10
العدد ( - )220الثالثاء 3ني�سان 2012
ثقـافـة
حتية جاري ِّ امل�سن .. وخيط النمل الأحمر جا�سم بديوي
ٌ عارية يا �صغير ثيابك و�أنت ممزق ف�أين الدالل ؟ ان ال�صباح قريب ونارك ممطرة بالحوا�س م�شاك�سة همهمات البقية بقرب اختناق الثواني بحبل "الم�ضيف" ال�سمين *** لأن ال�سكوت يحب الكالم الكثير ُّ كثيرا تعودت �صحبة عمك حين ُّ يحل ال�شتاء لت�س�أل بع�ض الكبار : اال من يجيب واعطيه نملة اال من يدبر لي حيلة للفطام طويال *** وهل من ُّ إلي يدل رجوعي � َّ ويو�صلني حفلة الرمل قبل طلوع المحاجر ومن ذا يعيد تحية جاري الم�سن لأبد�أ قبله . . . ٌ عارية يا �صغير ثيابك و�أنت ممزق وكفك حبلى وخبزك بائت وبئر لما ت�شتهي ال يفيد . . . . *** اال من يزوِّج كفي وله ما عليه وي�أخذ نمله اال من يفرق تلك الو�ساو�س عني واجمع �شمله وم�����ن ذا ي���ف���خ���خ ع��م��ر ال�صحارى فافعل مثله . .
No.(220) Tuesday 3, April, 2012
عفيفة لعيبي � ..شهرزاد احلكاية يف الفن الت�شكيلي العراقي املعا�صر ()2 – 2 جا�سم املطري
ت �ح��ت ب �� �ص��ري ف��ي ه ��ذه ال�ل�ح�ظ��ة لوحتها المر�سومة حديثا ب�ع�ن��وان ( محنة حواء الأبدية ) تليها لوحة (ت�سا�ؤالت) وت�سبقها ل��وح��ة (ال��رج��ع ال�ب�ع�ي��د) .ال�ل��وح��ات الثالث تج�سد �صورا ذهنية مختلفة معبرة عما هو واق��ع وم��وج��ود ومو�شوم ف��ي وج��ه المر�أة العراقية المعا�صرة .هذه اللوحات الثالث تحمل �شيئا كبيرا من االفتنان الفني والقدرة االغ��رائ�ي��ة الخت�صار �شبهها بال�سيدة ليزا المنطلقة ابت�سامتها الغام�ضة بري�شة الفنان العالمي دافن�شي في زمان كانت فيه القارة الأورب�ي��ة تنطلق ب�إن�سانها ،رج��اال ون�ساء، للتحرر من الإقطاعية ودخول مجتمع الحرية الر�أ�سمالية .لوحة �أو لوحات الفنانة عفيفة نجد فيها لغة فاعلة �صامتة لكنها لم تحمل �صمت الموناليزا .لوحاتها تنطق �أ�شياء كثيرة م�سموعة تعبر فيها بكثافة مذهلة ب��إي�ق��اع مترابط م��ع ال��واق��ع ال�ع��راق��ي حيث ت�شتبك المعرفة وال��ر�ؤي��ة ف��ي عيون ن�ساء لوحاتها كلها بما فيها اللوحات الحا�ضرة فيها ن�ساء �ألف ليلة وليلة ( عقد الل�ؤل�ؤ �ص )109و (الناي �ص )92و( الأر�ض �ص ) 78 و(�سجن الن�ساء �ص .)60 ل�ست ن��اق��دا فنيا وال دار� �س��ا ت�شكيليا لكن قراءاتي العينية للوحاتها قربتني لمقا�صدها ال�سيميولوجية في زم��ن العولمة وهيمنة النظام الر�أ�سمالي .لو كنتُ �شاعرا لنظمتُ ق�صيدة جميلة حول ذلك الترابط في المعنى ال �م��ر� �س��وم ف��ي ع �ي��ون ال�ن���س��اء ف��ي لوحات عفيفة لعيبي .