ذاكرة الشعر
إحدى املناقشات مع زمالئه يف املقارنة بني شوقي وحافظ :الحالة بعد أن أصيب بداء الصدر يف آخر أيام عمره وفرض عليه عزلة إضافية . « إن الفرق بني شعر شوقي والبقية مثل املقارنة بني القرآن وأي كتاب برشي» ،فتم تحوير حديثه هذا بقولهم إذن فإن املرتكز األسايس الذي قاد التيجاين إىل أربع مراحل عقدية يف حياته كام ذكر الناقد عبد الله الشيخ إن التيجاين ذكر أن كتابات شوقي أفضل من القرآن الكريم ،وكان هذا سبب طرده من املعهد العلمي والذي البشري،الذي قال إن التيجاين مر بأربعة أطوار هي :مرحلة اإلميان التقليدي الهادئ ،ومرحلة تزعزع اإلميان نتيجة كان رضبة قاصمة له ولطموحه. وهو ما دفعه ليكتب قصيدته «املعهد العلمي» فيام بعد اطالعه عىل كتب الفالسفة والتي استدل عليها بقصائد «قلب الفيلسوف» و»أنبياء الحقيقة» ،ومرحلة الشك والتي سكب فيها كل وجعه عىل ما حدث حني قال: املجتاح من خالل قصائده «ودعت أميس ،يؤملني شيك، َ َ ف���ي���ك ِم���ن أَس��ب��اب��ه ف��ي��ك َو ال��س��ح��ر الصبي العابد وحرية» ،ومن ثم مرحلة اإلميان الكامل َدع�����ة امل�����دل بِ��� َع���ب���ق���ري شَ ��ب��اب��ه و»الله». من خالل قصيدة «الصويف املعذب» ي��ا َم��ع��ه��دي َو َم���ح���ط َع��ه��د ِص��ب��اي وكان التيجاين يحمل فقره مسؤولية الحال التي وصل ِم���ن دار تَ���ط��� ُرق َع���ن شَ ��ب��اب نابه إليها ويؤكد أنه السبب الرئيس لبؤسه وتعاسته ،وقد ذكر َ َ���ي���ك يف أَق����داره ق��س��م ال��بَ��ق��اء إِل ذلك يف أكرث من موضع يف ديوانه ،حيث قال يف قصيدة َم���ن ش���ا َد َم��ج��دك يف قَ��دي��م كِتابه «ثورة»: َوأَ َ ف��ي��ك ِم���ن ال�� َه��دى آي��ات��ه ف������اض َ حسب قلبي من األســــــى ما أالقـــي َو ِم���ن ال�� َه��وى َوال��س��ح��ر م��لء نِصابه م�����لء ج��ن��ب��ي م����ن ك��ل��ال وأي����ن ثم مييض ليصور الحادثة : وب���ح���س���ب���ي م����ن ح����اج����ة ع���وز فَ��أَع��ي��ذ ناشئة ال��تُ��ق��ى أَن يرجفوا يدفــــع نفســـي إىل فـــــراق وبيـــن بِ��فَ��ت��ى يمَ����ت إِلَ����ي���� ِه يف اح��س��اب��ه رغم بؤسه م ّجد التيجاين الفقر يف كثري من قصائده، م��ا زِل��ت أَك�َب�رَ يف ال��شَ ��ب��اب َوأَغ��تَ��دي إال أن ذلك يعترب حالة من التالطم والتاموج والتقلبات ��ي�ن ب��خ َوي����ا َم��رح��ى بِ�� ِه َوأَروح بَ َ التي عاشها ليتعايش مع فقره ورضورة استمرار الحياة، َ��س��ت أَول كَ��وكَ��ب َح��تّ��ى َرم��ي��ت َول ُ ولعل بعض األمثلة عىل هذا قوله يف قصيدة «قلب من نَ��ف��ث ال�� َزم��ان َع��لَ��ي�� ِه فَ��ض��ل ِشهابه ذهب»:
الفقر والعزلة
يف الوقت الذي يرى فيه الكثري من النقاد أن التيجاين يوسف بشري استطاع أن يتعايش مع فقره ،ويفلسفه تارة ويسخط عليه تارة أخرى ،إال أننا نجد أن الفقر من العوامل األساسية التي أثرت تأثريا ً مبارشا ً عىل نظرة التيجاين للحياة ،ومن ثم التأرجح بني الشك واليقني يف كثري من الحاالت ،هو يف األصل ينطلق من حالة الفقر املدقع التي كان يعيشها والحاجة التي حرمته من تحقيق طموحاته ومواصلة مشواره. ولعل الفقر يفرس الكثري من الضيق والعزلة التي كان يعيشها التيجاين ،وهي التي جعلت صدره ضيقاً ،وازدادت 96
بيت الشعر
العدد ( - )6تشرين الثاني/نوفمبر2012/
أينا لو عدلت يكتنز العامل يف صدره ويف تفكيــــــره؟ أينا يزحم الوجود جناحيه ومتيش الحياة بني ضمريه؟
ويف قصيدة «هوى وفقر»: ويل يف ك��ن��وز ال���روح س��ل��وى وغنية ب��ح��س��ب��ي ال خ��ل��ف ل��دي��ه��ا والم��ط��ل وح��س��ب��ي ال أث���ري���ت م��ن��ه��ا وإن��ن��ي ل��ي�صرف ن��ف�سي ع��ن ن��ض��ارك��م شـغل وانطالقا من هنا ميكننا القول بأن التيجاين عاش حياة مليئة بالتناقضات ،ولعب الفقر فيها دورا ً كبريا ً فهو الذي قاده لإلجتهاد ليتغلب عىل رصفائه ويثبت أفضليته ونبوغه ليتغلب عىل حاجز الفقر داخله ،وعمل ليالً