10 التقنية امل�ضادة يف رواية (القطار… �إىل منزل هانا) ل�سعد حممد رحيم ال�سبت املوافق 23من �آذار 2019العدد 4290ـ ال�سنة ال�ساد�سة ع�شرة
ثقافية
Saturday ,23 March. 2019 No. 4290 Year 16
مروان ياسين الدليمي
مفتاح خلود الأعمال الروائية يف ذاكرة القراء وتاريخ الأدب يبقى مرهونا بخطابها الفني بكل عنا�صره البنائية� ،إذا ما الم�س اجلانب الإن�ساين يف املتلقي ،وبطبيعة احلال من غري �أن ن�ستبعد الأ�سلوب الذي كتبت فيه ملا يحوزه من �أهمية ق�صوى يف العملية الإبداعية ،باعتباره جمموعة تقنيات يتم الركون �إىل ممكنات ا�شتغاالتها يف معاجلة املو�ضوع ،لكونها وحدات و�آليات فنية ،يتم التعبري من خاللها عن الر�ؤية الفل�سفية للكاتب ،وكلما ن�أى العمل الفني عن ثرثرة الأيديولوجيا مب�سافة بعيدة ،كان �أقرب �إىل جوهر الفن واملتلقي يف �آن ،وهنا يكمن �سر احتفائنا مبا كتبه دي�ستويف�سكي وت�شيخوف وتول�ستوي وجنيب حمفوظ على �سبيل املثال ال احل�صر، رغم مرور ع�شرات ال�سنني على �صدور �أعمالهم ،وتغري تقنيات و�أ�ساليب و�أ�شكال الكتابة ب�شكل كبري جدا.
املنت احلكائي بعد �أن يبلغ اخلام�سة وال�ستني من عمره وتتوفى زوجته ي�سافر الدكتور رمزي الباحث يف الآثار �إىل �إنكلرتا عام 2005ليقيم مع ابنته الطبيبة، ولأن احلب بالن�سبة له كف�صول ال�سنة ي�أتي ويذهب ،وهو جزء من تلك الدورة ال�سخية التي ت�صنع احلياة ،ويبقى غام�ضا كاحلياة متاما ،تعي�ش معه وبه وال مت�سك بجوهره النقي بالكلمات ،ولأن��ه يجد احلب ك�أ�شياء �أخرى مثل الأمل ،ومثل الرعب ،مثل الق�سوة ،مثل احلنان ال ميكن تف�سريه، وال ميكن الك�شف عن مغزاه ،يبقى الدكتور رمزي باحثا عن هانا ،ابنة ديفيد ماير عامل الآث��ار الربيطاين ،التي مل تربح ذاكرته منذ عام 1966 عندما جاءت لزيارة والدتها جاكلني كاتبة الق�ص�ص البولي�سية ،ووالدها الذي كان يف مهمة بحث وتنقيب عن الآثار العراقية ،ومنذ �أن فارقها بقي م�شغوال بها ،وظل يت�ساءل حول طبيعة العالقة معها ونوعها� ،إن كانت حبا �أو مل تكن ،وكان �س�ؤاال �صعبا ،مل ي�ستطع الإجابة عليه ،وهناك �أ�سئلة �أخرى بقيت تراوده «�إن كنتَ ترغب ب�صورتها وت�شتهيها فقط فذلك لي�س هو احلب .و�إذن �أنا �أعرف ما لي�س هو احلب ،ولكنني �أعجز عن حتديد ماهية احلب» .وبعد �أربعني عاما ي�صل �إىل �إنكلرتا ،ويف داخله �أمل كبري ب�أن يعرث عليها ،مع �أنه كان حبا من طرف واحد .ومل يكن العثور عليها �أم��را ع�سريا لأن��ه يحتفظ بعنوان بيت عامل الآث��ار ال��ذي �سبق �أن رافقه يف عمله طيلة فرتة بقائه يف العراق ،فيذهب �إىل هناك ،ويطرق الباب، ويجدها تعي�ش وحيدة مع خادمتها ،بعد �أن تويف والداها ،وقد جتاوز عمرها ال�ستني عاما ،وال تذكر اي �شيء مما احتفظت به ذاكرة رمزي ،وال تتذكره هو �شخ�صيا يف بداية اللقاء ،لأنها مل مت�ض مع والديها يف العراق �سوى �أ�سبوعني ،لتعود بعدها �إىل �إنكلرتا .تلك الأح��داث م ّر عليها زمن طويل ،وهذا يكفي حتى متحى من ذاكرتها ،ومل يفلح �أن ّ ين�شط ذاكرتها لكي تتذكر تلك اللحظة التي مار�ست فيها اجلن�س معه ،وكانت �آنذاك يف