ل��و كنت �سينمائيا ل�صنعت م��ن تجاربها اللونية م�ع��ارف وط��اق��ات عن كنهِ وج��ود ال �م��ر�أة في �أل��وان عفيفة لعيبي وق ��وة ر��س��وم��ات�ه��ا ور��ص��ان�ت�ه��ا .الآن �أجد نف�سي م�ضطرا لت�سجيل حالة �إعجاب بحركة الري�شة الباهرة التي حملتها �أنامل عفيفة لت�صب ف��ي عيون م�شاهدي حقيقة الواقع العربي – الإ��س�لام��ي ال��ذي يق�صي المر�أة نحو الوحدة كما في لوحة (الوحدة �ص 76 ) ونحو القنوط كما في لوحة (ال�صمت �ص ، ) 71ونحو الك�آبة كما في لوحة (ال�شهيد �ص ) 63ونحو المعاناة كما في لوحتي ( الأم �ص 67وحلبجة �ص ) 73و لتحجب عن وجهها ابت�سامتها المنكم�شة �أو الخائفة .لكن ري�شة عفيفة لعيبي ل��م ت�ست�سلم ،ال كفنانة وال ك��ام��ر�أة ،بل �أنها ت��رى م�ستقبال زاهرا عامرا بدور المر�أة الحقيقي في الحياة .تبد�أ بالت�أمل الحركي لوحة (الت�أمل �ص 69 ) منطلقة باتجاه القمر الأحمر وهي تعزف �أن�شودتها كما في لوحة (القمر الأحمر �ص ) 75منطلقة نحو الأم��ان��ي كما ف��ي لوحة (� �س��اح��ة ال�ت�م�ن�ي��ات) ت�ط��ل منها ع�ل��ى نقطة بعيدة كما في لوحة (المو�سيقى المتجولة �ص ) 159ولوحة (الفرا�شة البي�ضاء �ص )153و(الماندولينو �ص )115و(الع�صفور الذهبي �ص )110وغيرها من اللوحات. الوجود الحقيقي في لوحات عفيفة عن المر�أة هو وج��ود ح�ضاري �إن�ساني عالمي مقارنة بكثير من �إعمال فنانين عالميين .ال �أخ�شى م�سئولية القول وال �أتردد ب�أن ال�ضبط الفني لعفيفة لعيبي لي�س فيه كثير لهث لكن فيه كثير
جهد وكثير من الح�سا�سية المتدفقة ،تجعل الكثير من لوحاتها قريبة جدا من موناليزا دافن�شي ،مثلما ه��ي قريبة ج��دا م��ن �صوت �أم كلثوم ال�صارخ بمعاناة ال�م��ر�أة العربية وا�شكالياتها في الحياة الداعية �إلى حريتها والى ك�سر قيودها و�إطالق يديها. ت�سارع حركة فر�شاة عفيفة لعيبي ودقتها اللونية التعبيرية لإب�ع��اد الم�شاهد عن كل ن ��وع م��ن �أن � ��واع ال �ه��واج ����س ف �ق��د و�ضعت هذه الفنانة جهدها الرئي�سي في عملها عن المر�أة العراقية -ال�شرقية وعما تواجهه في حياتها دافعة الم�شاهدين لي�س فقط �إلى تلقي قلوبهم المفتوحة لأعمال فنية ت�سجل موهبة �أك��ادي�م�ي��ة رف�ي�ع��ة الم�ستوى تحمل منافع �إن�سانية لق�ضية المر�أة بثورية مـ ُ ّرة ٍ ممتزجة ب��ال�ف��ن الت�شكيلي ،ب��ل داف �ع��ة الم�شاهدين والمتلقين �إلى البحث عن �أ�سباب ما تواجهه من دون تغليب اللون التجاري �أو الدعائي في حركة �ألوانها وفر�شاتها ومو�ضوعاتها. غايتها الرئي�سية هي خلق الجدل المبا�شر بين اللوحة والم�شاهد كما في لوحة (ن�ضوج فاكهة �شجرة الم�شم�ش) حيث نجد ال�شجرة والمر�أة مثاليين في لقائهما المن�سجم بالنقاء وبالن�سغ الحامل لأمل ج�سدته �أنامل الفنانة عفيفة لعيبي ب�ح��رك��ة م�ت��وه�ج��ة ب��الإب��داع المحمول بيد الإرادة والقوة وهي تخاطب نف�سها و�إن�سانيتها بهدوء �سيرتها الذاتية في لوحاتها� .