3694 AlmashriqNews

Page 3

‫‪10‬‬

‫ثقافية‬

‫الأربعاء املوافق ‪ 15‬من �شباط ‪ 2017‬العدد ‪ 3694‬ـ ال�سنة الرابعة ع�شرة‬ ‫‪Wednesday ,15 February. 2017 No. 3694 Year 14‬‬

‫لندن ت�ست�ضيف معر�ض ًا عن مئة عام على طوابع احتالل بغداد‬ ‫يِف العا�صمة الربيطانية مت افتتاح‬ ‫م��ع��ر���ض ط���واب���ع ي�������ؤرخ مل���ائ���ة ع��ام‬ ‫ع��ل��ى ب���دء ان��ه��ي��ار ال���دول���ة العثمانية‬ ‫ودخ����ول ال��ق��وات ال�بري��ط��ان��ي��ة بغداد‬ ‫ع��ام ‪ ،1917‬وت�أ�سي�سها لأول �إدارة‬ ‫ع�سكرية يف ال��ب�لاد‪ .‬وذك���رت الهيئة‬ ‫امل�شرفة على املعر�ض‪ ،‬والذي ي�صاحب‬ ‫انطالقة املو�سم الربيعي من معر�ض‬ ‫الطوابع ال�سنوي “�ستامبيك�س”‪� ،‬أن‬ ‫املعرو�ضات ت�شمل جمموعات نادرة من‬ ‫الطوابع العثمانية التي مت تو�شيحها‬ ‫حم��ل��ي��ا مب����ا ����ص���ار ي���ع���رف بطوابع‬ ‫احتالل بغداد‪ .‬و�ستقدم جمموعات من‬ ‫الطوابع املراحل النهائية من الدولة‬ ‫العثمانية وال��ب��ل��دان ال��ت��ي انف�صلت‬ ‫ع��ن��ه��ا خ�ل�ال احل����رب ال��ع��امل��ي��ة الأوىل‬ ‫وب���ع���ده���ا‪ .‬وت���ع���د جم��م��وع��ة “بغداد‬ ‫حت��ت االح��ت�لال الربيطاين” واح��دة‬ ‫من �أن��در املجموعات الربيدية عامليا‪،‬‬ ‫وبع�ض م��ن طوابعها غ�ير موجودة‬ ‫�إال يف املجموعة امللكية الربيطانية‪،‬‬ ‫وجمموعة �أخرى امتلكها لبع�ض الوقت‬ ‫ورث��ة اجل�نرال فريدريك �ستانلي مود‬ ‫الذي قاد احلملة الربيطانية على وادي‬

‫الرافدين‪ ،‬وا�ستطاع دخول بغداد يف‬ ‫مار�س ‪ .1917‬وت��ويف اجل�نرال مود‬ ‫يف ب��غ��داد �أواخ�����ر ع���ام ‪ ،1917‬بعد‬ ‫�أن �أ���ش��رف على ت�أ�سي�س �أول �إدارة‬ ‫حلكم ال��ع��راق �إث��ر ان��ت��زاع��ه م��ن �أيدي‬ ‫ال��ع��ث��م��ان��ي�ين‪ .‬وق���ال ف��ري��د خال�صجي‬ ‫م���ؤل��ف ك��ت��اب “بغداد حت��ت االحتالل‬ ‫الربيطاين‪ :‬ق�صة الطوابع الربيدية‬ ‫ع���ام ‪ ”1917‬ي��ع�� ّد امل��ع��ر���ض “فر�صة‬ ‫ن���ادرة ل�لاط�لاع على ه��ذه املرحلة من‬ ‫ت��اري��خ ال��ع��راق واملنطقة”‪ .‬و�أ�ضاف‬ ‫خ�لا���ص��ج��ي “�أ�شارك م���ع ع����دد من‬ ‫الهواة اخل�براء بطوابع تلك املرحلة‪،‬‬ ‫والتي ت�شمل طوابع تركية وم�صرية‬ ‫وهندية ا�ستخدمت �أو و�شحت ب�أختام‬ ‫خمتلفة”‪ .‬و�أ�صدرت اجلمعية امللكية‬ ‫لهواة الطوابع يف لندن كتاب “بغداد‬ ‫حتت االحتالل الربيطاين” الذي يقدم‬ ‫�شرحا تف�صيليا لتلك املرحلة املعقدة من‬ ‫الإ�صدارات الربيدية التي ارتبطت �إىل‬ ‫حد كبري ب�سري العمليات احلربية يف‬ ‫منطقة ال�شرق الأو�سط عموما والعراق‬ ‫ع��ل��ى وج����ه اخل�����ص��و���ص‪ .‬وواج���ه���ت‬ ‫القوات الربيطانية والقوات الهندية‬