حالة غ�ضب وانفعال بعد انف�صالها عن ال�شاب الذي رافقها يف رحلتها �إىل الهند ،قبل �أن ت�صل و�إي��اه �إىل العراق لتزور والديها .حتى �أن عالمات الده�شة ترت�سم على وجهها �إزاء ما ميتلكه من قدرة على ا�ستذكار تفا�صيل تعود �إىل �أربعني عاما م�ضت. – �أعذرين مل تعد الذاكرة كما كانت – خرجنا ذات ظهرية �أنا و�أنت – �أنت ال تدري ما الذي ح�صل طوال �أربعني عاما – �أعرف �أ�شياء قليلة لكنه كان يوما خريفيا حارا – �أح�سدك على ذاكرتك يا �صاح� ،أظنني ن�سيت كل �شي اعتمد �سعد حممد رحيم على تناوب ثالثة �أ�صوات يف �سرد الأح��داث: ال�سارد العليم ،الدكتور رمزي ،هانا. هي الآن تعاين من ال��وح��دة بقدر ما تعاين من التهاب املفا�صل ،لكنها مازالت حتتفظ بتلك املالمح اجلميلة التي متكنت من �أن ت�ستحوذ على اهتمامه� ،أيام كان �شابا .و�شيئا ف�شيئا يتمكن من �أن يجعلها تثق به ويفلح يف �أن يوقظ يف داخلها م�شاعر احل��ب ناحيته ،ومل تعد تقوى على �أن
يبتعد عنها ،بعد �أن �أبدى اهتماما بها وب�صحتها ،خا�صة بعد �أن يبلغها الطبيب ب�أنها م�صابة ب�سرطان املبي�ض .فلم يدخر و�سعا يف �أن يعمل �أي �شيء لأجل �أن يثبت لها �أنها كانت حلمه الذي بقي حمتفظا به طيلة �أربعة عقود ،فيحر�ص على �أن يركب القطار يوميا يف رحلة ت�ستغرق �ساعة من الزمن ،من ال�شقة التي ي�سكنها �إىل بيتها ليكون �إىل جانبها وليخفف عنها ما تعانيه من �آالم. بنية ال�سرد اعتمد �سعد حممد رحيم على تناوب ثالثة �أ�صوات يف �سرد الأح��داث: ال�سارد العليم ،الدكتور رمزي ،هانا .ويف �إطار هذه البنية انزاح ال�سرد �إىل مبد�أ تعار�ضي� ،إذ اعتمد على خلق عامل �سردي متخيل ،يف الوقت نف�سه عمد �إىل تعرية هذا العامل �أمام القارئ ،مبعنى انزياح ال�سرد �إىل تقنية الرواية امل�ضادة ،بهذه التقنية يتحرك امل�ؤلف يف م�ساحة من حرية التخييل ،بال�شكل الذي متنحه �إمكانية خلق بنية متخيلة ،ومن ثم التعليق عليها وتفكيكها ،وهذا ما تك�شف عنه �شخ�صية رمزي /ال�صوت ال�سارد، وهو يخاطب القارئ يف ال�صفحة الأوىل�« :ست�س�ألني :وماذا عن الأحالم؟
ن�صو�ص �شعر ونرث (خريفك اجمل الف�صول) للدكتورة ال�شاعرة لبنى احلديثي اق��ام��ت دائ���رة ق�صر امل��ومت��رات احتفال جل�سة ثقافية لتوقيع ك��ت��اب ن�صو�ص �شعرية ونرثية "خريفك اجمل الف�صول" للدكتورة ال�شاعرة لبنى احلديثي على ق��اع��ة ج���واد �سليم يف امل��رك��ز الثقايف ال���ب���غ���دادي ،وب��رع��اي��ة وزي����ر الثقافة وال�سياحة واالثار عبد االمري احلمداين ، �أدارها ال�شاعر واملخرج جبار امل�شهداين .وق��ال��ت ال�����ش��اع��رة لبنى احل��دي��ث��ي ان الكتاب � ،شمل حوايل ٧٠ن�ص �شعر ونرث من � ١٦٠صفحة والإ���ص��دار االول �آذار