إنني ا�سمعها ت�صرخ بهدوء � :أيتها ال�م��ر�أة العراقية كوني م��وج��ودة في داخل الوعي والتنظيم والتكامل واالندماج بحركة التغيير. لم تقلد عفيفة لعيبي كينونة فن البورتريه
بر�سم الوجوه الآدم�ي��ة بما يك�شف م�آ�سيها �إنما ابتدعت طريقتها الخا�صة المتميزة في البورتريه فقد �شكلت بر�سومات �شخ�صياتها االفترا�ضية تطورا جديدا مذهال في العالقة النف�سية – الداينميكية بين وج��ه المر�أة ال �ع��راق �ي��ة ف��ي ل�ح�ظ��ة م��ن ل�ح�ظ��ات الحركة وال�سكون مع عالمة متج�سدة �أخرى بمعنى من المعاني ( البرتقال ..الر�ضاعة ..الباليه )..مطورة بذلك فن التعبير ال�سيميائي �أي�ضا بنوع جميل من �أنواع الترميز غير الفرويدي حين تدفقت فر�شاتها ب��ر�ؤي��ة مترابطة بما يجول ح��ول ال �م��ر�أة وق��د نجحت تماما في تطوير التعبير الت�شكيلي وجعله �أداة من �أدوات المتلقي ف��ي ت ��أوي��ل معاني اللوحة ال��واح��دة ب��ل يمكنني اال�ستنتاج �أن عفيفة لعيبي حققت بمنجزها الإبداعي المدون في كتابها ما يلي : - 1جعلت من اللوحة لغة في التعبير قادرة على التفاعل لي�س م��ع المتلقي ب��ل م��ع ما يحمله في عقله من عالمات اجتماعية تتعلق بالمر�أة. � - 2أوج���دت ف��ي لوحاتها ع�لاق��ة ترابطية ذات طبيعة رمزية بواقع ال�م��ر�أة العراقية ومجتمعها. - 3رفعت الكفاءة الذهنية عند م�شاهدي لوحاتها لالقتراب لي�س م��ن �أب�ع��اد اللوحة ال�ف�ن�ي��ة ح �� �س��ب ،ب��ل م��ن � �س �ي��اق��ات ال��واق��ع االجتماعي كله. يا للروعة ..كم كانت ري�شتها جريئة وهي تر�سم لوحة �س ّمتها (عذراء زهرة البرتقال) تحمل على تفا�صيل وجهها ��س��ردا �شفويا يتطابق بين حالين ،حال البرتقال النا�ضج
�إ�صدارات
بغداد زعيم الن�صار جليل حيدر
في زيارتي لبغداد وجدت هذا الت�أكيد مع "مخطوطة الألم" لكريم �شغيدل، و"رماد الذاكرة " لكاظم الوا�سطي، وح�����س��ام ال� ��� �س ��راي ف ��ي ق�صيدته "بابيت" وه��ادي يا�سين في"رجل، وحيد"و�سهيل نجم "ال جنة خارج النافذة"ومحاولة ه��ادي الح�سيني ب��الإح �ت �ف��اء ب ��أ� �ص��دق��ائ��ه ف��ي "رجال م��ن ق�صب" ،ومحمد تركي الن�صار باجتهاداته اليومية ،وح�سين علي ي��ون����س ،ون�صير ف�ل�ي��ح،وع�ل��ي عبد الأم� �ي���ر ع� �ج ��ام ،و�آخ� ��ري� ��ن منعهم التوا�صل وغياب دور التوزيع للكتاب العراقي� ،أن ي�صلوا .رغم انهم في لغة الأدب لهم مكانة في التجربة والقلب.