‫كاتب ي�شتم �سارتر‬ ‫وكتاب يقر�أ ملرة واحدة فقط‬ ‫عمار المأمون‬

‫�شمال العراق واحتالل املو�صل‪ ،‬وهي‬ ‫املرحلة الثانية من احلملة التي �شملت‬ ‫�أي�����ض��ا �إ�����ص����دارات م��ت��ن��وع��ة لطوابع‬ ‫“العراق حتت االحتالل الربيطاين”‬ ‫وجمموعة “قوات احلملة الهندية”‬ ‫اخل��ا���ص��ة ب��اح��ت�لال امل��و���ص��ل‪ .‬وتقول‬ ‫ر���س��ال��ة م��ن ال��دي��وان امللكي يف ق�صر‬ ‫باكينغهام تعر�ض بهذه املنا�سبة ويعود‬ ‫تاريخها �إىل �أبريل ‪ ،1917‬ب�أن العاهل‬ ‫الربيطاين امللك ج��ورج اخلام�س كان‬ ‫حري�صا على اقتناء جمموعة كاملة من‬ ‫الطوابع الرتكية املو�شحة يف بغداد‪.‬‬ ‫ويعترب هواة طوابع ال�شرق الأو�سط‬ ‫جمموعة احتالل بغداد هي “جوهرة‬ ‫التاج” يف جمموعاتهم �إذ تع ّد واحدة‬ ‫من �أثمن و�أن���در جمموعات الطوابع‬ ‫الربيدية يف املنطقة‪ .‬و�سي�شهد املعر�ض‬ ‫ت��ن��وي��ع��ات م���ن ت��ل��ك ال��ط��واب��ع تظهر‬ ‫�أخطاء �شهدت عملية التو�شيح �أدت �إىل‬ ‫اختفاء حروف �أو كلمات كاملة منها‪.‬‬ ‫و�س ُتعر�ض �إىل جانب جمموعة بغداد‬ ‫مقاومة �شر�سة �أثناء توغلها يف العراق جنوبية لل�ضغط ع��ل��ى ق���وى املحور من ك�سر ح�صار �ضرب عليها يف منطقة ‪ 50‬لوحة �أخ��رى تقدم طوابع بريدية‬ ‫بعد �أن متكنت م��ن اح��ت�لال الب�صرة ال��ت��ي ت�شمل ال��دول��ة العثمانية‪ .‬لكن كوت العمارة جنوب بغداد وا�ستطاعت ل��ل��ع��راق م��ن��ذ ع���ام ‪ 1918‬ح��ت��ى نهاية‬ ‫بداية احل��رب العاملية الأوىل كجبهة القوات الربيطانية والهندية متكنت الو�صول �إىل بغداد والتقدم الحقا �إىل احلكم امللكي يف عام ‪.1958‬‬

‫قصة قصيرة جداً‬ ‫رحيم عزيز رجب‬

‫ه َم بنف�سه وكان كابو�سا قد جثم على �صدره لينف�ض‬ ‫فرا�شه الدافئ يف يوم �شتاء قار�ص فرمبا فاته الوقت‬ ‫حني �أدرك ان��ه ب��ات مت�أخرا عن دوام��ه الر�سمي وان‬ ‫الوقت املتبقي لديه رمبا يكفي فقط هي للملمة �شتاته‬ ‫و�سط الظالم املعهود واالنطالق بعدها م�سرعا عرب‬ ‫و�سائط النقل املتعددة والتي �ستقله �إىل مكان عمله‬ ‫ليبدو م�شو�شا م�شدوها فهو مل يت�أخر يوما خالل‬ ‫م�سريته الوظيفية والتي ق�ضاها يف خدمة تقدر بـ‪32‬‬ ‫�سنة مل يعتاد ومل يتحمل رمب��ا (توبيخا �أو �إن���ذارا)‬ ‫ب�سبب ت���أخ��ر ب�سيط وم��ا �أن اخ��ذ مكانه يف احد‬

