10
ثقافية
الأربعاء املوافق 15من �شباط 2017العدد 3694ـ ال�سنة الرابعة ع�شرة Wednesday ,15 February. 2017 No. 3694 Year 14
لندن ت�ست�ضيف معر�ض ًا عن مئة عام على طوابع احتالل بغداد يِف العا�صمة الربيطانية مت افتتاح م��ع��ر���ض ط���واب���ع ي�������ؤرخ مل���ائ���ة ع��ام ع��ل��ى ب���دء ان��ه��ي��ار ال���دول���ة العثمانية ودخ����ول ال��ق��وات ال�بري��ط��ان��ي��ة بغداد ع��ام ،1917وت�أ�سي�سها لأول �إدارة ع�سكرية يف ال��ب�لاد .وذك���رت الهيئة امل�شرفة على املعر�ض ،والذي ي�صاحب انطالقة املو�سم الربيعي من معر�ض الطوابع ال�سنوي “�ستامبيك�س”� ،أن املعرو�ضات ت�شمل جمموعات نادرة من الطوابع العثمانية التي مت تو�شيحها حم��ل��ي��ا مب����ا ����ص���ار ي���ع���رف بطوابع احتالل بغداد .و�ستقدم جمموعات من الطوابع املراحل النهائية من الدولة العثمانية وال��ب��ل��دان ال��ت��ي انف�صلت ع��ن��ه��ا خ�ل�ال احل����رب ال��ع��امل��ي��ة الأوىل وب���ع���ده���ا .وت���ع���د جم��م��وع��ة “بغداد حت��ت االح��ت�لال الربيطاين” واح��دة من �أن��در املجموعات الربيدية عامليا، وبع�ض م��ن طوابعها غ�ير موجودة �إال يف املجموعة امللكية الربيطانية، وجمموعة �أخرى امتلكها لبع�ض الوقت ورث��ة اجل�نرال فريدريك �ستانلي مود الذي قاد احلملة الربيطانية على وادي
الرافدين ،وا�ستطاع دخول بغداد يف مار�س .1917وت��ويف اجل�نرال مود يف ب��غ��داد �أواخ�����ر ع���ام ،1917بعد �أن �أ���ش��رف على ت�أ�سي�س �أول �إدارة حلكم ال��ع��راق �إث��ر ان��ت��زاع��ه م��ن �أيدي ال��ع��ث��م��ان��ي�ين .وق���ال ف��ري��د خال�صجي م���ؤل��ف ك��ت��اب “بغداد حت��ت االحتالل الربيطاين :ق�صة الطوابع الربيدية ع���ام ”1917ي��ع�� ّد امل��ع��ر���ض “فر�صة ن���ادرة ل�لاط�لاع على ه��ذه املرحلة من ت��اري��خ ال��ع��راق واملنطقة” .و�أ�ضاف خ�لا���ص��ج��ي “�أ�شارك م���ع ع����دد من الهواة اخل�براء بطوابع تلك املرحلة، والتي ت�شمل طوابع تركية وم�صرية وهندية ا�ستخدمت �أو و�شحت ب�أختام خمتلفة” .و�أ�صدرت اجلمعية امللكية لهواة الطوابع يف لندن كتاب “بغداد حتت االحتالل الربيطاين” الذي يقدم �شرحا تف�صيليا لتلك املرحلة املعقدة من الإ�صدارات الربيدية التي ارتبطت �إىل حد كبري ب�سري العمليات احلربية يف منطقة ال�شرق الأو�سط عموما والعراق ع��ل��ى وج����ه اخل�����ص��و���ص .وواج���ه���ت القوات الربيطانية والقوات الهندية
كاتب ي�شتم �سارتر وكتاب يقر�أ ملرة واحدة فقط عمار المأمون