هال متهلت الرحيل؟ طارق الحلفي
ُ الرياح بيت على ال�شط� ِآن جترف ُه ْ النواح بيت على االحزان يجرفه ْ ُ ال�صباح ينابيع بيت ويول ُد من ْ ِ َ فالعا�شقون جتمعوا كي يحملوا من ثغرهِ َ الرحيل غ�صن ِ على رحيق من اكاليل اللقاحُ وليم�سحوا عن عين ِه واجلراح الطفولة وج َع ْ ِ * ومل ر النها يا �صاحبي طل َع ُ ت�ضئْ ن�س َغ احلوا ْر ْ يا �صاحبي طل َع النها ُر ومل ت�ضئْ املُ املقامات التي حكمات من ِ ِ الكالم قالئداً ا ّرختَ فيها من ِ ازاهري ِ َ وخلقتَ أم�شاجها � من ِ َ فردو�س طارفها الندي َ يا �صاحبي طل َع النها ُر ومل ا َر ع�صفو َر ِ�ش َ عرك يف يدي يا �صاحبي ماذا َت َ راك تركتَ يل؟ فلطاملا �آ�سيتني الطلع حني تزورين ِ بحديث وادي ِ وال َآن قد َودّعتني و�ش ُ َ املاء قائق االحزان َتلب َُ�س حُ ّل َة ِ ِ التي ُقلتي ومُهجتي َاه َر ْق ُت فيها م َّ ُب�سم ًال.. �ضوء ِل ُتطي َل من ِ الفراق م ِ ِ َ الة تهجّ دي ِب َ�شجا َ�ص ِ َهال مَ َ تهلتَ الرحيل؟ ُ كي ال اغطي ِبالبُكا ياقوتَ جم َر ق�صيدتي
٢٠١٩عن دار امل�ؤلف للطباعة والن�شر والتوزيع ب�يروت لبنان ،ب��دا بالأعداء اىل م�سقط را���س��ي وقلبي ب��ل��دي الذي املحن ،وان كل ما جاء بقي �صامدا رغم ٌ ب�صفحات الكتاب من احلياة الواقعية والتجارب ال�شخ�صية ،واحلياة احيانا ت��ف��ر���ض علينا ان ن�ضع �أنف�سنا مكان الآخرين لن�شعر مبعاناتهم وجت�سدها ، واهدي الكتاب اىل روح ال�شاعر الكبري نزار قباين ،وبدات بن�صو�ص �أجرا�س البعد والهوى ،احبك ،احتاجك وطنا �أبديا ،وَجُ لي ،حلم ام حقيقية ،عتاب رق��ي��ق ،منذ االزل ،ال �أق���وى ب��دون��ك ، ا�شتاقك بحج ال�سماء ،احببتكك ب�إرادتي ،والع�شرات من الن�صو�ص املتعددة ، وجدا �أ�سعدين ح�ضور مدير عام دائرة ق�صر امل��ومت��رات حممود ا���س��ود خليفة ،واجل��م��ه��ور م��ن املثقفني واالعالميني وال��ك��ت��اب وال�����ش��ع��راء ،وال����دور املتميز ملن�سق عالقات واع�لام الدائرة ومديرة وحدة �سالمة اللغة العربية �سوزان كاظم ك�شكول .وتابعت احلديثي ،انها حتمل
���ش��ه��ادة ال��دك��ت��ورة بالطب و�أخ�صائية تغذية عالجية خمت�صة يف طب االطفال ،ولدت ببغداد ، ١٩٩١و�أكملت درا�ستها العليا يف اململكة املتحدة ،ولها الكثري من البحوث الطبية والكتب املن�شورة عامليا ،ودخ��ل��ت ع��امل الكتابة بعمر اخلام�سة
ع�شر وتهوي كتابة الن�صو�ص ال�شعرية والنرثية " ،خريغك اجمل الف�صول" هو العمل االول لها ،وتنتمي لعائلة ادبية وفنية ،حيث ان عمها الفنان الت�شكيلي هاين داله علي وخالها االعالمي واملذيع املتميز الدكتور خريي حممد دروي�ش .
