مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا
كما ش���هدت مصر نهضة في التعلي���م والثقافة والصناعة منذ قرني���ن فقط أثن���اء عهد محمد علي ال���ذي كان صاحب رؤى كثيرة .فجددت مصر تربعها اقليميا ً على عرش القوى العظمى في المجاالت الصناعية والعس���كرية واستصحبت تلك الفترة اصالح���ات في التعليم تحت قي���ادة رفاعة الطهطاوي وتابعيه والت���ي مثلت دعائم أساس���ية لقيام النهضة ف���ي مصر .وفي السنوات التي تلت تلك الحقبة ،س���طع نجم القاهرة باعتبارها مركزاً للدراسات واألنشطة الثقافية في اآلداب والفنون والعلوم واالعالم ،فش���هدت الجامعات المصرية تخريج قادة في جميع المجاالت امتد أثر ما قدموه من أعمال ليشمل جميع المجتمعات العربي���ة .ومازلنا نعي���ش اليوم في أصداء اس���هاماتهم ،بدءاً بكتابات طه حس���ين ونجيب محفوظ وعلي مصطفى مشرفة، وانتها ًء بأغاني وأفالم أم كلث���وم وعبد الوهاب وفاتن حمامة.
األزهر الشريف
وفي القرن العشرين ،أنشأت مصر الحكم الديمقراطي الرشيد وأقامت مؤسسات قوية في مختلف القطاعات ،منها جامعة القاهرة والبنك األهلي وبنك مصر وجريدة األهرام باإلضافة إلى دعم الصناعات ،مثل صناعة النسيج واألفالم السينمائية .وبفضل هذه المكانة المرموقة ،كانت مصر مركزاً جاذبا ً ومنهالً لتعليم أجيال وأجيال من العرب. لك���ن في وقتنا الحاضر ،أصبحت اس���هامات مصر والعالم العربي على المس���توى العالمي في العل���م و التكنولوجيا ،وكذا في االنتاجية االقصادية المبنية على المعرفة ،تلك االس���هامات أصبحت متواضعة -إن كام لها ذكر في األس���اس .وأدى ذلك إلى تصدير المهارات بما يعرف بظاهرة هجرة العقول ،أي هجرة الكثير من العلماء األكفاء إلى البلدان الغربية ،كما أدى إلى استيراد التكنولوجي���ا من الدول األخرى المتقدمة .فكانت نتيجة هج���رة العقول وانعدام قاعدة علمية متينة في مصر وغيرها من البلدان العربية محدودية مش���اركتها في السوق العالمي .إن العالم العربي ثري بالموارد البشرية والمالية ،ولذلك ليس هناك ما يستدعي وجود عقبات كبرى تحول دون بناء قاعدة علمية على مس���توى عالمي .وهذه القاعدة المعرفية ضرورية لمس���تقبل الش���عوب العربية ،ليس لتحقيق الرخاء االقتصادي فحس���ب ،بل أيضا ً لتنوير هذه الشعوب بما يجعلها مؤثرة على األصعدة العالمية ونحن نمتلك أحد خيارين :إما أن نكون ثالثمئة وخمس���ون مليون ش���خص من أهل الكهف أو أن نكون ثالثمئة وخمسون مليون شخص من أهل الكون.
العدد األول 2012-10-22
4