صحيفة القدس العربي , الجمعة 14.02.2014

Page 18

‫‪18‬‬

‫‪AL-QUDS AL-ARABI‬‬

‫السنة اخلامسة والعشرون ـ العدد ‪ 7666‬اجلمعة ‪ 14‬شباط (فبراير) ‪ 2014‬ـ ‪ 14‬ربيع الثاني ‪1435‬هـ‬

‫مدارات‬

‫مواصفات الدولة الفاشلة‪ ...‬كيف ننقذ سوريا من التحول الى صومال ثانية‬

‫د‪ .‬عبد احلميد صيام٭‬ ‫■ ليس هناك تعريف متفق عليه متاما للدولة الفاشلة‪ ،‬لكن هناك‬ ‫ش�به اتفاق بني علماء السياس�ة واالجتماع على أن الدولة الفاشلة‬ ‫هي تلك التي ال متارس س�يادة كاملة على األرض والش�عب‪ ،‬ويظهر‬ ‫هذا الفش�ل في مجموعة من املؤش�رات أهمها‪ :‬فقدان السيطرة على‬ ‫جزء من األراضي اخلاضعة للدولة‪ ،‬وفقدان التفرد في حق استخدام‬ ‫القوة‪ ،‬وانهيار جزئي أو شامل في تقدمي اخلدمات األساسية‪ ،‬وتعطل‬ ‫كامل أو جزئي لعمل مؤسس�ات الدولة والفش�ل في إلزام أجزاء من‬ ‫الش�عب بتنفيذ قرارات احلكومة املركزية وانتش�ار الفس�اد بش�كل‬ ‫ال يعود خاضعا لللس�يطرة‪ ،‬وانتش�ار الهجرة اجلماعية أو التشرد‬ ‫داخليا وانتش�ار اجلرائم املنظم�ة وغير املنظمة واخت�راق القانون‬ ‫بش�كل جماعي‪ .‬ومع أن سوريا تنحدر س�ريعا نحو تلك املواصفات‬ ‫إال أن هن�اك فرصة ولو قصيرة حلمايتها من االنزالق النهائي‪ ،‬وهذا‬ ‫يتطلب جه�ودا محلية وإقليمية ودولية متناغم�ة ومتوازنة وجادة‬ ‫قب�ل ف�وات األوان‪ .‬ولعل مؤمتر جني�ف ‪ 2‬ميثل بصي�ص أمل خافتا‬ ‫وجس�را أخيرا ميك�ن لألطراف عب�وره نحو حماية س�وريا الوطن‬ ‫والشعب والتاريخ واحلضارة واملستقبل من تلك االحتمالية القاتلة‬ ‫في حالة فشل املؤمتر‪.‬‬ ‫مؤشر الدولة الفاشلة‬

‫تنش�ر مؤسس�ة «صندوق السلام» ومقرها واش�نطن العاصمة‬ ‫منذ عام ‪ 2005‬مؤش�را س�نويا حتت مس�مى الدول الفاشلة‪ ،‬ويشمل‬ ‫‪ 178‬دول�ة مرتب�ة بطريقة عكس�ية بحيث حتتل الدولة األكثر فشلا‬ ‫في العال�م املرتبة األولى وهي الصومال‪ ،‬تليها الكونغو فالس�ودان‬

‫ث�م جنوب الس�ودان وص�وال إل�ى الرق�م ‪ ،178‬الذي حتتل�ه فنلندا‬ ‫تليها عكس�يا الس�ويد فالنرويج‪ .‬ويستخدم املؤش�ر ‪ 12‬بندا تشمل‬ ‫معطي�ات سياس�ية واقتصادي�ة واجتماعي�ة وخدماتي�ة وأمني�ة‬ ‫وقانوني�ة وترفيهية وحقوق إنس�ان وغير ذل�ك‪ .‬وتعطي عالمة من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ 10‬لكل فئة‪ ،‬وميثل الرقم عشرة الفشل التام ‪.‬‬ ‫فبينم�ا يص�ل مجم�وع عالم�ات الصوم�ال إل�ى ‪ 113.9‬م�ن ‪120‬‬ ‫ينخف�ض مجم�وع عالمات الدول�ة األفضل في العال�م فنلندا إلى ‪18‬‬ ‫عالم�ة فق�ط‪ .‬وقد جاء ترتي�ب دولة قطراألفضل م�ن دول اجملموعة‬ ‫العربية على املؤش�ر لتحتل الرقم ‪ 143‬تليها اإلمارات في املرتبة ‪142‬‬ ‫فعم�ان في املرتب�ة ‪ 136‬فالبحري�ن ‪ 133‬فالكويت ‪ ،127‬فالس�عودية‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،102‬فاألردن ‪ ،87‬فتونس ‪ ،83‬فليبيا ‪.54‬‬ ‫أما مصر فقد انزلقت إلى املرتبة ‪ 34‬لتدخل منطقة اخلطر املرسوم‬ ‫باللون البرتقالي‪ ،‬وتقع س�وريا في نف�س منطقة اخلطر‪ ،‬لكن أقرب‬ ‫إلى الدولة الفاش�لة حيث حتتل املرتبة ‪ 21‬بينما دخلت أول ‪ 16‬دولة‬ ‫منطقة الفش�ل ش�به الش�امل أش�ير إليه باللون األحمر وم�ن بينها‬ ‫الع�راق في املرتب�ة ‪ 11‬واليمن ف�ي املرتبة ‪ 10‬والس�ودان في املرتبة‬ ‫‪ ،3‬وكما أس�لفنا ظلت الصومال تتربع على قمة الدول الفاش�لة لست‬ ‫سنوات على التوالي‪.‬‬ ‫سوريا واالنزالق إلى منطقة اخلطر‬

‫مراجعة لوضع س�وريا في العقد األخير يش�ير بوضوح إلى أنها‬ ‫ش�هدت انتكاس�ة كبي�رة ع�ام ‪ 2005‬فوصل�ت املرتب�ة ‪ 29‬على س�لم‬ ‫الدول الفاشلة‪ ،‬مما يذكرنا بطريقة انسحابها من لبنان بعد التهديد‬

‫وما زالوا يحلمون‪..‬‬ ‫د‪ .‬يحيى مصطفى كامل٭‬ ‫ٌ‬ ‫مج��ال للجدال ف��ي أن الث��ورات تندلع من اجتم��اع الظرف‬ ‫■ لي��س هناك‬ ‫املوضوع��ي متجس��د ًا في التفاوت��ات الطبقـــــي��ة والتناقض��ات االجتماعية‬ ‫وت��ردي األوض��اع االقتصادي��ة والقمع‪ ،‬م��ع تنام��ي الوعي وترس��خه لدى‬ ‫ٍ‬ ‫قطاعات ما تني تتس��ع‪ ،‬بعدم إمكانية استمرار تلك احلال وضرورة أو حتمية‬ ‫التغيير‪.‬‬ ‫وألن مصر بلدٌ موجود على هذا الكوكب‪ ،‬وكذلك سائر الدول العربية‪ ،‬رغم‬ ‫ما قد يب��دو في أحايني كثيرة عكس ذلك فإنها‪ ،‬صدق��وا أوال تصدقوا‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغ��م مم��ا نعترف به م��ن اخلصوصية الثقافي��ة والتاريخية‪ ،‬تس��ري عليها‬ ‫نف��س قوان�ين التطور واحل��راك االقتص��ادي واالجتماعي؛ ومل��ا كانت مصر‬ ‫حصلت الهن��د والبرازيل‬ ‫عل��ى حد علمي ليس��ت الس��ويد أو أملانيا وال حت��ى ّ‬ ‫ً‬ ‫وقطعا لم ينعم ش��عبها‬ ‫م��ن حيث معدالت التنمي��ة والتطور التقتني والعلمي‪،‬‬ ‫بالدميقراطي��ة واحترام حقوق احليوان ناهيك عن اإلنس��ان في عهد اخمللوع‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تقلصا كلما أفحش��ت‬ ‫بل عرفت تضخم ثروات ش��ريحة ضئيلة للغاية تزداد‬ ‫ث��راء‪ ،‬ش��كلت قاعدة (إذا ج��از اس��تخدام هذه الكلم��ة) لنظام مب��ارك‪ ،‬فوق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أصال‪ ،‬كما ش��هدت‬ ‫مس��تنقع من اإلمالق تنزلق إليه الطبقة الوس��طى الهزيلة‬ ‫ً‬ ‫ترديا ف��ي كل املرافق واخلدمات انعكس في اضمحالل الدور اخلارجي حتى‬ ‫كاد ينعدم‪ .‬أمام كل هذا يصبح احلديث عن «الظرف املوضوعي» الذي نعيشه‬ ‫ً‬ ‫محض ٍ‬ ‫متاما كمحاولة اثبات وجود الشمس في وضح‬ ‫عبث ومضيعة للوقت‪،‬‬ ‫النهار‪ ،‬أما عن الوعي‪ ،‬فال ش��ك ف��ي أن الغالبية العظمى كانت تش��عر وتدرك‬ ‫ٍ‬ ‫بدرجات متفاوتة ذلك الوضع البائس الرث‪ ،‬وعلى من ينكر ذلك أن يفس��ر لنا‬ ‫مكان‬ ‫رزق في هذا البلد إلى أي ٍ‬ ‫ذلك التهافت على الهروب من جحيم البحث عن ٍ‬ ‫حتى لو اقتضى ذلك مغامرة عبر املتوس��ط إلى إيطاليا بصورة غير شرعية قد‬ ‫غرقا ً‬ ‫يدفع الشاب حياته ً‬ ‫ثمنا لها‪.‬‬ ‫تاري��خ حديث للغاية لم يجف حبره‬ ‫في هذا الس��ياق‪ ،‬ومبا أننا نتحدث عن‬ ‫ٍ‬ ‫بعد‪ ،‬فال ب��د أن نؤكد ونعترف بالدور احملوري وامله��م الذي لعبته مجموعات‬ ‫الش��باب الذين نزلوا ليعتصموا محتلني امليادين مطالبني بالتغيير‪ ..‬س��بقتهم‬

