باسل قبيسي
سوريتنا | السنة الثانية | العدد ( / 28 | )84نيسان 2013 /
قد يطلق البعض اس��م انهي��ار ،على ما جرى للبعض "المثق��ف" روائي��ا أو كاتب��ا أو محلال اقتصاديا أو سياس��يا، ويفض��ل البع��ض إطالق تس��مية الس��قوط واالنكش��اف الفاضح "للنخب" التي وصلت إلى حد االنس��حاق الكلي مع فكرة "المؤامرة" الكونية ،إعجابا منها لشعارات سقطت مع بداية الربيع العربي واندالع "الثورة السورية" الذي وصفته تلك "النخب" بالجحيم حنين منها لعهد الديكتاتوريات. لق��د انج��رف "المثقف��ون الفلس��طينيون" والع��رب، بعضه��م أو ره��ط منه��م كان محس��وبًا عل��ى تنظيم��ات وفصائ��ل وق��وى "حرك��ة التح��رر الوطني الفلس��طيني" واألحزاب اليس��ارية واليمنية و"المس��تقلة" بعزل أنفسهم في شرنقة الشعارات التي زخرت بها بعض كتاباتهم التي تناول��ت األزمة الس��ورية ،الحالة المتنامي��ة من الجدل في البنية والبيئ��ة الثقافية حول موضوع الثورة الس��ورية ،ما ه��و إال دليل إفالس فك��ري وثقافي وتعبي��ر عن حالة من الجوف والخواء الثقافي ،انعكاس��ًا للمعنى الحقيقي للقطع ال��ذي أحدثته م��ع الواقع الذي من المفت��رض والبديهي أن يك��ون األداة المحركة والموضوعي��ة للتحليل من النواحي الطبقية ومن المفترض أيضا أن يكون "بوصلة العقل". في كل األحوال هذه الحالة التي نش��هدها بعناصرها المختلف��ة ،االنقس��ام -التراج��ع -الرك��ود -الس��قوط واالنكشاف لدور المثقف تستدعي من العقل إعادة تعريف لوظيف��ة المثق��ف والسياس��ي ف��ي الحال��ة الفلس��طينية والعربية ،من متابعاتنا لبعض الكتابات المقروءة والمواقف المعلن��ة في وس��ائل اإلع�لام المرئية ووس��ائل التواصل االجتماعي ،ربما تكون حالة صادمة ومفجعة تلك المواقف الصادرة من رموز "تعتبر نفسها" أيقونات في مجال إبداعها ،بحيث ت��م فص��ل الش��عارات الوظيفية والمفردات الثقافية التي أخضعنا لها على م��دار عقود ،وعند أعتاب التجربة الس��ورية يج��ري اجترار البعض لفزاعة المؤامرة ،وش��عار الصهيوني��ة والرجعي��ة العربي��ة والض��خ "بإس�لاموفوبيا" النصرة والقاع��دة ،وأخون��ة المجتم��ع، كأنها ش��عارات لم تستخدم طيلة عق��ود وكأنن��ا ألول م��رة نتعرف عل��ى الرجعي��ة العربي��ة ودورها وكأنه ال توجد مؤامرة من الحركة الصهيونية لمدة قرن ويزيد على المجتمع��ات العربي��ة ،المحاول��ة البائسة واليائسة للنخب المثقفة إلع��ادة العقل العرب��ي لحظيرتها الثقافي��ة وس��طوتها المعرفي��ة م��ا ه��و إال تماه��ي مفض��وح مع النظام العرب��ي الذي أعدم الحياة السياسية والثقافية بذات األدوات الت��ي يجلدن��ا بها م��ن يعتقد أنه "أيقونة" روائية وثقافية وشعرية أو سياسية ..الخ. ه��ذه النخ��ب الت��ي قدم��ت إنتاجها "السوبرماني" من الثقافة والتحلي��ل لواق��ع المجتمع��ات العربي��ة ،تتس��ابق الي��وم ف��ي تس��فيه وتس��ويف الواق��ع ف��ي ذرائعي��ة عجيب��ة ممجوج��ة ال تت��وازن م��ع مس��مياتها وال م��ع ادعاءاتها الفكري��ة بعد أن اتضح انهيار البن��ى والمت��كآت الثقافية الت��ي م��ن المفت��رض أن جُ��ل إنتاجها يش��ير إلى رفع الظلم عن اإلنس��ان ،بينما واقع الحال يقول ان��ه ال يجوز حتى اس��تخدام هذه
المتكآت التي أنتجتها النخب في الحالة الس��ورية وال يجوز تقديم س��وى فك��رة المؤام��رة الصهيوني��ة ودور الرجعية العربية ،لتجد نفس��ها خارج الواقع السياس��ي المعاش وال تتعام��ل مع الواقع س��وى م��ن رؤية نرجس��ية مرتبطة مع ذاتها "كأيقونة" أس��قطها واقع الحال في الحقيقة وكش��ف زيفها وادعاءها. لذلك تجد هذا العداء المستش��ري من النخب المثقفة ف��ي كتابات بات يطل��ق عليها "لوبي قومجي" في أحس��ن األح��وال وظيفته المحددة حماية الطغ��اة ،الن الفترة التي س��بقت الربيع العربي فيها كان��ت تعتاش هذه النخب على ش��عارات تغلف "ش��رنقتها" وأمام التح��دي المصيري الذي تواجه��ه ف��ي انكش��افها وعريها ب��ات لزاما عليه��ا أن تلوذ بعقله��ا وصمتها عن مذبحة اإلنس��ان العرب��ي لتبدو حالة اإلغ��راء والتنصل م��ن دورها المتناقض ف��ي حبر الراوية والش��عر والثقاف��ة كقش��رة نخبوية جففتها ثورة الش��ارع العرب��ي ،وقدمت��ه كإنت��اج ثقاف��ي وإيديولوجي سياس��ي واقتصادي أجوف بعيد بتلك المس��افة بين األبراج العاجية للمثقف واإلنسان. االنش��غال الثقاف��ي العرب��ي والفلس��طيني ،بالنقاوة والطهارة من "إس�لاموفوبيا " الحدث السوري وإرجاع األمر لزاوي��ة المؤامرات وإغفال الحدي��ث والتبرؤ من اخذ موقف م��ن المجازر وتدمير الم��دن وقتل اإلنس��ان ،والجلبة التي يح��اول البعض إثارتها من فزاعة اإلس�لام وب��ذات الوقت يح��ذر من التطييف دون رؤية الواقع تقود إلى اليقين الذي بدئنا به أنها أصدرت قرار غيابها عن اإلنس��ان والعقل إلى األبد.