ن��ادرا ما يخرج الن�ص ال�شعري في العراق ،عن �إيقاعه الثقافي المّر ،ذلك �إ ّنه محت�سب ،كعالمة ٍ مميّزة ٍ � ،سهلة التب�سيط في الر�ؤية النمطية ،التي درج على اقتراحها� ،شاعر � ،أو ناقد غير عراقي. � ّإن الفكرة العامّة عن الن�ص العراقي، جنائزية ،تلك التي ي�صفونها" هناك" ب��ال �ح��زن ،وم �ب��ال �غ��ة الأ�� �س ��ى ،وفي تعبير �أقل احت�شاما ،بالمونولوجية الرثائية ،م�ستعينين ب�صدى �صحفي �شائع الخفة وال�ت��ردي��د ،ين�سب �إلى م�أ�ساوية خ�صبة تحال �إل��ى تاريخ عميق ،ربما يبد�أ من مراثي كلكام�ش من هو الهام�ش ومن هو لأن��ك��ي��دو ،وال ي�ن�ت�ه��ي ب�إحباطات املركز؟ الإيديولوجيا. ل�ك��ن� ،أ ّك ��ل م��ا ف��ي ال�شعر العراقي� ،أق��ر�أ �شعرا يفلت من تلك النمطية- ه��و ه ��ذا ال�ت�ب���س�ي��ط ال� ��ذي تتبناه ال�ت�ه�م��ة ،رغ��م حمولته ال�ب��اذخ��ة من ق� ��راءات متعجلة ،ت�سعى لتكوين الأ��س��ى ،بغ�ضب ،وال�شجن ،ب�إعادة ت�صور ع��ن �شعرنا ،وف��ق " نظرية" قراءة الراهن ،والخيال ،بانزياحاته المركز والهام�ش؟ ماذا ت�صنع الآراء ال���ص��وري��ة وال �ل �غ��وي��ة ،وباقتراحه ال�شفاهية ،والتناقل الببغائي في الجمالي الخا�ص .هكذا قر�أت �إحدى ال�سائد من التعبير في �صحافة ٍيومية ق���ص��ائ��د ال �� �ش��اع��ر ال �م��وه��وب زعيم محبرتي،على كل �صارية لي وب�ساط، تدعي النقد؟� .أي��ن ن�ضع �أب��ا ن�ؤا�س ال�ن���ص��ار ،ب�ت��دف��ق ��س��رده��ا اللغوي ،ف��ي �أك���واخ ال �ق��رى وت�ح��ت �س�ؤالي، بكل م��رح��ه ون �ق��ده ال �ث��وري ،مقابل وال �ك �ت �ل��ة ال �ن �ث��ري��ة ال� �ح���رة ،وتلك في قلمي وفي ورق��ي ،في بيتي وفي ت���س��ري��ب الإدع�� ��اء ب��ال �ح��زن المعتم الحرارة في انتمائها �إلى بغداد ،ليعيد ��ص�ح��رائ��ي ،منها اخ�ت�ب��أت و�أغلقت للمدينة� ،أفقها المفقود ،وهي ت�صارع ال �ن �ه��ار ،ف��ي ح �� �ض��وري المك�سور لل�شعر العراقي؟. جمعت رمادها ،و�ضعته في قارورة �إن ت�أثير ال�شعر العراقي ممتد ،من وجودها. ودفنته ،دفنته ف�أحمرت ال�م��ر�آة في �أبي ن�ؤا�س والمتنبي ،وحركة الريادة عيني ،ق��ر�أت كتابها فنع�ست�.شربت والتجديد ،مع ال�سياب والبياتي وبلند ن�صار... زعيم ق�صائد: ّ فحيح حياتها ،للأفعى والغراب. ون� ��ازك ،ح�ت��ى م�لائ�ك��ة ال�ستينيات، نعا�س الكتاب في الحديقة تركت �أع�شابها ،اتك�أت و�سعدي يو�سف ،ولي�س انتهاء ب�أحد من هذه الكوكبة المنتجة ،التي تخلق �صورتها ف��ي ال�شم�س وف��ي القمر ،على ارث ك��وارث�ه��ا،ز ّي�ف��ت الغ�صون تراكماتها النوعية في كتابة ق�صيدة على الحـ�صير والجدار ،في �ساعتي ولم �أهتد لجذروها�،أنا مالكها نع�س وفي طين اللغة،على رمل وقتي وفي الكتاب بين طياتي فنمت ،اختفيت النثر.