‫ً‬ ‫أيضا أدركوا أن الوضع‬ ‫إرهاصات لعل أهمها بدون منازع حركة «كفاية»‪ .‬هم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مهينا ناهيك عن كونه كارثيا‪ ،‬ان مصر‬ ‫لم يعد من املمكن استمراره‪ ،‬انه أصبح‬ ‫ٍ‬ ‫تغيرات اقتصادية فقد‬ ‫على حاف��ة الهاوية‪ ..‬وألن اللحظة كانت مواتية نتيجة‬ ‫ٍ‬ ‫تخطي��ط منهم‪ ،‬بدور احملفز لذلك احل��راك الضخم الذي‬ ‫علم أو‬ ‫قام��وا‪ ،‬بدون ٍ‬ ‫وطن‬ ‫قل��ب كل املوازين‪ ،‬والكل‪ ،‬مواطنني وش��بابا‪ ،‬كانوا يحلمون باس��تعادة ٍ‬ ‫منهوب‪.‬‬ ‫شأن على األرض‪،‬‬ ‫اآلن‪ ،‬وبعد ثالثة أعوام‪ ،‬لم تتحقق أية مكاسب مادية ذات ٍ‬ ‫القطاعات األوس��ع من اجلمهور التي ال تُ حس��ب على مبارك نال منها اإلرهاق‬ ‫ومتكن منها امللل ونفاد الصبر‪ ..‬بعض األس��ماء الشبابية التي مت تلميعها عن‬ ‫اس��تغلت‪ ،‬امتص النظام دمها وأحرقها‬ ‫عمد من قبل النظام وأبواقه اإلعالمية ُ‬ ‫ً‬ ‫تنظيما‪ .‬أما الش��باب الذي لم يتلوث فإن عزلته‬ ‫وم��ازال هو األقوى واألفضل‬ ‫ع��ن اجلمهور تزداد ً‬ ‫ألس��باب عديدة‪ ،‬والواق��ع الذي بدا لوهلة‬ ‫يوما بعد يوم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫طوع ميينه يفلت منه‪ ..‬يغرد خارج السرب متاما‪ ..‬وما زال يناضل ويحلم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اعتباطا‪ ،‬فقد لعب��ت أجهزةٌ عديدة‬ ‫ش��يئا م��ن هذه النتيجة لم يح��دث‬ ‫إال أن‬ ‫ً‬ ‫للوصول إلى هذه النتيجة‪ ،‬مس��تفيدة من حماقات وصراعات شتى األطراف‬ ‫التي لعبت في شارع السياسة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أوض��اع ال تطاق‬ ‫ومباش��را‪..‬‬ ‫واضحا‬ ‫بس��يطا‪،‬‬ ‫ف��ي البداية بدا كل ش��يء‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ونظام هرم‬ ‫مس��ؤول بالضرورة ع��ن كل التردي واإلخفاق��ات واإلحباطات‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫تلك البس��اطة واملباش��رة هي م��ا كفـــــ��ل جتميــــــ��ع تلك احلش��ود الهائلة‬ ‫والق��وى املتباينة وراء هدف إس��قاط النظ��ام‪ ،‬لكن م��ا أن مت التخـــــلص من‬ ‫مب��ارك (ورمبا من قبل ذلك ولكن ف��ي الضمائر) وبدأ احلديث عن املس��تقبل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مستحقة ينبغي قضم أكبر قطعةٍ منــــها‬ ‫كعكة‬ ‫وبدت الدولة بالنس��بة للبعض‬ ‫إن ل��م يكن كلها حتى بدأت اخلالفات وبدأ اللعب من حتت الطاولة وفي العلن‬ ‫وفي الغرف املقفلة وفي األقبية والس��فارات والعواص��م اخملتلفة‪ .‬ولئن كنت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إعالم مس��عورٍ ومنفلت‬ ‫خاصة من جانب‬ ‫م��رارا عن فوضى االقاوي��ل‪،‬‬ ‫كتبت‬ ‫ٍ‬ ‫وغي��ر مهني‪ ،‬فإنه من يفكر ويدبر ويرس��م اخلطوط االس��تراتيجية العريضة‬ ‫مبهارة وحنكة‪.‬‬ ‫وبدأ ما ميكن تس��ميته عملية «تفكيك» الثورة‪ ،‬وهي باختصار تلك املقوالت‬ ‫والتفس��يرات والتنظيرات وما يس��مونها «أدل��ة» على تورط كاف��ة العناصر‬ ‫الداخلية واخلارجية إلسقاط نظام مبارك‪ ،‬الذي نكتشف‪ ،‬ويا للهول على رأي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حريصا‬ ‫عروبيا‬ ‫وطنيا‬ ‫نظيفا‬ ‫عفيفا‬ ‫شريفا‬ ‫املرحوم يوسف بك وهبي‪ ،‬كم كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تقدميا وعروبيا! وأننا نح��ن الذين تعجلنا‬ ‫وتقدميا‪ ،‬أي والل��ه‬ ‫على فلس��طني‬ ‫نتائج سياس��اته االقتصادية العبقرية اللوذعية‪ ،‬وما الذي كان س��يحدث لو‬ ‫أنن��ا صبرنا فوق الثالثني س��نة مئة أو مئت��ي عام اخرى؟ ألي��س آخر الصبر‬