وتق�صد �أح�لام املنام �إن كنتَ تراها م��رات كثرية لأن��ك تفكر بها ..ح�سنا �س�أ�س ُّر لك ب�شيء ،ما ُ كنت لأت�صور �أن �أحكي عنه لأي احد ،لكن هذا اليوم، لي�س ك�أي يوم ،اليوم �أخرجني اوالدي من م�شفى ( )royal freeو�أين؟ يف املدينة التي لها عالقة بحكايتي� ..أما ملاذا �أخربك �أنت؟ فلأنك ال تعرفني، ولن تت�أكد �أبدا �إن كنت وجدت حقا يف الأزمنة والأمكنة التي �أدعيها»� .إن عملية التعرية والتفكيك للبنية ال�سردية تبد�أ من ال�سطور الأوىل ،بذلك يذهب بنا امل�ؤلف �إىل لعبة فنية ينقلنا فيها بني عاملني ،فما �أن ي�أخذنا �إىل عامل �سردي مفرت�ض ،متخيل ،ب�شخو�صه وتفا�صيله ،حتى ينقلنا �إىل عامل واقعي� ،إ ّال �أنه لن يتوقف عند ذلك ،بل يوا�صل ممار�سة اللعب يف �إطار زمن �سردي يتنقل بني االرت��داد واال�ستباق ،من بعد �أن جعل �أح��داث الرواية ت��دور بني زمنني ومكانني متباعدين بغداد 1966ولندن .2005هذه النزعة امليتا�سردية يف بنية الرواية ،على ما يبدو� ،سعى من خاللها امل�ؤلف �إىل ك�سر امل�ألوفية يف البنى ،باالعتماد على ت�ضخيم التعار�ضات :التقنية والتقنية امل�ضادة ،بناء املتخيل وتفكيكه .ومن الوا�ضح �أن املراهنة على هذه املناورة الأ�سلوبية كان يريد بها تقوي�ض وهدم �سلطة الراوي العليم، والإط��اح��ة بالتف�سري املحدد ال��ذي يتمخ�ض ع��ادة يف الرواية الواقعية، بالتايل كل ذلك �سيذهب ل�صالح القارئ حتى ي�ضطلع بدور �أكرث فاعلية يف بناء معنى الن�ص .ومع �أن �سعد حممد رحيم يف هذه الرواية تعاطى مع ال�سرد الروائي باعتباره كتابة عن الذات ،وهي تعك�س ر�ؤيتها عن العامل واحلياة� ،إ َّال �أنه �أتقن متويه هذه اللعبة عندما جل�أ �إىل اجرتاح جمازات فنية تتجمع فيها �شظايا الذات من بعد �أن يبعرثها ،حتى ال تبدو متورطة يف الك�شف عن نف�سها بنف�سها ،باالتكاء على ك�سر الإيهام و�إ�شراك القارئ معه ،وخماطبته ب�شكل مبا�شر. رم��زي« :ه��ل ما �س�أكتبه يدخل يف خانة ال�سرية الذاتية �أم ال��رواي��ة� ،أم الرواية – ال�سرية؟» �إن فن الكتابة الروائية ،وبقية الفنون الإبداعية عامة ،ينبغي �أن حتقق متعة التوا�صل مع املتلقي يف حم�صلة مبتغاها النهائي ،والأعمال التي يتوفر فيها ن�ضج فني ،من املنطقي جدا �أن ينعك�س ذلك بقدر معقول من ال�شعور بال�سعادة على غالبية املتلقني ،حتى �إن كان العمل يحمل �شحنة من الأحداث امل�أ�ساوية .ورواية «القطار� ..إىل منزل هانا» التي �صدرت بعد �أن غادر م�ؤلفها �سعد حممد رحيم احلياة مطلع عام 2018توفرت على عوامل و�شخ�صيات وعالقات تفي�ض مب�شاعرعميقة ال ي�صل �إىل �صياغتها بهذه الدرجة من الواقعية والإن�سانية� ،إال من كان يحمل موهبة حقيقية. وب�شكل عام الكتابة الروائية يف العراق تفتقد �إىل حد كبري لنموذج الكاتب الذي يعاند الزمن يف كتاباته ،بال�شكل الذي يدفعنا �إىل �أن نعيد قراءتها مرة و�أخرى .نعم ،لدينا ك ّتاب تتوفر يف نتاجاتهم هذه القيمة الفنية ،ولكن يعدون على �أقل من �أ�صابع اليد الواحدة ،ونظن �أن هذه الرواية �ستكون على قائمة الروايات التي �سنحتاج �إىل قراءتها �أكرث من مرة.
