من قلب الحدث مذكرات النقيب أحمد شوشان

Page 191

‫يا سي لخ ضر! ل قد ك نتَ ضابطا مثال يا ع ندما ك نت أمي نا في مك تب الم قدم حشي شي ذات يوم و ل كن‬

‫الظاهر أن هذه الأز مة جن ّنت الجم يع‪ .‬ثم قلت‪ :‬ناولني ال هاتف و سأ صلك بمن يحم ِ ّلك الم سؤولية يا ح ضرة‬

‫الرا ئد‪ .‬و يمك نك أن ت قول له بأ نك ست ضعني في ال سجن‪ .‬و أن صحك أن تب عد ال سماعة عن أذ نك لأ نك‬ ‫ستسمع ما لا ي َس ُرّك‪ .‬فطلب مني الرقم وهو يقول‪ :‬رقم من هذا؟ قلت‪ :‬أطْ ل ُبه و اسْ أل ْه ُ‪ .‬و هنا تناول الرائد‬

‫سماعة التلفون و ات صل بقائد الق طاع و استف سر عن ر قم التلفون ليأت يه الخبر اليقين ب عد خمس د قائق‪...‬‬

‫ل ست أدري ما ق يل له و ل كن الر جل انق لب مرة وا حدة و اتّ جه إ ليّ قائ لا‪ :‬يا أ خي ل ماذا لم تخبر ني من‬

‫البدا ية؟ ل قد أحرجت ني يا سي شو شان و أ نا أع تذر لك ع لى ما ح صل و و الل ّه إن جم يع الم سؤولين ع لى‬ ‫مستوى الولاية يعرفون بأنكم عائلة وطنية مجاهدة و ل كن الأمور اختلطت علينا و لم نعد نفهم شيئا‪ ...‬أنا‬

‫آسف ج ّدا على سوء التفاهم الذي و قع و الملازم الذي تسبب لنا في هذه المشكلة سيدفع ثمن غلطته‪...‬‬ ‫ن أولادي في انتظاري‪ .‬قال‪:‬‬ ‫تج ِد ُوا وسيلة نقل توصلني إلى المنيعة لأ ّ‬ ‫فقاطعته قائلا‪ :‬الذي يهمني هو أن َ‬

‫فورا سأطلب لك سيارة أجرة‪ .‬قلت‪ :‬لن أركب مع أحد حتى تدفعوا له ثمن التذكرة نقدا كما دفعتها أنا نقدا‬ ‫لشركة نقل المسافرين‪ .‬و فعلا حصل‪ .‬و سبقتني التعليمات تح ّذِر مصالح الدرك على مستوى ولاية غارداية‬

‫من التعرض لي‪ .‬و منذ ذلك الحين أصبح عناصر الأمن يعاملونني باحترام دون أن يفهموا شيئا‪.‬‬

‫هذا السلوك ليس معزولا طبعا‪ ،‬فقد سبقه حدث صغير من جنسه أثناء عودتي الأولى في بلدية‬

‫القرارة‪ .‬ح يث تم ّ توق يف وا لدي الحاج إ براهيم من طرف فر قة الدرك بطر يقة تع سفية و سألوه ع ني و‬

‫أمروه أن يبل ِّغني بأنني إذا لم أت قدم إلى مقر فرقة الدرك للتبل يغ و توقيع محضر لديهم فسيأتون لاعت قالي‪.‬‬ ‫فكلمتهم بال هاتف و وبختهم بطر يقة فه موا من ها أن ني ما ز لت في الخد مة فتعمدوا اعتراض طر يق الوا لد و‬

‫اعتذروا له و أرسلوا معه الت ّحية‪ .‬رغم أن الوالد رحمه الل ّه كان في الحالتين مثالا للمجاهد المخلص المنضبط‬ ‫الجدير بالتقدير من طرف الجميع‪.‬‬

‫الشاهد في هاتين الحادثتين هو أن طغيان القيادة العسكر ية لم يأت من فراغ‪ .‬و إنما هو نتيجة لتفش ّي‬ ‫س ة من طرف ال مواطنين و و ضاعة الن فوس ع ند الطب قة الو سطى من س ُ ل ّم الق يادة‬ ‫القابل ية ل لذ ّل و الخ ّ‬ ‫و الم سؤولية‪ .‬ف هذا الم لازم الحق ير أو م ساعد ا لدرك لم يأمره ما أ حد باعتراض ال ناس‪ .‬و ل كن ا لنفس‬

‫ن لصاحبها الاستئساد على المواطنين العزل‪ .‬أما‬ ‫ض يعة التي تطير فزعا عندما يتكلم الرصاص هي التي ت ُز َي ِ ّ ُ‬ ‫الو َ ِ‬

‫الرائد قائد مجموعة الدرك فهو لا يستشعر المسؤولية أ مام الل ّه و لا أمام القانون و لا يخضع لتأنيب الضمير‬ ‫كأنه سكران أو أبله بل إن كل ما يهم ّه هو أن يفعل شيئا يشبع شهوات سيده و يرضيه عليه حتى و لو‬

‫كان بالتعسف في اعتقال الأبر ياء و سجنهم بل حتى قتلهم‪.‬‬

‫‪191‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.