‫مؤمتر جنيف ومحاولة إنقاذ سوريا‬

‫اعتم�ادا على هذه األرقام نس�تطيع أن نصل إل�ى نتيجة خطيرة‬ ‫تؤكد أن سوريا تقف اآلن على حافة االنهيار كدولة مستقلة متارس‬ ‫س�يادتها على األرض والش�عب‪ .‬وإذا ما استمرت مؤشرات االنهيار‬ ‫في تصاعد فليس هناك إال أحد احتمالني‪ :‬االنقسام إلى عدة دويالت‬ ‫أو اس�تمرار احل�رب األهلي�ة ومن ث�م الوص�ول إلى مرحل�ة الدولة‬ ‫الفاش�لة التي ال تس�يطر إال على بعض اجليوب هن�ا أو هناك‪ ،‬بينما‬ ‫تس�تمر املعارك إلتي ستس�جل ع�ددا من الهزائ�م واالنتصارات بني‬ ‫اجملموع�ات املتناح�رة بهدف التصفية اجلس�دية الش�املة لبعضها‬ ‫بعضا‪.‬‬ ‫نعتق�د أن ب�اب اخلالص م�ا زال مفتوحا لكنه ضيق ج�دا‪ .‬وهذه‬ ‫ليس�ت مس�ؤولية الطرفني املتنازعني اللذين يتحاوران حتت مظلة‬ ‫األمم املتح�دة‪ ،‬ب�ل مس�ؤولية دولي�ة وإقليمي�ة‪ .‬ويتص�در املش�هد‬ ‫أساسا طرفان دوليان وطرفان إقليميان‪ ،‬الواليات املتحدة وروسيا‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫تقريبا؟‬ ‫الفرج‪..‬غالبا‪..‬‬ ‫ل��م يكن من املمكن أمام الث��ورة املضادة التهرب من حجي��ة احلدث الثوري‬ ‫الدامغة‪ ،‬لذا سعت إلى تش��ويهها‪ ..‬فالسجون لم يفتحها حبيب العادلي وزير‬ ‫ً‬ ‫أيضا من حماس‪ ،‬الذين في الش��وارع (أي‬ ‫الداخلية وإمنا حماس‪ ،‬والقناصة‬ ‫أهلن��ا وأصدقاؤنا وأقاربنا‪...‬ش��عبنا) غوغ��اء ودهماء‪ ..‬والش��باب برمتهم‬ ‫ً‬ ‫أمريكا‬ ‫مأج��ورون‪ ..‬لقد وقعنا ف��ي الفخ! في حبائ��ل مؤامرةٍ حيكت م��ن قبل‬ ‫ً‬ ‫وحقدا على مع��دالت التنمية التي تفوقت على الص�ين والرفاهية غير‬ ‫حس��د ًا‬ ‫جيئة وذهاباً‬ ‫املس��بوقة‪ ،‬والقمر الذي لم نصل إليه فحسب وإمنا صرنا نتنزه ً‬ ‫داع للثورة من األس��اس‪ ،‬غاية ما هنالك أننا‬ ‫إليه‪ ..‬ونكتش��ف أنه لم يكن هناك ٍ‬ ‫شعب مغفل يعاني من الفراغ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫قطاعات متس��عة من هذا الشعب‪ ،‬ضرستهم ونهشتهم‬ ‫وليس من عجب أن‬ ‫ه��ذه الس��نوات العجاف الث�لاث وتغلغلت إلى نفوس��م تل��ك األكاذيب باتوا‬ ‫يش��عرون باملرارة والفشل‪ ،‬وبعد فترة من االعتداد بالنفس بدأت تعود وتعلو‬ ‫نغمة اليأس وحتقير الذات والتشكك في كل شيء‪»...‬نحن ال يصلح لنا سوى‬ ‫مبارك والعادلي»‪.‬‬ ‫لس��ت بحاجةٍ إلى التأكي��د على كون ه��ذا مقصودا وممنهج��ا‪ ،‬تصب فيه‬ ‫قنوات األجهزة‪ ،‬تغذيه وتسعد به‪.‬‬ ‫في إحدى كتاباته يفرق املفكر الشهير إرنست ماندل بني الثورة االجتماعية‬ ‫والسياس��ية‪ ،‬وفي حني أن كل ثورةٍ اجتماعية حت��ل فيها ُ‬ ‫طبقة مكان األخرى‬ ‫ً‬ ‫ثورة سياسية‪ ،‬فإن الثورة السياسية ال تتضمن بالضرورة ً‬ ‫حتما ً‬ ‫ثورة‬ ‫تستتبع‬ ‫شرائح ما من نفس الطبقة‪..‬‬ ‫صراع بني‬ ‫اجتماعية‪ ،‬وفي هذه احلالة تنتهي إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واضح��ا مدى العالق��ة بواقعن��ا؟ لقد حتركت‬ ‫طبع��ا رؤيته‪ ،‬لك��ن أليس‬ ‫ه��ذه‬ ‫ألسباب اجتماعية قبل أن تكون سياسية‪»...‬عيش‪ ،‬حرية‪،‬‬ ‫اجلماهير في مصر‬ ‫ٍ‬ ‫عدال��ة اجتماعي��ة»‪ ،‬لكن غياب تراك��م التجربة السياس��ية وضع��ف التنظيم‬ ‫اجلماهي��ري وحداثة التنظيمات السياس��ية‪ ..‬وما ال يحص��ى من احلماقات‪،‬‬ ‫نزاع بني ش��رائح من نفس الطبقة‬ ‫كل ذل��ك خذل ه��ذا احلراك حتى صفى إلى ٍ‬ ‫عبثي كبير نصفق فيه‬ ‫ٍ‬ ‫مبعنى االنحياز االجتماع��ي واالقتصادي في‬ ‫مهرجان ٍ‬ ‫اجلديد‪...‬موجات عاتية من التشبث احملموم والالمباالة‬ ‫للمخلص‪ -‬األسطورة‬ ‫ٌ‬ ‫يأس وإحباط‪»..‬كفانا ثورة‪ ،‬نحن لسنا أهلها‬ ‫والتوق إلى اخلالص الس��ريع‪ٌ ..‬‬ ‫وال جنيد صنع أي ش��يء ش��عار املرحلة‪ ..‬أما الش��باب النظي��ف والثوريون‪،‬‬ ‫مش��هدا يلفظهم ويهمش��هم ً‬ ‫ً‬ ‫يوما بعد يوم‬ ‫في الس��جون وخارجها‪ ،‬فيراقبون‬ ‫ويأملون في األفضل‪ ..‬وما زالوا يحلمون‪.‬‬ ‫٭ كاتب مصري‬

‫التأثير النفسي اجلماعي مدمر‬

‫عدنان اوكتار٭‬ ‫■ كل ش�خص لدي�ه ضمي�ر وهو مس�ؤول عن�ه وعن‬ ‫االلت�زام ب�ه‪ .‬حقيق�ة أن الن�اس حولن�ا يفعل�ون اخلط�أ‬ ‫ال يب�رر ألي من�ا فعل اخلط�أ نفس�ه‪ ،‬أو يعفي اي�ا منا من‬ ‫مسؤوليته‪.‬‬ ‫عل�ى م�ر التاري�خ ادى التأثي�ر النفس�ي للمنظم�ات‬ ‫(س�يكولوجيا اجلماعة) ال�ى الدمار واالل�م والذبح‪ .‬فقد‬ ‫ادت السياس�ات اجلماعية لالحتاد السوفييتي الى موت‬ ‫ماليني الن�اس جوعا في الثالثين�ات‪ ،‬ونفي مئات االالف‬ ‫وش�لهم‪ ،‬االم�ر املثي�ر ف�ي املوض�وع ه�و انه عندم�ا مات‬ ‫املاليين من الن�اس‪ ،‬ال احد من الن�اس الناجني طرح هذا‬ ‫السؤال البسيط‪:‬‬ ‫ملاذا؟‬ ‫ألن م�ا يرب�ط اجملتمع�ات التي ل�م تتص�رف في ضوء‬ ‫الضمير‪ ،‬هو رب�اط املصلحة الذاتية‪ .‬ان ه�ذا الرباط واه‬ ‫ج�دا ورقي�ق ميكن كس�ره خالل اس�تفزاز بس�يط‪ ،‬لذلك‬ ‫فان البنية النفس�ية ميكن ان تعتبر اجليد سيئا والسيئ‬ ‫جيدا‪ ،‬حسب ما متليه عليها املصلحة الذاتية‪ ،‬بذلك ميكن‬ ‫س�حق اخلير بال رحمة من اجل اخفاء الشر األعظم‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فمن الس�هل على ش�خص يتبع ضميره وال يتماش�ى‬ ‫مع سياس�ة التأثير النفس�ي للمنظمات‪ ،‬ان ي�رى اخلير‪.‬‬ ‫فق�د آمن النبي ابراهيم (عليه السلام) وحده‪ ،‬من خالل‬ ‫تأمله للس�ماء‪ .‬كم�ا تلقى النب�ي محمد (صل�ى الله عليه‬

‫باس�تخدام الق�وة وبعد اغتي�ال رئيس ال�وزراء اللبناني األس�بق‬ ‫رفيق احلريري‪ ،‬وإغالق مصدر كبير للدخل أثناء الوجود الس�وري‬ ‫ف�ي لبنان وانع�كاس ذلك على الوض�ع الداخلي وتفاق�م األزمة بني‬ ‫س�وريا والعراق من جهة‪ ،‬وبني س�وريا والواليات املتحدة من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬بعد اتهامها بتس�هيل مرور املقاتلني من أراضيها إلى العراق‪.‬‬ ‫لكن س�وريا بدأت تسترد شيئا من عافيتها ببطء فوصلت املرتبة ‪40‬‬ ‫ع�ام ‪ 2007‬وصع�دت إلى املرتب�ة ‪ 48‬عام ‪ 2010‬وحافظ�ت على نفس‬ ‫املرتبة لعام ‪ 2011‬ثم بدأ االنزالق الس�ريع ع�ام ‪ ،2012‬حيث وصلت‬ ‫إلى املرتب�ة ‪ 23‬وتابعت االنزالق خالل ع�ام ‪ 2013‬ولكن بدرجة أبطأ‬ ‫كثيرا‪ ،‬حيث اس�تقرت في املرتبة ‪ 21‬كما أس�لفنا وهي منطقة اخلطر‪.‬‬ ‫ونس�تطيع تفس�ير وضع س�وريا املتقدم عام ‪ 2010‬بس�بب حتس�ن‬ ‫عالقاتها الدولية ورفع بعض العقوبات عنها واالنفتاح الشامل على‬ ‫تركي�ا وإلغاء التأش�يرات بين البلدين وتوقيع أكثر م�ن ‪ 36‬اتفاقية‬ ‫جتارية واقتصادية واستثمارية وغير ذلك‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 2012‬كان العام األسوأ للنظام‪ ،‬حيث فقد السيطرة على‬ ‫أجزاء مهمة جدا من مظاهر السيادة وزادت وتيرة اللجوء والتشرد‬ ‫وفاض�ت البالد باجملموعات املس�لحة التي تتحدى س�يادة الدولة‪،‬‬ ‫واقت�رب االقتص�اد م�ن االنهي�ار بع�د ف�رض العقوب�ات األمريكية‬ ‫األوروبية والعربية‪ ،‬لوال الدعم اإليراني خاصة‪ .‬لكن حركة االنهيار‬ ‫التي ش�هدتها الدولة ع�ام ‪ 2012‬تباطأت كثيرا مع أن املؤش�ر ما زال‬ ‫متجها إلى األسفل‪.‬‬ ‫لق�د اس�تطاعت الدولة املركزية مبس�اعدات خارجية أن تس�ترد‬ ‫ش�يئا من س�يادتها‪ ،‬إال أن شروط الس�يادة الكاملة ووقف االنحدار‬ ‫وإعادة اخلدمات ووقف الهجرة والتش�رد كلها ما زالت بعيدة املنال‬

