣﻮﻗﻊ آﺧﺮ ﻳﺤﻤﻞ اﺳـﻢ َ »اﺑﻖ ﻛﺮﻳﻤﺎً« ﻟﻨﻄﻤﱧ ّ أن ﻫﻨﺎك ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻹﻧﺴـﺎن ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻻﻟﺘﻔـﺎت إﱃ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻫﺬه اﻟﺨﺼﺎل اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ رﻏﻤﺎ ً ﻋﻦ أﻧﻒ اﻷزﻣﺔ اﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻤﻴﺔ.
رأي
اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺤﻮار ُّ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ.. وﻣﺤﺎوﻻت ﺗﻌﻄﻴﻠﻪ
ﺗﺪﻳـﺮ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻤﺠﺘﻤـﻊ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨـﻲ ﺣﻮارا ً ﻣﻨﺬ أﺷـﻬﺮ ،ﺑﻐﻴﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺣﻠﻮل ﰲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻤﺠﻤﻮﻋـﺎت ﺗﴫﱡ ﻋـﲆ ﺧﺮق ﻫـﺬا اﻻﺻﻄﻔﺎف واﻟﻠﺠﻮء إﱃ اﻷﺳـﺎﻟﻴﺐ اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻈﺎﻫﺮات وﺗﺠﻤﻌـﺎت داﺋﻤـﺎ ً ﻣـﺎ ﺗﻨﺘﻬـﻲ ﺑﺄﻋﻤـﺎل ﻋﻨـﻒ وﺗﺨﺮﻳﺐ ﻻ ﺗﻌﻮد ﻋﲆ اﻟﻮﻃﻦ إﻻ ﺑﺨﺴﺎﺋﺮ. ُ وأﺣـﺪث ﻫﺬه اﻷﺳـﺎﻟﻴﺐ اﻟﺘﻲ ﻟﺠـﺄت إﻟﻴﻬﺎ اﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻤﻐﺮدة ﺧﺎرج اﻟﺼﻒ ﻛﺎن اﺳـﺘﻠﻬﺎم ﺗﺠﺮﺑﺔ »ﺗﻤـﺮد« ﻣﻦ ﻣﴫ ،وﻣﺤﺎوﻟﺔ إﻛﺴـﺎﺑﻬﺎ ﻧﻜﻬـﺔ ﺑﺤﺮﻳﻨﻴـﺔ ﻋـﱪ دﻋـﻮة ﺑﻨـﻲ وﻃﻨﻬﻢ إﱃ
اﻟﺘﻈﺎﻫـﺮ ﺿﺪ اﻟﺴـﻠﻄﺎت ﰲ 14ﻣﻦ أﻏﺴـﻄﺲ اﻤﻘﺒﻞ اﻤﻮاﻓﻖ اﻟﺬﻛﺮى اﻟـ 42ﻻﻧﺴـﺤﺎب اﻟﻘﻮات اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴـﺔ ،وﻫﺬا ﻳﻮ ٌم ﻋﺰﻳـﺰ ﻋﲆ ﻛﻞ ﺑﺤﺮﻳﻨﻲ، ﻳـﻮم ﺗﺤﺮﻳـﺮ اﻟﻘـﺮار اﻟﻮﻃﻨـﻲ ﻣـﻦ إﻣـﻼءات اﻟﻘـﻮى اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،وﻳﻮم ﺑـﺪء رﺣﻠﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،وﻟﺬا ﻻ ﻳﺒﺪو ﺗﺤﺪﻳﺪه ﻛﻤﻮﻋ ٍﺪ ً ﻟﻠﺨـﺮوج ﰲ اﺣﺘﺠﺎﺟـﺎت ﺧﻴﺎرا ً ﻣﻮﻓﻘـﺎ ً ﺧﺎﺻﺔ أن اﺳـﺘﻠﻬﺎم اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻤﴫﻳﺔ -اﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺷﻜﻼً وﻣﻀﻤﻮﻧﺎً -ﻳﻌﺪ ﰲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﺧﻄﻮ ًة ﺗﺜﺮ ﻋﻼﻣﺎت اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم. إن اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ اﺧﺘﺎرت ﻣﺴﺎرﻫﺎ» ،إﺻﻼحٌ ﻳﻤﺮ
ﺗﺤﻘﻴـﻖ اﻟﻮﻓـﺎق وﺗﻔﻌﻴﻞ ﻣﻘﱰﺣـﺎت اﻹﺻﻼح، وﺑﺎﻟﺘـﺎﱄ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻒ اﻟﺨـﺮوج ﻋﻨﻪ اﻵن ،وﺑﻌﺪ أن ُﻗ ِﻄﻌَ ﺖ ﻓﻴﻪ أﺷـﻮا ٌ ط ﻣﻬﻤﺔ ،ﺑﻤﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺨﺮق ﺣﺎﻟـﺔ اﻻﺻﻄﻔﺎف ،ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﴬ ﺑﻮﺣﺪة اﻤﺠﺘﻤﻊ، وﻳﺆﺛﺮ ﺳـﻠﺒﺎ ً ﻋﲆ اﻤﺒﺎدرات اﻟﺘـﻲ اﺗﻔﻖ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﲆ اﻷﺧﺬ ﺑﻬﺎ. وﻟﻌﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ وزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺒﺤﺮﻳﻨﻴﺔ أﻣﺲ ﻋـﲆ ﴐورة ﻋﺪم اﻻﺳـﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻬـﺬه اﻟﺪﻋﻮات، وﻋﲆ أن ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﻴﺸﺎرك ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻴﻌﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﻌﻘﻮﺑـﺎت ،ﻳﻌﻜـﺲ إﴏار اﻤﻨﺎﻣـﺔ ﻋﲆ إﻧﺠﺎح اﻟﺤﻮار اﻟﻮﻃﻨﻲ ،وﺣﻔﻆ اﻟﺴﻠﻢ واﻟﻨﻈﺎم.
17