العراق وم�صر وال�سودان يفوزون بجائزة الأمري عبد اهلل الفي�صل العاملية لل�شعر العربي اعلن الأم�ي�ر خالد الفي�صل �أم�ير منطقة مكة املكرمة �أ�سماء ال��ف��ائ��زي��ن ب��ج��ائ��زة الأم�ي�ر عبدالله الفي�صل العاملية لل�شعر فرع العربي يف دورت��ه��ا الأوىل .و�أع��ل��ن الفي�صل ا�ستحداث ٍ للجائزة بقيمة ن�صف مليون ري��ال خم�ص�ص لطلبة وطالبات مرحلتي الثانوية والبكالوريو�س على �أن مينح الفائز الأول � 300أل��ف ري��ال و � 200أل��ف ري��ال للثاين ،لي�صبح �إجمايل قيمة اجلائزة يف �أفرعها الأربعة مليون ريال ون�صف .وهن�أ الأمري خالد الفي�صل ،الفائزين باجلائزة وهم :ال�شاعر حممد عبدالله عبدالباري م��ن جمهورية ال�����س��ودان يف ف��رع ال�شعر العربي الف�صيح وقيمتها � 500أل��ف ري��ال ،وال�شاعر فـوزي حممود �أحمد خ�ضر من جمهورية م�صر العربية يف فرع ال�شعر امل�سرحي وقيمتها � 300ألف ريال ،فيما فاز باجلائزة يف فرع الق�صيدة املغ ّناة ال�شاعر كرمي عودة لعيبي من جمهورية العراق وقيمتها � 200ألف ريال ،الفت ًا �إىل �أهمية اجلائزة التي حتمل ا�سم الأم�ي�ر عبدالله الفي�صل ال��ذي ا�ستطاع نقل ال�شعر يف اململكة �إىل العامل العربي ونقل �شاعرية الإن�سان ال�سعودي �إىل خارج حدود الوطن .و�أكد �ضرورة االعتناء بالعلم والفكر والثقافة ،كونها الأ�سا�س يف النه�ضة االجتماعية واالقت�صادية وغريها ،وهي القادرة �أي�ض ًا على تعزيز فر�ص نه�ضة الإن�سان ال�سعودي يف خمتلف املجاالت .وبح�سب �أمانة اجلائزة فقد
تلقت جلنة التحكيم ٢٠٠مرا�سلة للرت�شح للجائزة ،وو�صل ع��دد امل�ستخدمني الذين �سجلوا على موقع الأكادميية ٢٣٤ م�ستخدم ًا ،جرت مرا�سلتهم جميع ًا لت�سجيل الرت�شيح ،فيما و�صل عدد امل�شاركات املكتملة للفروع الثالثة ٤٧م�شاركة من ١١دولة ،مقابل ت�سع م�شاركات فقط غري مكتملة الأوراق �أو ال�شروط .وتعد �أكادميية ال�شعر العربي التي تتخذ من جامعة الطائف مقر ًا لها ،م�ؤ�س�سة متخ�ص�صة يف تنمية ال�شعر العربي الف�صيح ودعمه وتطويره ،بتقدير فحول ال�شعراء واملربزين منهم ،ودعم املوهوبني والنا�شدين ،وتفعيل الأن�شطة ال�شعرية والنقدية ،وتعزيز دور ال�شعر العربي الف�صيح يف ثقافتنا املعا�صرة .وب��د�أت الأكادميية يف ا�ستقبال �أ�سماء املر�شحني للفوز باجلائزة يف فروعها الثالثة ،بعد خماطبتها نحو ٢٠٠ جهة حكومية و�أهلية يف خمتلف الدول العربية ،من بينها ١٥ وزارة للثقافة ،و ١٧ملحقية ثقافية عربية معتمدة يف اململكة � ،إىل جانب جميع اجلامعات ال�سعودية ،وك�برى اجلامعات العربية ،وامل�ؤ�س�سات الثقافية والأندية الأدبية ،وبيوت ال�شعر و�أكادميياته يف ال�سعودية وخارجها ،وامل�ؤ�س�سات العربية املعنية بامل�سرح ،ودور الأوبرا ،و�أكادمييات الفنون املو�سيقية ومعاهدها ،وامل�ؤ�س�سات القائمة على املهرجانات امل�سرحية والغنائية الكربى.