‫لغاية هذه اللحظة‪.‬‬ ‫وف�ي تفاصي�ل املؤش�ر حول س�وريا ج�اء انهي�ار األمن ف�ي قمة‬ ‫اله�رم‪ ،‬حيث أعط�ي عالمة ‪ 9.8‬من مجم�وع ‪ 10‬يليه ش�رعية الدولة‬ ‫‪ 9.6‬فاس�تمرار تدفق الالجئني واملش�ردين وانتهاك حقوق اإلنسان‬ ‫وس�يادة القان�ون ‪ ،9.5‬بينم�ا ح�ل انتش�ار اجلماع�ات املس�لحة‬ ‫وعمليات االنتقام إلى ‪ 9.3‬والصراع القائم على أس�اس طائفي ‪،9.2‬‬ ‫بينم�ا أعطي�ت فئة التدخل اخلارج�ي ‪ 8.1‬وانخفض�ت عالمة انهيار‬ ‫اخلدمات إلى ‪ 7‬والضغط السكاني إلى ‪.5.6‬‬

‫وسلم) الوحي في عزلته في غار حراء‪.‬‬ ‫وتكلم النبي موس�ى (عليه السالم) مع ربه عندما كان‬ ‫وحيدا في اجلبل‪ .‬انه�ا حقيقة حيث جاء في القرآن قوله‬ ‫تعال�ى ِ«إ َّن ِإ ْب َر ِاهيمَ َك َان ُأ َّم ً�ة َقانِ ًتا لِ ّل ِه َحنِ ً‬ ‫يف�ا َو َل ْم يَ ُك ِم َن‬ ‫ْال ُم ْش ِ�ر ِك َ‬ ‫ني» (النحل‪ .)120 :‬احد االس�رار التي جاءت في‬ ‫االية هو ان الش�خص الذي يس�تخدم ضميره بعيدا عن‬ ‫كل العقبات هو االكثر فاعلي�ة واقوى من مجتمع باكمله‪،‬‬ ‫ومع ذلك ف�ان اإليديولوجـــيات واألنظم�ة البعيدة عن‬ ‫القي�م األخالقي�ة الدينــــي�ة تش�جع الناس عل�ى اتباع‬ ‫القطي�ع ب�دال م�ن االلتف�ات لضــمائره�م‪ ،‬وه�ذا يخن�ق‬ ‫ضمائر الناس‪.‬‬ ‫دعون�ا ننظ�ر حولن�ا‪ ،‬ك�م م�ن الن�اس يس�تطيعون‬ ‫التصري�ح بأم�ر يرون�ه صحيح�ا م�ن دون االهتم�ام مبا‬ ‫س�يقوله الناس عنهم؟ كم من الناس يس�تطيعون القول‬ ‫لألغلبية بانهم على خطأ؟‬ ‫ان التص�رف في ضوء التأثر النفس�ي للمنظمة اصبح‬ ‫يش�مل الغالبي�ة العظمى م�ن حي�اة الن�اس‪ ،‬اصبح هذا‬ ‫التاث�ر يش�كل حياته�م اخلاصة وحي�اة العم�ل واحلياة‬ ‫العائلية على اس�اس ماذا س�يقول الناس عني‪ .‬ال تسمح‬ ‫سياس�ة التأثر النفس�ي للمنظمة للناس ضعيفي االميان‬ ‫االستجابة لضمائرهم‪.‬‬ ‫ان الل�ه يأمرن�ا العكس متاما ف�ي القرآن‪ ،‬فه�و يأمرنا‬

‫د‪ .‬حافظ الكرمي٭‬ ‫مع�ان كثي�رة‪ ،‬ومن ه�ذه املعاني‪:‬‬ ‫■ البصي�رة ف�ي اللغ�ة لها‬ ‫ٍ‬ ‫اإلدراك‪ ،‬والفطن�ة‪ ،‬واحلجة‪ ،‬والنظر النافذ إلى خفايا األش�ياء‪،‬‬ ‫والعل�م واخلبرة‪ ‬كم�ا ورد في كتاب غريب الق�رآن لألصفهاني‪– ‬‬ ‫ج‪1‬ص‪.49‬‬ ‫وردت كلمة (بصيرة) مف�ردة ونكرة غير معرفة بأل التعريف‬ ‫ف�ي القرآن الك�رمي مرتني ُ‬ ‫(‪ ‬ق ْل َه�ذِ ِه َس ِ�بيلِ ي َأ ْد ُعو ِإ َل�ى َّ‬ ‫الل ِه َع َلى‬ ‫�ن َّاتبَ َعنِ ي) يوس�ف‪ .108 :‬ووردت بصيغة اجلمع‬ ‫ي�ر ٍة َأ َنا َو َم ِ‬ ‫بَ ِص َ‬ ‫(بصائ�ر) خمس مرات َ‬ ‫�ن َأ ْب َص َر‬ ‫(ق ْ�د َج َاء ُك ْم بَ َصائِ ُ�ر ِم ْن َربِّ ُك ْم َفمَ ْ‬ ‫�ي َف َع َل ْيهَ �ا َو َم�ا َأ َن�ا َع َل ْي ُك ْ�م ِب َحفِ ٍ‬ ‫ي�ظ) األنعام‪:‬‬ ‫َفلِ َن ْف ِس ِ�ه َو َم ْ‬ ‫�ن َعمِ َ‬ ‫‪ .104‬وبصيغة (مبصرون) مرة ِ(إ َّن َّالذِ َ‬ ‫ين َّات َق ْوا ِإ َذا َم َّسهُ ْم َطائِ ٌف‬ ‫ِم َن َّ‬ ‫الش ْ�ي َط ِان َت َذ َّك ُروا َف ِ�إ َذا ُه ْم ُم ْب ِص ُ�ر َ‬ ‫ون) القيامة‪ .14 :‬وجاءت‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫يب) س�ورة‬ ‫بصيغ�ة (تبصرة) م�رة (ت ْب ِص َرة َو ِذكْ َرى لِ ُكل َع ْبدٍ ُمنِ ٍ‬ ‫ق‪. 8 :‬‬ ‫ب�دأت بهذه املقدمة ألبين معنى البصر والبصي�رة والتبصرة‬ ‫الت�ي دعان�ا الصدي�ق العزي�ز د‪ .‬كم�ال الهلب�اوي للتبص�ر فيها‬ ‫ومراجع�ة فهمنا اخلاطئ ‪ -‬برأي�ه ـ للواق�ع ومفرزاته في مصر‪،‬‬ ‫واملنطق�ة ف�ي مقالته بصحيف�ة «القدس العرب�ي» بتاريخ ‪7‬ـ ‪-2‬‬ ‫‪ ،2014‬ولق�د هالني ك�م التغييب الكبير للعق�ل واحلكمة وأصول‬ ‫الفه�م للنصوص الش�رعية واألح�داث اجلارية من أس�تاذ كبير‬ ‫ودرس ف�ي اإلس�تراتيجيات ون�ادى بض�رورة‬ ‫كت�ب وحاض�ر ّ‬ ‫إع�ادة الوعي لالم�ة‪ ،‬والقى في س�بيل ذلك التش�رد والعذابات‬ ‫واالبتلاءات على انواعها‪ ،‬فضلا عن فهمه لألصول العش�رين‬ ‫ودرسها وحفظها عن ظهر قلب عشرات‬ ‫لالمام البنا التي درس�ها ّ‬ ‫إن لم يكن مئات املرات‪.‬‬ ‫ال أري�د ان أغ�رق ف�ي تفاصيل م�ا يطرح�ه الدكت�ور كمال في‬ ‫مقالته ه�ذه أو مقاالته الس�ابقة‪ ،‬وحت�ى مقابالت�ه التلفزيونية‬ ‫التي جتعل ـ بالفعل ـ احلليم حيران‪ ،‬ولكن أود ان أناقش بعض‬ ‫املفاهيم التي يس�وقها وبش�كل خاط�ئ متاما‪ ،‬ويعتب�ر انه بذلك‬