�شمال العراق واحتالل املو�صل ،وهي املرحلة الثانية من احلملة التي �شملت �أي�����ض��ا �إ�����ص����دارات م��ت��ن��وع��ة لطوابع “العراق حتت االحتالل الربيطاين” وجمموعة “قوات احلملة الهندية” اخل��ا���ص��ة ب��اح��ت�لال امل��و���ص��ل .وتقول ر���س��ال��ة م��ن ال��دي��وان امللكي يف ق�صر باكينغهام تعر�ض بهذه املنا�سبة ويعود تاريخها �إىل �أبريل ،1917ب�أن العاهل الربيطاين امللك ج��ورج اخلام�س كان حري�صا على اقتناء جمموعة كاملة من الطوابع الرتكية املو�شحة يف بغداد. ويعترب هواة طوابع ال�شرق الأو�سط جمموعة احتالل بغداد هي “جوهرة التاج” يف جمموعاتهم �إذ تع ّد واحدة من �أثمن و�أن���در جمموعات الطوابع الربيدية يف املنطقة .و�سي�شهد املعر�ض ت��ن��وي��ع��ات م���ن ت��ل��ك ال��ط��واب��ع تظهر �أخطاء �شهدت عملية التو�شيح �أدت �إىل اختفاء حروف �أو كلمات كاملة منها. و�س ُتعر�ض �إىل جانب جمموعة بغداد مقاومة �شر�سة �أثناء توغلها يف العراق جنوبية لل�ضغط ع��ل��ى ق���وى املحور من ك�سر ح�صار �ضرب عليها يف منطقة 50لوحة �أخ��رى تقدم طوابع بريدية بعد �أن متكنت م��ن اح��ت�لال الب�صرة ال��ت��ي ت�شمل ال��دول��ة العثمانية .لكن كوت العمارة جنوب بغداد وا�ستطاعت ل��ل��ع��راق م��ن��ذ ع���ام 1918ح��ت��ى نهاية بداية احل��رب العاملية الأوىل كجبهة القوات الربيطانية والهندية متكنت الو�صول �إىل بغداد والتقدم الحقا �إىل احلكم امللكي يف عام .1958
قصة قصيرة جداً رحيم عزيز رجب
ه َم بنف�سه وكان كابو�سا قد جثم على �صدره لينف�ض فرا�شه الدافئ يف يوم �شتاء قار�ص فرمبا فاته الوقت حني �أدرك ان��ه ب��ات مت�أخرا عن دوام��ه الر�سمي وان الوقت املتبقي لديه رمبا يكفي فقط هي للملمة �شتاته و�سط الظالم املعهود واالنطالق بعدها م�سرعا عرب و�سائط النقل املتعددة والتي �ستقله �إىل مكان عمله ليبدو م�شو�شا م�شدوها فهو مل يت�أخر يوما خالل م�سريته الوظيفية والتي ق�ضاها يف خدمة تقدر بـ32 �سنة مل يعتاد ومل يتحمل رمب��ا (توبيخا �أو �إن���ذارا) ب�سبب ت���أخ��ر ب�سيط وم��ا �أن اخ��ذ مكانه يف احد
ُي��دوّ ن الكاتب ال�سوري حممد �سعيد يف عمله الأخ�ير “عاريا يف حو�ض ال�سمك”، هواج�سه ،حيث يلتقط يوميّات الوحدة واحل��رب ،متلم�سا ع�شيقات ح�ضرن ج�سدا �أحيانا ،و�أطيافا �أحيانا �أخرى ،لرياوح بني الغزل وال�سباب ،التقبيل وقطع الأو�صال، �سعيد يكره اجلميع ،الأدب و�أعالمه ،مثقفيه وك ّتابه� ،شامتا �سارتر وداعيا بوكف�سكي لك�أ�س من اجلعة ،ال عالمة جتني�س لـ”عاريا يف حو�ض ال�سمك” ،فنظريا نحن �أمام ن�صو�ص تتجاوز التجني�س ،وترتاوح يف الطول القيمة ،هي لي�ست �ضد النوع الأدبي، وال يدعي �صاحبها �أنه �شاعر �أو كاتب ،هو كما يقول يف عنوان ق�صيدته “كحمار مفخخ خارج الن�ص” .التعامل مع ن�صو�ص �سعيد ي�ستعدي التوقف عند �شكلها �أوال، غياب عالمة التجني�س يجعل الن�صو�ص منفتحة على العديد من االحتماالت ،لكن �أوال يجب الأخذ بعني االعتبار �أنها ن�شرت بداية على �صفحته ال�شخ�صية على في�سبوك، بالتايل هي كتبت بهدف الن�شر على و�سائل التوا�صل االجتماعي ،ما يجعل تلقيها مرتبطا بالآنية ،وحني جمعت يف كتاب برز غياب املو�ضوعة التي جتمعها ،فهي �شذرات �أحيانا ،و�أقرب لتدوينات يوميّة ،مت�س �سعيد �شخ�صيا وج�سديا .