Chef's Corner is 69

Page 81

‫مو�ضوع العدد‬ ‫بقلم ‪� :‬آنيا فان دي بوت‬ ‫�إذ� ��شتطاع �شخ�س ما �أخري� �أن يخرتع �آلة الإعادة �لزمن للور�ء‪ ،‬ميكنه بها‬ ‫�أن يكون �شائح وياأخذ جولة حول �لعامل‪ ،‬ليزور لي�س فقط �لبلد �ملختلفة‪ ،‬بل �أي�شا‬ ‫�الأزمنة �لتاريخية �ملختلفة‪� .‬شاأقوم بتجهيز قائمة �أمنياتي و�شاأكون �أول من يقف‬ ‫يف �ل�شف للح�شول على تذكرة لل�شفر عرب �لزمن‪ .‬لكن عندها‪� ،‬شاأ�شطر �إلى‬ ‫�الختيار! هذ� لي�س باالأمر �ل�شهل‪..‬هل �شاأذهب مل�شر �أوال‪ ،‬و�إذ� فعلت ذلك‪ ،‬فهل‬ ‫�شاأرجع لعام ‪� 1880‬أو �الأربعينات من �لقرن �ملا�شي؟ �شاأحب بالطبع �ل�شفر يف‬ ‫ترف‪ ،‬وروؤية �ملو�قع �لتاريخية و�أن �أكون جزء� من �لتاريخ و�أ�شهد تطوره‪ ،‬و�الأهم‬ ‫من ذلك‪� ،‬أنغم�س يف �ال�شتمتاع برتف �ملا�شي وفخامة �لفنادق �لقدمية �ل�شهرية‬ ‫يف ذلك �لوقت‪.‬‬ ‫�إن كتاب همفريز عن «فنادق م�شر �لفخمة �ملرتفة» يلبي �أمنياتي �إلى حد ما‪،‬‬ ‫بدون �حلاجة للإختيار بني �الأزمنة‪ .‬يكتظ �لكتاب بال�شور و�الإعلنات �لقدمية‬ ‫ومل�شقات �الأمتعة و�لبطاقات �لربيدية �لتي تعود للزمن �لقدمي‪ ،‬كما يحتوي‬ ‫�أي�شا على جزء من خريطة قدمية للقاهرة‪ ،‬وهي �أكرث ما يعجبني يف �لكتاب على‬ ‫�الإطلق‪ .‬ن�س �لكتاب كذلك ملئ باقتبا�شات من �مل�شافرين وحكايات تاريخية‬ ‫ق�شرية غريبة ومثرية‪ .‬يغو�س �لكتاب بالطبع يف تاريخ �لفنادق ويف �لزمن �لذي‬ ‫بنيت فيه وت�شل�شل ملكيتها �ملتتابع‪ .‬ب�شكل عام‪ ،‬يحظى �ملرء بانطباع جيد عن‬ ‫�لطريقة �لتي كانت تد�ر بها �الأمور منذ مائة عام م�شت – وكيف �أنها كانت‬ ‫خمتلفة ب�شكل كبري عن �شناعة �ل�شياحة يف وقتنا �حلايل‪.‬‬ ‫بد�أت م�شر جتذب �أنظار �لعامل كوجهة �شياحية حو�يل منت�شف �لقرن �لتا�شع‬ ‫ع�شر‪ ،‬وو�شلت لذروتها يف نهاية هذ� �لقرن‪ .‬مل جتذب م�شر وقتها �أنظار �ل�شائحني‬ ‫فقط‪ ،‬لكن كان هناك �لعديد ممن يبحثون عن غرف ومكان للمبيت وتناول �لطعام‬ ‫– فهم �إما كانو� يف طريقهم لل�شرق �الأق�شى �أو م�شرتكني يف �أحد�ث �شيا�شية‬ ‫�أو ع�شكرية �أو يف عرو�س فنية �أو جمرد ّ‬ ‫جتار‪ .‬قبل بناء �لفنادق‪ ،‬كانت �لنا�س‬ ‫تاأتي للبلد بخطابات تعريف خا�شة بهم‪ ،‬على �أمل �أن يتم ��شت�شافتهم يف بيت‬ ‫�أحد ما‪ ،‬بعد �لتعرف عليه ب�شكل مبهم �أومن قر�بة بعيدة‪ .‬ومثل حالة �الإنزعاج‬ ‫�لتي ت�شيب �الأجانب �ملقيمني مب�شر‪ ،‬فكان على �مل�شريني ّ‬ ‫حتمل هوؤالء �ملجهولون‬ ‫و�لغري مرغوب فيهم و�لغري مدعوون‪ ،‬ك�شيوف يف منازلهم‪.‬‬

