alnaspaper no.220

Page 10

‫‪10‬‬

‫العدد (‪ - )220‬الثالثاء ‪ 3‬ني�سان ‪2012‬‬

‫ثقـافـة‬

‫حتية جاري ِّ‬ ‫امل�سن ‪..‬‬ ‫وخيط النمل الأحمر‬ ‫جا�سم بديوي‬

‫ٌ‬ ‫عارية يا �صغير‬ ‫ثيابك‬ ‫و�أنت ممزق‬ ‫ف�أين الدالل ؟‬ ‫ان ال�صباح قريب‬ ‫ونارك ممطرة بالحوا�س‬ ‫م�شاك�سة همهمات البقية‬ ‫بقرب اختناق الثواني‬ ‫بحبل "الم�ضيف" ال�سمين‬ ‫***‬ ‫لأن ال�سكوت‬ ‫يحب الكالم الكثير‬ ‫ُّ‬ ‫كثيرا‬ ‫تعودت �صحبة عمك‬ ‫حين ُّ‬ ‫يحل ال�شتاء‬ ‫لت�س�أل بع�ض الكبار ‪:‬‬ ‫اال من يجيب واعطيه‬ ‫نملة‬ ‫اال من يدبر لي حيلة‬ ‫للفطام طويال‬ ‫***‬ ‫وهل من ُّ‬ ‫إلي‬ ‫يدل رجوعي � َّ‬ ‫ويو�صلني حفلة الرمل‬ ‫قبل طلوع المحاجر‬ ‫ومن ذا يعيد تحية جاري‬ ‫الم�سن‬ ‫لأبد�أ قبله ‪. . .‬‬ ‫ٌ‬ ‫عارية يا �صغير‬ ‫ثيابك‬ ‫و�أنت ممزق‬ ‫وكفك حبلى‬ ‫وخبزك بائت‬ ‫وبئر لما ت�شتهي‬ ‫ال يفيد ‪. . . .‬‬ ‫***‬ ‫اال من يزوِّج كفي‬ ‫وله ما عليه‬ ‫وي�أخذ نمله‬ ‫اال من يفرق تلك الو�ساو�س‬ ‫عني‬ ‫واجمع �شمله‬ ‫وم�����ن ذا ي���ف���خ���خ ع��م��ر‬ ‫ال�صحارى‬ ‫فافعل مثله ‪. .‬‬

‫‪No.(220) Tuesday 3, April, 2012‬‬

‫عفيفة لعيبي ‪� ..‬شهرزاد احلكاية يف الفن الت�شكيلي العراقي املعا�صر‬ ‫(‪)2 – 2‬‬ ‫جا�سم املطري‬