�أمني معلوف يعاين (غرق احل�ضارات) بعني امل�ؤرخ واملثقف والروائي حسونة المصباحي
يح�ضر التاريخ يف العديد من رواي���ات �أم�ين معلوف التي ترجمت �إىل �أزي��د من ثالثني لغة .وهو يحب �أن تتميز �شخ�صيات رواياته مبا يتناق�ض ويتنافر مع احلقبة التاريخية التي يعي�شونها .وقد تعي�ش هذه ال�شخ�صيات التمزق ب�ش�أن هويتها الثقافية واحل�ضارية والدينية مثلما هو احلال مع روايته الأوىل “ليون الأفريقي” .ويف “�صخرة تانيو�س” التي �أحرزت على جائزة غونكور الفرن�سية العريقة عام ،1993 هو يعود بنا �إىل منت�صف القرن التا�سع ع�شر لري�سم لنا �صورة عن ال�صراعات احلادة التي اندلعت يف لبنان بني القوى الكربى يف تلك الفرتة من خالل اغتيال البطريرك املاروين من قبل �شخ�ص يدعى �أبوك�شك.
االرتداد �إىل املا�ضي ال تختلف روايات �أمني معلوف عن الدرا�سات التي �أجنزها �إىل حد هذه ال�ساعة .ففيها هي �أي�ضا يح�ضر التاريخ بامتياز .وهذا ما نعاينه يف “الهويات القاتلة” الذي يدر�س فيه �أحوال الهويات الفردية �أو اجلماعية التي تقود �إىل العنف واحلروب بني �أبناء الوطن الواحد على �أ�س�س طائفية �أو دينية �أو عرقية �أو غريها مثلما حدث يف لبنان يف اخلم�سينات وال�سبعينات من القرن املا�ضي .ويف كتابه “اختالل العامل” يدر�س معلوف �أح��وال العامل يف زمن العوملة .وهي �أح��وال تتميز مبخاطر ج�سيمة �سواء على امل�ستوى ال�سيا�سي� ،أم االقت�صادي� ،أم االجتماعي� ،أم الثقايف واحل�ضاري. ين�ضاف �إىل كل هذا اختالل مناخي وبيئي �أ�صبح يهدد الب�شرية برمتها .ويرى �أمني معلوف �أن االختالل الذي يعي�شه العامل راهنا عائد بالأ�سا�س �إىل “الإنهاك املتزايد للح�ضارات كافة” .يف كتابه اجلديد الذي حمل عنوان “غرق احل�ضارات” ال�صادر مطلع الربيع احلايل عن دار “غرا�سي” يف باري�س ،ي�سلط �أمني معلوف الأ�ضواء على �أح���وال ال��ع��امل راه��ن��ا ،م��رك��زا باخل�صو�ص على ال��ع��امل الغربي ،وعلى العامل العربي ،ودار�سا بدقة وواقعية “املالحظ املت�شبث بعقالنيته” يف زمن اجلنون، والعنف ،والإرهاب الأعمى ،املخاطر اجل�سيمة التي تهدد الب�شرية راهنا� ،سواء كانت
اقت�صادية� ،أم �سيا�سية� ،أو ثقافية وح�ضارية مُوحيا لنا �أن احل�ضارات ميكن �أن تغرق فج�أة مثلما حدث لـ”التيتانيك” .ويف البداية يقول �أمني معلوف �إن “الظلمات التي اكت�سحت العامل راهنا بد�أت يف بالده لبنان” .ويعود ذلك �إىل �أن العامل العربي اختار “الطريق اخلط�أ” .ف�سبب �إخالالت حركة النه�ضة العربية التي بد�أت يف منت�صف القرن التا�سع ع�شرّ � ،أن املجتمعات العربية مل تتمكن من اال�ستجابة الفعلية لدعوات الإ�صالح والتحديث بل ظلت م�شدودة �إىل املا�ضي ،راف�ضة كل ما ي�سمح لها بامل�ساهمة يف احل�ضارة اجلديدة .