‫ُي��دوّ ن الكاتب ال�سوري حممد �سعيد يف عمله الأخ�ير “عاريا يف حو�ض ال�سمك”‪،‬‬ ‫هواج�سه‪ ،‬حيث يلتقط يوميّات الوحدة واحل��رب‪ ،‬متلم�سا ع�شيقات ح�ضرن ج�سدا‬ ‫�أحيانا‪ ،‬و�أطيافا �أحيانا �أخرى‪ ،‬لرياوح بني الغزل وال�سباب‪ ،‬التقبيل وقطع الأو�صال‪،‬‬ ‫�سعيد يكره اجلميع‪ ،‬الأدب و�أعالمه‪ ،‬مثقفيه وك ّتابه‪� ،‬شامتا �سارتر وداعيا بوكف�سكي‬ ‫لك�أ�س من اجلعة‪ ،‬ال عالمة جتني�س لـ”عاريا يف حو�ض ال�سمك”‪ ،‬فنظريا نحن �أمام‬ ‫ن�صو�ص تتجاوز التجني�س‪ ،‬وترتاوح يف الطول القيمة‪ ،‬هي لي�ست �ضد النوع الأدبي‪،‬‬ ‫وال يدعي �صاحبها �أنه �شاعر �أو كاتب‪ ،‬هو كما يقول يف عنوان ق�صيدته “كحمار‬ ‫مفخخ خارج الن�ص”‪ .‬التعامل مع ن�صو�ص �سعيد ي�ستعدي التوقف عند �شكلها �أوال‪،‬‬ ‫غياب عالمة التجني�س يجعل الن�صو�ص منفتحة على العديد من االحتماالت‪ ،‬لكن �أوال‬ ‫يجب الأخذ بعني االعتبار �أنها ن�شرت بداية على �صفحته ال�شخ�صية على في�سبوك‪،‬‬ ‫بالتايل هي كتبت بهدف الن�شر على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ما يجعل تلقيها‬ ‫مرتبطا بالآنية‪ ،‬وحني جمعت يف كتاب برز غياب املو�ضوعة التي جتمعها‪ ،‬فهي‬ ‫�شذرات �أحيانا‪ ،‬و�أقرب لتدوينات يوميّة‪ ،‬مت�س �سعيد �شخ�صيا وج�سديا‪ .‬الن�صو�ص‬ ‫مكتوبة بلغة توا�صليّة‪ ،‬م�ألوفة ملن يتابع املوقع الأزرق بكثافة‪ ،‬لتح�ضر فيها �أطياف‬ ‫من ن�صو�ص �آخرين و�أهوائهم‪ ،‬وخ�صو�صا �أنها مرتبطة بظاهرة الهام�ش الذي وجد‬ ‫يف و�سائل التوا�صل االجتماعي و�سيلة للتعبري عن نف�سه‪ ،‬هي اندفاع �ساخر مرتبط‬ ‫بو�ضعية الهام�ش و”ً �صعاليكه” الراف�ضني ملا هو مك ّر�س‪ ،‬لكن هذا املوقف الراف�ض‬ ‫نراه ال يتجاوز ال�سطحي والت�أمالت غري النا�ضجة‪ ،‬التي ُت�ستثنى عادة حني الكتابة‪،‬‬ ‫بو�صفها خاطرة عابرة ال بد من اال�شتغال �أكرث على تكوينها لتكت�سب بعدا �شعريا‬ ‫�أو دالليا‪ ،‬لتبدو بع�ض املقاربات ك�سذاجات طفوليّة‪ ،‬ك�أن نقر�أ �سعيد حمدثا �أنثى ما‬ ‫قائال “لي�س مطرا‪ /‬ما ترينه الآن‪� /‬إ ّنها الغيوم‪ /‬تبول على العامل”‪ .‬اجلانب الآخر‬ ‫املرتبط بهذه الن�صو�ص على �صعيد امل�ضمون‪ ،‬يربز يف “مركزيّة التجربة الذاتيّة”‪،‬‬ ‫وهي التي تك�سب املو�ضوعات حيويتها �أحيانا‪ ،‬ب�سبب الظروف اال�ستثنائية التي‬ ‫يعي�شها الكاتب‪ ،‬جثث و�أ�شالء‪ ،‬حبيبات غائبة وتغن بتفا�صيل الأنثى‪/‬ا ُ‬ ‫حللم‪ .‬وحت�ضر‬ ‫يف �أغلب الن�صو�ص‪ ،‬مو�ضوعات املوت واجل�سد املهدد بالرحيل‪ ،‬بو�صفها هواج�س‬ ‫�سعيد �إثر احل�صار‪ ،‬لكن‪ ،‬هذه الن�صو�ص وليدة كتابة �أوق��ات الفراغ‪ ،‬نتاج اخليبة‬ ‫والالفعل‪ ،‬هي �أعرا�ض االنتظار �أمام �شا�شة الكمبيوتر‪ ،‬لتبدو الكتابة بو�صفها �سالحا‬ ‫�ضد امللل‪ ،‬اختبارا الحتماالت ال�ضجر‪ ،‬ما ي�ستهلك املخيّلة �إثر مرجعية “الت�صفح”‬ ‫املرتبطة باملوقع الأزرق‪ ،‬كمن يتن ّقل بني اقتبا�سات بال �سياق‪� ،‬أما و�ضعية “النافل”‬ ‫التي يختارها �سعيد لنف�سه‪ ،‬قد تكون نتاج التهديد بالرحيل‪ ،‬فكل �شيء قد يتال�شى‪،‬‬ ‫طلقة واحدة تكفي‪ ،‬قذيفة واحدة قد حتوله وكل ذكرياته ون�صو�صه �إىل غبار‪ .‬كتاب‬ ‫حممد �سعيد‪ ،‬ال�صادر عن دار “نوفل‪-‬ها�شيت �أنطوان”‪ ،‬يف ب�يروت‪ ،‬ك�أي من�شور‬ ‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬يقر�أ مرة واحدة‪ ،‬وال دافع �إىل العودة �إليه‪ ،‬هو‬ ‫ال �أر�شيفي‪� ،‬ضد الت�صنيف‪ ،‬الذاكرة املرتبطة به �آنيّة‪ ،‬كالأفالم الإباحيّة التي يذكرها‬ ‫�سعيد نف�سه‪ ،‬ينتهي ت�أثريها يف حلظة‪ ،‬توم�ض‪ ،‬ثم تختفي‪ .‬كما ت�شابه ن�صو�ص‬ ‫الكتاب الت�سطيح الذي متار�سه و�سائل الإعالم‪ ،‬مرجعياتها وتقنيات تكوينها تنتمي‬ ‫�إىل اجلماهريي واملتبادل‪ ،‬هي تدّعي الهام�شية عرب رف�ضها ملا هو جماهريي‪ ،‬لكنها ال‬ ‫تقدم جماليات بديلة �أو جمالياتها اخلا�صة‪ ،‬هي جمرد رف�ض �سطحي ير�سخ ما يدّعي‬ ‫رف�ضه‪ ،‬خالية من حماوالت الهام�ش للت�أ�سي�س حل�ضوره‪� ،‬أقرب ل�صراخ �أمام �شا�شة خيري منصور‬ ‫التلفاز‪ ،‬تهكم مما ن�سميه �شعرا ب�صورة ال �شعريّة‪ ،‬كما تغيب فرادة وا�ستقاللية الكثري‬ ‫�إذا �صحّ ما يَقوله �ستانلي هامين عن‬ ‫من الن�صو�ص‪.‬‬ ‫وظ��ي��ف��ة ال��ن��ق��د ب��اع��ت��ب��اره اجل�����س��ر �أو‬ ‫القنطرة التي تردم الهوة الفا�صلة بني‬ ‫امل��ب��دع وامل��ت��ل��ق��ي‪ ،‬ف����إن مثل ه��ذا النقد‬ ‫يف �أي��ام��ن��ا م��ن ال��ن��درة واال�ستثنائية‬ ‫بحيث يكر�س القاعدة‪ ،‬وهي باخت�صار‬ ‫التحليق النظري على ارتفاعات حتجب‬ ‫الن�صو�ص‪ ،‬ويكون النقد جمرد �أفكار‬ ‫وانطباعات جمالية �سائدة‪ ،‬ويف هذه‬ ‫احل��ال��ة ي��ت��غ��ذى ال��ن��ق��د م��ن ال��ن�����ص �إىل‬ ‫�أن يفقره‪ ،‬وال ي�ضيف �إل��ي��ه م��ن خالل‬ ‫اال���س��ت��ق��راء م���ا ي��ج��ع��ل��ه ق��اب�لا للتعدد‬ ‫وال��ت���أوي�لات‪ .‬وم��ا ك��ان ل�ل�أدب وال�شعر‬ ‫بالتحديد �أن يتطور يف الر�ؤى والأداء‬ ‫لوال ما جناه من ك�شوفات النقد املغامر‪،‬‬ ‫الذي ي�صبح �أحيانا �إبداعا �آخر موازيا‪،‬‬ ‫ولأن النقد �إفراز ح�ضاري بالغ التعقيد‬ ‫م��ن حيث �أب��ع��اده املعرفية‪ ،‬فهو لي�س‬ ‫م��ي�����س��ورا يف ك��ل �أوان‪ ،‬ل��ه��ذا ينزلق‬ ‫نحو االنطباعية والأفقية يف مراحل‬ ‫االنحطاط التي ت�سود فيها االمتثالية‪،‬‬ ‫كنمط تفكري و�سلوك‪ ،‬وت�صبح ال َق ْط َع َنة‬

