4290 AlmashriqNews

Page 3

‫‪10‬‬ ‫التقنية امل�ضادة يف رواية (القطار… �إىل منزل هانا) ل�سعد حممد رحيم‬ ‫ال�سبت املوافق ‪ 23‬من �آذار ‪ 2019‬العدد ‪ 4290‬ـ ال�سنة ال�ساد�سة ع�شرة‬

‫ثقافية‬

‫‪Saturday ,23 March. 2019 No. 4290 Year 16‬‬

‫مروان ياسين الدليمي‬

‫مفتاح خلود الأعمال الروائية يف ذاكرة القراء وتاريخ الأدب يبقى مرهونا‬ ‫بخطابها الفني بكل عنا�صره البنائية‪� ،‬إذا ما الم�س اجلانب الإن�ساين يف‬ ‫املتلقي‪ ،‬وبطبيعة احلال من غري �أن ن�ستبعد الأ�سلوب الذي كتبت فيه ملا‬ ‫يحوزه من �أهمية ق�صوى يف العملية الإبداعية‪ ،‬باعتباره جمموعة تقنيات‬ ‫يتم الركون �إىل ممكنات ا�شتغاالتها يف معاجلة املو�ضوع‪ ،‬لكونها وحدات‬ ‫و�آليات فنية‪ ،‬يتم التعبري من خاللها عن الر�ؤية الفل�سفية للكاتب‪ ،‬وكلما ن�أى‬ ‫العمل الفني عن ثرثرة الأيديولوجيا مب�سافة بعيدة‪ ،‬كان �أقرب �إىل جوهر‬ ‫الفن واملتلقي يف �آن‪ ،‬وهنا يكمن �سر احتفائنا مبا كتبه دي�ستويف�سكي‬ ‫وت�شيخوف وتول�ستوي وجنيب حمفوظ على �سبيل املثال ال احل�صر‪،‬‬ ‫رغم مرور ع�شرات ال�سنني على �صدور �أعمالهم‪ ،‬وتغري تقنيات و�أ�ساليب‬ ‫و�أ�شكال الكتابة ب�شكل كبري جدا‪.‬‬

‫املنت احلكائي‬ ‫بعد �أن يبلغ اخلام�سة وال�ستني من عمره وتتوفى زوجته ي�سافر الدكتور‬ ‫رمزي الباحث يف الآثار �إىل �إنكلرتا عام ‪ 2005‬ليقيم مع ابنته الطبيبة‪،‬‬ ‫ولأن احلب بالن�سبة له كف�صول ال�سنة ي�أتي ويذهب‪ ،‬وهو جزء من تلك‬ ‫الدورة ال�سخية التي ت�صنع احلياة‪ ،‬ويبقى غام�ضا كاحلياة متاما‪ ،‬تعي�ش‬ ‫معه وبه وال مت�سك بجوهره النقي بالكلمات‪ ،‬ولأن��ه يجد احلب ك�أ�شياء‬ ‫�أخرى مثل الأمل‪ ،‬ومثل الرعب‪ ،‬مثل الق�سوة‪ ،‬مثل احلنان ال ميكن تف�سريه‪،‬‬ ‫وال ميكن الك�شف عن مغزاه‪ ،‬يبقى الدكتور رمزي باحثا عن هانا‪ ،‬ابنة‬ ‫ديفيد ماير عامل الآث��ار الربيطاين‪ ،‬التي مل تربح ذاكرته منذ عام ‪1966‬‬ ‫عندما جاءت لزيارة والدتها جاكلني كاتبة الق�ص�ص البولي�سية‪ ،‬ووالدها‬ ‫الذي كان يف مهمة بحث وتنقيب عن الآثار العراقية‪ ،‬ومنذ �أن فارقها بقي‬ ‫م�شغوال بها‪ ،‬وظل يت�ساءل حول طبيعة العالقة معها ونوعها‪� ،‬إن كانت‬ ‫حبا �أو مل تكن‪ ،‬وكان �س�ؤاال �صعبا‪ ،‬مل ي�ستطع الإجابة عليه‪ ،‬وهناك �أ�سئلة‬ ‫�أخرى بقيت تراوده «�إن كنتَ ترغب ب�صورتها وت�شتهيها فقط فذلك لي�س‬ ‫هو احلب‪ .‬و�إذن �أنا �أعرف ما لي�س هو احلب‪ ،‬ولكنني �أعجز عن حتديد‬ ‫ماهية احلب»‪ .‬وبعد �أربعني عاما ي�صل �إىل �إنكلرتا‪ ،‬ويف داخله �أمل كبري‬ ‫ب�أن يعرث عليها‪ ،‬مع �أنه كان حبا من طرف واحد‪ .‬ومل يكن العثور عليها‬ ‫�أم��را ع�سريا لأن��ه يحتفظ بعنوان بيت عامل الآث��ار ال��ذي �سبق �أن رافقه‬ ‫يف عمله طيلة فرتة بقائه يف العراق‪ ،‬فيذهب �إىل هناك‪ ،‬ويطرق الباب‪،‬‬ ‫ويجدها تعي�ش وحيدة مع خادمتها‪ ،‬بعد �أن تويف والداها‪ ،‬وقد جتاوز‬ ‫عمرها ال�ستني عاما‪ ،‬وال تذكر اي �شيء مما احتفظت به ذاكرة رمزي‪ ،‬وال‬ ‫تتذكره هو �شخ�صيا يف بداية اللقاء‪ ،‬لأنها مل مت�ض مع والديها يف العراق‬ ‫�سوى �أ�سبوعني‪ ،‬لتعود بعدها �إىل �إنكلرتا‪ .‬تلك الأح��داث م ّر عليها زمن‬ ‫طويل‪ ،‬وهذا يكفي حتى متحى من ذاكرتها‪ ،‬ومل يفلح �أن ّ‬ ‫ين�شط ذاكرتها‬ ‫لكي تتذكر تلك اللحظة التي مار�ست فيها اجلن�س معه‪ ،‬وكانت �آنذاك يف‬