‫بتجن�ب املنظمات التي تقودن�ا الى طريق الش�ر او التي‬ ‫ميكن ان تقربنا من الشر‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬ ‫َو ِإن ُت ِط ْع َأكْ َث َر َمن فِ ي َ‬ ‫ــل َ‬ ‫يل ّ‬ ‫ض يُ ِض ُّ‬ ‫الل ِه‬ ‫وك َعن َس ِ�ب ِ‬ ‫األ ْر ِ‬ ‫�ون ِإ َّال الظ ََّّ�ن َو ِإ ْن ُه ْ�م ِإ َّال يَ ْخ ُر ُص َ‬ ‫ِإن يَ َّت ِب ُع َ‬ ‫�ون‪ (.‬االنع�ام‪،‬‬ ‫‪:)116‬‬ ‫ان التص�رف في ضوء التأثر النفس�ي للمنظمة يجعل‬ ‫من املس�تحيل التفكير بعقالنية‪ ،‬فبدال من تقييم االحداث‬ ‫كال عل�ى حدة‪ ،‬يعتبرون من االس�هل اتباع ال�رأي العام‪،‬‬ ‫وذل�ك للتماش�ي مع م�ا يس�معون بدالم�ن التماش�ي مع‬ ‫ضمائرهم‪.‬‬ ‫يختفي التفاهم والش�عور باخلي�ر والضمير الصالح‪.‬‬ ‫ان املنظمات تفكر بش�كل س�طحي وال تتص�رف في ضوء‬ ‫الفه�م العمي�ق‪ ،‬إم�ا ان يت�م رف�ض او قب�ول االف�كار في‬ ‫اذهانه�م او ال خيار وس�ط‪ .‬هذا هو الوضع نفس�ه في كل‬ ‫العالم الذي يس�تنتج اف�كاره من التلقني ب�دال من احلكم‬ ‫الرش�يد والضمير الصالح‪ .‬انه�م يرفضون ويكرهون اي‬ ‫تطور او حداثة ميكن ان تطور حياتهم‪.‬‬ ‫ان اخط�ر م�ا ميك�ن ان ي�ؤدي الي�ه التأث�ر النفس�ي‬ ‫باملنظم�ات ه�و فق�دان احل�ب ف�ي اجملتم�ع‪...‬اذا تغ�ذى‬ ‫اجملتم�ع على الكراهية والتطرف ب�دال من احلب واملودة‪،‬‬ ‫فكي�ف ميكن للم�رء ان يتوق�ع اي فائدة من ه�ذا اجملتمع‬ ‫للبش�رية‪ ،‬اذا ش�عر الن�اس بالغضب عندما يق�ال «نعم‪،‬‬

‫نح�ن غاضب�ون االن» م�ن دون ان يس�ألوا « مل�ا نح�ن‬ ‫غاضب�ون؟» فكي�ف لهم ان يبن�وا نظاما من الع�دل يقود‬ ‫للسالم والهدوء‪.‬‬ ‫اإلنس�ان «هو األكث�ر تفوقا عل�ى كل اخمللوقات» يجب‬ ‫أال يتح�ول ال�ى آالت للكراهي�ة حت�ت ضغ�ط األغلبية»‪،‬‬ ‫ب�ل يج�ب ان يكون�وا قادرين عل�ى جلب اجلم�ال للعالم‬ ‫من خلال االلتزام بالعقالني�ة‪ ،‬احلداث�ة‪ ،‬النضج‪ ،‬احلب‬ ‫والصبر‪.‬‬ ‫ميك�ن للم�رء أن يس�تمتع باميان�ه برب�ه م�ن خلال‬ ‫العم�ل في ضوء اآلي�ات القرآنية‪ ،‬وع�دم االنصياع وراء‬ ‫القطي�ع‪ ،‬االصغ�اء لصوت الضمي�ر الداخل�ي‪ ،‬واالنتباه‬ ‫الى بطلان األيديولوجيات التي تش�جع عل�ى الكراهية‬ ‫والعن�ف والص�راع أيديولوجي�ات‪ ،‬مث�ل الش�يوعية‪،‬‬ ‫الفاش�ية والداروينية االجتماعية‪ ،‬تل�ك االيديولوجيات‬ ‫الت�ي تركت بصمة دموية على مدى املئتي س�نة االخيرة‪،‬‬ ‫وتدع�ي عك�س ذل�ك‪ .‬له�ذا الس�بب فان�ه يج�ب توضيح‬ ‫البطلان العلم�ي له�ذه اإليديولوجيات‪ ،‬إذا م�ا اردنا أن‬ ‫يعيش الناس في مناخ من احلرية والسالم‪ ،‬ذلك ألن الله‬ ‫يأمرنا في القرآن ان ندافع عن السلام وان نحب بعضنا‬ ‫بعضا وان نتسامح‪.‬‬ ‫٭ كاتب تركي‬

‫اخط�اء في الرؤي�ة‪ ،‬ويصحح مفاهي�م اختلفت عن‬ ‫امن�ا يصوب‬ ‫ً‬ ‫زمن اإلمام البنا‪ ،‬وإن إخ�وان اليوم ضلوا الطريق وخرجوا عن‬ ‫جادة الصواب‪.‬‬ ‫ال ب�د اوال أن نق�رر حقيق�ة يدركه�ا اجلميع‪ ،‬أن األخوان بش�ر‬ ‫كغيره�م يصيب�ون ويخطئون وليس�وا مالئك�ة‪ ،‬وأن أخطاءهم‬ ‫كبُ �رت أم ُصغ�رت‪ ،‬س�واء كان�ت ف�ي زم�ن الرئي�س مرس�ي او‬ ‫قب�ل ذل�ك أو بعد االنقلاب الدموي علي�ه في الثالث م�ن يوليو‪/‬‬ ‫مت�وز ‪،2013‬ه�ي أخطاء ميك�ن ان نفهمها في س�ياقها بين الرأي‬ ‫واالجته�اد مع ضرورة املراجعة املس�تمرة‪ ،‬خاصة جتربة احلكم‬ ‫القصي�رة الت�ي ال اإلخ�وان وال غيره�م مارس�وها او س�مح لهم‬ ‫مبمارس�تها أو االقتراب منها طوال عقود من الظلم والطغيان في‬ ‫مصر وغيرها‪.‬‬ ‫ولك�ن الغري�ب م�ن فهم�ه أن�ه أثن�اء حك�م الدكت�ور مرس�ي‬ ‫كان يرف�ع صوت�ه ف�ي فضائي�ات معروف�ة األه�داف والتمويل‪،‬‬ ‫ويُ س�خر قلمه احلاد ج�دا‪ ،‬ويلتقط أي ش�اردة أو واردة من أجل‬ ‫التش�نيع باإلخوان‪ ،‬وعلى رئيس اجلمهوري�ة املنتخب‪ ،‬فاعتبر‬ ‫مثلا اإلعالن الدس�توري الذي اص�دره رئي�س اجلمهورية يوم‬ ‫‪ ،2012-11-21‬معيب�ا ج�دا‪ ،‬وان�ه إعلان فرعون�ي‪ ،‬وأنه ليس‬ ‫هن�اك اغلى م�ن احلرية والدم (مقال�ة له بتاري�خ ‪،) 2013/4/26‬‬ ‫وش�ارك في البلبة واإلثارة والدعوة الى التظاهر واالعتصامات‬ ‫باس�تمرار كم�ا فعل ف�ي ي�وم ‪ ،2013 -6 -30‬واعتب�ر ذلك ثورة‬ ‫عظيمة‪ ،‬وأنه شارك فيها (اكثر من ثالثني مليونا)‪ ،‬بينما يستنكر‬ ‫على االخوان وعلى حتالف الش�رعية مظاهراتهم واعتصاماتهم‬ ‫الت�ي ج�اءت إعتراض�ا عل�ى االنقلاب العس�كري الدم�وي‪،‬‬ ‫واعتبرها تس�يء الى الوطن وتهز استقراره‪ ،‬كما أنه ال يعتبر أن‬ ‫إصدار عدلي منصور إعالنا دس�توريا جمع فيه كافة الس�لطات‪،‬‬ ‫وألغ�ى مجل�س الش�ورى املنتخب‪ ،‬وعين حكومة غير ش�رعية‪،‬‬ ‫وعين جلن�ة اخلمسين لكتاب�ة الدس�تور غي�ر الش�رعية (وهو‬