‫ذكريات موظف مت�أخر‬ ‫البا�صات العامة التي تقله وا�ستقر حتى �أخذته الأفكار‬ ‫والهواج�س والت�أمالت بعيدا �سارحا معها رمبا �إىل‬ ‫�سنوات عمره الأوىل من عهد وظيفته حيث ال�صور‬ ‫واملحطات البعيدة منها والقريبة من حياته الوظيفية‬ ‫لتخت�صر بدقائق معدودة الزمن وك�أنها �أح��داث عهد‬ ‫قريب الحت �أمام ناظريه وك�أنها خيوط �أحالم ع�صبت‬ ‫عينيه ف�أخذته �إىل عامل الذكريات والأطالل التي ق�ضاها‬ ‫يف الت�صنيع الع�سكري وما حمله ذلك الإرث ال�صناعي‬ ‫م��ن �إح���داث تزامنت فيها ح��روب وح�صار وغ��زوات‬ ‫وتاريخ مليء ب�أحداث م�ؤملة �أملت بالعراقيني فجهود‬ ‫ب��ذل��ت‪ ،‬وم����وال ه����درت‪ ،‬ومن�ش�آت‬ ‫دم���رت ع��ن ب��ك��رة �أب��ي��ه��ا وت�ساوت‬ ‫وحم��ت معاملها‪ ،‬وعقول هاجرت‪،‬‬