‫حالة غ�ضب وانفعال بعد انف�صالها عن ال�شاب الذي رافقها يف رحلتها �إىل‬ ‫الهند‪ ،‬قبل �أن ت�صل و�إي��اه �إىل العراق لتزور والديها‪ .‬حتى �أن عالمات‬ ‫الده�شة ترت�سم على وجهها �إزاء ما ميتلكه من قدرة على ا�ستذكار تفا�صيل‬ ‫تعود �إىل �أربعني عاما م�ضت‪.‬‬ ‫– �أعذرين مل تعد الذاكرة كما كانت‬ ‫– خرجنا ذات ظهرية �أنا و�أنت‬ ‫– �أنت ال تدري ما الذي ح�صل طوال �أربعني عاما‬ ‫– �أعرف �أ�شياء قليلة لكنه كان يوما خريفيا حارا‬ ‫– �أح�سدك على ذاكرتك يا �صاح‪� ،‬أظنني ن�سيت كل �شي‬ ‫اعتمد �سعد حممد رحيم على تناوب ثالثة �أ�صوات يف �سرد الأح��داث‪:‬‬ ‫ال�سارد العليم‪ ،‬الدكتور رمزي‪ ،‬هانا‪.‬‬ ‫هي الآن تعاين من ال��وح��دة بقدر ما تعاين من التهاب املفا�صل‪ ،‬لكنها‬ ‫مازالت حتتفظ بتلك املالمح اجلميلة التي متكنت من �أن ت�ستحوذ على‬ ‫اهتمامه‪� ،‬أيام كان �شابا‪ .‬و�شيئا ف�شيئا يتمكن من �أن يجعلها تثق به ويفلح‬ ‫يف �أن يوقظ يف داخلها م�شاعر احل��ب ناحيته‪ ،‬ومل تعد تقوى على �أن‬

‫يبتعد عنها‪ ،‬بعد �أن �أبدى اهتماما بها وب�صحتها‪ ،‬خا�صة بعد �أن يبلغها‬ ‫الطبيب ب�أنها م�صابة ب�سرطان املبي�ض‪ .‬فلم يدخر و�سعا يف �أن يعمل �أي‬ ‫�شيء لأجل �أن يثبت لها �أنها كانت حلمه الذي بقي حمتفظا به طيلة �أربعة‬ ‫عقود‪ ،‬فيحر�ص على �أن يركب القطار يوميا يف رحلة ت�ستغرق �ساعة من‬ ‫الزمن‪ ،‬من ال�شقة التي ي�سكنها �إىل بيتها ليكون �إىل جانبها وليخفف عنها‬ ‫ما تعانيه من �آالم‪.‬‬ ‫بنية ال�سرد‬ ‫اعتمد �سعد حممد رحيم على تناوب ثالثة �أ�صوات يف �سرد الأح��داث‪:‬‬ ‫ال�سارد العليم‪ ،‬الدكتور رمزي‪ ،‬هانا‪ .‬ويف �إطار هذه البنية انزاح ال�سرد‬ ‫�إىل مبد�أ تعار�ضي‪� ،‬إذ اعتمد على خلق عامل �سردي متخيل‪ ،‬يف الوقت‬ ‫نف�سه عمد �إىل تعرية هذا العامل �أمام القارئ‪ ،‬مبعنى انزياح ال�سرد �إىل‬ ‫تقنية الرواية امل�ضادة‪ ،‬بهذه التقنية يتحرك امل�ؤلف يف م�ساحة من حرية‬ ‫التخييل‪ ،‬بال�شكل الذي متنحه �إمكانية خلق بنية متخيلة‪ ،‬ومن ثم التعليق‬ ‫عليها وتفكيكها‪ ،‬وهذا ما تك�شف عنه �شخ�صية رمزي‪ /‬ال�صوت ال�سارد‪،‬‬ ‫وهو يخاطب القارئ يف ال�صفحة الأوىل‪�« :‬ست�س�ألني‪ :‬وماذا عن الأحالم؟‬