‫جواد بولس٭‬ ‫ٌ‬ ‫جه�ات‬ ‫■ نش�رت ف�ي اآلون�ة األخي�رة‬ ‫بيان�ات ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تؤكد رف�ض هيئاتها للدعوة‬ ‫عديدة‬ ‫إل�ى جتني�د املس�يحيني الع�رب املواطنين‬ ‫ف�ي إس�رائيل إلى صف�وف جي�ش االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫ب�رز م�ن بين ه�ذه الهيئ�ات بع�ض‬ ‫الش�خصيات الدينية القيادية في كنائس�ها‪،‬‬ ‫بينم�ا ج�اء بعضه�ا ليش�هّ ر مبوقف كنيس�ة‬ ‫كامل�ة من ه�ذه القضي�ة‪ ،‬فعلى س�بيل املثال‬ ‫مؤخ�را‪ ،‬مجل�س رؤس�اء‬ ‫ال احلص�ر نش�ر‬ ‫ً‬ ‫الكنائ�س الكاثوليكي�ة ف�ي األرض املقدس�ة‬ ‫ً‬ ‫بيان�ا ّأك�د في�ه أن «محاولة إس�رائيل جتنيد‬ ‫املس�يحيني العرب ف�ي اجليش اإلس�رائيلي‬ ‫ته�دف لتقس�يم اجملتم�ع‪ ،‬ول�زرع الفتنة بني‬ ‫أبناء الشعب الفلسطيني»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يح�ظ بي�ان مجل�س الكنائ�س‬ ‫ل�م‬ ‫الكاثوليكية باالهتمام الالئق‪ ،‬على الرغم من‬ ‫مفصل‬ ‫ش�موليته‪ ،‬ورغم ما احتواه من شرح ّ‬ ‫ملوق�ف ه�ذه الكنائ�س إزاء هذه املس�ألة‪ ،‬إذ‬ ‫في�ه رؤيته�ا ومفهومه�ا ملعنى وج�ود األقلية‬ ‫العربية املسيحية في هذه األوطان‪.‬‬ ‫إن تاري�خ ّ‬ ‫األقلي�ة العربي�ة في إس�رائيل‬ ‫وصراعه�ا م�ع سياس�ات احلكوم�ات‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬منذ النكبة وإلى تاريخه‪ ،‬عرف‬ ‫متكررة لس�لخ املسيحيني من أبناء‬ ‫محاوالت ّ‬ ‫ه�ذه األقلية‪ ،‬ع�ن انتمائهم الوطن�ي القومي‬ ‫اجلام�ع؛ فقد كان ه�دف اإلس�رائيليني‪ ،‬على‬ ‫الدوام‪ ،‬تغليب الهوية الدينية َ‬ ‫اجمل ِّزئة‪ ،‬بينما‬ ‫كانت وسيلتهم‪ ،‬في كثير من األحيان‪ ،‬تعتمد‬ ‫االس�تعانة ببع�ض أع�وان الس�لطة الذي�ن‬ ‫عملوا عبر العق�ود الفائتة بدوافع انحصرت‬ ‫فقط ف�ي إط�ار مصاحله�م الضيق�ة وتبنيهم‬ ‫ملفاهيم خاطئة ونفعية‪.‬‬ ‫أس�ماء عديدة من أولئ�ك حفظتها ذاكرتنا‬ ‫اليافعة والشابة‪ّ ،‬أما التاريخ والواقع فحفظا‬ ‫جميع�ا‪ ،‬وفش�ل محاوالتهم‬ ‫وس�جال فش�لهم‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫البائسة‪.‬‬ ‫ما لفت انتباهي في بيان مجلس الكنائس‬ ‫جس�ده فق�رة اش�ارت إل�ى ما‬ ‫الكاثوليكي�ة ُت ّ‬ ‫يتط�رق إلي�ه كثي�رون م�ن الصامتين‪ ،‬أو‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫م�ن أولئ�ك الذي�ن يش�دّ دون عل�ى ظاه�رة‬ ‫جتني�د املس�يحيني الع�رب‪ ،‬بينم�ا يغفل�ون‬ ‫ووجعا‪.‬‬ ‫واقع�ا ينض�ح بعبثي�ة أكث�ر م�رارة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫«فالتركي�ز على جتنيد املس�يحيني اليوم‪ ،‬هو‬ ‫اس�تمرار حملاولة عزل املس�يحيني في مفهوم‬ ‫«الطائف�ة»‪ ،‬وم�ن ث�م وضعه�م ف�ي موق�ف‬ ‫معارض لسائر مكونات اجملتمع الفلسطيني‪،‬‬ ‫م�ع أن بعض املس�لمني كما أس�لفنا ق�د انضم‬ ‫أيض�ا إلى اجلي�ش‪ .‬ومن ثم ف�إن الكالم على‬ ‫جتني�د املس�يحيني العرب ب�دل ال�كالم على‬ ‫جتنيد العرب عامة (مسلمني ومسيحيني) هو‬ ‫محاولة للتفريق بني مسيحيني ومسلمني في‬ ‫إسرائيل‪ .‬علمً ا بأن إسرائيل عاملت وما تزال‬ ‫مواطنيه�ا العرب على أنه�م «أقليات» دينية‪،‬‬ ‫وليس على أس�اس أنهم «أقلية قومية»‪ .‬هكذا‬ ‫جاء في البيان املذكور‪.‬‬ ‫إن التص�دي لكل دعاة جتنيد املس�يحيني‬ ‫واج�ب وض�روري‪ ،‬فمعاجل�ة أس�باب جناح‬ ‫ا ُملغوين وا ُمل ِ‬ ‫س�قطني‪ ،‬بني الش�باب املسيحي‪،‬‬ ‫حت�ى إن كان جناحهم مح�دودً ا‪ ،‬هي أهم من‬

‫‪Volume 25 - Issue 7666 Friday 14 February 2014‬‬

‫ومن�ع عنه�ا كل ش�يء‪ ،‬وتواطأ مع األع�داء على ح�رب املقاومة‪،‬‬ ‫وبتنس�يق كامل مع العدو الصهيوني وغير ذلك الكثير‪ ...‬فإذا لم‬ ‫يكن ذلك هو الفهم اخلاطئ فماذا يكون إذا‪..‬؟‬ ‫إن مش�كلتنا مع رجل بحجم الدكتور الهلباوي انه يس�تخدم‬ ‫النصوص الش�رعية في غير موضعها‪ ،‬وينزلها في غير منزلتها‪،‬‬ ‫ويعتقد انه بتاريخه ومواقفه الس�ابقة ميك�ن أن يجعل الناس‪،‬‬ ‫خاصة الش�باب الذين تتلمذوا على يدي�ه يصدقونه‪ ،‬وهو يعلم‬ ‫ه�وى في‬ ‫ول�ي أعناق النص�وص لتوافق‬ ‫ً‬ ‫ان مث�ل هذا التفس�ير ِّ‬ ‫ً‬ ‫واع امتلك اجلرأة‬ ‫النف�س لم يكن ليقنع‬ ‫أطفاال‪ ،‬فضال عن ش�باب ٍ‬ ‫والفهم أكثر مما يتوقع‪ ،‬ألنه حجز نفس�ه في قمقم ومربع ال يريد‬ ‫ان يخ�رج منه‪ ،‬بل أصبح يتغنى ويتلهى ويقول األش�عار ويدبج‬ ‫القصائ�د مدحا بالس�جن ال�ذي وضع نفس�ه فيه‪ ،‬فال ي�رى فيه‬ ‫اال بع�ض اخلط�وط اجلميل�ة او الرس�وم املؤث�رة الت�ي وضعها‬ ‫ورسمها وزينها لنفسه‪ ،‬بل أصبح – مع األسف‪ -‬يهتف وبصوت‬ ‫عال للس�جان‪ ،‬ويطلب من اجلميع ان يص�دق أنه يهتف للحرية‬ ‫ٍ‬ ‫والعيش الكرمي‪.‬‬ ‫ومع كل ذلك فهو يرى في مقالته «أنه يقف على أرض صلبة في‬ ‫فهمه لالوضاع في مصر ومستقبل مصر العظيم بإذن الله تعالى‪،‬‬ ‫وهو م�ا لم يفهمه اإلخوان»‪ ،‬وأعتق�د ان أي فرد مهما كان حجمه‬ ‫ودوره ال ميك�ن ان يك�ون أوع�ى ورأي�ه أصوب م�ن رأي جماعة‬ ‫يقدر عدد أفرادها باملاليني في كل أنحاء العالم‪ ،‬وس�يدنا عمر بن‬ ‫اخلطاب يقول‪« :‬رأي الفرد كاخليط السحيل‪ ،‬والرأيان كاخليطني‬ ‫املبرمين‪ ،‬والثالثة مرار ال ي�كاد ينتقض» فكيف إذا كان هذا ليس‬ ‫رأي األخ�وان وحدهم‪ ،‬بل تش�اركهم فيه أعداد هائلة من املثقفني‬ ‫والعلماء واألدباء والشعراء والناشطني وقادة الناس وعوامهم‬ ‫ف�ي مص�ر وفي جمي�ع انح�اء العال�م‪ ،‬مس�لمني وغير مس�لمني‪،‬‬ ‫وإسلاميني وغير إسلاميني‪ ،‬ب�ل إن عددا كبيرا ممن ش�اركوه‬ ‫في املؤامرة املسماة ثورة يوم ‪ ،2013-6-30‬بدأوا يدركون أنهم‬