‫حقل �أحالم‪..‬‬ ‫نافذة للنبع ال�ضرير‬ ‫أحمد بغدادي‬

‫(‪)1‬‬ ‫احلب �أمام اجلماهري‪..‬‬ ‫فلنعدم َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وندع احلديقة تخل ُع ثيابها‬ ‫نحو املاء‬ ‫مت�شي عاريةً‬ ‫جماز احلقيقة‪.‬‬ ‫مثل ِ‬ ‫ُ‬ ‫العالمَ الآن‬ ‫قتي ًال‬ ‫كاحلياة‬ ‫قلب ال�شاعر‪.‬‬ ‫يف ِ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ول َد احلبُ �أعمى‬ ‫أنت املج ّرة‬ ‫�إال � ِأنك � ِ‬ ‫بك �أينما توجّ ه‪.‬‬ ‫يرتط ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫�سوف �أد ِّلك على الطريق جيد ًا ‪..‬‬ ‫أنت هناك‬ ‫قفي � ِ‬ ‫و�أنا هنا‪.‬‬ ‫�أنا �أج ُّر خلفي حق ًال فارغ ًا ‪..‬‬ ‫أنت جترين النهر‪.‬‬ ‫و� ِ‬ ‫ت�أتني �صوبي‬ ‫و�أنا كذلك‪.‬‬ ‫ـ هذا هو الطريق‬