في �أ�شجارها ،في �أخطاء قلبها ،في خوفها ،دخلت كهفها ونمت ،يحطيني � �ص �م��ت ك�لام �ه��ا ،وب �ج��رائ �م��ي على ال�شا�شات �أحيطـها� ،سوّ رتـها ب�أ�سالكي ال�شائكة ،ر�سمتـها ومحوتـها من على �سطح الحياة ،قيدتـها بنخيلها و�ضجة �أن �ه��اره��ا� ،أق�ف�ل��ت عيونها الدامعة، وبلهجتها �سحت �أن ��ا مالكـها اعبر ه��ا ق��ري��ة ،قرية حامال كتابها ،ملكة الحروب اغتلتـها،فخخ ّـتـها وم�ضيت �أن�ت�ظ��ر نعا�س كتابها ،منها جرفت ق��ري �ت��ي ،و� �ض �ع��ت ت �ح��ت العجالت �أطفالها ،هي وجحيمها تلتف حولي،
وح��ال ال �ع��ذراء النا�ضجة ،حيث المالمح الإن�سانية م�شحونة بف�ضيلة ن�ضوج البرتقال على ال�شجرة .لي�س بينهما حوار الل�سان لكن بينهما حوار (المطلق) والت�شبع (الن�سبي) ب �ه��واء الطبيعة وب�ت��رب��ة الأر����ض الطيبة . وج� ��دتُ ه ��ذا ال �ن��وع م��ن ال �ع�لاق��ة تج�سيدا لحداثة الحوار بين العذراء والبرتقال في لوحة فنية جميلة ،ب��ل ه��و ن��وع م��ن حوار المقاومة وال�صمود واالنطالق. في غمرة اال�ضطرابات والمد الإرهابي المفزع في العراق عانى منهما الإن�سان العراقي وفي المقدمة المر�أة العراقية .هذا المد الم�ستمر ل�ع�ق��ود م��ن �سيطرة ال�ح�ك��م القمعي لحزب ال�ب�ع��ث ال�ع��رب��ي ب�ق�ي��ادة ال��دك �ت��ات��ور �صدام ح�سين ودول�ت��ه �صورته عفيفة في لوحتها احتراق �أبراج بابل وفي لوحتيها عن حرب الخليج (الطوفان) و(الخراب) .لم تتجه في هذه اللوحة نحو ته�شيم المنظر البابلي �إنما �صورت حب الحاكم الم�ستبد الجبان الهلوع ،حبه لنف�سه ولعر�شه ،حريقا للحياة م�سجلة �أن (بع�ض) مراحل الحياة اال�ستبدادية �أكثر �شرا من (بع�ض) الموت �أو الته�شيم مما جعل لوحتها وثيقة ذات قيمة فنية و�سيا�سية . �أما لوحتها المعنونة (انتفا�ضة) ففيها يرى الم�شاهد حركة براقة للوعي الثوري الفطري فيها دالالت وعالمات تجربة الزمان والمكان القا�سيين في بالدنا .لوحة (انتفا�ضة) جاءت على ي��د عفيفة لعيبي ب�أ�سلوب ف��ن م��ا بعد ال�ح��داث��ة مو�ضحة ديناميكا ال��زم��ان بوجه ال �م �ك��ان ،لي�س ف��ي ال�ل��وح��ة ق��ات��ل وال قتيل وال ��س�ي��وف ،لكن فيها واق�ع�ي��ة ت�صويرية م�ستحدثة عن الفعل ورد الفعل .فيها �سقوط
ونهو�ض ..فيها راية عري�ضة ال تت�شظى.. ب�صورة عامة يمكنني تلخي�ص اكت�شافات عفيفة لعيبي بما يلي : - 1تركيز مهارة ري�شتها وحركتها داخل اللوحة لت�أكيد �أ�صالتها. - 3تك�شف ببالغ الدقة واالت�ساع عن الفكر والعاطفة داخل الإطارين العام والخا�ص في لوحتها. - 4اللوحة عندها محاولة الكت�شاف ذاتها . من هنا جاء عنوان كتابها �أي�ضا. - 5ر�سم �صورة المر�أة هو الحجم الأكبر في �أعمالها. بهذه الأهداف الرباعية تحولت عفيفة لعيبي �إلى �شهرزاد من نوع خا�ص� .