‫ن�صو�ص �شعر ونرث (خريفك اجمل الف�صول) للدكتورة ال�شاعرة لبنى احلديثي‬ ‫اق��ام��ت دائ���رة ق�صر امل��ومت��رات احتفال‬ ‫جل�سة ثقافية لتوقيع ك��ت��اب ن�صو�ص‬ ‫�شعرية ونرثية "خريفك اجمل الف�صول"‬ ‫للدكتورة ال�شاعرة لبنى احلديثي على‬ ‫ق��اع��ة ج���واد �سليم يف امل��رك��ز الثقايف‬ ‫ال���ب���غ���دادي ‪ ،‬وب��رع��اي��ة وزي����ر الثقافة‬ ‫وال�سياحة واالثار عبد االمري احلمداين ‪،‬‬ ‫�أدارها ال�شاعر واملخرج جبار امل�شهداين‬ ‫‪ .‬وق��ال��ت ال�����ش��اع��رة لبنى احل��دي��ث��ي ان‬ ‫الكتاب ‪� ،‬شمل حوايل ‪ ٧٠‬ن�ص �شعر ونرث‬ ‫من ‪� ١٦٠‬صفحة والإ���ص��دار االول �آذار‬

‫هال متهلت الرحيل؟‬ ‫طارق الحلفي‬

‫ُ‬ ‫الرياح‬ ‫بيت على ال�شط� ِآن جترف ُه‬ ‫ْ‬ ‫النواح‬ ‫بيت على االحزان يجرفه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ال�صباح‬ ‫ينابيع‬ ‫بيت ويول ُد من‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فالعا�شقون جتمعوا‬ ‫كي يحملوا من ثغرهِ‬ ‫َ‬ ‫الرحيل‬ ‫غ�صن‬ ‫ِ‬ ‫على رحيق من اكاليل اللقاحُ‬ ‫وليم�سحوا عن عين ِه‬ ‫واجلراح‬ ‫الطفولة‬ ‫وج َع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫*‬ ‫ومل‬ ‫ر‬ ‫النها‬ ‫يا �صاحبي طل َع‬ ‫ُ ت�ضئْ‬ ‫ن�س َغ احلوا ْر‬ ‫ْ‬ ‫يا �صاحبي طل َع النها ُر ومل ت�ضئْ‬ ‫املُ‬ ‫املقامات التي‬ ‫حكمات من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكالم قالئداً‬ ‫ا ّرختَ فيها من‬ ‫ِ‬ ‫ازاهري ِ‬ ‫َ‬ ‫وخلقتَ‬ ‫أم�شاجها‬ ‫�‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فردو�س طارفها الندي‬ ‫َ‬ ‫يا �صاحبي‬ ‫طل َع النها ُر ومل ا َر‬ ‫ع�صفو َر ِ�ش َ‬ ‫عرك يف يدي‬ ‫يا �صاحبي‬ ‫ماذا َت َ‬ ‫راك تركتَ يل؟‬ ‫فلطاملا �آ�سيتني‬ ‫الطلع حني تزورين‬ ‫ِ‬ ‫بحديث وادي ِ‬ ‫وال َآن قد َودّعتني‬ ‫و�ش ُ‬ ‫َ‬ ‫املاء‬ ‫قائق‬ ‫االحزان َتلب َُ�س حُ ّل َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫التي‬ ‫ُقلتي ومُهجتي‬ ‫َاه َر ْق ُت فيها م َّ‬ ‫ُب�سم ًال‪..‬‬ ‫�ضوء‬ ‫ِل ُتطي َل من ِ‬ ‫الفراق م ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الة تهجّ دي‬ ‫ِب َ�شجا َ�ص ِ‬ ‫َهال مَ َ‬ ‫تهلتَ الرحيل؟‬ ‫ُ‬ ‫كي ال اغطي ِبالبُكا‬ ‫ياقوتَ جم َر ق�صيدتي‬