‫‪AL-Quds AL-Arabi‬‬

‫٭ أستاذ جامعي وكاتب عربي مقيم في نيويورك‬

‫ال للتجنيد‪ :‬صرخة أو صرختان‬

‫ما بني التبصرة والبصيرة‪ ...‬حديث ذو شجون‬ ‫واح�د منهم) ‪ ،‬وأص�در قانون التظاه�ر أو قانون من�ع التظاهر‪،‬‬ ‫وم�رر كل خطط العس�كر في الظلم والطغي�ان والقتل واالعتقال‬ ‫إعالن�ا فرعوني�ا أو طاغوتا يجب إزالته‪ ،‬فلم جن�د في مقاالت د‪.‬‬ ‫الهلب�اوي أو مقابالته التلفزيوني�ة أي حديث عن ذلك اال حديث‬ ‫التأييد والتطبيل والتزمير واملش�اركة بلسانه وقلمه وجوارحه‬ ‫به�ذه الزفة الكذاب�ة‪ ،‬وإن كان هناك بعض االنتق�اد فيكون هينا‬ ‫لينا من باب رفع العتب فقط‪ ،‬أليس هذا عصيا على الفهم‪ ،‬ويكيل‬ ‫مبكيالين‪ ،‬وه�و يعلم ان الل�ه ميقت صاح�ب املكيالني‪ ،‬وصاحب‬ ‫الوجهني‪..‬؟‬ ‫ث�م أليس عصيا على الفهم أن يقول عن عبد الفتاح السيس�ي‬ ‫«ان مكانه ظل شاغرا لعقود وانه استحق أن يصبح رئيسا ملصر‬ ‫عن جدارة» ( مقالت�ه في «القدس العربي» بتاريخ ‪2014-1-31‬‬ ‫) ويش�بهه ف�ي مقال آخ�ر باخللفاء الراش�دين ويحتف�ي به أميا‬ ‫احتف�اء ( مقالت�ه في «الق�دس العرب�ي» بتاري�خ ‪،)2013-8-8‬‬ ‫ويش�ارك في حملة التهريج احلاصلة لتنصيب�ه فرعونا جديدا‪،‬‬ ‫وهو ‪ -‬أي السيس�ي‪ -‬انقلب على رئيس�ه‪ ،‬وخطط لذلك وداس‬ ‫ببيادته هو وعصابته العسكرية الدستور املستفتى عليه‪ ،‬ونزع‬ ‫رئيس�ا منتخبا بالقوة العس�كرية‪ ..‬بينه وبني االمة عقد ال يزول‬ ‫اال بعق�د جدي�د لرئيس منتخ�ب انتخاب�ا حقيقيا جدي�دا‪ ،‬وقتل‬ ‫وجرح عش�رات اآلالف من املس�لمني املصريني‪ ،‬وسجن عشرات‬ ‫اآلالف م�ن أس�اتذة اجلامع�ات واحملامين واألطب�اء وصف�وة‬ ‫اجملتمع وشبابه من فتيان وفتيات‪ ،‬وشرد آالف األحرار خارجها‬ ‫وجير كل مؤسسات الدولة لصاحلة‪ ،‬وأغرق‬ ‫بحثا عن مكان آمن‪َّ ،‬‬ ‫الدولة في مش�اكل ال حص�ر لها فوق مش�اكلها وكوارثها‪ ،‬وورط‬ ‫اجلي�ش ولوثه ب�دم األبرياء‪ ،‬وأنهك االقتص�اد املنهك وأصبحت‬ ‫مص�ر العزي�زة الكرمية أكبر ش�حاذ ف�ي التاريخ‪ ،‬وكم�م األفوة‪،‬‬ ‫وأغل�ق الصحف والقن�وات‪ ،‬وأطلق يد األجه�زة األمنية لتنتهك‬ ‫احلرم�ات واألعراض والقي�م في كل أنحاء مص�ر‪ ،‬وحاصرغزة‪،‬‬

‫من جهة وإيران والس�عودية من جهة أخرى‪ .‬بقية الدول قد تس�اهم‬ ‫أو تس�اند في احلل مثل تركيا لك�ن االتفاق احلقيقي والواقعي يجب‬ ‫أن يت�م بين اجملموعتني ومخـــطئ‪ ،‬ف�ي رأينا‪ ،‬من يعتق�د أن اتفاقا‬ ‫حول س�وريا قابل للتنفيذ وااللتــــزام به إذا لم تضمن هذه الدول‬ ‫تنفي�ذه‪ .‬لق�د خرجت األزمة الس�ورية م�ن كونها صراع�ا بني حاكم‬ ‫ظالم وش�عب مقه�ور لتصبح حروب�ا بالوكالة يختل�ط فيها احلابل‬ ‫بالناب�ل‪ ،‬ال تع�رف الع�دو م�ن الصديق وال اجمل�رم من الب�ريء وال‬ ‫م�ن قلب�ه على س�وريا أو من عينه عل�ى صفقات التموي�ل واالجتار‬ ‫والثروة السريعة‪.‬‬ ‫وللتذكي�ر فقط‪ ،‬عندم�ا اتفقت الواليات املتحدة وروس�يا إضافة‬ ‫إلى االحتاد األوروبي النهاء الصراع في البوس�نة والهرسك‪ ،‬عقدوا‬ ‫مؤمتر دايت�ون (أوهايو) ولم يغادر وزير اخلارجية األمريكي وارن‬ ‫كريس�توفر بني ‪ 1‬و‪ 21‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ 1995‬إال بعد أن وقعت‬ ‫األطراف الثالثة االتفاق‪ .‬قال كريس�توفر مخاطبا ميلوسوفيتش لن‬ ‫تخ�رج من هذه القاع�ة إال بعد التوقي�ع‪ .‬وهك�ذا كان وانتهت حرب‬ ‫البوسنة الدموية‪ .‬الشيء اجللي للقاصي والداني أننا ال نرى كثيرا‬ ‫من اجلدية واالنخراط في العملية السياسية املستمرة في جنيف من‬ ‫قب�ل الدولتني الراعيتني للمؤمتر‪ ،‬وكأن الس�يد األخضر اإلبراهيمي‬ ‫س�يحقق املعجزات‪ ..‬رمب�ا هذا هو املقصود‪ .‬ولكن إذا ما اس�تمر هذا‬ ‫التلك�ؤ وانه�ارت املفاوضات وعاد كل إلى خندقه س�يأتي يوم ليس‬ ‫ببعي�د يتذكر الفرقاء ه�ذه الفرصة التي أضاعوه�ا ويندمون كثيرا‬ ‫«والت ساعة مندم»‪.‬‬