الن�صو�ص مكتوبة بلغة توا�صليّة ،م�ألوفة ملن يتابع املوقع الأزرق بكثافة ،لتح�ضر فيها �أطياف من ن�صو�ص �آخرين و�أهوائهم ،وخ�صو�صا �أنها مرتبطة بظاهرة الهام�ش الذي وجد يف و�سائل التوا�صل االجتماعي و�سيلة للتعبري عن نف�سه ،هي اندفاع �ساخر مرتبط بو�ضعية الهام�ش و”ً �صعاليكه” الراف�ضني ملا هو مك ّر�س ،لكن هذا املوقف الراف�ض نراه ال يتجاوز ال�سطحي والت�أمالت غري النا�ضجة ،التي ُت�ستثنى عادة حني الكتابة، بو�صفها خاطرة عابرة ال بد من اال�شتغال �أكرث على تكوينها لتكت�سب بعدا �شعريا �أو دالليا ،لتبدو بع�ض املقاربات ك�سذاجات طفوليّة ،ك�أن نقر�أ �سعيد حمدثا �أنثى ما قائال “لي�س مطرا /ما ترينه الآن� /إ ّنها الغيوم /تبول على العامل” .اجلانب الآخر املرتبط بهذه الن�صو�ص على �صعيد امل�ضمون ،يربز يف “مركزيّة التجربة الذاتيّة”، وهي التي تك�سب املو�ضوعات حيويتها �أحيانا ،ب�سبب الظروف اال�ستثنائية التي يعي�شها الكاتب ،جثث و�أ�شالء ،حبيبات غائبة وتغن بتفا�صيل الأنثى/ا ُ حللم .وحت�ضر يف �أغلب الن�صو�ص ،مو�ضوعات املوت واجل�سد املهدد بالرحيل ،بو�صفها هواج�س �سعيد �إثر احل�صار ،لكن ،هذه الن�صو�ص وليدة كتابة �أوق��ات الفراغ ،نتاج اخليبة والالفعل ،هي �أعرا�ض االنتظار �أمام �شا�شة الكمبيوتر ،لتبدو الكتابة بو�صفها �سالحا �ضد امللل ،اختبارا الحتماالت ال�ضجر ،ما ي�ستهلك املخيّلة �إثر مرجعية “الت�صفح” املرتبطة باملوقع الأزرق ،كمن يتن ّقل بني اقتبا�سات بال �سياق� ،أما و�ضعية “النافل” التي يختارها �سعيد لنف�سه ،قد تكون نتاج التهديد بالرحيل ،فكل �شيء قد يتال�شى، طلقة واحدة تكفي ،قذيفة واحدة قد حتوله وكل ذكرياته ون�صو�صه �إىل غبار .كتاب حممد �سعيد ،ال�صادر عن دار “نوفل-ها�شيت �أنطوان” ،يف ب�يروت ،ك�أي من�شور على و�سائل التوا�صل االجتماعي ،يقر�أ مرة واحدة ،وال دافع �إىل العودة �إليه ،هو ال �أر�شيفي� ،ضد الت�صنيف ،الذاكرة املرتبطة به �آنيّة ،كالأفالم الإباحيّة التي يذكرها �سعيد نف�سه ،ينتهي ت�أثريها يف حلظة ،توم�ض ،ثم تختفي .كما ت�شابه ن�صو�ص الكتاب الت�سطيح الذي متار�سه و�سائل الإعالم ،مرجعياتها وتقنيات تكوينها تنتمي �إىل اجلماهريي واملتبادل ،هي تدّعي الهام�شية عرب رف�ضها ملا هو جماهريي ،لكنها ال تقدم جماليات بديلة �أو جمالياتها اخلا�صة ،هي جمرد رف�ض �سطحي ير�سخ ما يدّعي رف�ضه ،خالية من حماوالت الهام�ش للت�أ�سي�س حل�ضوره� ،أقرب ل�صراخ �أمام �شا�شة خيري منصور التلفاز ،تهكم مما ن�سميه �شعرا ب�صورة ال �شعريّة ،كما تغيب فرادة وا�ستقاللية الكثري �إذا �صحّ ما يَقوله �ستانلي هامين عن من الن�صو�ص. وظ��ي��ف��ة ال��ن��ق��د ب��اع��ت��ب��اره اجل�����س��ر �أو القنطرة التي تردم الهوة الفا�صلة بني امل��ب��دع وامل��ت��ل��ق��ي ،ف����إن مثل ه��ذا النقد يف �أي��ام��ن��ا م��ن ال��ن��درة واال�ستثنائية بحيث يكر�س القاعدة ،وهي باخت�صار التحليق النظري على ارتفاعات حتجب الن�صو�ص ،ويكون النقد جمرد �أفكار وانطباعات جمالية �سائدة ،ويف هذه احل��ال��ة ي��ت��غ��ذى ال��ن��ق��د م��ن ال��ن�����ص �إىل �أن يفقره ،وال ي�ضيف �إل��ي��ه م��ن خالل اال���س��ت��ق��راء م���ا ي��ج��ع��ل��ه ق��اب�لا للتعدد وال��ت���أوي�لات .