‫‪ ٢٠١٩‬عن دار امل�ؤلف للطباعة والن�شر‬ ‫والتوزيع ب�يروت لبنان ‪ ،‬ب��دا بالأعداء‬ ‫اىل م�سقط را���س��ي وقلبي ب��ل��دي الذي‬ ‫املحن ‪ ،‬وان كل ما جاء‬ ‫بقي �صامدا رغم ٌ‬ ‫ب�صفحات الكتاب من احلياة الواقعية‬ ‫والتجارب ال�شخ�صية ‪ ،‬واحلياة احيانا‬ ‫ت��ف��ر���ض علينا ان ن�ضع �أنف�سنا مكان‬ ‫الآخرين لن�شعر مبعاناتهم وجت�سدها ‪،‬‬ ‫واهدي الكتاب اىل روح ال�شاعر الكبري‬ ‫نزار قباين ‪ ،‬وبدات بن�صو�ص �أجرا�س‬ ‫البعد والهوى ‪ ،‬احبك ‪ ،‬احتاجك وطنا‬ ‫�أبديا ‪ ،‬وَجُ لي ‪ ،‬حلم ام حقيقية ‪ ،‬عتاب‬ ‫رق��ي��ق ‪ ،‬منذ االزل ‪ ،‬ال �أق���وى ب��دون��ك ‪،‬‬ ‫ا�شتاقك بحج ال�سماء ‪ ،‬احببتكك ب�إرادتي‬ ‫‪ ،‬والع�شرات من الن�صو�ص املتعددة ‪،‬‬ ‫وجدا �أ�سعدين ح�ضور مدير عام دائرة‬ ‫ق�صر امل��ومت��رات حممود ا���س��ود خليفة‬ ‫‪ ،‬واجل��م��ه��ور م��ن املثقفني واالعالميني‬ ‫وال��ك��ت��اب وال�����ش��ع��راء ‪ ،‬وال����دور املتميز‬ ‫ملن�سق عالقات واع�لام الدائرة ومديرة‬ ‫وحدة �سالمة اللغة العربية �سوزان كاظم‬ ‫ك�شكول ‪ .‬وتابعت احلديثي ‪ ،‬انها حتمل‬

‫���ش��ه��ادة ال��دك��ت��ورة بالطب و�أخ�صائية‬ ‫تغذية عالجية خمت�صة يف طب االطفال‬ ‫‪ ،‬ولدت ببغداد ‪ ، ١٩٩١‬و�أكملت درا�ستها‬ ‫العليا يف اململكة املتحدة ‪ ،‬ولها الكثري من‬ ‫البحوث الطبية والكتب املن�شورة عامليا‬ ‫‪ ،‬ودخ��ل��ت ع��امل الكتابة بعمر اخلام�سة‬

‫ع�شر وتهوي كتابة الن�صو�ص ال�شعرية‬ ‫والنرثية ‪" ،‬خريغك اجمل الف�صول" هو‬ ‫العمل االول لها ‪ ،‬وتنتمي لعائلة ادبية‬ ‫وفنية ‪ ،‬حيث ان عمها الفنان الت�شكيلي‬ ‫هاين داله علي وخالها االعالمي واملذيع‬ ‫املتميز الدكتور خريي حممد دروي�ش ‪.‬‬