‫ت �ح��ت ب �� �ص��ري ف��ي ه ��ذه ال�ل�ح�ظ��ة لوحتها‬ ‫المر�سومة حديثا ب�ع�ن��وان ( محنة حواء‬ ‫الأبدية ) تليها لوحة (ت�سا�ؤالت) وت�سبقها‬ ‫ل��وح��ة (ال��رج��ع ال�ب�ع�ي��د)‪ .‬ال�ل��وح��ات الثالث‬ ‫تج�سد �صورا ذهنية مختلفة معبرة عما هو‬ ‫واق��ع وم��وج��ود ومو�شوم ف��ي وج��ه المر�أة‬ ‫العراقية المعا�صرة‪ .‬هذه اللوحات الثالث‬ ‫تحمل �شيئا كبيرا من االفتنان الفني والقدرة‬ ‫االغ��رائ�ي��ة الخت�صار �شبهها بال�سيدة ليزا‬ ‫المنطلقة ابت�سامتها الغام�ضة بري�شة الفنان‬ ‫العالمي دافن�شي في زمان كانت فيه القارة‬ ‫الأورب�ي��ة تنطلق ب�إن�سانها‪ ،‬رج��اال ون�ساء‪،‬‬ ‫للتحرر من الإقطاعية ودخول مجتمع الحرية‬ ‫الر�أ�سمالية‪ .‬لوحة �أو لوحات الفنانة عفيفة‬ ‫نجد فيها لغة فاعلة �صامتة لكنها لم تحمل‬ ‫�صمت الموناليزا‪ .‬لوحاتها تنطق �أ�شياء‬ ‫كثيرة م�سموعة تعبر فيها بكثافة مذهلة‬ ‫ب��إي�ق��اع مترابط م��ع ال��واق��ع ال�ع��راق��ي حيث‬ ‫ت�شتبك المعرفة وال��ر�ؤي��ة ف��ي عيون ن�ساء‬ ‫لوحاتها كلها بما فيها اللوحات الحا�ضرة‬ ‫فيها ن�ساء �ألف ليلة وليلة ( عقد الل�ؤل�ؤ �ص‬ ‫‪ )109‬و (الناي �ص ‪ )92‬و( الأر�ض �ص ‪) 78‬‬ ‫و(�سجن الن�ساء �ص ‪.)60‬‬ ‫ل�ست ن��اق��دا فنيا وال دار� �س��ا ت�شكيليا لكن‬ ‫قراءاتي العينية للوحاتها قربتني لمقا�صدها‬ ‫ال�سيميولوجية في زم��ن العولمة وهيمنة‬ ‫النظام الر�أ�سمالي‪ .‬لو كنتُ �شاعرا لنظمتُ‬ ‫ق�صيدة جميلة حول ذلك الترابط في المعنى‬ ‫ال �م��ر� �س��وم ف��ي ع �ي��ون ال�ن���س��اء ف��ي لوحات‬ ‫عفيفة لعيبي‪ .‬ل��و كنت �سينمائيا ل�صنعت‬ ‫م��ن تجاربها اللونية م�ع��ارف وط��اق��ات عن‬ ‫كنهِ وج��ود ال �م��ر�أة في �أل��وان عفيفة لعيبي‬ ‫وق ��وة ر��س��وم��ات�ه��ا ور��ص��ان�ت�ه��ا ‪ .‬الآن �أجد‬ ‫نف�سي م�ضطرا لت�سجيل حالة �إعجاب بحركة‬ ‫الري�شة الباهرة التي حملتها �أنامل عفيفة‬ ‫لت�صب ف��ي عيون م�شاهدي حقيقة الواقع‬ ‫العربي – الإ��س�لام��ي ال��ذي يق�صي المر�أة‬ ‫نحو الوحدة كما في لوحة (الوحدة �ص ‪76‬‬ ‫) ونحو القنوط كما في لوحة (ال�صمت �ص‬ ‫‪ ، ) 71‬ونحو الك�آبة كما في لوحة (ال�شهيد‬ ‫�ص ‪ ) 63‬ونحو المعاناة كما في لوحتي (‬ ‫الأم �ص ‪ 67‬وحلبجة �ص ‪ ) 73‬و لتحجب‬ ‫عن وجهها ابت�سامتها المنكم�شة �أو الخائفة‬ ‫‪ .‬لكن ري�شة عفيفة لعيبي ل��م ت�ست�سلم ‪ ،‬ال‬ ‫كفنانة وال ك��ام��ر�أة ‪ ،‬بل �أنها ت��رى م�ستقبال‬ ‫زاهرا عامرا بدور المر�أة الحقيقي في الحياة‬ ‫‪ .‬تبد�أ بالت�أمل الحركي لوحة (الت�أمل �ص ‪69‬‬ ‫) منطلقة باتجاه القمر الأحمر وهي تعزف‬ ‫�أن�شودتها كما في لوحة (القمر الأحمر �ص‬ ‫‪ ) 75‬منطلقة نحو الأم��ان��ي كما ف��ي لوحة‬ ‫(� �س��اح��ة ال�ت�م�ن�ي��ات) ت�ط��ل منها ع�ل��ى نقطة‬ ‫بعيدة كما في لوحة (المو�سيقى المتجولة‬ ‫�ص ‪ ) 159‬ولوحة (الفرا�شة البي�ضاء �ص‬ ‫‪ )153‬و(الماندولينو �ص ‪ )115‬و(الع�صفور‬ ‫الذهبي �ص ‪ )110‬وغيرها من اللوحات‪.‬‬ ‫الوجود الحقيقي في لوحات عفيفة عن المر�أة‬ ‫هو وج��ود ح�ضاري �إن�ساني عالمي مقارنة‬ ‫بكثير من �إعمال فنانين عالميين‪ .‬ال �أخ�شى‬ ‫م�سئولية القول وال �أتردد ب�أن ال�ضبط الفني‬ ‫لعفيفة لعيبي لي�س فيه كثير لهث لكن فيه كثير‬

‫جهد وكثير من الح�سا�سية المتدفقة‪ ،‬تجعل‬ ‫الكثير من لوحاتها قريبة جدا من موناليزا‬ ‫دافن�شي‪ ،‬مثلما ه��ي قريبة ج��دا م��ن �صوت‬ ‫�أم كلثوم ال�صارخ بمعاناة ال�م��ر�أة العربية‬ ‫وا�شكالياتها في الحياة الداعية �إلى حريتها‬ ‫والى ك�سر قيودها و�إطالق يديها‪.‬‬ ‫ت�سارع حركة فر�شاة عفيفة لعيبي ودقتها‬ ‫اللونية التعبيرية لإب�ع��اد الم�شاهد عن كل‬ ‫ن ��وع م��ن �أن � ��واع ال �ه��واج ����س ف �ق��د و�ضعت‬ ‫هذه الفنانة جهدها الرئي�سي في عملها عن‬ ‫المر�أة العراقية ‪ -‬ال�شرقية وعما تواجهه في‬ ‫حياتها دافعة الم�شاهدين لي�س فقط �إلى تلقي‬ ‫قلوبهم المفتوحة لأعمال فنية ت�سجل موهبة‬ ‫�أك��ادي�م�ي��ة رف�ي�ع��ة الم�ستوى تحمل منافع‬ ‫�إن�سانية لق�ضية المر�أة بثورية مـ ُ ّرة ٍ ممتزجة‬ ‫ب��ال�ف��ن الت�شكيلي‪ ،‬ب��ل داف �ع��ة الم�شاهدين‬ ‫والمتلقين �إلى البحث عن �أ�سباب ما تواجهه‬ ‫من دون تغليب اللون التجاري �أو الدعائي‬ ‫في حركة �ألوانها وفر�شاتها ومو�ضوعاتها‪.‬‬ ‫غايتها الرئي�سية هي خلق الجدل المبا�شر‬ ‫بين اللوحة والم�شاهد كما في لوحة (ن�ضوج‬ ‫فاكهة �شجرة الم�شم�ش) حيث نجد ال�شجرة‬ ‫والمر�أة مثاليين في لقائهما المن�سجم بالنقاء‬ ‫وبالن�سغ الحامل لأمل ج�سدته �أنامل الفنانة‬ ‫عفيفة لعيبي ب�ح��رك��ة م�ت��وه�ج��ة ب��الإب��داع‬ ‫المحمول بيد الإرادة والقوة وهي تخاطب‬ ‫نف�سها و�إن�سانيتها بهدوء �سيرتها الذاتية في‬ ‫لوحاتها‪� .‬إنني ا�سمعها ت�صرخ بهدوء ‪� :‬أيتها‬ ‫ال�م��ر�أة العراقية كوني م��وج��ودة في داخل‬ ‫الوعي والتنظيم والتكامل واالندماج بحركة‬ ‫التغيير‪.‬‬ ‫لم تقلد عفيفة لعيبي كينونة فن البورتريه‬