‫واحملرضني‪.‬‬ ‫االكتفاء بكي�ل األوصاف للدعاة‬ ‫ّ‬ ‫ذل�ك أن الوق�وف عن�د احلقائ�ق التاريخي�ة‬ ‫وتفاصيل الواق�ع أمر تتع�دى أهميته أصول‬ ‫النزاه�ة والص�دق‪ ،‬ففي�ه تكم�ن احلكم�ة‬ ‫واملق�درة على تش�خيص املرض في اجلس�د‬ ‫الواح�د وانتش�ار خالي�اه املصاب�ة‪ ،‬فه�ذه‬ ‫الوقف�ات ال تس�توجب‪ ،‬كم�ا يفع�ل البعض‪،‬‬ ‫رغ�م نواياهم الطيبة‪ ،‬أن يتس�لحوا بخطاب‬ ‫تبري�ري دفاع�ي‪ ،‬قد يفه�م من�ه وكأن جميع‬ ‫املسيحيني مشبوهني وعليهم لذلك صد التهم‬ ‫«العوام وكابوتشي‬ ‫واالس�تعانة مبس�يحية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سجلهم‬ ‫أو حبش أو إدوارد وإميل» ومن على‬ ‫م�ن أعلام احلض�ارة والتاري�خ والثقاف�ة‬ ‫والنضال املشرقيني‪.‬‬ ‫م�ا جاء ف�ي بي�ان الكنائس املذك�ور يؤكد‬ ‫عمليً �ا عل�ى حقيق�ة منطقي�ة مثبت�ة ف�ي علم‬ ‫حج�ة تفتقد إلى‬ ‫السياس�ة االجتماعية‪ ،‬فكل ّ‬ ‫منطقه�ا الداخلي فإنها تفق�د بالضرورة قوة‬ ‫إقناعه�ا وأخالقيتها‪ .‬وكذلك ف�إن ّ‬ ‫كل حجة ال‬ ‫تتعام�ل م�ع حال�ة وواقع متش�ابهني بصوت‬ ‫واح�د ومبس�اواة تعك�س تناس�قا داخلي�ا‬ ‫ت�زود‪،‬‬ ‫كاملا‪ ،‬فإنه�ا ل�ن تؤت�ي ثماره�ا‪ ،‬بل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وقوة‪.‬‬ ‫أحيانا‪ ،‬اخلاطئ‬ ‫اخملطئ بطاقة ّ‬ ‫فعندم�ا تتص�دى‪ ،‬ويج�ب أن تتص�دى‪،‬‬ ‫مؤسس�ات وش�خصيات وح�ركات وأحزاب‬ ‫لرجل دين مسيحي أو ناشط منتفع في حزب‬ ‫صهيوني يدعوان لتجنيد الشباب املسيحي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نشاطا ودعوات مشابهة‬ ‫وتغفل هذه اجلهات‬ ‫لفئات أخرى وألس�باب غير وجيهة ومبررة‪،‬‬ ‫تضع�ف احلجة‪ ،‬وبالتالي قد يس�تقوي رجل‬ ‫الدي�ن ه�ذا مبكيال�ه‪ ،‬فالكي�ل مبكيالين كان‬ ‫وسيظل مؤذيً ا‪.‬‬ ‫وإليك�م م�ا أقص�ده‪ ،‬فف�ي الوق�ت ال�ذي‬ ‫كانت األص�وات تندّ د وبحق‪ ،‬مب�ا يدعو إليه‬ ‫بعض املس�يحيني املنادين الشباب املسيحي‬ ‫بالتط�وع ف�ي جي�ش االحتالل اإلس�رائيلي‪،‬‬ ‫كان�ت وس�ائل إعلام إس�رائيلية وبالعربية‬ ‫أخبارا عن تدريبات‬ ‫تنشر بالصورة والكلمة‬ ‫ً‬ ‫وح�دات عربية مس�لمة ودرزي�ة كاملة (مثال‬ ‫وحدة مؤلفة من مئتي مقاتل مس�لم) أجراها‬ ‫اجلي�ش االس�رائيلي به�دف حتسين أدائها‬ ‫احلرب�ي‪ ،‬وجتهيزه�ا حلربه�ا عل�ى احل�دود‬ ‫اجلنوبي�ة الصحراوية‪ ،‬ولقد «طمأنتنا» هذه‬ ‫األخبار ب�أن التدريبات نف�ذت بنجاح باهر‪،‬‬ ‫م�ن دون أن يتط�رق إل�ى ه�ذه االخب�ار أحد‬ ‫عل�ى اإلطلاق‪ ،‬وهذا غيض م�ن فيض وقليل‬ ‫من كثير‪.‬‬ ‫موح�دً ا‪ ،‬من‬ ‫إذا ل�م يك�ن الص�وت واح�دً ا ّ‬ ‫حي�ث الزم�ان وامل�كان واله�دف والوس�يلة‬ ‫والذريع�ة‪ ،‬فس�يفيق املن�دّ دون م�ن غفل�ة‪،‬‬ ‫وس�يعودون إلى س�بات‪ ،‬وبعدها سيفيقون‬ ‫صائحين منددي�ن مج�ددً ا ف�ي وج�وه من ال‬ ‫عصي حتمي ضلوعه‪.‬‬ ‫قبيلة وراءه وال‬ ‫ّ‬ ‫ال للتجني�د‪ :‬موق�ف‪ ،‬قضي�ة ومش�روع‬ ‫أعق�د من دع�اء كاهن‪ ،‬فالذي س�يكتفي ّ‬ ‫بلفه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مس�تهونا‪ ،‬بث�وب أس�ود وين�ام م�ع ضميره‬ ‫املرتاح‪ ،‬فإن عليه أن يعرف ما تعرفه صحراء‬ ‫اجلن�وب‪ ،‬وم�ا تش�هد علي�ه جب�ال اجللي�ل‬ ‫وميادين وش�وارع فلس�طني التي ينام أهلها‬ ‫ويحلمون‪:‬‬ ‫أي�ن ص�ار اإلخ�وة؟ ه�ل قل�ت بن�ادق‬ ‫اإلخوة؟‬ ‫٭ كاتب فلسطيني‬

‫ُخدعوا‪ ،‬وأصبحوا يخرجون جماعات وأفرادا من هذه الس�فينة‬ ‫اآليل�ة للغ�رق عاجال أم آجال‪ ،‬بعد ان ادرك�وا احلقيقة املرة‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك م�ا زال الرج�ل يطب�ل ويزمر ويقوم ب�دور الكومب�ارس في‬ ‫سرك مليء بالدم واآلهات والعذابات واألحزان‪.‬‬ ‫إن�ك ـ يا صديقي العزيز‪ -‬ال تقف عل�ى أرض صلبة كما تقول‪،‬‬ ‫ب�ل تقف عل�ى أرض مخضبة بدم�اء األبرياء‪ ،‬وعذب�ات امللوعني‬ ‫م�ن األباء واألمه�ات والزوج�ات واألبناء والبن�ات الذين قتلوا‬ ‫وجرحوا وحرقوا وغيبوا في السجون واملعتقالت‪ ،‬وأنت ما زلت‬ ‫تس�بح بحمد القاتل وتهلل وتصفق له‪ ..‬إنها تراجيديا مأساوية‬ ‫بكل ما حتمله الكلمة من معنى‪.‬‬ ‫لق�د كنت أقرا احلديث الش�ريف «‪ ...‬وإن الرج�ل ليعمل بعمل‬ ‫أهل اجلنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعني فيسبق‬ ‫عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)‪ .‬وأس�تغرب وأقول‬ ‫كيف ذل�ك ‪ -‬ومن دون التألي على الله فه�و أعلم بخلقه‪ -‬ولكن‬ ‫قل ل�ي بربك‪ :‬هل تأيي�د القاتل اخلائن الغادر عم�ل من عمل اهل‬ ‫اجلنة‪ ،‬أم عمل من عمل اهل النار؟ هل التشفي بإخوانك والتلهي‬ ‫بعذاباته�م والهج�وم املس�تمر عليه�م والفج�ور ف�ي اخلصومة‬ ‫معه�م ‪ -‬وه�م في أعظم محنة ‪ -‬عمل من عم�ل اهل اجلنة أم عمل‬ ‫م�ن عمل اهل الن�ار؟ ه�ل الوقوف ف�ي اخلندق املعادي ملش�روع‬ ‫األم�ة ف�ي احلري�ة والع�زة والكرام�ة مع أمث�ال جمع�ة والطيب‬ ‫وتواضروس‪ ،‬ورجال األعمال الفاسدين‪ ،‬وقتلة اجليش واألمن‪،‬‬ ‫ومت�رد‪ ،‬واإلعالم املضلل‪ ،‬وناعقي الفتنة عمل من عمل أهل اجلنة‬ ‫أم عمل من عمل اهل النار؟ وهل تأييد ما جرى ويجري من مجازر‬ ‫بحق األبرياء من طالب وطالبات مصر والزج بهم في الس�جون‬ ‫والقضاء على مس�تقبلهم من خالل قض�اء أصبح اداة من ادوات‬ ‫الفرع�ون عم�ل من عمل اه�ل اجلنة أم عم�ل من عمل اه�ل النار؟‬ ‫وه�ل يكفي الق�ول انك م�ا زالت على املنه�ج الوس�طي‪ ،‬والوفاء‬ ‫لقضية فلسطني واملقاومة‪ ،‬وغير ذلك من االدعاءات دليال يصلح‬ ‫االعتماد عليه‪ ،‬أم ان العمل يصدق ذلك أو يكذبه؟‬ ‫٭ املسؤول اإلعالمي لهيئة علماء فلسطني في اخلارج‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.