من قلب الحدث مذكرات النقيب أحمد شوشان

Page 120

‫أما العسكر يان المتمردان ال ّذان اعتقلا (ه ُلامي لخضر و شردود محمد) فقد حكم عليهما بالإعدام‪.‬‬

‫ورغم أن السلطة تدعي أنها أوقفت تنفيذ أحكام الإعدام منذ أبر يل ‪ 1993‬فإنني أميل إلى أنهما أ عدما‬

‫بعد ذلك بطر يقة ما لأنهما اختفيا إلى الأبد منذ نقلهما من السجن العسكري ببشار إلى السجن المركزي‬

‫بوهران بداية سنة ‪.1993‬‬

‫إن هذه التجر بة المر يرة ال تي ع شناها في ال شهور ا لأولى من تفجرالأو ضاع دل يل وا ضح ع لى أن‬

‫الاستعداد للمواجهة المسلحة مع النظام لم يكن جديا حتى من طرف ما يعرف بالتيار الجهادي في الحركة‬

‫الإ سلامية في الجزا ئر‪ .‬و لذلك فإن العمل المسلح من طرف الإ سلاميين لم يكن ثور يا بالمفهوم ال صحيح‬ ‫للكلمة وإنما كان عملا ارتجاليا غلب عليه طابع رد الفعل الذي سهل كثيرا مهمة الأجهزة الأمنية في التحكم‬ ‫في مسار الأحداث وتوجيهها وفق أجندة السلطة الإنقلابية‪ .‬وقد جاءت تصر يحات القيادات العسكر ية‬

‫العليا مؤكدة لهذه الحقيقة حيث أن وزيري الدفاع والداخلية في حينها قدرا عدد المتمردين بأقل من أصابع‬

‫اليد في البداية مما يدل على أن السبب المباشر في تفاقم الأزمة الأمنية لا يعود لتآمر مسبق من طرف‬

‫الإ سلاميين و لا من غ يرهم ع لى أ من الدو لة ك ما يزعم المتور طون في ذ بح الجزا ئر ول ك نه ي عود لسيا سة‬ ‫الاستئصال المبيتة من طرف الدوائر الشريرة في النظام مما حول الأزمة من طبيعتها السياسية إلى حرب‬ ‫من أجل الوجود لدى شر يحة واسعة من الجزائر يين‪ .‬وشت ّان بين عمل يتم التخ طيط له مسبقا وعمل يقوم‬

‫على رد الفعل‪.‬‬

‫وقد تكررت هذه المأساة في صور مختلفة مع جميع العسكر يين الذين تمردوا خلال الشهور الأولى من‬

‫انفجار الوضع مما رسخ القناعة لدى العسكر يين من أنصار المشروع الإسلامي والمتعاطفين معه بعدم جدوى‬

‫العمل المسلح بالتعاون مع المدنيين فتراجع زخم التمردات‪.‬‬

‫بل إن إلحاق المدنيين بنا في السجن العسكري سم ّم َ العلاقة الأخو ية التي جمعتنا على نصرة الحق‬

‫فاختلفت القلوب وتنافرت النفوس‪ .‬ومع ذلك فقد بقي على الصعيد الشخصي رجال لم تفتنهم المحنة عن‬ ‫قضيتهم الحقيقية فجعلوا مرضاة الل ّه غايتهم ولولا أن قدر الل ّه سابق في ما ي جري بالجزائر لجزمت أن أولئك‬

‫ل لتحقيق النصر المبين على الباطل مهما كانت صولته‪ .‬ومن هؤلاء الرجال الأخ عيسى‬ ‫الرجال على قلتهم أه ٌ‬

‫أوكديف ا لذي أح سبه ر جل صدق والل ّ ه ح سيبه‪ .‬و هو مواطن جزا ئري من العا صمة أب لبن تين وم من‬ ‫شاركوا في حرب الأفغان ضد الروس ال شيوعيين‪ .‬لم يعترف بتهمة الانتماء إلى جماعة الحاج عراب الذي‬

‫ورطه فيها على خلفية مساعدته في التعرف على صاحب سيارة (جي‪ )9‬رغم ما تعرض له من التعذيب‬

‫على أيدي الم خابرات والشرطة‪ ...‬وبعد تغير مسار التحقيق في قضيتنا على خلفية ز يارة قائد الأركان لنا في‬ ‫‪120‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.