‫بر�سم الوجوه الآدم�ي��ة بما يك�شف م�آ�سيها‬ ‫�إنما ابتدعت طريقتها الخا�صة المتميزة في‬ ‫البورتريه فقد �شكلت بر�سومات �شخ�صياتها‬ ‫االفترا�ضية تطورا جديدا مذهال في العالقة‬ ‫النف�سية – الداينميكية بين وج��ه المر�أة‬ ‫ال �ع��راق �ي��ة ف��ي ل�ح�ظ��ة م��ن ل�ح�ظ��ات الحركة‬ ‫وال�سكون مع عالمة متج�سدة �أخرى بمعنى‬ ‫من المعاني ( البرتقال‪ ..‬الر�ضاعة ‪ ..‬الباليه‬ ‫‪ )..‬مطورة بذلك فن التعبير ال�سيميائي �أي�ضا‬ ‫بنوع جميل من �أنواع الترميز غير الفرويدي‬ ‫حين تدفقت فر�شاتها ب��ر�ؤي��ة مترابطة بما‬ ‫يجول ح��ول ال �م��ر�أة وق��د نجحت تماما في‬ ‫تطوير التعبير الت�شكيلي وجعله �أداة من‬ ‫�أدوات المتلقي ف��ي ت ��أوي��ل معاني اللوحة‬ ‫ال��واح��دة ب��ل يمكنني اال�ستنتاج �أن عفيفة‬ ‫لعيبي حققت بمنجزها الإبداعي المدون في‬ ‫كتابها ما يلي ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬جعلت من اللوحة لغة في التعبير قادرة‬ ‫على التفاعل لي�س م��ع المتلقي ب��ل م��ع ما‬ ‫يحمله في عقله من عالمات اجتماعية تتعلق‬ ‫بالمر�أة‪.‬‬ ‫‪� - 2‬أوج���دت ف��ي لوحاتها ع�لاق��ة ترابطية‬ ‫ذات طبيعة رمزية بواقع ال�م��ر�أة العراقية‬ ‫ومجتمعها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬رفعت الكفاءة الذهنية عند م�شاهدي‬ ‫لوحاتها لالقتراب لي�س م��ن �أب�ع��اد اللوحة‬ ‫ال�ف�ن�ي��ة ح �� �س��ب‪ ،‬ب��ل م��ن � �س �ي��اق��ات ال��واق��ع‬ ‫االجتماعي كله‪.‬‬ ‫يا للروعة‪ ..‬كم كانت ري�شتها جريئة وهي‬ ‫تر�سم لوحة �س ّمتها (عذراء زهرة البرتقال)‬ ‫تحمل على تفا�صيل وجهها ��س��ردا �شفويا‬ ‫يتطابق بين حالين‪ ،‬حال البرتقال النا�ضج‬

‫�إ�صدارات‬

‫بغداد زعيم الن�صار‬ ‫جليل حيدر‬

‫في زيارتي لبغداد وجدت هذا الت�أكيد‬ ‫مع "مخطوطة الألم" لكريم �شغيدل‪،‬‬ ‫و"رماد الذاكرة " لكاظم الوا�سطي‪،‬‬ ‫وح�����س��ام ال� ��� �س ��راي ف ��ي ق�صيدته‬ ‫"بابيت" وه��ادي يا�سين في"رجل‪،‬‬ ‫وحيد"و�سهيل نجم "ال جنة خارج‬ ‫النافذة"ومحاولة ه��ادي الح�سيني‬ ‫ب��الإح �ت �ف��اء ب ��أ� �ص��دق��ائ��ه ف��ي "رجال‬ ‫م��ن ق�صب"‪ ،‬ومحمد تركي الن�صار‬ ‫باجتهاداته اليومية‪ ،‬وح�سين علي‬ ‫ي��ون����س‪ ،‬ون�صير ف�ل�ي��ح‪،‬وع�ل��ي عبد‬ ‫الأم� �ي���ر ع� �ج ��ام‪ ،‬و�آخ� ��ري� ��ن منعهم‬ ‫التوا�صل وغياب دور التوزيع للكتاب‬ ‫العراقي‪� ،‬أن ي�صلوا‪ .‬رغم انهم في لغة‬ ‫الأدب لهم مكانة في التجربة والقلب‪.‬‬