نبض الروح . .
انهيـــار وانك�شـــاف!
أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر
جرائ��م ال تق��ل فظاع��ة ع��ن جرائ��م النظام ف��ي تهجير الناس م��ن بيوتها وسرقتها وحرقها واالختطاف واالبتزاز واعتق��ال الناش��طين ومالحقته��م وحتى قتله��م ،والتي انبرى الكثير من معارضتنا الكريمة وعلى المأل بالدفاع عنه��ا حتى دون اإلش��ارة إل��ى األخطاء الت��ي ترتكبها بح��ق المواطنين والتي تصب أغلبه��ا في صالح النظام لكي ال يُغضّبوا الدول التي تمّولها .وهل من المنطقي أن نطالب الجيش الحر الذي يق��وم بالدف��اع ع��ن األهال��ي وتحرير المناطق في مالحقة ه��ذه الكتائب أو العصابات المرتزقة التي نمت كالفطر في جميع المناطق. ال تتباك��ون علينا على الشاش��ات فنح��ن نم��وت بإرادتن��ا وس��ننتصر بإرادتن��ا ولي��س بتش��تتكم وخدم��ة لمصالحكم الضيقة وأتمنى على ثوار الداخل من مدنيين وعسكريين شرفاء تش��كيل مجلس وطني يجمع مكونات الش��عب لقي��ادة الثورة الت��ي ثبت أنها لن تنجز إال بأي��دي أبنائها من الداخل، وخاص��ة أن الث��ورة ف��رزت العديد من الكف��اءات الش��ابة في الداخ��ل ولديها الوعي السياسي. إذا أردنا لثورتن��ا النجاح فعلينا أن نثور على أنفسنا بداية وإعادة تأهيلها ومصالحتها وتعلم أن نكون أحراراً وأن نخرج م��ن موض��وع التألي��ه والتهليل والتجميل وتصوير ش��خص أو جهة ما وكأنها أس��طورة لكي ال نكرر أنفس��نا ونعي��د إنت��اج النظام وعلين��ا إدراك أن كل من يفعل ش��يئا للثورة فهو يخدم وطن��ه وال منّة له عل��ى ذلك وكم من األبط��ال الذي��ن يعمل��ون بصمت دون اإلعالن عن أنفسهم أو التقاط الصور والتبجح أمام الكاميرات. ولكي نسمي األش��ياء بمسمياتها ف��ان ما حص��ل م��ن اس��تقالة رئيس االئت�لاف الش��يخ مع��اذ الخطي��ب عبر ش��بكة التواص��ل االجتماع��ي بع��د أن أعلم أعدقاء س��ورية به��ا أوال وتكليف ج��ورج صبرا نائب��ه برئاس��ة االئتالف إل��ى حين االنتخاب��ات واعتراض هيثم المالح والخطيب على هذا القرار بحجة أن النظ��ام الداخل��ي لالئت�لاف يعطي الحق للرئيس بأن يس��تمر بعمله بعد االس��تقالة إل��ى حين االنتخاب��ات ،وإذا كان الخطيب يريد أن يستمر إلى حين االنتخابات لماذا يس��تقيل من أصله ما أظهر هزال��ة الموقف ودف��ع الكثيرين إلى التس��اؤل كي��ف له��ؤالء أن يديروا دولة إذا كانوا يختلفون على إدارة شبه مؤسس��ة لم تفعل ش��يئا حت��ى اآلن.. وم��ع احترامنا للش��يخ مع��اذ الخطيب وإعجابن��ا بش��فافيته إال أن علي��ه أن يعلن للش��عب وبكل وضوح عن سبب اس��تقالته وم��ا ه��ي الضغ��وط الت��ي تم��ارس عل��ى االئت�لاف وكي��ف تتآمر الدول الغربية وبعض ال��دول العربية للقضاء على الثورة ومن هم األعضاء الذين يحاولون ش��ق الصف وتش��تيت الرؤى أي أن يوضح باألس��ماء واألرقام ما يحاول اإليحاء به دوماً. أعت��ذر م��ن كل م��ن انتقدته في مقال س��ابق لتهجمه عل��ى المعارضة ألنن��ي لم أكن ق��د وصلت إل��ى الحالة الت��ي وصلوا له��ا وكان ل��دي بقية من أمل في أن يس��تفيقوا ويكونوا سفراء لش��عبهم يحققون مصالح��ه وأهداف ثورته.
املثقف الفل�سطين��ي والعربي يف الثورة ال�سورية
19