وم��ا ك��ان ل�ل�أدب وال�شعر بالتحديد �أن يتطور يف الر�ؤى والأداء لوال ما جناه من ك�شوفات النقد املغامر، الذي ي�صبح �أحيانا �إبداعا �آخر موازيا، ولأن النقد �إفراز ح�ضاري بالغ التعقيد م��ن حيث �أب��ع��اده املعرفية ،فهو لي�س م��ي�����س��ورا يف ك��ل �أوان ،ل��ه��ذا ينزلق نحو االنطباعية والأفقية يف مراحل االنحطاط التي ت�سود فيها االمتثالية، كنمط تفكري و�سلوك ،وت�صبح ال َق ْط َع َنة
ذكريات موظف مت�أخر البا�صات العامة التي تقله وا�ستقر حتى �أخذته الأفكار والهواج�س والت�أمالت بعيدا �سارحا معها رمبا �إىل �سنوات عمره الأوىل من عهد وظيفته حيث ال�صور واملحطات البعيدة منها والقريبة من حياته الوظيفية لتخت�صر بدقائق معدودة الزمن وك�أنها �أح��داث عهد قريب الحت �أمام ناظريه وك�أنها خيوط �أحالم ع�صبت عينيه ف�أخذته �إىل عامل الذكريات والأطالل التي ق�ضاها يف الت�صنيع الع�سكري وما حمله ذلك الإرث ال�صناعي م��ن �إح���داث تزامنت فيها ح��روب وح�صار وغ��زوات وتاريخ مليء ب�أحداث م�ؤملة �أملت بالعراقيني فجهود ب��ذل��ت ،وم����وال ه����درت ،ومن�ش�آت دم���رت ع��ن ب��ك��رة �أب��ي��ه��ا وت�ساوت وحم��ت معاملها ،وعقول هاجرت،
حقل �أحالم.. نافذة للنبع ال�ضرير أحمد بغدادي
()1 احلب �أمام اجلماهري.. فلنعدم َ ِ َ وندع احلديقة تخل ُع ثيابها نحو املاء مت�شي عاريةً جماز احلقيقة. مثل ِ ُ العالمَ الآن قتي ًال كاحلياة قلب ال�شاعر. يف ِ ()2 ول َد احلبُ �أعمى أنت املج ّرة �إال � ِأنك � ِ بك �أينما توجّ ه. يرتط ُم ِ ُ �سوف �أد ِّلك على الطريق جيد ًا .. أنت هناك قفي � ِ و�أنا هنا. �أنا �أج ُّر خلفي حق ًال فارغ ًا .. أنت جترين النهر. و� ِ ت�أتني �صوبي و�أنا كذلك. ـ هذا هو الطريق
وك���ف���اءات �شتتت وه��ج��رت ،ون��ف��و���س ب��ري��ئ��ة قتلت، ودولة بعرثت �أ�شتاتها ،و�أغ��راب قدمت ،وحكمت وما بني ما�ض قريب وحا�ضر �أق��رب م�شاهد يعجز املرء اليوم عن حتليلها وتف�سريها ووطن ي�سري نحو ركاب الهاوية وحكومة جتهل القيادة يف بلد �أقام على �أنقا�ض وخملفات املا�ضي فال �أم��ن وال �أم��ان وال خدمات وال �إنتاج وال زراعة وال تعليم وال رعاية �صحية حتى �إذا ما و�صل �إىل حمل عمله �أ�سرع خطاه ودخوله بالوقت املحدد ليتذكر بعدها �أنه �سيجل�س لـ� 8ساعات يق�ضيها على هوام�ش وظيفة يعد �أيامها ليلحقها ب�سنوات عمره التي �أ�ضاعها احلكام وو�صلوا بوطننا هو الآخر يخلو من مقومات وم�ؤهالت دولة باتت واعدت الأوىل بني الدول ولكن ت�صاعديا.