‫ن��ادرا ما يخرج الن�ص ال�شعري في‬ ‫العراق‪ ،‬عن �إيقاعه الثقافي المّر‪ ،‬ذلك‬ ‫�إ ّنه محت�سب ‪ ،‬كعالمة ٍ مميّزة ٍ ‪� ،‬سهلة‬ ‫التب�سيط في الر�ؤية النمطية‪ ،‬التي‬ ‫درج على اقتراحها‪� ،‬شاعر ‪� ،‬أو ناقد‬ ‫غير عراقي‪.‬‬ ‫� ّإن الفكرة العامّة عن الن�ص العراقي‪،‬‬ ‫جنائزية‪ ،‬تلك التي ي�صفونها" هناك"‬ ‫ب��ال �ح��زن‪ ،‬وم �ب��ال �غ��ة الأ�� �س ��ى‪ ،‬وفي‬ ‫تعبير �أقل احت�شاما‪ ،‬بالمونولوجية‬ ‫الرثائية‪ ،‬م�ستعينين ب�صدى �صحفي‬ ‫�شائع الخفة وال�ت��ردي��د‪ ،‬ين�سب �إلى‬ ‫م�أ�ساوية خ�صبة تحال �إل��ى تاريخ‬ ‫عميق‪ ،‬ربما يبد�أ من مراثي كلكام�ش‬ ‫من هو الهام�ش ومن هو‬ ‫لأن��ك��ي��دو‪ ،‬وال ي�ن�ت�ه��ي ب�إحباطات‬ ‫املركز؟‬ ‫الإيديولوجيا‪.‬‬ ‫ل�ك��ن‪� ،‬أ ّك ��ل م��ا ف��ي ال�شعر العراقي‪� ،‬أق��ر�أ �شعرا يفلت من تلك النمطية‪-‬‬ ‫ه��و ه ��ذا ال�ت�ب���س�ي��ط ال� ��ذي تتبناه ال�ت�ه�م��ة‪ ،‬رغ��م حمولته ال�ب��اذخ��ة من‬ ‫ق� ��راءات متعجلة‪ ،‬ت�سعى لتكوين الأ��س��ى‪ ،‬بغ�ضب‪ ،‬وال�شجن‪ ،‬ب�إعادة‬ ‫ت�صور ع��ن �شعرنا‪ ،‬وف��ق " نظرية" قراءة الراهن‪ ،‬والخيال‪ ،‬بانزياحاته‬ ‫المركز والهام�ش؟ ماذا ت�صنع الآراء ال���ص��وري��ة وال �ل �غ��وي��ة‪ ،‬وباقتراحه‬ ‫ال�شفاهية‪ ،‬والتناقل الببغائي في الجمالي الخا�ص‪ .‬هكذا قر�أت �إحدى‬ ‫ال�سائد من التعبير في �صحافة ٍيومية ق���ص��ائ��د ال �� �ش��اع��ر ال �م��وه��وب زعيم محبرتي‪،‬على كل �صارية لي وب�ساط‪،‬‬ ‫تدعي النقد؟‪� .‬أي��ن ن�ضع �أب��ا ن�ؤا�س ال�ن���ص��ار‪ ،‬ب�ت��دف��ق ��س��رده��ا اللغوي‪ ،‬ف��ي �أك���واخ ال �ق��رى وت�ح��ت �س�ؤالي‪،‬‬ ‫بكل م��رح��ه ون �ق��ده ال �ث��وري‪ ،‬مقابل وال �ك �ت �ل��ة ال �ن �ث��ري��ة ال� �ح���رة‪ ،‬وتلك في قلمي وفي ورق��ي‪ ،‬في بيتي وفي‬ ‫ت���س��ري��ب الإدع�� ��اء ب��ال �ح��زن المعتم الحرارة في انتمائها �إلى بغداد‪ ،‬ليعيد ��ص�ح��رائ��ي‪ ،‬منها اخ�ت�ب��أت و�أغلقت‬ ‫للمدينة‪� ،‬أفقها المفقود‪ ،‬وهي ت�صارع ال �ن �ه��ار‪ ،‬ف��ي ح �� �ض��وري المك�سور‬ ‫لل�شعر العراقي؟‪.‬‬ ‫جمعت رمادها‪ ،‬و�ضعته في قارورة‬ ‫�إن ت�أثير ال�شعر العراقي ممتد‪ ،‬من وجودها‪.‬‬ ‫ودفنته‪ ،‬دفنته ف�أحمرت ال�م��ر�آة في‬ ‫�أبي ن�ؤا�س والمتنبي‪ ،‬وحركة الريادة‬ ‫عيني‪ ،‬ق��ر�أت كتابها فنع�ست‪�.‬شربت‬ ‫والتجديد‪ ،‬مع ال�سياب والبياتي وبلند‬ ‫ن�صار‪...‬‬ ‫زعيم‬ ‫ق�صائد‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فحيح حياتها‪ ،‬للأفعى والغراب‪.‬‬ ‫ون� ��ازك‪ ،‬ح�ت��ى م�لائ�ك��ة ال�ستينيات‪،‬‬ ‫نعا�س الكتاب‬ ‫في الحديقة تركت �أع�شابها‪ ،‬اتك�أت‬ ‫و�سعدي يو�سف‪ ،‬ولي�س انتهاء ب�أحد‬ ‫من هذه الكوكبة المنتجة‪ ،‬التي تخلق �صورتها ف��ي ال�شم�س وف��ي القمر‪ ،‬على ارث ك��وارث�ه��ا‪،‬ز ّي�ف��ت الغ�صون‬ ‫تراكماتها النوعية في كتابة ق�صيدة على الحـ�صير والجدار‪ ،‬في �ساعتي ولم �أهتد لجذروها‪�،‬أنا مالكها نع�س‬ ‫وفي طين اللغة‪،‬على رمل وقتي وفي الكتاب بين طياتي فنمت‪ ،‬اختفيت‬ ‫النثر‪.‬‬