وبعد نيل البلدان العربية ال�ستقاللها ،وخال�صها من الهيمنة اال�ستعمارية� ،صعدت �إىل كر�سي ال�سلطة �أنظمة مت�سلطة وفا�سدة حكمت ال�شعوب باحلديد والنار .وقد زاد ذلك يف تعميق اجلراح والأزمات ،و�سمح للحركات الأ�صولية املتطرفة باكت�ساح املجتمعات العربية موهمة �إياها ب�أنها قادرة على �أن ت�ضمن لها العي�ش الكرمي يف احلياة الدنيا ،واجلنة يف الآخ��رة .ويُحمّل �أم�ين معلوف نظام عبدالنا�صر اجلزء الأكرب من امل�س�ؤولية يف ما حدث للعامل العربي من كوارث ومن �أزمات .ويف البداية ،ا�ستطاع عبدالنا�صر �أن يك�سب ثقة ال�شعوب العربية من املحيط �إىل اخلليج رافعا �شعار الوحدة العربية .لكنه مل يكن واعيا بتحديات املرحلة ،وجاهال مبا كانت تقت�ضيه من حلول .وعو�ض �أن يقوم بالإ�صالحات ال�ضرورية والالزمة، قام بتدمري االقت�صاد امل�صري ،و�أ�شاع امل�شاعر ال�شوفينية ،وا�ضطهد الأقليات التي كانت �ضامنة لنجاح التعاي�ش الثقايف واحل�ضاري والديني .ويف النهاية قاد بالده والعامل العربي ب�أ�سره �إىل هزمية حرب ،67التي ال تزال جراحها مفتوحة �إىل حد هذه ال�ساعة. الفو�ضى القاتلة ي�شبّه �أمني معلوف العامل العربي ب�شخ�صيتي الكاتب الأمريكي �ستفن�سون ،الدكتور جايكل وم�سرت هايد ،وهما يف احلقيقة �شخ�صية واحدة .فامل�سرت هايد رجل �شرير وقاتل� .أم��ا الدكتور جايكل فرجل طيب ونزيه .ويقول �أم�ين معلوف �إن��ه عاين يف مراحل خمتلفة من حياته �أن العامل العربي يكون مرة الدكتور جايكل مثلما هو احلال
يف لبنان وم�صر وتون�س والعراق ،حيث كان ال�سالم �سائدا بني خمتلف الطبقات االجتماعية .وكان هناك تطلع للم�ستقبل ورغبة يف النهو�ض باملجتمعات من خالل حركات فنية و�أدب��ي��ة وفكرية جت�سدت يف ال�شعر ويف ال��رواي��ة ويف امل�سرح ويف ال�سينما ويف الفكر النقدي والفل�سفي ويف �صحافة حرة �أو �شبه حرة .لكن �سرعان ما انتفى كل ذلك ليظهر العامل العربي بوجه كئيب وعنيف ،وجه امل�سرت هايد .ويعتقد �أمني معلوف �أن املفكر الأمريكي هنتنغتون �صاحب نظرية “ت�صادم احل�ضارات” كان على حق يف نقطة معينة ،وهي �أن ال�شعوب غالبا ما ت�ستند راهنا �إىل الدين يف خالفها مع املخالفني لها يف العقيدة� .إ ّال �أنه ال يتفق معه يف العديد من النقاط الأخرى �إذ �إن العامل الإ�سالمي مثال ال يج�سد جمموعة متما�سكة ومتوحدة مثلما يعتقد هنتنغتون، و�إمنا هو ي�شكل بالأحرى ميدانا للمعارك واحلروب بني الإخوة الأعداء ،وفيه تقوم احلركات الأ�صولية املت�شددة بقتل م�سلمني با�سم الإ�سالم.