شهرزاد ت�شكيلية قدمت �سردها الفني وحكاياتها بخبرة فردية، عار�ضة �إياها لي�س �إلى �شهريار بل �إلى عامة النا�س لإثراء الم�سيرة الفنية العراقية ب�أفكار ومفاهيم فن القيم الجمالية بعيدا عن محاكاة الواقع المجرد م�ستنيرة بقول اندريه مالرو �( :إن المحاكاة هي اكبر عدو للفن) ،بل �أنها انطلقت م��ن جاذبية الواقعية الكال�سيكية في القرن التا�سع ع�شر بتوازن مع �أ�ساليب ال�ح��داث��ة ف��ي �أواخ���ر ال �ق��رن الع�شرين وما بعده ،وهو توازن ال يخلو من مغامرة ناجحة خلقت لها وللت�شكيل العراقي كله قفزة وا�سعة الخطى ال ي�صنعها غير الفنانين المهرة .وقد ا�ستطاعت عفيفة لعيبي �أن تك�شف بلوحاتها عن �أعماق المر�أة العراقية والعربية ببراعة الفن الحديث وابتعادها التام والكلي عن (الع�شوائية اللونية) التي يقع �ضحيتها كثير من الفنانين العراقيين ال�شباب با�سم الحداثة مع الأ�سف. اليوم في وقت نجتمع هنا ،نحن البعيدين عن وطننا الأم ،من�شغلين بق�ضاياه المعقدة وبق�ضايا ا�ستمرار ا�ضطهاد المر�أة العراقية ف�أننا ال ن�ألو جهدا في توجيه الدعوة الوطنية – الح�ضارية المخل�صة في اعتبار لوحات عفيفة لعيبي ثروة ثقافية – فنية – وطنية ينبغي الحفاظ عليها لما تحمله من كم ٍ معرفي كبير �آملين م��ن جميع منظمات المجتمع ٍ ٍ المدني المعنية بحقوق ال �م��ر�أة وال�ف��ن �أن تهتم بت�أ�سي�س مركز فني حيوي في مدينة بغداد �أو الب�صرة با�سم (مركز عفيفة لعيبي للتبادل الفني) ليكون ن��اف��ذة عراقية تطل على العالم ت�ضم لي�س منتجها ح�سب ،بل ابرز ما �أنتجته �إبداعات الفنانين العراقيين في الغربة والمنافي ال�ستعادة روح االنفتاح وقيم الحوار الفني والإن�ساني وخلق بيئة ثقافية مالئمة لتطوير واقع المر�أة العراقية. �أخيرا ولي�س �آخرا ينبغي �أن يكون فن عفيفة لعيبي في اخت�صا�صها بفن الجداريات مركزا حيويا م�شعا للتفاعل الثقافي – الفني حول المر�أة �أرى �ضرورة تعاون جميع المنظمات الن�سائية العراقية في �إقناع الجهات العراقية الم�سئولة في بغداد تحميل �إحدى �ساحاتها �أو �شوارعها الرئي�سية بجدارية كبرى عن ال�م��ر�أة العراقية تر�سمها وت�ؤ�س�سها ري�شة الفنانة عفيفة لعيبي لتكون جدلية �شامخة عن ال�م��ر�أة العراقية تعلو في �سماء بغداد كما تعلو فيها جدلية الحرية ،جدارية جواد �سليم. �أرج��وك��م �أيها الم�ستمعون �أيها القراء �أيها ال �ف �ن��ان��ون ال �ع��راق �ي��ون �أي �ه��ا الم�س�ؤولون الر�سميون مجدوا �شهرزاد الفن الت�شكيلي العراقي عفيفة لعيبي.
