تأويل عنترة
َح َّولَها التَّدا ُو ُل إىل ِعبا َر ٍة ِ واض َحة .التَّ ُ أويل ال يُ ِق ُّر بال ُوضُ وح .قيمة املايض ِ ُ «الواض َحة» التي ْاستَعادَتْ غُموضَ ها األقوال َع ِدي َد ٌة هي ئيسة لِ ِ هذهِ ِع ْن َدما ْاستَضافَتْها ال ِقرا َءة .ول ُربمَّ ا ِم َن امل َها ّم ال َّر َ االس ِتضافة ال ُعثو ُر عىل ال ُغ ُم ِ وب ب ُوضُ و ٍح ال وض امل َ ْح ُج ِ ْ وح فيه. ُوضُ َ لِلغ ِ ُموض ،يف بَيْ ِت عنرتة ،أكرثُ ِم ْن َو ْج ٍه .ل َع َّل أبْرزَهاِ ،م ْن ُ ِ ِ حيْثُ ما يُ َولِّ ُده م ْن قضايا ،ال َو ْج ُه الذي يَتَكشَّ ُف م َن اال ْح ِت ِ امالت التي يَفترَ ضُ ها التَّ ُ أويل للعالق ِة بينْ َ شَ طْ َر ْي ال َب ْيت .ق ْب َل االقترِ َاب ِم ْن ِ هذهِ اال ْح ِتامالت ،البُ َّد ِم ْن إن ٍ ْصات ُج ْز ٍّيئ لِماَ َح َّف مبَ ْعنى الشّ طر األ ّول يف شرُ و ٍح سابقة. قف القدما ُء عند ّ دال «املُترَ َدَّم» ،و َر َّج ُحوا معنى الترَّ قيع تَ َو َ ِ ِ ِ َ يف ف ْهمه ،انطالقاً م ْن َع ِّد هذا امل ْعنى تمَ ْثيالً ،أي ُمشابَ َهة ت َْستَ ْحضرِ ُ ُصو َر َة ث ْو ٍب ُم َرقّع .يف ال ُعبور من التَّ ْمثيلِ إىل قصودا ً ِمن الشَّ طْر األ ّول ،ت َ َه َّيأ ل ُهم إعادَة ما افترَ َضو ُه َم ُ َص ْوغ ُسؤا ِل عنرتَة عىل ال َّن ْحو اآليتَ :ه ْل ت َ َر َك الشّ َعراء «مقاالً لِقائِلٍ ،أي ف ّناً ِم َن الشِّ ْعر ملْ يَ ْسلكوه؟» ،أو كالماً لص ُق بعضُ ُه ببَ ْع ٍض ويُلبَّق» .هكذا بَلْ َو َر الشرَّ ْ ُح القدي ُم «يَ َ ً «هل بَقّى ري ،هوْ : ع الشِّ طر الشّ هذا بشأن ا ي إشكال ال ً سؤا ْ ّ ّ الشُّ عرا ُء أل َح ٍد َم ْع َنى ،إالّ َو َس َبقو ُه إل ْيهَ ،و َه ْل يَتَ َه َّيأ أل َح ٍد أ ْن يَأتيِ َ مبَ ْعنى ملْ يُ ْسبَق إليْه؟».