‫وتق�صد �أح�لام املنام �إن كنتَ تراها م��رات كثرية لأن��ك تفكر بها‪ ..‬ح�سنا‬ ‫�س�أ�س ُّر لك ب�شيء‪ ،‬ما ُ‬ ‫كنت لأت�صور �أن �أحكي عنه لأي احد‪ ،‬لكن هذا اليوم‪،‬‬ ‫لي�س ك�أي يوم‪ ،‬اليوم �أخرجني اوالدي من م�شفى (‪ )royal free‬و�أين؟‬ ‫يف املدينة التي لها عالقة بحكايتي‪� ..‬أما ملاذا �أخربك �أنت؟ فلأنك ال تعرفني‪،‬‬ ‫ولن تت�أكد �أبدا �إن كنت وجدت حقا يف الأزمنة والأمكنة التي �أدعيها»‪� .‬إن‬ ‫عملية التعرية والتفكيك للبنية ال�سردية تبد�أ من ال�سطور الأوىل‪ ،‬بذلك‬ ‫يذهب بنا امل�ؤلف �إىل لعبة فنية ينقلنا فيها بني عاملني‪ ،‬فما �أن ي�أخذنا �إىل‬ ‫عامل �سردي مفرت�ض‪ ،‬متخيل‪ ،‬ب�شخو�صه وتفا�صيله‪ ،‬حتى ينقلنا �إىل عامل‬ ‫واقعي‪� ،‬إ ّال �أنه لن يتوقف عند ذلك‪ ،‬بل يوا�صل ممار�سة اللعب يف �إطار زمن‬ ‫�سردي يتنقل بني االرت��داد واال�ستباق‪ ،‬من بعد �أن جعل �أح��داث الرواية‬ ‫ت��دور بني زمنني ومكانني متباعدين بغداد ‪ 1966‬ولندن ‪ .2005‬هذه‬ ‫النزعة امليتا�سردية يف بنية الرواية‪ ،‬على ما يبدو‪� ،‬سعى من خاللها امل�ؤلف‬ ‫�إىل ك�سر امل�ألوفية يف البنى‪ ،‬باالعتماد على ت�ضخيم التعار�ضات‪ :‬التقنية‬ ‫والتقنية امل�ضادة‪ ،‬بناء املتخيل وتفكيكه‪ .‬ومن الوا�ضح �أن املراهنة على‬ ‫هذه املناورة الأ�سلوبية كان يريد بها تقوي�ض وهدم �سلطة الراوي العليم‪،‬‬ ‫والإط��اح��ة بالتف�سري املحدد ال��ذي يتمخ�ض ع��ادة يف الرواية الواقعية‪،‬‬ ‫بالتايل كل ذلك �سيذهب ل�صالح القارئ حتى ي�ضطلع بدور �أكرث فاعلية يف‬ ‫بناء معنى الن�ص‪ .‬ومع �أن �سعد حممد رحيم يف هذه الرواية تعاطى مع‬ ‫ال�سرد الروائي باعتباره كتابة عن الذات‪ ،‬وهي تعك�س ر�ؤيتها عن العامل‬ ‫واحلياة‪� ،‬إ َّال �أنه �أتقن متويه هذه اللعبة عندما جل�أ �إىل اجرتاح جمازات‬ ‫فنية تتجمع فيها �شظايا الذات من بعد �أن يبعرثها‪ ،‬حتى ال تبدو متورطة‬ ‫يف الك�شف عن نف�سها بنف�سها‪ ،‬باالتكاء على ك�سر الإيهام و�إ�شراك القارئ‬ ‫معه‪ ،‬وخماطبته ب�شكل مبا�شر‪.‬‬ ‫رم��زي‪« :‬ه��ل ما �س�أكتبه يدخل يف خانة ال�سرية الذاتية �أم ال��رواي��ة‪� ،‬أم‬ ‫الرواية – ال�سرية؟»‬ ‫�إن فن الكتابة الروائية‪ ،‬وبقية الفنون الإبداعية عامة‪ ،‬ينبغي �أن حتقق‬ ‫متعة التوا�صل مع املتلقي يف حم�صلة مبتغاها النهائي‪ ،‬والأعمال التي‬ ‫يتوفر فيها ن�ضج فني‪ ،‬من املنطقي جدا �أن ينعك�س ذلك بقدر معقول من‬ ‫ال�شعور بال�سعادة على غالبية املتلقني‪ ،‬حتى �إن كان العمل يحمل �شحنة‬ ‫من الأحداث امل�أ�ساوية‪ .‬ورواية «القطار‪� ..‬إىل منزل هانا» التي �صدرت بعد‬ ‫�أن غادر م�ؤلفها �سعد حممد رحيم احلياة مطلع عام ‪ 2018‬توفرت على‬ ‫عوامل و�شخ�صيات وعالقات تفي�ض مب�شاعرعميقة ال ي�صل �إىل �صياغتها‬ ‫بهذه الدرجة من الواقعية والإن�سانية‪� ،‬إال من كان يحمل موهبة حقيقية‪.‬‬ ‫وب�شكل عام الكتابة الروائية يف العراق تفتقد �إىل حد كبري لنموذج الكاتب‬ ‫الذي يعاند الزمن يف كتاباته‪ ،‬بال�شكل الذي يدفعنا �إىل �أن نعيد قراءتها‬ ‫مرة و�أخرى‪ .‬نعم‪ ،‬لدينا ك ّتاب تتوفر يف نتاجاتهم هذه القيمة الفنية‪ ،‬ولكن‬ ‫يعدون على �أقل من �أ�صابع اليد الواحدة‪ ،‬ونظن �أن هذه الرواية �ستكون‬ ‫على قائمة الروايات التي �سنحتاج �إىل قراءتها �أكرث من مرة‪.‬‬