‫الحقا‪ ،‬ويف عام ‪ ،1870‬بد�أت �شركة «كوك �أند �شن» ن�شاطها يف م�شر‪ ،‬وقامت‬ ‫بت�شغيل ع ّبارة بخارية بني �لقاهرة و�أ�شو�ن‪ ،‬وجنحت – بدون م�شاعدة – تقريبا‬ ‫يف زيادة �أعد�د �ل�شائحني من ‪� 500‬شائح يف �لعام يف ‪� 1873‬إلى ما يقرب من‬ ‫‪� 11.000‬شائح بحلول �شتاء ‪ .1890 – 1889‬كانت م�شر بحاجة لبناء فنادق بها‪،‬‬ ‫وهكذ� مت �الأمر‪ .‬يف �لبد�ية‪ ،‬مت بناء بيوت ب�شيطة لل�شت�شافة وبن�شيونات وبعدها‬ ‫بالتدريج‪ ،‬بد�أ بناء �لفنادق �لفخمة �لكبرية‪.‬‬ ‫هذه �لفنادق �لفخمة �لكبرية مل يكن �لق�شد من بناءها هو توفري جمرد �أماكن‬ ‫للإقامة‪ .‬بل كانت يف �الأ�شا�س �أماكن ��شتيطانية الأوربا‪ ،‬فهي كانت توفر ل�شيوفها‪،‬‬ ‫عمليا �إن مل يكن ب�شكل كامل‪ ،‬كل �شئ‪ ،‬كل ما يحتاجونه من و�شائل �لر�حة �ملعتادة‪:‬‬ ‫�لنبيذ �الأوربي‪� ،‬ل�شحف و�الأطباء و�ملمر�شات و�الأثاث و�خلدمة �لربيدية‪ .‬دون �أن‬ ‫نن�شى طبعا �الأغذية �الأوربية‪ .‬كانت هذه �لفنادق ملتقى للمو�طنني من كل �أنحاء‬ ‫العامل‪ ،‬ليتمكنوا من الختالط اجتماعيا والحتفال مع بع�شهم على الأغلب –‬ ‫بعيد� عن نخبة �ملجتمع �ملحلية – مبا �إن �أغلب �مل�شريني مل يكونو� مدعويني‪.‬‬ ‫كانت �الأ�شعار يف هذه �لفنادق مرتفعة للغاية ( فكل �شئ كان م�شتورد�) وكذلك‬ ‫كانت �ملعايري‪ ،‬كان �لويرتز يرتدون �لقفاز�ت �لبي�شاء‪ ،‬و�ل�شيوف يرتدون �مللب�س‬ ‫�لر�شمية فقط‪ .‬جلبت �لنخبة �ملجتمعية نوعا جديد� من �ل�شياح‪ :‬ما يطلق عليهم‬ ‫�ل�شائد�ت �ل�شرقيات‪ ،‬وهن �ل�شابات �لعازبات مع �أمهاتهن‪ ،‬و�للتي كن يبحثن‬ ‫عن زوج من بني ال�شباط الربيطانيني‪ ،‬وكانوا غالبا من الطبقة الر�شتقراطية‪،‬‬ ‫و�لذين متركزو� يف م�شر‪ .‬ومع كل �حلفلت �لر�ق�شة و�الحتفاالت �مل�شتمرة‪،‬‬ ‫توفرت لديهن بيئة خ�شبة ل�شيد �لعر�شان‪.