ء عند ّ ت َ َو َ دال قف القدما ُ حوا معنى متَر َ َّدم» ،ور َ َّج ُ «ال ُ انطالق ًا التَّرقيع في ْ فهمِ هِ ، م ْعنى ت َ ْمثي ً ال ،أي ِم ْ ن َع ِّد هذا ال َ ب ُمشاب َ َ صور َ َة ْ ضر ُ ُ هة ت َ ْ ست َ ْح ِ ثو ٍ ُمر َ ّقع
لق ْد ِ وح ،يف الغالب العا ّم ،إىل تَ ْرجيح دالل ِة مالت الشرُّ ُ ري .غيرْ َ أ َّن ت َ َو ُّس َل عنرتة في ِه الشّ طر عىل نفا ِد الق ْول الشِّ ْع ّ االس ِتفهام َو َج َد َصدا ُه يف بَ ْعض الشرُّ وح التي صاغَها ببنيَ ِة ْ ِ ِ ِ ِ هِ أصحابُها اعتامدا ً عىل هذ البنيَة نفسها .وهو ما يَتَ َعينَّ ُ ْ عىل ال ِقرا َء ِة أالَّ ت َ ْنساه. يح َمب ْو ِق ِف ِه ل ُجو ُء عنرتة إىل ْ االس ِتفهام يف املَطْلَع َج َّن َب ُه التَّصرْ َ ِم َن القديم و ِم ْن عالق ِة القديم مبا أتىَ بَ ْع َده .ال يُ ِ فص ُح عنرتة عن هذا امل َ ْو ِقف .لك َّن ُه يُبَلْو ُر بشأنه َج َواباً ِض ْمنيّاً ري الذي نَ َهضَ ت به امل ُ َعلَّقة ،أي أنَّ ُه يف اإلنجاز الشِّ ْع ِّ يَ ْد ُعو ،عىل نَ ْح ٍو ُمضْ َمر ،إىل ِقرا َء ِة امل ُ َعلّقة يف ضَ ْو ِء ُسؤال االس ِت ْهالل ،وإىل اإلن ِ ْصات لتفاصيلِها ِم ْن غيرْ الك َِّف عن ْ السؤال. التَّفكري يف هذا ُّ السؤال ب َو ْص ِف ِه بَذ َر ًة لِتَخلّقِ القصيدة ُّ .1 ٍ َ ليِ الس ِتهالل الق ْول الشِّ ْع ّ ري ُ ْ بسؤال ُم ْنط ٍو عىل قلقٍ َج ٍّ ِ ِ ِ ِ ترِ اب ِم ْن هذا ق اال ن كأ عنرتة. ت ي ب ة ء ا ر ق ه جي و ت يف ه ت َّ َ ُ ُسلط ُ ْ َ َ ْ الب ْيت ال يَتَحق َُّق ،كام هو بَينِّ ٌ ِم ْن َمسار شرَ ْ ِح ِه ،إالَّ عبرْ َ بَلْ َو َر ِة ْأسئل ٍة بشأنِ ِه .الشرَّ ْ ُح القدي ُم هو الذي أ ْرسىَ هذا كل تآويل َحديث ٍةُّ . امل َ ْن َحى ال ِقرا َّيئ قبْ َل أ ْن تمَ ْتَ َّد َع ْدوا ُه إىل َ ِ ٍ ِ األسئلة، نفس ُه يف ِ قلب ِسل ِْسلة م َن ْ َم ْن تأ َّو َل البيْ َت َو َج َد َ ٍ أي تفكريٍ جديد يف ت َأويلِ الب ْي ِت ُملْزِماً لل ُم َؤ ِّو ِل، حتّى َغ َدا ُّ بص ْو ِغ َص ْوناً لِشرَ ْ ِع َّي ِة االن ِْخ َر ِاط يف إضا َء ِة هذا املَطْلعَ ، ُسؤا ٍل جديد. ِ عبد الفتّاح كيليطو واح ٌد ِم َن امل ُ َؤ ِّولني الذين َسلكوا ،يف ال َّز َمن الحديث ،هذا امل َ ْنحى .ذلك ما ل َجأ إليه وهو يَتَأ َّم ُل التناسخ يف الكتابة ،إذ بَل َو َر ْأس ِئلة َع ْن ُس َؤال عنرتة، قضايا ُ «س ُي َح ِّد ُد لنا امل َعنى املضبوط صاغها عىل ال َّن ْحو اآليتَ :م ْن َ أس أو ت َش ُّو ٌق ،أ ْم الس ِت ْهاللِ ِه ْ لِ ُسؤالِهْ ، فهامي؟ أهو يَ ٌ االس ِت ّ نَ َد ٌم عىل كونِ ِه ملْ ِ يأت إالّ واألوا ُن ق ْد فات؟ أ ُه َو اعترِ ٌاف بال َّديْن وتمَ ْجي ٌد للترّ اث القديم؟ أهو َحثٌّ أ ْم ت َ َح ٍّد؟ أ ْم إنّ ُه تفك ٌري فيام يَ ْن َبغي أ ْن يُ َ قال ع ْن قي َم ِة املايض وعن القصي َد ِة الشِّ ْعريَّة؟». االس ِتفهامِ املُتَ َسل ِْسل يف ق ْو ِل كيليطو تَتَكشَّ ُف ِم ْن قي َمة ْ االس ِت ْهالل ع ْن يق ٍني ب َعيْ ِنه ،بغايَ ِة َز ْع َز َع ِة امل َ ْعنى وإبْعا ِد ْ ِ ناسخ ،أي إىل ما ا ْج ِتذاب ِه إىل قضايا التقليد وال َّن ْسخ والتّ ُ issue (7)- December - 2012
139