‫وك���ف���اءات �شتتت وه��ج��رت‪ ،‬ون��ف��و���س ب��ري��ئ��ة قتلت‪،‬‬ ‫ودولة بعرثت �أ�شتاتها‪ ،‬و�أغ��راب قدمت‪ ،‬وحكمت وما‬ ‫بني ما�ض قريب وحا�ضر �أق��رب م�شاهد يعجز املرء‬ ‫اليوم عن حتليلها وتف�سريها ووطن ي�سري نحو ركاب‬ ‫الهاوية وحكومة جتهل القيادة يف بلد �أقام على �أنقا�ض‬ ‫وخملفات املا�ضي فال �أم��ن وال �أم��ان وال خدمات وال‬ ‫�إنتاج وال زراعة وال تعليم وال رعاية �صحية حتى �إذا‬ ‫ما و�صل �إىل حمل عمله �أ�سرع خطاه ودخوله بالوقت‬ ‫املحدد ليتذكر بعدها �أنه �سيجل�س لـ‪� 8‬ساعات يق�ضيها‬ ‫على هوام�ش وظيفة يعد �أيامها ليلحقها ب�سنوات عمره‬ ‫التي �أ�ضاعها احلكام وو�صلوا بوطننا هو الآخر يخلو‬ ‫من مقومات وم�ؤهالت دولة باتت واعدت الأوىل بني‬ ‫الدول ولكن ت�صاعديا‪.‬‬

‫عهد انكيدو‪ ..‬ق�ص�ص عن ملحمة العراقيني‬ ‫عرض ‪ :‬عدنان راشد القريشي‬

‫َتتخذ ق�ص�ص هذه املجموعة منحى و�صفيا يقرتب من التقاط‬ ‫ال�صورة الفوتوغرافية �أي انه ي�سلك �أ�سلوب ًا هو اقرب اىل‬ ‫مدر�سة ال�شيئية التي برزت يف �أ�سلوب الآن روب غريبية‬ ‫ونتايل �ساروت‪ .‬فهو ي�ضع بطله يف دائرة الر�ؤيا واملالحقة‬ ‫فق�صة ر�ؤى حول كهرمانه‪ -‬هذا التمثال الذي ينت�صب يف‬ ‫موقع ي�ؤدي اىل اكرث من تقاطع تزحمه ال�سيارات ومظاهر‬ ‫االف���راح التي ي�ستخدم خاللها الطلق ال��ن��اري ال��ذي ي�ؤدي‬ ‫مبوت �شخ�ص ((ه��رول اجلميع وخ��رج معهم فرقد ليعرف‬ ‫ما الذي حل بالرجل‪ .‬ولقد اخرتقت ر�صا�صة طائ�شة رقبته‬ ‫وا�ستقرت يف جوفه يرتبط احلدث بت�شكيل احلكومة وهنا‬ ‫يلتفت فرقد اىل كهرمانة مناديا‪:‬‬ ‫ ايه كهرمانة اما حان ان تغادري ال�صمت‪.‬‬‫ويف ق�صة جنوى يتحرك احلدث مب�شهد و�صفي على ج�سر‬ ‫ينام على �سطح نهر دجلة وترى بطله ي�سري بتثاقل حيث اخذ‬ ‫منه الزمن ال�شيء الكثري وخالل عبوره اجل�سر يناجي النهر‬ ‫وهو ي�سرتجع �سنوات عمره ويظل بتداع وا�ضح يناجي‬ ‫نف�سه ويبدو بنظر االخ��ري��ن رج�لا ا�ضاع �صوابه وعقله‬ ‫حيث ينادي عليه �صبيان يدفعان عربة‪ -‬جمنون جمنون‬