�سكبتـها في �ساحة الحرب ،و�صببت الزيت على نارها ،ن�سختـها وم�سختـها في قلبي ،ن�سيتـها تلتهب� ،أنا مالكها ن�ع����س ال �ك �ت��اب ب�ي��ن ط�ي��ات��ي فنمت، �أحجارها الكريمة كثيرة فذبحت ن�سر حياتها� ،سكتّ على تقطيع �أو�صالها، تنف�ست دخ��ان دم�ه��ا ،نثرت �شظايا ل�ح�م�ه��ا� � ،س��ررت ب ��إب��ادت �ه��ا ،حفرت م �ق��اب��ره��ا،اج �ت��ذب��ت ذئ��اب �ه��ا ،كتبت ملخ�ص موتها ،قبل �إنجازه ا�ستبد بي النعا�س ،لي�س �أمامي خيار في حياة قفلتـْها مفاتيح الخرافة ،قفلتْ علي ّ بابها ،م�صيبة خفيـّـة تحت ثيابها، بالدي ا�سود كتابها. فتيـّة كبروا في �ساحة الكهف،نكرات �شربوا دم الن�سيان ....ن�سوا الأرامل والأطفال ،الرياح والأ�شجار ،الكلمات والكواكب ،ال�شهور والأحالم� ،أذعنوا للجنون� ،ساروا على �أطراف ال�سماء، تركوا �آثارهم :اللحى ،والمحاب�س، وال�م���س��اب��ح ،والأق� �ف ��ال ،و�إ���ش��ارات �أ�صابعهم في ال�ه��واء ،دخلوا حفرة ف��ي ال �� �س �م��اء ،ن��ام��وا ��س�ن�ي��ن فف ّرت م��ن قلوبهم الطير ،ق�ي��ل� :سبعة هم �أوخم�سة �أو ثالثة �أو الكلب.عثرت على �أوراق�ه��م ،ال �أح��د ،ك��ان يتلطف، ولم يم�ش على جروف الحذر،لم تكن دموعهم نجوما ،وال محابر عندهم ل�ل�أم��ل ،لبثوا في حفرتهم ال��ى الأبد ولم يكن معهم الكلب �أو الطير. �أنا مالك البالد �أجتزتـها قرية ،قرية، ح�ت��ى ج ��اءت عا�صفة � �،س��وداء على مخبئي ،لم تكن �أجنحتي م�ست�سلمة، �أمطرها ب��ذوري� ،أمطر روحها على بالد النار ،ب�أمل عنيد �أرفرف و�أمطر، �أرف��رف و�أمطر ف��وق �أغ�صان ال�شك، تتوقف ال�ن��ار و ت�ب��رد ،فيختفي ولم يف�ض كتابها الأ�سود.
ّ احلب والإبداع واجلنون :درا�سات يف طبيعة الكتابة الأدب ّية بغداد -النا�س
�صدر ع��ن دار الثقافة ف��ي الدار البي�ضاء ،كتاب جديد للدكتور الحب علي القا�سمي بعنوان " ّ والإبداع والجنون :درا�سات في طبيعة الكتابة الأدبية" ،ويقع في 256من القطع المتو�سط. ي���س�ت�ط�ل��ع ال� �م� ��ؤلِّ � ُ�ف مو�ضوعَ ال� �ك� �ت ��اب ف ��ي �أع � �م� ��ال ع� ��دد من ال �م �ب��دع �ي��ن ال� �ع ��رب وه � ��م :مي زي��ادة ،عبد الكريم غالب ،جمال الغيطاني� ،أدوارد �سعيد� ،صالح ج� ��واد ال �ط �ع �م��ة ،ع �ب��د الرحمن مجيد الربيعي ،محمد ع ّز الدين التازي� ،صم�ؤئيل �شمعون ،بهاء الدين الطود ،فريد الأن�صاري، عبد الإل ��ه بنعرفة ،عبد القادر الجمو�سي ،فوزية العلوي ،وداد بنمو�سى� ،إكرام عبدي. ي ��دور ال�ك�ت��اب ح��ول محورين: المحور الأوّ ل ،ال�ح� ّ�ب بو�صفه حافز ًا ومح ّرك ًا للإبداع الأدبي، حب الإله �سواء �أكان هذا الحب َّ ُّ �أم ح� ّ�ب الب�شر ،ح� ّ�ب ال ��ذات �أم حب حب الوطن �أم ّ حب الآخ��رّ ، ّ حب ال�ط�ب�ي�ع��ة ،ح � ّ�ب ال�ف�ك��ر �أم ّ الكتابة نف�سها .والمحور الثاني، القا�سم الم�شترك بين الإب ��داع والجنون ،وكيف ي���ؤدّي الأوّ ل �إلى الثاني ولي�س بالعك�س. ي �ت �ن��اول ال �م ��ؤلِّ��ف ال �ع�لاق��ة بين الإب � � ��داع وال��ج��ن��ون م ��ن حيث ال �م��اه �ي��ة وم ��ن ح �ي��ث ال�سبب. فماهية " الإب ��داع " هي القدرة ع�ل��ى ت�خ� ُّي��ل ه�ي��اك��ل �أو عالقات