‫في �أ�شجارها‪ ،‬في �أخطاء قلبها‪ ،‬في‬ ‫خوفها‪ ،‬دخلت كهفها ونمت‪ ،‬يحطيني‬ ‫� �ص �م��ت ك�لام �ه��ا‪ ،‬وب �ج��رائ �م��ي على‬ ‫ال�شا�شات �أحيطـها‪� ،‬سوّ رتـها ب�أ�سالكي‬ ‫ال�شائكة‪ ،‬ر�سمتـها ومحوتـها من على‬ ‫�سطح الحياة‪ ،‬قيدتـها بنخيلها و�ضجة‬ ‫�أن �ه��اره��ا‪� ،‬أق�ف�ل��ت عيونها الدامعة‪،‬‬ ‫وبلهجتها �سحت �أن ��ا مالكـها اعبر‬ ‫ه��ا ق��ري��ة‪ ،‬قرية حامال كتابها‪ ،‬ملكة‬ ‫الحروب اغتلتـها‪،‬فخخ ّـتـها وم�ضيت‬ ‫�أن�ت�ظ��ر نعا�س كتابها‪ ،‬منها جرفت‬ ‫ق��ري �ت��ي‪ ،‬و� �ض �ع��ت ت �ح��ت العجالت‬ ‫�أطفالها‪ ،‬هي وجحيمها تلتف حولي‪،‬‬

‫وح��ال ال �ع��ذراء النا�ضجة ‪ ،‬حيث المالمح‬ ‫الإن�سانية م�شحونة بف�ضيلة ن�ضوج البرتقال‬ ‫على ال�شجرة‪ .‬لي�س بينهما حوار الل�سان لكن‬ ‫بينهما حوار (المطلق) والت�شبع (الن�سبي)‬ ‫ب �ه��واء الطبيعة وب�ت��رب��ة الأر����ض الطيبة ‪.‬‬ ‫وج� ��دتُ ه ��ذا ال �ن��وع م��ن ال �ع�لاق��ة تج�سيدا‬ ‫لحداثة الحوار بين العذراء والبرتقال في‬ ‫لوحة فنية جميلة ‪ ،‬ب��ل ه��و ن��وع م��ن حوار‬ ‫المقاومة وال�صمود واالنطالق‪.‬‬ ‫في غمرة اال�ضطرابات والمد الإرهابي المفزع‬ ‫في العراق عانى منهما الإن�سان العراقي وفي‬ ‫المقدمة المر�أة العراقية‪ .‬هذا المد الم�ستمر‬ ‫ل�ع�ق��ود م��ن �سيطرة ال�ح�ك��م القمعي لحزب‬ ‫ال�ب�ع��ث ال�ع��رب��ي ب�ق�ي��ادة ال��دك �ت��ات��ور �صدام‬ ‫ح�سين ودول�ت��ه �صورته عفيفة في لوحتها‬ ‫احتراق �أبراج بابل وفي لوحتيها عن حرب‬ ‫الخليج (الطوفان) و(الخراب)‪ .‬لم تتجه في‬ ‫هذه اللوحة نحو ته�شيم المنظر البابلي �إنما‬ ‫�صورت حب الحاكم الم�ستبد الجبان الهلوع‬ ‫‪ ،‬حبه لنف�سه ولعر�شه‪ ،‬حريقا للحياة م�سجلة‬ ‫�أن (بع�ض) مراحل الحياة اال�ستبدادية �أكثر‬ ‫�شرا من (بع�ض) الموت �أو الته�شيم مما جعل‬ ‫لوحتها وثيقة ذات قيمة فنية و�سيا�سية ‪.‬‬ ‫�أما لوحتها المعنونة (انتفا�ضة) ففيها يرى‬ ‫الم�شاهد حركة براقة للوعي الثوري الفطري‬ ‫فيها دالالت وعالمات تجربة الزمان والمكان‬ ‫القا�سيين في بالدنا‪ .‬لوحة (انتفا�ضة) جاءت‬ ‫على ي��د عفيفة لعيبي ب�أ�سلوب ف��ن م��ا بعد‬ ‫ال�ح��داث��ة مو�ضحة ديناميكا ال��زم��ان بوجه‬ ‫ال �م �ك��ان‪ ،‬لي�س ف��ي ال�ل��وح��ة ق��ات��ل وال قتيل‬ ‫وال ��س�ي��وف‪ ،‬لكن فيها واق�ع�ي��ة ت�صويرية‬ ‫م�ستحدثة عن الفعل ورد الفعل‪ .‬فيها �سقوط‬