‬‬ ‫يغطي كتاب همفريز �أكرب �لفنادق و�أكرثها فخامة يف كل من �الإ�شكندرية‬ ‫و�لقاهرة و�الأق�شر و�أ�شو�ن‪ ،‬وتناول فيه خمططات �لرحلت يف ذلك �لوقت‬ ‫وو�شائل �ل�شفر فيما بينها‪ ،‬و�لتي تت�شمن بالطبع ��شطول �شركة كوك من �لبو�خر‬ ‫باالإ�شافة �إلى «�لدهبية» و�لتي كانت مو�شة هذ� �لزمان وحتى بد�ية ‪ .1900‬كانت‬ ‫«�لدهبية» �أكرث ترفا وخ�شو�شية من �لبو�خر‪ .‬كانت فاخرة للغاية للدرجة �لتي‬ ‫جعلت همفريز يت�شاءل عما �إذ� كان �شائح �لقرن �لتا�شع ع�شر «قد �شاهد �أي �شئ‬ ‫على الإطالق‪ ،‬اأو حتى يتذكر اأي �شئ» من املواقع الأثرية‪ ،‬من فرط فخامتها‪.‬‬ ‫�شملت قائمة �لت�شوق �ملو�شى بها للم�شافرين على منت «دهبية»‪ ،‬كمية مده�شة من‬ ‫‪ 131‬زجاجة نبيذ‪ ،‬وبع�س �ل�شمبانيا و‪ 4‬زجاجات من �لليكري �لكحويل و‪ 20‬زجاجة‬ ‫برية‪ ،‬هذ� غري �لعديد من �ل�شروريات �الأخرى‪ .‬كانت هذه هي �ملوؤونة �ملخ�ش�شة‬ ‫ملجموعة من ‪� 5‬أ�شخا�س يف رحلة ملدة ‪� 3‬أ�شابيع تقريبا!‬ ‫كانت �الإ�شكندرية هي مرفاأ �لو�شول ملعظم �مل�شافرين‪ ،‬لكن مل يكن هناك‬ ‫�لكثري لفعله هناك‪� ،‬أو كما قيل يف كتيب «مور�ي»‪« :‬ال يوجد ما يثري �الهتمام‬ ‫�لكايف(‪ )...‬الإبقاء �مل�شافر �لعادي �أكرث من يوم»‪ .‬مل يتغري هذ� �لو�شع �إال مع نهاية‬ ‫�لقرن‪ ،‬حني مت �فتتاح �ملتحف‪ ،‬ومت �كت�شاف �شر�ديب �ملوتى يف «كوم �ل�شقافة» عن‬ ‫طريق حمار غافل‪ .‬لكن كان �لز�ئرون يقومون بنزهات فوق عمود بومبي �أو «عمود‬ ‫�ل�شو�ري» حيث كان يتم رفعهم بو��شطة ما ي�شبه �ملنجنيق‪ ،‬على ما يبدو كان هناك‬ ‫م�شاحة كافية لثمانية �أ�شخا�س‪.‬‬

‫‪20‬‬ ‫�شيف�س كورنر‬

‫يف �شنو�ت الحقة‪� ،‬أ�شبحت �الإ�شكندرية وجهة �شياحية �شيفية‪ ،‬غالبا حتت‬ ‫تاأثري �حلكومة و�لتي كانت تف�شل �لذهاب هناك للهرب من درجة �حلر�رة‬ ‫�ملرتفعة‪ .‬لذ� مت بناء بع�س �لفنادق‪� ،‬أقدمها كان فندق �شان �شتيفانو‪ ،‬و�لذي مت‬ ‫�فتتاحه عام ‪ ،1887‬و�أغلق بعد ذلك عام ‪ .1993‬يعد فندق «�شي�شيل» – و�لذي‬

‫الف�شل الثانى‪2012‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.