جديدة تتجاوز الواقع وتختلف ع���ن ال� �م� ��أل���وف وال� �م� �ع ��روف. وماهية " ال ُّذهان" ،وهو نوع من الجنون ،يتجلى في ا�ضطرابات عقلية ي�ن�ت��ج ع�ن�ه��ا اخ �ت�لال في �شخ�صية ال �ف��رد بحيث يُ�صبح ع ��اج ��ز ًا ع ��ن ال �ت �ك � ُّي��ف لواقعه ومجتمعه� ،أو تنقطع �صلته بهما. وبعبارة �أخرى ،ف� ّإن الجنون يبد�أ من حيث ينتهي العقل المرتبط بالواقع ،ويبد�أ الخطاب الأدبي حيث ينتهي الخطاب الواقعي. وكال الجنون والأدب يقوم على الخيال ويعمل على ك�شف الوهم في قلب الواقع. وي � ��ورد ال� �م� ��ؤلِّ ��ف ن �ت��ائ��ج �آخ ��ر الأب �ح��اث الطبية البيولوجية التي ت�شير �إلى �أن ال ُّذهان ت�سبّبه م ��ورِّث ��ات (ج �ي �ن��ات) تنتقل من الأبوين �إلى الطفل ،و�أن ال�سمات ال ُّذهانية هي العن�صر الأ�سا�س في الإب ��داعّ . ويلخ�ص درا�سات �أُجريت على مجموعة كبيرة من
الأدباء في الغرب ،ووجد �أن 56 %منهم يُ�صاب باالكتئاب على حين يُ�صاب به % 14فقط من غير الأدباء ،و�أن % 17منهم يدمنون على الكحول وال�م�خ��درات على ح �ي��ن ت�ن�خ�ف����ض ه� ��ذه الن�سبة �إل��ى % 5فقط بين غير الأدب��اء، و�أن % 21,5ق��د �أق��دم��وا على االنتحار ،و�أن % 33,3منهم قد �أُدخلوا الم�ست�شفيات للعالج من ا�ضطرابات نف�سية وعقلية. ولمّا كان الكتاب في مجال النقد، ف � �� ّإن ال �م ��ؤلِّ��ف يب�سط ل �ن��ا ،في مقدمة الكتاب ،نظرته �إلى النقد الأدبي بو�صفه در�س ًا في عنا�صر العملية التوا�صليّة المكوَّ نة من: ال� ُم��ر�ِ��س��ل (ال �ك��ات��ب) ،والر�سالة (ال �ن ��� ّ�ص الأدب�� � ��ي) ،وال�سياق (م��و� �ض��وع ال �ن ��� ّ�ص) ،وال�شفرة (لغة الن�ص وقواعدها) ،وقناة االت�صال (الحا�سوب ،الراديو، الكتاب ،)..،والمتل ّقي (القارئ، ال�م���س�ت�م��ع .)..،و�إذا ك��ان��ت ك ُّل م��در��س��ة م��ن ال �م��دار���س النقديّة ال�م�ت�ب��اي�ن��ة ت� ��ؤ ّك ��د ع �ل��ى عن�صر م��ن ه ��ذه ال�ع�ن��ا��ص��ر وتمح�ضه عنايتها ،ف�� ّإن الدكتور القا�سمي يرى �أن النقد الأدب��ي الجيّد هو الذي ي�أخذ بجميع تلك العنا�صر، و� ّأن وظ �ي �ف��ة ال �ن �ق��د ف��ي البالد العربيّة التي تكثر فيها الأميّة ّ ويقل فيها الإقبال على القراءة، هي م�ساعدة القارئ على تذوّ ق ّ والفن َمواطن الإب��داع والجمال الن�ص ،و�إعانته والمعرفة ف��ي ّ على الإل�م��ام بمُجمل م�ضمونه، وترغيبه في اقتنائه.