‫فيعود الرجل معت�صر اجلوانح‪ .‬وق�صة عهد انكيدو ت�ستلهم‬ ‫مو�ضوعها م��ن احل�����ض��ارة ال��ع��راق��ي��ة ال��ق��دمي��ة م��ن االط�لال‬ ‫ال�سومرية والبابلية التي ينام بع�ضها على دفتي نهر دجلة‬ ‫والفرات‪ ،‬الق�صة عجلة هرمة ت�سري وهي تر�سل �صرير ًا او‬ ‫انين ًا موجعا‪ .‬ق�ص�ص كهذه تبكي على املا�ضي وت�سرتجع‬ ‫انكيدو كلكام�ش بدون ان تطلب من االن�سان احلا�ضر �أن يبني‬ ‫هو االخ��ر �صرحه وح�ضارته لكي ير�سم ذات املالمح التي‬ ‫تركها االجداد‪ ،‬القا�ص فا�ضل حممد خ�ضري يلتقط موا�ضيعه‬ ‫من ال�شارع من االزق��ة من على االر�صفة وهو يف كل ق�صة‬ ‫بعيد البكاء على املا�ضي ق�صة العكاز رجل عاجز حتمله عربة‬ ‫وهو يحمل كي�س ال�صمون وعندما يو�صله اىل عتبة دارة‬ ‫يخرج له �صبي ي�سحب الكي�س ويعود ادراجه داخل البيت‬ ‫وهنا يتباكى احلدث على اجليل اجلديد وما حل بالدنيا؟‬ ‫ق�ص�ص املجموعة ذات ن�سيج ا�سلوبي واح��د مو�ضوعها‬ ‫االن�����س��ان امل��ع��ذب املكابد وه��و بذلك ي�سوق ملحمة �شعب‬ ‫العراق بكل �شرائحه التي دفعت ثمن احل��روب واجلوع‬ ‫والتي غريت مالمح اال�شياء التي تبدو �ضبابية �شاحبة على‬ ‫الدوام امتاز ا�سلوبه باجلمالية برغم تكرار ال�سياق ولكنه‬ ‫جنح يف التقاط مناذج ب�شرية تعي�ش معها يف كل وقت‪.‬‬

‫حما�صيل البطالة النقدية‬ ‫وع��ي��دا بعقاب اخل��ارج�ين ع��ن مدارها‬ ‫املغلق‪ .‬وما من نقد فاعل �إن مل يكن قد‬ ‫�أ�ضاف النزاهة �إىل الكفاءة‪ ،‬لهذا غالبا ما‬ ‫ي�ضرب املثل بالناقد ماثي�سني املارك�سي‬ ‫الذي قر�أ ق�صائد ت‪� .‬س‪� .‬أليوت‪ ،‬متحررا‬ ‫من الأدجلة والربوكو�ستية التي تعذب‬ ‫الن�صو�ص‪ ،‬وكذلك ال�شعراء كي يعرتفوا‬ ‫مبا مل يقرتفوا‪ ،‬وال�سبب يف حتويل نقد‬ ‫ماثي�سني �إىل �أمثولة يف النزاهة‪ ،‬هو �أن‬ ‫ال�شاعر الذي نقده و�أن�صفه كاثوليكي‬ ‫وملكي وكال�سيكي كما يعرتف‪ ،‬وعلى‬ ‫نحو مبا�شر‪ ،‬حيث قال �أنا كاثوليكي يف‬ ‫الدين وملكي يف ال�سيا�سة وكال�سيكي‬ ‫يف الأدب‪ .‬وك��م��ا ي��ح��دث ع����ادة ف����إن‬ ‫ال�ترج��م��ة امل��ب��ك��رة ن�سبيا للبنيوية‪،‬‬ ‫خ�صو�صا ال�شكالين منها �أتاح لأ�شباه‬ ‫ال��ن��ق��اد م��ن ال��ه��واة جت��ري��ب مفاتيحهم‬ ‫يف ن�صو�ص بقيت مقفلة ب�إحكام لأن‬ ‫البنيوية ال�شكالنية تخلت عن التقييم‪،‬‬ ‫واقت�صرت على تفكيك الن�ص و�إحالة‬ ‫عنا�صره �إىل مرجعيات‪ ،‬وهكذا �أ�صبح‬ ‫ال�شعر كله غابة من نخيل متجان�س‪� ،‬أو‬ ‫�صف�صاف‪ ،‬برغم �أنه لي�س كذلك ما دام‬ ‫منه ال�شعر اجلدير بهذه ال�صفة والنظم‬