عهد انكيدو ..ق�ص�ص عن ملحمة العراقيني عرض :عدنان راشد القريشي
َتتخذ ق�ص�ص هذه املجموعة منحى و�صفيا يقرتب من التقاط ال�صورة الفوتوغرافية �أي انه ي�سلك �أ�سلوب ًا هو اقرب اىل مدر�سة ال�شيئية التي برزت يف �أ�سلوب الآن روب غريبية ونتايل �ساروت .فهو ي�ضع بطله يف دائرة الر�ؤيا واملالحقة فق�صة ر�ؤى حول كهرمانه -هذا التمثال الذي ينت�صب يف موقع ي�ؤدي اىل اكرث من تقاطع تزحمه ال�سيارات ومظاهر االف���راح التي ي�ستخدم خاللها الطلق ال��ن��اري ال��ذي ي�ؤدي مبوت �شخ�ص ((ه��رول اجلميع وخ��رج معهم فرقد ليعرف ما الذي حل بالرجل .ولقد اخرتقت ر�صا�صة طائ�شة رقبته وا�ستقرت يف جوفه يرتبط احلدث بت�شكيل احلكومة وهنا يلتفت فرقد اىل كهرمانة مناديا: ايه كهرمانة اما حان ان تغادري ال�صمت.ويف ق�صة جنوى يتحرك احلدث مب�شهد و�صفي على ج�سر ينام على �سطح نهر دجلة وترى بطله ي�سري بتثاقل حيث اخذ منه الزمن ال�شيء الكثري وخالل عبوره اجل�سر يناجي النهر وهو ي�سرتجع �سنوات عمره ويظل بتداع وا�ضح يناجي نف�سه ويبدو بنظر االخ��ري��ن رج�لا ا�ضاع �صوابه وعقله حيث ينادي عليه �صبيان يدفعان عربة -جمنون جمنون
فيعود الرجل معت�صر اجلوانح .وق�صة عهد انكيدو ت�ستلهم مو�ضوعها م��ن احل�����ض��ارة ال��ع��راق��ي��ة ال��ق��دمي��ة م��ن االط�لال ال�سومرية والبابلية التي ينام بع�ضها على دفتي نهر دجلة والفرات ،الق�صة عجلة هرمة ت�سري وهي تر�سل �صرير ًا او انين ًا موجعا .ق�ص�ص كهذه تبكي على املا�ضي وت�سرتجع انكيدو كلكام�ش بدون ان تطلب من االن�سان احلا�ضر �أن يبني هو االخ��ر �صرحه وح�ضارته لكي ير�سم ذات املالمح التي تركها االجداد ،القا�ص فا�ضل حممد خ�ضري يلتقط موا�ضيعه من ال�شارع من االزق��ة من على االر�صفة وهو يف كل ق�صة بعيد البكاء على املا�ضي ق�صة العكاز رجل عاجز حتمله عربة وهو يحمل كي�س ال�صمون وعندما يو�صله اىل عتبة دارة يخرج له �صبي ي�سحب الكي�س ويعود ادراجه داخل البيت وهنا يتباكى احلدث على اجليل اجلديد وما حل بالدنيا؟ ق�ص�ص املجموعة ذات ن�سيج ا�سلوبي واح��د مو�ضوعها االن�����س��ان امل��ع��ذب املكابد وه��و بذلك ي�سوق ملحمة �شعب العراق بكل �شرائحه التي دفعت ثمن احل��روب واجلوع والتي غريت مالمح اال�شياء التي تبدو �ضبابية �شاحبة على الدوام امتاز ا�سلوبه باجلمالية برغم تكرار ال�سياق ولكنه جنح يف التقاط مناذج ب�شرية تعي�ش معها يف كل وقت.
