Bayt alshier 6

Page 129

‫ديوان العرب‬

‫امرؤ القيس َم ْعنى‬ ‫أضاء ْ‬ ‫خ َّو َ‬ ‫األثر‪ ،‬فيما َ‬ ‫ء ِة‬ ‫ل ِل ِ‬ ‫لقرا َ‬ ‫سلك ًا يَقو ُد‬ ‫أن تَتّ ِخذ ُه َم ْ‬ ‫ْ‬ ‫ص القديم‬ ‫إلى َ‬ ‫ج ْعل النَّ ِّ‬ ‫ح َّد ُ‬ ‫ن خارج‬ ‫يَت َ َ‬ ‫ث لغة ِم ْ‬ ‫ز َ َم ِنه‬

‫األص َل ِم ْن‬ ‫ْرج ْ‬ ‫بال ُع ُف ِّو ذاتِ ِه يَبْقى ْ‬ ‫األصل‪ .‬لك َّن ُه بقا ٌء يُخ ُ‬ ‫َوضْ ِع ِه األ َّول ويَ ْج َع ُل ُصو َرتَ ُه تَتَل َّو ُن ب َز َمن التَّذكّر و َز َمن‬ ‫الصو َر ِة‬ ‫ال ّنسيان‪ ،‬ومبا يُ ْح ِدثانِ في ِه ِم ْن ف َْصلٍ يُ ْب ِعدُهُ َع ْن ُ‬ ‫انطلقت ُمعلّقة ا ْمرئ‬ ‫األوىل لِ َي ْبقى يف الت َب ُّدل‪ .‬لذلك‬ ‫ْ‬ ‫القيس ِم ْن أ ْم ٍر ٍّ‬ ‫دال‪ ،‬يَ ُحثُّ عىل ال ُوقوف‪ ،‬مبا يَتَطلّ ُب ُه‬ ‫ِ‬ ‫الصام ِت يف األثر‪ .‬إنَّ ُه أ ْم ٌر‬ ‫ِم ْن تَأ ٍّن وتمَ َ ُّعنٍ ‪ ،‬بغاي ِة َسماَ ِع َّ‬ ‫باالستغراق يف ُحضو ٍر‬ ‫باالن ِتقال ِم ْن َز َمنٍ إىل آخَر‪ ،‬أ ْم ٌر ْ‬ ‫قائمٍ عىل ال ِغياب‪.‬‬ ‫يل‪ ،‬قرا َء ُة بَ ْيتَ ْي ا ْمرئ‬ ‫يَتَم َّن ُع‪ ،‬يف ض ْو ِء هذا امل َ ْن َحى التَّأوي ّ‬ ‫السابقينْ يف انْ ِفصا ٍل عن ال َّد ْع َو ِة األوىل؛ َد ْع َو ِة‬ ‫القيس َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االس ِت ْهالل‪« :‬قفا نَبْك من ِذكرى‬ ‫الوقوف امل ُكثفة يف أ ْمر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اج إىل قرا َءة َحديثة‬ ‫ٍ‬ ‫حبيب َو َم ْنزل»‪ .‬إنَّها َد ْع َو ٌة ت َ ْحتَ ُ‬ ‫ودي يف األ ْمر بال ُوقوف‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫بخ ِ‬ ‫الف‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫َكش َ ُ ْ ُ ُ ِّ‬ ‫ما َه ْي َم َن عىل إضا َء ِة الق َدما ِء له‪ .‬ذلك أ َّن ال َب ْي َت األ َّو َل‬ ‫فتوح عىل تأويلٍ ال نِها ّيئ‪.‬‬ ‫ِم ْن ُم َعلّق ِة ا ْمرئ القيس َم ٌ‬ ‫لق ْد ت َ َو َّج َه شرَ ْ ُح الق َد َماء لأل ْمر امل ُتص ِّدر لل ُمعلَّقة إىل‬ ‫ْاس ِت ْجال ِء ُم َس ِّو ِغ األلِ ِف يف « ِقفا»‪ .‬وأ ْو َر ُدوا بشَ أنِ ِه ثالثة‬ ‫أقوال‪ .‬األ ّول؛ أ ْن يَكو َن الشا ِع ُر خاط َ​َب اثنينْ ‪ .‬الثاين؛ أن‬ ‫خاطب َر ِفيقاً واحدا ً َوث َّنى‪ .‬الثالث؛ أ ْن «يَكو َن أ َرا َد‬ ‫يكو َن‬ ‫َ‬ ‫ِق َف َن بال ّنون‪ ،‬فأبْ َد َل األلِ َف ِم َن ال ّنون‪ ،‬وأ ْج َرى ال َو ْص َل‬ ‫عىل ال َوقف»‪ .‬غيرْ َ أ َّن هذا التَّ َو ُّج َه يف الشرَّ ْ ح َح َج َب‬ ‫ذخائِ َر ال َّد ْع َو ِة يف ت َْص ِدير ن ٍَّص ت َِأسيسيِ ٍّ ‪ ،‬وأ ْخفَى بُ ْع َد َها‬