‫العراق وم�صر وال�سودان يفوزون‬ ‫بجائزة الأمري عبد اهلل الفي�صل العاملية لل�شعر العربي‬ ‫اعلن الأم�ي�ر خالد الفي�صل �أم�ير منطقة مكة املكرمة �أ�سماء‬ ‫ال��ف��ائ��زي��ن ب��ج��ائ��زة الأم�ي�ر عبدالله الفي�صل العاملية لل�شعر‬ ‫فرع‬ ‫العربي يف دورت��ه��ا الأوىل‪ .‬و�أع��ل��ن الفي�صل ا�ستحداث ٍ‬ ‫للجائزة بقيمة ن�صف مليون ري��ال خم�ص�ص لطلبة وطالبات‬ ‫مرحلتي الثانوية والبكالوريو�س على �أن مينح الفائز الأول‬ ‫‪� 300‬أل��ف ري��ال و ‪� 200‬أل��ف ري��ال للثاين ‪ ،‬لي�صبح �إجمايل‬ ‫قيمة اجلائزة يف �أفرعها الأربعة مليون ريال ون�صف‪ .‬وهن�أ‬ ‫الأمري خالد الفي�صل‪ ،‬الفائزين باجلائزة وهم‪ :‬‏ال�شاعر حممد‬ ‫عبدالله عبدالباري م��ن جمهورية ال�����س��ودان يف ف��رع ال�شعر‬ ‫العربي الف�صيح وقيمتها ‪� 500‬أل��ف ري��ال‪ ،‬وال�شاعر فـوزي‬ ‫حممود �أحمد خ�ضر من جمهورية م�صر العربية يف فرع ال�شعر‬ ‫امل�سرحي وقيمتها ‪� 300‬ألف ريال ‪ ،‬فيما فاز باجلائزة يف فرع‬ ‫الق�صيدة املغ ّناة ال�شاعر كرمي عودة لعيبي من جمهورية العراق‬ ‫وقيمتها ‪� 200‬ألف ريال ‪ ،‬الفت ًا �إىل �أهمية اجلائزة التي حتمل‬ ‫ا�سم الأم�ي�ر عبدالله الفي�صل ال��ذي ا�ستطاع نقل ال�شعر يف‬ ‫اململكة �إىل العامل العربي ونقل �شاعرية الإن�سان ال�سعودي‬ ‫�إىل خارج حدود الوطن‪ .‬و�أكد �ضرورة االعتناء بالعلم والفكر‬ ‫والثقافة ‪ ،‬كونها الأ�سا�س يف النه�ضة االجتماعية واالقت�صادية‬ ‫وغريها ‪ ،‬وهي القادرة �أي�ض ًا على تعزيز فر�ص نه�ضة الإن�سان‬ ‫ال�سعودي يف خمتلف املجاالت‪ .‬وبح�سب �أمانة اجلائزة فقد‬

‫تلقت جلنة التحكيم ‪ ٢٠٠‬مرا�سلة للرت�شح للجائزة ‪ ،‬وو�صل‬ ‫ع��دد امل�ستخدمني الذين �سجلوا على موقع الأكادميية ‪٢٣٤‬‬ ‫م�ستخدم ًا ‪ ،‬جرت مرا�سلتهم جميع ًا لت�سجيل الرت�شيح ‪ ،‬فيما‬ ‫و�صل عدد امل�شاركات املكتملة للفروع الثالثة ‪ ٤٧‬م�شاركة من‬ ‫‪ ١١‬دولة ‪ ،‬مقابل ت�سع م�شاركات فقط غري مكتملة الأوراق �أو‬ ‫ال�شروط ‪ .‬وتعد �أكادميية ال�شعر العربي التي تتخذ من جامعة‬ ‫الطائف مقر ًا لها ‪ ،‬م�ؤ�س�سة متخ�ص�صة يف تنمية ال�شعر العربي‬ ‫الف�صيح ودعمه وتطويره ‪ ،‬بتقدير فحول ال�شعراء واملربزين‬ ‫منهم ‪ ،‬ودعم املوهوبني والنا�شدين ‪ ،‬وتفعيل الأن�شطة ال�شعرية‬ ‫والنقدية ‪ ،‬وتعزيز دور ال�شعر العربي الف�صيح يف ثقافتنا‬ ‫املعا�صرة‪ .‬وب��د�أت الأكادميية يف ا�ستقبال �أ�سماء املر�شحني‬ ‫للفوز باجلائزة يف فروعها الثالثة ‪ ،‬بعد خماطبتها نحو ‪٢٠٠‬‬ ‫جهة حكومية و�أهلية يف خمتلف الدول العربية ‪ ،‬من بينها ‪١٥‬‬ ‫وزارة للثقافة ‪ ،‬و‪ ١٧‬ملحقية ثقافية عربية معتمدة يف اململكة‬ ‫‪� ،‬إىل جانب جميع اجلامعات ال�سعودية ‪ ،‬وك�برى اجلامعات‬ ‫العربية‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات الثقافية والأندية الأدبية ‪ ،‬وبيوت ال�شعر‬ ‫و�أكادميياته يف ال�سعودية وخارجها ‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات العربية‬ ‫املعنية بامل�سرح ‪ ،‬ودور الأوبرا ‪ ،‬و�أكادمييات الفنون املو�سيقية‬ ‫ومعاهدها ‪ ،‬وامل�ؤ�س�سات القائمة على املهرجانات امل�سرحية‬ ‫والغنائية الكربى‪.‬‬