حما�صيل البطالة النقدية وع��ي��دا بعقاب اخل��ارج�ين ع��ن مدارها املغلق .وما من نقد فاعل �إن مل يكن قد �أ�ضاف النزاهة �إىل الكفاءة ،لهذا غالبا ما ي�ضرب املثل بالناقد ماثي�سني املارك�سي الذي قر�أ ق�صائد ت� .س� .أليوت ،متحررا من الأدجلة والربوكو�ستية التي تعذب الن�صو�ص ،وكذلك ال�شعراء كي يعرتفوا مبا مل يقرتفوا ،وال�سبب يف حتويل نقد ماثي�سني �إىل �أمثولة يف النزاهة ،هو �أن ال�شاعر الذي نقده و�أن�صفه كاثوليكي وملكي وكال�سيكي كما يعرتف ،وعلى نحو مبا�شر ،حيث قال �أنا كاثوليكي يف الدين وملكي يف ال�سيا�سة وكال�سيكي يف الأدب .وك��م��ا ي��ح��دث ع����ادة ف����إن ال�ترج��م��ة امل��ب��ك��رة ن�سبيا للبنيوية، خ�صو�صا ال�شكالين منها �أتاح لأ�شباه ال��ن��ق��اد م��ن ال��ه��واة جت��ري��ب مفاتيحهم يف ن�صو�ص بقيت مقفلة ب�إحكام لأن البنيوية ال�شكالنية تخلت عن التقييم، واقت�صرت على تفكيك الن�ص و�إحالة عنا�صره �إىل مرجعيات ،وهكذا �أ�صبح ال�شعر كله غابة من نخيل متجان�س� ،أو �صف�صاف ،برغم �أنه لي�س كذلك ما دام منه ال�شعر اجلدير بهذه ال�صفة والنظم
امل�صنوع .وما بد�أته البنيوية ال�شكالنية �أك��م��ل��ه الآن الإن�ت�رن���ت ،ح��ي��ث يتبادل ال��ه��واة الإط������راء ،وي��ت��ب��ادل��ون احل��ك، �أم���ا النقد امل��ح�ترف فهو ينعم ك�سائر �إفرازات العقل ببطالة ال تلوح لها نهاية يف �ستينيات القرن املا�ضي ،وهو العقد التجريبي واحليوي يف الن�صف الثاين م��ن ال��ق��رن الع�شرين ك��ان بع�ض النقد ال��ع��رب��ي ج�����س��ورا ومل تكن مقاي�ضات ال�����س��رخ�����س��ي��ات وال��ف��ط��ري��ات ق��د طغت على امل�ستنقع الثقايف ،ومار�س النقد
يف تلك ال��ف�ترة �شعراء مثقفون ،ممن خا�ضوا معركة التحديث يف مناخات ملبدة بالرتهيب والتخوين ،وقر�أنا على �سبيل املثال ما كتبه كاظم جواد عن البياتي وهو يف ذروة �شهرته ،حني قال �إن البياتي لوال الواوات التي يفرط يف ا�ستخدامها كي ت�ستقيم له الأوزان ملا كتب �شعرا .ومل يرتدد ال�شاعر الراحل �أن�سي احل��اج يف تقدمي ق��راءات نقدية معمقة ل�صالح عبد ال�صبور والبياتي �أي�����ض��ا ،خ�صو�صا يف م��ق��ال��ة واقعية
ال�شعر واالنفعال .لقد تعاي�ش النقد مع الإب���داع يف تلك املرحلة ،فكانت جملة «الآداب» تن�شر ن�صو�صا ثم تكلف نقادا لنقدها يف ع��دد الح��ق ،ف�أين هو النقد الآن من كل ما ين�شر ومن املنوط به فرز ال�شحم من ال��ورم والغث من ال�سمني والقمح من الز�ؤان؟ �إن ا�ستثنائية ذلك العقد مل تكن عربية فقط ،بل هي يف نطاق عاملي ،فال�شعراء يف الغرب كانوا نقادا بامتياز ،متاما كما كان �شعراء الرومان�سية �أبرز نقاد ع�صرهم كالثالوث الإن��ك��ل��ي��زي �شيلي وكولردج وكيت�س .الآن �أكتب ما ت�شاء ف�أنت مع�صوم ،وما من نقد يقرتب من تخومك ،وم�صدر هذه احل�صانة لي�س ف��ائ�����ض امل��وه��ب��ة ،ب��ل ف��ائ�����ض الإهمال وال�لام��ب��االة ،فاللعبة الآن ب�لا �شبكة، والالعبون ي�ستعر�ضون مهاراتهم �أمام املرايا ،وال يدركون �أن ما ي�سجلونه من �أهداف هو يف مرماهم .واالنح�سار الذي �أ�صاب نقد ال�شعر مل ي�سلم منه النقد بكل جتلياته ،بدءا من النقد الذاتي �سيا�سيا واجتماعيا حتى نقد الرواية والق�صة وامل�سرح و�سائر الفنون.