‫ال ُو ُجو ِد َّي‪ ،‬وأ َّج َل اإلنْصاتَ أل ْمر ال ُو ِ‬ ‫قوف يف َعالق ِت ِه‬ ‫ِ‬ ‫بال َعفا ِء وامل َ ْحو والبقا ِء والتب ُّدل‪ ،‬أي يف عالقته باألثر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الوقوف ت َ ْنطَوي‬ ‫ال َّد ْع َوةُ‪ ،‬يف ْاس ِت ْهال ِل ن ٍَّص ت َِأسيسيِ ّ ‪ ،‬إىل‬ ‫ليس بَسيطاً‪ .‬إنَّ ُه يَ ْحت ِف ُظ بتشَ ُّع ٍب‬ ‫عىل التَّ َن ُّب ِه إىل أ َّن األث َر َ‬ ‫واس ِتغراقاً؛ إنصاتاً‬ ‫ٍّ‬ ‫خاص يَقتَيض إن َْصاتاً خالِصاً‪ ،‬أي وقفة ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يُشرْ ُك ما َء ال َج َسد‪ ،‬ليَ ْعبرُ َ بالبُكاء إىل ما ال يَ ْعفُو يف ال َّر ْسمِ ‪.‬‬

‫بعد وجودي‬

‫طابَ ُع التَّشَ ُّعب يف األثر يَ ُعو ُد إىل ثالث ِة َع َناصرِ َ عىل‬ ‫ّ‬ ‫والسكن‬ ‫األقل‪ .‬أ ّولها أنَّ ُه ُم َؤ َّس ٌس عىل ت َدا ُخلٍ بَينْ َ ال ُح ِّب َّ‬ ‫( َحبيب و َمنزل)‪ ،‬مبا يَترَ َت َُّب عن هذا التَّداخُل ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫تَ َح ُّو ٍل يف ف ْهمِ امل َكان و ِمن انْ ِفصا ٍل لِل َمكان ع ْن بُ ْعد ِه‬ ‫وض األثر عىل َز َمنٍ يَتَداخ َُل في ِه‬ ‫ال ُجغرا ّيف‪ .‬ثانيها؛ نُ ُه ُ‬ ‫كل ت َقابُلٍ بَ ْين ُهام‪ ،‬أل َّن العالقة‬ ‫التَّذكّ ُر بال ّنسيان ِم ْن خَار ِج ِّ‬ ‫بَينْ َ ال ِف ْعلينْ ُم َع ّق َدةٌ‪ ،‬بها يَتَ َح َّر ُر ال َّز َم ُن ِم ْن َمفهو ِم ِه العا ّم‪،‬‬ ‫أي ِم َن الجانِ ِب امل َ ِق ِ‬ ‫يس فيه‪ .‬ثالثُ ال َعناصرِ ؛ أ َّن األث َر َعفَا‬ ‫ْ‬ ‫وما َعفا‪.‬‬ ‫والسكن‬ ‫َد ْع َو ُة ا ْمرئ القيس إىل ال ُوقوف عىل أثر ال ُح ّب َّ‬ ‫ت ِ‬ ‫جودي لل َّر ْسم‪ ،‬أي لِماَ يَ ْعفُو دو َن أ ْن‬ ‫َكش ُف ال ُب ْع َد ال ُو َّ‬ ‫يَ ْعفُو‪ .‬والبُ َّد م َن االن ِتبا ِه إىل اال ْم ِتدا ِد الذي شَ ِه َدت ْ ُه َه ِذ ِه‬ ‫ال َّد ْع َو ُة يف الشِّ ْعر الجا ِهيل َو ِه َي ت َ ْحضرُ ُ ِ‬ ‫بصيغٍ َع َّد َد ِت‬ ‫امل ُخاطَب ( ِقف‪ِ /‬قفي‪ِ /‬قفوا‪ ).../‬يكْ نُ ْد َرك ت َجا ُو َب‬ ‫‪issue (6)- November - 2012‬‬

‫‪129‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.