‫�أمني معلوف يعاين (غرق احل�ضارات) بعني امل�ؤرخ واملثقف والروائي‬ ‫حسونة المصباحي‬

‫يح�ضر التاريخ يف العديد من رواي���ات �أم�ين معلوف التي ترجمت �إىل �أزي��د من‬ ‫ثالثني لغة‪ .‬وهو يحب �أن تتميز �شخ�صيات رواياته مبا يتناق�ض ويتنافر مع احلقبة‬ ‫التاريخية التي يعي�شونها‪ .‬وقد تعي�ش هذه ال�شخ�صيات التمزق ب�ش�أن هويتها الثقافية‬ ‫واحل�ضارية والدينية مثلما هو احلال مع روايته الأوىل “ليون الأفريقي”‪ .‬ويف‬ ‫“�صخرة تانيو�س” التي �أحرزت على جائزة غونكور الفرن�سية العريقة عام ‪،1993‬‬ ‫هو يعود بنا �إىل منت�صف القرن التا�سع ع�شر لري�سم لنا �صورة عن ال�صراعات احلادة‬ ‫التي اندلعت يف لبنان بني القوى الكربى يف تلك الفرتة من خالل اغتيال البطريرك‬ ‫املاروين من قبل �شخ�ص يدعى �أبوك�شك‪.‬‬

‫االرتداد �إىل املا�ضي‬ ‫ال تختلف روايات �أمني معلوف عن الدرا�سات التي �أجنزها �إىل حد هذه ال�ساعة‪ .‬ففيها‬ ‫هي �أي�ضا يح�ضر التاريخ بامتياز‪ .‬وهذا ما نعاينه يف “الهويات القاتلة” الذي يدر�س‬ ‫فيه �أحوال الهويات الفردية �أو اجلماعية التي تقود �إىل العنف واحلروب بني �أبناء‬ ‫الوطن الواحد على �أ�س�س طائفية �أو دينية �أو عرقية �أو غريها مثلما حدث يف لبنان‬ ‫يف اخلم�سينات وال�سبعينات من القرن املا�ضي‪ .‬ويف كتابه “اختالل العامل” يدر�س‬ ‫معلوف �أح��وال العامل يف زمن العوملة‪ .‬وهي �أح��وال تتميز مبخاطر ج�سيمة �سواء‬ ‫على امل�ستوى ال�سيا�سي‪� ،‬أم االقت�صادي‪� ،‬أم االجتماعي‪� ،‬أم الثقايف واحل�ضاري‪.‬‬ ‫ين�ضاف �إىل كل هذا اختالل مناخي وبيئي �أ�صبح يهدد الب�شرية برمتها‪ .‬ويرى �أمني‬ ‫معلوف �أن االختالل الذي يعي�شه العامل راهنا عائد بالأ�سا�س �إىل “الإنهاك املتزايد‬ ‫للح�ضارات كافة”‪ .‬يف كتابه اجلديد الذي حمل عنوان “غرق احل�ضارات” ال�صادر‬ ‫مطلع الربيع احلايل عن دار “غرا�سي” يف باري�س‪ ،‬ي�سلط �أمني معلوف الأ�ضواء‬ ‫على �أح���وال ال��ع��امل راه��ن��ا‪ ،‬م��رك��زا باخل�صو�ص على ال��ع��امل الغربي‪ ،‬وعلى العامل‬ ‫العربي‪ ،‬ودار�سا بدقة وواقعية “املالحظ املت�شبث بعقالنيته” يف زمن اجلنون‪،‬‬ ‫والعنف‪ ،‬والإرهاب الأعمى‪ ،‬املخاطر اجل�سيمة التي تهدد الب�شرية راهنا‪� ،‬سواء كانت‬