‫ونهو�ض‪ ..‬فيها راية عري�ضة ال تت�شظى‪..‬‬ ‫ب�صورة عامة يمكنني تلخي�ص اكت�شافات‬ ‫عفيفة لعيبي بما يلي ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تركيز مهارة ري�شتها وحركتها داخل‬ ‫اللوحة لت�أكيد �أ�صالتها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تك�شف ببالغ الدقة واالت�ساع عن الفكر‬ ‫والعاطفة داخل الإطارين العام والخا�ص في‬ ‫لوحتها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬اللوحة عندها محاولة الكت�شاف ذاتها ‪.‬‬ ‫من هنا جاء عنوان كتابها �أي�ضا‪.‬‬ ‫‪ - 5‬ر�سم �صورة المر�أة هو الحجم الأكبر في‬ ‫�أعمالها‪.‬‬ ‫بهذه الأهداف الرباعية تحولت عفيفة لعيبي‬ ‫�إلى �شهرزاد من نوع خا�ص‪� .‬شهرزاد ت�شكيلية‬ ‫قدمت �سردها الفني وحكاياتها بخبرة فردية‪،‬‬ ‫عار�ضة �إياها لي�س �إلى �شهريار بل �إلى عامة‬ ‫النا�س لإثراء الم�سيرة الفنية العراقية ب�أفكار‬ ‫ومفاهيم فن القيم الجمالية بعيدا عن محاكاة‬ ‫الواقع المجرد م�ستنيرة بقول اندريه مالرو‬ ‫‪�( :‬إن المحاكاة هي اكبر عدو للفن) ‪ ،‬بل �أنها‬ ‫انطلقت م��ن جاذبية الواقعية الكال�سيكية‬ ‫في القرن التا�سع ع�شر بتوازن مع �أ�ساليب‬ ‫ال�ح��داث��ة ف��ي �أواخ���ر ال �ق��رن الع�شرين وما‬ ‫بعده‪ ،‬وهو توازن ال يخلو من مغامرة ناجحة‬ ‫خلقت لها وللت�شكيل العراقي كله قفزة وا�سعة‬ ‫الخطى ال ي�صنعها غير الفنانين المهرة‪ .‬وقد‬ ‫ا�ستطاعت عفيفة لعيبي �أن تك�شف بلوحاتها‬ ‫عن �أعماق المر�أة العراقية والعربية ببراعة‬ ‫الفن الحديث وابتعادها التام والكلي عن‬ ‫(الع�شوائية اللونية) التي يقع �ضحيتها كثير‬ ‫من الفنانين العراقيين ال�شباب با�سم الحداثة‬ ‫مع الأ�سف‪.‬‬ ‫اليوم في وقت نجتمع هنا ‪ ،‬نحن البعيدين‬ ‫عن وطننا الأم‪ ،‬من�شغلين بق�ضاياه المعقدة‬ ‫وبق�ضايا ا�ستمرار ا�ضطهاد المر�أة العراقية‬ ‫ف�أننا ال ن�ألو جهدا في توجيه الدعوة الوطنية‬ ‫– الح�ضارية المخل�صة في اعتبار لوحات‬ ‫عفيفة لعيبي ثروة ثقافية – فنية – وطنية‬ ‫ينبغي الحفاظ عليها لما تحمله من كم ٍ معرفي‬ ‫كبير �آملين م��ن جميع منظمات المجتمع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المدني المعنية بحقوق ال �م��ر�أة وال�ف��ن �أن‬ ‫تهتم بت�أ�سي�س مركز فني حيوي في مدينة‬ ‫بغداد �أو الب�صرة با�سم (مركز عفيفة لعيبي‬ ‫للتبادل الفني) ليكون ن��اف��ذة عراقية تطل‬ ‫على العالم ت�ضم لي�س منتجها ح�سب ‪ ،‬بل‬ ‫ابرز ما �أنتجته �إبداعات الفنانين العراقيين‬ ‫في الغربة والمنافي ال�ستعادة روح االنفتاح‬ ‫وقيم الحوار الفني والإن�ساني وخلق بيئة‬ ‫ثقافية مالئمة لتطوير واقع المر�أة العراقية‪.‬‬ ‫�أخيرا ولي�س �آخرا ينبغي �أن يكون فن عفيفة‬ ‫لعيبي في اخت�صا�صها بفن الجداريات مركزا‬ ‫حيويا م�شعا للتفاعل الثقافي – الفني حول‬ ‫المر�أة �أرى �ضرورة تعاون جميع المنظمات‬ ‫الن�سائية العراقية في �إقناع الجهات العراقية‬ ‫الم�سئولة في بغداد تحميل �إحدى �ساحاتها‬ ‫�أو �شوارعها الرئي�سية بجدارية كبرى عن‬ ‫ال�م��ر�أة العراقية تر�سمها وت�ؤ�س�سها ري�شة‬ ‫الفنانة عفيفة لعيبي لتكون جدلية �شامخة‬ ‫عن ال�م��ر�أة العراقية تعلو في �سماء بغداد‬ ‫كما تعلو فيها جدلية الحرية ‪ ،‬جدارية جواد‬ ‫�سليم‪.‬‬ ‫�أرج��وك��م �أيها الم�ستمعون �أيها القراء �أيها‬ ‫ال �ف �ن��ان��ون ال �ع��راق �ي��ون �أي �ه��ا الم�س�ؤولون‬ ‫الر�سميون مجدوا �شهرزاد الفن الت�شكيلي‬ ‫العراقي عفيفة لعيبي‪.‬‬