‫امل�صنوع‪ .‬وما بد�أته البنيوية ال�شكالنية‬ ‫�أك��م��ل��ه الآن الإن�ت�رن���ت‪ ،‬ح��ي��ث يتبادل‬ ‫ال��ه��واة الإط������راء‪ ،‬وي��ت��ب��ادل��ون احل��ك‪،‬‬ ‫�أم���ا النقد امل��ح�ترف فهو ينعم ك�سائر‬ ‫�إفرازات العقل ببطالة ال تلوح لها نهاية‬ ‫يف �ستينيات القرن املا�ضي‪ ،‬وهو العقد‬ ‫التجريبي واحليوي يف الن�صف الثاين‬ ‫م��ن ال��ق��رن الع�شرين ك��ان بع�ض النقد‬ ‫ال��ع��رب��ي ج�����س��ورا ومل تكن مقاي�ضات‬ ‫ال�����س��رخ�����س��ي��ات وال��ف��ط��ري��ات ق��د طغت‬ ‫على امل�ستنقع الثقايف‪ ،‬ومار�س النقد‬

‫يف تلك ال��ف�ترة �شعراء مثقفون‪ ،‬ممن‬ ‫خا�ضوا معركة التحديث يف مناخات‬ ‫ملبدة بالرتهيب والتخوين‪ ،‬وقر�أنا‬ ‫على �سبيل املثال ما كتبه كاظم جواد عن‬ ‫البياتي وهو يف ذروة �شهرته‪ ،‬حني قال‬ ‫�إن البياتي لوال الواوات التي يفرط يف‬ ‫ا�ستخدامها كي ت�ستقيم له الأوزان ملا‬ ‫كتب �شعرا‪ .‬ومل يرتدد ال�شاعر الراحل‬ ‫�أن�سي احل��اج يف تقدمي ق��راءات نقدية‬ ‫معمقة ل�صالح عبد ال�صبور والبياتي‬ ‫�أي�����ض��ا‪ ،‬خ�صو�صا يف م��ق��ال��ة واقعية‬

‫ال�شعر واالنفعال‪ .‬لقد تعاي�ش النقد مع‬ ‫الإب���داع يف تلك املرحلة‪ ،‬فكانت جملة‬ ‫«الآداب» تن�شر ن�صو�صا ثم تكلف نقادا‬ ‫لنقدها يف ع��دد الح��ق‪ ،‬ف�أين هو النقد‬ ‫الآن من كل ما ين�شر ومن املنوط به فرز‬ ‫ال�شحم من ال��ورم والغث من ال�سمني‬ ‫والقمح من الز�ؤان؟‬ ‫�إن ا�ستثنائية ذلك العقد مل تكن عربية‬ ‫فقط‪ ،‬بل هي يف نطاق عاملي‪ ،‬فال�شعراء‬ ‫يف الغرب كانوا نقادا بامتياز‪ ،‬متاما‬ ‫كما كان �شعراء الرومان�سية �أبرز نقاد‬ ‫ع�صرهم كالثالوث الإن��ك��ل��ي��زي �شيلي‬ ‫وكولردج وكيت�س‪ .‬الآن �أكتب ما ت�شاء‬ ‫ف�أنت مع�صوم‪ ،‬وما من نقد يقرتب من‬ ‫تخومك‪ ،‬وم�صدر هذه احل�صانة لي�س‬ ‫ف��ائ�����ض امل��وه��ب��ة‪ ،‬ب��ل ف��ائ�����ض الإهمال‬ ‫وال�لام��ب��االة‪ ،‬فاللعبة الآن ب�لا �شبكة‪،‬‬ ‫والالعبون ي�ستعر�ضون مهاراتهم �أمام‬ ‫املرايا‪ ،‬وال يدركون �أن ما ي�سجلونه من‬ ‫�أهداف هو يف مرماهم‪ .‬واالنح�سار الذي‬ ‫�أ�صاب نقد ال�شعر مل ي�سلم منه النقد بكل‬ ‫جتلياته‪ ،‬بدءا من النقد الذاتي �سيا�سيا‬ ‫واجتماعيا حتى نقد الرواية والق�صة‬ ‫وامل�سرح و�سائر الفنون‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.