‫اقت�صادية‪� ،‬أم �سيا�سية‪� ،‬أو ثقافية وح�ضارية مُوحيا لنا �أن احل�ضارات ميكن �أن تغرق‬ ‫فج�أة مثلما حدث لـ”التيتانيك”‪ .‬ويف البداية يقول �أمني معلوف �إن “الظلمات التي‬ ‫اكت�سحت العامل راهنا بد�أت يف بالده لبنان”‪ .‬ويعود ذلك �إىل �أن العامل العربي اختار‬ ‫“الطريق اخلط�أ”‪ .‬ف�سبب �إخالالت حركة النه�ضة العربية التي بد�أت يف منت�صف‬ ‫القرن التا�سع ع�شر‪ّ � ،‬أن املجتمعات العربية مل تتمكن من اال�ستجابة الفعلية لدعوات‬ ‫الإ�صالح والتحديث بل ظلت م�شدودة �إىل املا�ضي‪ ،‬راف�ضة كل ما ي�سمح لها بامل�ساهمة‬ ‫يف احل�ضارة اجلديدة‪ .‬وبعد نيل البلدان العربية ال�ستقاللها‪ ،‬وخال�صها من الهيمنة‬ ‫اال�ستعمارية‪� ،‬صعدت �إىل كر�سي ال�سلطة �أنظمة مت�سلطة وفا�سدة حكمت ال�شعوب‬ ‫باحلديد والنار‪ .‬وقد زاد ذلك يف تعميق اجلراح والأزمات‪ ،‬و�سمح للحركات الأ�صولية‬ ‫املتطرفة باكت�ساح املجتمعات العربية موهمة �إياها ب�أنها قادرة على �أن ت�ضمن لها‬ ‫العي�ش الكرمي يف احلياة الدنيا‪ ،‬واجلنة يف الآخ��رة‪ .‬ويُحمّل �أم�ين معلوف نظام‬ ‫عبدالنا�صر اجلزء الأكرب من امل�س�ؤولية يف ما حدث للعامل العربي من كوارث ومن‬ ‫�أزمات‪ .‬ويف البداية‪ ،‬ا�ستطاع عبدالنا�صر �أن يك�سب ثقة ال�شعوب العربية من املحيط‬ ‫�إىل اخلليج رافعا �شعار الوحدة العربية‪ .‬لكنه مل يكن واعيا بتحديات املرحلة‪ ،‬وجاهال‬ ‫مبا كانت تقت�ضيه من حلول‪ .‬وعو�ض �أن يقوم بالإ�صالحات ال�ضرورية والالزمة‪،‬‬ ‫قام بتدمري االقت�صاد امل�صري‪ ،‬و�أ�شاع امل�شاعر ال�شوفينية‪ ،‬وا�ضطهد الأقليات التي‬ ‫كانت �ضامنة لنجاح التعاي�ش الثقايف واحل�ضاري والديني‪ .‬ويف النهاية قاد بالده‬ ‫والعامل العربي ب�أ�سره �إىل هزمية حرب‪ ،67‬التي ال تزال جراحها مفتوحة �إىل حد‬ ‫هذه ال�ساعة‪.‬‬ ‫الفو�ضى القاتلة‬ ‫ي�شبّه �أمني معلوف العامل العربي ب�شخ�صيتي الكاتب الأمريكي �ستفن�سون‪ ،‬الدكتور‬ ‫جايكل وم�سرت هايد‪ ،‬وهما يف احلقيقة �شخ�صية واحدة‪ .‬فامل�سرت هايد رجل �شرير‬ ‫وقاتل‪� .‬أم��ا الدكتور جايكل فرجل طيب ونزيه‪ .‬ويقول �أم�ين معلوف �إن��ه عاين يف‬ ‫مراحل خمتلفة من حياته �أن العامل العربي يكون مرة الدكتور جايكل مثلما هو احلال‬

‫يف لبنان وم�صر وتون�س والعراق‪ ،‬حيث كان ال�سالم �سائدا بني خمتلف الطبقات‬ ‫االجتماعية‪ .‬وكان هناك تطلع للم�ستقبل ورغبة يف النهو�ض باملجتمعات من خالل‬ ‫حركات فنية و�أدب��ي��ة وفكرية جت�سدت يف ال�شعر ويف ال��رواي��ة ويف امل�سرح ويف‬ ‫ال�سينما ويف الفكر النقدي والفل�سفي ويف �صحافة حرة �أو �شبه حرة‪ .‬لكن �سرعان‬ ‫ما انتفى كل ذلك ليظهر العامل العربي بوجه كئيب وعنيف‪ ،‬وجه امل�سرت هايد‪ .‬ويعتقد‬ ‫�أمني معلوف �أن املفكر الأمريكي هنتنغتون �صاحب نظرية “ت�صادم احل�ضارات” كان‬ ‫على حق يف نقطة معينة‪ ،‬وهي �أن ال�شعوب غالبا ما ت�ستند راهنا �إىل الدين يف خالفها‬ ‫مع املخالفني لها يف العقيدة‪� .‬إ ّال �أنه ال يتفق معه يف العديد من النقاط الأخرى �إذ �إن‬ ‫العامل الإ�سالمي مثال ال يج�سد جمموعة متما�سكة ومتوحدة مثلما يعتقد هنتنغتون‪،‬‬ ‫و�إمنا هو ي�شكل بالأحرى ميدانا للمعارك واحلروب بني الإخوة الأعداء‪ ،‬وفيه تقوم‬ ‫احلركات الأ�صولية املت�شددة بقتل م�سلمني با�سم الإ�سالم‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.