‫�سكبتـها في �ساحة الحرب‪ ،‬و�صببت‬ ‫الزيت على نارها‪ ،‬ن�سختـها وم�سختـها‬ ‫في قلبي‪ ،‬ن�سيتـها تلتهب‪� ،‬أنا مالكها‬ ‫ن�ع����س ال �ك �ت��اب ب�ي��ن ط�ي��ات��ي فنمت‪،‬‬ ‫�أحجارها الكريمة كثيرة فذبحت ن�سر‬ ‫حياتها‪� ،‬سكتّ على تقطيع �أو�صالها‪،‬‬ ‫تنف�ست دخ��ان دم�ه��ا‪ ،‬نثرت �شظايا‬ ‫ل�ح�م�ه��ا‪� � ،‬س��ررت ب ��إب��ادت �ه��ا‪ ،‬حفرت‬ ‫م �ق��اب��ره��ا‪،‬اج �ت��ذب��ت ذئ��اب �ه��ا‪ ،‬كتبت‬ ‫ملخ�ص موتها‪ ،‬قبل �إنجازه ا�ستبد بي‬ ‫النعا�س‪ ،‬لي�س �أمامي خيار في حياة‬ ‫قفلتـْها مفاتيح الخرافة‪ ،‬قفلتْ علي‬ ‫ّ بابها‪ ،‬م�صيبة خفيـّـة تحت ثيابها‪،‬‬ ‫بالدي ا�سود كتابها‪.‬‬ ‫فتيـّة كبروا في �ساحة الكهف‪،‬نكرات‬ ‫�شربوا دم الن�سيان‪ ....‬ن�سوا الأرامل‬ ‫والأطفال‪ ،‬الرياح والأ�شجار‪ ،‬الكلمات‬ ‫والكواكب‪ ،‬ال�شهور والأحالم‪� ،‬أذعنوا‬ ‫للجنون‪� ،‬ساروا على �أطراف ال�سماء‪،‬‬ ‫تركوا �آثارهم ‪ :‬اللحى‪ ،‬والمحاب�س‪،‬‬ ‫وال�م���س��اب��ح‪ ،‬والأق� �ف ��ال‪ ،‬و�إ���ش��ارات‬ ‫�أ�صابعهم في ال�ه��واء‪ ،‬دخلوا حفرة‬ ‫ف��ي ال �� �س �م��اء‪ ،‬ن��ام��وا ��س�ن�ي��ن فف ّرت‬ ‫م��ن قلوبهم الطير‪ ،‬ق�ي��ل‪� :‬سبعة هم‬ ‫�أوخم�سة �أو ثالثة �أو الكلب‪.‬عثرت‬ ‫على �أوراق�ه��م‪ ،‬ال �أح��د‪ ،‬ك��ان يتلطف‪،‬‬ ‫ولم يم�ش على جروف الحذر‪،‬لم تكن‬ ‫دموعهم نجوما‪ ،‬وال محابر عندهم‬ ‫ل�ل�أم��ل‪ ،‬لبثوا في حفرتهم ال��ى الأبد‬ ‫ولم يكن معهم الكلب �أو الطير‪.‬‬ ‫�أنا مالك البالد �أجتزتـها قرية‪ ،‬قرية‪،‬‬ ‫ح�ت��ى ج ��اءت عا�صفة ‪� �،‬س��وداء على‬ ‫مخبئي‪ ،‬لم تكن �أجنحتي م�ست�سلمة‪،‬‬ ‫�أمطرها ب��ذوري‪� ،‬أمطر روحها على‬ ‫بالد النار‪ ،‬ب�أمل عنيد �أرفرف و�أمطر‪،‬‬ ‫�أرف��رف و�أمطر ف��وق �أغ�صان ال�شك‪،‬‬ ‫تتوقف ال�ن��ار و ت�ب��رد‪ ،‬فيختفي ولم‬ ‫يف�ض كتابها الأ�سود‪.‬‬

‫ّ‬ ‫احلب والإبداع واجلنون‪ :‬درا�سات يف طبيعة الكتابة الأدب ّية‬ ‫بغداد‪ -‬النا�س‬

‫�صدر ع��ن دار الثقافة ف��ي الدار‬ ‫البي�ضاء‪ ،‬كتاب جديد للدكتور‬ ‫الحب‬ ‫علي القا�سمي بعنوان "‬ ‫ّ‬ ‫والإبداع والجنون‪ :‬درا�سات في‬ ‫طبيعة الكتابة الأدبية"‪ ،‬ويقع في‬ ‫‪ 256‬من القطع المتو�سط‪.‬‬ ‫ي���س�ت�ط�ل��ع ال� �م� ��ؤلِّ � ُ�ف مو�ضوعَ‬ ‫ال� �ك� �ت ��اب ف ��ي �أع � �م� ��ال ع� ��دد من‬ ‫ال �م �ب��دع �ي��ن ال� �ع ��رب وه � ��م‪ :‬مي‬ ‫زي��ادة‪ ،‬عبد الكريم غالب‪ ،‬جمال‬ ‫الغيطاني‪� ،‬أدوارد �سعيد‪� ،‬صالح‬ ‫ج� ��واد ال �ط �ع �م��ة‪ ،‬ع �ب��د الرحمن‬ ‫مجيد الربيعي‪ ،‬محمد ع ّز الدين‬ ‫التازي‪� ،‬صم�ؤئيل �شمعون‪ ،‬بهاء‬ ‫الدين الطود‪ ،‬فريد الأن�صاري‪،‬‬ ‫عبد الإل ��ه بنعرفة‪ ،‬عبد القادر‬ ‫الجمو�سي‪ ،‬فوزية العلوي‪ ،‬وداد‬ ‫بنمو�سى‪� ،‬إكرام عبدي‪.‬‬ ‫ي ��دور ال�ك�ت��اب ح��ول محورين‪:‬‬ ‫المحور الأوّ ل‪ ،‬ال�ح� ّ�ب بو�صفه‬ ‫حافز ًا ومح ّرك ًا للإبداع الأدبي‪،‬‬ ‫حب الإله‬ ‫�سواء �أكان هذا‬ ‫الحب َّ‬ ‫ُّ‬ ‫�أم ح� ّ�ب الب�شر‪ ،‬ح� ّ�ب ال ��ذات �أم‬ ‫حب‬ ‫حب الوطن �أم ّ‬ ‫حب الآخ��ر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫حب‬ ‫ال�ط�ب�ي�ع��ة‪ ،‬ح � ّ�ب ال�ف�ك��ر �أم ّ‬ ‫الكتابة نف�سها‪ .‬والمحور الثاني‪،‬‬ ‫القا�سم الم�شترك بين الإب ��داع‬ ‫والجنون‪ ،‬وكيف ي���ؤدّي الأوّ ل‬ ‫�إلى الثاني ولي�س بالعك�س‪.‬‬ ‫ي �ت �ن��اول ال �م ��ؤلِّ��ف ال �ع�لاق��ة بين‬ ‫الإب � � ��داع وال��ج��ن��ون م ��ن حيث‬ ‫ال �م��اه �ي��ة وم ��ن ح �ي��ث ال�سبب‪.‬‬ ‫فماهية " الإب ��داع " هي القدرة‬ ‫ع�ل��ى ت�خ� ُّي��ل ه�ي��اك��ل �أو عالقات‬

‫جديدة تتجاوز الواقع وتختلف‬ ‫ع���ن ال� �م� ��أل���وف وال� �م� �ع ��روف‪.‬‬ ‫وماهية " ال ُّذهان"‪ ،‬وهو نوع من‬ ‫الجنون‪ ،‬يتجلى في ا�ضطرابات‬ ‫عقلية ي�ن�ت��ج ع�ن�ه��ا اخ �ت�لال في‬ ‫�شخ�صية ال �ف��رد بحيث يُ�صبح‬ ‫ع ��اج ��ز ًا ع ��ن ال �ت �ك � ُّي��ف لواقعه‬ ‫ومجتمعه‪� ،‬أو تنقطع �صلته بهما‪.‬‬ ‫وبعبارة �أخرى‪ ،‬ف� ّإن الجنون يبد�أ‬ ‫من حيث ينتهي العقل المرتبط‬ ‫بالواقع‪ ،‬ويبد�أ الخطاب الأدبي‬ ‫حيث ينتهي الخطاب الواقعي‪.‬‬ ‫وكال الجنون والأدب يقوم على‬ ‫الخيال ويعمل على ك�شف الوهم‬ ‫في قلب الواقع‪.‬‬ ‫وي � ��ورد ال� �م� ��ؤلِّ ��ف ن �ت��ائ��ج �آخ ��ر‬ ‫الأب �ح��اث الطبية البيولوجية‬ ‫التي ت�شير �إلى �أن ال ُّذهان ت�سبّبه‬ ‫م ��ورِّث ��ات (ج �ي �ن��ات) تنتقل من‬ ‫الأبوين �إلى الطفل‪ ،‬و�أن ال�سمات‬ ‫ال ُّذهانية هي العن�صر الأ�سا�س‬ ‫في الإب ��داع‪ّ .‬‬ ‫ويلخ�ص درا�سات‬ ‫�أُجريت على مجموعة كبيرة من‬

‫الأدباء في الغرب‪ ،‬ووجد �أن ‪56‬‬ ‫‪ %‬منهم يُ�صاب باالكتئاب على‬ ‫حين يُ�صاب به ‪ % 14‬فقط من غير‬ ‫الأدباء‪ ،‬و�أن ‪ % 17‬منهم يدمنون‬ ‫على الكحول وال�م�خ��درات على‬ ‫ح �ي��ن ت�ن�خ�ف����ض ه� ��ذه الن�سبة‬ ‫�إل��ى ‪ % 5‬فقط بين غير الأدب��اء‪،‬‬ ‫و�أن ‪ % 21,5‬ق��د �أق��دم��وا على‬ ‫االنتحار‪ ،‬و�أن ‪ % 33,3‬منهم قد‬ ‫�أُدخلوا الم�ست�شفيات للعالج من‬ ‫ا�ضطرابات نف�سية وعقلية‪.‬‬ ‫ولمّا كان الكتاب في مجال النقد‪،‬‬ ‫ف � �� ّإن ال �م ��ؤلِّ��ف يب�سط ل �ن��ا‪ ،‬في‬ ‫مقدمة الكتاب‪ ،‬نظرته �إلى النقد‬ ‫الأدبي بو�صفه در�س ًا في عنا�صر‬ ‫العملية التوا�صليّة المكوَّ نة من‪:‬‬ ‫ال� ُم��ر�ِ��س��ل (ال �ك��ات��ب)‪ ،‬والر�سالة‬ ‫(ال �ن ��� ّ�ص الأدب�� � ��ي)‪ ،‬وال�سياق‬ ‫(م��و� �ض��وع ال �ن ��� ّ�ص)‪ ،‬وال�شفرة‬ ‫(لغة الن�ص وقواعدها)‪ ،‬وقناة‬ ‫االت�صال (الحا�سوب‪ ،‬الراديو‪،‬‬ ‫الكتاب‪ ،)..،‬والمتل ّقي (القارئ‪،‬‬ ‫ال�م���س�ت�م��ع‪ .)..،‬و�إذا ك��ان��ت ك ُّل‬ ‫م��در��س��ة م��ن ال �م��دار���س النقديّة‬ ‫ال�م�ت�ب��اي�ن��ة ت� ��ؤ ّك ��د ع �ل��ى عن�صر‬ ‫م��ن ه ��ذه ال�ع�ن��ا��ص��ر وتمح�ضه‬ ‫عنايتها‪ ،‬ف�� ّإن الدكتور القا�سمي‬ ‫يرى �أن النقد الأدب��ي الجيّد هو‬ ‫الذي ي�أخذ بجميع تلك العنا�صر‪،‬‬ ‫و� ّأن وظ �ي �ف��ة ال �ن �ق��د ف��ي البالد‬ ‫العربيّة التي تكثر فيها الأميّة‬ ‫ّ‬ ‫ويقل فيها الإقبال على القراءة‪،‬‬ ‫هي م�ساعدة القارئ على تذوّ ق‬ ‫ّ‬ ‫والفن‬ ‫َمواطن الإب��داع والجمال‬ ‫الن�ص‪ ،‬و�إعانته‬ ‫والمعرفة ف��ي‬ ‫ّ‬ ‫على الإل�م��ام بمُجمل م�ضمونه‪،‬‬ ‫وترغيبه في اقتنائه‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.